تاريخ الدرس: 1994/07/01

في رحاب التفسير والتربية القرآنية

مدة الدرس: 01:34:20

سورة المزمل، الآيات: 1-19 / الدرس 2

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، ربّ السماوات وربّ الأراضين وربّ العرش العظيم، وأفضل التّحيّات العطرات والتّسليمات المباركات على من بعث رحمة لكلّ شعوب العالم، وللعالمين أجمعين، وعلى أبيه سيِّدنا إبراهيم، وعلى أخويه سيِّدينا موسى وعيسى، وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين، وآل كلٍّ وصحب كلٍّ أجمعين، وبعد:

مناسبة نزول سورة المزمل

فنحن الآن في تفسير سورة المزمل، إنّ معنى كلمة المزمّل هو الإنسان المتلفف بما يدفئ بدنه إذا شعر بالبرد، مثل الغطاء أو اللّحاف أو ما يشبه ذلك، ونُودِي بالمزمّل؛ لأنّه عندما رأى النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام سيِّدنا جبريل عليه السَّلام في حراء أوّل مرة، وخرج إلى منزله وبينما هو في طريقه سمع نداءً: “يا مُحمَّد”، فالتفت يمينًا ويسارًا وأمامًا ووراءً فلم يرَ شيئًا، فرفع رأسه فإذا جبريل جالس على كرسي في الفضاء، ومن خوفه لرؤيته شيئًا لا يعرفه وبشكل مفاجئ صرف وجهه إلى الجهة الأخرى، فرآه في الجهة الأخرى، فكيفما توجه يرى سيِّدنا جبريل عليه السَّلام يخاطبه: ((أنت رسول الله، وأنا روح القدس جبريل)) فمن تأثير هذه الصّدمة والمشاهدة حصلت له قشعريرة البرد، فلمّا وصل إلى بيته قال: ((زمّلوني زمّلوني، دثّروني دثّروني)) 1 ، يعني ضعوا عليَّ الغطاء فأنا أشعر بالبرد.

فأنزل الله عزَّ وجلَّ عليه بهذه المناسبة: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ [المزمل: 1] فليس الذي أصابك برد، بل انتخاب واصطفاء إلهي؛ لتنقذ الإنسانية كلّها، ولتكون رحمةً لكل النّاس ولكل الشعوب، ليس من أجل مصلحة شخصيّة أو مصلحة قوميّة كما تفعله الدّول الآن كأمريكا أو روسيا في هيئة الأمم ومجلس الأمن، فيصدرون القرار بدافع مصالحهم القومية الخاصة، وإذا لم توجد مصلحة لهم فيصدرون القرار ولكن لا ينفّذونه، أمّا قانون الله عزَّ وجلَّ فهو رحمة ليس لشعب دون شعب، وليس لإنسان دون إنسان، قال ﷺ: ((الخلق كلّهم عيال الله، وأحبّ الخلق إلى الله أنفعهم لعياله)) 2 .

الرحمة نقلة من الجهل إلى العلم

فمن منطلق ﴿رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء: 107] والرّحمة تكون نقلة من الجهل إلى العلم، ومن الأوهام والخرافات إلى الحقائق والواقع، ومن الأوهام إلى الحكمة وإلى قانون الأسباب والمسبَّبات، يقول النَّبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه: ((إذا أراد الله أمرًا هيأ أسبابه)) 3 ، فالله عزَّ وجلَّ قادر على أن يعطي الإنسان الولد بلا زواج، وفعل ذلك مع آدم عليه السَّلام: خلقه من تراب، وكذلك حدث مع سيِّدتنا مريم بأن ولدت بلا زواج، وأذكر منذ ثلاثين سنة أو يزيد أذاعت صحف دمشق كلّها عن طفلة عمرها سنتان أو ثلاث سنوات أو أربع، انتفخ بطنها، وفي نهاية الأمر شُقَّ بطنها وإذا في بطنها خمسة أطفال صغار.. هل يذكر أحدكم هذه القصة؟ فأنا قرأتها في الصّحف وكانت بهذا الشّكل في كلّ الصّحف.

فهذا بلا أسباب ليعلَم الإنسان أنّ الله قادر على أن يخلق بأسباب وبلا أسباب، ولكن قانونه العام: إذا أراد أمرًا هيَّأ أسبابه.

فمُحمَّد ﷺ رحمة لكل الخلق، فمن الرّحمة أن يعلّمهم الحكمة، والحكمة: هي استعمال الأسباب لتنتج مسبَّباتها، فإذا أردت غنى بلا عمل، وزراعةً بلا حراثة، وولدًا بلا زواج؛ فأنت خالفت دين الله عزَّ وجلَّ؛ لأنّ الحكمة والعقل الحكيم والأسباب والمسببات نصف الدّين، وقد قال الله عزَّ وجلَّ عن نبيي الله داود وسليمان عليهما السَّلام: ﴿وَكُلًّا كلّ واحد منهما ﴿آتَيْنَا حُكْمًا الحُكم: يعني الحكمة، والحكمة: ربط المسبّبات بأسبابها ﴿وَعِلْمًا [الأنبياء: 79] فإذا علمت العقرب فماذا يفيدك ويعطيك العلم به؟ أن تجتنبه وتحذر أذاه، وإذا علمت منجمًا من الذهب فماذا يفيدك العلم؟ أن تُخرج معدنه وتنتفع به.

النّبوة والدين هما الحكمة والعقل الحكيم

فإذا كانت النّبوة والدين هما الحكمة والعقل الحكيم والعلم بحقائق الأشياء لتستفيد من نافعها وتجتنب ضارها ومؤذيها، فإذًا الدين هو نهوض بالإنسان من الأدنى إلى الأعلى، ومن الفقر إلى الغنى، ومن التّخلّف إلى التّقدّم، ومن الإنسان الضّعيف الذي لا يصبر عند المصائب والشّرور إلى الرّجل الفولاذي الذي وصفه الله عزَّ وجلَّ بقوله: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا [الحديد: 22].

متى تصلّي الجمعة؟ في يوم الجمعة ووقت صلاة الظّهر، فإذا صليت الجمعة يوم الخميس أو يوم الأربعاء فعلت حرامًا ولا تقبل صلاتك، ومتى يكون بالإيمان بالقدر؟ بعد نزول القدر، أمّا قبل نزول القدر فلا يصح أن تقول: إذا كان الله يريد أن يغنيني فسيغنيني فلن أعمل! فتركت الحكمة والأسباب، ولذلك تتخلف عنك المسبَّبات.

فرسالة السماء ليست قومية؛ لأن الله عزَّ وجلَّ ليس عربياً ولا فرنسياً ولا إنكليزياً ولا إيطالياً، فالله عزَّ وجلَّ خالق كل شيء، ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ [الرحمن: 3] لماذا؟ ليُعَلِّمه البيان ﴿عَلَّمَهُ الْبَيَانَ [الرحمن: 4] فالدين علم وعقل حكيم وعمل ومحاربة للكسل.

الفهم الخاطئ للتوكل

فمن طريق الدّين خُرِب الدّين، فاستعملوا التّوكّل لطمس وحذف الأسباب والمسبَّبات، وكان ذلك باسم التوكل، وحذفوا الحكمة التي هي نصف الدين، وباسم الزّهد والآخرة حذفوا أعمال الحياة، وأهملوا العلوم الحياتية التي يسمّونها العلوم العصرية بسوء فهم، قال تعالى: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران: 185]، وفسّروا القرآن بأهوائهم وبرهبانيّة دخلت على الإسلام والإسلام من ذلك براء، يقول النَّبي الكريم ﷺ: ((لا رهبانية في الإسلام)) 4 ، ولكن جهاد: بذل الجهد والعمل، ونيّة: الإخلاص في العمل.

معجزة مُحمَّد ﷺ العلم والحكمة

فلمّا أراد الله عزَّ وجلَّ أن يختم الأديان أنزل القرآن، وطلبوا المعجزات من النَّبي ﷺ فماذا قال لهم؟ ليس عندي معجزة إلّا العلم والحكمة والقرآن ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [الإسراء: 88] فمعجزات عيسى عليه السَّلام كثير من العلماء الآن يكذبونها، وكذلك يكذّبون عصا موسى عليه السَّلام أيضًا، أما القرآن فإلى الآن يتحدّى ويقول: ﴿قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ [هود: 13] ادعوا العالَم كلّه ﴿عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [الإسراء: 88] ولو تعاون وظاهر بعضهم بعضًا.

أهمية الذكر للنبي ﷺ

﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ [المزمل: 1] فلتقم بعمل إنقاذ العالم، وهذا لا يتوقف على عضلات الذّراعين ولا على الذّكاء في المخ، بل يحتاج لقوّة روحيّة وقوّة إلهيّة، يستطيع أن يأخذ الإنسان هذه القوّة من طريق صلة روحه بروح الله عزَّ وجلَّ، ومن طريق ذكره ومجالسته، يقول الله عزَّ وجلَّ في الحديث القدسي: ((أنا جليس من ذكرني)) 5 فكيف تسري في مُجالِس النَّار حرارتها؟ وكيف تسري في مجالِس الثلج برودته؟ والذي يذكر الله عزَّ وجلَّ باستحضار عظمته وقدسيته في مرآة قلبه، فبقوة الروح وكلّ الطاقات يتخيل أن نور الله عزَّ وجلَّ في مرآة قلبه، فهذا هو الذّكر، مع ملاحظة عظمة الله في مرآة القلب.

ولذلك جعل الله عزَّ وجلَّ كلّ العبادات قائمةً على الذّكر، فروح العبادات هو الذكر، فإذا صلّيت ولست بذاكر، ففي تكبيرك: “الله أكبر” لا يخطر في بالك لا الله ولا أنّه أكبر من كل شيء، ولا تستحضر نوره وعظمته في قلبك؛ فكأنّك ما كبرت، وعندما تقرأ: ﴿وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ [الأنعام: 79] وأنت يخطر في بالك محلك أو سيارتك أو بيتك؛ ولم توجه وجهك للذي فطر السماوات والأرض، فأنت لم تصلِّ، وقد قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاة لِذِكْرِي [طه: 14]، وقال: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون: 1-2]، وهناك آية: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون: 4-5] وقد ورد: ((رُبَّ مصلٍّ لا يُكتَب له من صلاته إلا نصفها، إلا ربعها، إلا سدسها، إلا عشرها)) 6 ، وقد قال: ((ومن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدًا)) 7 .

استعداد النَّبيّ ﷺ بالخلوة والذكر

فالنَّبي ﷺ بعد سنوات في خلوته في غار حراء بتنظيم ووضع منهاج إلهي له كما قال: ((أدبني ربي فأحسن تأديبي)) 8 ، فلم يولِّ تعليمه لإنسان، بل تولّى تعليمه هو مباشرةً، فصفا قلبه وصفت روحه، وفي الأصل كان طاهر الرّوح، عالي النّفس، كريم الأخلاق، قال ﷺ: ((أنا سيِّد ولد آدم ولا فخر، آدم ومن دونه تحت لوائي يوم القيامة ولا فخر)) 9 إذًا لماذا قال: ((أنا سيِّد ولد آدم))؟ لنقتدي به، ولنقتدي بمنهاجه وأفعاله وأخلاقه.

فبهذا الاستعداد الإلهي والإعداد العملي حتَّى نضج منه الرّوح وكملت منه النّفس، فكما أنّ الجنين إذا استكمل الخَلق يُخرَج من الأحشاء إلى عالم الظّهور، وكذلك لمّا استكمل الإعداد حصلت ولادة النّبوّة بلقاء روحه مع روح القدس.

فمن جملة ما خاطبه به الله عزَّ وجلَّ: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ مع كلّ ما بلغه قال له: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ابقَ في الليل مع الله عزَّ وجلَّ توجهًا ومناجاةً وصحبةً ومجالسةً.

﴿نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا من النّصف يعني الثّلث ﴿أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل: 1-4] اقرأه بتمهّل وتفكّر وتمعّن، اقرأه كرسالة من الله إليك وأوامر لتنفّذها، وأخلاق لتتخلّق بها، وواجبات لتنفّذها، وأوامر لتبلّغها للنّاس، فتحتاج إلى قوّة إلهيّة.. فرسالة إلى كلّ العالَم وإلى كلّ الشّعوب تحتاج طاقة، ليس عضلات الذّراعين مثل مُحمَّد علي كلاي، بل تحتاج لعضلات الرّوح وطهارة النفس والقلب من الدّنايا والنّقائص والرّذائل؛ لأنّ المقدّسات لا توضَع في الأماكن الملوّثة والنّجسة، ولذلك قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ فالمقصود من ﴿وَثِيَابَكَ يعني صفاتك وأخلاقك، ومع تلك الطّهارة والعصمة الإلهيّة قال: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا [طه: 114] لذلك كان يقول: ((لا بورك لي في يوم طلعت فيه الشَّمس لم أزدد فيه قربًا من الله عزَّ وجلَّ)) 10 ، ومن لم يكن في زيادة فهو في نقصان.

انطبعت معاني القرآن عند السلف الصالح

فالعرب الأميّون فهموا القرآن كما أراده الله عزَّ وجلَّ، فبصفاء مرآتهم انطبعت معاني القرآن في مِعَد أرواحهم فهضمتها، وتمثلت فيهم إيمانًا مثل الجبال، وجهادًا في سبيل الله عزَّ وجلَّ.. وما هو سبيل الله الذي جاهدوا من أجله؟ جاهدوا لأجل أن ينشروا العلم والحكمة ويزكّوا نفوس العالَم؛ وليكونوا أحباب الله عزَّ وجلَّ، فلم يجاهدوا لأجل أن يستولوا على أموال ومقدَّرات الشّعوب أو ليذلّوا الإنسان أو ليستغلّوه، لا؛ بل ليعلِّموه الكتاب والحكمة ويزكّوه، وكما قال عليه الصَّلاة والسَّلام اقتداء بسنته: ((إنما بُعِثت معلمًا، إنمام بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) 11 . فهذا سبيل الله، فجاهدوا لينشروا العلم، ولينشروا مكارم الأخلاق، وليحقّقوا أخوّة ومحبّة الإنسان للإنسان في ظل الحرّيّة الدّينيّة ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [البقرة: 256].

فهذه الرّسالة هي التي قال الله عزَّ وجلَّ عنها بعد ذلك: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا [المزمل: 5] سنحمّلك حملًا ثقيلًا، بماذا يكون مُثْقَلاً؟ فهل مثقل بالحطب أو الأحجار؟ لا؛ بل مثقل بالعلوم والحكم والحياة الرّوحية وحياة العقل، وتحويله بالتّربية الرّبّانيّة من نواة إلى أن يصير نخلة ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا [إبراهيم: 25].

واجب اتباع النَّبيّ ﷺ

﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا [المزمل: 2] فإذا كان النَّبي ﷺ قد أُمِر هكذا ونحن مأمورون باتباعه، فقارئ القرآن أو حافظه حين يقرأ هل يفكر أنّ هذا الخطاب بعد النَّبي ﷺ موجّه إلى كلّ مسلم ومسلمة؟ فهذا الخطاب موجه لكلّ مسلم، وإذا تزمّل النَّبي ﷺ بالثّوب حتَّى يشعر بالدّفء، فنحن لَفَفْنا أنفسنا بماذا؟ بحبّ الدّنيا والغفلات والجاهلية والجهالات واللّغو والسّهرات والجلسات التي لا علم فيها ولا حكمة ولا تزكية، والقرآن يقول: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ [النساء: 114] والنّجوى هي لقاءات النَّاس بعضها مع بعض، يتناجون ويتحادثون سواء في النّادي أو في البيوت أو في أيّ مجتمع.

النجوى التي هي خير

قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ يعني من أحاديثهم ﴿إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أن يكون المجلس للتعاون على مكافحة الفقر، سواء أكان الفقر المادي الدّنيوي أو الفقر العلمي، فإذا رأيت فقيرًا من العلم بأن كان جاهلًا وكنت عالماً فعليك أن تتصدّق عليه بعلمك، أو كان الفقر أخلاقياً وتربوياً، فإذا رأيت نقصًا في الأخلاق فعليك أن تتصدّق عليه بالتّربية الأخلاقيّة، وإذا كان فقيرًا في جانب العقل والحكمة فعليك أن تعلّمه التّعقُّل والتّفكّر والحكمة.

﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ سُمِّيت صدقة لأنّها تدلّ على صدق إيمان صاحبها، بأن يبذل ما يحبّ من المال إلى من يحتاج إليه، ﴿إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ والمعروف كلّ شيء أمرنا الدّين بعمله، فإذا رأيت إنسانًا تاركًا لهذا المعروف فعليك أن تذكِّره وأن تدعوه وأن ترغِّبه في عمل ما تركه من واجب معروف كماله وحسنه عند الله عزَّ وجلَّ وفي العقل السّليم.

﴿أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاس [النساء: 114] كان النَّبي ﷺ يقول: ((أصلحوا بين النَّاس إذا تفاسدوا، وقرّبوا بينهم إذا تباعدوا)) 12 .

فالدين أيّ شيء؟ هل الدّين فقط أن تقول: “أنا مسلم”، كما لو قلت: “أنا إمبراطور”، فهل تفيدك كلمة “إمبراطور” وهل سيقدّم لك أحد تحية؟ وإذا قلت: “أنا ضابط شرطة”، ومررت أمام شرطي وقلت له: “أنا ضابط شرطة، ارفع لي يدك بالسَّلام والتحية!” فماذا يقول عنك؟ يضحك منك ويقول: “مجنون”، وهكذا إذا قلت: “أنا مسلم”، وكذلك إذا قالت المرأة: “أنا مسلمة”.

فالإسلام ثقافة، وعلم ومعلّم، وحكمة وحكيم، وتزكية ومزكٍّ، تظهر في عقلك حكمةً، وفي أعمالك صوابًا وصحةً، وفي أخلاقك فضائل ومكارم أخلاق، وإلّا فأنت مدعٍ وأنت منافق تدعي شيئًا أنت فاقده.

يقولون: إن عدد سكان العالَم الإسلامي الآن مليار، وهم في التّخلّف والفقر والضعف والهوان والاقتتال، الذي دونه اقتتال الجاهليين، كما هو معلوم لكلّ أحد، فهل هذا هو الإسلام؟ وهل هؤلاء هم المسلمون؟ كما قال الشاعر

طلعَ الدينُ مستغيثًا إلى اللهِ وقالَ: العبادُ قد ظلموني
يتسمَّون بي وحقِّك لا أعرف منهم أحداً ولا يعرفوني

وكما قال عمر رضي الله عنه: “نحن قوم أعزّنا الله بالإسلام” إسلام الحق والحقيقة “ومهما نرد العزة بغيره”: هذا يعتز بوطنية، وهذا بديموقراطية، وهذا غير ذلك “ومهما نرد العزة بغيره يذلنا الله”.. وكل حقيقة نافعة من علم أو عمل أينما وجدت فالإسلام يدعو إليها، كما ورد: ((الحكمة)) الحقيقة ((ضالة المؤمن)) هي شيء ضائع منك ((أينما وجدها التقطها)) 13 .

هل أنت يا مسلم أهل لحمل ثقل الدعوة؟

﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا [المزمل: 5] فأنت يا مسلم وأنتِ يا مسلمة من سيحمل ثقل الدعوة إلى الله بعد النَّبي ﷺ؟ وبعد أن تُوُفِّي النَّبي ﷺ هل توقفت الدعوة؟ وهل توقف تعليم الكتاب والحكمة والتزكية؟ بل قام كلّ مسلم بحسب طاقته.. وهل توقف بناء الإسلام ونشره للعالَم، ونشر العلم بعد أن تُوُفِّي أبو بكر رضي الله عنه؟

إمبراطورية مالي في الإسلام وتخلفها وفقرها في الاستعمار الأوربي

كانت مالي وهي دولة صغيرة في أفريقيا تُعتبَر من أعظم الإمبراطوريات الإسلامية في أفريقيا، أما الآن فما حال الأفارقة من حيث التّقدّم العلمي؟ صفر! بقي الاستعمار فيهم مئات السنين فلم يعطِهم إلّا الجهل والتّخلّف وفساد الأخلاق والتّمزّق والضّعف، أمّا الإسلام فلمّا دخل مالي جعل منها إمبراطورية، وكان سلطانها وإمبراطورها أول من وضع مخططًا جغرافيًّا ليكتشف كروية الأرض، فجهز أسطولًا من مئتي مركب ليطوف حول الأرض قبل كريستوف كولومبس، فالذي اكتشف أمريكا وكروية الأرض إمبراطور مالي، فمن ثقّف إمبراطور مالي؟ ومن علّمه علوم الحياة من جغرافيا وحكمة وفلسفة؟ علمه الإسلام.. فذهب الأسطول ولم يرجع، فأنشأ أسطولًا ثانيًا، فلم يرجع أيضًا، وُجِدت بقاياهم في أمريكا الجنوبية في عصرنا الحالي، وقد وجدوا في غاباتهم أناسًا يصلّون الصّلوات الخمس ويصومون رمضان، وعندما سئلوا: “كيف عرفتم الصلاة والصيام؟” قالوا: “كان آباؤنا يفعلون هكذا”، فقد وصلوا إلى أمريكا الجنوبية وانقطعوا هناك، فهؤلاء قد فهموا الإسلام قبل مئات السنين.

من علوم الحياة في الإسلام

ألم يقل الله عزَّ وجلَّ: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا [النمل: 69]؟ وقال أيضاً: ﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ فيأمرنا بدراسة الجِمال والحيوان ﴿وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ يعني ادرسوا علم الفلك ﴿وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ يعني ادرسوا علم الجيولوجيا ﴿وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ [الغاشية: 17-20] يعني ادرسوا الأرض بكلّ خصائصها؛ تربتها ومعادنها واستخراج ما فيها، نحن مع الأسف في العصور الأخيرة بقينا على ألفاظ لا أرواح فيها، بعُدنا عن الإسلام فبعد عنا الخير والنّصر والفلاح والسّعادة، وإن شاء الله سنعود، سنعود بالعزم والتصميم، بدءًا من حراء يعني الخلوة مع الله.. لم يذهب الصحابة رضي الله عنهم إلى حراء؛ لأن المقصود من حراء التوجه الكلي إلى الله عزَّ وجلَّ، فأمروا بالهجرة إلى رسول الله ﷺ؛ لأن النبي ﷺ كان حراءهم.. ولم يكن لأهل الكهف معلّم فقال الله عزَّ وجلَّ: ﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ أمّا أصحاب النَّبي ﷺ فكان النَّبي ﷺ كهفهم، فإذا وجدت الوارث المُحمَّدي ﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا [الكهف: 16] يرشدكم إلى سعادة الدّنيا والآخرة ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ [النحل: 30] ليس في الآخرة فقط، فالإسلام يريد أن يُقبِّضك ويُسَلِّمك السّعادة في الدّنيا قبل الآخرة، سعادة الجسم والعقل والروح والحياة.

قيام الليل والتهجد أشد ما يكون حضوراً للقلب

﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ [المزمل: 6] لمّا ترك حراء بيّن له بأنّه لا يجوز أن تترك الخلوة مع الله عزَّ وجلَّ، فقد كانت الخلوة في مكان معين، لكن بعد ما وُجِّه إليك حمل الرّسالة فستكون في كلّ لحظة في الحراء المعنوي، وهو: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا [المزمل: 2]. ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هو قيام الليل بالتّهجد ﴿هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا أشد حضوراً للقلب وتواطأه مع ما يتلو اللّسان من القرآن ﴿وَأَقْوَمُ قِيلًا.

﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل: 6] فقراءة القرآن بالتّمهل والتفكر وفي صفاء اللّيل وراحة الأعصاب، تجعلك تتلقى القرآن بكلّ أهدافه، فيتحوّل فيك بصفاء القلب بالذّكر إلى أعمال وأخلاق وصفات وطاقة روحية تتأثر بها وتؤثر في الآخرين.

هذا خطاب ليس موجهًا للنبي ﷺ فقط، فلو كان للنبي ﷺ موجهاً دون غيره لكانت السورة قد رُفِعت، فهذا الأمر لنا ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، إن كنت حفظت القرآن فهل طبّقته؟ إن لم تطبقه فلا يوجد فائدة، فإذا أعطاك أحدهم أرضًا وبذارًا وجرّارًا؛ فلم تحرث بالجرار، ولم تبذر البذار في الأرض، أفلا تكون عليك الحجة البالغة؟ فكذلك المسلمون، خصوصًا طلاب العلم، فالذين أخذوا شهادات فقد أخذوا ورقة، أين العمل؟ كمثل الذي أخذ الشّيك ولم يذهب للبنك ليقبض ما كتب فيه، لكنّه صار يقرأ الشيك في كلّ مكان بالقلقلة وبالتّجويد والإدغام بغنة والإخفاء والإظهار ويقول: كيف قراءتي؟ وهو مكشوف العورة ويكاد يموت من جوعه، يقول: انظروا، عندي شيك بمئة ألف دولار.. وهو يقرؤه، فلماذا هو متسول؟ ولماذا ينام في الطرقات؟ ولماذا مكشوف العورة ولا يوجد عليه ثياب؟ هذا هو الجنون الحقيقي.

العلم يقتضي التّعليم

يفرحون أنّه حفظ القرآن، هذا شيء جيد، حفظ الكمبيالية [الشّيك] وصارت بيده، فهل طبقها؟ وهل استعملها؟ أيهما يعذر لفقره: الذي لا يمتلك الكمبيالية أم هذا؟ فهذا كلّ النَّاس يسبّونه، ويقولون عنه: “ما أحمقه! بعث الله له نعمة ولم يستعملها”، أمّا ذاك فيقولون عنه: “أعانه الله، مسكين فقير، لا يوجد بيده سبب من الأسباب”، وكذلك العالِم الذي لا يعمل بعلمه: ((أشدّ النَّاس عذابًا يوم القيامة عالِم لم يعمل بعلمه)) 14 .

﴿هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا يعني أحسن تلاوةً؛ لأنّ السكون يسود في هدأة الليل، وكان النَّبي ﷺ لا يسهر بعد صلاة العشاء ((إن لجسدك عليك حقًّا)) 15 ، لذلك تكون القراءة والقيل- قول القرآن- في الليل أشد موافقة للفهم وللتأثر ولرسوخ المعاني في صفحات النفس.

الذكر في النهار وقيام الليل في الليل

﴿إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا [المزمل: 7] عندك في النهار أعمال كثيرة تشغلك، مع ذلك عليك في النهار: ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ ففي الليل متهجدًا، وفي النّهار ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ [المزمل: 8] ما اسم ربك وربنا؟ الله، يعني: اذكر الله عزَّ وجلَّ، ما معنى الله؟ يعني الله معي ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ [الحديد: 4] فإذا قلت: الله الله، فلتستحضر معنى هذه الكلمة في مرآة قلبك، كما يقول بعضهم

أخي كنْ لأربابِ القلوبِ ملازمًا ………………………

ضرورة وجود المربي

عليك أن ترى العالِم صاحب القلب فتجعله كهفك وحراءك فتدخل في قلبه وتأوي إليه ﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ [الكهف: 16] ذاك الكهف من الحجر لتنقطع قلبيًّا عن التوجه إلى غير الله عزَّ وجلَّ، ولكن إذا حصل لك الكهف- المربّي المرشد- وتعلّقت به وارتبطت برابطة الحبّ، فأنت في الكهف دائمًا، فمن هذا الكهف وهذا الارتباط ((المرء على دين خليله)) 16 ومع قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا [المزمل: 8] إذا ذكرت الله عزَّ وجلَّ فلا تذكر شيئًا معه، فاقطع كلّ شيء في الوجود إلا الله.

لا إله إلا الله، يعني لا موجود إلا الله، لا محبوب إلا الله، لا مقصود إلا الله، من هو الله؟ قال: ليس الذي يأكل ويشرب ويبول ويتغوّط؛ ليس الإنسان.. واليوم بعد أن استيقظ عقل الإنسان كفر بهذا الإله، لذلك كفرت شعوب العالَم الغربي بالكنيسة.. إله وحفنة من اليهود يقتلونه! فما هذا الإله الذي يغلبه ويصلبه ويذله النَّاس! ويقول المصلوب في الإنجيل: “إلهي إلهي لماذا شبقتني؟” لماذا تخلّيت عنّي؟ إذا كان عيسى هو الإله ويقول: إلهي يا إلهي؟ فالمنادَى هل هو المنادي أم أنّ المنادَى غير المنادي؟ المستغيث هو المستغاث به أم كل واحد شخصية مستقلة؟ لذلك العقل تحرّر، فالكنيسة بهذه الأخطاء جعلت الإنسان يتركها والمسيحيين يهجرونها، أمّا حين يقال: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ [المزمل: 9]، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى: 11]، ﴿فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [الأنعام: 14]، ﴿يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ [الأنعام: 14]، ﴿لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ [البقرة: 255] يعني نعاس ﴿وَلَا نَوْمٌ فالأمر مختلف ومعقول.

مهما طرأ عليك في الطّريق فالله هو الوكيل والمدافع عنك

قال: ﴿فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا [المزمل: 9] أوكل أمرك إليه، نفّذ الأوامر ولا تهتم، مهما طرأ عليك في الطّريق فهو الوكيل وهو المدافع عنك، قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس [المائدة: 67] فلمّا توكّل عليه وأوكل أموره إليه ولم يمشِ إلّا بتوجيهه وتعليمه فماذا كانت النّتيجة؟ مع كلّ ما وقف في طريقه من عقبات ومؤامرات وعناد وحروب وأعداء، قال: ((ليصلنّ هذا الدّين إلى ما وصل إليه اللّيل والنّهار)) 17 ، الآن صار الإسلام في اليابان ووصل إلى أمريكا وما بينهما، وإسلامنا يشكل نصف واحد في المئة من الإسلام الحقيقي، أمّا الإسلام بمعناه الحي؛ فلا يمكن لمن يرى ملكة الجمال إلّا أن يميل قلبه إليها، وهل يمكن لمن رأى الزّهور والورود الجميلة ألّا تميل نفسه إلى رؤيتها؟ وكذلك الأصوات الجميلة كأم كلثوم، [كثيراً ما يضرب سماحة الشيخ مثلاً بأم كلثوم عندما يذكر الصوت الجميل أو النغم، وذلك لسعة شهرتها وانجذاب كثير من الناس لصوتها وسرعة فهم المستمعين للمثال الذي يقول] هل يمكن ألَّا تصغي الآذان إلى نغماتها؟ وكذلك المناظر الجميلة.. ومع كل هذا فإنّ دين الله ومدرسته وتعاليمه لا إكراه ولا إجبار فيها، كما بَيَّن تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [البقرة: 256] لأنّ الإيمان لا يكون بالإكراه، فهل يمكن أن أجبركم وأهدّدكم أن تعتقدوا أن ثوبي هذا أسود، وإذا لم تعتقدوا سأفعل كذا وكذا؟ لو قلتم بلسانكم أنه أسود، فهل أنتم مؤمنون بقلوبكم؟ فالإيمان لا يكون بالإكراه، ولا يكون إلا بالإقتناع، ولا يكون إلّا بكونه الحقيقة التي تقنع بها النّفس.

الصبر على كلام الكفرة

قال: ﴿فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا.. لكنْ حتَّى تقوم بما فرضته عليك من تعليم النَّاس ونقلهم من ظلمات الجهل والعداوات والأحقاد والأنانيات، لا بدّ من عناء وتعب ومعارك، لذلك قال تعالى: ﴿وَاصْبِرْ [المزمل: 10] أول المعركة على ما يقولون، فكانت المعركة معركة الكلام، كانوا يقولون: “ساحر” ويقولون: “مجنون”، وحين يذكر الله عزَّ وجلَّ لهم الأمم التي هلكت بكفرها يقولون: “أساطير الأولين”، حكايات خرافية قديمة، وقالوا عن النبي ﷺ كما ذكر الله عزَّ وجلَّ: ﴿يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ [النحل: 103] ويقولون: افتراه ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ [يونس: 38] أي أن هذا القرآن من عنده.

قال: ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ هناك شخص إذا سمع كلمة يقول لك: “لا أريد أن أنصحهم ولا أن أعلمهم، قاتلهم الله!” فهذا لم يقرأ القرآن ولا صار من ((العلماء ورثة الأنبياء)) 18 ، لذلك قال النَّبي ﷺ: ((الصبر شطر الإيمان)) 19 ، الصّبر هو الصّمود في أداء الواجب، بل التّلذذ على الأذى في أداء الواجب، كما قال الشّاعر: “وإن قيل لي طَ النَّار” طأْ وأُوطأ وامشِ على النَّار

وإنْ قيل لي: طَ النَّار والنَّار جمرةٌ لها لهبٌ ترمي الشرارةَ كالقصرِ
لـمَا كانَ لمحُ البرقِ أسرعَ أنْ يُرى بأسرعَ مني في امتثاليَ للأمرِ

إذا حصل إيمان القلب الحقيقي، وصار قلبك ذاكرًا، ومع الله حاضرًا، وانجلت مرآتك حتَّى ظهر في صفحاتها نور الله عزَّ وجلَّ، فتتغذى الرّوح، فتجد من الطرب بحيث لو قطّعت قطعًا قطعًا، فكلّ قطعة تتلذّذ بما تُمزَّق وبما تُقطَّع.

لذلك قال: ﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا [المعارج: 5] الصّبر الجميل: أن تكون معذبًا وفي الوقت نفسه متلذّذاً، تتلذّذ لأنّك ترى أنّك في عمل أعظم شيء تحبه.. فالأم التي لم تحمل إلّا بعد عشرين سنة ألا تتلذّذ بالحمل والولادة؟ مع أنه يوجد عند الولادة ألم، فهل تتبّرم وتضجر من الألم؟ ألم مع اللذة، ألم مع السعادة، فهذا الصّبر الجميل.

بعض الصحابة في الجهاد وهو في آخر ساعات حياته وهو ينزف الدم، والجريح بسبب ذهاب الدّم تقلّ السّوائل فيشعر بالحرارة والعطش، قدّم له الماء ليشرب فقال: “إني صائم” جهاد وحرب في بلاد الحجاز حيث الحرارة المرتفعة، وهو جريح ينزف ويُقدَّم له الماء، وهو صائم ولا يشرب! هذا هو الصبر الجميل.. فقال لهم: “ضعوا الماء في ترسي، فإن غابت الشَّمس أفطرت، وإلا أفطرت في الجنة”.

فما هذه القوّة التي يعطيها الإيمان الحقيقي؟ نالوه بالإيواء إلى حراء رسول الله ﷺ، كان حراء النَّبي ﷺ في الغار، أمّا الصحابة رضي الله عنهم ﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ [الكهف: 16] فكان كهفهم وحراؤهم الإيواء إلى رسول الله ﷺ والهجرة إليه، هجرة جسم وقلب وفكر وعقل ومتابعة وامتثال وطاعة، فهل ربحوا أم خسروا؟

والآن –واللهِ- إذا عاد المسلمون إلى الإسلام لربحوا في الدنيا والآخرة، وهل يعود البيت الخرب إلى بِنائه من نفسه؟ لا بد له من بنَّاء ولا بد له من مهندس وأخصائيين، وهل تخرج الأرض الورود والثّمار الشّهية بلا مزارع وتعب وغراس وبذار؟ هذا مستحيل، فبالأماني لا تصير الأشياء، لذلك على كلّ مسلم أن يفتّش عن المربّي الدّاعي إلى الله عزَّ وجلَّ، ولو لقيه بعد أن مشى الشّهور فهو الرّابح وليس بخاسر.

اللّهم إنا نسألك حبك، وحبّ من يحبك، وحب عمل يقربنا إلى حبك.. ليس المهم اللقاء والاجتماع، بل المهم الحب، الحب حتَّى ولو كنت في البعد كما قال ﷺ: ((المرء مع من أحب)) 20 .

الشجرة إذا لم تصمد في تربتها لا تعطي ثمرًا

﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ الشّجرة إذا لم تصمد في تربتها لا تعطي ورقًا ولا زهرًا ولا ثمرًا ولا ظلًّا، وإذا كانت كلّ يوم في مكان ومن حوض إلى حوض فلا تصلح إلّا للمَوْقِد وحطبًا للنّار.

﴿وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا [المزمل: 10] وإن آذوك، فالهجر الجميل ألَّا تقابل شتمهم بشتيمة، وإيذاءهم بإيذاء، قال تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ هذه أقلّ الدّرجات ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاس ألَّا تنتقم ولا تقتصّ لنفسك، أمّا الدرجة الأعلى: ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 134].

قصة: صبر زين العابدين على من جهل عليه

يقال: إنّ أحد الجاهلين شتم زين العابدين ابن سيِّدنا الحسين في السوق، فصبر على شتيمته ولحقه حتَّى وصل إلى بيته، فوقف أمام المنزل، فقال له الرجل: لماذا وقفت يا كذا وكذا؟ قال له: حتَّى إن بقي في قلبك شيء تكمله لأخلصك من الذي يوجع قلبك، ثمّ قال لمرافقه: “أعطه مائة دينار” ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ كظم غيظه ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاس فهل قابله بمثل ما فعل؟ ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ختمها بالإحسان إليه، فماذا كانت النتيجة؟ شُفِي من حقده وتخلّص من عداوته، وقال: أشهد بأنّك ابن رسول الله ﷺ، وقبَّل يده.

نقل القرآن من الورق إلى القلب

القرآن هو أن تعمل به، وأن تنقله من الورق إلى القلب، لكن ليس القلب المليء بالأوساخ والنّجاسات، بل أن تفرّغ قلبك ممّا سوى الله عزَّ وجلَّ ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ [الشرح: 7] فإذا فرغت من أعمال الدّنيا فاعمل بأعمال الآخرة، وقم بتفريغ القلب واملأه بذكر الله عزَّ وجلَّ، وعليك بالهجرة إلى ورثة رسول الله ﷺ، سواء الهجرة الجسديّة أن تكون معه جسدًا وقلبًا، وإذا لم تكن الهجرة الجسدية وكان غائبًا عنك فـبالحبّ، قال ﷺ: ((المرء مع من أحب)) 21 .

إذا أحبّ الإنسان سيارته الجديدة التي صنعت سنة أربع وتسعين [وكانت أحدث طراز وقت إلقاء الدّرس] ولم يكن صاحب قلب مع الله عزَّ وجلَّ، فحين يصلّي يقول بلسانه: ﴿وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ [الأنعام: 79] لكن قلبه وخياله وتصوّره متوجه إلى أين؟ إلى سيارته؛ لأنّ ((المرء مع من أحب)) وإذا كانت عروسه وليس له قلب ذاكر مع الله عزَّ وجلَّ، فحين يقول: “الله أكبر” يعني أكبر محبوب في قلبي الله، فيا ترى من أكثر محبةً في قلبه؟ يجد محبوبه كائنًا ما كان، لذلك قال القرآن: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا قصرك ﴿أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ سواء الجهاد في سبيل الله، أو بذل الجهد لهداية وتثقيف مخلوقات الله عزَّ وجلَّ ﴿فَتَرَبَّصُوا انتظروا ﴿حتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ [التوبة: 24] يعني بعذابه، فهذه هي الرّابطة.

الرابطة هي المحبة

الرّابطة هي المحبة، فالبقرة تُربط بالحبل وفي المعلف، أمّا رابطة الإنسان مع الإنسان برباط آخر، فهل الأصدقاء يرتبطون ببعضهم بحبل؟ فالقطار والمقطورات ترتبط بالسّلاسل، أمّا الإنسان فيرتبط مع زوجته بأيّ رابطة؟ برابطة الزّوجية، والابن البار مع والديه يرتبط برابطة بر الوالدين، ويرتبط مع رسول الله ﷺ برابطة الإيمان والحب الإيماني الذي لا يعدله حبّ ولا يعدله محبوب من المحبوبات، فهل كان أبو بكر رضي الله عنه يحب أباه وأمه وأولاده وماله أكثر أم كان يحب النَّبي ﷺ أكثر؟

اللّهم إنا نسألك حبّك، وحب من يحبك، وحب عمل يقربنا إلى حبك.. فأول وأصل الشّقاء هو الحب: أن تحب الأشقياء، وأساس السّعادة الحب: أن تحب السّعداء، اللهم إنا نسألك حبك، وحب من يحبك.

﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ فالذي يريد أن يأكل العسل يجب أن يصبر على إبر النحل، كما قال الشّاعر

…………………… ولا بدَّ دونَ الشَّهدِ من إبرِ النحلِ

فالذّاكر في أول الأمر تأتيه خطرات ووساوس، يشرِّق قلبه مرّة وأخرى يغرِّب، ﴿وَاصْبِرْ اصمد ﴿وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا قال: ألَّا تعاتبهم، فالهجر الجميل: أن تعفو دون أن تعاتب، والذين كانوا يؤذون رسول الله ﷺ فما هو مصيرهم؟ قال: دعهم لي وأنا وكيلك، فأنا المسؤول عنك وأنا الذي سأقاصصهم ﴿وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ [المزمل: 11]، ﴿النَّعْمَةِ هي التّنعم والترف، فدائمًا كان أكثر الذين يعرضون عن الهداية عشّاقاً للدّنيا، أُسِروا بمحبة الدّنيا؛ بمالها وقصورها وأرباحها وتجاراتها ونسائها ولهوها، فقال: دعني لهم، هم يؤذونك فأنا وحدي أكفيك شأنهم، وكفاه الله عزَّ وجلَّ إياهم لكن بعد الصّبر، ((إن الله لا يعجل بعجلة أحدكم)) 22 .

وعيد الله تعالى للكافرين

﴿وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ إلى متى؟ قليلًا ﴿وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا [المزمل: 11].

﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا [المزمل: 12] قال: قد لا نؤاخذهم في الدنيا ونؤخرهم إلى يوم القيامة ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ [الحج: 47] فإذا أخّرهم ساعة، فالسّاعة من ألف سنة كم تعادل؟ ثلاثًا وثمانين سنة، فإذا قال الله عزَّ وجلَّ له: اتركني ساعة وبعدها أؤدبهم، فكم السّاعة عند الله عزَّ وجلَّ؟ وهل تظنّ أنّ الله عزَّ وجلّ سيكون تحت أمرك؟ هكذا صنع مع الأنبياء، فنوح عليه السَّلام لبث في قومه صابرًا ألف سنة إلّا خمسين عامًا، فهل من صباح ليلة العرس يسأل الزوج المرأة: أين الولد؟ كيف الولد؟ حسنًا ها قد رمينا البذار في الأرض، فتقول له: لكلّ أمة أجل ولكلّ أجل كتاب، فالولد يأتي بعد تسعة أشهر إذا أتى الإذن بالتّخليق والإيجاد ((إن الله لا يعجل لعجلة أحدكم)).

﴿وَمَهِّلْهُمْ ((إن الله يمهل الظالم)) يمهله ((ولا يهمله)) لا يتركه ((إذا أخذه لا يفلته)) 23 . فالإمهال من اختصاص الله عزَّ وجلَّ، تارةً يمهل قليلًا وتارةً يمهل طويلًا، ومهمّتك أن تعمل وأن تصبر وأن تكون مهيأً للعلم والعمل.

قال تعالى: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، وقال أيضاً: ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ فطالب علم في كلية دعوة أو كليّة شريعة وليس عنده ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ولا يوجد عنده ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا هذا مجنون؛ لأنّه يريد أن يصير طبيبًا بأخذ ورقة شهادة الطّب، فالورقة لا تجعلك طبيبًا، والطّب علم نظري وعملي، وإذا أخذت الشّهادة ولم تفتح العيادة فماذا استفدت من الشّهادة ومن الورقة؟ إذا كان العامي يذكر الله عزَّ وجلَّ ساعة فيجب على طالب العلم أن يذكر الله عزَّ وجلَّ عشر ساعات؛ ليحيي بذار العلم بماء الذكر وماء مجالسة الله عزَّ وجلَّ.

الشهادات بالألوف ولا يوجد إنتاج

ولذلك لماذا حملة الشهادات بالألوف ولا يوجد إنتاج؟ كله عقيم، هذا عنده شهادة دكتوراه، وهذا شهادة ماجستير، وهذا إجازة جامعية، فما إنتاجك؟ إن قال: “أخذت دكتوراه في الفلاحة”، فماذا زرع؟ وأرضه كلّها قرّيص [أعشاب تخرج في الأراضي التي لا يعتنى بها] لأنّه لم يعمل ولم يتعلّم الزرع، فقد تعلّم بالورق لكن لم يتعلّم في الواقع، لذلك طالب العلم عليه أن يصير نجارًا أو حدادًا أو مُبَلِّطًا [يبني البلاط] إذا لم يعمل بقوله تعالى: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا؟ وإذا لم يعمل بقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا، وإذا كان لا يريد أن يهاجر إلى الله ورسوله أو وارث رسوله، فالقصة ليست بالتّمنّي.

ماذا نال سيِّدنا أبو بكر رضي الله عنه من الشّهادات؟ هل نال إجازة جامعية أو ماجستير؟ وهل نال سيِّدنا عبد القادر الجيلاني شهادة الماجستير؟ أخذ الحبّ بأعلى درجاته من شيوخه، فهل حرام أو مكروه أو عيب أن تحبّ أحباب الله وأن تحب أولياء الله عزَّ وجلَّ؟ هذه الرّابطة، يقولون: الرّابطة أن تعبد الشَّيخ! هذا كذب ودسّ وافتراء، انزع اسم الرّابطة وارمِه في البحر، وقل: حبّ أحباب الله وكفى، لكن ليس حبًّا كلاميًّا، بل حبّ الثّكلى التي فقدت ولدها، حين تقول: “آه” فهي تحرق قلوب كلّ من يسمع كلامها، وإذا لم تقل: “آه” فكلّ من ينظر إلى وجهها ينعكس في مرآة قلبه حزنها وكآبتها.

ولذلك لما سُئِل النَّبي ﷺ: “من خيار النَّاس يا رسول الله؟” من هم المختارون عند الله المفضّلون والمميّزون؟ قال: ((الذين إذا رُؤوا ذُكِر الله)) 24 . فإذا كانت رؤيتهم تذكِّر بالله عزَّ وجلَّ، فإذا لم ترهم فتراءَاهم، “إذا لم يجد ماءًا تَيَمَّم بالتُّرْب”، هل يحرم أن يتخيل الرجل زوجته؟ سافر إلى بيروت ليلة العرس فتخيل زوجته، وفي الصَّلاة أيضًا: حين يقول: ﴿وَجَّهْتُ وَجْهِيَ [الأنعام: 79] وإذ لم يوجه وجهه إلا لزوجته؟ لا أحد يقول حراماً، ولا أحد يقول حلالاً، حسنًا، وحين يقول الشَّيخ للذّاكر قبل الذكر: يا بني تراءَاني عملًا بهذا الحديث: ((الذين إذا رؤوا ذُكِر الله)) إذا لم تراني فتراءَاني، من باب من لم يبكِ فليتباكَ، ومن لا حلم له فليتحلم، ((إنما الحلم بالتحلم، والعلم بالتعلم)) 25 .

فالمنكرون تراهم في جهل وفوضى وجاهلية وأهواء وأنانيات.. وإلى آخره، فأفضل شيء للمؤمن أن يكون موقفه كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ وعن أهله ﴿مُعْرِضُونَ [المؤمنون: 3]، وقوله: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا [الفرقان: 72] يكرّمون نفوسهم عن أن يجلسوا مع اللاغين أو في مجلس لغو، أو أن يستمعوا إلى كلام اللغو.

يمهل ولا يهمل

﴿وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا قال: إلى متى؟ قال: قد يؤخره الله عزَّ وجلَّ إلى يوم القيامة، فلما دعا سيِّدنا موسى عليه السَّلام على فرعون قال له ولهارون عليه السَّلام: ﴿قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا ومع قوله: ﴿أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا [يونس: 89] ما أهلكه الله عزَّ وجلَّ إلّا بعد أربعين سنة.

﴿وَمَهِّلْهُمْ فلو أن النَّبي ﷺ دعا على عمر عند كفره لصار حطبًا لجهنم ﴿وَمَهِّلْهُمْ لكنّه صار كما قال ﷺ: ((لو كان بعدي نبي لكان عمر)) 26 . فالدّاعي إلى الله عزَّ وجلَّ والمؤمن يجب أن يصبر أولًا على نفسه، بأن يجاهد نفسه في الله حتَّى يصير متحققًا بقول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ [الحديد: 4] فهل أنت معه؟ فالله عزَّ وجلَّ معك، فإذا كنت تريد أن تكون معه ففي أي شكل تتصور معيّته؟ ((إن في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)) 27 . وفي نهاية الذّكر القلبي يصح أن ينتقل المريد إلى الذّكر اللّساني بعد حياة قلبه فيشترك القلب مع اللّسان، أمّا إذا كان ذكر لسان بلا قلب- والمعوّل عليه حياة القلب- فيعمل في القلب حتَّى يستيقظ من نومه وسباته.

من أنواع العذاب في جهنّم

﴿إِنَّ لَدَيْنَا لهؤلاء المكذبين المعرضين، إذا لم يتوبوا ويرجعوا ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا [المزمل: 12] الأنكال هي الأغلال يُصفَّدون بها ﴿وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ يوجد في جهنم طعام لا يُبتلَع بل يُغَص فيه، مثلما كان يغص حين تُعرَض عليه الهداية فيرفضها، فطعام جهنم يرفضه جسمه أيضًا، فيُعذَّب بالإدخال والرّفض ﴿وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا [المزمل: 13] مؤلِماً، متى يكون هذا؟ قال: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ [المزمل: 14] يوم القيامة ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا [الزلزلة: 1] فترجف الجبال والأرض ﴿وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا [المزمل: 14] تنقلب الجبال إلى جبال من رمل و﴿مَهِيلًا سائحًا، فتأتيها الريّاح فتصير كالعهن ﴿وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ يعني كالقطن ﴿كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ [القارعة: 5] هذا عند قيام الساعة وفناء كوكب الأرض، فهل الله عزَّ وجلَّ أهملهم؟ لا، فلا تستعجل ﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا [المعارج: 5].

شهادة النَّبيّ ﷺ على أمته

﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ [المزمل: 15] يوم القيامة ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ [النساء: 41-42] معنى ﴿تُسَوَّى يعني يتمنّون ألَّا يكونوا على وجه الأرض، فهذه الطّاولة بلا شيء عليها مستوية، ووجودك يمثل حجمًا ظاهرًا، فيتمنى أنه لم يخلق لما يرى من قصاص الله عزَّ وجلَّ له لإعراضه عن رسول الله ﷺ وعن رسالة الله.

﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ فنسأل الله عزَّ وجلَّ أن يجعل النَّبي ﷺ يشهد لنا ولا يشهد علينا ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا [المزمل: 15] بعث الله عزَّ وجلَّ لفرعون وقومه رسولًا، وأرسل لهذه الأمة رسولًا.

من هو فرعون؟

﴿فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا [المزمل: 16] هذا في الدّنيا، وهو الأخذ الشديد المؤلم الفظيع، وكذلك أنتَ إذا عصيت الرسول الذي أُرسِل إليك ورفضت رسالته فلم تؤدِّ واجبها ولم تبتعد عن محارمها ولم ترغب فيما رَغَّبَتْ فيه ولم تزهد فيما زَهّدت فيه، فأنت فرعون، فهل أخذ الله عزَّ وجلَّ فرعون أخذًا وبيلًا لأنّ اسمه فرعون- لأجل الاسم- أم لأجل إعراضه عن قبول رسالة الله؟ فكلّ معرض عن رسالة الله، وكلّ مؤذٍ لحامل رسالة الله فهو فرعون زمانه ومكانه، قد يكون في القرية فرعون وفراعنة، وكذلك في الحارة والعائلة أيضًا

كلُّ عصرٍ فرعونُ فيهِ وموسى وأبو الجهلِ في الورى ومُحمَّد

فنسأل الله عزَّ وجلَّ أن يجعلنا ممن ارتبط بقافلة سيِّدنا مُحمَّد ﷺ، ويقطع الرّابطة التي بيننا وبين فرعون، ولا يجعلنا متفرعنين على الله ولا على شريعته ولا على أحبابه.

لكن لا بدّ من فرعون، فإذا وجد موسى لا بد من فرعون، وإذا وجد سيِّدنا مُحمَّد ﷺ فلا بد من أبي جهل، وإذا وجد خليفة موسى يأتي خليفة فرعون، وإذا أتى خليفة سيِّدنا مُحمَّد ﷺ يأتي خليفة أبي جهل، ولكن كما قال تعالى: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ [الأنبياء: 18] وقوله أيضاً: ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا [الإسراء: 81].

﴿فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ ماذا كانت النتيجة؟ ﴿فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا أخذه الله عزَّ وجلَّ أخذة غايةً في الفظاعة والشّدّة فأغرقه هو وجيشه ﴿قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ [يونس: 90] فقالت له الملائكة: ﴿آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ [يونس: 91-92] فنعوذ بالله أن يجعلنا من الفراعنة على أمر الله أو على أحبابه أو على أوليائه أو على الدعاة إلى الله عزَّ وجلَّ.

هل يوجد نجاة من عذاب يوم القيامة؟

ثمّ قال: ﴿فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ كيف تستطيعون أن تنجوا من هذا اليوم الموعود؟ ما هذا اليوم وما صفاته؟ قال: ﴿يَوْمًا من الأهوال والفظائع والعذاب وجهنّم وشدة الحساب، على من نسوا الحساب، فقد كان يعمل ما يشاء، لا يفكّر بالله ولا بحسابه ولا بلقائه ولا بالملائكة الكرام الكاتبين ﴿فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا كيف تستطيع أن تجعل وقاية بينك وبين أهوال ذلك اليوم؟

﴿إِنْ كَفَرْتُمْ ذلك اليوم الذي ﴿يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا [المزمل: 17] فالطّفل الذي لا يعرف الخوف، ولكن من أهوال ذلك اليوم تشيب الأطفال، فنسأل الله عزَّ وجلَّ أن يجعله علينا بردًا وسلامًا.

﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا وعن أهوالها ﴿مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا [الأنبياء: 101- 102] لا يرون جهنّم ولا نارها، حتَّى إذا جازوا فوقها على الصّراط تقول النَّار: ((جُز يا مؤمن- اركض وأسرع- فقد أطفأ نورك لهبي)) 28 ، كما أنّ نور الإيمان يطفئ نار المعصية في الدّنيا عند المؤمن، فكذلك نور إيمانه يوم القيامة يطفئ نيران جهنّم، تقول له: أسرع حتَّى أنتقم من أعداء الله.

من مشاهد الكون يوم القيامة

﴿السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ [المزمل: 18] في ذلك اليوم ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ [الانشقاق: 1]، ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ [الانفطار: 1]، ﴿إِذَا الشَّمس كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ [التكوير: 1-2] بما يدلّ على أنّ المجموعة الشَّمسية إن لم تكن المجرّة كلها تصير بحال غير ما هي عليه في الوقت الحاضر، فالله عزَّ وجلَّ أعلم بالتفصيل والكيفية.

﴿كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا هذا الذي يخبرنا به الله عزَّ وجلَّ لا بدّ من وقوعه ﴿كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا [المزمل: 18] فالإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه، فهل آمنت بهذه الصّفحة؟ فحين أؤمن بأن هذا شراب أشربه، لكن لو علمت أنّه مازوت [ديزل] وآمنت أنّه مازوت فهل أشربه؟ فإذا تركت العسل فلم تشربه، وأخذت المازوت وشربته وسمّيته عسلًا، والآخر سَمَّيته مازوت، فهل تكون ناجحًا في الحياة؟ فالإيمان والإسلام: أن يتحوّل القرآن فيك إلى عمل، وتلاوته إلى واقع أخلاقي وعملي وأدائي، وإلّا كما قال الشّاعر

رُبَّ تالٍ يتلو القرَانَ بفيهِ وهْو يُفضي بهِ إلى الخِذلانِ

ما يذكره القرآن عن السّابقين تذكرة لمن أراد العظة والاعتبار

﴿إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ ها قد ذكَّرناكم وبلَّغناكم وفهَّمناكم وشرحنا لكم ﴿فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا [المزمل: 19] فالذي يحبّ أن يسلك طريقًا إلى الله ورضاه ووعده وجنّته وإلى سعادة الدّنيا والآخرة فالطّريق مفتوح أمامه، فالإنسان مسيّر أم مخير؟ قال تعالى: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ [المدثر: 37] ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ [الكهف: 29] لكن خلْق الإنسان ذكرًا أو أنثى مسير فيه أم مخير؟ مسير، فهو مسير أن يكون طويلًا أو قصيرًا، أو أبيضاً أو أسوداً، أما أعماله التي تحت إرادته وتحت تصرفه فهو مسؤول عنها.

قال: ﴿إِنَّ هَذِهِ فها قد ذكَّرناكم ونبَّهناكم وكرَّرنا عليكم ﴿فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا وصراطًا مستقيمًا وطريقًا قويمًا. اللّهمّ اهدنا لأحسن الأخلاق ولفضائل الإيمان ولحقائق الإيمان، لا يهدي إليها إلا أنت.

 

مُلْحَق

الإسلام سيبلغ المشرق والمغرب قريباً بإذن الله

زاركم أخ أمريكي المهندس أسامة الذي أسلم من قبل بالإضافة إلى الدكتور مُحمَّد أسعد أستاذ التاريخ في إحدى الجامعات الأمريكية الذي أكرمه الله بالإسلام، وقبل البارحة كان عندي أيضًا أخ آخر أتى من أمريكا للإسلام، كما قلت لكم: انتظروا عشر سنوات والإسلام سيبلغ المشرق والمغرب بفضل الله وكرمه، لكن يجب أن تعملوا، إذا قلنا لك: إذا تزوجت يأتيك ولد، فهل تكتفي بالوعد من غير أن تتزوج؟ فشمّروا، وقبل كل شيء عليكم بقيام الليل قال تعالى: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا [المزمل: 2] ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا [المزمل: 8] واللهم إنّي أسألك حبّك وحبّ من يحبّك وحبّ عمل صالح يدعو إلى حبّك.

كيفية التعامل مع المذاهب الإسلامية في الوقت الحاضر

يجب علينا جميعًا أن نرجع إلى ما كان عليه النَّبي الكريم ﷺ وأصحابه الكرام رضي الله عنهم، مع احترامنا لكلّ من سبقنا من علماء وفضلاء عبر العصور من الأئمة الكرام، نجعلهم على رؤوسنا، ولكن بآراء تختلف بحسب الزّمان والمكان، فلا نجعلها قرآنًا ثابتًا، فلما هاجر الإمام الشافعي من العراق إلى مصر رجع عن كل اجتهاداته وما ذهب إليه لمّا كان في العراق إلّا ثلاثين مسألة، فعن أي شيء رجع؟ عن الأمور المستجدَّات المتغيرات التي تختلف بين مكان ومكان وبين إنسان وإنسان، لكن هل رجع عن الخمر أنها حرام؟ وهل رجع عن الصلوات الخمس؟ فالمذاهب أتت من فتاوى العلماء قرنًا بعد قرن، وأتى المقلِّدون فما عرفوا أن يفرّقوا بين المتغير والثّابت، وتعصب تلامذتهم بفتاواهم فتمزّقت وحدة المسلمين.

ما أقوله الآن ربّما قبل خمسين سنة كان من المتعذّر قوله، كان المتعصّبون كثرًا، لكن الآن والحمد لله صار الإنسان يتكلّم بكلّ ما يؤمن به أنّه الحقيقة وبكلّ راحة، وهذه كانت مدرسة شيخنا رضي الله عنه وهو الذي علّمنا هذا رحمه الله وجزاه الله عنا خيرًا، ونسأل الله عزَّ وجلَّ بفضله وكرمه أن يحقق هذا المعنى، وبإخلاص المسؤولين، ويكون لسوريا الحظّ الأكبر في وحدة المسلمين، لا أقول مذاهبهم، فلم يقل الشّافعي وأبو حنفية ولا جعفر الصادق ولا أي إنسان: اتخذوا من أقوالي مذهبًا، لكن كما يقال: “الشَّيخ لا يطير لكن إخوانه يطيّرونه”، فالغلو الذي نهى الله عزَّ وجلَّ عنه: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ [المائدة: 77] فكيف الغلو في الأشخاص فيما أفتوا به؟ إن شاء الله نحن مقبلون على من يجدد للأمة أمر دينها، والمجددون والحمد لله كثر في كل العالم الإسلامي، والحمد لله رب العالمين.

فقه الصوم

اليوم شرَّفنا [ضيف كريم] سافر سعياً للشفاء فرجع ولم تحصل الفائدة، وذهب إلى الهند، قيل له: إن هناك مستشفى خاصّ، وكذلك ما حصَّل الفائدة المرجوة، فهناك أُرشِد أن يأتي إلى دمشق ليستعمل الصوم الطبي، ففي اليوم الثّامن ذهبت الشّقيقة وإلى غير رجعة، وهذا مصداق كلمة النَّبي ﷺ: ((صوموا تصحوا)) 29 ، أتى العلم فوسَّع كلمة ((صوموا)) فالمسلمون يفسدون صومهم بسوء إفطارهم، وكان النَّبي ﷺ كثيرًا ما يصوم في غير رمضان حتَّى يظن النَّاس أنه لا يفطر، وكان يقول: ((خير الصيام صيام أخي داود: كان يصوم يومًا ويفطر يومًا)) 30 .

فالفقهاء علّموا النَّاس فقه الصّوم ولم يعلّموهم فقه الإفطار، مع أنّ القرآن ذكر الصّيام ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ [البقرة: 183] لنفقهه، وذكر فقه الإفطار فقال: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا لكن هل ذلك من غير ميزان؟ قال: ﴿وَلَا تُسْرِفُوا [الأعراف: 31] ﴿وَكُلُوا أمر ﴿وَاشْرَبُوا أمر ﴿وَلَا تُسْرِفُوا نهي، قال: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ [الأنعام: 151] ﴿وَلَا تُشْرِكُوا [النساء: 36] فنحن دَرَسنا فقه ((صوموا)) وأهملنا فقه ﴿وَلَا تُسْرِفُوا [الأعراف: 31] فأتت الأمراض، ولذلك نصوم الصّوم الطّويل [الصوم الطبي] لمحو الأخطاء الطّويلة المتكرّرة عبر السّنين، لذلك يحتاج أن يصوم عشرة أيام وعشرين وثلاثين وأربعين يومًا، وبلا طعام البتّة إلّا الماء، وبإشراف الطّبيب المختصّ، فلله الحمد، يحصل فيه الخير والفائدة. فنسأل الله عزَّ وجلَّ أن يجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشّر.

وصلَّى الله على سيِّدنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم، والحمد لله رب العالمين.

Amiri Font

الحواشي

  1. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، باب تفسير سورة المدثر، رقم: (4638)، (4/ 1874)، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم: (161)، (1/ 143)، جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ، بلفظ: ((قَالَ جَابِرٌ أُحَدِّثُكُمْ مَا حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ جَاوَرْتُ بِحِرَاءٍ شَهْرًا فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي نَزَلْتُ فَاسْتَبْطَنْتُ بَطْنَ الْوَادِي فَنُودِيتُ فَنَظَرْتُ أَمَامِي وَخَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي فَلَمْ أَرَ أَحَدًا ثُمَّ نُودِيتُ فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا ثُمَّ نُودِيتُ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا هُوَ عَلَى الْعَرْشِ فِي الْهَوَاءِ يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام فَأَخَذَتْنِي رَجْفَةٌ شَدِيدَةٌ فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَقُلْتُ دَثِّرُونِي فَدَثَّرُونِي فَصَبُّوا عَلَيَّ مَاءً فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}، واللفظ لمسلم. وفي رواية للبخاري: {زملوني زملوني}، (4953).
  2. المعجم الكبير للطبراني، عن عبد الله، رقم: (10033)، (10/86)، شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (7045)، (9/521)، حلية الأولياء لأبي نعيم، (3/102). مسند البزار، رقم: (6947)، (13/332)، مسند أبي يعلى، رقم: (3315)، (6/65).
  3. هو مما يجري على الألسنة كما قال العجلوني في كشف الخفاء (2/ 63)، وفي معناه: «اللهم الطف لي في تيسير كل عسير، فإن تيسير كل عسير عليك يسير، وأسألك اليسر والمعافاة في الدنيا والآخرة»، المعجم الأوسط للطبراني، رقم: (1250)، (2/ 61).
  4. فتح الباري لابن رجب الحنبلي (1/102)، قال فيه: "وفي مراسيل طاوس، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:" لا رهبانية في الإسلام ولا سياحة". أبو داود في المراسيل عن طاووس بن كيسان (287)، وأخرجه أحمد في المسند مرفوعاً (6/226) ، (25893) عن عروة بلفظ: ((إن الرهبانية لم تكتب علينا)).
  5. الحديث رواه البيهقي في موضعين الموضع الأول: قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا رَبِّ أَقَرِيبٌ أَنْتَ فَأُنَاجِيكَ أَمْ بَعِيدٌ فَأُنَادِيكَ؟ فَقَالَ لَهُ: يَا مُوسَى، أَنَا جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي، شعب الإيمان، البيهقي، رقم: (670)، (2/171).
    والموضع الثاني: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ: "أَمَا تَسْتَوْحِشُ مِنْ طُولِ الْجُلُوسِ فِي الْبَيْتِ؟ قَالَ: وَمَا لِي أَسْتَوْحِشُ وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي" شعب الإيمان، البيهقي، رقم: (697)، (2/182)، عن محمد بن النضر. وورد الحديث في: حلية الأولياء، أبو نعيم، (8/217). وفي معناه بالصحيحين: ((أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني)).
  6. أخرجه النسائي في الكبرى (612). أحمد في المسند (4/321)، عن عمار بن ياسر، بلفظ: ((إن الرجل لينصرف من صلاته وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها، ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها)).
  7. المعجم الكبير للطبراني، عن عبد الله بن عباس رقم: (11025)، (11/54).
  8. المقاصد الحسنة للسخاوي، رقم: (45)، (73).
  9. مسند أبي يعلى، رقم: (2328)، (4/213)، بلفظ: ((إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلا وَلَهُ دَعْوَةٌ يَتَنَجَّزُهَا فِي الدُّنْيَا، وَإِنِّي خَبَّأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلا فَخْرٌ وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضَ وَلا فَخْرٌ بِيَدِي لِوَاءُ الْحَمْدِ، وَآدَمُ وَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي وَلا فَخْرٌ))، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ. الترمذي، في المناقب، رقم (3615).
  10. المعجم الأوسط للطبراني، رقم: (6636)، (6/ 367)، مسند إسحاق بن راهويه، رقم: (1128)، (2/553)، حلية الأولياء للأصبهاني، (8/188)، الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي، رقم: (764)، (3/294)، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، بلفظ: «إِذَا أَتَى عَلَيَّ يَوْمٌ لَا أَزْدَادُ فِيهِ عِلْمًا يُقَرِّبُنِي إِلَى اللهِ فَلَا بُورِكَ لِي فِي طُلُوعِ شَمْسِ ذَلِكَ الْيَوْمَ»
  11. ورد بهذا اللفظ في السنن الكبرى للبيهقي، رقم: (20782)، (10/323)، الأدب المفرد للبخاري (1/104). مسند القضاعي، رقم: (1165)، (2/192)، موطأ مالك باب ما جاء في حسن الخلق: (5/1330)، وهو في مسند أحمد، رقم: (8952)، (14/512)، بلفظ: ((إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ صَالحَ الأَخْلاَقِ)).
  12. المعجم الكبير للطبراني، رقم: (3923)، (4/ 138)، شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (11094)، (7/ 490)، مسند الطيالسي، رقم: (599)، (1/ 491)، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه، بلفظ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: يَا أَبَا أَيُّوبَ أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى صَدَقَةٍ يَرْضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْضِعَهَا؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: تُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ إِذَا تَفَاسَدُوا وَتُقَرِّبُ بَيْنَهُمْ إِذَا تَبَاعَدُوا)).
  13. مسند الفردوس للديلمي، رقم: (2770)، (1/ 191)، عن بريدة، بلفظ: ((الحكمة ضالة المؤمن حيث ما وجدها أخذها))، سنن الترمذي، كتاب العلم، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، رقم: (2687)، (5/51)، وسنن ابن ماجه، كتاب الزهد، باب الحكمة، رقم: (4169)، (2/ 1395)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بلفظ: ((الكلمة الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق بها)).
  14. شُعب الإيمان للبيهقي، رقم: (1642) و (3/273). المعجم الصّغير للطبراني رقم: (507) و (1/305) عن أبي هريرة، بلفظ: ((أشدّ النّاس عذاباً يوم القيامة عالِمٌ لم ينفَعْه الله بعلمِه)).
  15. متفق عليه صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب حق الجسم في الصوم، رقم: (1874)، (2/ 697)، صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به، رقم: (1159)، (2/812)، بلفظ: عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟)) فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ((فَلاَ تَفْعَلْ؛ صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ)). واللفظ للبخاري.
  16. سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب من يؤمر أنْ يُجالِس، رقم: (4833)، سنن الترمذي، أبواب الزهد، رقم: (2378). مسند أحمد، رقم: (8028)، (13/398)، المستدرك على الصحيحين، رقم: (7319)، (4/188). كلهم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
  17. مسند أحمد، عن تميم الداري، رقم: (16957)، (28/154)، واللفظ: «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الكفر».
  18. ذكره البخاري في بَابٌ: العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ وَالعَمَلِ في المقدمة دون سند. سنن أبي داود، أول كتاب العلم، باب الحثُّ على طلب العلم، رقم: (3641). والتِّرمذيُّ، أبواب العلم، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، رقم: (2682). سنن ابن ماجه، أبواب السنة، باب فضل العلماء والحثُّ على طلب العلم، رقم: (223)، عن أبي الدرداء.
  19. المعجم الكبير للطبراني، رقم: (8563)، (9/104)، شعب الإيمان للبيهقي، باب القول في زيادة الإيمان ونقصانه، رقم: (48)، (1/ 74)، روي موقوفاً على عَبْد اللَّهِ بن مسعود بلفظ: «الصَّبْرُ نِصْفُ الْإِيمَانِ»، الآداب للبيهقي، رقم: (757)، (1/306)، قال البيهقي في الآداب: "روينا عن عبد الله بن مسعود مرفوعا وموقوفا، والموقوف أصح".
  20. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب علامة حب الله عزَّ وجلَّ، رقم: (5816)، (5/ 2283)، صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب: باب المرء مع من أحب، رقم: (2640)، (4/ 2034)، عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بلفظ: «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ».
  21. سبق تخريجه.
  22. المعجم الكبير للطبراني، رقم: (8542)، (9/98)، وشعب الإيمان للبيهقي، رقم: (4452)، (6/ 440)، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ: "كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ، أَلا إِنَّ الْبَعِيدَ مَا لَيْسَ بِآتٍ، لا يَعْجَلُ اللَّهُ لِعَجَلَةِ أَحَدٍ وَلا يَخِفُّ لأَمْرِ النَّاسِ.. إلخ"، وفي السنن الكبرى للبيهقي، رقم: (6014)، (3/ 215)، ((قال ابن شهاب وبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا خطب: كل ما هو آت قريب لا بعد لما هو آت لا يَعْجَلُ اللَّهُ لِعَجَلَةِ أَحَدٍ ....
  23. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى: {وكذلك أخذ ربك..}، رقم: (4686)، (6/ 74)، صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، رقم: (2583)، (4/ 1997)، بلفظ: ((إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته))، عن أبي موسى رضي الله عنه. صحيح ابن حبان، كتاب الغصب، ذكر البيان بأن الله قد يمهل الظلمة والفساق إلى وقت قضاء أخذهم فإذا أخذهم أخذ بشدة نعوذ بالله منه، رقم: (5175)، (11/ 578)، بلفظ: ((إن الله يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم ينفلت)) ثم تلا {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ})).
  24. مسند أحمد بن حنبل، رقم: (27640)، (6/ 459)، شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (11108)، (7/ 494)، بلفظ: ((أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخِيَارِكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى قَالَ: فَخِيَارُكُمُ الَّذِينَ إِذَا رُؤُوا، ذُكِرَ اللَّهُ تَعَالَى))، وفي سنن ابن ماجه، رقم: (4119)، (2/ 1379)، بلفظ: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخِيَارِكُمْ؟...»، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ الأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها.
  25. نص الحديث: ((إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، إِنَّما الحِلْمُ بِالتَّحَلُّمْ، وَمَنْ يَتَحَرَّى الْخَيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَوَقَّى الشَّرَّ يُوقِهِ،))، المعجم الأوسط للطبراني، رقم: (2663)، (3/118)، شعب الإيمان للبيهقي (13/236)، رقم: (10254)، حلية الأولياء لأبي نعيم، (5/174). وأخرجه البخاري معلقاً قبل الحديث رقم (68).
  26. الترمذي، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، كتاب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في مناقب عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ كَانَ نَبِيٌّ بَعْدِي لَكَانَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، رقم: (3686). وفضائل الصحابة لأحمد بن حنبل، رقم: (519)، (1/356). والمستدرك، الحاكم، رقم: (4495)، (3/92).
  27. متفق عليه، صحيح البخاريِّ، في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، رقم: (52)، (1/ 28)، وصحيح مسلم، كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشُّبهات، رقم: (1599)، (3/ 1219)، عَنْ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رضي الله عنه، بلفظ: ((أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ)).
  28. المعجم الكبير للطبراني، رقم: (668)، (22/ 258)، شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (375)، (1/339)، حلية الأولياء للأصبهاني (9/ 329)، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُنَبِّهٍ، بلفظ: ((تَقُولُ النَّارُ لِلْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جُزْ يَا مُؤْمِنُ فَقَدْ أَطْفَأَ نُورُكَ لَهَبِي)).
  29. المعجم الأوسط للطبراني، رقم: (8312)، (8/174)، الطب النبوي للأصبهاني، رقم: (113)، (1/236)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، بلفظ: «اغْزُوا تَغْنَمُوا، وَصُومُوا تَصِحُّوا، وَسَافِرُوا تَسْتَغْنُوا».
  30. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود وأحب الصيام إلى الله صيام داود، رقم: (3238)، (3/ 1257)، صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوت به حقا، رقم: (1159)، (2/ 812)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، بلفظ: «أَفْضَلَ الصِّيَامِ عِنْدَ اللَّهِ صَوْمَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا»، واللفظ لمسلم.
WhatsApp