تاريخ الدرس: 1982/03/29
في رحاب الآداب والأخلاق
مدة الدرس: 01:18:15
في رحاب الآداب والأخلاق (107): حال المؤمن في صلاته (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله على سيِّدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
أحبُّ حالٍ للعبد إلى الله:
قال سيِّدنا رسول الله ﷺ: ((مَا مِنْ حَالٍ يَكُونُ عَلَيْهَا الْعَبْدُ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ يَرَاهُ سَاجِدًا مُعَفِّرًا وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ)) 1 .
وقال رسول الله ﷺ: ((مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً، فَاسْتَكْثِرُوا مِنَ السُّجُودِ)) 2 ، وقال رسول الله ﷺ: ((أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ سَاجِدٌ)) 3 ، ((إذا سَجَدَ العَبْدُ طَهَّرَ سُجُودُهُ ما تَحْتَ جَبْهَتِهِ إلى سَبْعِ أرَضِينَ)) 4 .
في فضائل الصلاة:
وقال رسول الله ﷺ: ((إذا قامَ العَبْدُ في صَلاتِهِ ذُرَّ البِرُّ على رَأسِهِ حَتَّى يَرْكَعَ)) أي: يتناثر الخير والنّور ورحمة الله عز وجل وعطاؤه حتّى يركع ((فإذَا رَكَعَ عَلتْهُ رَحْمَةُ الله حَتَّى يَسْجُدَ)) فتصير رحمة الله تعالى وأنواره والعلوم والحِكَمْ والفيوضات الإلهيّة التي تترك آثارُها في النّفس أخلاقاً كريمةً وسجايا عالية، قال: ((فإذَا رَكَعَ عَلتْهُ رَحْمَةُ الله حَتَّى يَسْجُدَ، والساجِدُ يَسْجُدُ على قَدَمَي الله تَعالى فَلْيَسأَلْ ولْيَرْغَبْ)) 5 ، هذه الأحاديث في فضائل الصلاة تشرح وتُبَيِّن فوائد وثمرات وحقيقة الصلاة، فالمصلُّون الآن غير المصلِّين في زمن النَّبيِّ ﷺ؛ لأنه هكذا كانت صلاتهم وسجودهم وفِقههم في زمن النَّبيِّ ﷺ، أمّا الآن -ومع الأسف- عندما يعلّمون السجود في كلية الأزهر لا يعلمونهم السُّجود النَّبويَّ، وإنما يعلِّمونهم سجود الجسد فقط، وليس الرّوح والنّفس والحِس وتوجُّه القلب إلى الله عز وجل لتركع الرّوح، وليسجد القلب ولتخشع النّفس، وليتحقق القرب الإلهي بين الإنسان وربِّه كما لو قرَّبنا الورق من النَّار فيشتعل وتسري فيه الصّفة النَّارية، فلذلك نجد عِلم العالِـم والمتخرِّج من الأزهر أو كليّة الشّريعة ميِّتاً، كقول الشاعر:
وفي الجهل قبل الموت موت لأهله وأجسامهم قبل القبور قبورُ
أي؛ تجده قبراً قبل أن يصل إلى القبر، ولكنه قبر متحرك، وهو ميِّت قبل أن يموت.
وأرواحهم في وَحْشةٍ عن جسومهم وليس لهم قبل النشور نشور
فلا يحصل لهم بعثٌ من القبور إلّا يوم القيامة.
الإيمان الحقيقي
فالإيمان بمعناه الحقيقي: هو الذي يبعثُ القلب من موته، ويوقظه من غفلته، ويقرِّبه من الله عز وجل بعد بُعْدِهِ، ويجعله عاشقاً لله تعالى بعد أن يكون عاشقاً لغيره؛ فهذا هو الإيمان، وهذه هي الصّلاة التي فُرِضَت، فلماذا فُرِضَت؟ ولماذا تفعلها؟ لأنّك عندما تفعلها تدخل في مدرسة الله عز وجل، فصرت تلميذه والله أستاذك، صرت المتعلِّم في معهده وهو المعلِّم، فقد كان النَّبيُّ ﷺ تلميذ الله تعالى، وكذلك سيِّدنا أبو بكر رضي الله عنه، فإذا صرت تلميذ الله تعالى في مدرسته، فيعلِّمك علوماً كثيرةً كالشي المضغوط الذي إذا وضعته في الماء صار كبيراً، فكذلك تصير الذَّرّة من هذه العلوم كالجبل، وهذا الجبل يملأ الكون، ويعطيك في وقت قصير علماً غزيراً أعظم من البحار، ثمرهُ ونِتاجهُ يحيي الدّنيا، فإن ما يتعلَّمه طلَّاب كلِّيّة الشّريعة اليوم علمٌ ميِّت كالجسدٍ بلا روح، هل يكون الإنسان بلا روح؟ بل نريد لهذا الجسد روحاً، فإذا لم يكن مع جسد العلم روح العلم فإنها ستكون كما قيل: “وأجسامهم قبل القبور قبور”، هكذا يجب أن تكون شخصية الإنسان ليتلقَّى بعد ذلك علوم القرآن، قال الله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [سورة البقرة: 73]، أي: اعقلوا، وقال الله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾ [سورة البقرة: 216]،أي: فكروا، وقال الله تعالى: ﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا﴾ [سورة هود: 50]، أي: ابنوا الأمم، ﴿إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا﴾ [سورة النمل: 45]، بمعنى: أقيموا حضارة الشّعوب، وفي سورة سبأ: أي: أقيموا السدود، وفي سورة الحديد: أي: استخرجوا المعادن، ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ [سورة الأنفال: 60]، أي: لا تكونوا ضعفاء، ﴿وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ [سورة الحديد: 25]، ويقصد بها: أمَّة الصّناعة؛ الصناعة الحربية والصّناعة المدنية، هذا هو الفقه في الدِّين، أمَّا الشّيخ الآن فليس لديه علم بهذا، فهذا العِلم بهذا الشّكل هو المفقود الآن.
كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء
كان العالِم بهذا المعنى هو أستاذ الجامع، ويجب على إمام الجامع الذي يحمل هذه الأوصاف أن يبني العقول العظيمة والنّفوس الكبيرة والأخلاق الملائكيّة والقوة التي لا تُقْهَرْ، لكن يجب أن تُستعمل للخير وللبناء وللإنسانيّة، ولذلك حين فُهِم الإسلام على حقيقته في زمن النَّبيِّ ﷺ انقلب البدوي والرّاعي والأعرابي والأُمِّي إلى قومٍ كما وصفهم النَّبي ﷺ ((حُكَمَاءَ))، فالحكمة: لُبَاب العقل وروح الفكر، قال: ((عُلَمَاءَ حُكَمَاءَ فقهاءَ أُدباءَ، كَادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء)) 6 فما معنى أنبياء؟ النَّبيَّ هو مهندس أمَّة وصانع شعبٍ، وهذا الشعب وهذه الأمَّة أرضية سماويّة روحيّة وعقليّة سعيدة في دنياها قبل دينِها.. تعيِّر الشّيوعية المتديِّنين وأبناء الأديان بأنَّهم يريدون أن يصنعوا الفردوس في السّماء وهم في جحيم الأرض، فهم كاذبون ؛ لأن من عجز عن صنع الفردوس في الأرض أعجز من أن يصنع الفردوس الأكبر، كيف وهو عاجز عن صنع الفردوس الأصغر، يقول الإسلام: لا؛ لأن الإسلام يكلِّف الإنسان أن يصنع فردوسه في الأرض، ويصنعه في النّفس قبل أن يصنعه في الأرض، فالمؤمن صاحب الإيمان الحقيقي يعيش في فردوس نفسه، فهو سعيد وغني بلا مال، وطَرُوب بلا موسيقى وآلات؛ لأن آلة الموسيقى في قلبه، ويتعلَّم بلا معلِّم؛ لأن من وضع علوم الكون وقوانينها هو الذي يتولى تعليمه.
الصلاة من الدّين كموضع الرأس من الجسد
كانوا يأخذون هذا العلم من الصّلاة، فإن استطاع هذا الشّيخ أن يعلِّم هذه الصّلاة فلا نقول سيصير معبود الجماهير؛ لأنّ الله عز وجل هو المعبود، لكنَّه يُصبح معشوق الجماهير وسويداء قلوبها وسواد عيونها ولا يمشي على الأرض، إنّما يمشي على القلوب، فالشّيخ الحقيقي ليس ناجحاً فقط، بل إذا أتى إلى أمَّة فاشلة جعلها كُلّها ناجحة.. وماذا لو كان هو الذي يوِّزع الفشل؟! فهل هذا يسمى شيخاً؟ هذا ليس شيخاً، لذلك لـمَّا أمر الله تعالى بالصلاة بقوله: ﴿أَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [سورة الأنعام: 72]، ولما قال النَّبيِّ ﷺ ((صَلُّوا)) 7 فهل يقصد الصّلاة التي نصلِّيها نحن؟ أم يقصد الصّلاة التي نتعلُّمها في كلِّيّة الشّريعة؟ لا، ليست هذه الصّلاة، إنما الصّلاة التي أرادها وشرحها، والتي دَخَلوها وأخذوا علومها وثِمارها وصاروا بها عُظماء التّاريخ والأرض وعُظماء العظماء، هذه هي الصّلاة التي يقصدها النَّبيُّ ﷺ بقوله: ((مَوْضِعُ الصَّلاةِ مِنَ الدِّينِ كَمَوْضِعِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ)) 8 ، والتي يَعْرِفُها النَّبيُّ ﷺ ليست التي نحن نعرفها، فمن صفات الصّلاة أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، كما أن من صفات الليمون الحموضة فإذا وضعناه على لساننا ولم يكن حامضاً بل كان شديد الملوحة، فهل هذا حمض الليمون؟ وكذلك السكر يعطيك حلاوة، فإذا أعطاك طعم الفلفل الحار وصارت عيونك تدمع فهل هذا هو السكر؟ فالصّلاة قال الله تعالى عنها: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر﴾ [سورة العنكبوت: 45]، فقط؟ لا، بل قال: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ [سورة العنكبوت: 45]، إذاً: إذا كانت الصلاة تنهى فإن ذكر الله عز وجل يعطيك العلوم والأخلاق والفضائل والشّجاعة ومكارم الأخلاق.
المُصلِّي كالجبل الرّاسِخ
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا﴾ [سورة المعارج: 19]، هلوعاً: تُفَسِّرُها الآيتان التي بعدها، قال: ﴿إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا﴾ [سورة المعارج: 20] ﴿وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا﴾ [سورة المعارج:21] ﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ﴾ [سورة المعارج: 22]، فالمصلِّي ليس هلوعاً فلا يجزع للشّر أياً كان هذا الشر، ولا يجزع إن مرض أو افتقر أو أصابته كارثة فهو كالجبل الرّاسِخ، لا يتألَّم من الآلام ولا تُحزِنُه الأحزان ولا تَهزِمُه الشَّدائد، هذه الصّلاة التي هي عماد وأساس الدّين، أمَّا هذه الصّلاة التي نصلِّيها نحن فهي غُثاء كما يركض الحُجَّاج والمعتمرون في الحرم النّبوي إلى مكان الرّوضة، ويقولون: روضة وروضة! ما هي الرّوضة؟ كانت هذه روضة لـمَّا كان النَّبيُّ ﷺ، ولما أحيا قلوبهم وجالسهم بين منبره وبيته، فجعلت من قلوبهم رياضاً وجناناً ومدارسَ علومٍ وشمسَ إشعاعٍ ومصدرَ حياةٍ لأرواحهم وقلوبهم، صارت روضةً بوجود النَّبيِّ ﷺ، أمَّا الآن فقد صارت كصلاتنا وحجِّنا وصلاة الجماعة التي نصليها.
فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ
لـمَّا كان النَّبيُّ ﷺ يقول “صلاة الجماعة” معنى ذلك؛ أنا إمامكم.. هذه هي صلاة الجماعة، وكذلك هي أن تجلس مع رسول الله ﷺ بعد صلاة الجماعة، أمَّا الآن تجد الإمام في صلاة الجماعة مَيِّتاً أكثر من المقتدين به، ومفلساً أكثر من المصلين في الصّفوف التي وراءه.. ولكن انتبه! فمع ذلك يجب أن نُحافظ على الظّاهر ونحافظ على الشّرع، وأقصد أنَّه يجب أن نرقى حتّى نحقِّق الجماعة بصورتها وروحها، ونُحَقِّق الصّلاة بثِمارها وعلومها ونتاجها، ولكن أين؟ ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [سورة المؤمنون: 1-2]، وأين؟ ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [سورة طه: 14]، وأين؟ ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ [سورة الأعلى: 15].. لذلك يا طالب العلم: إذا فهمت أن الفقه هو ما تقرؤه من الكتب في المعهد فقط، [المعهد: هو المعهد الشرعي الذي أنشأه سماحة الشيخ كفتارو] فإن عملك سيكون فاشلاً، فأنصحك من الآن إذا كنت هكذا أن تذهب وتلتمس لك صنعة كحدّادٍ أو نجَّار وسوف تنجح، أمّا أن تكون شيخاً فلن تنجح؛ لأنّك لم تتعلَّم صنعتك، فقد صار الشّيخ الذي يُعَلِّم حقيقة العلم أندر من النّادر، فقد تجده صوفيَّاً وحالته القلبيّة عالية لكن الإسلام ليس تصوُّفاً فقط، فالتصوف جزءٌ من الإسلام، والإسلام هو: ما جُمِعَ بين دفَّتي القرآن من كلّ علوم الدّنيا والآخرة.. هذا دستور يحتاج إلى شرح بالقوانين وشرح بالمجلدات وبكتب الفقه وببقيَّة كتب العلوم، فإذا وِجِدَ الشّيخ الحقيقي؛ فهذه سعادة ذلك الجيل وذلك العصر لكن إن استطاعوا أن يستفيدوا منه، وعليهم أن يهيئوا له الوسائل.. كما لو هيَّأنا للسيَّارة الطريق المـُـعبَّد فقد حصلت منها الفائدة، أما إذا كان عليها أن تمشي من الوادي وتطلع على الجبال بين الصخور فقد ضاعت ولم تحصل الفائدة منها، وكذلك الطّائرة يُستفاد منها إذا صار لها مطار وهيأنا لها كل الوسائل، لكن إذا وضعتها في العُلب [الصناديق] وأردت أن تطير بها؛ فهذا مستحيل.
التَّوجُّه إلى الله عزَّ وجلَّ
لذلك نعود إلى موضوعنا: ((إذا قامَ العَبْدُ في صَلاتِهِ ذُرَّ البِرُّ على رَأسِهِ حَتَّى يَرْكَعَ)) والبِر: هو الخير، والخير: اسم يَجمع لكلّ ما فيه سعادة للإنسان وفائدة، فيُفاض العِلم والإيمان والنور والأخلاق والحكمة على المصلِّي، ويحصل هذا إذا كان مُصلِّياً وقام بشروط الصّلاة، وشروط الصّلاة
1. ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى﴾ [سورة الأعلى: 14]، فالتّزكية: هي تطهير النّفس بمجاهدتها لتنقيتها من كلّ وصفٍ قبيح وخُلُقٍ دنيء وصاحبٍ شِرِّيرٍ خبيث، ونقلها إلى صحبة أهل الفلاح والتّقوى والعِلم والحكمة والإيمان.
2. ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ﴾ [سورة الأعلى: 15] يجب أن يكونَ ذاكر القلب، ويكون شعوره مملوءً بالله عز وجل، ثمَّ بعد ذلك: ﴿فصلَّى﴾، ولكنَّ العلماء اقتصروا على تزكية الثّياب وطهارتها، وتزكية الجلد وطهارته، وتزكية الأرض، فطهَّرنا الأرض والثّياب والجلد، ولم نُطَهِّر الإنسان الذي يسكن تحت الجلد، فلا تصحَّ صلاتك، وإذا استقبلت القبلة التي هي أحجار الكعبة، فأنت أعظم عند الله عز وجل من أحجار الكعبة، فيجب أن تستقبل الله تعالى: ﴿وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ [سورة الأنعام: 76]، ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ [سورة البقرة: 2]، كان الإيمان بالله عز وجل هو التوجه إليه، فهذا هو الفقه، وهذا هو الإسلام، وهذه هي الصّلاة، فإذا فهم الإنسان الأوربي الصّلاة بهذا المعنى -وهو مهيَّأٌ أخلاقيَّاً وتعشُّقاً للعِلم وتشوُّقاً للمعرفة- فسوف يطير ويعشق، وإذا تذوَّق هذا فسيكون قد انتقل من الفكر إلى الذّوق والوجدانيات وإلى تلَمُّس الحقائق، ليس الأوروبي فقط بل البدوي والشيوعي والملحد.. فإذا وُجدت البقلاوة [حلوى عربية] فلن يُلحد بها أحد، وإذا كانت البقلاوة موجودة، ولكنها ملوثة بالأوساخ والنّفط وبال عليها ولد وقام خنزير بلحسها، فمن سيأكلها بعد ذلك؟ فإننا سوف نُلحِد بها حتماً، أمَّا البقلاوة التي خرجت من عند الحلواني ورائحة السّمن الأصلي تفوح منها وعليها الفستق، فهل يُلحِد بها أحد منكم؟ وهكذا الدّين، فقد ألحد به من عُرض عليه وهو مُشوَّه، وعَشِقَه من رآه بحقيقته.
عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ
((إذا قامَ العَبْدُ في صَلاتِهِ)) من نطق هذا؟ نطقه النَّبيِّ ﷺ، يقول: ((العَبْدُ))، يقال: العَبْدِيّة والعبوديّة، فالعبديّة: هي أن تستعمل جسمك في طاعة الله عز وجل، وأما العبوديّة: فهي أن تستعمل روحك في عبادته جل وعلا، فإذا اجتمعت العبديّة مع العبوديّة عندها تصير عبداً، فهل أنت تظن نفسك عبداً لله؟ لا، فأنت عبد بطنك؛ عبد الكوسا واليبرق والسجق والكنافة والمدلوقة [أسماء أكلات]، وعبد الفرج والبطالة ولغو الكلام، تسهر ساعتين عند خالتك وعمتك من أجل ماذا؟ من أجل اللغو، وقال الله عز وجل عن المؤمنين: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ [سورة المؤمنون: 3]، ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ [سورة الفرقان: 72] ﴿لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا﴾ [سورة الواقعة: 25]، فلماذا لم يَعدَّ الفُقهاء هذا من الفقه، وهل عدُّوه من لغو الكلام؟ فهل سينجح العالم؟ وتلك البقلاوة التي بال الولد الصغير عليها هل ستأخذ ثمن الكيلو منها خمسين ليرة؟ أم ستأخذ خمسين ضربة على رقبتك؟ ويضربونك ضربة تلو الأخرى.. لذلك سوف يفشل الشّيخ ولو كانت عمامته بحجم قُبَّةِ المسجد الأموي ولفها على البيكار [الفرجار]، أو كانت جُبَّته كبيرة تدخل فيها سيارة شحن، وحتى لو لحيته عظيمة وصنعنا منها خمسين حصيرةً، فلن ينجح ولن يصنع إسلاماً إلّا إذا صار فقيهَ القرآن، وكان له أستاذ فقيه يفقهه بالله عز وجل وبكتابه كما كان يَفهَم رسول الله ﷺ وأصحابُه الكرام رضي الله عنهم.
الصلاة التي أرادها النبي ﷺ
((إذا قامَ العَبْدُ في صَلاتِهِ)) هذه الصّلاة التي أرادها النَّبيُّ ﷺ وفهمها وأفَهمَهَا للناس، ((ذُرَّ البِرُّ على رَأسِهِ حَتَّى يَرْكَعَ)) نحن لا نُحِسُّ بهذا فليس فينا عبوديّة ولم نصلِّ الصّلاة التي أرادها النَّبيُّ ﷺ؛ لأننا نأخذ الصلاة من أُمِّنا، وصلاة أمّنا ميتة وقلبها ميت، [يقصد سماحة الشيخ بأخذ الصلاة من الأم أن صلاة عوام المسلمين اليوم بسيطة جداً لا يعرفون منها إلا حركات وألفاظ، وهذا المستوى الذي تعلمه الأمهات غالباً لأطفالها] ((ذُرَّ البِرُّ على رَأسِهِ حَتَّى يَرْكَعَ)) فهو لا يرى بِرَّاً ولا خيراً ولا نوراً ولا قُرباً ولا خشوعاً ولا نهياً عن الفحشاء والمنكر ولا حكمة، ((فإذَا رَكَعَ عَلتْهُ رَحْمَةُ الله حَتَّى يَسْجُدَ))، لذلك يجب أن تدخل في مدرسة الإيمان الحقيقي، ففي الصّف الأول [أول مرحلة] عليك أن تذكر الله عز وجل، وقبل الذّكر يجب أن تتوب إليه توبةً نصوحاً بعزمٍ أكيد وإرادة فولاذية أنّك ستترك كلَّ ذنب، وبفلسفة أنّ كلّ ذنب هو تهديم لشخصيتك ولسعادتك ومستقبلك، وضررٌ عليك وقتل لإنسانيتك، ضرر لدنياك وأُخراك، فحين تترك الذّنوب فأنت المستفيد من ذلك وليس الله تعالى ولا النَّبيُّ ﷺ، فإذا حرَّم الله على الإنسان شربَ المازوت، فهل نقول له: لم نشرب المازوت من أجلك؟ وكذلك إذا حرَّم علينا شرب السّمّ وأكل التّراب، فهل نقول ذلك؟ كشف العلم الآن أنَّ الخمور وكلّ المسكِّرات والمخدِّرات هي سموم فسمَّاها “السّموم البيضاء”، إذاً: فماذا حرَّم الله علينا؟ حرَّم علينا ما يُهلكنا، لكن هل حرَّم علينا أكل العنب؟ لا، أمَّا إذا خمَّرته وتحوَّل إلى سموم يقول لك: لا تأكله، وقد حرَّم الميتة؛ لأنّ هذا الجسم لم يمت إلّا عندما امتلئ بالسّموم والجراثيم لذلك قال: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ [سورة المائدة: 3]، ولماذا حرَّم الدّم؟ عندما تذهب إلى الطّبيب ويريد أن يبحث عن مرضك يقول: هاتوا عيِّنة من دمه، فيُحلِّل الدم ليرى الأمراض والجراثيم والميكروبات، فأين هي موجودة؟ في الدّم، وإذا لم يعثر في الدّم يقول: هاتوا بوله لنحلِّله، إذاً: فالبول أيضاً مستودع الأمراض والجراثيم، فإذا لم يعثر في البول يبحث في الغائط، كمرض الكوليرا، أين يُعثَر عليه؟ في الغائط، وكذلك القيح، ولكن هل سمعتم طبيباً يقول: هاتوا من عرق ابن آدم حتّى نحلِّله؟ لذلك العرق حلال، وهل يقول: هاتوا مُخاطه ولُعابه؟ فلذلك لم يُحْكَم بنجاسته، فيجب أن تعرفوا أنَّ كلّ حرام معناه هلاك، وكلّ نَجِسٍ معناه ضرر، وكلّ ما نهى الله عز وجل عنه فيه أذىً، وكلّ ما أمر به الله عز وجل فيه نفع.. أمر الله عزَّ وجلَّ بالصّلاة، فالصّلاة هي التي تجعل منك إنساناً عظيماً.. أبو بكر رضي الله عنه لو أنه كتب اسمه وتوقيعه لكان نعمة عظيمة.. كيف صار أبو بكر رضي الله عنه؟ حين ارتدَّت العرب وحَّدَها بأربعةَ عشرَ شهراً، أمّا نحن العرب فقد أخذنا استقلالنا من سنةِ خمس وأربعين حتّى الواحد والثمانين، كم سنة مر؟ ستة وثلاثين سنة، فهل استطعنا في هذه المدة أن نوحِّد بين بلدين؟ لماذا؟ لأنّنا لا نعرف كيف نصنع الوحدة وإنما نتمنَّاها تمنِّياً، وتمنِّي الوحدة غيرُ صنعها، فحالنا كحال المتسِّول الذي أراد أن يخطب بنت الملك، فقال له أصحابه: هل أنت مجنون؟ هل ستأخذ ابنة الملك؟ قال لهم: نعم، لماذا أنتم مستغربون؟ قالوا له؟ هل ذهب عقلك؟ فهل هذا ممكناً؟ قال لهم: ولماذا هو غير ممكنٍ؟ لفد قطعت نصف الطريق وأنهيت نصف العمليّة في اتجاهي لمصاهرة الملك، قالوا له: كيف؟ قال لهم: لأن العريس وأبوه وأمه قد وافقوا، فهذا نصف الطريق، وبقي والد العروس والعروس وأمها.. فماذا تأخذ من عقل كعقل هذا الرّجل؟ ونحن هل نستطيع أن نعمل وحدة أو نعيد الإسلام؟ لا يا بني! بل نحن لا نزال نعود للوراء بدلاً من أن نتقدَّم.
فضل العالم على العابد
إذا وجِد العالِم الحقيقي الذي قال عنه النَّبيُّ ﷺ: ((فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ)) 9 هذا بالنّسبة للأرض، ليس بالنّسبة للشيء الحقيقي.. فإذا عَلَّم الصّلاة، وعرفتم أن تُصَلَّوا فقط؛ لأصبحتم سادة زمانكم.. وإذا أراد الشيخ أن يُعَلِّم الصّلاة، فهل يعرف هو كيف يُصَلِّي؟ فيجب عليك أولاً أن تتوب؛ فالتّوبة عِلمُ؛ لأنه عندما تعرف ضرر الذّنوب، والتي منها القلبيّة كالعُجُب والحقد والمكر وحُب الدّنيا والشّهوات المحرَّمة، فهذه كلّها مضِّرة، لذلك قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾ [سورة الأعرف: 33]، وعليك أن تتوب عن الأعمال الجسديّة المؤذية؛ لأن كلّ ما حرّمه الله عز وجل فهو مؤذٍ، فحين تعرِف هذا الضرر يقَوِّي العِلم إرادتك فتُقدِم بهمَّة، وحين تكفُّ تقطع عن نفسك ما يُميت النّفس والرّوح، وحين تنتقل إلى المرحلة الثّانية تكون قد نظَّفت الإناء فتضع فيه العسل أو الرز بالحليب [اسم حلوى] حينئذٍ يكون صالحاً للأكل.. [فالتوبة تنظف القلب وهو وعاء العلم ليكون مناسباً ليوضع فيه غذاء القلب] فتشتغل بذكر الله عز وجل كما أمر القرآن: ﴿اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ [سورة الأحزاب: 41]، وفي قوله تعالى: ﴿وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾ [سورة المزمل: 8].
الهجرة لم تنقطع أبداً
يجب عليك أن تُهاجر إلى الله عز وجل ورسوله ﷺ، فالهجرة لم تنقطع أبداً، هل الهجرة إلى الله تعالى تعني أنه موجود في المدينة؟ أم في مكة؟ كان الذي يهاجر إلى رسول الله ﷺ يجد الله عز وجل بصحبة رسوله ﷺ، ونحن قد فقدنا النَّبيَّ ﷺ وهو قد أدَّى مهمَّته، ولكنَّه قال: ((الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ)) 10 ، فعليك أن تبحث عن عارفٍ بالله تعالى، عالِمٍ بكتابه، عالِمٍ حقيقي، هاجِر إليه، فالهجرة فرض، كان المسلمون يهاجرون عشرات الأيام ويقطعون مسافة خمس مئة كيلو متر، وأما الآن فلا يذهب المسلم للعالم ولو كان بينهما خمس مئة متر؛ لأن المسلم لا يعرف فقه هذه الأمور.. فبعد ذلك كله تُصَلِّي، ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى﴾ [سورة الأعلى: 14] ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ [سورة الشّمس: 9-10]، أي: تجده يخيب في المعركة فلا ينتصر، ويخسر في التّجارة ويهدر ماله في الفسق والمعاصي والضّلال، وتتحكم أنانيَّته وشهواته به وفي أسرته فيُقتِّل بعضهم بعضاً، ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ [سورة الشّمس: 9-10]، قال: ((فإذَا رَكَعَ عَلتْهُ رَحْمَةُ الله حَتَّى يَسْجُدَ))، فهو يركع بروحه، ويخشع بكلّ ذرَّات وجوده، وحين يقوم إلى الصّلاة يقوم بكلّ توجهه إلى حضرة الله عز وجل، فإذا سجد ((والساجِدُ يَسْجُدُ على قَدَمَي الله)).. فحين يضع وجهه على قدمي ملك فأيُّ تواضع وتذلُّل وتقرب، ثمّ أيُّ عطفٍ من الملك عليه؟ أيُّ رحمة وعطاءٍ سيشمله؟ ((فَلْيَسأَلْ ولْيَرْغَبْ)) 11 في سجوده، فإن استطاع أن يسجد بجسده وبروحه فهذا هو السّجود، وأن يركع بقلبه وبكلّ مشاعره، ويقف بين يدي الله جل وعلا بكلّ أحاسيسه ومشاعره فهذا هو المصلِّي، وهذا يحتاج إلى عِلم.
فيجب عليك أن تتعلَّم أحكام الصّلاة، أمَّا عندما يقول لك الشّيخ: اغسل يديك إلى المرفقين، هذا جيِّدٌ، ولكن هذا للجسد، فلماذا حفظت هذه الآية من القرآن، ولم تحفظ؟ ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [سورة طه: 14]، وكذلك لم تحفظ؟ ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ [سورة النساء: 103]، ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [سورة الحجر: 91-93]، لذلك فلن ينجح الشّيخ، بل سيكون فاشلاً ويائساً ومُنهزماً وكأنه قبر يمشي بين القبور؛ ومن ثَمّ لن ينجح المسلمون.. فإذا أردت النّجاح عليك أوَّلاً إذا رأيت هذا الشّيخ أن تذهب إليه ولو كنت مكسوراً وعليك جبيرة، وإن استطعت الزّحف فازحف، ولو كنت برجل واحدة فاقفز قفزاً، أو كنت في الثلج فابحث عن زحَّافات، وإن كانت هناك نار فعليك أن تخوضها، فإن فعلت ذلك فأنت الرّابح.
بقَاعُ الْأَرْضِ تُنَادِي بَعْضُهَا بَعْضًا!
قال: ((مَا مِنْ صَبَاحٍ وَلَا رَوَاحٍ إِلَّا وبقَاعُ الْأَرْضِ تُنَادِي بَعْضُهَا بَعْضًا: يَا جَارَةُ هَلْ مَرَّ بِكِ الْيَوْمَ عَبْدٌ صَالِحٌ صَلَّى عَلَيْكِ أَوْ ذَكَرَ اللَّهَ؟ فَإِنْ قَالَتْ: نَعَمْ، رَأَتْ لَهَا بِذَلِكَ عَلَيْهَا فَضْلًا)) 12 ، هذا يُشير إلى وجود الحياة في الجماد، لكن من يُدرك هذه الحياة؟ حتماً لا يدركها الإنسان الجماد، إنَّما يُدرك هذه الحياة الإنسان صاحب الحياة.. ذكرت لي إحدى أخواتكم -يمكن أن تكون موجودة الآن في الجامع- أنها ذهبت لزيارة بعض الأماكن المقدَّسة في المدينة، وكان الأحباب يقفون على درج للزِّيارة وهم في حالة من التّوجه إلى الله عز وجل وحضور القلب وبقي هذه الحال ساعة من الزمن، فإذا بها ترى وتسمع إحدى الدّرجات تُخاطب الدّرجة الأخرى، الحجر يحكي مع الحجر، وهي صارت تسمع لأنّه صار لها أذن فرأت الحياة على حقيقتها، تقول هذه الدرجة للدّرجة الثانية: هل وقَفَ عليكِ أحد؟ فانظري فضل الله تعالى عليَّ كيف وقف عليَّ الصالحون الذّاكرون المؤمنون! ورأت كأنّه اشتعلت هذه الدرجة بالنّور، فرآها الأحباب وهي تُقَبِّل تلك الدّرجة وتبكي، فقالوا لها: لماذا تفعلين ذلك؟ لكنها كانت كما يقال في المثل: “فالذي رأى رأى، والذي لم يرَ يقول كفّ عدس” [مثل عامي بمعنى أن من عرف الحقيقة فقد عرفها، ومن لم يعرفها يظنّها شيئاً آخر لا علاقة له بالحقيقة أو الموضوع] -هذه الأخت هي أم غياث يمكن هي الآن موجودة بينكم- ويوجد بينكم الكثير من الإخوان على هذه الحال بفضل الله عز وجل، قال: ((مَا مِنْ صَبَاحٍ وَلَا رَوَاحٍ، -والرّواح هو المساء- إِلَّا وبقَاعُ الْأَرْضِ تُنَادِي بَعْضُهَا بَعْضًا: يَا جَارَةُ هَلْ مَرَّ بِكِ الْيَوْمَ عَبْدٌ صَالِحٌ صَلَّى عَلَيْكِ؟))، تتباهى الأرض بالعبد الصّالح، وبالمؤمن الذَّاكر، وبالمُصَلِّي الخاشع ((أَوْ ذَكَرَ اللَّهَ؟ فَإِنْ قَالَتْ: نَعَمْ، رَأَتْ لَهَا بِذَلِكَ عَلَيْهَا فَضْلًا)).
نعود إلى لغة القرآن
فلا بُد من الرجوع إلى إسلام الذِّكر وتزكية النّفس ومجاهدتها، وقد كانوا يُسَمُّون هذا تصوُّفاً، وأنا أرى أن هذه التسمية خطأ، فيجب ألا يُسمى هذا تّصوُّفاً ولا طريقاً ولا نقشبنديّةً ولا شاذليّةً؛ لأنّ المسلم يقول: أنا لا أريد أن أصير نّقشبنديّاً.. فيظن أنَّ النّقشبندي شيء زائد على إسلامه، ولا يعرف أنّ النّقشبندية هو التّربية الإسلاميّة الحقيقيّة الروحيّة الربَّانيّة الكاملة، فإذا كان يفهم هذه اللّغة سنُكلِّمه باللّغة التي يفهمها، نقول له: فلنرجع إلى لغة القرآن، فكلّ النّاس يُؤمنون بهذه اللغة، قل له: تعال حتى نزكِّي أنفسنا ونبحث عن مُزكٍّ لأنّ هذه مهمّة الإسلام، قال الله تعالى: ﴿بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ﴾ [سورة الجمعة: 2]، فسيدنا أبو بكر رضي الله عنه قد زكَّاه النَّبيُّ ﷺ، فأنت من زكَّاك؟ يقول لك: ماذا تعني تزكية؟ ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ [سورة الشمس: 9]، اشرح له التّزكية، التزكية: هي توبة وطهارة النّفس عن كلّ نقائصها وتحليتها بكلّ فضائلها.. فسيدنا أبو بكر رضي الله عنه قد زكَّاه النَّبيُّ ﷺ، فهل يوجد مزّكياً بعد الَّنبيِّ ﷺ؟ يوجد: ((الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ)) 13 ليس عُلماء القيل والقال والفقه الجسدي فقط، يجب أن يكون العالِم عالِماً ربَّانياً حكيماً، ومزَكِّياً ومربِّياً، يُعَرِّف بالله تعالى، وينقل القرآن من القرآن المكتوب إلى القرآن المنظور، فيجعلك أنت قرآناً، يعني؛ أن يجعل أعمالك أعمال القرآن، أي: القرآن العملي، فذاك القرآن هو قرآن كلامي وأنت تصبح قرآناً عملياً، ففي القرآن الكلامي قال الله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [سورة المؤمنون: 1- 2] فأنت أصبحت الخاشع في صلاتك، وحوَّلت الكلام إلى عمل، فصرت القرآن العملي، ((سُئِلَتْ عَائِشَةُ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ فَقَالَتْ: كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ)) 14 ، فإذا أردت أن تقرأ القرآن لتعرف أخلاق القرآن فانظر إلى النَّبيِّ ﷺ بدلاً من أن تنظر في الورق؛ لأن القراءة في صفحات الأعمال تؤثِّر أكثر من القراءة في صفحات الأوراق والحبر الأسود على الورق الأبيض.
قال: ((ولَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبِهَا)) 15 ، هذه الصّلاة التي كان يُصَلِّيها النَّبيُّ ﷺ والتي عَلَّمَهَا لأصحابه رضي الله عنهم، وصلاتنا لا نتركها، بل يجب علينا أن نُكمِّلها.. كما لو عُقِد قِرانك فقط فهل يأتيك أولاد بمجرد عقد القِران من غير عرس؟ لا يأتيك طبعاً، وحتى لو صار لك عرس وفرحوا بك ووضعوك على كرسيِّ الزّفاف، ولا يوجد سرير ولا غرفة نوم فهل يأتيك أولاد؟ كذلك الصّلاة الجسديّة لازمة ولا تصح من دونها، لكن كمِّل طريقك، وابحث عن الشّيخ الذي يُعلِّمك صلاة الجسد، والذي يُعَلِّمك صلاة الرّوح؛ الصّلاة مع الله عز وجل، والصّلاة التي تُفَجِّرْ في قلبك العلم والحكمة والنّور والإيمان والفضائل والأخلاق، وتجعلك الإنسان الملَك، بل الإنسان المَلِك؛ ملَكاً وملِكاً.. كان سيِّدنا أبو بكر رضي الله عنه إنساناً ملَكاً وملِكاً، والملِك هو من يستطيع أن يملك نفسه، فيملك أهواءها ونزواتها وطيشها وشهواتها ويُمَشِّيها على صِراط الله.
مثل الصلوات الخمس كمثل نهرٍ جارٍ عذبٍ
قال رسول الله ﷺ: ((مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كَمَثَلِ نهرٍ جارٍ عذبٍ)) 16 يُشبِّه النَّبيُّ ﷺ الصّلوات الخمس بنهرٍ جارٍ وليس بِركة مياه واقفة [ساكنة] لا تجري فتصبح نتنة وفيها الدود، عذب ٍأي: ليس مالحاً، ((عَلَى بَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، فَمَا يُبْقي ذلِكَ مِنَ الدَّنَسِ؟)) إذا كانت نفسك مُدنَّسة بالكذب، وأنت تصلِّي هذه الصّلاة، فيسقط الكذب بغَسلك بهذا النّهر وتنظف منه، وإذا كان في لسانك غيبة أيضاً فلسانك سينظَّف من الغيبة إذا كنت تصلِّي هذه الصّلاة، وأما إذا كانت صلاتك فارغة ومن غير ربح ولا خسارة.. كما لو كانت رصاصتك خالية من البارود، فإذا كان فيها كبسولة وانفجرت، هل الكبسولة تُخرج الرصاصة؟ كذلك الصّلاة بالغفلة، والتي من غير مدرسة الذّكر وإيمان الحبّ الذي كان يقول عنه النَّبيُّ ﷺ: ((لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَنَفْسِهِ التي بين جنبيه)) 17 هل بحثت على من يجب أن تحبُّه هذا الحبّ حتّى يصير لك ذلك الإيمان؟ أنت لا تعرف الحُبَّ، تعرف فقط حب القطط حب شباط [فبراير]، فأنت في هذا الحب ممتاز ومعك دكتوراه، وتعرف كذلك الحب البقري؛ لأن بطنك أمامك كبطن البقر، تأكل وتشرب طوال النهار، وعندك حُبُّ النّساء والزّينة والخروق والثّياب، وتعرف كذلك الحب القاروني حُبّ الذّهب والمال، ولكن أين الحُبُّ الإيماني؟ أن تُحِبَّ الله عز وجل ورسوله ﷺ، وتحب من يدلُّك عليه وعلى رسوله ﷺ حتّى تعرف الصّلاة التي يصير لك ببركتها هذا الاغتسال كلّ يوم خمس مرات، من ماذا يكون هذا الاغتسال؟ هل من دسم ووسخ الطعام؟ هذا يزول بالصابون، أم من الجراثيم إذا كانت يديك مُلوثة بها؟ فهذه تزول بالمُعقِم، وإنما هذا الاغتسال حتّى تُطَهِّر نفسك من الفواحش ما ظَهَرَ منها وما بطن، فيجب عليك أن تذهب وتبحث عن فقيه يُعَلِّمُكَ الصّلاة التي عَلِمَها النَّبيُّ ﷺ وعلَّمها لأصحابه رضي الله عنهم، والتي عرفها العارفون بالله تعالى، لم يُعَلِّمنا النَّبيُّ ﷺ الرّوحانية حتّى نصير رهباناً في الدير، بل كانوا في الإسلام رهباناً في الليل ولم يكونوا رُهباناً في النّهار، وإنما كانوا أُسوداً وفرساناً في النّهار، كانوا فرسانَ العِلم والحكمة والنّجاح والبطولات والنصر، فرساناً مُظَفَّرين ومنتصرين في كلّ معركة دخلوها.
قال ﷺ: ((يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مراتٍ فَمَا يُبْقِي ذَلِكَ مِنَ الدَّنَسِ؟)) 18 ، فإن كان يغتسل مثل غاندي ببول البقر فهل يبقى عليه الدّنس أم سيزول؟ وإذا استبدل بول البقر مرة ببول الحمير؟ وأخرى ببول الخيل أو ببول الأطفال ومرَّة أخرى بغير ذلك كالذي يغتسل بنهر تصب فيه القاذورات فتصبح صلاته كلّها غفلات ولهو.. لماذا أمر النَّبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام بالاعتكاف؟ حتّى ينقطع الإنسان عن كلّ مشاغل قلبه في أمور الدّنيا ليَحْصُرْ قِواه القلبيّة والرّوحيّة والفكريّة نحو الله عزَّ وجلَّ.. كمثال الطاقة الشمسية الآن حيث يضعون خمسين مرآة ويوجهون كل هذه الإشعاعات نحو طاقة واحدة فترتفع درجة الحرارة فيها إلى ثلاثة آلاف؛ لأنّه المرآة الواحدة تُعطيك حرارة أربعين أو خمسين، فمجموعهم ككلّ يصبح كبيراً، وأيضاً إذا لم تجمع كل طاقاتك من نافذة واحدة لا يذوب الحديد ولا تتولَّد الطّاقة التي تشَغِّل المعامل والمحرِّكات.
مفتاح الجنّة الصّلاة
قال رسول الله ﷺ: ((مَفَاتِيحُ الْجَنَّةِ الصَّلَاةُ، وَمَفَاتِيحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ)) 19 فصلاة الجسد مفتاحها طهارة الجسد، وصلاة الرّوح مفتاحها طهارة الرّوح من الذّنوب الظّاهرة والباطِنة، ومع وضوئها بذكر الله عز وجل ومحبّته وبالعِلم وبالحكمة.
صفوة الإيمان الصلاة
((لِكُلِّ شَيْءٍ صَفْوَةٌ- خلاصة- وَصَفْوَةُ الإيمانِ الصَّلَاةُ، وَصَفْوَةُ الصَّلَاةِ التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى)) 20 ، عندما تقول “الله أكبر”، هل أنت صادقٌ أم كاذبٌ؟ هل “الله أكبر” في قلبك أم زوجتك؟ أم دكانك أم رفيقك أم بطنك أو فرجك؟ أم كلام النّاس؟ فلا تسأل إن رضي الله أم سَخِط، ولا تسأل إن اكتسبت رضاء الله عز وجل أم سخطه.. لا يَصْدُق بكلمة “الله أكبر” إلّا صاحب القلب الأنور والأزهر والأعطر.
إلّا وجبت له الجنة
وقال ﷺ: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ)) فإذا قلنا أنَّ الوضوء والطّهارة يشملان النّاحية الجسديّة والرّوحيّة: ((ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ فيهما على الله بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ))، أي: يستقبل الكعبة بوجهه، ويستقبل ويتجه بقلبه إلى الله عزَّ وجلَّ ((إِلاَّ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ)) 21 أمَّا إذا استقبل الكعبة بجسده، واستقبل الله تعالى بظهره، هل هذا وجبت له الجنّة أم النّار؟ لكن على كلّ حال لا نقول وجبت النّار، بل نقول له: صلِّ.. لأنه إذا كان يريد أن يتعلَّم الطّيران من سائق طنبر [عربة تجرها دابِّة] وأعطاه شهادةً أنّه يُحسِن القيادة، وبهذه الشهادة [قيادة الطنبر] يريد أن يقود الطّائرة، فمن الرحمة إذا لم تطر هذه الطّائرة، وإذا طارت فيه فهذه الكارثة الكبرى؛ لأنّه إذا أراد أن يهدِّأها فلن تهدأ، أو أن يُخفِّضها فلن تنخفض، أو أن يوقفها فلن تقف.
كان عندي في الأربعينات فرس، لكنّها كانت فرس أصيلة من الخيل الطويلة التي رقبتها كرقبة الجمل، وكانت شَلُوشْ؛ يعني غير هادئة، وخَطِرَة لمن لا يعرف طبعها، تذهب بمن يمتطيها بمجرد أن يضع رجله بالرِكاب كسرعة الصّاروخ، فلا يلحق أن يصعد على ظهرها حتى تجره خلفها، وأما من يعرف طبعها عندما يريد أن يركبها يشد لجامها مباشرة.. وفي يوم من الأيام، قلت: إن هذه الفرس تحتاج حدوةً [قطعة حديد خاصة تثبت أسفل رجل الفرس ليمشي عليها] عند البيطار، فقال لي أمين الجلَّاد- رحمه الله-: أنا آخذها.. فأعطيته إياها وقلت له: انتبه، ولكن لا أعرف كيف أعطيته إياها؟ الخلاصة أنه ركبها ولم يشُدَّ اللجام فطارت مثل الصاروخ، كالسيارة إذا لم يضع لها أول ثم ثاني أو ثالث، إنما وضع لها الخامس مباشرة، فكان يركبها واللّجام غير مشدود ففي منطقة شارع بغداد [شارع في وسط دمشق] انطلقت كالريح وكأنها تُغِير على العدو، وهو لم يكن خيَّالاً فارتعب وهو على ظهرها، فصار يصرخ ويقول: يا إسلام أوقِفوها، أرجوكم أوقفوها.. الخلاصة: هذه فرس في الأرض، فكيف إذا كانت طائرة فوق؟ فإذا كان قد أخذ شهادة سواقة لعربة حمير، أو أخذ شهادة فقه جسدي، ويريد أن يُعَلِّم الإسلام والصّلاة التي أرادها الله عز وجل والنَّبيُّ ﷺ، والتي فُرضت فهذا سوف يفشل، لذلك لم يعد هناك شيخ؛ لأنّ الشّيخ لم يتعلَّم المشيخة، وإنما يعرف من الكنافة [نوع من الحلويات] أنَّها شيءٌ مبروم، فإذا أتينا له بعصا ثخينة وقطَّعناها له، فيقول عنها: أنها كنافة، كذلك الخيار يقول عنه كنافة.. فمعرفته بالكنافة بصفة من صفاتها، ومعرفته بالصّلاة بصورة فقط من صورها.. إنك لا تدخل في قلب الصّلاة وأعماقها حتّى تتذوق فستقها وعَسَلَها وقشطتها.. فإذا لم تتذوق ذلك يحصل لك كما حصل مع ذاك البدوي الذي لم يعرف من الدّبس [حلوى مصنوع من التمر أو العنب] إلَّا لونه، وحين مرَّ من ناحية السّوق العتيق شمالاً على خان الزّيت [مكان يبيعون فيه القطران] وهو لا يعرف من الدّبس إلا لونه، فرأى القطران فظنّه دبساً وكان جائعاً، فاشترى كيلوغراماً من الخبز وسأل بائع القطران كم الكيلو؟ فأخبره بسعره، فقال له: ضع لي كيلو من الدبس، قال له: هذا قطران، قال له: أنتم أهلَ الشّام لا يعجبكم البدو وتظنون أنّهم لا يفهمون، ضع لي أقول لك، قال له: هذا قطران، قال له: لماذا هذه الفظاظة؟ الخلاصة: رآه أصرَّ فوضع له، فبدأ البدويُّ بالأكل فوراً وقال له: لكن طعم هذا الدّبس مُرّ قليلاً.. فهل هذا صاحب ذوق وفهم؟ هكذا أصبحت صلاتنا وإسلامنا وديننا، ولا صلاح للعالَم وللأمم ولن يتحقق السلام، ولن تتحرَّر فلسطين إلّا أن نعود إلى الصّلاة، وإلى كتاب القائد الأول، وإلى دين الله عز وجل الذي لم ينزله إلّا لسعادتنا في كلّ ميادين الحياة.
لا نجاحات إلّا بالإسلام
بدأت الشّيوعيَّة العالميّة الآن تعرف الإسلام، حكيت لكم عن خِطاب بريجينيف، وسأقرأ لكم نصَّه الحرفي الآن، كانت الشّيوعيّة قبل مئة سنة متمثلةً بزعيمها ماركس الذي كان يقول: “الدّين أفيون الشّعوب”، تبين الآن بأنّها كانت بعقل رجعي وكانت شّيوعيّة رّجعيّة، فأما الشّيوعيّة التّقدميّة- على لسان بريجينيف- فيقول في خِطابه المطبوع في الثالث والعشرين من شهر شباط سنة واحد وثمانين؟ أي من حوالي شهر وسبعة أيام، يقول: “في الآونة الأخيرة أخَذَتْ تُطرح في بعض بلدان الشّرق بصورةٍ مُكثفةٍ الشِّعارات الإسلاميّة”، هذه الشعارات مثل: “لا نجاح إلّا بالإسلام”، “لابدَّ من عودةٍ إلى الإسلام”.. صارت هذه شعارات الشّعوب الإسلاميّة؛ لأنها استيقظت فقرأت تاريخها، ورأت أمجادها، ورأت كيف أن العرب والمسلمين لما حملوا لواء الإسلام لم يستعمروا شعوب العالم وإنما وحَّدوها؟ وجعلوا الأسود والأبيض والشّرقي والغربي والعربي والأوربي كلَّهم أبناء عائلةٍ واحدةٍ، يتساوى في الحقوق مَلِكُهَا وصُعلوكُها.
يقول بريجينيف: “نحن الشّيوعيين”.. الشيوعيّين أم الشيوعيّون؟ [يجيب أحد الطلبة، فيقول سماحته:] نعم صحيح- فتح الله عليك- لقد أصبحتم جيدون، ولكن تحتاجون إلى ذكر وقلب وقيام ليل، ويكون ذلك تحت قيادة الذكر.
“نحن الشّيوعييّن نحترم المعتقدات الدّينيّة للمؤمنين بالإسلام والأديان الأخرى أيضاً”-هذا على حِساب الإسلام- “فالأمر الرّئيس -أي الذي يهتم به- يتلخَّص في الأهداف التي تتوخَّاها القوى التي ترفع هذه الشّعارات أو تُنْقَل”، أي أن المسلمين إذا رفعوا شِعارات الإسلام فالعبرة بالهدف.. فإذا كان الهدف أن نُصلي هذه الصّلاة الميِّتة ونحج هذا الحج الميِّت فقط فليس لها قيمة، أمَّا إذا كانت هذه الشّعارات تهدف إلى الـمُثُل العليا التي هدف إليها النّبي ﷺ وأنتج ما هدف إليه، فسيكون الأمرُ عظيماً.
قال: “إن النضال التحرري” هدف الشّيوعيّة الآن تحرير الشّعوب بحسب دعواها، لكنّه تحرير الشّعوب من أميركا حتّى تقع تحت استعمار روسيا، أي كما يقولون: “قام من تحت الدلف لتحت المزراب” [مثل عامي يعني أنه ذهب محتمياً من المطر الشديد وجلس تحت المزراب الذي مياهه أكثر بكثير، وهو مثل يطلق على من انتقل من حالة سيئة إلى حالة أسوء] فيُكتَم نَفَسَه فلا يستطيع النفس، لكن: ﴿وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [سورة التّوبة: 32]، والحق سوف يظهر.
تحت راية الإسلام
قال: “إنَّ النّضال التّحرري يمكن أن يتطوَّر تحت راية الإسلام”، قال: يُمكن أن تتحرر الشّعوب، وأن يكون نضال تحرُّري تحت راية الإسلام، ولكن هل يناضل الشيوعيُّون الآن للتّحرير؟ أم للتّرقِّي؟ أم للتّقدُّم؟ يقول بريجينيف: إن هذا يمكن أن يكون تحت راية الإسلام.. لكن أي إسلام؟ هل هو إسلام الجمود؟ أو التزمُّت؟ أو لا أخلاقي؟ بل هو الإسلام الذي عَلِمَه وعَمِلَ به النَّبيُّ ﷺ وعلَّمَهُ للنّاس، قال: “وهذا” يعني: أنه يُمكن تحقيق التّحرير والنّضال تحت راية الإسلام وأن يتطوَّر ويتقدَّم، قال: “وهذا تدلُّ عليه الخبرة التّاريخيّة” يقصد أن الذي يدرس التّاريخ يرى بأنَّ الإسلام عنده هذه الكفاءة وهذه الجدارة، قال: “بما فيها آخِرُها” آخر تجربة؛ ربَّما كان يقصد بها قضية إيران، “بيد أنَّ هذه الخبرة التّاريخيّة ذاتها تدل على أنَّ الشّعارات الإسلاميّة تستخدمها كذلك الرّجعيّة”، يعني إذا فُهِمَ الإسلام فهماً جامداً وميِّتاً وجزئيّاً وليس فهماً استيعابيَّاً وشموليَّاً يُمكن أن يعطي العكس.
أنا كنت أتَكَلَّم مع السّفير السّوفيتي هذا الكلام نفسه قبل سفري للعمرة بيوم واحد، قلت له: “أنتم لا تَعرِفُون الإسلام، فالإسلام فيه قابليَّة التّطوُّر والتّقدم والتّحرر والنِّضَال والصّناعة والتّكنولوجيا”، وبينما أتكلَّم معه قال لي: “أرجوك، لقد تكلَّم بريجينيف مثل كلامك في خِطابه الأخير”، قلت له: “أنا لم أسمعه”، قال لي: “هل تحب أن أرسل لك الخطاب؟” فأرسله لي، فقرأته وإذا به صحيح.. فشمس الإسلام سَتُشرِق، فمن كان يَخطُر على باله أنَّ زعيم الشّيوعيّة العالمية يُقِرُّ بعظمة الإسلام، وأنّه يُمكِن أن يوصل الإنسان إلى أعلى درجات السّعادة، وهذا [بريجينيف] لم يعرف من الإسلام إلّا الإسلام السّطحي، فلو عرف الإسلام القلبي والروحي، لكان كما قال الشّاعر
لو يسمعون كما سَمِعتُ كلامها خرُّوا لعزة رُكَّعاً وسجوداً
ما سبق كان من: “تقرير اللجنة المركزيّة للحزب الشّيوعي في الاتحاد السّوفيتي إلى المؤتمر السّادس والعشرين للحزب، موسكو: 23-2-1981.”
سيأتي الوقت الذي سيشمل الإسلام الدّنيا كلها، ويصل إلى ما وصل إليه اللّيل والنّهار، لكن ليس ونحن قاعدون، كما قال الله تعالى على لسان بني إسرائيل: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ [سورة المائدة: 24]، هل انتشر الإسلام والنَّبيُّ ﷺ نائماً؟ أم وهو يشرب الشاي الأحمر والأخضر؟ أم وهو يأكل اللحم المشوي وأطايب الطعام وذاهب إلى الزبداني [منطقة في ريف دمشق للتنزه] ويمسك في يده النرجيلة؟ [هذا حال واهتمام كثير من أهل دمشق] كان يقول ﷺ: ((رجعنا مِنَ الْجِهَادِ الْأَصْغَرِ إِلَى الْجِهَادِ الْأَكْبَرِ، جهاد النّفسِ والهَوَى)) 22 ((ولا راحة لمؤمنٍ إلّا بلقاء وجه ربه)) 23 ، وإنما فعل النَّبيُّ ﷺ الذي فعله بالجهاد وبالنّضال وبالعلم وبالذِّكر وبالمعلِّم وبالمربِّي وبالصّدق وبالإخلاص.
والكنيسة كذلك اعترفت الآن، وهناك شهادة باعترافها، وقد قرأت لكم البيان الذي اتفقنا عليه مع اتحاد الكنائس في ألمانيا، باعترافهم أنَّ محمداً رسول الله ﷺ، هذا اعتراف الكنيسة المسيحيّة، والكنيسة الشّيوعيّة، فهل يجب على الإسلام الميِّت أن يتحرَّك؟ أم نصنع له كفناً ثانياً؟ لأنّ الكفن الأول أصبح قديماً.. قوموا واستيقظوا يا بني! هذه تحتاج إلى ذكر وتزكية نفس، وبعد ذلك إلى علوم القرآن ثمَّ الدعوة إلى الله عز وجل، وأن تكون مُجَلَّلَة بالحكمة والصّدق والأخلاق، وكذلك إلى النّظر للعالَم كلّه وللشّعوب أنّنا أبناء عائلةٍ واحدة ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ [سورة الأنبياء: 22]؛ وذلك ليعيش الإنسان مع الإنسان، لا أن نعيش بمستوى أقل مما يعيش الحيوان مع الحيوان، والغزال مع الغزال، والغُراب مع الغُراب، فلا يوجد حروب عندهم بل سلام، والعصفور مع العصفور كذلك في سلام، فالحيوان يَنْعُم بالسّلام، والإنسان رغم التّكنولوجيا وعلوم القرن العشرين تَحْرِقُه النّيران ويقودُه الشّيطان إلى الخراب والدّمار، ويظنَّ نفسه أنّه ترقَّى وصار في أعلى مرتبة.. لا رُقيَّ إلّا بثقافة الله تعالى وعلوم القرآن وعلوم الإسلام.. وهذه الأمثلة مما تقدم ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [سورة يوسف: 26].
انتهى وقتكم وأخذنا خمس دقائق من الأول ومن الآخر، فهل لكم عندي أم لي عندكم؟
وصلَّى الله على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه، والحمد لله ربِّ العالمين.
Amiri Font

مُلْحَق

ابقوا موضع حُسن الرّجاء وصدق الأمل
أنا في هذه المرَّة التي سافرت فيها مع أنَّ سفري كان كلّه تعب، لأنني ذهبت بعمل وكنت مريضاً وزاد مرضي في السّفر، ويعرف ذلك الشيخ بشير، وبالرغم من أنه كان بين الفندق والحرم مئة متر فقط، كنت أقف خمس أو ست أو سبع مرّات من آلامي، رغم كل هذا وكذلك سِنِّي وصحتي وواجِباتي ذهبت من أجل الطّلاب.. حتَّى تعرِفوا كم تُبذَل طاقات من أجل خاطركم، فلا تُضَيِّعوا هذه الطّاقات، وابقوا موضع حُسن الرّجاء وصادق الأمل بالهمّة العلميَّة والعمليَّة والجسميَّة والقلبيَّة، وأسأل الله لي ولكم التّوفيق.
ما اسم رفيقك يا أخ عبد الهادي؟ زارني البارحة أستاذ فرنسي في الجزائر قد أسلم ووالده خوري في فرنسا، بلَّغ والده بإسلامه فبعث له والده كتاباً يقول له بلطف: أنّه لو يبقى على دينه، فيجاوبه بإصراره على الإسلام، فيبعث له والده كتاباً ثانياً يقول له فيه: إذا أصَرّيت فلا مانع، على كلّ حال أنا سوف أخرج من الكنيسة إلى التّقاعد هذه السّنة، لذلك لن يكون علي ضّغط فلا مُشكلة في إسلامك.. وسألته عن إسلامه، فقال لي: إن إسلامه كان بالدّراسة، يعني؛ لا يوجد شيخ، فالإنسان الأوربي إنسان راقٍ لا يرى أنَّ الكنيسة تُذهِب جوعته وتُشبع نُهْمَتَه، فيبحث مثل الضّائع في الصّحراء، والمسلمون ضائعون هنا في صحراء الجهل، أولئك يريدون أن يخرجوا وسوف يُسلِمُون، ومع الأسف هم سَيُعَلِّمُونَنَا الإسلام، [ولكنهم يحتاجون إلى إسلام القلب] لأنّ إسلام القلب لا يصير بالورق، بل يحتاج للقدوة وللوجدان وللشّعور وللضّمير وللحال وللرّوح، وهذه لا تصير إلّا بالصّحبة والمحبّة؛ لأنّه لا تتخالط القلوب إلّا بطريق الحبّ والقرب الرّوحي.
التّمنِّي هو مجرد كلام
سمعت أن الأستاذ زياد خطب خطبة عن هذا الموضوع [خطاب بريجينيف]، هل الأستاذ زياد موجود هنا؟ من منكم قد سمع خطبته؟ هل كان هذا موضوع خطبته؟ -فتح الله عليه- أنا أعرف كيف أضع البذار.. أسأل الله أن يهدينا كلنا، إذا كان الشّيوعي من هنا فهو ابن البلد، وإذا كان في موسكو كذلك هو أخونا في الإنسانية، وكذلك الفرنسي أخونا والأميركي والإفريقي والصّيني، فالإنسان أخو الإنسان أحبَّ أم كَرِه.. اللهم أعدنا إلى الإسلام.. لكن إذا دَعيتم فكِّروا قبل أن تدعوا: هل أنتم صادقون بهذا العمل؟ فإذا كنت عطشاناً وقلت: “يا رب أريد كأس ماء!”، وأنت تعرف أنّ الماء في المطبخ ولم تَقُم إلى المطبخ لتحضره، هل تكون صادقاً في دعائك أم كذَّاباً؟ وكذلك إذا قلت: يا ربّ ارزقني ولداً وكنت متزوجاً وزوجتك أمامك، وأجلستها على الكرسي للنّظر والعرض، هل يأتيك أولاد؟ أنت كذَّاب في طلب الولد.. تدعو أن يعيدك الله إلى الإسلام.. وهذا يحصل إذا عدت أنت إلى الإسلام، ورأيت من يعيدك إلى الإسلام، واجتمعت بمن يعيدك إليه.. وإذا عدت تصير كالشّمعة المشتعلة التي فيها قوة لتُشعل غيرها، والشّمعة المشتعلة تُشعِل ألف شمعة، والألف يُشعِلون مليار شمعة.. هكذا اطلبوا من الله عز وجل أن يُعيدكم للإسلام، أمَّا عودة الكُسالى والتّمنِّي فهي مجرد كلام بُطّال.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين.
صلّوا ركعتي صلاة الضّحى من أجل أن يكتب الله عز وجل لكم ثواب حجةٍ وعمرة.. وهذه الجلسة ممكن يستفيد منها الشخص أكثر من الذي يذهب إلى هناك [العمرة]، لأن الذي يذهب إلى هناك قد لا يصير له هذا الفتح، ومن يصلي يحصل على الأجر -إن شاء الله- لكن في الحقيقة هذا يحتاج إلى صحبة.
الحواشي
- المعجم الأوسط، الطبراني، رقم: (6075)، (6/158).
- سنن الترمذي، كتاب أبواب الصلاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في كثرة الرّكوع والسّجود وفضله، رقم: (388)، سنن النّسائي كتاب التطبيق، باب ثواب من سجد لله عز وجل سجدة، رقم: (1139)، سنن ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في كثرة السجود، رقم: (1424) واللفظ له، سنن الدارمي، كتاب الصلاة، باب فضل من سجد لله سجدة، رقم: (1461)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (21490). (5/164).
- صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، رقم: (482)، سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب في الدعاء في الركوع والسجود، رقم: (875)، سنن النسائي، كتاب التطبيق، باب أقرب ما يكون العبد من الله عز وجل، رقم: (1137)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (9442)، (2/421).
- المعجم الأوسط، الطبراني، رقم: (4951)، (5/163)، الفردوس بمأثور الخطاب، الديلمي، رقم: (1143)، (1/291).
- كنز العمال، رقم: (20084)، (7/526)، وذكر أن الحديث أخرجه سعيد بن منصور عن أبي عمار.
- حلية الأولياء، أبو نعيم، (9/279)، و(10/192)، البداية والنهاية، ابن كثير، (7/371).
- صحيح البخاري، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة، رقم: (595)، (3/7)، المقصود قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)).
- المعجم الأوسط، الطبراني، رقم: (2292)، (2/383)، مسند الشهاب للقضاعي، رقم: (268)، (1/182).
- سنن أبي داود، أول كتاب العلم، باب الحث على طلب العلم، رقم: (3641)، سنن الترمذي، كتاب العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، رقم: (2682)، سنن ابن ماجه، كتاب المقدمة، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، رقم: (223).
- رواه أبو داود أول كتاب العلم، باب الحث على طلب العلم، رقم: (3641)، ورواه الترمذي، كتاب العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، رقم: (2682)، ورواه ابن ماجه، كتاب المقدمة، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، رقم: (223).
- سبق تخريجه.
- المعجم الأوسط، رواه الطبراني، رقم: (562)، (1/177)، حلية الأولياء، أبو نعيم، (6/174).
- رواه أبو داود أول كتاب العلم، باب الحث على طلب العلم، رقم: (3641)، ورواه الترمذي، كتاب العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، رقم: (2682)، ورواه ابن ماجه، كتاب المقدمة، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، رقم: (223).
- مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (25341)، (6/163).
- صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما، رقم: (634)، سنن النسائي، كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، رقم: (487).
- مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (14896)، (12/ 166)، سنن الدارمي، كتاب الصلاة، باب في فضل الصلوات، رقم: (1182).
- صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان، رقم: (15)، بلفظ: ((لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)).
- صحيح البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب الصلوات الخمس كفارة، رقم: (505).
- سنن الترمذي، كتاب أبواب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور، رقم: (4)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (14703)، (3/340).
- شعب الإيمان، البيهقي، رقم: (2649)، (4/364)، مسند أبي يعلى الموصلي، رقم: (6143)، (11/3).
- صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء، رقم: (234).
- أخرجه البيهقي في الزهد، رقم: (165)، (373)، ولفظه: قدِمْتُمْ خَيْرَ مَقْدَمٍ مِنَ الْجِهَادِ الْأَصْغَرِ إِلَى الْجِهَادِ الْأَكْبَرِ. قَالُوا: وَمَا الْجِهَادُ الْأَكْبَرُ؟ قَالَ: مُجَاهَدَةُ الْعَبْدِ هَوَاهُ " وقال: " هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ"، تخريج أحاديث الإحياء، (4/1537). كشف الخفاء، (1/486).
- ورد بمعناه عن أبي قتادة بن ربعي الأنصاري أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة فقال ((مستريح ومستراح منه قالوا يا رسول الله ما المستريح والمستراح منه قال العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب))، صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب سكرات الموت، رقم: (6147)، صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب ما جاء في مستريح ومستراح منه، رقم: (950).