تاريخ الدرس: 1993/10/22

في رحاب التفسير والتربية القرآنية

مدة الدرس: 01:01:50

سورة الملك، الآية: 5 / الدرس 2

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، وأفضل الصّلوات وأكمل التّحيّات المباركات الطّيبّات على سيّدنا محمّد خاتم النّبيّين والمرسلين والمبعوث رحمة للعالمين، وعلى أبيه سيّدنا إبراهيم، وأخويه سيّدنا موسى وعيسى، وجميع إخوانه من النبيّين والمرسلين، وآل كلٍّ وصحب كلٍّ أجمعين، وبعد:

آيات الله تعالى في عظيم خلقه:

فيقول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ [الملك: 5 – 7]

فسورة الملك تشرح بعض مملكة الله وعظمتها، وكذلك تبيّن خيرات الله التي تفيض على من فيها، وسلطانه عزّ وجلّ الذي هو على كلّ شيء قدير؛ فلا يملك أحد غيره مثل سلطانه.. فهو يملك الموت والحياة: الحياة في الإنسان وفي الحيوان والنّبات والكون والملائكة وفي كلّ شيء.. حتّى أنه ثبت وجود الحياة في كلّ ذرّة في هذا الوجود، قال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ [الإسراء: 44].

ثمّ ذكر تعالى عالَمَ الفضاء فقال تعالى: ﴿خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا [الملك: 3].. وإذا ذكر الله لنا شيئًا فهذا بعض ملكه وملكوته، أمّا في الحقيقة كما قال تعالى: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ [البقرة: 255]، وقال أيضاً: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء: 85].

الزينة في السّماء تعلمنا الزينة في حياتنا:

خلق الله عزَّ وجلَّ لنا الزينة فقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا [الملك: 5] لم يطلب منّا الأكل والشّرب فقط، قال تعالى: ﴿جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ [الملك: 15] بل خلق لنا الزّينة -الكماليات- سواء كانت للعيون في المناظر الأرضيّة أو السّماويّة، أو كانت في الأسماع من الألحان والأنغام وأصوات الطّيور المغرّدة، أو في المشمومات من الرّوائح والنّباتات العطرة، أو في المطاعم والأذواق… وقد زاد على ذلك زينة السماء فقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا [الملك: 5] فزيّنها الله عزَّ وجلَّ لمن، ومن أجل من، ولمن أخرج الله اللّؤلؤ والمرجان؟ قال تعالى: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ [الرحمن: 22] ولمن الزينة في قوله تعالى: ﴿يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا [الحج: 23]؟ للإنسان.. فلم يُعِدّ لنا الزّينة في الدّنيا فقط، بل أعدّها في عالَم الأرض وفي عالَم السّماء، قال تعالى: ﴿وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ [الحج: 23] ووصف نساءهم بقوله: ﴿كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ [الرحمن: 58] فلا تحتاج نساء الجنّة إلى أحمر الشّفاه للتزيّن والتّجمّل.. فالمرأة المؤمنة إذا كانت فقيهة في القرآن فيجب أن تكون في بيت زوجها كما ذكر القرآن: كأنها اللؤلؤ بياضًا في نظر زوجها، والمرجان حمرةً، عند ذلك تصير في نظر زوجها كالشّمس عند بزوغها، والنّبيّ ﷺ يعلّمنا الزّينة، فيقول: ((إنّ الله يحبّ المرأة البَزِغة)) 1 يعني التي يكون وجهها في عيني زوجها كالشّمس عند بزوغها، فهل وضعها أحمر الشّفاه يقبّحها أم يزيّنها؟ وكذلك إذا وضعت كحلاً أو طيّباً.

فهذا قول الله عزَّ وجلَّ وليس بقولي، فقد أرشد إلى أن تتزيّن وتضع أحمر الشّفاه.. ما لون الياقوت؟ لونه أحمر، وما لون المرجان؟ والمرجان أحمر، أما يقولون: البحر الأحمر؛ لأنّ المرجان يخرج منه، فمن ألوان المرجان الأبيض والأحمر.

فلما وصف الله نساء الجنة أنّهن هكذا في الآخرة، فيجب أن يكنَّ في بيت الزّوجيّة هكذا، وإذا كانت مبتذلة مثل أسفل القدر المحروق، ورائحتها قبيحة كالقطة عندما تأكل حسك السمك.. عندما كنت صغيراً كنت أربي قطةً وكانت أحياناً تنام معنا في الفِراش، وفي الشّتاء كان يباع في الأسواق سمكاً من نهر العاصي، وعندما نحضر سمكًا في البيت يوضع حسك السّمك في القمامة، فالقطة تنزل في القمامة وتأكل الحسك، وتأتي لتنام معنا في الفِراش، ورائحتها كريهة جدًّا، فنمسكها ونلقها خارج الغرفة.. فهل أمر الله تعالى أن تكون رائحتها مقرفة مثل القطة التي في القمامة؟

قال رسول الله ﷺ: ((حُبِّبَ إِلَيَّ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ)) 2 .

كان النّبيّ ﷺ يقول: ((حبّب إليّ من دنياكم النّساء والطّيب)) فمحبة النّساء للرّجال، وأمّا الطّيب فللرّجال والنّساء، فإذا كان النّبيّ ﷺ يحبُّ شيئًا فيجب علينا أن نحبّ ذلك الشّيء، لكن إن كان خاصًّا بالنّبيّ ﷺ فهو خاص به. فإذا قال: أنا أحبّ عائشة، فنحبّها حبّ التّكريم والتّقديس.. ((وجعلت قرّة عيني في الصّلاة)) الله الله.. فجمع النبي ﷺ الدّنيا والآخرة؛ حظّ الرّوح، وحظّ النّفس والجسد.

((إنّ الله يحبّ المرأة البَزِغة)) التي تتشبّه بنساء الجنّة.. ما صفات نساء الجنّة؟ قال تعالى: ﴿كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ [الرحمن: 58]

هل فهمتنّ يا أخوات؟

وعن السواك قال النبي ﷺ: ((لولا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالطيب والسواك عند كلّ صلاة)) 3 فإذا تطيّبت المرأة في بيتها كلَّ يوم خمس مرَّات ونظَّفت أسنانها بالمعجون خمس مرَّات.. أمّا إذا خرجت من فمها رائحة كريهة فهل هكذا وصف الله تعالى نساء الجنّة؟ وهل هكذا علَّم النّبيّ ﷺ الإنسان الحياة؟

إن الله جميل يحب الجمال:

قال رسول الله ﷺ: ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، قال رجل: إنّ الرّجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة، قال: إنّ الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس)) 4

فالله تعالى يقول: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا [الملك: 5] لمن الزينة؟ هل هي له سبحانه؟ فتعلّموا من الله أن يكون كلّ شغلكم زينة، قال رسول الله ﷺ: ((إنّ الله لا يُدخِل الجنّةَ من كان في قلبه مثقال ذرّة من كبر)). قالوا: “يا رسول الله أمن الكبر لبس الثّياب الحسنة؟” يعني أن يكون الإنسان متزيِّنًا، ويكون وجهه ناعماً، ورائحته طيبةً، ورائحة إبطه طيّبة، وملابسه نظيفة وجميلة، وسيّارته مرتَّبة، “أمن الكبر لبس الثياب الحسنة؟” فالنبي ﷺ لم يفصّل كلّ شيء بأن يقول سيّارتك وبيتك وشغلك وخُلقك ونطقك، بل قال: ((إنّ الله جميل يحبّ الجمال)) ليس جمال الجسم فقط، بل أعظم منه الجمال في النّفس، والجمال في النّطق، والجمال في المعاملة، والجمال في الخُلق الحسن.. “أمن الكبر لبس الثّياب الحسنة؟” فقال رسول الله ﷺ: ((إنّ الله جميل يحبّ الجمال، ولكن الكبر بطر الحقّ))، بألَّا ترضخ للحقّ إذا كنت محقوقًا، فإذا أخطأت فلا تدافع عن خطئك، فتجمع خطأً وكذبًا.. إن أخطأت، وسئلت: لماذا فعلت هكذا؟ فإن قلت: ما فعلت شيئًا، فتكون قد أضفت إلى الخطأ الكذب.. من يفعل ذلك هو إنسان جبان.. هذا الذي يسمُّونه الشّجاعة الأدبيّة والجبن الأدبي، ليس عنده شجاعة أن يقول: أخطأت.. بينما الإيمان يعلِّم الشجاعة في كلِّ الميادين.

لمّا عرض النبي ﷺ على النّساء الحليب، وقلن: لسنا جائعات يا رسول الله. فابتسم ﷺ، وقال: ((أتجمعنَ جوعًا وكذبًا؟)) 5 فسألنه: هل هذا كذب؟ قال: ((إنّها كذيبة، يمقت الله الكذب والكذيبة)).

((ولكنّ الكبر بطر الحقّ، وغمط النّاس)) بأن تنظر للآخر بنظر الاحتقار لفقره، أو لرثّة ثيابه، أو لأنّك مثقَّف وهو أُمِّيٌّ، وقد يكون أُمِّيٌّ بالقراءة والكتابة، ولكنّه مثقَّف في الأخلاق، وتكون أخلاقك أخلاق الأمّيين، وقد يكون مثقَّفًا بإيمانه، ويكون إيمانك إيمان القمامة، ويكون إيمانه إيمان الفردوس، وقد يكون مثقّفًا بنطقه، كما قال تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا [البقرة: 83]، وقال أيضاً: ﴿وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ [الحج: 24] ويكون منطقك منطق السّفهاء، ومنطق الحمقاء والجاهلين، تُعجب بنفسك بالشّهادة الورقية، وأنت منفوخ مثل الطبل، له صوت لكنّه لا يوجد شيء في الدّاخل..

قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ [الملك: 5] ففي السّماء النّجوم، وقد جعلها الله عزَّ وجلَّ بمسافات محدّدة، وتشعُّ إشعاعات مختلفة بمقادير معينة، وعندما تصل إلى طبقة الأوزون.. وطبقة الأوزون: غازات تحيط بالأرض سماكتها تقارب من ستين إلى سبعين سنتيمتر، فهذه الغازات المسّماة بالأوزون مصفاة تصفِّي الإشعاعات من الإشعاعات القاتلة، وتسمح للإشعاعات التي لا تقوم الحياة على أرضنا إلّا بالمقدار المسموح به.

فأكرمنا الله عزَّ وجلَّ بالآليات في هذا الوجود، وهي جميلة لأنّ الله جميل ((إنّ الله جميل يحبّ الجمال)) فمن الذي يقول هذا القول؟ فلو قال لنا رئيس الوزراء: “زيّنت بيتي لقدومكم”. فمعنى ذلك كم اعتنى بنا؟ وكم نحن نعتزّ لأنّه وضع الزّينة، وجعل أقواس من أغصان الأشجار والمصابيح من أجلنا، وإذا قال لك رئيس الجمهورية: “وضعت لك زينة لأنّك ستأتي إليه”. ربّما ستصبح أكبر من جبل قاسيون افتخاراً، ففي أيّ مكان تقعد تقول: “زيّن الرئيس لي لأنّني أتيت إليه”..

عظم الرسالة من عظم المرسل:

فإذا كان مالك ملكوت الكون يقول لك: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا [الملك: 5] لمن؟ هل للحيوانات؟ بل قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ [الإسراء: 70] فالسّماء الدّنيا التي ترى من كوكبنا، والذي يُرَى من كوكبنا بالرؤية البصرية حسب علماء الفلك لا يتجاوز أكثر من ستة آلاف كوكب، أمّا العدد الحقيقي فقالوا: لو عُدّت رمال الصّحراء الكبرى في الجزائر، فإنّ الكواكب والنّجوم في السّماء أكثر عددًا من رمال الصّحراء الكبرى التي في الجزائر.. ولا يُمثّل كوكبنا الأرضي إلّا ذرّة من هذه الرّمال، فماذا تمثّل أنت أيُّها الإنسان إذا كنت ملكًا أو رئيسًا أو إمبراطورًا أو نبيًّا أو وليًّا أو أيّ شيء؟ وماذا تمثّل في مخلوقات الله؟ وماذا تمثّل في كلمة “الله أكبر”؟ فلو بعث رئيس الجمهوريّة لك ورقة مع شخص لا قيمة له، كيف تأخذ هذه الورقة؟ وكيف تقرؤها؟ وإذا طلب منك طلبات فكيف تنفّذها؟ وإذا قال لك: أريد تفاحًا.. فهل سترسل له تفاحة غير صالحة أو ذابلة؟ بل ستنتقي من سوق الخضار صندوق تفاح فيه كلّ تفاحة ليس لها نظير.

فكيف إذا أرسل الله عزّ وجلّ لك رسالة مع أعظم رسول، لتكون أعظم إنسان قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ [المنافقون: 8] لا يفهمون هذه العزّة ولا هذا التّكريم ولا هذه المكانة التي ما رأت أمّة عزّة مثل إعزازها بكتاب الله تعالى لمّا قَرَأَتْه قراءة العلم والعمل، وقراءة القلب والعقل والفكر، حتّى انعكس القرآن في حياتها، فقلبوا قرآن الكتابة والقراءة إلى قرآن العمل والأخلاق والسّلوك، فما تركوا آية إلّا عكسوها أعمالًا، قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون: 8] فكانوا أعزّ أمم الأرض بعد أن لم يكونوا شيئًا مذكورًا.

فما خلَّد التّاريخ أمّة في حضارتها وملائكيّتها وتقدّمها ووحدتها وعلومها وأخلاقها كما سجَّل للعرب بعد نزول القرآن، فهل تاريخ العرب العظيم العزيز كان قبل القرآن؟ فماذا كانوا قبل القرآن؟ كانوا أبا جهل وأبا لهب، كانوا وثنيِّين، وكانوا يستشيرون الغربان، فإذا أراد أن يزوّج أو يسافر أو يحارب كان يأخذ حجرًا ويرميه على الغراب فإذا طار نحو اليمين يتيامن ويتفاءل، وإذا طار نحو الشّمال يتشاءم ويتطيَّر؛ لذلك اسمها الطّيّرة، فالتّطيّر كما قال تعالى: ﴿إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ [يس: 18] من كان مستشاريهم، ومن كان مجلسهم النّيابيّ؟ الغربان..

قصة كيف علم الثعلب الإنسان الحقيقة:

والأرقى من ذلك، كيف كان أحدهم يعبد صنماً، ونصحه الصّحابة فلم يستجب لهم، فأتى يومًا ليسجد له فوجد ثعلبًا يبول على رأسه- لم يرضَ أن يأخذ علمه من النّاس، فجاء الثعلب ليعلِّمه الحقيقة- فإذا بال الثّعلب على إلهه فهذا يدلّ على فهم ثعلب، فلو كان عقله مثل عقل صاحبه فهل سيبول عليه؟ كان سيضع له العطور، فصاحبه وضع له العطور، أمّا الحيوان الأعجم فوضع له عطرًا من نوع آخر.. ها هم العرب قبل الإسلام.. والعرب لمّا تركوا الإسلام بعد أن كانت لهم جامعة القرآن تجمعهم مع مئات الشعوب من الصّين إلى فرنسا، حدودهم واحدة، ووطنهم واحد، فلم تجمعهم جامعة عربيّة؟ بل الإسلام رشّحهم وهيّأهم ليكون العالم كلّه وطنهم كما يقول محمّد إقبال

الصينُ لنا والهندُ لنا
والعُرْبُ لنا والكلُّ لنا

أضحى الإسلامُ لنا دِينًا
وجَميعُ الكَونِ لنا وَطنًا

فهل يستطيع العرب أن يقولوا هذا أو أمريكا أو روسيا أو أيّ أمّة من أمم الأرض في الماضي أو في المستقبل؟ أمّا العرب بالإسلام فاستطاعوا أن يقولوه، وهو واقع قبل أن يقولوه، فقالوا ترجمة عن واقع، لا أمنية عن غائب.. فما العرب الآن؟ والتّاريخ هو أستاذ الإنسان، فهل يفقهون التّاريخ؟ ولكن أضاع الإسلام ما قاله أبو العلاء المعريّ رحمه الله وغفر لنا وله

اثنان أهل الأرض ذو عقل بلا
دين وآخر دين لا عقل له

فمن أهل الأرض “ذو دين بلا عقل” ليس فيه عقل الحياة، ولا عقل التقدّم، ولا عقل ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً [البقرة: 201]

الإسلام للدنيا والآخرة:

قبل قليل عندما أتيت إلى الجامع مررت بأخواتكم وقد أقمن سوقاً خيرية، ولأوّل مرّة أرى مثل هذا.. كنت سأحضر الافتتاح البارحة لكن صحّتي لم تساعدني، واليوم جئت للدرس وأنا مخالف لرأي الأطباء.. والله سررت، وإن كان هذا يمثّل ذَرَّة من بحر ما يجب على المسلم والمسلمة أن يعملوه، فيجب أن نكون في الاقتصاد أعلى الأمم، وفي التّكنولوجيا أعلى الأمم، وفي علم الفضاء أعلى الأمم، وفي الثّروة والغنى أعلى الأمم، قال الله تعالى في القرآن عن اليهود: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ [البقرة: 61] فالذّلّة تسلّط العدو، ففلسطين تحت الاستعمار الاستيطانيّ منذ خمسين سنة، وكان العالَم الإسلاميّ قبل ذلك في اختلاف البلدان مستعمرًا، فهل هذا عزّ أم ذلّ؟ وقد ضربه الله سابقًا على اليهود؟

﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ [البقرة: 61] والمسكنة: هي الفقر، فالضّعف والفقر علامة غضب الله تعالى ﴿وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ [البقرة: 61]

كان كثير من المشايخ يعتزُّون بالفقر.. ومن أسماء الله الغني، وليس من أسمائه الفقير.. فهل تقول: “عبد الفقير” أم “عبد الغني”؟ وهل تقول: “عبد العزيز” أم “عبد الذّليل”؟ فعبد العزيز يكون عزيزاً، وعبد الذّليل يكون ذليلاً، وهل تقول: “عبد العليم” أم “عبد الجهول”؟ فحرّفوا الإسلام عن حقائقه، وإن لم يتحرَّف القرآن عن ألفاظه، فالخطر في تحريف المعاني أكثر من الخطر في تحريف الألفاظ، ولكن حُفِظَ اللّفظ بقوله تعالى: ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: 9].

زينة المرأة لزوجها:

قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا [الملك: 5] وقال أيضاً: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف: 31] أتت النّبيّ ﷺ امرأة تبايعه خشنة الكف، طويلة الأظفار، فقال لها: ((لماذا أرى يدكِ كيد السّبع؟)) مثل يد الضّبع ((اخضبيها)) 6 فالنّبيّ ﷺ يقول هذا! فعندما يقول النبي ﷺ: ((اخضبيها)) ما معنى هذا؟ يعني هذا أمر من النّبيّ ﷺ، فهو سنّة، وحكم الجلباب سنّة، وحكم اللّحية سنّة.. فحكم الزّينة عندما يقول النّبيّ ﷺ: ((إنّ الله يحبّ المرأة البزغة)) ما البزغة؟ التي وجهها جميل كجمال الشّمس عند بزوغها.. فإذا كانت متزيّنة ومتجمِّلة لكنّها عابسة ومن عبوستها صارت كالحولاء، وتقطر قطرًا بالمقت والهروب من البيت، فهل هذه بزغة أم ممسوخة؟

فعليها إن دخل البيت أن تسرع وتركض إليه وتقبّله وتقول له: “يا عيوني، يا روحي، والله قلبي عندك” ويكون بيدها عطر فتطيّبه، هذا عند الباب، لا أن تكون عابسةً، وتقول له: “أين كنت، لماذا تأخرت؟” وتعاتبه… فهل هذه بزغة؟ بل هذه ممسوخة، ولا تعرف من الدّين لا قليلًا ولا كثيرًا.. يقول رسول الله ﷺ: ((ولو أمرتُ أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها)) 7 ففي الإسلام لا يوجد سجود إلا لله تعالى، وهنا كأن الله يعطي الأمر صفة إلهية.

((إنّ الله يحبّ المرأة البَزِغَة المَلِقَة)) ما الملقة؟ القطّة عندما تقترب منك، وتخرخر لك، وتقعد في حضنك، وتقف على صدرك، وكلّما أبعدتها عنك اقتربت منك، فهذا اسمه تملّق القطط.. فيقول النّبيّ ﷺ للمرأة: اقعدي بمدرسة القطط، ولتكن أستاذتك القطّة؛ لأنّ ثقافتكِ لم تصل لتكون مثل ثقافة القطط أو ثقافة الحيوان.. فتراها إذا دخل إلى البيت تبدأ أسئلتها: “أين كنت، ولماذا ذهبت، ولماذا تأخرّت؟ ولماذا فعلت؟ ولماذا تركت؟.. فهل هذه مسلمة؟ وهل تقول: أشهد أنَّ محمَّدًا رسول الله ﷺ؟ فلو كانت تشهد أنّ محمّد رسول الله ﷺ حقيقة فعليها أن تتعلَّم كلامه، وتمتثل أوامره، وتمشي على هديه وسنَّته.. والرّجل أيضًا يجب أن يكون هكذا، لا تذهبوا إلى البيت وقد رفعت أنفك، وتطلب منها أن تكون بزغة ملقة وأنت لم تطبّق شيئاً من تعاليم الإسلام.

غضب السيدة عائشة من النبي ﷺ:

كان رسول الله ﷺ أطيب الناس كلامًا ومزحًا وملاطفةً مع أهله. فعندما غضبت السيدة عائشة رضي الله عنها في القصّة المعروفة، وعلم النّبيّ ﷺ غضبها، قالت له: “أنت الذي يزعم النّاس أنّك رسول الله؟” فهذه إذا أردنا أن نطبق عليها الأحكام الفقهيّة فحكمها الردّة.. فهذا شكّ.. فهل قال لها النبي ﷺ: يا فاعلة، يا تاركة، ألستُ نبيًّا؟ فأنتِ كافرة، اقطعوا رأسها؟ بل ابتسم في وجهها، وقال لها: ((أوفي شكّ أنت يا أمّ عبد الله؟)) 8 فبهذه الكلمة أطفأت نار الشّيطان، لم يحملها على مقتضى اللّفظ، بل حملها على مقتضى الانفعال النفسيّ، فالانفعال النفسيّ صحيح، أمّا تلفظها فغير صحيح، فالنّبيّ ﷺ لم يأخذ باللفظ؛ بل أخذ بالمعنى، فقالت له: “فلماذا لا تعدل؟” تريد عدل المرأة الغيور من ضرّتها، ليس العدل الحقيقيّ.. تريد العدل من وجهة نظرها، تريد أن يكون لها كلّه.

﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا [الملك: 5] يجب أن يكون شعركَ أنيقًا، ورائحتكَ لما تدخل البيت جميلة، وملابسك نظيفة.. خذ حمامًا.. فما أجهل المسلمين في الحياة الزوجيّة! فالأمم الراقية تُعلِّم الإنسان الحياة الجنسيّة في المدارس، ونحن نعيب عليهم، وقد يكون هذا قبل أوانه، لكن ينبغي ألَّا يتزوّج أحد الزّوجين إلّا بعد دراسة للحياة الزوجية: أخلاقًا، وواجبات، وتحبُّبًا، وجنسًا، وحقوقًا، ما لها، وما له، ما عليها، وما عليه، بذلك ينشأ البيت السّعيد، والأسرة السّعيدة.

﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا [الملك: 5] وهذه من الزينة: زينة العقل، وزينة الفهم، وزينة أداء الواجب بأن تؤدّيه بشكل جميل.

﴿وَجَعَلْنَاهَا [الملك: 5] يعني السماء ﴿رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ [الملك: 5] فالشياطين لا تقترب من السّماء، ولا من علوم السّماء، ولا من كنوز السّماء، فلمّا اقترب العرب من السّماء عقلًا وفكرًا كما قال تعالى: ﴿وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [آل عمران: 191] وقلبًا وروحًا كما قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [التوبة: 24] فكان الله أحبّ إليهم من حياتهم، وكان النّبيّ ﷺ أحبّ إليهم من أولادهم ومهجهم.

محبة خُبيب رضي الله عنه للنبي ﷺ:

وقع خُبيب رضي الله عنه أسيرًا، فلمّا رفعوه ليصلبوه، قالوا له: “أتحبّ أن تكون في بيتك وأهلك، ويكون محمّد مكانك؟” قال: “والله لو خُيِّرت بين أن أكون في أهلي وأولادي، ويصاب محمّد ﷺ بشوكة -ليس في حلقه، وليس في عينه، وليس في أنفه- في أسفل قدمه لآثرت أن أقتل مصلوبًا، ولا يصاب النّبيّ ﷺ بشوكة في أسفل قدمه”.

فهذا هو الأدب السّماويّ، وهذا هو الحبّ، أين الحبّ الآن بين المسلمين؟ وقد قال رسول الله ﷺ: ((في توادّهم وتراحمهم كالجسد الواحد)) 9 وأين الحبّ للعلماء الذين هم ورثة الأنبياء؟ فعندما يقول لك النّبيّ ﷺ: هذا نائبي ووكيلي.. فلو أعطاك النّبيّ ﷺ حمارًا وقال لك: “هذا حماري”. ماذا ستطعمونه؟ زبيباً ولوزاً وسكراً وعدساً، فهذا حمار النّبيّ ﷺ، وإذا كان قطّ النّبيّ ﷺ فماذا ستطعمونه؟ لحماً وكباباً.. فإذا قال النّبيّ ﷺ لك: هذا وارثي ونائبي، أمره أمري، وحبّه حبّي، وقربه قربي، فهل هكذا يتعامل المسلمون مع ورثة الأنبياء؟ فإذا أعززنا من أعزَّه الله أعزَّنا الله، وإذا أهملنا حقّ من أكرمه الله يذلّنا ويهيننا.

مثل العلماء في الأرض كمثل النّجوم في السّماء:

﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا [الملك: 5] توجد السّماء الماديّة التي فيها الكواكب مثل الأرض والشمس، ويوجد السّماء الرّبّانيّة الروحيّة التي تسمو الروح عشقًا لربها نحو كواكبها وشموسها وأقمارها، يقول النّبيّ ﷺ: ((مثل العلماء)). والعلماء على قسمين: فالعالِم بالفليفلة الحارَّة بعد أن أكلها وأحرق لسانه وحلقه وأمعاءه وعند خروجها من جسده، فهذا اسمه عالِم بحدة وحرارة الفليفلة، أليس عالِمًا؟ عالِماً ذوقياً، وإذا قرأ أنّ الفليفلة حارَّة وأقدم على أكلها، فهل هذا يُعدُّ عالِمًا أم جاهلًا؟ فالذي قرأ اسمه قارئ وليس بعالِم؛ لأنّه لم يعمل بمقتضى علمه.. يقول بعضهم: “أعرف أنّ الغيبة حرام، ولكنّي سأغتاب!”، فهذا أشدّ النّاس عذابًا؛ لأنّ أشدّ الناس عذاباً عالم لم ينفعه الله بعلمه.

قال رسول الله ﷺ: ((إنّ مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء يهتدي بها في ظلمات البر والبحر فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة)) 10 .

فالعلوم السّماويّة زيّنها الله بالعلوم الربانيّة، والعلوم الرّبّانيّة تفاض فيضًا على القلوب المقدّسة الطّاهرة، وعلى النّفوس المزكّاة الذّاكرة التي تعلَّقت بمحبّة الله وأحبابه والأعمال الصّالحة.. فالسّماء الدّنيا معنويًّا مزيَّنة بهذه النّجوم التي قال النّبيّ الكريم ﷺ عنها: ((مثل العلماء في الأرض كمثل النّجوم في السّماء)) فذكر أنّ النّجوم قسمان: نجوم في السّماء، ونجوم في الأرض. فإذا وجدت نجوم أرضية فيعني أنّه يوجد سماء أرضية أيضًا، والجامع بينهما الإنارة والإضاءة ((يُهتَدَى بها في ظلمات البرّ والبحر)) كانوا يمشون في الماضي مستدليّن بنجم القطب الشّماليّ ليهتدوا به، فكذلك العلماء مثل النّجم والبوصلة لتعرف طريقك في البرّ والبحر.. فإذا انطمست النّجوم بسحاب أو أيّ حاجب تحجب عنهم، أو تبتعد عنهم، فيُحجب عقلك عن عقلهم، وقلبك عن قلبهم، وحياتك عن مجالستهم، ((فإذا انطمست النّجوم يوشك أن تضلّ الهداة)) إن كان دليل القافلة سيضلّ ويضيع ويهلك، فماذا سيحصل بالقافلة؟

فالنّجوم قسمان: قسم ماديّ تُضيء أنواره للعيون، ويُهتَدَى بها في ظلمات البرّ والبحر، وهناك النّجوم التي عناهم النّبيّ ﷺ.

أمرتقب النّجوم من السّماء
نجوم الأرض أبهر في الضّياء

“أمرتقب النّجوم من السّماء” لتستضيء وتستدلّ بها في طرق الحياة “نجوم الأرض أبهر في الضّياء” فنورها أقوى وأعظم في إيصالك إلى السّعادة، فنجوم السماء ترشدك لتصل إلى بلد معيّن، قد تخسر وقد تربح، وقد تسعد بالبلد وقد تشقى، أمّا نجوم النّبويّين ((مثل العلماء كمثل النّجوم)) فإذا وصلت بقلبك إلى قلبهم، وفكرك إلى فكرهم، فالنتيجة سعادة بلا شقاء، وربح بلا خسارة، ونصر بلا هزيمة، وتقدّم بلا تخلُّف.

أَمُرتَقِبَ النُّجومِ مِنَ السَّماءِ
نُجُومُ الأرضِ أَبهَرُ في الضِّياءِ

فَتلكَ تَبْينُ وَقتًا ثم تَخفَى
وهذي لا تُكَدَّرُ بالخَفَاءِ

هِدايةُ تِلكَ في ظُلَمِ الليالي
هِدايةُ هَذهِ كَشفُ الغِطاءِ

“فَتلكَ تَبين وَقتًا ثم تَخفَى” فنجوم السماء قد لا تظهر بسبب جبل أو شيء، فتُحجب رؤيتها عنك. “وهذي لا تُكَدَّرُ بالخَفَاءِ” فلا يوجد شيء يحجبها إلا إذا أنت حجبت نفسك عنها. “هِدايةُ تِلكَ” التي في الفضاء “في ظُلَمِ الليالي”، “هِدايةُ هَذهِ كَشفُ الغِطاءِ” ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [ق: 22]

زيّن الله تعالى السّماء للعيون بأنوار الكواكب، وكذلك زيّن للبصائر من أنواره الرّبّانيّة التي تضيء للإنسان طريق الحقائق والمعارف لتحيا بها الرّوح والجسد، والعقل والفكر، وتتصل سعادته الجسديّة بسعادته الرّبّانيّة، سعادة الدّنيا والآخرة.

العلماء يحمون الدين كما تحمي النجوم السماء من الشياطين:

قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ [الملك: 5] فالنجوم التي في السّماء ينفصل منها أحجار تصبح شُهُبًا تطرد الشّياطين عن أن تسترق السّمع في السّماء، أمّا نجوم الأرض من أنبياء وورثة الأنبياء فإذا تعلَّقت بهم تعلُّق الإيمان الحبّي أو الحبّ الإيمانيّ.. الحبّ في الله، والبغض في الله من أعلى شعب الإيمان.. ومن جملة من يظلِّهم الله في ظلّ عرشه، ((رجلان تحابّا في الله، اجتمعا على ذلك، وتفرَّقا على ذلك)) 11 هذه النّجوم الرّبّانيّة التي وردت في الحديث النبويّ، ((مثل العلماء)) ليس العلماء القرّاء الذين نالوا الشهادات؛ بل الذين تخلَّوا بقلوبهم عمّا سوى الله، وصارت لهم قبلة القلوب “الحضرة الإلهيّة” ﴿وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ [الأنعام: 79].

فكما أنّ النّجوم تحرس السّماء من استراق الشّياطين للسّمع، كذلك إذا كنتَ قطعة من نجوم الأرض ورثة الأنبياء فإن اقترب منك شيطان فيتبعها الله بشهاب ثاقب، فالشّياطين ترجع خائبة محسورة عن قلبك؛ لأنّ قلبك صار في حصن وفي درع، ((والمرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)) 12 .

﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ [الملك: 5] فالمصابيح سواء أكانت كواكباً مثل أرضنا أو شموساً مثل شمسنا، وأخبرنا النّبيّ ﷺ أنّ هناك نجومًا أخرى.. فنجوم السّماء تهدي المسافرين في البرّ والبحر إلى حيث يريدون، أمّا النّجوم الرّبّانيّة الرّوحانيّة فلا تهديك إلى أوروبا أو أمريكا أو الهند، بل تهديك إلى الله تعالى، وتهديك إلى أن تكون من جلساء الله، وأن تكون من أحباب الله، ومن محبوبي الله، فلا تجعلك محبًّا لله تعالى فحسب، بل تزيدك لتجعلك محبوبًا لله، فيكون لك محبًّا وأنت له محبوب.. فأسأل الله عزّ وجلّ أن يرزقنا الصّلة بهذه النّجوم الأرضيّة، وأن نعرف الله عزّ وجلّ بعظمته وجلاله وعطفه ومحبّته.

لم يؤمِّن الله عزَّ وجلَّ لنا ضروريات حياتنا فقط، بل خلق لنا الجمال والبهاء والمناظر الحسنة، كماليّةً في سعادتنا، إضافةً إلى الضروريات، فما أعظم محبته للإنسان، ورحمته له، وعنايته، وذكره للإنسان! فهل تذكره كما يذكرك؟ وهل تفكِّر في إحسانه لك حتى تشكره على إحسانه؟ وهل تفكِّر في عطائه لك وقد قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا [النحل: 18] حتى تقوم بأداء حقّ هذا العطاء؟ قال تعالى: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ: 13].

فأكثروا من ذكر الله، وابحثوا عن صحبة مَن إذا رُؤوا ذُكِر الله بهم، وفكّروا واحرصوا على مجالسة من إذا جالستهم قرَّبوك من الله وقرَّبوك من رضائه وتقواه وذكرك له وحبّك له… واحذر صحبة من إذا صحبته أو صادقته أبعدك عن الله وعن طاعته وعن ذكره، وأوقعك في مساخط الله..

اللهم إنا نسألك حبّك، وحبّ من يحبّك، وحبّ عمل يقرّبنا إلى حبّك.

مُلْحَق

عن الأطباء عدنان حلبيّ يقول: يرجى مراعاة صحتك.. وأنا ممنوع من القدوم إلى الجامع، لأنّ صحتي منذ أكثر من أسبوع ليست جيدة، والحمد لله.

افتتاح السوق الخيري النسائي الأول في الجامع

الآن أخواتكم أقمن سوقًا خيريًّا في القاعة في معهد الذكور، مررت به، والله سررت، كنت مدعوًّا البارحة لحضور الافتتاح، لكن صحتي ما ساعدتني على الحضور، فاعتذر منهنّ، وبارك الله فيهنّ.

فالسوق مفتوح بعد الصلاة مباشرة للرجال من الساعة الثامنة إلى الساعة العاشرة، وللنّساء من العاشرة إلى الواحد صباحًا، ومساءً من الساعة الثالثة والنصف إلى السادسة والنصف، وللرجال من الساعة السابعة إلى الساعة التاسعة يوميًا، والآن وقت الرجال بعد الصّلاة.

الله يرضى عليهنَّ، يا بني كان النّبيّ ﷺ ينجّر عصا القدوم في الجامع للمتسوِّل، ويحضر له الفأس، ويضع له عصا القدوم بيده، ويقول له: لماذا تتسوَّل؟ يقول: ليس عندي شيء. فيقول له: أحضر لي شيئًا من أغراض البيت، قِدْراً أو صحناً.. ويبيعها بالجامع، ويصير الجامع سوق مزاد، ثم يصير معمل نجارة وحدادة، حتى يعلِّم المسلم كيف يتغلَّب على الفقر، ويتغلَّب على الذلِّ، ويبدله بعزِّ الحياة.

أنا من عشرين أو ثلاثين سنة كنت أفكِّر أن أقيم لكم مصانع ومعامل كما تُعمَّر المساجد والجوامع.. فالواجب على المسلمين أن يعمِّروا الجوامع كما تعمَّر المصانع، والعكس بالعكس، ونتعلَّم علوم الحياة كما نتعلَّم علوم الصّلاة والزكاة والصّيام والحجّ، هذا فرض أن تتعلم مع التوكل والأخذ بالأسباب والمسببات التي هي الحكمة، ولكن مع الأسف فباسم القدر أبطلنا الأسباب والحكمة، وباسم التوكّل وباسم الزهد وقعنا في الفقر والجوع، والنّبيّ ﷺ قال عن الجوع: ((بئس الضجيع)) 13 ، ((وكاد الفقر أن يكون كفرًا)) 14 . وجعله علامة المغضوب عليهم ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ [البقرة: 61] هذه الذلّة لليهود، ونحن ضرب علينا الذلّة، والمسكنة هي الفقر.. أوروبا كلّها غنية، فمعداتنا وآلاتنا ومعاملنا وطحينا وخبزنا وزيتنا، من أوروبا.. فهذا كفر بالإسلام، يجب أن نكون نحن مصدر العطاء، ومصدر العلوم.. المسلمون الفقهاء الأُوَل هكذا كانوا، كان العالَم كلُّه محتاجًا إليهم، وكانوا أقوى منهم جميعًا، والآن اكتفينا من القرآن بالقراءة بلا فهم، وأَخْذنا القرآن من غير المعلّم المربي المزكي الحكيم، قال الله عزَّ وجلَّ عن اليهود والنّصارى في قراءتهما لكتبهم، وعدم انتفاعهم بها” ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا [الجمعة: 5] إذا حمّلنا الحمار مكتبة من الكتب فهل صار عالِمًا؟ وهل يعرف ماذا يوجد في هذه الكتب؟ إذا المسلم حفظ القرآن بألفاظه، وما عرف ما في القرآن من جواهر ترفع شأنه، فهذا كما قال تعالى: ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ [الجمعة: 5] ولو حفظ القرآن والتوراة والإنجيل والزبور. فاللهم اجعلنا من الذين يتلونه حقّ تلاوته.

وأبارك لأخواتكنَّ بجهدهنَّ، وأسأل الله أن يجعلها باكورة خير لأعمال اقتصاديّة تُحقِّقُ الثروة والغنى، لأجل أن نبني الإسلام بأركانه الخمسة؛ لأنّ الفقير هدم من أركان الإسلام الخمسة ركنين، الزكاة والحجّ، فالفقير كم ركن من الأركان الخمسة له؟ بالكلام خمسة، وبالواقع العمليّ فثلاثة، فإذا قلت: إن لك بيتًا وقصرًا من سبع طوابق.. والواقع أن بيتك من تنك، فهل ينفعك هذا القول؟ كذلك إذا قرأنا القرآن بالأقوال، وليس لدينا جهاز هضميّ يمثّله بالأعمال والأخلاق والقلب والرّوح والسلوك، يصير كما قال تعالى: ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا [الجمعة: 5].

وصلَّى الله على سيِّدنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم، والحمد لله رب العالمين.

Amiri Font

الحواشي

  1. ذكره السيوطي في الجامع الصغير، ولفظه: "إنّ الله يُحِبُّ المَرْأَةَ المَلقَةَ الْبَرِعَةَ مَعَ زَوْجِها الحَصانَ عنْ غَيْرِهِ وقال السيوطي: "(فر) عَن عَليّ". رقم: (3632). وجاء بلفظ: ((إن الله يحب المرأة الملقة البزعة مع زوجها الحصان مع غيره)) الديلمى عن علي، أخرجه الديلمي (1/2/249) ومن غريب الحديث: «الملقة»: التى تتملق زوجها بالكلام اللين. «البزعة»: أى الظريفة الجميلة. «الحصان»: العفيفة. وأخرجه: ابن حجر الهيتمي، رقم 82. في الإفصاح عن أحاديث النكاح 1/133.
  2. سنن النسائي، كتاب عشرة النساء، باب حب النساء، رقم: (3940)، ولفظه: ((حُبِّبَ إِلَيَّ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ)). وأحمد (١٣٠٧٩) عن أنس بن مالك.
  3. صحيح البخاري، كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، رقم: (6813)، سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب السواك، رقم: (47)، سنن الترمذي، كتاب أبواب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في السواك، رقم: (22)، ورقم: (23)، سنن النسائي، كتاب الطهارة، باب الرخصة في السواك بالعشي للصائم، رقم: (7)، سنن ابن ماجه، كتاب الطهارة وسننها، باب السواك، رقم: (287)، موطأ الإمام مالك، كتاب الطهارة، باب ما جاء في السواك، رقم: (145).
  4. صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه، رقم: (91).
  5. سنن ابن ماجه كتاب الأطعمة، باب عرض الطعام، رقم: (3298) مسند الإمام أحمد بن حنبل: حديث أسماء بنت عميس رضى الله تعالى عنها، رقم: (27511)، (6/438). وابن أبي الدنيا في الصمت، (256/520)، والبيهقي في شعب الإيمان (2/49/1) عن أسماء بنت عميس قالت: "كنت صاحبة عائشة التي هيأتها وأدخلتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي نسوة، قالت: فو الله ما وجدنا عنده قرى إلّا قدحاً من لبن، قالت: فشرب منه، ثم ناوله عائشة، فاستحيت الجارية، فقلنا: لا تردي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، خذي منه، فأخذته على حياء، فشربت منه، ثم قال: ناولي صواحبك، فقلنا: لا نشتهيه، فقال: لا تجمعن جوعاً وكذباً، قالت: فقلت: يا رسول الله! إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه: لا أشتهيه يعد ذلك كذباً؟ قال: "فذكره". وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير أبي شداد هذا فإنه مجهول الحال، لم يوثقه أحد.
  6. سنن أبي داود، كتاب الترجل، باب في الخضاب للنساء، رقم: (4165)، (2/ 475)، عن عائشة رضي الله عنها: ((أن هند بنت عتبة قالت: يا نبيَّ الله، بايِعْني، قال: ((لا أُبايِعُكِ حتى تُغَيِّري كفَّيكِ، كأنهما كفَّا سَبُعٍ)). وفي مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (23283)، (5/381)، ((دخلت امرأة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها: اختضبي، تترك إحداكن الخضاب حتى تكون يدها كيد الرجل)).
  7. سنن الترمذي، كتاب أبواب الرضاع، باب ما جاء في حق الزوج على المرأة، رقم: (1159) قال الترمذي: حديث حسن غريب، السنن الكبرى للنسائي، كتاب عشرة النساء، باب حق الرجل على المرأة، رقم: (9102)، سنن ابن ماجه، كتاب النكاح، باب حق الزوج على المرأة، رقم: (1852)، مسند أحمد، رقم: (126014)، (20/64)، (19403)، (32/145)، (21986)، (36/312)، (24471)، (41/18).
  8. مسند أبي يعلى الموصلي (8/ 129)، رقم (4670)، أمثال الحديث لأبي الشيخ الأصبهاني (ص: 95) رقم (56)، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: "كَانَ مَتَاعِي فِيهِ خَفٌّ، وَكَانَ عَلَى جَمَلٍ نَاجٍ، وَكَانَ مَتَاعُ صَفِيَّةَ فِيهِ ثِقَلٌ، وَكَانَ عَلَى جَمَلٍ ثَقَالٍ بَطِيءٍ يَتَبَطَّأُ بِالرَّكْبِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَوِّلُوا مَتَاعَ عَائِشَةَ عَلَى جَمَلِ صَفِيَّةَ، وَحَوِّلُوا مَتَاعَ صَفِيَّةَ عَلَى جَمَلِ عَائِشَةَ حَتَّى يَمْضِيَ الرَّكْبُ». قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ قُلْتُ: يَا لَعِبَادِ اللَّهِ غَلَبَتْنَا هَذِهِ الْيَهُودِيَّةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ مَتَاعَكِ كَانَ فِيهِ خَفٌّ وَكَانَ مَتَاعُ صَفِيَّةَ فِيهِ ثِقَلٌ، فَأَبْطَأَ بِالرَّكْبِ فَحَوَّلْنَا مَتَاعَهَا عَلَى بَعِيرِكِ، وَحَوَّلْنَا مَتَاعَكِ عَلَى بَعِيرِهَا». قَالَتْ: فَقُلْتُ: أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَتْ: فَتَبَسَّمَ. قَالَ: أَوَ فِي شَكٍّ أَنْتِ يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ؟" قَالَتْ: قُلْتُ: أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ؟ أَفَلَا عَدَلْتَ؟ وَسَمِعَنِي أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ فِيهِ غَرْبٌ - أَيْ حِدَّةٌ - فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَلَطَمَ وَجْهِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْلًا يَا أَبَا بَكْرٍ» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا سَمِعْتَ مَا قَالَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْغَيْرَى لَا تُبْصِرُ أَسْفَلَ الْوَادِي مِنْ أَعْلَاهُ».
  9. حديث: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)) صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم، رقم: (2586).
  10. لفظه: ((إنّ مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء يهتدي بها في ظلمات البر والبحر فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة)) مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (12621)، (3/156).
  11. صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب الصدقة باليمين، رقم: (1423)، صحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، رقم: (1031)، ونص الحديث: ((سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حتَّى لَا تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ)).
  12. سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب من يؤمر أن يجالس، رقم: (4833) مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (8398)، (2/334).
  13. سنن أبي داود، كتاب تفريغ أبواب الوتر، باب في الاستغفار، رقم: (1547)، ونصه: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ، فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخِيَانَةِ، فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ))، سنن ابن ماجه، كتاب الأطعمة، باب التعوذ من الجوع، رقم: (3354).
  14. شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (6188)، (9/12)، حلية الأولياء لأبي نعيم، (3/53)، الدعاء للطبراني، رقم: (1048)، (1/319). وأخرجه ابن أبي الدنيا في «إصلاح المال» (440)، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (4/206) باختلاف يسير، والطبراني في «المعجم الأوسط» (4044) بنحوه. عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
WhatsApp