تاريخ الدرس: 1993/12/24

في رحاب التفسير والتربية القرآنية

مدة الدرس: 01:02:39

سورة الملك، الآيات: 12-18 / الدرس 5

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، وأفضل الصّلاة وأتم ّالتسليم على سيّدنا محمّد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى أهل بيته الطّيبين الطّاهرين، وعلى أبيه سيّدنا إبراهيم، وعلى أخويه سيّدنا موسى وعيسى، وجميع إخوانه من النّبيين والمرسلين، وبعد:

الخالقُ مالكُ الملك المتصرِّف:

فنحن في تفسير بعض آيات من سورة الملك، قال تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ [آل عمران: 26] وقال أيضًا: ﴿فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [الأنعام: 14] وقال: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [البقرة: 255]، وقال أيضًا: ﴿تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ [آل عمران: 26] وقال كذلك: ﴿خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ [الملك: 2] فهو مالكُ الموت والمتصرِّفُ فيه، وهو مالك الحياة وواهبُها، قال تعالى: ﴿خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا [الملك: 3] خلَقَها ومَلَكَها وهو المتصرّف فيها، وواضِعُ نظامها.

خلَقَ الكواكبَ زينةً:

قال تعالى: ﴿زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ [الملك: 5] فخلَقَ المصابيح زينة، فهو مالكُها، وهو واضعُ نظامِها ومهندسُها، ومكرِّمُ الإنسان بهذه الزينة، فمَن يَستطيعُ أن يُزيِّنَ الفضاء لأهل الأرض؟ فأقصى ما يستطيع البشر أن يفعلوه مجرد مصابيح كهربائية ذات إضاءة عالية يصل ضوؤها لمسافة مئة متر أو خمسمئة مترٍ، أمَّا الأضواء الرّبانيّة فيصل نورها مسافة ملايين السّنين.. فمَن أبدعَها، ومَن نظَّمَها، ومن أيّ طاقة تستمد نارها ونورها، ومَن أبدعَ نظامَها وسَيْرها؟ فالنّجوم في السّماء بعدد ذرّات الرّمل التي في أرضنا، وبسرعات كبيرة، فسرعة الأرضِ في جريها حول الشّمس مئة وثمانية آلاف كيلو متر في السّاعة، فهل يوجد طائرة تمشِي بهذه السّرعة؟ فطائرة “كونكورد” وصلَت سرعتها لثلاثة آلاف كيلو متر في السّاعة، فمَن خلَقَ الكواكب، ومن أبدَعَ نظامَها، ومَن هو مالِكُها والمتصرّف فيها؟

ثمّ قال تعالى: ﴿وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ [الملك: 6] فمن خلق جهنّم، ومَنِ المتحكِّم والمالك لها والمتصرّف فيها وواضع قوانينها؟

معرفة الله تثمر الخوف منه:

﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ [الملك: 10]، من خلَقَ السّمع، ومن خلق الدّماغ، ومَن المتصرِّف، ومَن المالك؟ فهل عرفتَ هذا الملك؟ فكلّ النّاس يَودُّون التقرُّب إلى رئيسُ الجمهوريّة واكتسابَ رضائِهِ، وكذلك رئيس الوزراء، وكذلك شرطيُّ السّير فإذا خالفتَ مخالفة واحدة بعُمرِكَ فتتزلَّف له وتترضّاه عند الذّنب والمخالفة؛ لأنّه يَملِكُ العقاب ويملك الحساب.. فهل عندما تقوم بمخالفة مع ربّ العالمين تشعُرُ بشأنِ مَن خالفَتْهُ كما يَشعُرُ السَّائق المخالف بسُلطان شرطيّ السّير؟ فلو عاملتَ الله كما تُعامل شرطيّ السّير يَستقيم إيمانك.. لكن هل شرطيّ السير يساوي جبّار السّماوات والأرض؟ فأين الإيمان الذي هو عِلمٌ ومعرفة بما تُؤمِنُ به؟ فالإيمان بالثعبان والحيّة علمٌ ومعرفة بأنَّ الاقترابَ منه وسمّهُ قاتل، فمقتضى هذا العلم والمعرفة التحرُّز والتخوُّف وخشية الاقتراب، فهل عرفت الله كما تعرف الدّبور [الزنبور] وكما تتحاشى أن تضعَه بكفِّكَ؟ أو تضع العقرب؟ لأنّك تعلم خطرهم فتخاف فتخشى.

فكيف مالكُ السّموات والأرض وخالقُ الموت والحياة؟ فمَن خلَقَ لك السّمع والبصر والعقل والمعدّة والأعصاب، ومن ركّب العظام، ومَن أعطاكَ النُّطق؟ فهل عرفتَهُ أنّه مالكُ الملك، ومالكُ الموت والحياة ومالك الوجود؟ فهو يُعاقِبُ أكثَرَ ممّا يُعاقِبُ شرطيَّ السير، وأكثرُ ممّا تُعاقِبُ الدّولة والمحكمة وقاضي الجنايات والجزاء، وقد بلَّغَكَ قوانينه وأرسَلَ أساتذةً مِن عندِهِ ليُعلِّمُوك القانون حتّى لا تحيدَ عنه فتقَعَ في الهلكة في الدُّنيا قبل الدّار الآخرة.

كيف كان العربُ قبل الإسلام؟ كانوا لا يُسمّون أمَّةً في ذلك التّاريخ، كان يوجد أمّة الرومان وأمّة الفرس، أمّا العرب فكانوا في الصّحراء، والمدن التي اسمُها عربيَّة الآن كانت رومانية أو فارسية، تتكلّم باللغة الرومانية والفارسية، وكانت لغة مصر القبطية، ولغة شمال إفريقيا البربرية، ولم يكونوا يتكلمون اللغة العربية، واللغة العربيّة كانت في البادية والصّحراء، فمن عرَّبَ سوريا وفلسطين ولبنان؟ ومَن أوصَلَ الحرفَ العربيّ إلى إندونيسيا وإلى قارات العالم كلّها؟ وهؤلاء الذين يَعتزّون بقومتيّهم وعروبتِهِم، ماذا فعَلُوا لعروبتِهِم مِن مجدٍ وعزٍّ ونصرٍ وسُؤددٍ ووحدة وقوّة وحضارة وعلم؟

فإذا عرفتَ مالك الملك عند ذلك تخشَعُ لهذا الْمَلِك الذي لا حدودَ لِمُلكِهِ ولا لعظمته ولا لعطائه ولا لعقابه ولا لجماله.

معرفةُ القلب ومعرفة العقل:

المعرفة قسمان: معرفة بالتّفكّر واستعمال العقل، قال تعالى: ﴿وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [آل عمران: 191] والأعظمُ مِن معرفة الفكر والعقل المعرفة بالقلب والرّوح والمشاهدة، كما قال رسول الله ﷺ: ((أن تعبُدَ الله كأنّك تراهُ)) 1 وقوله ﷺ لأحد أصحابه: ((فما حقيقة إيمانك؟ قال: كأنّي أصبحتُ بعرشِ ربّي بارزًا، وكأنِّي أنظرُ إلى أهل الجنَّة في نعيمِهِم، وأهلِ النّار في عذابهم، فقال عليه الصلاة والسّلام: عبدٌ نوَّرَ الله قلبَهُ بالإيمان، عرفتَ فالزَم)) 2 قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ [سورة المائدة:41] فإيمان القلب لا بدَّ له مِن مدرسة ومُعلِّم.

فكانت المدرسة في عهد النّبيِّ ﷺ مسجده، والمعلّم نبوَّتُهُ وصحبتهُ ومحبَّتهُ وملازمتهُ، وكان النّبيّ ﷺ أحبَّ إلى قلوبهم مِن آبائهم وأبنائهم وأزواجهم وأموالهم وأوطانهم، وأحبَّ إليهم مِن كلّ محبوبٍ، ونتيجة هذا الحبّ كان كلامه وتوجيهه إذا سمعوهُ حالًا يَنقلِبُ إلى عَمَلٍ وسلوك وحقيقة مشاهدة، فصاروا بهذا الحبِّ وبهذه المعرفة وبهذه المسارعة إلى امتثال لأوامر الله وأوامِرِ رسول الله ﷺ، صاروا كما قال رسول الله ﷺ: ((حُكماءُ، عُلَماءُ، كادُوا مِنْ فِقهِهِم أن يَكونُوا أنبياءَ)) 3 .. ففي السّياسة ما أَتَى رجالُ سياسة في التاريخ مثلَهُم، كما قال الشّاعر

ومناقبٌ شَهِدَ العدوُّ بِفضْلِها والفضْلُ ما شَهِدَتْ بِهِ الأعداءُ

والأوربيّون لهم كلمةٌ مشهورةٌ “ما عرَفَ التّاريخ فاتحًا” لم يقولوا “أعدل” بل قالوا: “أرحَمُ مِن العرَبِ”!، فهل تُوصف أمُّكَ معك بالعدل أم تُوصَف بالرّحمة والحنان عليك؟ فأيُّهما أعظم؟

قال تعالى: ﴿وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ [المائدة: 2] إذا كنتَ تشنأ إنسانًا أي تُبغِضُهُ وتعاديه فلا تحملُكَ عداوتَهُ ﴿عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ بأن تظلمُهُ أو أن تتعدَّى على حقّه ﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [المائدة: 8].. فهل قوانين هيئة الأمم والعالم الغربيّ العالميّة قائمة على العدل أم على المصلحة؟ فأميركا تمشي بهيئة الأمم ليس ذلك لتطبيق العدالة، بل لتطبيق المصلحة الأمريكيّة، وهكذا الأوربيون.. أمّا في الإسلام ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ وليس ذلك من أجل المصلحة، بل ﴿بِالْعَدْلِ [النحل: 90]، وليس معَ الإنسان فقط؛ بل مع كلّ مخلوق، قال رسول الله ﷺ: ((إذا ذبحتُم فأحسِنُوا الذِّبْحَة، وإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة)) 4 .

فهذه المعرفة بمالك الْمُلكُ تقتضي خشية الله، ومخافته ممزوجة بمحبته، ومحبَّتَهُ ممزوجة بمخافته، حتّى يصبحَ الإنسانُ المثلَ الأعلى أو الإنسان الفاضل ثمّ المجتمع الفاضل ثمّ الأمّة الفاضلة ثمّ الدّولة الفاضلة ثمّ هيئة الأمم الفاضلة.

إيمان القلب يُحقّق المعجزات:

فهل كانت مِن الصّين إلى فرنسا شعبًا واحدًا؟ بل كانوا هيئة أُمَمٍ، فلمّا اعتدى ابنُ فاتح مصر ومالك مصر المطلَق على ابن القبطي، رُفِعَ الأمر إلى مجلس الأمن الذي يرأسُهُ عمر رضي الله عنه، فأعطى القضيبَ إلى القبطيّ وقال: “اضرب ابن الأكرمين”، هل هناك فيتو؟ وهل قال أحدٌ من الصّحابة: “فيتو”؟ لا يُوجَد فيتو، فالحقّ لا يقف أمامه شيء.. فهذا الإسلام المجهول في القلوب، قد يُعرَف في الأفكار، لكنّ الفكر والعلم يَضعُفُ أمام الهوى والأنا، فقد تجد الطبيبَ يعلَم ضررَ الخمر ويَشرَبُها، وضررَ الدُّخان ويشربه، وضرر المآكل فيَأكل على خلاف مُقتَضى قواعد العلم، بل يأكل على مُقتَضى قواعد الهوى والشّهوات، فيُؤذِي نفسه ويَعلَمُ أنّهُ يُؤذيها، أمَّا إيمانُ القلب فهو فوق الهوى وفوق الأنا، كما قال الشاعر

لو أَنّ رُوحي في يدي وَوَهَبْتُها
لِمُبَشّري بِقُدُومكمْ لم أُنْصِف

ما لي سِوَى روحي وباذِلُ نفسِهِ
في حُبّ مَن يَهْواهُ ليسَ بِمُسرِف

لم يقولوها قولة الشُّعراء، بل قالوها قولةَ الصَّادقين الأوفياء.. لَمَّا انهزَمَ الصّحابة رضي الله عنهم في أُحُد وصارت السِّهامُ تتوجَّهُ إلى النّبيّ ﷺ فسيِّدُنا سعدٌ رضي الله عنه وضَعَ صدرَهُ أمام صدرِ رسولِ الله ﷺ، يعني جعَلَ صدرَهُ درعًا لصدر رسول الله ﷺ وقال: “صدرِي لِصدرِكَ وقاءٌ، وروحي لروحك فداء”.

وكان سيّدنا الصّديق في الغار خائفًا من أن يَخرُج له عقرب أو حيّة من الشّقوق، فسدّها بأجزاء من ثوبه بعد أن مزّقه، وبقيَ شق ما وجَدَ ما يَسدُّه به إلّا بكعب قدمه، معنى ذلك: فليمتِ الصّديق وليحيا سيّدُنا رسول الله ﷺ.. هذا إيمان القلب.

كيف تحقُّق إيمان القلب:

وإيمان القلب لا يكون إلا بشيئين: بالتوبة الصّادقة، كان الصّحابة إذا أسلَمَ أحدُهم لم يعد يعرف المعصية أبدًا؛ لا بعينه ولا بيده ولا بأكلِهِ ولا بنُطقِهِ ولا بفكرِهِ، ويَتَجرَّدُ مِن كلّ النّقائص ورذائل النّفس ويتحلّى بكلّ فضائل وكَمَالات النّفس، قال تعالى: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ ليكونوا علماءَ ﴿وَالْحِكْمَةَ ليكونوا حكماء ﴿وَيُزَكِّيهِمْ [البقرة: 129] ليكونوا ملائكةً أطهارًا أنقياءً، فهكذا كان المسلم الحكيم العالم ذو المكارم والأخلاق.

وقد صارت الأمّةُ هكذا، والجيش هكذا، والأغنياء هكذا، والشّباب هكذا، والنّساء هكذا- فمَن حلّ مشكلة الحديبية؟ الحكيمة أمّ سلمة رضي الله عنها، بحكمتِها، لعلّ الله عزّ وجلّ ربَطَ على قلوب الصحابة وقلب النّبيّ ﷺ حتى يُظهِرَ شرَفَ المرأة بالإيمان، أمّا بلا إيمانٍ فمليون إنسان بلا إيمان كما قال تعالى: ﴿أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ فهل هم الذاكرون؟ ﴿هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف: 179]. لذلك ذِكْرُ الله الذي هو مدرسة التّصوُّف والتّوبة ومجاهدة النّفس، وهذا الذي اسمه التّصوف.

وكانت هذه هي التّربية النّبويّة المعبَّرِ عنها بقوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ وخسِرَ وفشَلَ وانهزَمَ ﴿خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس: 9، 10] أهمَلَها حتّى تهلِكَ بجراثيمها النّفسية وشهواتها الحيوانيّة أو الشّيطانيّة.

من يخشى الله فله المغفرة والأجر الكريم:

قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ [الملك: 12] لأنّ الله لا يُرى، فالعين لا تستطيعُ رؤية الشّمس على مسافة مئة وخمسين مليون كيلو متر، ولا تستطيعُ أن تتحمَّل أشعَّتَها، ولو انعكس في المرآة، فكيف ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [النور: 35]؟ ففي الآخرة هناك تغيير بالنشأة ﴿وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ [الواقعة: 61]، في النشأة بعد النشأة الجسدية، وللمؤمِن يوم القيامة: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة: 22-23]، نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يَجعَلُنا مِمَّن يَتأهَّلُون لرؤية الله في الدّار الآخرة.

ويَنعكِسُ بعضُ نور الله ونور الإيمان في مرآة القلب، فيُعقِّمُ النّفس مِن كلّ جراثيم وميكروبات الرّذائل والنّقائص، وبحسب قوّة هذا النّور وهذا الإيمان المنبعث من تزكية النّفس والرّبط بالمزكّي برابطة الحبّ وكثرة ذِكْرِ الله فتُعقَّمُ النّفس وتتطهَّرُ؛ فتنعكِسُ ويظهر فيها فضائل الأخلاق ومكارمها، قال رسول الله ﷺ: ((إنّما بُعِثتُ لأتمِّمَ مكارِمَ الأخلاق)) 5 .

قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ [الملك: 12] فلم يروا جهنّمَ فهي مغيّبةً عنهم، ولم يروا النّار ولا الحساب ولا الآخرة، فهم يؤمنون بالغيب، فبمجرَّدِ ما قال النّبيّ ﷺ قالوا: “صدَقَ الله وصدَقَ رسولُهُ ﷺ”، فجزاؤهم: ﴿لَهُمْ مَغْفِرَةٌ [الملك: 12]، لِذنوبهم قبل التوبة ﴿وَأَجْرٌ كَبِيرٌ [الملك: 12]، لأعمالهم الصّالحة بعد التّوبة.

قال تعالى: ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [الملك: 13]، فمَن يَملِكُ سرَّكَ وروحَكَ وفكرَكَ وعقلك، ومَن صنعَها، ومن خلقَها، ومن صمَّمَها؟ ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ [الملك: 14] ألا تستحي من الله؟ والله يَعلَمُ سِرَّكَ إنْ أسررتَ عن النّاس، ولكن هل هناك سرٌّ عن الله تَستطيعُ أن تخفيَهُ عنه؟ فإذا أردتَ أن تفعَلَ عملًا ناقصًا ورآكَ طفلٌ تخجَلُ منه لِعلمِكَ بأنَّ الطفل مشاهدٌ لك، فهل تؤمِنُ بأنّ الله مشاهد لك؛ لسرِّكَ وعلانيَّتِكَ وظاهرِكَ وباطنِكَ وليلِكَ ونهارك وفي الخلوة أو مع النّاس؟ فالإيمان بمعناه الحيّ هو هذا.

الإيمان الحيّ بالقلب وليس بالقول:

فأيُّ فائدةٍ أن نُزوِّجَك ملكة الجمال بعد موتها أو نعقِد لك عقدَ النكاح عليها. أترضى؟ وإذا كانت الفرس التي تكسب الرّهان وثمنها خمسون ألف دولار وماتت أتشتريها، وهل تفكّر أن تنتفِعَ منها؟ كذلك الإيمانُ الميِّت الذي لا يَظهَرُ قبل كلّ شيء في أعمال القلب مِن خشية الله والإخلاص لله وحبّ محبوبات الله، وأن تحبّ ما يحبّه الله مِن قول وعمل وصفة، وأن تحبّ مَن يحبّه الله من إنسان قريب أو بعيد، فإذا لم يصر فيك هذا الإيمان الذي يُعطي هذه الانعكاسات وهذه الثّمرات فأنت كما قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ [البقرة: 8] فالقول سهل، فتستطيع أن تقول: “أنا رئيس جمهورية”، فقد جعل الله عزَّ وجلَّ اللّسان مطواعًا لك لا يعصي لك أمرًا، فإذا أردتَ أن تقول عن نفسك: “حمار” فيُطيعك أيضًا، فقل عن نفسك: “حمار” فاللّسان يقول.. لكنَّ المهم أن يكون الواقع مطابقًا لترجمة اللّسان.. فإذا قلتَ: “مؤمن” وقال الله: “لستَ مؤمنًا”، وإذا قلتِ: “مؤمنة”، وقال الله لك: “لستِ مؤمنةَ”، فما الفائدة؟ فنسأل الله أن يجعلنا مؤمنين عنده، مؤمني القلب، ومؤمنين بالله وبصفاته وبأسمائه وبكتابه عِلمًا وعملًا وتعليمًا، وأن ننقُل القرآنَ مِن كتابةٍ على الصُّحُفِ إلى تلاوة على الألسنة وعلومٍ في العقل والفِكْرِ، وإلى نورٍ في القلب، آيةً آيةً وسورةً سورةً، فمَن أراد أن يقرأ القرآن فليقرؤُهُ في أعمالِه.

 

الله عالم السرّ والجهر:

قال تعالى: ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ [الملك: 13] فانظر إلى سرّكَ- اللهمَّ اجعل سرّنا خيرًا مِن علانيَّتِنا، واجعل علانيتنا خيرًا- فإذا استوى فيك السّرُّ والعلَنُ وكان العلَنُ صالحًا، فهذا هو الإسلام، أن تبذلَ جهدًا لتتغلَّب على ما تهوى فيما لا يُرضِي الله، وفي رضاك وحبّك، فإذا أحببتَ فلانًا لا يحبُّهُ الله فعليكَ أن تُخالِفَ هواك، وإذا كان العملُ الفلاني قد أحببتَهُ والله لا يحبُّه فعليك أن تُخالِفَ هواك، وإذا أراد كلّ النّاس شيئًا لا يُريده الله فعليك ألّا تُريدهُ، فهذا هو الإيمان، ولا تبالي.. ولو أنَّ أهل الدّنيا كلهم أرادوا شيئًا وأراد الله شيئا ًخلاف إرادتهم فيكونُ لسان حال المؤمن

فليتك تحلو الحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هيّن وكل الذي فوق التراب تراب

الآن ألسنا فوق التراب؟ فبعد خمسين أو ستين سنة أو سبعين سنة أو أكثر فربّما لا يظلُّ ولا واحد منّا، ماذا نبقى؟ “وكلّ الذي فوق التراب ترابُ”، وهذا يجب أن يصير حقيقة قلبيّة وذلك بنور ذِكْرِ الله.

عبادة الذّكر ليس لها وقت محدد:

لذلك كلُّ العبادات حدَّدَها الله بمقادير محدَّدَة، فالحجّ مرّة في العمر، والصّوم مرّة في السنة، والصّلاة خمس مرّات في الأربع وعشرين ساعة، أمَّا ذكرُ الله فدعانا لأن نكون مع الله ذاكرين في كلّ أوقاتنا.. فكيف الذي لا يَذكُرُ الله؟ وقد ذكَرَ الله عزَّ وجلَّ المنافقين بأنَّهُم يَذكُرون الله، ولكن ﴿وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء: 142] لذلك في التّصوّف يجب أن يكون ذكر الله عزَّ وجلَّ في كلّ أوقاتك؛ في أكلك وشُربك وعند نومك وفي بيعك وفي شرائك وفي السّوق وفي الدُّكّان، كما قال تعالى: ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ [النور: 37] وفي الحرب، وعندما تتطايَرُ الرّؤوسُ وتتطاير الأيدي والأرجل في الفضاء بحدّ السّيوف، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً [الأنفال: 45] في الحرب ﴿فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا [الأنفال: 45] فتظنَّ الطّريقَ أن تقعُد نصفَ ساعة وتذكُرَ الله وانتهى الأمر، إن فعلت هذا فأنت لم تصر مسلم القلب إلّا نصف ساعة، وإن ذكرته ساعة فقد صرتَ مؤمنًا ساعة.

كان بعضُ أصحاب رسول الله ﷺ إذا اجتمَعَ أحدُهُم بالآخر يقول له: “تعالوا بنا نؤمِنُ ساعة” 6 ، تعال نأكل ساعة، فهذا معروف، أما تعال نؤمن ساعة؟ فكانوا يجلِسُون ساعة يَذكُرون الله فيها.

فمسلمٌ ومسلمة لا يعرفون الذِّكر! خاصةّ في الصلاة.. ففي الصّلاة ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي [طه: 14] فيجب أن تصلِّيَ مِن أجل أن تذكُرَ الله في الصّلاة، ففي ((وجَّهتُ وجهي..)) 7 يجب أن تكون ذاكرًا، فتكون وِجْهَتُك وبقلبك إلى الله، ((سبحانَكَ اللهم وبحمدك..)) 8 ، قال النّبيّ ﷺ: ((إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق أمامه فإنما يناجي الله ما دام في مصلاه)) 9 بأن يَشعُرُ بعظمة الله ونوره متّجهًا إلى قلبِكَ، فهذه المرآة يجب عليك أن تنظِّفها مِن الطّين ومن الأوساخ، فإذا كانت المرآة نظيفة وتوجَّهَت إلى الشمس فماذا تكون نتيجةُ هذه المقابلة؟ انعكاسُ صفات الشّمس وصورتها على صفحة المرآة، فتصبح المرآة تشعُّ نورًا وحرارةً، وإذا قابلت المرآة غزالًا فتظهر صورة الغزال على المرآة بكلّ جماله، وإذا كانت ملكة جمال كذلك، وإذا استقبلت حمارًا فتَظهَر في المرآة صورة حمار، والخنزير كذلك، فبحسب ما تتوجّه بمرآة قلبك إلى الأشياء تنعكِسُ تلك الأشياء في القلب.

من كان همُّه الله، ومن كانت الدّنيا همّه:

فإذا كان همّك الدّنيا- اللهم لا تجعَلِ الدُّنيا أكبَرَ همّنا ولا مبلَغَ عِلمِنا- من زوجة أو امرأة أو مالٍ أو بيع أو شراء ((من جعل الهموم هما واحدًا كفاه الله ما همه من أمر الدنيا والآخرة)) 10 فالمطلوب أن يكون همّك الله وذكره وحبّه وطاعته ومعرفة رسالته، وقد أرسل لك مكتوبًا، فالقرآنُ مكتوبُ الله مع أشرَفِ رسول، ولكن هذا المكتوب لا يُقرَأ في اللسان فقط؛ بل يُقرَأ باللسان مع القلب ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا [مريم: 58] يعني خضوعًا لأوامره وخشوعًا بأحاسيسهم وقلوبهم ولعظمةِ تجلّياته وأنواره.

فسُورَةُ الملك يَذكُرُ الله عزَّ وجلَّ فيها وهو الملك العظيم بعض مملكتِهِ؛ لِتعرفَهُ وتعرِفَ عظمتَهُ، وتعرِفَ قوانينه، وتعرف عطاءه وعقابه، حتّى إذا مشيتَ على المنهاج والقانون تنال سعادة الدّنيا قبل سعادة الآخرة، ففي الدّنيا تنتقِلُ مِن الذُّلِّ إلى العزّ ومن الفقر إلى الغنى.. فمن أركان الإسلام الخمسة: النّقلَةُ مِن الفقر إلى الغِنى، جاء رجل إلى النبي ﷺ وقال: “نبئني بعمل يقربني من الجنة ويباعدني من النار؟ فقال: ((تعبد الله لا تشرك به شيئاً)) 11 ، شيئًا من الأشياء؛ لا هواك ولا مالك ولا زوجتك ولا أيّ شيء، فأنت عبدٌ له وحده فقط، والعبد وما ملكَتْ يداه لسيّده.

أثر الصلاة في حياة المسلم:

((تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ)) عرّف الله الصّلاة بأنها التي تنهى عن الفحشاء، قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت: 45] والمنكر: كلُّ شيء يَستنكِرُهُ العقل، وكلُّ شيء يكون فاحشًا أمام العقول الكاملة فتَزجُرُكَ عنه الصّلاة.. وقال تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا [المعارج: 19] ما الهلوع؟ ﴿إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ [المعارج: 20] إذا فقدَ المال أو الصّحة أو الأحباب أو النّعم يَجزعُ، فلا يَصبر ويَلطُمُ ويبكي ويحزَنُ ويُفلَج ويموت مِن الجزع والحزن، أمّا الصّلاة فتُعقِّمُ المصلّي الحقيقيّ مِن الجزع، فهل تعقَّمتُم؟ وعندما صلَّيتُم فهل صِرتُم مصلّين؟ علينا أن نجتهد يا بُنيّ.

فالصّحابة رضي الله عنهم كانوا بدوًا أعرابًا لا يَقرؤون ولا يكتبون، ونحن هذا عنده شهادة ماجستير أو دكتوراه لكنّه جزوع، فماذا استفدنا؟ ﴿إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا [المعارج: 20- 21]، “مسه الخير”: مِن مالٍ أو حُكمٍ أو قوّة أو جاه ﴿وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا منوعاً: رأسماليّ وأنانيّ.. ففي الإسلام إذا مسّه الخير فليس لنفسه، بل: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ [الحشر: 9] لا يُشارك فقط، بل يُقدِّمُ كلَّ ما يَملِكُ لأخيه، كما فعَلَ المسلمون في عهد رسول الله ﷺ ﴿وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا هذا الإنسان وليس المؤمن، قال: ﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ [المعارج: 22] فالمصلِّي ليس جزوعًا ولا منوعًا.. فمَن هم المصلّون؟ ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ [المعارج: 23-24] فهل هم رأسماليّون؟ لا ﴿فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ حقٌ فهو شريكٌ معك ﴿لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ، وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ [المعارج: 24- 26] بالمحكمة الإلهيّة، فالدّينُ هو الجزاء والقضاء الإلهيّ، يكون مؤمنًا بأنّه ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وكذلك إن عمل ﴿مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يره [الزلزلة: 7-8] ولذلك إذا آمَنَ أنّه إذا مسَّ العقرب سيَلدَغَهُ فما مقتضى الإيمان؟ أيمسكه بكفّه؟ فإذا أمسكَهُ فيكون إمَّا جاهلًا فكريًّا وإمّا جاهلًا عقليًا، والذي يَعرف ويُحرّف يكون عنده الجهل العمليّ، هذا الذي صاحبه يُعذَّبُ مرَّتين ((أشدّ النّاس عذابًا يومَ القيامة عالِمٌ لم ينفعْهُ الله بِعلمِهِ)) 12 .

قال له: ((وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ)) فإذا كنتَ فقيرًا فهل تستطيع أن تؤتي الزكاة؟ وإذا فرَضَ عليكَ الصّلاة فيعني فرَضَ عليك الوضوء لأنّه لا صلاة بلا طهارة، أليس كذلك؟ ولا زكاة بلا غنى، ولذلك لَمَّا حاوَرَ قائدُ المسلمين- في بلاد فارس- رستمَ قائدَ الفرس قال له: “لماذا أتيتم إلى بلادنا؟” قال له: “لننقُلَ العباد مِن عبادة العباد”، كانت الشعوب عبيدًا لِملوكها؛ “إلى الحرية والعزّة والكرامة، ولننقُلَهُم مِن جَورِ الأديان إلى عدالة الإسلام، ومِن الفقر إلى الغنى”.

كيف يكونُ الغنى؟:

فكيف يَكونُ الغنى؟ أولًا هناك شيءٌ إلهيّ، لكن الشّيء الإلهيّ مُغيَّبٌ عنّا ولا نملِكُهُ، وقد أمرنا الله عزَّ وجلَّ باتخاذ الأسباب والمسبَّبات.. فالذي لا يستيقظ حتّى الظهر هل هذا سيَنجَح؟ والذي يَكذِبُ في بيعه وشرائه ويُخلِفُ في وعده ولا يَنصَحُ أو يكون غشّاشًا في عمله أو كاذبًا في حديثه هل ينجح؟ وقد قال النّبيّ ﷺ: ((ألم أجِدْكُم فقراءَ عالةً فأغناكُمُ الله بي)) 13 ؟ يعني بتعاليمي وبصحبتي وبمدرستي وبمحبّتي وبالهجرة إليّ وبالملازمة ظاهرًا وباطنًا.

قال: ((وَتَأْتِي إِلَى النَّاسِ مَا تُحِبُّ أَنْ يَأْتُوهُ إِلَيْكَ)) -فهل تستطيعون أن تُعاهِدوني على هذه يا بُنيّ؟- أيّ أُناسٍ، بأن تحِبّ الخيرَ لكلِّ النّاس ((وَمَا كَرِهْتَ لِنَفْسِكَ فَدَعِ النَّاسَ مِنْهُ)) 14 ، هذا طريق الغنى، وهذا طريقُ رضاء الله، وهذا طريق النّجاح.

 

خالقُ الأرض ومذلِّلُها:

فمالك الْمُلك ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا [الملك: 15] فمَن خلَقَ الأرض، ومَن هو مالِكُها ومَلِكُها؟ الله، وجعل أنهارها ﴿ذَلُولًا وكذلك شمسها وهواءها ونباتها وحيواناتها؛ فخمسين جملًا يَقودُهُم طفلٌ صغير.

﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا [الملك: 15] في أطرافها، فامشوا واشتغِلُوا واعمَلُوا ولا تضيِّعْ وقتَكَ “إنّ الله يَكرَهُ العبدَ البطَّال” 15 ((وإنّ الله يُحِبّ مِن العبد إذا عَمِلَ عمَلًا أن يُتقِنَهُ)) 16 سواء أكان تاجرًا أو صانعًا أو عاملًا أو طبيبًا أو صيدليًّا أو شرطيًّا أو سياسيًّا.

﴿وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ [الملك: 15] فمَن مالكُ الرِّزق؟ ومَن يُخرِجُ الحبَّ مِن التّراب بعدما تذوبُ القمحة، ويخرج منها مئة حبة؟ ومن يجعل نواة التمر بعدما تذوب نخلة ويُخرجُ منها آلافَ الرطب والتمر؟ فكله ملكه، ونحن عبيدُهُ.

لكن هل أنتَ عبدٌ مطيعٌ مُخلِصٌ لسيّدكَ الذي هو أحنّ وأرحمُ بِكَ مِن رحمة كلّ رحيم، وأرحَمُ بكَ مِن رحمة الأمّ بأولادها وطفلها الرضيع؟ فما أمرَكَ بأمر إلّا لإسعادك، وما حرَّم عليك حرامًا إلّا لأنّ فيه شقاءَكَ، ولا تستطيع أن تمشي بصراط الله المستقيم حتّى تتلقَّحَ روحُكَ مِن روحه، وذلك بطريق صِلَةِ روحِكَ به بذكْرِ الله، ففي الصّلاة قال: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ [النساء: 103] فذكرِ الله عزَّ وجلَّ أمْرٌ ليس لك فيه خيار! إن أردت أن تذكره ذكرته وإلا فلا! فذكر الله فرض في كلّ الأوقات، وقد وصف الله عزَّ وجلَّ المنافقين ﴿وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَليلًا [النساء: 142]، ((وإنه لا يَذِلُّ مَن واليتَ)) 17 ، لَمَّا والى العربُ الله وناصَرُوه ودخَلُوا في دِين الله ﴿أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ [المجادلة: 22] فحزبُ الله ليس بالكلام، حزبُ الله بالعلم والعمل، ألم يكن النّبيّ ﷺ مِن حزب الله، وكذلك الصحابة رضي الله عنهم؟ فكان كلّ واحد منهم يُقرَأ القرآن في أعماله وأخلاقه وماله وغضبِهِ ورضاه وأصحابِهِ وأعدائِهِ، فصاروا خير أمّة أخرجت للنّاس.

الأخذ بالأسباب وعلوم الحياة:

﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا [الملك: 15] في أطرافها، فالأوربيّون ذهَبُوا واكتشفُوا أمريكا، واكتشفوا استراليا واكتشفوا اسكتلاندا، ويَكتشفون في الفضاء ويَصعدون، ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ [الروم: 42] سارُوا في الأرض، وفي كل ذلك مستفيدين من الكتب الجغرافيّة التي ألفها المسلمون.. ((وَمَا كَرِهْتَ لِنَفْسِكَ فَدَعِ النَّاسَ مِنْهُ)).. وجمد المشايخ على بعض العلوم “العبادات والمعاملات”، وتركُوا علومَ الحياة، أمّا أولئك فأخذُوا علومَ الحياة وتركُوا الكنيسة؛ لأنّ الكنيسة كانَت تُعارِضُ علمَ الحياة، بينما يجعل الإسلام علومَ الحياة مِن الدّين ومن الإسلام، وأحدُ جناحَي الإسلام ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً [البقرة: 201].

﴿وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ أنتَ في سورة الْمُلك، وأنتَ على مائدة الملك، فإذا وضعُوا لك المائدة، فقل: “باسم الله الرّحمن الرّحيم”، وإذا انتهيتَ مِن الأكل فقل: “الحمد لله”، فنحن نأكلُ مِن رزق الله.

﴿وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ واحسب حساب ﴿وَإِلَيْهِ النُّشُورُ [الملك: 15] سيَنشُر الخلق في مواقف القيامة للحساب، فلا تُنسَ الحساب عند أكلك ولا عند شُربِكَ ولا في بيعك ولا في شرائك.

تهديد المخالفين بعقوبة خسف السّماء:

﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ [الملك: 16] وإذا كنتم تخالَفُون قانون الله فهناك قُوَى الأمن الإلهيّ في السماء، فماذا يملكون مِن الطاقات؟ ﴿أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ [الملك: 16] لا ترى إلّا خسفت وصارَت زلزلةً، وصارت تذهَبُ وتجيء، فكم مِن أقوامٍ وشعوبٍ قد خسف الله بهم، والآثار الآن بالحفريات تظهر مدنًا تحت الأرض، كما خسَفَ الله بِقُرى قوم لوط عليه السّلام، وكما خسَفَ بقارون ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ [القصص: 81] وأمّا قومُ لوط ﴿جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا [هود: 82] ضرَبَها ضربةً واحدة، والله لا يَستعجِلُ يا بُنيّ، فلا تنغر بحِلم الله.

طرفة في دعاء جحا:

اعتدى أحدُهُم على جحا أو ظلمَهُ أو ضربَهُ، فرَفَعَ جُحا يداه إلى السَّماء، قائلًا: “أدعو الله أن يَكسِرُ رِجلك بعد أربعين سنة”، فضحك النّاس كلُّهم، لأنّ الله عزَّ وجلَّ خلق جحا بسّامًا ضحّاكًا مضحكًا، فقالوا: “ما هذه الدعوة يا جحا، أربعين سنة؟” قال: “ما علاقتُكُم فيّ، أنا هكذا عقلي”، لكنّ الرّجل الجائر لم يمشِ خطوتين أو ثلاث حتى داس على قشرة موز فانزلَقَ ووقَعَ وانكسَرتْ رجلُهُ، فجاؤوا وقالوا لجحا: “يا جحا الآن استجاب الله دعوتك، وكُسِرت رجله”، قال: “هذه ليست دعوتي، فأنا دعوتُ الله أن يكسرَ له الثانية بعد أربعين سنة، وهذه دعوة رجلٌ غيري”.

أهميّة عدم الاغترار بحِلم الله:

فلا تغتّر يا بُنيّ بحلم الله! كم مِن ملوك صاروا متسوّلين، أو نُصِبَت مشانُقُهم، أو قُلِعَت أعينُهُم، وهكذا كانت نهاية أغنياء وباشوات ووزراء، فكانوا يَتَمنّون الموت.. فلا تغترَّ بحِلمِ الله ولا بشبابك ولا بمالك ولا بسلطانك.

يوجد ﴿وَإِلَيْهِ النُّشُورُ [الملك: 15]، ويوجد ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ [ق: 18] فعلى أقوالك توجد ملائكة تُسجِّلُها عليك، حتّى رجل المخابرات [رجل الأمن الذي يراقب الناس] معه مخابرات يكتب عليه، لكنّه مسكينٌ لا يَفهم، لأنّه ليس مؤمنًا بالقرآن، ولو آمن بالقرآن لعرف أنَّ عليه مخابرات [ملائكة]، ومخابرات الله [ملائكة الله] لا يَضيعُ عليها شيء، فإذا دخلت إلى البيت فهل رجل المخابرات [الأمن] يَدخلُ بيتك؟ أمَّا مخابرات [ملائكة] الله فتدخلُ عليك، ولا تَكتُبُ إلّا الحقّ، كذلك وهما اثنان، أحدهما يَكتِبُ الخير والآخر يَكتِبُ الشرَّ، وهناك أناسٌ لا يكتبون إلّا الشرّ، أمَّا الخير فلا يَعرفون أن يَكتبوه، فهذا ليس إنصافًا، أمّا مخابرات [ملائكة] الله عزَّ وجلَّ فمعهم شهادة في العدل والحق: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ [الزلزلة: 7]

وليس هناك شيء يَدومُ يا بُنيّ! غدًا عندما يقف الإنسان بين يدي الله، إن كان ملكًا أو كان جمال عبد الناصر أو السُّلطان عبد الحميد أو عبد الملك بن مروان أو فرعون أو شيخًا، فلا يوجَد عند لله صغير ولا كبير ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ [الإسراء: 71] فالذي أخَذَ القرآن بيمينِهِ وبيده اليمنى، عملًا وقوّةً ﴿فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا [النساء: 124].

كيف تكونُ عقوبة الله؟:

﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ [الملك: 16] القوّى والشّرطة الإلهيّة في السّماء.. وهناك بالسّماء قِوى وهناكَ بالأرض قِوى، وإن لم تُرَ، فموجات التّلفزيون هل هي غير موجودة؟ وهل تستطيعُ أن تراها بعينك مِن غير جهاز تلفزيوني مستقبل؟ وموجات الرّاديو هل تستطيعُ أن تسمَعَها بأذنِكَ مِن غير جهاز لاقط؟ وهل تستطيعُ أن ترى الهواء بعينِكَ؟ يُعرَفُ بآثاره: بتحريك الشّجر ويصوته.. وهكذا مالك الملك فعنده قوات في السّماء، ﴿أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُوْر تضطرِبُ ﴿أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا يرجِمُكم بحجارة مِن السّماء كما رَجَمَ قوم لوط، وكما رَجَمَ أصحاب الفيل، ﴿فَسَتَعْلَمُونَ إذا نزَلَ عذابي ﴿كَيْفَ نَذِيرِ [الملك: 17] كيف إنذاراتي! هل أُطبِّقُها أم لا أُطبِّقُها؟

﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [الملك: 18] قبل قريش.

﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ [الملك: 18] كيف كان انتقامي وعقابي؟ فهل أُهمِلُوا، أو نَسِيتُهُم، أو لم أطبق عليهم القانون والجزاء الإلهي؟

فهذه سورة تبارك اسمها سورة الملك، الْمُلْكُ والْمَلِك، المُلك وقانون المملكة، وعلى الإنسان أن يتثقَّفَ بها، وقد سماها النّبيّ ﷺ “الناجية”، تُنجِي مِن المهالك، وسمَّاها “المانعة” تمنَعُ مِن المزالق.

فنسأل الله عزّ وجلّ أن يَجعَلَنا مِن الذين يَستمِعُون القول فيتَّبِعون أحسنه، اللهم اجعِل القرآن نورَ قلوبنا، وحياة عقولنا، ومرائي أعمالنا، حتّى نلقاك وأنتَ راضٍ عنّا.

وصلَّى الله على سيِّدنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم، والحمد لله رب العالمين.

Amiri Font

الحواشي

  1. صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، رقم: (50)، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، رقم: (9). واللفظ: «... أن تعبد الله كأنك تراه...».
  2. المعجم الكبير للطبراني، رقم: (3367)، (3/266)، شعب الإيمان، رقم: (10107)، (13/157)، بلفظ: أَنَّ حارثة رضي الله عنه مَرَّ بِالنَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: ((كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثَةُ؟ )) قَالَ: أَصْبَحْتُ مُؤْمِناً حَقّاً. قَالَ: ((انْظُرْ مَا تَقُولُ: فَإِنَّ لِكُلِّ قَوْلٍ حَقِيقَةً، فَمَا حَقِيقَةُ إِيمَانِكَ؟)) قَالَ: عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا، فَأَسْهَرْتُ لَيْلِي وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ عَرْشَ رَبِّي بَارِزاً، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ يَتَضَاغَوْنَ فِيهَا. قَالَ: ((يَا حَارِثَةُ، عَرَفْتَ فَالْزَمْ)) وفي رواية يعذبون وفي أخرى يتعاوون.
  3. حديث: (علماء فقهاء حكماء كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء) حلية الأولياء، أبو نعيم، (9/279)، و(10/192)، البداية والنهاية، ابن كثير، (7/371)، عن سويد بن الحارث الأزدي. تخريج زاد المعاد، لشعيب الأرنؤوط: (3/587).
  4. رواه مسلم في الصيد، بَابُ الْأَمْرِ بِإِحْسَانِ الذَّبْحِ وَالْقَتْلِ، وَتَحْدِيدِ الشَّفْرَةِ، رقم (1955).
  5. ورد بهذا اللفظ في السنن الكبرى للبيهقي، رقم: (20782)، (10/323)، وهو في الأدب المفرد للبخاري (1/104). وفي مسند أحمد، رقم: (8952)، (14/512)، بلفظ: ((إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ)).
  6. هذا قول معاذ بن جبل رضي الله عنه، أخرجه أحمد (13796) البيهقي في الشعب، رقم: (50).
  7. رواه مسلم في صلاة المسافرين، باب الدعاء، في صلاة الليل وقيامه رقم (771).
  8. سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بسبحانك اللهم بحمدك، رقم: (775)، سنن الترمذي، كتاب أبواب الصلاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، رقم: (242)، سنن النسائي، كتاب الافتتاح، باب نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، رقم: (900)، سنن ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب افتتاح الصلاة، رقم: (804).
  9. حديث: ((إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق أمامه فإنما يناجي الله ما دام في مصلاه ولا عن يمينه فإنّ عن يمينه ملكًا وليبصق عن يساره أو تحت قدمه فيدفنها)) صحيح البخاري، أبواب المساجد، باب دفن النخامة في المسجد، رقم: (406)، صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن البصاق في المسجد في الصلاة وغيرها، رقم: (547).
  10. سنن ابن ماجة، افتتاح الكتاب في الإيمان وفضائل الصحابة والعلم: باب الانتفاع بالعلم والعمل به، رقم: (257)، ولفظه: «من جعل الهموم هماً واحداً، هم آخرته، كفاه الله هم دنياه، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك».
  11. مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: ( 16705)، (4/76). بلفظ: عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَوْ عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ، فَأَخَذْتُ بِزِمَامِ نَاقَتِهِ أَوْ خِطَامِهَا، فَدَفَعْتُ عَنْهُ، فَقَالَ: " دَعُوهُ فَأَرَبٌ مَا جَاءَ بِهِ " فَقُلْتُ: نَبِّئْنِي بِعَمَلٍ يُقَرِّبُنِي مِنَ الْجَنَّةِ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ. قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: " لَئِنْ كُنْتَ أَوْجَزْتَ فِي الْخُطْبَةِ لَقَدْ أَعْظَمْتَ وَأَطْوَلْتَ، تَعْبُدُ اللهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَأْتِي إِلَى النَّاسِ مَا تُحِبُّ أَنْ يَأْتُوهُ إِلَيْكَ، وَمَا كَرِهْتَ لِنَفْسِكَ فَدَعِ النَّاسَ مِنْهُ، خَلِّ عَنْ زِمَامِ النَّاقَةِ".
  12. شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (1642)، (3/273). الطبراني في المعجم الصغير (507)، (1/305) عن أبي هريرة.
  13. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الطائف في شوال سنة ثمان، رقم: (4075)، صحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوى إيمانه، رقم: (1061). بلفظ: ((ألم أجدكم ضلالًا فهداكم الله بي وكنتم متفرقين فجمعكم الله بي وعالة فأغناكم الله بي)) مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (16517)، (4/41).
  14. مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (16705)، (4/76).
  15. المقاصد الحسنة، رقم: (246)، (ص: 209)، بلفظ: إِنَّ اللَّه يَكْرَهُ الرَّجُلَ البطَّال. وفي معناه ما أخرجه سعيد بن المنصور في سننه عن ابن مسعود من قوله: إني لأكره الرجل فارغا لا في عمل الدنيا، ولا في الآخرة، وهو عند أحمد، وابن المبارك، والبيهقي، كلهم في الزهد. وللبيهقي في الشعب من طريق عروة بن الزبير، قال: يقال ما شر شيء. قال: البطالة في العالم.
  16. مسند أبي يعلى، رقم: (4386)، (7/349)، المعجم الكبير للطبراني، (897)، (1/275).
  17. سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، رقم: (1425)، بلفظ: ((عن الحسنِ بنِ عليٍّ رضيَ الله عنْهما، قال: علَّمني رسولُ صلَّى عليْهِ وسلَّمَ كلماتٍ أقولُهنَّ في الوترِ، - قالَ ابنُ جوَّاسٍ: في قنوتِ الوترِ اللَّهمَّ اهدِني فيمن هديت، وعافِني فيمن عافيتَ، وتولَّني فيمن تولَّيتَ، وبارِك لي فيما أعطيتَ، وقني شرَّ ما قضيتَ، إنَّكَ تقضي ولا يقضى عليْكَ، وإنَّهُ لا يذلُّ من واليتَ، ولا يعزُّ من عاديتَ، تبارَكتَ ربَّنا وتعاليتَ)). سنن الترمذي (464)، سنن النسائي (1745)، سنن ابن ماجه، (1178).
WhatsApp