تاريخ الدرس: 1981/03/31

في رحاب الآداب والأخلاق

مدة الدرس: 01:15:41

في رحاب الآداب والأخلاق (108): حال المؤمن في صلاته (2)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصَّلاة والسَّلام على سيِّدنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

أجر الخشوع في الصَّلاة

قال سيدنا رسول الله ﷺ: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ فيهما على الله بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ إِلاَّ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ))، والحديث الثاني: ((لاَ يَسْهُو فِيهِمَا، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))، والحديث الثالث: ((لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ)) فنستطيع أن نجمع الأحاديث الثلاثة بقوله: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ فيهما على الله بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ ولاَ يَسْهُو فِيهِمَا، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ووَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ)) 1 .

من الأفضل جمع هذه الأحاديث وعدم تكرار العبارات حتَّى نختصر الطريق على القارئ، وفي الحديث الرابع قال: ((وَلَا تَغْتَرُّوا)) 2 ، هل تظن أنه إذا اجتمع قلبك على الله عزَّ وجلَّ بركعتين غُفر لك وانتهى الأمر؟ أو أن ذنوب عشر سنوات تُغفر بصلاة ركعتين، أو أن تعمل عملاً كبيراً ثم تصلي ركعتين، وتظن أن المغفرة قد تمت! وبعد أن سَبَبْتَ هذا واغتبت هذا وأكلت المال الحرام ثم تمحى كل هذه السيئات بركعتين؟

ركعتان على ما أرادهما النَّبي ﷺ تفعلان الكثير

والحقيقة -يا بنيَّ- إذا كانت الصَّلاة كما أرادها النَّبي عليه الصلاة والسلام؛ أي أن يصلي المصلي الركعتين ولا يحدث فيهما نفسه ويقبل فيهما على ربه، فإن هاتين الركعتين ستطهران القلب من ميول النفس نحو المعاصي، وستتركان أثراً في القلب إلى مدة بحسب استعداد المصلي الروحي والقلبي، وتجعلانه ميالاً نحو الله تعالى ونحو مرضاته، وتجعلانه نفسياً بعيداً عن النقائص والرذائل والآثام والمعاصي، ولكن عندما يسمع المسلمون مثل هذه الأحاديث يظنون أن صلاتهم هي التي أرادها النبي ﷺ، لا ليست هذه الصلاة؛ وإنما المقصود الصَّلاة التي أرادها النَّبي ﷺ، فكان الصحابة رضوان الله عليهم يحسنون الصلاة ببركة الصحبة وبقوة المرشد الذي كان يحدو بهم.. فعندما يمشي الحادي أمام القافلة وهو يغني تسرع الجمال الخطى لأن الجمال تحب الطرب.. فكان النَّبي ﷺ حادي القلوب والأرواح حتى تسرع السير نحو الله عز وجل، لذلك كانوا يحسنون الصَّلاة، رغم كل هذا قال مخاطباً أصحابه: ((وَلَا تَغْتَرُّوا))؛ لأن الموفق دائمًا يحب الزيادة من الخير ويستكثر القليل من الشر، ومع أن النَّبي ﷺ كان يصلي هاتين الركعتين وقد غفر الله عزَّ وجلَّ له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، رغم ذلك لم يتجرأ ﷺ على أن يؤدب الخادمة بالسواك.

فهم الحديث يحتاج إلى شيخ

يوجد أناس يحسنون استعمال المال وآخرون يسيئون استعماله، وأحدهم يحسن فهم الحديث ويستعمله بأحسن استعمالاته، وآخر يسيء فهمه، لذلك لا بد من الشَّيخ أو بتعبير آخر لا بدّ من المربي.. فمن غير الممكن أن يكون بناء بلا بنّاء، ولا أن تطير الطائرة بلا قائد.. والمسلمون الآن مثل الأرض الزراعية الجيدة التي فقدت مزارعها فأنبتت الحشائش وأنبتت الأشواك.. فأرجو الله يهيئ للمسلمين من يعيد في قلوبهم وحياتهم بناء إسلامهم ويجدده.

صلاة الملائكة على المصلي

وقال ﷺ: (( الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَادَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِا مَا لَمْ يُحْدِثْ أو يقم، اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللهُمَّ ارْحَمْهُ)) 3 ، وهذا تفسير لصلاة الملائكة: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبي يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [سورة الأحزاب: 56]، الصَّلاة من الله عزَّ وجلَّ رحمة ومن الملائكة استغفار ومن الإنسان دعاء، فصلاة المؤمنين على النَّبي ﷺ تعني الدعاء له وإذا كانت من الملائكة فهي الاستغفار له، وإذا كانت من الله عزوجل تعني إنزال رحمته عليه، فما هي هذه الرحمة؟ هي نور وعلم وحكمة ووحي، فتشمل كل ما يحقق السعادة ويقرب من الله عز وجل، فمعنى ذلك أن الصلاة انشغال بالله عزَّ وجلَّ وإقبال عليه، والصلاة هي الوِرْد.

الصَّلاة هي الرأس بالنسبة لسائر الأعمال

الصلاة هي الورد في حياة النَّبي ﷺ وبانقضائها يدخل في الورد الثاني كما في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاة فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ [سورة النساء: 103]، هذا هو الإسلام الروحي والارتباطي بين الإنسان والله عزَّ وجلَّ، ونسبة هذه المرحلة من الإسلام إلى عموم الإسلام كنسبة الرأس إلى الجسد، فإذا لم توجد الصَّلاة التي هي صلاة الذكر وصلاة الإقبال على الله والتوجه إليه مع مواصلة الذكر بالصَّلاة فإن رأس الإسلام يكون مقطوعاً حتى لو وجد الصوم والحج وسائر أعمال البر، وإذا لم توجد الصَّلاة بهذا المعنى فسيكون الإسلام جسداً بلا رأس، لأن مقر الروح في الدماغ، ومعنى ذلك؛ أنه لا حياة فيه وإنما هو إسلام ميت.

أزمة افتقاد المربي

ولذلك نجد المسلم الذي لم يتربَ عند الشَّيخ المربي أو الشيخ الصوفي الحقيقي الذي هو عِلْم لإحياء علوم القرآن والسنة نجده لو صلى يغتاب ويكذب ويأكل الحرام وحقود ومعجب بنفسه ومتكبر وغشاش، وتجد صلاته روتين أو طقوساً أو شيئاً تقليدياً أو عادة، وهي مثل من يشتري المسبحة ليلعب بها، والمسبحة ليست للعب.. لذلك أنا واثق كل الثقة كما أراكم وتروني إذا المجتمع الإسلامي استطاع أن يخرج العالم الشَّيخ المربي المرشد الحكيم فلن تنتهي أزمة المسلمين فقط وإنما ستنتهي أزمة العالم، فالعالم الآن مشرف على الهلاك والدمار والفناء ولن ينقذه إلا الإسلام، ولكن الإسلام الذي عرفه النَّبي ﷺ والذي أنزله الله عزَّ وجلَّ بالوحي، وهذا الذي نحن في أزمة فقده؛ ولذلك انقلبت الحياة إلى شقاء، وصار الاستمرار معرضاً للزوال والدمار.. ولذلك أنتم -يا طلاب العلم- ثقوا وتأكدوا أن الإسلام هو إسلام العلم: ﴿وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ [سورة النساء: 113]، أنزله الله عزَّ وجلَّ؛ وعلمك: أي أن الله هو سيكون معلمك، ولكن على أن ترتبط به، فإن لم تدخل في مدرسته ولم تتصل به ولم تضعه في المقام العالي وأنت في المقام الداني، فكيف سينزل عليك؟ وأما إذا وضعت الدنيا في المقام العالي وأنت تركض وراءها وتلهث فلن ينزل عليك إلا الهموم والأكدار والأحزان.

النجاح بالعلم وبعده بالحكمة

لا يكون العلم ناجحاً إلا بروحانيته، فيجب على طالب العلم بعد العلم والقلب والفهم والدراسة أن يتوج كل ذلك بالحكمة؛ والحكمة حكمتان: قولية وعملية؛ فالحكمة القولية: أن لا تنطق إلا بالصواب وعن علم وفهم، ولا تتكلم إلا بما فيه صلاح وخير، وأما الحكمة العملية: فهي أن تكون كل أعمالك منطبقة على الحكمة وكلها صواب، وكذلك كلها منتجة ونافعة وصائبة، فعندما تدخل المعركة تحقق النصر لأنك قد أوتيت الحكمة، وتدفع عدوك بالتي هي أحسن وتحقق أطيب النتائج، وإذا كنت طبيباً وتريد أن تجري عملية كان عندك النطق والفهم الحكيمين، قال تعالى: ﴿يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ [سورة يس: 1-2].

تحتاج الأمة اليوم إلى الحكمة

فالحكمة هي زبدة الإدراك ونضج العقل بأوسع أبعاد النضج؛ وهي عكس الحمق والنزق والاستعجال وعدم التفكر وعدم التخطيط والتكلم بالأهواء والتدخل في الأمور بلا دراسة.. هذه الحكمة موجودة الآن عند الشعوب الراقية الأوربية الأميركية اليابانية، أما المسلمون اليوم فليس عندهم حكمة، فقد قاموا بأربعة حروب، رغم أننا صمدنا في الحرب الأخيرة، ولولا تدخل أميركا كانت نتائجها حسنة جداً، ولكن لو كنا نملك الحكمة لكانت نتيجتها العملية غير ذلك؛ لأننا لم نحرر الأرض، وإنما أخذوا قناة السويس وأرض سيناء الكبيرة، فالحكمة في الحرب تستوجب أن نفكر بأميركا ونفكر بمن وراءها الحلف الأطلسي، لأننا نحن الآن في حرب صليبية مستترة مظهرها يهودي وحقيقتها يهودية وصليبية، فيجب أن تفكر بعدوك وسلاحه، عند ذلك يمكن أن تكسب المعركة والنصر بأقل الكلف.. لم يرد النَّبي ﷺ الحرب في حروبه الخمسة المشهورة وكان يتحاشاها حتَّى يتفادى الخسائر، وكان ﷺ في كل الغزوات والسرايا يسمع بأنه ستحدث حرب فيتجهز لها ويواجهها عندما تكون بذرة، وتكون القلعة مبنية بناءً حديثاً من الإسمنت فيهاجمها مباشرة قبل أن تجف، ومعنى ذلك أنها ضعيفة، ويمكن بجهد قليل أن يقضي عليها، ولم يكن يتركها ثلاثين سنة حتى تجف ولا تؤثر بها المدافع، ثم بعد ذلك ينزل إلى المعركة، بل كان يقطع رأس الزعيم اليهودي في وسط قلعته، ويرسل له كوماندوز [رجل فدائي شجاع] على مسافة عشرة أيام بعد أن يرتب لهم الخطة، فقد اغتال النَّبي ﷺ أكثر من ابن غوريون [رئيس وزراء إسرائيلي]، وقتل اثنان أو ثلاثة أو أربعة كلهم على شاكلة ابن غوريون، يرسل لهم كوماندوز من رجلين أو ثلاثة أو أربعة بدلاً من أن يرسل لهم أربعة أو خمسة آلاف جندي، ويكون العدو مستعداً للمعركة، والله أعلم بالنتائج، فكان يقطع رأس الحيّة فقط، حتى لو كان طولها طول مأذنة فلا يعد لها قيمة.. وهذه من الحكمة.

الحكمة تكون في كل عمل من أعمال الحياة

إذا لم يكن الشَّيخ حكيماً وكذلك إذا لم يتعلم طالب العلم الحكمة فماذا يتعلم في كلية الشريعة والأزهر؟ هو يتعلم القشر فقط، مع أنك لن تصير فستقاً لولا قشر الفستق؛ لأن الفستق يخرج من التراب، وكذلك الجوزة لو لم يجعل الله لها قشرتان لكانت أكلتها الغربان.. فالحكمة ليست فقط في بناء الإسلام، بل يجب أن تكون في كل عمل من أعمال الحياة، ولذلك قال الله تعالى: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا [سورة البقرة: 269]، فالحكمة تكون إيتاءً وتكون بالتوجّه إلى الله عزَّ وجلَّ، وهي من جملة ما ينزل على المصلي من الرحمات، ﴿وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وهذه تكون بالإقبال على الله عزَّ وجلَّ، فهل أقبل الصحابة على الله بغير صحبة رسول الله ﷺ، وبغير المعلم؟ هذه لا تكون أبداً، فأزمة المسلمين الآن بل أزمة العالم هي فقد المعلم أو الشَّيخ- الذي يسمى الآن شيخاً- أما في زمن النَّبي ﷺ كان يسمى عالماً، وقد رباه النَّبي ﷺ، وقال: ((عُلَمَاءَ حُكَمَاءَ أُدباءَ، كَادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء)) 4 ، ومن يجمع هذه الصفات الثلاث صار بنّاءً، لأنه يستطيع أن يبني أمة، أما إذا قرأ الفقه والأصول والنحو والفقه فهذا شيء حسن وأساسي ولابد منه، ولكن هذا هو ربع المشوار [الطريق]، فإذا اقتصر عليه كمن اقتصر على قشرة الجوز التي هي من بناء الجوزة فلن يستفاد منها شيئاً، مع أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يقرؤوا كتاباً ولكنهم فتحوا كتاب قلوبهم وسلموه للنبي ﷺ فكتب فيها العلم والحكمة والنور والحضور وجعلهم مع الله عزَّ وجلَّ فصاروا يستمدون من الله ومن حوله وقوته وعلمه وحكمته كل شيء.

أثر الصَّلاة على المصلي

وقال ﷺ: ((يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ)) 5 ، يتعاقبون فيكم ملائكة: هذه على لغة “أكلوني البراغيث” فالملائكة هي الفاعل، والواو في “يتعاقبون” علامة للجمع.. أتيناهم وهم يصلون: لكن أي صلاة؟ الصلاة التي قال الله عنها: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ [سورة المؤمنون: 2]، وكذلك التي تنهاهم عن الفحشاء والمنكر: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر [سورة العنكبوت: 45]، والتي في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا، وَإِذَا مَسَّهُ الخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّين [سورة المعارج: 20]، لا يمنع المصلي الخير إذا ملكه ولا يجزع من الشر إذا أصابه.. كان على العلماء عندما ذكروا شروط الصَّلاة أن يذكروا هذه الشروط، ومنها شرط: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [سورة الأعلى: 14-15]، “ذكر اسم ربه” ثم بعد ذلك “فصلى”، هذه الشروط السابقة التي ذكرت مثل شروط الصلاة التي في قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ [سورة المائدة: 6]، فهذا هو الفقيه وغير ذلك فليس بفقيه، و((لفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد)) 6 ، وإذا كان الفقيه يعين الشيطان على الصد عن الله والغفلة عن الله فأيّ فقيه هذا؟ هذا يسمى مثل ما قال سيدنا عمر رضي الله عنه وعن أمثاله: “فقيه اللسان جهول القلب”.. فلا تغتروا -يا بني- بعماماتكم ولا بلحاكم ولا بكتبكم ولا بدروسكم، وإذا وصلتم إلى هذا الفقه ترون أن ما أنتم فيه ليس بشيء، إنما هو: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [سورة يونس: 58].. وأرجو أن نكون من أولئك الذين تقول فيهم الملائكة: أتيناهم وهم يصلون- الصَّلاة الحقيقية- وتركناهم وهم يصلون.

معنى التحيات في الصَّلاة

وقال ﷺ: ((يَعْجَبُ رَبُّكَ مِنْ رَاعِي غَنَمٍ فِي رَأْسِ شَظِيَّةِ الْجَبَلِ -على رأس جبل وعلى طرف صخرة- يُؤَذِّنُ للصَّلاَةِ وَيُصَلِّي)) 7 ، فكان راعي الغنم عندما يصلي لا يصلي كصلاتنا، لأن صلاتنا كلها بيع وشراء وخصومات وغفلة وأكل وشرب، ففكرك في أثناء الصَّلاة ليس مع الله، فلا أنت معه حين تناجيه بقرآنه، ولاحين تناجيه بتسبيحه وتكبيره، ولاحين تسلم عليه وتحييه.. فالتحيات معناها؛ أنك تسلم على الله، كما يقولون: “بلغوا فلان تحياتنا” يعني قولوا: التحيات أي: السَّلامات والمراحب والأشواق والحنين، “التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله” ثم “السَّلام عليك أيها النَّبي”، إذا كنت تقول السَّلام على النَّبي ﷺ فقد يكون حاضراً وقد يكون غائباً، أما عندما تقول السَّلام عليك معنى ذلك أنه حاضر معك، فهل تشعر بتوجه روحك إليه وأنه بمقابلة قلبك تسلم عليه؟ وأنه موجود أمامك تقول له: “السَّلام عليك أيها النَّبي”، فإذا حصل ذلك معك تكون قد استشعرت روحانية النَّبي ﷺ، وهذا يسمونه رابطة، ولكن لا تقل رابطة، والأفضل أن نرجع إلى هدي القرآن، وهذا أنفع لكم وأنفع لدعوتكم إلى الله وأقرب لفهم النَّاس، “السَّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين”، ثم عندما تصلي على النَّبي ﷺ وسيدنا إبراهيم عليه السَّلام يجب عليك أن تستحضر روحهما حتَّى تسري فيك صفاتهما وأخلاقهما وأعمالهما، فتصير إذا أحببت سيدنا إبراهيم عليه السلام وارتبط قلبك بحبه تعمل عمله عندما قال الله له: اذبح ولدك، فأراد ذبحه مع أن الله لا يأمر بالفحشاء ولا بالسوء، ولكن ليوصله لهذا المقام، فكان مقصود الله عزَّ وجلَّ أن يخرج حب ولده من قلبه ولا يبقى إلا الله عزَّ وجلَّ، فالمتعلق بالله المحب له يترك في سبيل محبوبه كل شيء سواه، هذا إذا كان محبًا صادقًا، فعليك أن تتذكر سيدنا إبراهيم عليه السلام ودعوته إلى الله وكيف كسر الأصنام وتَعَرَّض للموت، واقتحم النيران في سبيل الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ ولم يبالِ ولم يتلجلج.

الفقه الحقيقي

فهذا هو الفقه، وهذا الفقيه الذي يفقه الفقه، وليس الفقه بأن تفقه كيف تضع قليلاً من الماء من أصابعك إلى كوعك ومرفقك.. مع أن تعلم هذا شيء حسن، وكذلك الروسي يغتسل من رأسه لرجليه واليهودي الصهيوني والمجوسي والبوذي والياباني أيضاً، هل هذا هو الفقيه؟ وهل هذا هو الفقه؟ لا، إنما هذا جزء من الفقه المتعلق بالجسد، ولكن أين هذا الفقه الذي يتعلق بالروح وبالعقل وبالحكمة وبالأخلاق وبالأعمال وبالسلوك وباقتفاء خطى النَّبي ﷺ في مسيرة الحياة وبناء الإسلام، وإذا لم يكن لديك طاقة روحانية أو قلبية ربانية مع الله فلن يأتيك التيار منه.. فإذا تم تمديد الأشرطة والثريات والغسالات والبرادات ومعامل النسيج والإنتاج، ولكن تيار الكهرباء مقطوع فما الفائدة؟ فالشريط الذي يوجد به تيار والذي ليس به تيار لِلْعَيْن والمشاهدة كبعضهم البعض، كذلك صلاة الغافل كصلاة الذاكر، وحج هذا كحج هذا، ولكن الفرق بينهما هو الفرق بين الميت والحي، وبين الأرض والسماء، فالذاكر ينزّل الله عليه من العلم اللدنّي والحكمة: ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ [سورة النساء: 113]، وإذا قاتل: ﴿فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ [سورة الأنفال:17]، وعند الصبر يصبر، وما صبره إلا بالله، ويتحقق فيه قول الله عزوجل في الحديث القدسي: ((كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ)) 8 .

عظمة الصَّلاة

الصَّلاة أمر هائل وعظيم، لكن الصلاة التي قال الله عنها: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي [سورة طه: 14]، والتي ذكر فيها الغاية والهدف والتي هي الذكر والحضور، ومع ذلك قال: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ [سورة العنكبوت: 45]، لأن الصَّلاة تعطيك الربع وأما الذكر فيعطيك ثلاثة أرباع.. فإذا كانت الصلاة محرك السيارة فبقية أجزائها ماذا تكون؟ فالذي نسميه الفقه هو جزء، والجزء غير الكل، كما لو أننا أتينا لك من العروس برأسها، ووضعناه على كرسي العروس في زفافك، أو أتينا بجسمها من غير رأس، وكان الفصل شتاء ودرجة الحرارة صفر، ووضعناه لك في الفراش، حتى لو وضعنا كرة مكان الرأس ووضعناه تحت اللحاف، فإذا دخلت الفراش ورأيت هذا المنظر ستصاب بالفالج، فإذا كان إسلامك يصيب بالفالج وإيمانك يجعلك تجمد في مكانك، فأي إسلام هذا؟ الإسلام هو إسلام الروح والقلب والحياة، أين إسلام العمل يا بنيَّ؟ يجب عليك أنت كمسلم أن تقيم الإسلام في كل الدنيا ليس في بلدك فقط، ترى الآن الشَّيخ في جامعه عندما ينتهي من الصَّلاة يأخذ حذاءه ويذهب فوراً قبل الناس ودون أن يصلي السنة، هل هذا شيخ؟ لذلك ليس من الظلم أن يبقى جائعاً عرياناً ذليلاً ليس له قيمة في المجتمع ولا أحد يشعر به، يجب على الشَّيخ أن يهز الدنيا والقلوب ويملأها بالنور والهدى ويملأ العقول بالعلم والحكمة، وأن تكون حياته كلها إنتاج، هذا هو الشيخ الحقيقي الذي إذا ذهب إلى باريس أو إلى ألمانيا أثر في الناس، وتعبير ثانٍ هذا هو المؤمن والمسلم، فالعلم جزء من الإسلام، والحكمة جزء منه، وتزكية النفس جزء منه، كذلك: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [سورة الأحزاب: 21].

رسول الله ﷺ هو القدوة

إذًا يجب عليك أن تعمل كل ما عمله النَّبي ﷺ، فالنَّبي ﷺ تزكى، فهل تزكيت حتى تزكي غيرك؟ وهل تطهرت حتى تطهر؟ وهل صرت حكيمًا حتَّى تعلم الحكمة؟ فأنت لا تعرف من الحكمة شيئاً.. يجب أن يكون العالم وقوراً خلوقاً، ليس لسانه عفيفاً عن اللغو فقط وإنما عينه كذلك عفيفة عن اللغو فلا ينظر نظر لغو، ولا يسمع سماع لغو، ولا ينطق نطق لغو ولا يعمل عمل لغو، فتراه يعمل بكليته على بناء إيمان القلب وبناء الحكمة والعقل بالعلم، هذا هو الشَّيخ، وإذا كان كذلك فالدنيا كلها بحاجة له، فإذا قعد مع الروسي أو الألماني أو الشيوعي أو الطلياني أو اليهودي أو مع كل الخلق سيكون ناجحاً.

الراعي المصلي على جبل

وبالعودة لهذا الراعي الذي هو موضع إعجاب الله عزَّ وجلَّ في قوله ﷺ: ((يَعْجَبُ رَبُّكَ مِنْ رَاعِي غَنَمٍ فِي رَأْسِ شَظِيَّةِ الْجَبَلِ يُؤَذِّنُ بِالصَّلاَةِ)).. فإذا كان الولد موضع إعجاب الوالد فكم هو محبوب لوالده؛ لذلك يكون موضع عنايته ورعايته ومعونته ومساعدته ورضاه وقربه! قال: رغم كونه مع غنمه في رأس الجبل لم ينسَ صلاته وقعد على شظية حتَّى يرى عظمة الله في عظمة خلقه وعظمة كونه، ((يؤذن للصلاة-ويُعلم بدخول الوقت- وَيُصَلِّي، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِى هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلاَةَ، يَخَافُ مِنِّي- يمتثل أمري لا ينسى واجباته نحوي- قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ)) 9 ، فإذا كنت في البرية أو في سفر وصار وقت الصَّلاة قم فأذن، ((فلا يصل صوت المؤذن إلى رطب ولا يابس إلا يشهد له بالحق يوم القيامة)) 10 .

الذهاب إلى العبادة متطهراً وبنية خالصة

وقال ﷺ: ((مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْته مُتَطَهِّرًا)) -من أوساخ الجسد ومتطهراً من أوساخ النفس، ليس في قلبه غش على إنسان أو نية بمعصية، وليس في قلبه اتجاه إلى حرام أو إلى صحبة أشرار، وكذلك متطهراً في بيته- ((إِلَى صَلَاة مَكْتُوبَة فَأَجْره كَأَجْرِ الْحَاجّ الْمُحْرِم))، هناك أناس يفرحون بالحج والعمرة، وهذا شيء جميل، ولكن والله -يا بنيَّ- لو عرفوا الحقيقة لاتجهوا أولاً إلى الشَّيخ، ولازموا وصاحبوا الشَّيخ وتربوا عنده حتَّى يكمل إيمانهم العلمي والقلبي والأخلاقي والسلوكي، ثم بعد ذلك يذهبون إلى الحج والعمرة.. لم يحج النَّبي ﷺ إلا حجة واحدة وفي آخر عمره قبل وفاته بشهرين، أليس كذلك؟ لأنه عندما رجع من الحج مرض وكانت وفاته، معنى ذلك أنك يجب أن تهتم بالأشياء التي يجب أن تكون قبل الحج وتؤخر الحج، فلا تحج حتَّى تستكمل كل إسلامك، والذين يجعلون من الحج رحلة سياحية واستجمام وراحة وعدّاداً ليعدوا به عدد حجاتهم [صاروا سبعة، وثمانية]، فعليهم أن يبحثوا عن شيخ يعلمهم، فهؤلاء لم يعرفوا الوضوء ولا الطهارة بعد.

الجمع بين طهارة الجسم وطهارة القلب

قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [سورة البقرة: 222]، انظر كيف جمع الله عزَّ وجلَّ بين طهارة الجسم وطهارة القلب، قَالَ: ((مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ، وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيح الضُّحَى))– المقصود من التسبيح صلاة الضحى- ((لاَ يُنْصِبُهُ إِلاَّ إِيَّاهُ)) -أي لا يدفعه إلى العمل إلا أن يصلي مع النَّبي ﷺ في مسجده، هذا في حياته، وبعد النَّبي ﷺ مع نائب وخليفة ووارث النَّبي ﷺ، قال: ((فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ، وَصَلاَةٌ عَلَى إثْر صَلاَةٍ لاَ لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ)) 11 ، ما معنى لا لغو؟ أي أن هذا المعتكف في المسجد لا يتكلم بكلام الدنيا ولا ينظر إليها، ولا يسمع كلام اللغو في المسجد، فهو مشغول بالله وبما يقربه من الله، فأخذ ثواب حجة وعمرة، ولكن لا يسقط عنه الفرض بهما.

الاعتكاف بين الصلاتين

وقال النبي ﷺ: ((مَنْ صَلَّى وَجَلَسَ يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ لَمْ يَزَلْ فِي صَلاَتِهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ الصَّلاَةُ الَّتِي تُلاَقِيهَا)) 12 ، فانتظار الصَّلاة الثانية عبادة، وليس ذلك للقاعد الذي لا يفعل شيئاً، لأن الله يكره العبد البطال، ولا الذي يعمل عمل لغو لا نفع فيه، ولا ذاك الذي يشتغل بالمسجد بأمور الدنيا، وإنما يشتغل بالله عزَّ وجلَّ، فكان أهل الصفة وعددهم تقريباً أربعمائة صحابي، كانوا معتكفين دائمًا، فإن كان مجلس علم وفقه جلسوا، وإن كان جهاد ونضال حملوا سلاحهم وجاهدوا، فكان المسلم بين الجهاد الأصغر والجهاد الأكبر.

أهمية شيخ الجامع

أين مجتمعنا الإسلامي الآن؟ وأين مسجدنا؟ نقول: عمرنا مسجداً، ما هو المسجد وأين المسجد؟ لا يوجد مسجد، يوجد جدران وسقف فقط، وفيه إمام جاهل بالله، ليس هو من الذين: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ [سورة المؤمنون: 3]، ولا هو من الذين: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ [سورة المؤمنون: 2]، ولا من الذين قال الله عنهم: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة  [سورة الأحزاب: 21]، فإذًا: لا يوجد جامع، فقد كانوا يصلون على التراب في جامع النَّبي ﷺ، لأنه لم يكن فيه حصير ولا سجاد، وكان سقفه من جريد النخل، وجدرانه من اللبن المصفوف بعضه فوق بعض، هذا المسجد الذي أسس على التقوى والذي أوصل الإسلام إلى إندونيسيا وأميركا، فالمسجد ليس بجدرانه؛ وإنما هو رجل وإمام المسجد، وكانوا قد سلموه رئاسة الدولة؛ لأنه كان يحمل العلم والحكمة، قالوا: “من رضيه رسول الله لديننا أفلا نرضاه لدنيانا”، هذه قيمة المسجد، المصانع التي تربي الإيمان كالمصانع التي تصب مادة الحديد المكون من عدة مواد حتى يصبح فولاذاً، فإذا وضع مادة واحدة فقط خرج بمادة كالرمل غير المتماسك ولم يخرج بالفولاذ.. فاليوم الذي يوجد فيه العالم الحقيقي هو يوم ولادة الإسلام الحقيقية في عصرنا الحاضر -وأرجو من الله أن يرحم عباده.. فإذا رأيتم العاصي أو الفاسق أو الملحد فلا تبغضوه ولا تعادوه فهذا مريض، فهل أنت له طبيب؟ أم أنت سبّاب وشتام؟ إذا جاء من في عينه رمد إلى الدكتور فشتمه وسبه، أو جاء من معه استسقاء فوبخه وقال له: لماذا بطنك كبيرة هكذا، ألا تستحي من نفسك يا قليل الأدب، أو إذا كان أحدهم مصاباً بالكوليرا، يخرج ما في بطنه من أعلى جسمه وأسفله، فجاء إلى الطبيب وقال له: يا قذر يا وسخ يا قليل الدين، لماذا تلوث الأثاث؟ فهل هذه هي وظيفة الطبيب؟ هكذا يفعل المشايخ الآن، يُكفرون النَّاس، ومن هؤلاء الآن أحد كبار المشايخ في العالم العربي ممن يدرِّس في جامعاتهم، وقال لي: يوجد معنا سلاح رهيب ضد من يخالفنا، قلت له: وما هو؟ قال: أن نكفِّره مباشرة.. هل هذا عقل إسلامي؟ وهل هذه تقوى إسلامية؟ أهكذا يقام الإسلام؟ ولذلك ترى شيخاً وقد صار عمره ثمانين سنة لم يستطع تربية طفلٍ صغيرٍ على الإيمان، وإنما يأخذ رواتب فقط، ويلقي محاضرات في الجامعات ويهتم بالفقه إسلامي.. ونسأل الله أن يعفو عنا.

التدريب على الخشوع في الصَّلاة

وقال ﷺ: ((إِنَّ الْمُسْلِمَ يُصَلِّي وَخَطَايَاهُ مَرْفُوعَةٌ عَلَى رَأْسِهِ، كُلَّمَا سَجَدَ تَحَاطَّتْ، فَيَفْرُغُ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ صَلاتِهِ، وَقَدْ تَحَاتَتْ خَطَايَاهُ)) 13 ، عندما يصلي المصلي يأتي الله بكل ذنوبه ويضعها فوق رأسه، ولكن هذا الذي يصلي الصلاة الحقيقية صلاة الحضور والإقبال على الله عزَّوجلَّ والتوجه إليه والخشوع في الصلاة، ولكن هذا يحتاج إلى تدريب.. فهل يأخذون الجندي إلى الجبهة قبل أن يدربوه؟ فإذا كنت تريد الخشوع في الصَّلاة والخشوع بحضور القلب مع الله فتعلَّم الحضور مع الله عزَّ وجلَّ وقل: “الله.. الله” حتَّى تذكِّر قلبك بحضوره مع الله وحتَّى تشعر بمجالسة الله، فإذا صليت تكون متمرناً ومتدرباً، ويكون قلبك فوراً متوجهاً إلى كعبة القلوب.

فهكذا يجب أن تتعلموا الصَّلاة، وهكذا يجب أن تعلموها للناس، ويجب أن تكون مسبوقة بالتزكية؛ يعني بالتوبة والإنابة، فهذه الصَّلاة هي المدرسة التي تعلمك العلم والحكمة وتجعلك داعية إلى الله وأستاذ أخلاق وتربية وعقل وعلم وحكمة.. لم يكن عند الصحابة مكتبة ولا كتب، كانت قلوبهم هي كتبهم وكانت محبتهم لرسول الله ﷺ هي طاقتهم الحيوية الروحانية، فقد كان أحب إليهم من آبائهم وأبنائهم وأموالهم ونسائهم، فأين حبك لوارث النَّبي ﷺ؟.. فابحث -يا بني- عن وارث للنبي ﷺ، ابحث عن الموجود؛ ولو وُجِد ربع أو نصف وارث.. يعني إذا لم تجد في البيت إلا الخبز اليابس فهل تنام بلا أكل؟ فهذا هو الموجود.. وإذا صدقت بالطلب فما خلا الله عز وجل الأرض من حجةٍ له يقيمها على عباده.

الصَّلاة قرع لباب الله عزَّ وجلَّ

وقال عليه الصَّلاة والسَّلام: ((وإنَّ المصلي ليَقْرَعُ بَابَ الْمَلِكِ، وَإِنَّهُ مَنْ يُدم قَرْعَ الْبَابِ يُوشِكُ أَنْ يُفْتَحَ لَهُ)) 14 ، فعندما يصلي المصلي فهو كالشخص الذي يدخل على ملك من الملوك ويطرق الباب ليدخل في حضرته وليكون من جلسائه وليُفاض عليه من خزائنه وعطاياه، فقرع باب الله عزَّ وجلَّ يكون بتوجه القلب إليه ذكراً وحضوراً والعقل فكراً وإصغاءً، فإذا توجه قلبك إلى باب الله وحضرته ودمت في هذه التلاوة مع الحضور، قال: ((يُوشِكُ أَنْ يُفْتَحَ لَهُ))، هذا الفتح؛ هو فتح باب العلم اللدنّي والحكمة والنور والهدى والمعونة والتأييد والعز والنصر والمجد، وهذا هو الفقه في الدين، فلا تظن أن الفقه هو “أركان الوضوء ستة، وأركان الصَّلاة سبعة عشر”، هذا من الفقه، وهذا الفقه الخارجي البراني، وفي الحديث النبوي: ((مَنْ أَصْلَحَ جُوَّانِيَّهُ أَصْلَحَ اللَّهُ بَرَّانِيَّهُ)) 15 ، قال: ((وإنَّ المصلي ليَقْرَعُ بَابَ الْمَلِكِ)).. قُدم للنَّبي ﷺ ثوباً مخططاً فخلعه بعد الصَّلاة وقال: ((شغلني عن صلاتي)) 16 ، فإذا كان السُّجّاد [البساط] الذي تصلي عليه منقوشاً وملوناً فأغمض عينيك؛ لأن بعض الفقهاء قالوا: بتغميض العينين، وبعضهم كره ذلك، ولكن إذا كان تغميض عينيك يعينك على الخشوع فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

الصَّلاة قرة عين الخاشع

وقال ﷺ: ((مَوْضِعُ الصَّلاةِ مِنَ الدِّينِ كَمَوْضِعِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ)) 17 ، أي الصَّلاة التي قال الله عنها: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [سورة العنكبوت: 45]، وصلاة: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ [سورة المؤمنون: 2]، ((وصلاة الرجل نور في قلبه، فمن شاء منكم فلينور قلبه)) 18 ، فأين هذا النور؟ لا يوجد اليوم عند أكثر المصلين نور.. وقال عليه الصلاة والسلام: ((وَجعلت قُرَّة عَيْني فِي الصَّلَاة)) 19 ، تقر العين بلقاء أحب المحبوبات إليك، فإذا جمعت لعاشق المال كوماً من المال ألا تقر عينه بذلك؟، وإذا جمعت عاشق العروس بعروسه قرت عينه، وإذا جمعت الأم الوالدة برضيعها تقر عينها، وأما المصلي الحقيقي كما قال النَّبي ﷺ: ((وَجعلت قُرَّة عَيْني فِي الصَّلَاة))، هذه تحتاج إلى تدريب وإلى إحياء الليل بذكر الله عزَّ وجلَّ وإلى انقطاع قلبي، قال تعالى: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ [سورة طه:131]، وليس المقصود بالأزواج الزوجات، المقصود بالأزواج؛ ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ [سورة الذاريات: 49] أي: صنفين ونوعين، يعني كل أنواع زينة الدنيا من مالها ونسائها وشهواتها؛ أي اقطع كل ذلك ولا تمد قلبك وطمعك وميولك إليها، وقل الله ثم استقم.

سبب تسمية المتصوفين بالطريق

وهذا هو الطريق، وعبروا عن هذه المعاني بالفناء وبالاصطلام وبالجمع، ولكن النجار والخياط لا يفهم هذه المصطلحات، لأنهم جعلوا حُجُباً دون فقه الإسلام، ولكن تعبير القرآن تعبير عالمي، لذلك دعونا نرجع لتعبير القرآن، وأقول جاداً أزيلوا اسم الطريق، وحتَّى قراءة الختم اجتهادي وهو من الوفاء لمشايخنا، ومن أداء بعض حقوقهم علينا، فنذكرهم وندعو لهم، ونتوجه إلى الله بهم، يعني بتربيتهم، ولكن لا نتمسك بالأموات، ولو كنا نريد أن نتمسك بالأموات لكانت رابطتنا مع النَّبي ﷺ، ومع ذلك إذا قلنا بأن الرابطة هي الحب فإننا نحب رسول الله ﷺ، وهذه هي الرابطة، ونحب أيضاً أولياء الله، وهذه أيضاً رابطة، ويعلمنا الله عزَّ وجلَّ الرابطة من خلال قولنا في الصلاة “السَّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين” أليست هذه رابطة حب؟

أما هذا الاصطلاح الصوفي فارجعوا منه إلى اصطلاح القرآن والسنة، تلتقون مع الوهابية ومع الشيعة، فالأمر يحتاج إلى قليل من الحكمة، فالشيعي يكره سيدنا عمر رضي الله عنه قل له: أنت تكره سيدنا عمر، أليس كذلك؟ لو خطب سيدنا عمر ابنتك هل تعطيه إياها؟ يقول الشيعي: أعوذ بالله، يعاديه ويشتمه، ولكن سيدنا علي رضي الله عنه زوج ابنته أم كلثوم رضي الله عنها لسيدنا عمر رضي الله عنه، فهل هذا دليل العداوة أم دليل المحبة؟ أين أنت يا أخي؟ دعنا ننتهي من قصة شيعة وسنة.. استحوا من حالكم ومن الله ومن عقولكم، ألا يوجد لديكم عقل تستحون منه؟ سيدنا عمر رضي الله عنه تزوج بأم كلثوم بنت فاطمة رضي الله عنها، ومن هي فاطمة؟ قل للشيعية: هل تزوجين ابنتك لسيدنا عمر رضي الله عنه؟ فتشتمه ألف شتيمة، ولكن سيدتنا فاطمة رضي الله عنها زوَّجته ابنتها وصارت حماته! يعني من يدخل بين الحماة والصهر ألا يخرج بسواد الوجه؟ ثم إن سيدنا علي رضي الله عنه كان يقيم شؤون الدولة الإسلامية مع سيدنا أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.. فالقصة قومية سياسية للقوميين الفرس؛ لأن سيدنا عمر رضي الله عنه هو الذي قوض ملك كسرى المجوسي، فجعلوها بأسلوب ديني حتَّى يكرهوا سيدنا عمر رضي الله عنه، مع أنهم لولاه لكانوا عبدة للنار، فسيدنا عمر رضي الله عنه هو من أدخلهم في الإسلام، وجيوشه هي التي فتحت بلادهم.. ولكن هذه لا تصير مباشرة، وإنما بالتدريج

نظرةٌ فابتسامةٌ فسلام فكلام فموعد فلقاء

هذه هي الحكمة.

مقدمات الأُخُوَّة حسن المعاملة

هذه الحكمة يا بنيَّ، كقصة [فكاهة] الذي مر على حارس البطيخ، فقال له: السَّلام عليكم، وكان الحارس كردي، فقال له: لماذا؟ لا سلام ولا كلام، قال: “لأن سلام يجر كلام، وكلام يجر بطيخ”، فالسَّلام عليكم ما هي أخبارك؟ كيف بطيخاتك؟ وسوف يخجل ويقول له: تفضل.. فأنا حارس وهذا ليس مالي.

فالشاهد يا بنيَّ ليس فوراً تأتي الأمور، اجعلوا بين يدي ذلك مقدمة وكلاماً، ففي البداية يجب أن تأنس مع أخيك.. تجد اليوم كل من يأتي من إيران لدمشق يريد زيارة جامع أبي النور مثل ما يريد زيارة السيدة زينب، وزيارة جامع أبو النور أنفع من زيارة السيدة زينب، يعني زيارة الأحياء أنفع أم زيارة الأموات؟ كما لو كان عندك زوجتين واحدة في المقبرة وواحدة في البيت، هل تنام عند العروس الميتة أم العروس الحية؟ أو كنت مسافراً وعدت من السفر وعندك زوجتين واحدة ميتة والأخرى حية، فمن تزور منهم؟ حتماً الحية، فالقصة تحتاج إلى القليل من الحكمة.. فهل علّموا طلاب العلم الحكمة؟ وهل علّموهم إسلام القلب؟ وهل ربوا فيهم الأخلاق؟ وكذلك في الأزهر وكلية الشريعة وكل الجامعات الدينية، كلهم: ﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [سورة النحل:21]، ولذلك إذا وُجد فيهم الخير- وبعضهم عندهم هذا الخير- فبسبب أنهم حصلوا على تربية خارج المدرسة؛ لأن البنزين لا يشعل وحده حتى لو كان بحراً من البنزين، ولكن إذا وجدت شرارة ولو كانت صغيرة عندئذ يشعل البنزين ولو كان بحراً؛ لذلك متى وجد الإسلام الحقيقي بعلمه وحكمته وروحانيته وسلوكه، ستجد الكثير.. هذا بريجنيف [سكرتير الحزب الشيوعي السوفيتي] رأى إسلام الخميني فأعجب به، فماذا لو رأى إسلام مُحمَّد بن عبد الله ﷺ سيترك موسكو ويركض إلى المدينة حتى يصير من أهل الصفة.. ولكن أين هذا الإسلام؟ وليس شرطاً أن تعرف القراءة والكتابة حتى تكون مسلماً، لأنها عملية قلبية وعملية صحبة ومحبة ومجالسة، فلا تتوقف على الكتابة، أما إذا كنت تعرف القراءة والكتابة وتعلِّم الناس فذلك نور على نور.

يريد بالصَّلاة وجه الله تعالى

قَالَ النَّبِيَّ ﷺ: ((يَا أَبَا ذَرٍّ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ لَيُصَلِّي الصَّلاَةَ يُرِيدُ بِهَا وَجْهَ اللهِ، فَتَهَافَتُ عَنْهُ ذُنُوبُهُ كَمَا يَتَهَافَتُ هَذَا الْوَرَقُ عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ)) 20 ، أي يصلي حتَّى يجمع قلبه على الله وحتَّى يوجه وجهه نحو الله، وليلتقي قلبه بالله، قال: ((يُرِيدُ بِهَا وَجْهَ اللهِ)) أي يريد بها رفع الحجاب فيما بينه وبين الله حتَّى يكون مع الله حضوراً وإقبالاً ومواجهة، ((تَهَافَتُ عَنْهُ ذُنُوبُهُ كَمَا يَتَهَافَتُ هَذَا الْوَرَقُ عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ)) هذا إذا كان قلبه قد تعلق بالله، فلا يخطر على باله الذنوب والنقائص.. أما المسلم اليوم فلا يستطيع أن يترك السيجارة، لأنه كالطفل لا يملك الإرادة، يقول لك: لا أستطيع ترك السيجارة؛ لأنه لا يملك الإرادة فهو ليس رجلاً؛ لأن الرجولة إرادة لتحمل الأعمال العظيمة والأعباء والأثقال ولاقتحام المصاعب والمخاطر، ولكن شخصيته متلاشية ليس لها وجود، فهو لا يستطيع أن يترك القهوة والشاي، فكيف يترك شيئاً اعتاد عليه، لا يستطيع أن يفعل ذلك إلا بالله.

فالصَّلاة جمع على الله واتصال قدرة الله بطاقة الإنسان الضعيفة لينقلب إلى ذلك الإنسان الذي أراد أن يجعل من الدنيا وطناً واحداً وأمة وشعباً واحداً، يريد الروس الآن أن يجعلوا النَّاس أمة واحدة، ولكن ليس رحمة بالنَّاس، وإنما استيلاء على النَّاس، والفئة الثانية أيضاً وهم الغرب كذلك هم أدهى وأمر، أما في الإسلام فصار الصيني أخاً للإفريقي من خمسة عشر قرناً وإلى الآن، وكذلك الإفريقي أخاً للعربي، وفي المملكة السعودية كل الناس كبعضهم البعض الأسود والأبيض.

ترك كل ما يشغل عن الصَّلاة

قال رسول الله ﷺ: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُسْبِغُ الْوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُومُ فِي صَلَاتِهِ فَيَعْلَمُ مَا يَقُولُ إِلَّا انْفَتَلَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ مِنَ الْخَطَايَا لَيْسَ عَلَيْهِ ذَنْبٌ)) 21 ، فيعلم ما يقول: قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى حتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ [سورة النساء: 43]، فلو كان السُّكْر لا يحجب العقل ويجعل الإنسان يعلم ما يقول يعني لذة وطرباً فقط من غير زوال للعقل فلا يكون حراماً، ولكن الله حرمه لأنه يزيل العقل، فكل شيء يشغلك عن الله فيعتبر ملحقاً بالمسكر، فلا تدخل الصَّلاة وأنت سكران بمحبة الدنيا، فتدخل في الصَّلاة وتخرج منها ولم يجتمع قلبك على الله عزَّ وجلَّ، ولم يشعر بجلال الله وعظمته ومخافته ومحبته والقرب إليه، كل هذا لأنك تريد أن تتعلم الطيران من غير طَيَّار.

وقال ﷺ: ((مَا مِنْ بُقْعَةٍ يُذْكَرُ اللَّهُ عَلَيْهَا بِصَلَاةٍ، أَوْ بِذِكْرٍ، إِلَّا افْتَخَرَتْ عَلَى مَا حَوْلَهَا مِنَ الْبِقَاعِ، وَاسْتَبْشَرَتْ بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُنْتَهَاهَا مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ، وَمَا مِنْ عَبْدٍ يَقُومُ فَيُصَلِّي، إِلَّا تَزَخْرَفَتْ لَهُ الْأَرْضُ)) 22 ، تفتخر هذه الأرض منتهاها إلى سبع أراضين، فصلِّ في سجودك وأقبل على الله وادعو الله وانظر إلى نور الله كأنه في قلبك، وأنت متجهٌ إلى قلبك كأنك مع الله واطلب من الله، وعندما تقول: “سبحان الله” اشعر بنوره يملأ قلبك، وعندما تقول: “الله أكبر” اجعل كلمة الله تخرج من أعماق قلبك، وعندما تقول: “إياك نعبد وإياك نستعين” فلاحظ أنك بين يدي الله تطلب من الله وأنت قريب بين يديه.. لعل الله عز وجل يجعل الأرض تستبشر لذكر الله وتفتخر إلى سبع أراضين.

ترك الدنيا والتعلق بالله عزَّ وجلَّ

((وعن رَبِيعَة بْن كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ، قَالَ كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ))، والوَضوء بفتح الواو: هو ماء الوضوء، وبضم الواو: فعل الوضوء، وحاجته يعني: الشيء الذي يحتاجه للصلاة والوضوء، ((فَقَالَ لِي: سَلْ))، فقد كان خادماً للنَّبي ﷺ وكانت ساعة مباركة، فقال له: ماذا تريد؟ اطلب، سل حاجتك، ((فَقُلْتُ أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ))، اجتاز كل الدنيا، فهي ليس لها عنده أثر، حتى إنه لم يفكر بنعيم الجنة، وكان كل فكره أن يكون مع رسول الله ﷺ، وهذه هي الرابطة في أعلى أنواعها.

كقصة أحد الملوك الذي كان عنده وزير، فكانوا يحسدونه ويغارون منه، فشعر الملك بذلك، فدعاهم يوماً من أيام ميلاده للزيارة، فأتوا لزيارته في قصره، وكان قد وضع أمام كل كرسي تحفة غالية فلما انتهت الجلسة، قال: من كان معجباً بشيء في قصري فليأخذه، فكل واحد منهم أخذ شيئاً إلا ذاك الوزير المفضل عنده أتى وحضن الملك، قال له: لماذا لم تأخذ شيئاً؟ قال له: لا يعجبني شيئاً في قصرك إلا أنت، فقال لهم: أرأيتم لماذا أقدمه، لأن قلبه ليس متعلقاً بعطائي بل متعلقاً بي، ومحبته ليست لسواي، وإنما هواه في هواي، هذا مَثل الإيمان بالله وبرسول الله ﷺ، وهذا معنى ورثة رسول الله، فإذا أردت أن ينفعك الله فهكذا يجب أن تكون، ((فَقَالَ لِي: سَلْ؟ فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ، قَالَ: فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ)) 23 ، فالأمر ليس موقوفاً على النَّبي ﷺ وحده ولا على الشَّيخ وحده، فالرجل وحده لا ينجب ولداً، وكذلك المرأة وحدها لا تنجب ولداً، ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ [سورة الذاريات: 49]، فلا بد من ذاكر ومذكِّر، ومن هادٍ ومهتدٍ، ومن معلم ومتعلم، يأتي أحدهم إلى الشيخ ويقول له: يا شيخي ادعُ لي.. قم فاشتغل، فقد كان النَّبي ﷺ يستطيع أن يقول له: أدعو لك، ولكنه قال له: ((فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ))، وأي سجود؟ السجود الذي هو أقرب ما يكون العبد من ربه، وليس السجود في مفهوم الفقهاء؛ بأن تسجد على سبعة أعظُم.. هذا من السجود وهو سجود الجسم، سجود العظام فقط، فيجب أن يصحبه سجود الروح، كما في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاة فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ [سورة النساء: 103].

وصلى الله على سيدنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

وصلى الله على سيدنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

Amiri Font

مُلْحَق

عمل أبناء جامع أبي النور في خدمة الجامع

يا شيخ رمضان أين هو الحديد؟ وإلى أين تريدون أن تأخذوه؟ إلى السيارة، وهل السيارة موجودة؟

يوجد في الأسفل القليل من الحديد من أجل أن تنقلوه إلى السيارة.

حفر بئر في مجمع أبي النور

رضي الله عليكم وعلى أبي سعيد، وأسأل الله أن يتقبل منه، فقد أصر على أن يحفر بئراً للجامع، مع أنني قلت له: أنا أعرف أن حارة الأكراد لا يوجد فيها ماء؛ ولا يوجد فيها ينبوع، فقال لي: بل سوف يخرج منها الماء، وقال لي: خوفاً من أن تحدث حالة حرب فيصير إنقطاع أو تلويث في المياه، فيجب أن يكون في الجامع ماء كما وضعنا مولدة للكهرباء، فلو انقطع التيار يكون عندنا كهرباء، وكذلك إذا انقطعت المياه يكون لدينا مماء ذاتي، فجزاه الله خيراً، فهذا الحديد من أجل التمديد؛ لأن أبا سعيد قال لي: بأن المياه خرجت من 70 متر، مع أنهم حفروا 120 متر في منطقة المهاجرين [حي في دمشق قريب من حي ركن الدين حيث مسجد أبي النور] ولم تخرج الماء؛ فحصل ذلك من حسن نيته -رضي الله عليه- وتقبل منه ومنكم كل عمل صالح، فهذا الحديد من أجل أن تنقلوه إلى السيارة من أجل التمديد، وجزاكم الله كل خير.

ولكن بعد أن تصلوا صلاة الضحى ركعتين أو أربع ركع ثم تنزلون إلى الأسفل إلى ديار الجامع عند الضريح.

حال أبي مصطفى الخرفان بعد وفاة الشيخ أمين

الفاتحة إلى روح أبي مصطفى- رحمه الله- كان أخونا أبو مصطفى الخرفان على خلق ربيعة الأسلمي رضي الله عنه، وكذلك كثير من الإخوان، ولكن أقولها لأنني سمعتها منه، كان يأتي إليّ بعد وفاة شيخنا ويبكي كبكاء الأم على فقد وحيدها، وعندما يهدأ، أسأله لماذا تبكي يا أبا مصطفى؟ فيقول لي: “ادعُ لي يا سيدي”، أقول له: وماذا أدعو لك، يقول لي: “أنا لا أريد من الله جنة ولا أي شيء آخر، أريد فقط أن يجمعني بشيخي وأن أكون رفيقه في الآخرة”، كان مع شيخنا وبقي بعد وفاة شيخنا، وأنا منذ أن وعيت على هذه الدنيا وأنا أعرفه في المسجد.

فراسة الشيخ أمين في ولده الشيخ أحمد أنه سيكون خليفته

وكان يحكي لي -رحمه الله- يقول لي: “كنت مرة عند شيخنا -قدس الله سره- وأنت عمرك ستة أشهر وكنت تزحف على الأرض” فقال لي: “يا أبا مصطفى هذا خليفتي”.. ((اتقوا فراسةَ المؤمنِ فإنهُ ينظرُ بنورِ اللهِ)) 24 ، لم يظهر ذلك بالعلامات ولا بالفحوص -رضي الله عنه-، وعندما طلبت العلم عند المشايخ قطعوني عن الجامع قطعاً كاملاً.. هل يجوز ذلك؟ وكان عمري عندئذٍ أربعة عشرة أو خمسة عشرة سنة، كانوا يكلمون الشيخ ويقولون: “الشيخ أحمد كذا وكذا”، فكان الشيخ يضحك ويقول لهم:” كل ذلك سوف ينقلب إلى عكسه”.. ما هذه الثقة، وما هذا اليقين؟! كأنهم ينظرون إلى الغيب بحسب ما أعطاهم الله، ﴿فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى [سورة الجن: 26-27]، ((اتقوا فراسةَ المؤمنِ فإنهُ ينظرُ بنورِ اللهِ)).

وصية الشيخ بأن يكون التصوف بلغة الشرع

إن عينك هذه التي تنظر فيها بنور البصر لا ترى فيها إلا الأشياء المادية، أما ما وراء المادة فتحتاج فيها لنور الله وليس لنور العين، فإذا صار ذلك تصير: ((كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ)) 25 ، من يستطيع أن ينكر التصوف؟ ولكن عليك أن تحكي فقط بلغة الشرع، ولا تحكي بغيرها.. وهذه وصية أوصيكم بها: إذا قرأتم كتب التصوف ستجدون فيها أشكالاً وألواناً، فلا تقبلوا كل شيء مكتوبٌ فيها، فمثلاً: صاحب كتاب روح البيان- مع أنه من كبار الصوفية والعلماء- يقول في أكثر من موضع من تفسيره وهو عشر مجلدات: بأن الأرض على قرن الثور، ويقولون في الهند: على رأس الفيل، ويقول قدماء اليونان: يحملها الحوت، وماذا يقول الإسلام، فمن يحملها؟ ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا [سورة فاطر:41]، الله يمسك السموات: أي الكواكب في الفضاء، وليس قرن الثور كما زعموا.. فالقرآن يُرفَع به الرأس؛ وهو ضد الخرافة وهو ينطق بالحقائق العلمية التي أدركها الإنسان والتي لم يدركها.. فإنهم يقولون في التوراة: بأن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام من أيامنا الأربعة وعشرين ساعة، ويقول العلم الآن: بأن الأرض خُلقت بعشرة ملايين سنة، ويقول القرآن: ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ [سورة الحج: 47]، ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [سورة المعارج:4]، فقد ذكر أياماً متعددة، وهناك أيام في لسان العلم تقدر بملايين السنين؛ لأن اليوم هو دوران الأرض حول محورها، وكذلك المجرة كلها تدور حول محورها بآلاف السنين، وغيرها بملايين السنين، وعندما قال القرآن ستة أيام، فلم يحددهم لا بألف ولا بأربعٍ وعشرين ساعةً ولا بخمسين ألفاً، فلم يصطدم مع العلم.

أنا أشبه جامعكم مثل الذي يعمل سباق خيل في هذا الصالون، وأنا أريد غير هذا الميدان؛ لأنني عندما أذهب إلى أوربا وأجتمع مع كبراء العلماء وأستاذة الجامعات أراهم بين يدي الإسلام مثل الأطفال، هناك ميداني وهناك تكون قرة عيني، وأرجو الله أن ينتشر الإسلام وأن لا أخرج من الدنيا إلا وتُغرَس معالمه في الشرق وفي الغرب إن شاء الله تعالى.

والحمد لله رب العالمين.

Amiri Font

الحواشي

  1. ) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عند الوضوء، رقم: (234)، ونصه: ((مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْكُمْ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ عَلَيْهِمَا بِوَجْهِهِ وَقَلْبِهِ إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ)).
  2. سنن ابن ماجه، كتاب، باب ثواب الطهور، رقم: (285)، ونصه: ((عن حُمْرَانُ، مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَاعِدًا فِي الْمَقَاعِدِ، فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَقْعَدِي هَذَا، تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي هَذَا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَا تَغْتَرُّوا)).
  3. صحيح البخاري، كتاب الصَّلاة، باب الحدث في المسجد، رقم: (445)، صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصَّلاة، باب فضل صلاة الجماعة وانتظار الصَّلاة، رقم: (649).
  4. الزهد الكبير للبيهقي، رقم:( 980)، (2/ 486)، والحلية لأبو نعيم الأصبهاني (4/ 183)، بلفظ: ((أدباء فقهاء عقلاء حلماء كادوا أن يكونوا أنبياء من خصال ما أشرفها وأزينها وأعظم ثوابها)).
  5. صحيح البخاري، كتاب مواقيت الصَّلاة، باب فضل صلاة العصر، رقم: (555)، صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصَّلاة، باب فضل صلاتي الصبح والعصر، رقم: (632).
  6. شعب الإيمان للبيهقي، باب فصل في فضل العلم وشرف مقداره، رقم: (1712)، (2/ 265).
  7. سنن النسائي، كتاب الأذان، باب الأذان لمن يصلي وحده، رقم: (666).
  8. صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب التواضع، رقم: (6502)، ونصه: ((إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ)).
  9. سبق تخريجه.
  10. صحيح البخاري، كتاب الصلاة، باب رفع الصوت بالنداء، رقم: (609 )، (1/ 125 )، بلفظ ((عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْأَنْصَارِيِّ ثُمَّ الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ لَهُ إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ بِالصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
  11. سنن أبي داود، كتاب الصَّلاة، باب ما جاء في فضل المشي إلى الصَّلاة، رقم: (558).
  12. السنن الكبرى للنسائي، كتاب الصلاة بعد الجمعة، باب الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة، رقم:( 1429)، (3/127).
  13. المعجم الكبير للطبراني، رقم: (6125)، (6/250)، شعب الإيمان، رقم: (2875)، (4/503).
  14. المعجم الكبير للطبراني، رقم: (8996)، (9/204).
  15. الزهد لأبي داود، رقم: (259)، (235)، وهو مرسل عن سلمان قَالَ: "لِكُلِّ امْرِئٍ جُوَّانِيُّ وَبَرَّانِيُّ، فَمَنْ أَصْلَحَ جُوَّانِيَّهُ أَصْلَحَ اللَّهُ بَرَّانِيَّهُ، وَمَنْ أَفْسَدَ جُوَّانِيَّهُ أَفْسَدَ اللَّهُ بَرَّانِيَّهُ".
  16. صحيح البخاري، باب إذا صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها، رقم: (373)، (1/ 84)، بلفظ: ((عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ فَنَظَرَ إِلَى أَعْلَامِهَا نَظْرَةً فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلَاتِي)).
  17. المعجم الكبير للطبراني، رقم: (353)، (11/202)، والمعجم الصغير للطبراني، رقم: (162)، (1/113).
  18. مسند الفردوس للديلمي، رقم: (3723)، (2/388).
  19. مسند الإمام أحمد، رقم: (14069)، (13/226)، سنن النسائي، باب حب النساء، رقم: (3940)، (7/61).
  20. مسند الإمام أحمد، رقم: (21556)، (35/ 440)، ونصه: عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ زَمَنَ الشِّتَاءِ وَالْوَرَقُ يَتَهَافَتُ، فَأَخَذَ بِغُصْنَيْنِ مِنْ شَجَرَةٍ، قَالَ: فَجَعَلَ ذَلِكَ الْوَرَقُ يَتَهَافَتُ، قَالَ: فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ يُرِيدُ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ، فَتَهَافَتُ عَنْهُ ذُنُوبُهُ كَمَا يَتَهَافَتُ هَذَا الْوَرَقُ عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ»
  21. المستدرك على الصحيحين، رقم: (3508)، (2/432).
  22. مسند أبي يعلى، (4110)، (7/143)، المعجم الكبير للطبراني، رقم: (11470)، (11/193)، الزهد والرقائق لابن مبارك، (339)، (1/115).
  23. صحيح مسلم، باب فضل السجود والحث عليه، رقم: (489)، (1/ 353).
  24. التاريخ الكبير للبخاري، رقم: (1529)، (7/ 120).
  25. سبق تخريجه.
WhatsApp