تاريخ الدرس: 1996/09/13

في رحاب التفسير والتربية القرآنية

مدة الدرس: 01:24:38

سورة المسد، الآيات: 1-5

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأعطر التحيات وأزكى الصّلوات الطيبات المباركات على سيِّدنا مُحمَّد خاتم النبيين والمرسلين، والمبعوث رحمةً للعالمين، وعلى أبيه سيدنا إبراهيم وعلى أخويه سيدنا موسى وعيسى، وجميع إخوانه من النبيين والمرسلين، وآل كلٍّ وصحبِ كُلٍّ أجمعين، ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين وبعد:

الكوثر هو عطاء النبوة

نحن الآن في تفسير سورة المَسَد، المَسَد هو الحبل الغليظ من الليف، والسورة معروفةٌ بسورة: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ [المسد:1] سبق معكم تفسير سورة الكوثر: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر:1]

وكان ذلك العطاء هو النبوة ورسالة السماء التي تتضمن تعليم الكتاب الإلهي، القرآن، الذي هو من تأليف الله، المُؤلف والمُوحي هو الله، والتعاليم هي تعاليم الله، فيه كل ما يُحقِّقُ سعادة الإنسان فرداً وأسرةً ومجتمعاً ووطناً وعالماً لكل شعوبه، في جسمه وروحه ورزقه وتقدُّمه ولكن لمن: ﴿أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ق:37] لمن لهم قلوبٌ يفقهون بها وأعينٌ يُبصرون بها وآذانٌ يسمعون بها: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج:46] فهذا العطاء والكوثر والخير الكثير تقبَّله النَّبيّ ﷺ من ربه واستعمله كما أراد الله عزَّ وجلَّ، وبعد ذلك أخذ هذا العطاء والكوثر العظيم أصحابه فقاموا بهضمه وتمثيله في أعمالهم حتَّى لم تبقَ آيةٌ ولا كلمةٌ إلا حوَّلُوها إلى عملٍ وواقع، ومن هذا الفهم والهضم والتمثيل حققوا قول الله تعالى أن يكونوا بعد نبيِّهم رحمةً للعالم، لكل شعوبه نقَلُوها من التخلف للتقدم ومن الفقر للغنى ومن الجهل للعلم ومن الحروب والعداوات للحب والتعاون والمؤاخاة حتَّى صار أحدهم يُترجِمُه القرآن: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [الحشر:9] ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71] ((كالجسدِ الواحدْ إذا اشتكى مِنه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهر والحمى)) 1 فمسلم المشرق إذا أُصيبَ بشوكةٍ أسفل قدمه كان يتألم منها المسلم في المغرب.

تعلُّم القرآن وتعليمه

هذا من تعاليم مدرسة القرآن؛ قرآن العلم والفهم والعمل وقرآنُ تعلِيمه للآخرين، لا تعليمُ كلماته والتغنِّي والتجويد لحروفه، تعليم حقائقه ومعانيه وعُلومه ليصير المسلم والمسلمة القرآن المجسم وقرآن العمل والقدوة لكلِّ ناظرٍ إليه ومُجالِسٍ له، ثم قال فيها: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] الصَّلاة هي قوَّةُ الصِّلة بالله ومدرسة الله للإنسان، فمن تخرَّجَ منها وكان الطالب النجيب كان من سُعداء الدنيا والآخرة، ونَحرُ الأضاحي يعني حسن الصلة مع الفقراء، في العيد الأضاحي في السنة أداء الزكاة وفي غير السنة صدقات النفل: ﴿وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا [الحديد:18] فإذا كنت أيها الإنسان قبلت العطاء الإلهي [الكوثر] وصلَّيتَ لربك الصَّلاة التي: ﴿تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ [العنكبوت:45] وصلَّيتَ الصَّلاة التي: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي [طه:14] فيكون شانئُكَ وعدوُّكَ ومُبْغِضُكَ: ﴿هُوَ الْأَبْتَرُ [الكوثر:3] الذي يَقْطَعُهُ الله ويَقْطَعُ كيده وشره وكل إضراره بك.

ما سبق في سورة الكافرون ومن حديث عن أدب الداعي

ثم سورة الكافرون هذه أدبُ الداعي ألا يُثير من يدعوه إلى الله، تكون دعوته إيجابيةً لا سلبية، نسُبُّ الآخرين ونذكُرُ عيوبهم ونقائصهم، لو رأيت فيمن تدعوه تسعاً وتسعين نقصًا وكمالاً واحداً ارتبط به من هذه النقطة الواحدة، من هنا نبدأ.. كثيرٌ من النَّاس يذكرون عيوبهم ونقائصهم والنقد عليهم مما يوجب نُفرَةَ النَّاس منهم: ﴿وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159]

جاء نصر الله بعد تحقيق معاني القرآن وأوامره

فإذا تحققنا بمعاني القرآن فجاء نصر الله والفتح، فنصر الله هذه المبادئ المُجسَّمة في أعمال رسول الله ﷺ وأخلاقه وتعليمه وتربيته وجِهاده، جِهاد النَّبيّ ﷺ لم يكن في معركةٍ جهاداً هجومياً ولا عدوانياً، إنما كان قتالاً دفاعياً، لما صادر الكفار بيوت ومنازل المسلمين في مكة وأموالهم وهمُّوا في آخر مرحلةٍ أن يقتلوا النَّبيّ ﷺ في بيته وفراشه وهاجَرَ وهاجروا، فالنبي ﷺ استرداداً لحقوق المسلمين صار يُصادر قوافل كفار قريش مقابل ما صادروا من أموال الصحابة، فأتت قافلةٌ لقريش تُريد المرور من المدينة وقريباً منها، فخرج النَّبيّ ﷺ لمُصادرتها، فبلغ قريشاً فخرجوا بجيشهم فحصلت المعركة، والنبي ﷺ لم يكن مهيئاً للمعركة الحربية المسماة بمعركة بدر، إذا كانت الحرب لا يُقْصَدُ بها القتال، ولا يُقْصَدُ من حمل السلاح إلا ردُّ العدوان فنصَرَهُ الله.

ظروف معركة أحد

معركة أحد كان رأي النَّبيّ ﷺ ألا يُحارب قريشاً فيبقى في المدينة حتى تَنْفُذَ أقواتهم وطعامهم وعلف خيلهم، فيرجعوا وينهزموا من غير قتال، فقال المتحمسون من الصحابة: هل صرنا جبناء؟ فالكثرة الكاثرة طلبت القتال، وحتى لا يكون الحكم دكتاتورياً بلغة الوقت أو حكم الفرد ويكون الرأي للجماعة وافقهم النَّبيّ ﷺ على رغبتهم ووضع المخطط لمعركة أحد، فلما طبَّقُوه حسب تخطيط رسول الله ﷺ انتصروا، وبآخر المعركة خالفوا المخطط فانهزموا، إذاً معركة أحد لم تكن هجوميةً من المسلمين والنبي عليه الصلاة والسلام.

سبب صلح الحديبية

في صلح الحديبية ذهب النَّبيّ ﷺ للعمرة فمنعوه، وكان المتعارف عند العرب من يقصد زيارة مكة لو كان قاتل أبيك لا تُؤذيه ولا تمنعه، خالفوا القاعدة ومنعوا النَّبيّ ﷺ وأرادوا أن يحاربوه، والنبي ﷺ لكي لا تُسْفَكَ الدماء عَمِلَ الصُلح وكان الصُلح في كثيرٍ من مواده فيه جرحٌ لكرامة المسلمين حتى لشخص النَّبيّ ﷺ، والنبي ﷺ قَبِلَها لكي لا تُسْفَكَ الدماء، في معركة الأحزاب تجمَّع وتآمر اليهود مع الأعراب مع كفار قريش، كذلك بلغ النَّبيّ ﷺ، بواسطة مدير مخابراته.

التخطيط عند النَّبيّ ﷺ

سيِّدنا العباس كان مدير مخابراتٍ من الطراز الرفيع، فقال له: لا تُعْلِنْ إسلامك ابقَ في مكة وأرسل لنا أخبار قريش، الإسلام ليس بساطةً ومهزلةً ولا تَرْكاً للعقل والفكر والأسباب باسم توكلت على الله، هذا ما أضعف الإسلام في نفوس المسلمين، وبالتالي أضعف وجودهم حتَّى صاروا مأكلةً لأعدائهم، فالنبي ﷺ أمر بحفر الخندق حول المدينة لكي لا يستطيعوا الهجوم، فوصلوا ورأوا الخندق فقالوا: حيلةٌ لا تعرفها العرب، حاصروهم عشرين أو ثلاثين يوماً فهزمهم الله بلا قتال، فالشاهد أن النَّبيّ ﷺ لم يُرِدْ الحرب ولا القتال ولا أن يجعل من أعدائه حطباً وقوداً لجهنم، أراد أن يجعل منهم أعمدةً في الجنة.

هداية البشر في وقت تداعت الأمم على المسلمين

فبهذا الأسلوب – أسلوب القرآن المُفَسَّر بحياة النَّبيّ ﷺ وأعماله- يجب أن يكون المسلم في حياته ودعوته إلى الإسلام وفي تعليم الآخرين ليحوزَ وسامَ قول النَّبيّ ﷺ: ((لأن يهديَ الله بكَ رجلاً واحداً خيرٌ لك مما طلعت عليه الشَّمس وغربت)) 2 لا سيما والآن كما أخبر النَّبيّ الكريم ﷺ بأن أمم العالم كلها تتآمر على المسلمين، حيث يقول: ((يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ)) 3 .

((تَدَاعَى)) يعني سوف تتداعى وتتنادى وتتفق وتتحد، ((يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ)) هذه عصبة الأمم ومجلس الأمن وبقيادة الصليبيين أمريكا وإنجلترا ومن ناصرهما، ((كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا)) العمال عندما يضعون لهم الغداء كيف يتنادون إلى المنسف؟ ((فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ)) تكونون كُثراً ((وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ)) مثل رغوة السيل متراكمةٌ فوق بعضها البعض، بنفخةٍ واحدة صار عددهم يتجاوز المليار، يعني ألف مليونٍ وتتجاوز ذلك، مقدار ثلث أو ربع سكان الأرض، إسرائيل هزمتهم ومن وراء إسرائيل الصليبية التي رأس رُمحِها هو إسرائيل، ((وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ)) حُب الدنيا هو مصالحك وأنانيتك وشهواتك، وكراهية الموت لعدم أو ضعف إيمانك بالدار الآخرة وبما وَعَدَ الله المؤمنين من جنةٍ عرضُها السماوات والأرض.

فلما حققوا الإسلام جاء نصر الله في كلِّ المعارك، وفتحت لهم الأرض حتَّى وصلوا للهند وحدود فرنسا: ﴿وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا [النصر:2-3]

﴿وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا صارت تأتي الوفود من كل البلدان القريبة والبعيدة يُعلِنون إسلامهم، فاذا انتهت المهمة فاستعد للقائنا ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا.

البدء بسورة المسد

الآن نحن في سورة المَسَد، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ أبو لهب كان عمَّ رسول الله ﷺ، كان أخا أبيه، يعني النَّبيّ ﷺ ابن أخي أبي لهب، الله لم يذكُر كافراً في القرآن العظيم من هذه الأمة إلا أبا لهب، العمُّ بمنزلة الأب، لكن من يخذِلِ الله يُخذَل، المخذول لا تنفعه قرابة الجسد عمَّاً أو أخاً أو أباً أو أمَّاً، النسب الحقيقي في الإيمان نسب الإسلام والإيمان والحُب في الله، كما يقول ابن الفارض

                                           نَسَبٌ أقرَبُ في شرْعِ الهَوَى                    بينَنَا من نَسَبٍ من أَبَوي

مواقف أبي لهب ضد الإسلام

من مواقف أبي لهب ضد الإسلام والنبي ﷺ، لما أنْزَلَ الله على النَّبيّ ﷺ: ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [الشعراء:214] قبل ذلك كانت الدعوة سرَّاً، وأول من آمن بالإسلام سيدتنا خديجة، فالذين حول النَّبيّ ﷺ الأقرب فالأقرب إلى ثلاث سنوات ما تجاوز العدد أربعين إنساناً دخلوا الإسلام، فأنزل الله أن يتجاوز السرُّ إلى العَلَن لإنذار قريش، يعني أهل البلد بقوله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ العرب لا تقترب إليهم الآن، فجمعهم وكان فيما خاطبهم قائلًا: ((إنَّ الرَّائدَ لا يَكذِبُ أَهلَه)) قافلةٌ في سفرٍ وبعثوا أمامهم رجلاً يبحث عن بئر الماء لينزلوا قريباً من الماء لسقايتهم وسقاية دوابهم هذا ما اسمه؟ الرائد، فإذا عاد وقال لهم: وجدتُ أو لم أجده هل يكذِب؟ قال: وأنا رائدكم لسعادة الدنيا والآخرة، والرائد هل يكذب على أهله؟ إن الرائد لا يكذبُ أهله، والله الذي لا إله إلا هو: لو كذَبْتُ النَّاس جميعًا ما كذَبْتُكم، ولو غررتُ النَّاس جميعًا ما غَرَرتُكم، ((واللَّهِ الَّذي لا إلَه إلَّا هوَ إنِّي رسولُ اللَّهِ إليكُم خاصَّةً)) لأن الله قال: ((وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)) هذا رسولٌ خاصٌ لكم، ((وإلى النَّاسِ عامَّةً)) كافة، ما الإنذار؟ قال: ((واللَّهِ لتَموتُنَّ كما تَنامونَ))، عندما يموت المرء يُحس بالنعاس، لكن عندما ينام يفقد الوعي والشعور والعيون وكلَّ شيء، ((واللَّهِ لتَموتُنَّ كما تَنامونَ، ولتُبعثنَّ)) يوم القيامة ((كما تستيقِظونَ))، كيف تستيقظ من نومك، هكذا بعد الموت ترجع لك الحياة والوجود، ((ولتحاسَبُنَّ بما تعمَلونَ، ولتُجزون بالإحسان إحساناً)) العمل الصالح سيُكافئك عليه الله بكلِّ خيرٍ: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ [السجدة:17]

((ولتُجزون بالإحسان إحساناً وبالسوء سوءاً)) إذا زرعت الزنبق ماذا تحصد؟ إذا زرعت الفُلَّ والمشمش وإذا زرعت الشوك؟ فكما تزرعون تحصدون ((وبالسوء سوءاً، وإنَّها للجنَّةُ أبدًا والنَّارُ أبدًا)) 4 . هذا كلام الذي لم تُسَجَّل عليه كلمةٌ من طفولته إلى آخر نفسٍ من أنفاسه قبل النبوة وبعدها، لا مع المؤمنين ولا مع الكافرين، فمن آمن به وصدَّقَهُ سَعِدَ في الدنيا قبل الآخرة، فاكتسَبَ السعادتين، ومن كذَّبَهُ خَسِرَ السعادة في الدنيا وسيخسرُها في الدار الآخرة، والتاريخ والواقع يشهدُ على هذه الحقيقة.

لا يكون النَّبيّ إلا شابًا

((والله ما أعْلَمُ شاباً فِي العَرَبِ جَاءَ قَوْمَهُ بأفْضَلَ ممَّا جئْتُكُمْ بِهِ)) لأن النَّبيّ ﷺ لما أكرمه الله بالنبوة كم كان عمره؟ هذه قوة الحياة والشباب، إذًا شاب وقال: ((ما بعث اللهُ نبيًّا إلَّا وهو شابٌّ)) 5 ((إنّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِخَيْرِ الدُّنْيَا والآخِرَةِ)) 6 ليس فقط الآخرة والجنة والحوريات، لا، ستخرجون من الصحراء إلى جنان الأردن وأنهار الشام وغوطتها والقسطنطينية والهند: ((زُوِيَتْ لي الأرضُ حتَّى رأيتُ مشارقَها ومغارِبَها)) 7

((زُوِيَتْ لي الأرضُ)) يعني عرضت وشاهدتها بفلمٍ سينمائيٍّ ربانيٍّ ((حتَّى رأيتُ مشارقَها ومغارِبَها))، أين يبلغ ملك أمتي.

أمية المسلمين في فهم حياة نبيهم

كم المسلمون الآن أميّون في فهم وفي علم حياة النَّبيّ ﷺ وشخصيته والإسلام وتشريعه وقانونه وأخلاقه وتربيته وتاريخه ورجاله وعظمائه، يكون أحدهم أمياً يعني لا يقرأ ولا يكتب، وإذا كان أمياً في معرفة حياة أعظم إنسان أتى على وجه الأرض، ليس بشهادة المسلمين، الذي ألف كتاب المئة عظماء العالم مايكل هارت أمريكي على ما أظن، فانتَخَبَ من عظماء الدنيا لا المعاصرين بل عبر التاريخ كله مئة وجعل سيِّدنا مُحمَّد ﷺ وهو -الكاتب- نصراني مسيحي، جعل مُحمَّداً أعظم من وطئت قدماه من البشر هذه الأرض، وأتى بالمسيح وهم يؤلهونه ويقولون عنه أنه هو الله أو ابنه، جعله في المرتبة الثالثة، هذه معجزةٌ يا بنيّ، معجزة أن الحصى سبح بكفِّ النَّبيّ ﷺ انتهت قد يقول رجل أنها صدقٌ والآخر كذب، أما بهذا العصر يوجد من المسلمين من يُلحِدُ بسبب جهله.

الإلحاد سببه الجهل

إذا ألحَدَ رجلٌ بالألماس وقال عنها زجاج فهل هذا دليل العلم أم الجهل؟ ترجمة الحقيقة بعكس واقعها، تقول عن النَّبيّ ﷺ ليس بالمقام الذي هو له، تنقصه من حقه أو تتنكَّرُ لحقيقته، هذا منتهى الجهل، إذا جَهِلَ أحدهم ماذا يوجد في جيبي فاسمه جاهل، لكن لا يُلامُ على جهله، أما إذا أنكر أحدهم وجود الشَّمس والجو صحوٌ والوقت في النهار، فمن يجهلُ ما في جيبي أعظم أم من يجهلُ ويُنكرُ ويُجحِدُ وجود الشَّمس أعظم؟ روجيه جارودي هذا كان فيلسوف الشيوعية وكان كاثوليكياً وملحداً، كتَبَ ما يقارب العشرين كتاباً يدافع فيها عن النَّبيّ ﷺ والإسلام وأعلن إسلامه وألقى إحدى المرات محاضرةً هنا في المسجد وصار من المصلين. ومستشار نيكسون، رأيتموه أيضاً أكثر من مرةٍ لما ألقى محاضراته هنا على سنتين، كل سنةٍ مئة يوم ذكراً وتعلماً وتثقفاً بالإسلام ومعه أكثر من دكتوراه بأنواع مختلفة، ويأتي رجلٌ عامل نظافة لا يفقه شيئاً ويريد التكلم عن النَّبيّ ﷺ بأشكال وألوان، فالحمار إذا لم يفهم الحوالة أنها مليار دولار فهل هذا يحط من قيمة الحوالة أم يُثبِتُ شهادة أنه حمار!

التعريف بحقيقة الإسلام

لذلك يا بنيّ الإسلام والله إذا عرف بحقيقته، الحصى سبَّحَتَ في كف رسول الله ﷺ، فالجماد عَرَفَ رسول الله ﷺ، فالإنسان أجهلُ من الجماد وقد يصير أكثر شرَّاً من الشيطان: ﴿إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا [الفرقان:44] ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ [الأنعام:112] فسمى بعض النَّاس شياطيناً وقدم ذكرَهُم على شياطين الجن، لكن هل يُنقِصُ من قيمة الجوهرة وقيمتها إذا قال الجاهل الأميُّ عنها أنها زجاج؟ لا، لكن هو يُنقِصُ من قيمته أنه جاهلٌ كالبهائم والحيوان لا يُفرِّقُ بين الزجاج وبين الألماس.

خسارة أبو لهب الدنيا والآخرة

((لقد جئتكم بخير الدنيا والآخرة)) فقال أبو لهب- هنا المصيبة يا بنيّ ولكنها على من؟ هل هي على النَّبيّ ﷺ أم الإسلام؟- لا بل على الشقي أسود الوجه الذي يُلعَنُ كلَّ يومٍ ملايين المرات كلما تُقرأ سورة المسد أو كلما يُذكرُ أبو لهب أو كلما كان يُشاهدُ في زمانه، هل أفاده أنه عمُّ رسول الله ﷺ؟ على العكس، هذا يجعل الله عذابه مضاعفاً، الله يقول: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا [الأحزاب:30-31] آزر أبو إبراهيم أبي الأنبياء، كل الأنبياء بعد إبراهيم من ذريته، هل نفعه أن ابنه أبو الأنبياء وهو أبوه؟ إخوة يوسف، من حَمَقِهِم وقِلَّةِ عقلهم حَسَدوا يوسف على المنام: ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ [يوسف:4-5] ((استعينُوا على قضاءِ حوائجِكم بالكتمانِ فإنَّ كُلَّ ذي نعمةٍ محسودٌ)) 8 ﴿اقْتُلُوا يُوسُفَ [يوسف:9] على ماذا؟ على المنام، هل هذا يدلُّ على العقل أم الحَمَق والجهل؟ على السعادة والنجاح أم على الخُذلان والشقاء؟ على رضا الله أم على غضبه؟

الشرف والمجد والرفعة يكون بالعلم والعمل والتربية والأخلاق

ثم تشرح سورة يوسف معنى الحاسدين ونتيجة الحاسد، ماذا كانت نتيجة كل ما عمِلُوه؟ رموه بالبئر وأرادوا قتله، ففي آخر الأمر دخلوا عليه وهو وزير مصر قائلين: ﴿يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ [يوسف:88]

﴿يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ نحن نريد أن نُؤذيك لكن الله يريد أن يعزك، من يريد أن يعزه الله: ((وإنَّهُ لا يذلُّ من واليتَ، ولا يعزُّ من عاديتَ)) 9 ﴿يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ فقط؟ أنت العزيز ونحن: ﴿مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرّ سنموت من جوعنا، أغثنا ولو برغيفٍ من الخبز، ﴿مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا متسولين وهو العزيز ﴿إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ فأبوهم نبي وهو يعقوب واسمه إسرائيل، والد كل أنبياء إسرائيل، هل شرَّفهم ورفع شأنهم أن يكون أخوهم نبياً وأبوهم أبا الأنبياء؟ الإنسان في الشرف والمجد والرفعة ليس بنسبه إنما بعِلمِهِ وعَمَلِهِ وتربيته وأخلاقه وسلوكه، فلو تعَلَّم ولم يَنتَفِع من العلم بارتفاع سوية أخلاقه، هذا يكون كما ورد في الحديث: ((أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيامَةِ عَالِمٌ لَمْ يَنْفَعْهُ عِلْمُهُ)) 10 وإذا كان جاهلاَ ومع الجهل ظالمٌ وباغٍ ومعتدٍ: ﴿وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة:8] ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ [إبراهيم:42]

من كَفَر لا تنفعه قرابة الأنبياء

زوجة نوح وزوجة لوط أيضًا أزواجهم أنبياء، الزوجتان لم يؤمنوا، ماذا كان الأمر؟ آسية زوجة فرعون ما ضرَّها كُفرُ زوجها وهي المؤمنة، فكذلك أبو لهب، نسأل الله العافية، هذا يجعل الله عذابه مضاعفاً، فلما قال ﷺ: ((جئتكم بأمر الدنيا والآخرة)) قال أبو لهب: تبًا لك، جهّزَ لهم عزيمةً ودعوةً لما أمره الله أن يُبَلِّغَهُم ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِين.

ألهذا دعوتنا؟ أُفٍّ لك! وكان إذا ذهب النَّبيّ ﷺ إلى القبائل بعد ذلك ليُبَلِّغَهُم دعوة الله يَلحَقُه ويُلازمه، يقول لهم: لا تصدقوه فإنه مجنونٌ يهذي، قولوا يا بنيّ: رزقنا الله العافية، يكون أقرب النَّاس إلى نبع الفيجة ويموت من عطشه، ولذلك أهل مكة الأول يُريدون أن يقتلوا النَّبيّ ﷺ لكن هل الله موجود؟ موجود، فهل حَققوا مكرهم وكيدهم وحِقدِهم؟ فمن أصرَّ على كُفرِهِ وجُحُودِه كان في نار الدنيا قبل الآخرة، ومن آمن سَعِدَ في الدنيا قبل الآخرة.

ملاحقة أبو لهب للنبي ﷺ ومحاولته صد النَّاس عنه

فكان أبو لهب أينما ذهب النَّبيّ ﷺ يَلحَقُهُ مثل الظل يُعارضُ ويُخرِّبُ دعوته، ولكن يا بنيّ مهما وضعت مظلةً على رأسك تمنع المطر عنك لكن هل تستطيع منع المطر عن البلد والجبال والسهول؟ مَنَعت الخير عن نفسك، إذا أغمَضت عيناك عن النور فهل تكون قد حَجَبتَ النور عن النَّاس والشَّمس، إذا كنت غير موفقٍ فالنَّاس ينتفعون بالشَّمس والضياء والنور، فأنزل الله هذه السورة درساً لكلِّ مؤمنٍ ومؤمنة، ألا تَغترَّ بقربك الجسدي من النَّبيّ ﷺ أو من وارثه أو من الداعي إلى الله عزَّ وجلَّ: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ [المؤمنون:101]

﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ [عبس:34-37] إلا الأخوَّة والمحبة في الله فتنفعُ صاحبها في الدنيا والآخرة، وزوجته كانت أيضاً على دينه، كانت تضع الحطب والشَّوك في طريق النَّبيّ ﷺ في الليل لما يذهب إلى المسجد الحرام، فأنزل الله في شأنه وشأن زوجته: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ حيث أن كل أعمال الإنسان تكون من يديه فقال الله بأن يديه خَسِرَتا ما عَمِلَتا، وكل ما أراده وما أراده غيره: ﴿وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ [غافر:25]

الحقيقة ستظهر ولا يمكن محاربتها

الحقيقة يا بنيّ لو حاربتها يبعَثُ الله آلاف العشاق ليتجندوا لنُصرَتِها ويكونوا من خُدَّامِها، لكنك حَرَمْتَ نفسك ولما يُكشَف الغطاء تندمُ حيث لا يَنفَعُكَ الندم، وفقنا الله لنكسب الخير في وقته ولا يفوتُ وقته علينا، تبَّت أي خَسِرَت وخَسِرَ وهَلَك وخَزِيَ أبو لهب، تبَّت يداه، يقال: وتحقَّق هذا الخِزيُ والخُسران والشَّقاء وهذه التعاسة حتَّى مات كافراً والعياذ بالله عزَّ وجلَّ، فأبو لهب ذهب، وحمَّالةُ الحطب ذهبت.

إما أن تكون أبا بكر زمانك أو أبا لهب زمانك

فإذا قرأت السورة ماذا ستستفيد منها، يجب أن تبحث عن نائب النَّبيّ ﷺ في زمانك ووارِثُه والذي يُعلِّمُ الكتاب علومه وحقائقه وآدابه وأخلاقه ووصاياه لتكون مع وارِث رسول الله ﷺ ووكيله، إذا الطيار الأصيل لم يَحْضُر لأمرٍ ما، له نائبٌ ووكيل، فهل هذا الوكيل والنائب يعُامَلُ كما يُعامَلُ الأصيل؟ تُسَلَّمُ له الطائرة بكل ركابها وأرواحهم وأمتعتهم وإلى آخره، فالمهم في زمنك وحياتك أن تبحث عن الشاب ((والذي نفس مُحمَّد بيده ما أعلم شابًا جاء قومه بأفضل مما جئتكم به)) فإذا رأيت وارثاً مُحمَّدياً يُعلِّمُ الكتاب والحكمة ويُزكِّي النفوس فأنت في أحد خيارين: إما أن تكون أبا بكرٍ الصديق، صديق زمانك أو عُمَرَ زمانك، أقلُّ المستويات أن تكون بلالَ زمانك وتكون خادم النَّبيّ عليه الصلاة والسلام، أما أن تكون أبا لهب زمانك أو أبا جهل أو فرعون زمانك

                                                       كلَّ عصرٍ فرعون فيه وموسى               وأبو جهلٍ في الورى ومُحمَّد

في كل زمانٍ يوجد نائبٌ عن سيِّدنا مُحمَّد ونائبٌ عن أبي جهل وأبي لهب، فأنت انظر إلى نفسك من أيِّهم، فالنائب عن أبي جهل إنه مجنونٌ يهذي، والأشواك في طريقه.

معنى حمالة الحطب

وبعضهم قال: حمَّالة الحطب هذا مجازٌ كنايةَ عن إلقاء الفتن والدعاية الضارَّة المعاكسة لدعوة الإسلام، فكانت حمَّالة الحطب في المجالس تَذُمُّ النَّبيّ ﷺ وتكذبه وتَنسُبُ للنبي الأشياء الباطلة الكاذبة غير الصحيحة لتَحُلَّ عقدة ارتباط المسلمين بعضهم ببعض، فسواءً وضعت الحطب الذي يشوِّكُ الأقدام أو الشوك الذي يُفرِّقُ المسلمين عن النَّبيّ ﷺ فأنت انظر إلى نفسك هل أنت أبو بكر زمانك؟

تنافس الصحابة في عمل الخير

كان عمر ينافس أبا بكر ويتسابقان في بناء الإسلام مع سيِّدنا رسول الله ﷺ، فكلما قام سيِّدنا أبو بكر بشيءٍ يغار سيِّدنا عمر: ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين:26] ووضع بفكره أن يُسابِقَ عمر ليسبقه، فمرةً دعا النَّبيّ ﷺ المسلمين إلى بَذلِ المال في سبيل الله، فقال عمر: اليوم أُسابقُ أبا بكرٍ وأسبقه، فأتى بنصف ماله إلى رسول الله ﷺ، بعد قليلٍ جاء أبو بكر أيضاً بمالٍ إلى رسول الله ﷺ، فسأل النَّبيّ ﷺ عمر ماذا تركت لنفسك وعيالك يا عمر؟ فقال: تركت لهم نصف مالي، جئت بنصف مالي، كل مالي قسمته نصفين ويظنُّ أن أبا بكرٍ لن يَسبِقَه، وأنت يا أبا بكر ماذا تركت لنفسك وأهلك يا أبا بكر؟ وقد أتى بكلِّ ماله، قال: تركت لهما الله ورسوله، يعني أتيت بكل ما أملك، فقال: ما بين صدقتكما – أي من المنزلة- كما بين كلمتيكما 11 .

جعلنا الله يا بنيّ في زماننا من أمثالهم

                                                     فَتَشَبّهوا إِن لَم تَكُونوا مِثلَهُم                                   إِنَّ التَّشَبّه بِالكِرامِ فَلاحُ

هلاك كل من عادى الحقيقة

يُقال أن نبيَّ الله سليمان عليه السَّلام أتى إليه هدهدٌ وقال: يا نبيَّ الله أدعوك اليوم على الغداء، غداؤك عندي، قال له: لست وحدك بل أحضر كل الجنود والعساكر، وأين المائدة بأي مطعم؟ قال له: على شاطئ البحر في المكان الفلاني، فذهب سليمان عليه السَّلام كما يُروى والجنود فما وجدوا طاولات ولا صحون ولا طباخين ولا شيء، صحراء صحراء وبريَّة بريَّة، فإذا بالهدهد قادمٌ من الفضاء وبمنقاره قدم جرادة، وألقاها في البحر، قال: يا نبيَّ الله، من وصلت يده للحم فليأكله، ومن لم تصل يده للحم فعليه بالمرق، فالشاهد يا بنيّ ﴿تَبَّتْ يَدَا هَلَكَت وخَسِرَت وفَشِلَت وسيسوَدُّ وجه صاحبها وسيبُوء بالهزيمة، كل من عادى الحق والحقيقة والنموذج في القرآن هو أبو لهب، ومن قبله فرعون وهامان وقوم لوط والكَفَرة بأنبيائهم الذين ذُكِروا والذين لم يُذكَرُوا، ﴿وَتَبَّ أي تحقق هلاكُه وخُسرانه وخِزيُه، وكذلك من يسيرُ على طريقته في زمانه ومع ورثة نبيِّه في كل زمانٍ ومكان.

قراءة القرآن قراءةً حيَّةً

ففتش في نفسك هل أنت كأبي بكرٍ في زمانك وعمر وعثمان؟ على أقل الدرجات كن كبلال وأنس بن مالك، أتت به أمه إلى النَّبيّ ﷺ وعمره عشرُ سنين، قالت يا رسول الله أريد أن يكون أنس خادمك وفي خِدمَتك، فقَبِلَهُ النَّبيّ ﷺ إلى وفاته فأخذ لقب خادم رسول الله ﷺ، فمِنْ هذه السورة سور القرآن يجب أن نقرأ القرآن قراءةً حيَّةً يا بنيّ، لا قراءةً ميتةً للنطق بالكلمات أو نعرف تجويد النطق بالحروف، يجب أن نتعلَّم تجويد الفهم وفهم القرآن ومغزاه، القرآن بالنسبة لنا في زماننا، فالقرآن في زمن النَّبيّ ﷺ في هذه العشرين سنة كان مراحلاً يُربِّي ويَرفَعُ بها من شأن المسلمين.

التدرج في نزول القرآن الكريم

في أول الإسلام كانوا يشربون الخمر والوحي يسكُت ولا يذكُرُ شيئًا عن الخمر، وعلى أربع مراحل، مرحلةٌ في سورة النحل في قوله تعالى: ﴿وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ يعني اذكروا نعمتي التي أنعمت بها عليكم حيث تستخرجون من ثمرات النخيل ﴿سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا [النحل:67] سَكَرَاً يعني مُسكِراً، فيَعُدُّهُ من نِعَمِ الله ويُنعم عليهم بماذا؟ هذا هو عِلمُ القرآن يا بنيّ، أما أن نجعل القرآن موالًا وغناء وآه، وإذا لم يكن الصوت جميلاً دعنا من هذا واقلب على المحطة التالية، هذا يا بنيّ يريد مَوَّالاً، يجعل القرآن مَوَّالُاً له، القرآن: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [إبراهيم:1] ﴿لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29] ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ [النساء:82] يتفهَّمونه فهماً بعمقٍ للعمل والتطبيق وبعدما تعلَمُهُ وتعرفه لا يكفي، صار أمانةً في عُنقك أن تُعلِّمَهُ لمن يجهله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58] فأيننا نحن يا بنيّ كمسلمين؟

الإسلام امتثالٌ لأوامر الله

كلمة مسلم يعني استجاب لنداء الله بالامتثال لكلِّ أوامر الله عند المحرمات للوقوف عند حدود الله فإذا حَمَلَ هذه المعاني فقد استجاب فصار مُستجيباً يعني مسلماً، وإذا لم يستجِبْ لفرائض الله ولم يترَفَّع عن محارمه ومكروهاته وادَّعى الإسلام فهذا يسميه الإسلام: المنافق، لا يُصلِّي وهو مسلمٌ وسني! مسلمٌ شيعي والاثنان لا يُصلُّون! فأول من يتبرَّأ منهم سيِّدنا علي وفاطمة والحسن والحسين، ولو رأوهم، في بعض الأحاديث يُقتَل ويُقطَعُ رأسه، من يَقطعُ رأسه؟ سيِّدنا علي والحسن والحسين، قال سني، ما السُّني؟ ماشٍ على طريقة النَّبيّ ﷺ في أداء واجبات وفرائض الله والبعد عن محارمه وفي تعليم النَّاس والتعلم من الوحي، لا يوجد لهم من المئة والألف ولا واحدٌ إلا الاسم المزور، محامٍ مُزوَّر وطبيب مُزوَّر وضابط ولواء مُزوَّر، فلما تطَّلعُ الدولة على كذبه وتزويره ماذا يكون مصيره؟ وكذلك إذا كنت مسلمًا مُزوَّراً فعندما تقع بين يدي عزرائيل وأنْكَر ونَكِير ماذا سيكون المصير؟

قراءة القرآن على قبر الميت

في الماضي إذا مات الميت يُحضرون شيخاً يَقرأ عليه قبل الدفن من المساء إلى الصباح، وأيضًا يَضعونَ على قبره مشايخ ثلاث أيام يقرؤون على قبره، فمات رجلٌ وأحضر أهله المشايخ ليقرؤوا على قبره، فجاء الميت في المنام لبعض أقرابه وقال: أرجوكم لا تدعوا المشايخ يقرؤون على قبري ولا يقتربوا مني ولا يقرؤوا ولا آيةً من القرآن، لماذا؟ قال: لأنه كلما يأتي الشَّيخ ويقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ [الهمزة:1] فيقوم أنْكَر ويضربهُ ويقول: يا ملعون! الله قال لك: ألا تكون من الهمزة اللمزة وقال أن الويلَ له، فهل كلام الله كلام أولادٍ صغار؟ كنت دائماً أينما جلست هُمزة لمُزة على عيوب النَّاس ومغتاب ونقائص النَّاس، فَتِّش عن عيوبك يا بنيّ عندك عيوب أم لا؟ أولًا نَظِّف نفسك ثم إذا أردت أن تذكر، وإذا نظَّفتَ نفسك فأنت لست مسؤولاً عن الآخرين، قال: يضربوني بمطرقة عظيمة حتَّى يكسروا عظمي ويجعلونني مثل لحم الكبة، حتَّى يتعب أنْكَر فيجلس، فيقول الشَّيخ صدق الله العظيم.

يأتي الشَّيخ الثاني ويقرأ بسم الله الرحمن الرحيم…، يقول أنكر: أنا تعبت لا أستطيع بعد فقُم أنت فيقوم نَكِير، فيقرأ الشيخ: ﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ [المطففين:1-2]

فيقول نَكِير: يا ملعون ألم تكن من المطففين؟ ﴿وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ [فصلت:6-7] كلما الشَّيخ يقرأ، ويكونونٍ-أي منكر ونكير- جالسين ومستريحين ويشربون الشاي ومشغولين عني، فيأتي الشيوخ بقراءة القرآن يوقظونهم ويذكرونهم، فأتوسل إليكم بالله لا تدعوا شيخاً يقرأ علي.. القرآن لم يُنزَل ليُقرَأ على الأموات يا بنيّ.

القرآن مدرسة تحتاج إلى معلم

القرآن مدرسة، لكن المدرسة لو بنيت جدرانها من ذهبٍ هل تُعلِّمُ أحدًا إذا لم يكن بها مُعلِّماً؟ والمُعلِّم ذكر الله أوصافه في القرآن: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ [البقرة:129]

﴿تَبَّتْ يَدَا أن لا تكون أبا لهب زمانك، وإذا كنت لهبيَّاً بإيمانه وعِلمِه وحِكمته وتَزكِيته ينقُلُك من لهبيٍّ إلى مهاجريٍّ أو أنصاريٍّ أو: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ [الحشر:9] أو: ﴿رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [المائدة:119] أين نحن يا بنيّ؟ إسرائيل قِلة جمعت من يهود العالم، المسلمون مليارٌ وربع، هذا بالنسبة لإسرائيل، أين المسلمون من قوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ [الأنفال:60] يجب أن يكون المسلمون أقوى دول العالم في التكنولوجيا والصناعة والتسليح والعلوم، فالقوة بالعلم، فأيننا نحن من القرآن؟ حَفِظَ القرآن هذا أمر جيد، حَفِظَ ألفاظه وحروفه، هل حَفِظَ معانيه وأوامره فهماً وعملاً وامتثالاً، ومحارمه ابتعاداً واجتناباً وتَرفُعَاً وتَنَزُّهَاً؟ فالجوامع كالصحاري اليوم، ومتى يصير الجامع روضةً؟ عندما يُعلِّمُ الكتاب والحكمة ويُزكِّي النفوس وهذا ليس بالجدران ولا الثُريات ولا السِّجاد، بل بالوارث المُحمَّدي.

معاملة الوارث المحمدي

نعود للسورة: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ فانظر إلى نفسك هل أنت تُؤذي من يُعلِّمُ الكتاب والحكمة ويُزكِّي النفوس؟ فأنت إذا لهبيُّ اللقب، واسمك ولقبك بالمسلم لقبٌ مزوِّرٌ، فأنت أبو لهب زمانك، فإذا رأيت من يُعلِّمُ الكتاب والحكمة ويُزكِّي فالنبي يقول لك إذا قال لك: هذا خادمي، ليس عن الإنسان، لو رأينا حمار النَّبيّ ﷺ أنشُدُكم بالله لو كان هناك جحشٌ للنبي وأعطاه لأهل الشام وقال لهم: خذوا جحشي، أناشدكم بالله كيف يُعامِلُ أهل الشام جحش النَّبيّ ﷺ؟ هل يُطعمونه تبناً أم فستقاً؟ أين ينيمونه؟ يمكن على فرشهم، هذا جحش النَّبيّ ﷺ، أما نعل النَّبيّ ﷺ لو رأيناها ألا نُقبِّلُها؟ هي جِلد بقرٍ أو ثور، لكن لأنها لامَست جَسَدَ رسول الله ﷺ فهي تُذَكِّرُ برسول الله ﷺ، وتُثير حُبَّ رسول الله ﷺ والإيمان به، فكيف تُعامِلُ أحداً يقول النَّبيّ ﷺ لك: هذا وارثي ونائبي؟ فكم نحن سكارى يا بنيّ: ﴿وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:2] فإذا قرأت هذه السورة ففتِّش في نفسك: هل أنت أبو لهبٍ تمشي على طريقته أم تمشي على طريقة أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه؟ إذا لم تكن على الصديق فعلى عمر رضي الله عنه، وإذا لم تكن على خُطى عمر فكن على خُطى أبي هريرة أو بلال خادِم رسول الله ﷺ، وإذا لم تكن بأقلِّ الدرجات فلا تُؤذ، أقلُّ الدرجات كن كأبي طالب لم يُؤمن لكن دافع عن رسول الله ﷺ وحَمَى دعوته ثلاثة عشرة سنة ولما مات كافأه النَّبيّ ﷺ فسمى عام موته عام الحَزَن، مع موت زوجته خديجة الاثنان ماتا بعامٍ واحد.

تطبيق القرآن الكريم في زماننا

فنريد أن نستفيد من القرآن فنجعل قراءة القرآن حيةً نُطبِّقُه على زماننا وأوقاتنا ونعمل في حدود طاقتنا وإمكاناتنا، لا على حَسَبِ رغباتنا ومشتهياتنا وأمانينا، هذا خطأٌ في الإسلاميين، ثم النَّاس كُلِّهم بخيرٍ يا بنيّ، الأرض كلها مُنبِتة، توجد أرضٌ طيبةٌ لا تحتاج السماد غنيةٌ بتُربتها، وتوجد أرضٌ ضعيفةٌ ضَع لها السماد، وتوجد أرضٌ ميتةٌ فأكثِر من سمادها لتعود لها الحياة، فلذلك في أول الإسلام كانت الأرض ميتةً – أرض قريش- بنهاية حياة النَّبيّ ﷺ كُلُّهم دخلوا الإسلام.

الحذر من أن تكون من أهل التباب

﴿تبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ فاحذر أن تكون من أهل التَباب والهَلاك، أن تكون من مذهب أبي لهب [لهبيّ]: ﴿مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ [المسد:2-5] كان يرى نفسه بماله، أما الآخرة والنبوة والحساب، يُحارب الله في مُحاربة من يدعو لله، هذا كله ليس له محلٌّ من الإعراب في عقله ونفسه وشعوره، لذلك قال الله: ﴿مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ لا أولاده ولا أمواله ولا تجارته، ﴿سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ سيُحرَقُ بالنَّار المُلتهبة السَّوداء، ﴿وَامْرَأَتُهُ المصيبة، فرعون امرأته: ﴿امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ [التحريم:11] هذا أيضًا زوجته مِثلهُ في الكُفرِ والإيذاء، ﴿حَمَّالَةَ الْحَطَبِ والشوك في طريق النَّبيّ ﷺ أو في طريق الدعوة لتَقتُلَ الدعوة وتُضعِفَها وتُميتَها، ﴿فِي جِيدِهَا يعني في عُنُقِها ﴿حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ في نار جهنم ستَصْلاها هيَ وزوجُها.

الدعوة وعدم اليأس

فإذا لما نقرؤها يجب أن نُفّتِّش في أنفسنا، وإذا رأينا مسلماً لهبيَّاً ندعوه إلى الإيمان بالحكمة والموعظة الحَسنة، نقول: لا توجد فائدة، لا، نحن علينا التبليغ وعلى الله الهداية، كان الصحابة يقولون عن عمر بن الخطاب في اليأس من إسلامه: يُسْلِمُ حمار الخطاب ولا يُسْلِمُ عمر بن الخطاب، يعني حماره قابلٌ للإسلام ويُسْلِمُ أكثر منه، بعد ذلك نال مرتبة الشرف من النَّبيّ ﷺ فقال: ((لَوْ كَانَ بَعْدِي نَبِيٌّ لَكَانَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ)) 12 ((والذي نَفْسِي بيَدِهِ ما لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا قَطُّ، إلَّا سَلَكَ فَجًّا غيرَ فَجِّكَ)) 13 فلذلك يا بنيّ من السورة وكلِّ سورةٍ مِن سور القرآن سننظر إليها في ضوء حياتنا وإمكانياتنا وزماننا ومكاننا وقبل كلِّ شيءٍ أن نُطَهِّرَ قلوبنا ونكتُبها في صفحات القلب الطاهِر النَقِي الحَي بذِكْرِ الله ونور الله، فالمعِدَةُ الصحيحة هي التي تَهضِمُ الطعام وتُمثِّلُهُ مع الجهاز الهضمي دماً في الأعضاء وقوَّةً في العمل وإنتاجاً فيما ينفَعُ ويُسْعِدُ الإنسان، أما أن نقرأها قراءةً ميتةً ولا نفهَمُ ما هو المقصود من السورة، قد تكون أنت أبو لهب أو والدك أو رفاقك.

الفقه في أدب الدعوة

فمع كل هذا هل أنت فقيهٌ بأدب الدعوة والأمر بالمعروف؟ كان مشهوراً على ألسنة العلماء هذه الكلمة كنا نسمعها من مشايخنا رحمهم الله وقبلهم أكثر وهي: بِئسَ العلماء على أبواب الأمراء، الأغنياء لا نذهب إليهم والحكام لا نزورهم ترفُّعاً وتعجُّزَاً، هذا الكلام ما مصدره؟ من أين اشتقاقه؟ النَّبيّ ﷺ كان يذهب إلى الكفار في مواسم الحج قبيلةً قبيلة، إلى مَخيَمِها ومُجتمعها، وبعد ذلك ذهب لكفار الطائف، ما معنى الرسول؟ يعني يذهب إلى النَّاس، فالشَّيخ إذا ذهب يحمل رسالة الله إلى الأغنياء أو الحكام أو الكُفَّار، هذا هو الواجب، النَّاس انمَسَخَت عقولهم فانمَسَخَتِ الأفهام: ﴿وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:2] فعلينا إذاً في وقتنا الحاضر أن نجعلَ هذا الحديث مثل الفاتحة في ذاكِرتنا وواقِعنا وعمَلِنا وهو قوله ﷺ: ((ألا أخبِرُكم عن الأجوَدِ)) أجود النَّاس أعظَمُهم عطاءً وكرماً وأكثرهم سخاءً، ((ألا أخبِرُكم عن الأجوَدِ)) بلى يا رسول الله، قال: ((اللهُ الأجوَدُ الأجوَدُ))، هو أجوَدُ ما في هذا الوجود خالق الوجود ومُسدِي النِّعَم وخالِق الأفلاك والنجوم والشُّموس والأقمار والأنهار والبحار، وواهِبُ الحياة والسمع والبصر ((وأنا)) يعني النَّبيّ ﷺ ((وأنا أجودُ ولدِ آدمَ))، صاروا اثنين والثالث قال: ((وأجوَدُهم من بعدي)) أجوَدُ النَّاس بعد رسول الله ﷺ ((رجلٌ)) ليس المقصود الذكور بل الإنسان لكن النَّبيّ ﷺ يُخاطب الرجال فلو خاطب النساء لقالَ وامرأةٌ، فالمقصود إذاً الإنسان المسلم من رجلٍ أو امرأة، ((وأجوَدُهم من بعدي رجلٌ علَّم عِلمًا، فنشَر عِلمَه)) مهما كان قليلاً: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ [الزلزلة:7] ما قال تعلم العلم، تعلم علمًا يعني نافعًا، ((يُبعثُ يومَ القيامةِ أمَّةً واحدةً)) 14 فاحرصوا أن تأخذوا لقب هذا الأجود وأن نحرص على قوله أيضًا ﷺ: ((فواللهِ لَأنْ يهديَ اللهُ بكَ رجُلًا واحدًا خيرٌ لكَ مِن أنْ يكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ)) 15 .

تنوع أسلوب الداعي

فلو عَمِلَ الإنسان في الأسبوع جلسةً أو سهرةً على كأسِ شايٍ لأصدقائه وأقاربه: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ هذه فقط للنبي ﷺ؟ إذا كانت له فقط فستُمحَى من القرآن، هذه لكُلِّ مسلمٍ بعد رسول الله ﷺ، كلُّ واحدٍ مِنا مطالبٌ أن يُنذر عشيرته الأقربين: ﴿قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا [التحريم:6]

﴿قُوا أَنْفُسَكُمْ نقرؤها ﴿وَأَهْلِيكُمْ نَارًا أمرٌ إلهي، ماذا فعلت لتنفيذ هذا الأمر الإلهي الذي خاطبك الله به؟ هل حاولت الأمر بالمعروف لأهلك وذويك وأبنائك وزوجك وأبناء عمِّك وخالاتك؟ النَّبيّ ﷺ لما نزلت الآية ذبَحَ ذبيحةً ودعاهم، مرة واثنتان وثلاثة والثلاثة كانوا فاشلين، لكن المؤمن لا يفشلُ أبداً ولا يخسَرُ أي عملٍ عمِلَه، إذا لم يُنتج عند الخلق فهو عند الله مُنتِجٌ ومُثمِرٌ ومُسجَّلٌ، اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبِّعُون أحْسَنه.

النبي يبحث عن القوة

﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ فابحثوا عن أبي لهب، أبو لهب ليس واحداً، بل هم بالملايين، يوجد الكثير من أبي لهب صاروا صِدِّيقين، أبو جهل كان في زمانه مثل أبي لهب، أليس كذلك؟ ومع ذلك قبل إسلامه النَّبيّ ﷺ دعا له وهو عدوٌّ لدودٌ للنبي ﷺ والإسلام، فكان ﷺ يقول: ((اللهمَّ أعِزَّ الإسلامَ)) الدعاء للكافر لا ((اللهمَّ أعِزَّ الإسلامَ بأحبِّ هذين الرجُلين إليك بأبي جهلٍ أو بعمرَ بنِ الخطابِ)) 16 من هو عمرو بن هشام؟ أبو جهل، الاثنان أبو جهل قبل الإسلام لكن من النوع الغليظ الفظيع، فالنبي كان يبحث دائماً عن القوة: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ [الأنفال:60]

بلال، أبو هريرة، ماذا يستطيع ان يفعل؟ يحتاج من يحمِلُهُ على أكتافه، النَّبيّ ﷺ يريد من يحمِلُ معه لا من يُحمِّلُه فوق حِمْلِه، فانظروا يا بنيّ إلى الأدب في الدعوة، يدعو للكافر العدو الألد أن يجعله الله من أهل الجنة، وأن يجعله في مقامٍ قريبٍ من مقام النبوة، ((لو كان بعدي نبيٌّ لكان عمر))، اللهم علِّمنا سنن رسول الله ﷺ، طرائق النَّبيّ ﷺ في هداية الخلق وتعلِيمهم، وصلى الله على سيِّدنا مُحمَّد وآله وصحبه.

الدعوة للبناء وعدم التوقف

وقبل الحمد لله رب العالمين: بما أن المحضر بُدِئَ به البارحة جاءني المحاسب قال لي: كان عليهم دينٌ مبلغٌ من المال، أنا كان لدي ثلاث مئة وخمسون ألفاً فقدمتها لهم، فشدُّوا الهمة للبناء _المسجد_، مَن ليس معه فليُذكِّر النَّاس، لا نريد التوقف، إن شاء الله أن يجعله الله عزَّ وجلَّ في سبيله ويجعله مستشفى وروضةً من رياض الجنة، وإن شاء الله أن يجعل الله كل واحدٍ منكم من الرجال والنساء هادياً ومهديَّاً. يا الله…

والنَّاس بخيرٍ يا بنيّ، أنا رأيت كُلَّ أصناف النَّاس في بلدي وخارجها من أمريكا إلى اليابان، والله لم أرَ إنساناً دعيَ بالحكمة والموعظة الحسنة إلا كانت الاستجابة وكان القَبول، ورأيتم أنتم بأمِّ أعينكم الكثير من هؤلاء، وفد اليابان رئيس دين الأموتو وأركان الطائفة رأيتموهم بأعينكم أقاموا عندنا شهراً مُصلِّين وقائمين ومُعتَكِفين وذاكرين، الأمريكان هذا مستشار نيكسون وكان نائب مدير الأمن القومي في البيت الأبيض، في جلسةٍ كان عندي مرةً في المزرعة قال لي: والله رأيت دقيقةً واحدةً في ذِكْرِ الله أفضل من ثقافتنا أربعين سنة، هذا ليس بطفلٍ، فالإسلام لا يوجد شيءٌ يقف أمامه، البابا تذكرون، في لقائي الأول معه آخر كلمةٍ قالها لي: أنا أقرأ القرآن كُلَّ يوم.

دور أغنياء المسلمين في رعاية العلماء

والله لو كان لدى المسلمين الفَهْمُ الكافي فأغنياؤهم.. وأين المال في خدمة الإسلام؟ وأين الأغنياء في معركة الإسلام؟ يعمِّرُون مسجداً هذا شيءٌ جيدٌ وحسن، ولكن الجدران والاسمنت هل تصنع الإسلام؟ يجب أن نبحث عن مهندس الإسلام قبل أن نبحث عن بناء السقف والجدران والثريات، الشَّيخ يعاملونه أسوأ معاملة، راتِبُ الشَّيخ ألفي ليرة، والأوقاف مهما أعطَت أكثر من ألف وألفين لا تُعطِي، من يكفيه ألف أو ألفي ليرة! يجب أن يكون بيت الشَّيخ أفضل بيتٍ ولباسُه أفضل لباس، وأن يكون مصروفه بلا حساب، المبشِّر الذي يُنصِّرُ الشعوب يعطيه الفاتيكان دفتر شيكات يُنفِقُ بغيرِ حساب، هل سمعتم بشيخٍ لا أقول سمعتم بل إذا لبس الشَّيخ لباساً جديداً هذا فيقولون عنه هو لا يخطر على باله؟ هو مرتاح.. عندما اشتريت سيارةً في عام سبعةٍ وأربعين، خمسمئة شائعة، أحدهم يقول: من سفير بريطانيا، لا يقول إنه أحد المريدين، بل من الأجانب والمستعمرين، والآخر يقول من سفير أمريكا، وهي في الواقع الإخوان رضي الله عنهم اشتروها وكان شكري القوتلي رحمه الله وغفر له أعفانا من الجمارك، من قبل أعفوا النواب كُلَّهم من جمارك السيارة، فمرةً في جلسةٍ مع شكري القوتلي، قلت له: أنا أخدم البلد أكثر أم النواب؟ قال لا أنت، قلت له طيب لماذا أعطيت لكلِّ واحدٍ من النواب سيارةً معفيةً من الجمارك وما أعطيتموني؟ فهذا يحتاج قانون، فقال لي: أنت محقٌّ، حاضر. وقانون يسن لشخص لا يصح، فأمرَ جميل مردم وكان رئيس وزراء ونائب، وكان قد أخذ سيارة، فقال له: تتنازل عن سيارتك للشيخ. رحم الله الإثنين ويغفر لنا ولهم.

وجوب احترام الشَّيخ وإنزاله منزلته

يا بنيّ إذا أردت أن تطبِّقَ الإسلام يجب أن تُفكِّرَ بالشَّيخ قبل أن تُفكِّرَ بنفسك وبيتك وأولادك، هكذا يُعزُّ الإسلام، الإسلام لا يُعزُّ بالمئذنة التي طولها عشرون وثلاثون متراً ولا والثريا ولا بالرخام ولا الموزاييك، يُعزُّ بالشَّيخ، الشَّيخ إذا كان قد عُومِلَ هذه المعاملة، لما يُذكَرُ الشَّيخ كل واحدٍ يُخرِجُ خنجره ويقول لأجرِّبُه، أين؟ في رقبة الشَّيخ؟ والآخر في أنف الشَّيخ، والآخر بخاصرته، الشَّيخ إذا ذُكِر.. أليس هذا هو الواقع؟ هذا جفاءٌ وإنذارٌ من رسول الله ﷺ، النَّبيّ ﷺ يقول: ((إذا أبغضَ المسلِمونَ علماءَهُم، وأظهَروا عمارةَ أسواقِهِم، وتناكَحوا علَى جمعِ الدَّراهمِ، رماهمُ اللهُ عزَّ وجلَّ بأربعِ خصالٍ: -منها- بالقَحطِ منَ الزَّمانِ، والصَّولةِ من العدوِّ.)) 17 ((إذا أبغضَ المسلِمونَ علماءَهُم، وأظهَروا عمارةَ أسواقِهِم، وتألبوا علَى جمعِ الدَّراهمِ، رماهمُ اللهُ عزَّ وجلَّ بأربعِ خصالٍ)) من جُملتِها ((بالقَحطِ منَ الزَّمانِ، والصَّولةِ من العدوِّ)) طائرات إسرائيل وتسلُّطُها واحتلالها والجفاف، عندما كنا أطفالاً الثلج هنا في الحي يبقى في الشوارع شهراً أكواماً، أين الدنيا يا بنيّ؟ لنتُبْ جميعاً إلى الله ونَعقِد العزمَ على أن نعمَل ما يفرضُهُ الله علينا، فلو جئنا لغنيٍّ واحدٍ ماذا يعني أنه يملك بناءً واحداً؟ يا بنيّ يوجد أناسٌ يملكون عشرين وثلاثين بناءً وكلها سيتركها غداً وسيُحاسَبُ عليها، يوجد أحد الإخوان المتبرعين لكن مرةً يكون قريباً ومرةً بعيداً وإلى آخره.. ولكن كل واحدٍ مِنَّا سيكون مسؤولاً، فمن معه يُقدِّمُ ومَن ليس معه يُحرِّضُ الآخرين: ﴿وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ ٱلمِسكِينِ [الماعون:3] جعل الله مَن لا يُرَغِّبُ في الخير مسؤولاً يوم القيامة بين يدي الله.

وصلَّى الله على سيِّدنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم، والحمد لله رب العالمين.

Amiri Font

الحواشي

  1. صحيح البخاري، عن النعمان بن بشير كتاب الأدب: باب رحمة الناس والبهائم، رقم: (6011)، صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب: باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم، رقم: (2586).
  2. صحيح البخاري، رقم: (2942). عن سهل الساعدي. واخرجه السيوطي الجامع الصغير بلفظ: خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت (7201). (الطبراني في الكبير) عن أبي رافع (930). (1/315) انظر الجامع الصغير للسيوطي (10117) بسند حسن.
  3. سنن أبي داود، كتاب الملاحم: باب في تداعي الأمم على الإسلام، رقم: (4297). عن ثوبان، وأحمد (22397).
  4. الكامل في التاريخ لابن الاثير 0(1/657).
  5. ابن مردويه الضياء، عن ابن عباس. بلفظ: ((ما بعث اللهُ نبيًّا إلَّا وهو شابٌّ، ولا أُوتيَ العلمَ عالمٌ إلَّا وهو شابٌّ)). الجامع الصغير للسيوطي (5037) بسند ضعيف.
  6. ابن جرير (19/121)، البداية والنهاية لابن كثير (3/37)، البيهقي في الدلائل (2/180) عن علي، بلفظ: ((إنِّي والله ما أعْلَمُ شابا فِي العَرَبِ جَاءَ قَوْمَهُ بأفْضَلَ ممَّا جئْتُكُمْ بِهِ إنّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِخَيْرِ الدُّنْيَا والآخِرَةِ وَقَدْ أمَرَنِي الله أنْ أدْعُوكُمْ إلَيْهِ فَأيُّكُمْ يُؤَازِرُني عَلى هَذَا الأمْرِ عَلى أنْ يَكُونَ أخِي)). فتح الباري لابن حجر، (8/503).
  7. سنن ابن ماجه، كتاب أبواب الفتن، باب: ما يكون من الفتن، (3952) واللفظ: «زويت لي الأرض حتَّى رأيت مشارقها، ومغاربها، وأعطيت الكنزين، الأصفر أو الأحمر، والأبيض، يعني الذهب والفضة، وقيل لي: إن ملكك إلى حيث زوي لك...»
  8. البيهقي في الشعب (6228) عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ بلفظ: "اسْتَعِينُوا عَلَى نَجَاحِ الْحَوَائِجِ. الطبراني في الكبير (20/94).
  9. سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، رقم: (1425)، بلفظ: ((عن الحسنِ بنِ عليٍّ رضيَ الله عنْهما، قال: علَّمني رسولُ صلَّى عليْهِ وسلَّمَ كلماتٍ أقولُهنَّ في الوترِ، - قالَ ابنُ جوَّاسٍ: في قنوتِ الوترِ اللَّهمَّ اهدِني فيمن هديت، وعافِني فيمن عافيتَ، وتولَّني فيمن تولَّيتَ، وبارِك لي فيما أعطيتَ، وقني شرَّ ما قضيتَ، إنَّكَ تقضي ولا يقضى عليْكَ، وإنَّهُ لا يذلُّ من واليتَ، ولا يعزُّ من عاديتَ، تبارَكتَ ربَّنا وتعاليتَ)).
  10. شعب الإيمان، رقم: (1642)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، (3/273)، المعجم الصغير للطبراني، رقم: (507)، (1/305).
  11. سنن أبي داود، رقم (1678). مسند الفاروق لابن كثير (1/264).
  12. سنن الترمذي، كتاب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في مناقب عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه، رقم: (3686)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (17405)، (4/154). قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب"
  13. صحيح البخاري، رقم: (3683)، ومسلم رقم (2396) عن سعد بن ابي وقاص.
  14. أخرجه ابو يعلى (5/176)، عن انس بن مالك، والمنذري في الترغيب والترهيب وقال: لا يتطرق اليه احتمال التحسين.
  15. صحيح البخاري، رقم: (2942). عن سهل الساعدي، بلفظ: ((على رِسْلِك حتَّى تنزِلَ بساحتِهم ثمَّ ادعُهم إلى الإسلامِ وأخبِرْهم بما يجِبُ عليهم مِن حقِّ اللهِ فيه فواللهِ لَأنْ يهديَ اللهُ بكَ رجُلًا واحدًا خيرٌ لكَ مِن أنْ يكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ)). وأخرجه السيوطي الجامع الصغير بلفظ: خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت (ّ7201)
  16. سنن الترمذي (3681)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم (5696) عن عبد الله بن عمر.
  17. أخرجه الحاكم (7923) عن علي، بلفظ: ((إذا أبغضَ المسلِمونَ علماءَهُم، وأظهَروا عمارةَ أسواقِهِم، وتناكَحوا علَى جمعِ الدَّراهمِ، رماهمُ اللهُ عزَّ وجلَّ بأربعِ خصالٍ: بالقَحطِ منَ الزَّمانِ، والجَورِ منَ السُّلطانِ، والخيانَةِ مِن ولاةِ الأحكامِ، والصَّولةِ من العدوِّ)).
WhatsApp