تاريخ الدرس: 1994/04/01

في رحاب التفسير والتربية القرآنية

مدة الدرس: 01:15:58

سورة المعارج، الآيات: 19-26 / الدرس 3

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، وأفضل التّحيّات وأعطر التّسليمات على سيّدنا محمّد خاتم النّبيّين والمرسلين، وعلى أبيه سيّدنا إبراهيم، وعلى أخويه سيّدنا موسى وعيسى، وعلى جميع إخوانه النبيّين والمرسلين، وآل كلٍّ وصحب كلٍّ أجمعين، وبعدُ:

صفات الإنسان الخام:

فنحن في سورة المعارج، يقول الله عز وجل: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ يعني: الإنسان الخام والإنسان بلا مدرسة السّماء، والإنسان الذي هو مقطوع الصّلة عن تعاليم الله عز وجل الذي خلق الإنسان من حيوان منوي وبويضة لا تراها العيون، فجعله هذا الإنسان جسديّاً وعصبياً وتشريحياً في أحسن تقويم.. ولكن إنسان الجسد بلا ثقافة السّماء قد يكون الحيوان خيراً منه؛ لأنّ بعض الحيوان ينفع ولا يضر، وبعض الحيوان لا يضرُّ الإنسان ولا ينفعه، وبعض الحيوان يضرُّ عند الضّرورة، أمّا الإنسان فبلا تعاليم السّماء قد يكون شيطاناً لا يعرف إلّا الأذى والإضرار والإفساد على أخيه الإنسان، لذلك قال الله تعالى عن الإنسان الخام قبل أن يدخل مدرسة السّماء: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا [المعارج: 19] فالهلوع: هو الذي ﴿إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا [المعارج: 20] ضعيفٌ ليس عنده قوّة على تلاقي وتلقّي صدمات الحياة، فيما إذا أصابه الفقر جزع وإذا أصابه المرض أو أصابته المصائب قد لا يتحمّلها فيقتل نفسه وينتحر لجبنه وضعفه عن تحمل سُنن وقانون الحياة.

وليس هذا فقط في الإنسان الأميِّ في تعاليم السّماء بل أيضاً فيه النّقص الآخر: ﴿وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا [المعارج: 21] أنانيّ لا يعرف إلّا مصلحته سواء أكان إنساناً فرداً فهو الأناني، أم كان حزباً وجماعة فلا تعرف إلّا أنانيتها، أو شعباً وأمةً فيقول: “المصالح القومية”؛ أمّا الإنسان المثقف بتربية السّماء فهو الإنسان الإنساني، فهو لكلّ النّاس، ومملوءٌ رحمةً وحناناً وليس فقط على الإنسان بل وعلى الحيوان، وهو من حزب العدل ضدّ الظّلم، وهو مع الحقّ ضد الباطل، وهو مع الرّحمة ضد الإنسان المتوحش، وقد يكون حامل دكتوراة وقد يكون من الأمم المثقَّفة ولكن يعتدون على الشّعوب الضّعيفة كما تعتدي الذّئاب على خرفان الغنم، فأيُّ إنسانٍ هذا! فالسّبع والضّبع والنّمر إذا امتلأت معدهم لا تعتدي على الضّعيف من الحيوان، أمّا الإنسان فتجده يملك الملايين والمليارات لكنّ معدته النّفسيّة لا تشبع إلّا إذا مُلئ فمه بالتّراب عند دفنه في قبره، قال ﷺ: ((ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب)) 1 .

إنّ الإنسان خُلق أميَّاً لم يتعلّم، فيدخل المدرسة فيتعلم فيصير طبيباً أو صيدلياً.. إلى آخره، أمّا الثّقافة السّماوية الأخلاقيّة؛ ثقافة الرّحمة بالضعفاء وثقافة إسعاف المنكوبين، والتّألّم على المتألّمين فهذه لا تكون إلا إذا اتصلت روح الإنسان بروح الله عز وجل من طريق إحياء مشاعره وأحاسيسه مع الله عز وجل، وهو ما يسمّى بذكر الله، يقول الله عز وجل: ((أنا جليس من ذكرني)) 2 فمُجالس الثّلج يأخذ من صفاته البرودة فيبرد، ومُجالِس النّار يأخذ من صفاتها الحرارة فيدفأ البردان، وذاكر الله بمشاعره وأحاسيسه وإقباله بكليَّته على الله أثناء الذّكر يأخذ من روح قدسه ما تحيا به روحه، وأمّا جسده فيحيا بالرّوح الحيواني التي يحيا بها كلُّ جسد، وأمّا المؤمن فالإيمان هو حياة روحه بروح الله عز وجل، فبقدر صلته بذكر الله وبروحه يستمدُّ من أخلاق الله، ويصير رحيماً برحمة الله ومحسناً بإحسان الله وحكيماً بحكمة الله، ويكون عادلاً بعدالة الله عز وجل.

صفات المصلين:

قال: ﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ [المعارج: 22] فهم الذين لا يكون أحدهم جزوعاً عند الشّدائد والمكاره؛ بل صموداً لا تخيفه الأهوال ولا تهزمه الأزمات ولا يهاب الموت ولا أيَّ شيء، يثبت ويصمد ويتحمّل وبكل رحابة صدر لكل أزمات الحياة كجبل هملايا، فهو في كلّ الأزمات تجده سعيداً يتلقَّاها بإيمانه بقدر الله وقضائه وباحتسابه عند الله بما يُصيبه وبما يتأمل من مكافأة من الله على صبره عند بلائه ومآسيه.

﴿وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ [المعارج: 21] إذا جعله الله غنياً فيبذل للفقير، وإذا رزقه علماً فيعلِّم الجاهل، وإذا رزقه قوةً وسلطاناً فيرعى الضعفاء ويعمِّم العدالة للجميع، ويشعر أنّه مسؤولٌ عن كلّ فردٍ من رعاياه.. كان كلّ العرب أميُّين لا يقرؤون ولا يكتبون، ولم يكن عندهم حضارة ولا ثقافة، فبدخولهم المدرسة الإلهيّة والثّقافة الرّوحية الرّبّانية طهَّروا العالَم من الاستعمار العالمي الشّرقي الفارسي والغربي البيزنطي الرّوماني، وساووا بين الأبيض والأسود، والقوي والضّعيف، حتى كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: “لو زلَّت شاة وماتت على شاطئ الفرات لخفت أن يسألني الله لِمَ لَمْ تعبِّد الطّريق لهذه الحيوانات”.

فالآن ومع كلّ ما تقدم الإنسان به من أمور المادة حتى وطأت قدمه القمر، وإذا هو ذئبٌ تجاه أخيه الإنسان الضّعيف، وموقف الضعيف كموقف الخروف خائفاً من قوة الذّئب، وكما قال الشّاعر

عوى الذئب فاستأنست للذئب إذ عوى وصوَّت إنسانٌ فكدت أطير

حال المسلمين الذين دخلوا في مدرسة الصلاة:

قال تعالى: ﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ [المعارج: 22] فالصلاة مدرسة الله، والمعلّم فيها والمربي هو الله، كما يربي النّطفة والذّرة من المني فيجعلها فيلسوفاً وامبراطوراً ورئيس جامعة، وكذلك إذا دخل في المدرسة الرّوحية الرّبّانية؛ في مدرسة كتاب الله، فالمسلمون بأستاذ سماويٍّ واحدٍ هو سيدنا محمد ﷺ، وبكتاب واحد هو القرآن استطاعوا أن يمثِّلوا في زمانهم مجلس الأمن، لكن المجلس العادل الذي يساوي بين الضعفاء والأقوياء، واستطاعوا أن يقضوا على الفقر، فكان من قانون الدّولة الإسلاميّة مع كلّ الشّعوب مهما اختلفت ألوانهم وأديانهم إذا عجز العامل عن العمل فالضّمان ضد الفقر على الدّولة، والدّولة هي التي تقدم له الرّاتب، والمديون إذا عجز عن أداء الدّين تؤدِّي الدّولة عنه دينه، وكان العدل قائماً إذا اختلف واعتدى القويُّ على الضّعيف، فابن عمرو بن العاص لمّا ضرب نصرانياً، أتى به عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأعطى العصا لمظلومه ومضروبه النصراني، فليست الدولة من قام بضربه؛ بل قالت للمظلوم النصراني: “خذ العصا واضرب ابن ملك مصر”، فأيُّ عدالةٍ في تاريخ الإنسان! وهل هناك دولةٌ من الدول أقامت العدالة والمساواة بين القوي والضعيف ولم تتحيز للدّين ولا للقوميّة ولا للقوة، إنّما تحيزت للإنسانية والعدالة والحق؟

حقيقة تقدّم الإنسان:

يقولون عن الإنسان اليوم: “إنّه تَقَدَّم”، ولكنّه لا يزال متخلّفاً ولو وصل إلى القمر، ولكن الذي تقدَّم هو مركوب الإنسان، فكان يركب حماراً فتقدَّم الحمار فصار سيّارة، وبعد ذلك تقدّمت السّيارة فصارت طائرة، وبعد ذلك تقدَّمت الطائرة فصارت مركبة فضائية.

والذي تقدم وترقَّى ما يستنير به في اللّيل، فالسراج تطور فصار الكاز، ثمّ صار “اللوكس” ثم الكهرباء ثم “النيون” [المصباح الكهربائي الطويل ذا اللون الأبيض غالباً]، أمّا الإنسان فلم يتقدَّم في إنسانيّته، حيث لا يزال في ظلمه وأنانيَّته وعدوانه على أخيه الإنسان الضّعيف؛ لأنّه لم يتثَّقف بثقافة السّماء.

الفرق بين الإنسان الخام والإنسان المؤمن أمام المصائب:

قال: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ أيّ إنسانٍ من عهد آدم إلى قيام السّاعة ﴿خُلِقَ ويُخلَق ﴿هَلُوعًا [المعارج: 19] الهلوع: إذا مسَّه الشر بأن مات ابنه أو فقد ماله أو فقد بصره أو تعدَّى عليه متعدٍّ فمنهم من يمرض أو يصاب بالشلل أو يصاب بالعمى أو تتعطَّل فيه بعض أعضائه الرّئيسة، أمّا المؤمن فكما قال تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة: 155]، وقال أيضاً: ﴿وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ يعني عند الفقر ﴿وَالضَّرَّاءِ وفي المصائب البدنية والمرض، ﴿وَحِينَ الْبَأْسِ يعني عند لقاء الظّالمين في حروبهم ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا يعني في إيمانهم ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [البقرة: 177].

فالإيمان نُقلة من أدنى إلى أعلى ومن جهالة إلى علم، ومن فوضى إلى نظام، ومن فقرٍ إلى غنىً، وقد قال الله تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ [نوح: 10] يعني اتركوا ذنوبكم، أي مخالفة أمر الله، وماذا يعني استغفروا؟ يعني اطلبوا المغفرة بترك الذّنوب وعمل الطّاعات بامتثال أوامر الله وترك محارمه، فإذا استغفرنا ماذا يكون؟ وما النتيجة؟ قال: ﴿إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا [نوح: 10] لا يحاسبكم عن الماضي ﴿يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا [نوح: 11] يعطيكم الخصب وخيرات الأرض والسّماء ﴿وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا [سورة نوح: 12].

فجعل الله جزاء المتّقين الغنى والنّقلة من الفقر إلى الثّروة وإلى الأولاد وإلى أن تتحوّل الصّحراء إلى جنان، فهذه هي مدرسة الله لمن وعاها حقَّ وعيها وفهمها كما ينبغي أن تُفهَم.

سبب إلحاد من ألحد:

ولكن مع الأسف فإن رجال الأديان وعبر القرون بتأويلهم وشروحهم وترجماتهم الخاطئة شُوِّه الدّين وشُوّهَت ثقافة السّماء، حتّى صار العقل المستقل يرفضه، كمثال من يقول عن عمامتي البيضاء باسم الدّين وباسم الله: “إنّ الله يقول: إنّ العِمامة سوداء”، فعقل الناس وأبصارهم يرفضون ويلحدون هذا الادِّعاء، بينما رجل الدين يقول: “هذا دين، وعليك أن تعتقد أن هذه العمامة سوداء، وهكذا يقول الله، وهكذا تقول الأنبياء، وهكذا تقول الأديان”، فقال الإنسان: إذا كان الدّين هكذا فأنا رافضٌ له وملحدٌ به، أمّا الدّين فإذا قال عن العِمامة بأنّها بيضاء، فهل يستطيع أحد أن يُلحِد بهذا الكلام وهذه الحقيقة؟

فلذلك أنا من وجهة نظري ما رأيت ملحداً في حياتي كلِّها من اليابان إلى سان فرانسيسكو إلى الاتحاد السّوفييتي وأوروبا عبر لقائي مع أعظم رجال السياسة والجامعات ورجال الأديان.. ما رأيت ملحداً أبداً؛ لأنّه لا يستطيع أحدٌ منكم ولا أحدٌ في الدّنيا أن يلحد في النّهار عندما تكون الشّمس ساطعة، هل يوجد؟

مدرسة الصلاة:

قال: ﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ [المعارج: 22] فالذي يحولك من إنسان هلوع جزوع منوع هي الصّلاة، ذكر الله عزَّ وجلَّ في القرآن للصّلاة مواصفاتٍ كثيرة، وأول ما وصفها بأنّها جلسة مع الله لتتلقَّى الثّقافة من خالق الكون، فهو المدرس وهو المعلِّم وهو المربّي، فهل يا ترى عندما يكون الطالب في مدرسته وفي مقعده ويُلقي الأستاذ محاضرته فهل الطّالب يصغي بكلّ سمعه وانتباهه أم يتلهَّى؟ وإذا تلهَّى هل يفهم شيئاً من الدّرس؟ كذلك الصّلاة فهي مدرسة وأنت تلميذها والأستاذ فيها هو الله، ليحِّولك فيها من إنسان خام، ومن حديد خام ومن جبل حديدٍ إلى طائرة بوينغ، فالجبل بوزن ملايين الأطنان لا يساوي شيئاً، لكن عندما تدخله الصّناعة والعلم والتّربية تُباع عشرة أطنان منه بمئة مليون، وهكذا ثقافة السّماء ترفع من قدر وثمن الإنسان كما رُفع ثمن الحديد عندما كان تراباً وصخراً حينما صار طائرة وقطاراً ومصنعاً.

فالصّلاة ذكر، وهي حضور الرّوح والعقل والقلب والفكر وكلّ المشاعر للقاءٍ مع المعلّم والمربي ومع مُطَهِّرِ نفسِك من جراثيم الرّذائل والشّرور وكلّ ما يؤذيك، ويعلِّمك كلِّ ما ينفعك ويسعدك، قال تعالى: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف: 157] هل حرَّم الله المرأة على الرّجل أو حرّم الرّجل على المرأة؟ لا؛ بل قال: ﴿فَانْكِحُوا [النساء: 2] لكن حرَّم الاتصال الفوضوي، والاتصال بشكل فوضوي سبّب أمراضاً خطيرةً كالزّهري والسفلس وأخيراً مرض الإيدز، أمّا الاتصال السماوي الرباني [الذي شرعه الله عزَّ وجلَّ] بين الزّوج وزوجته هل يسبب الإيدز أو السفلس وهل هناك أمراض؟

وقد حرَّم الخمر، فالعلم بالإجماع اعتبره من السّموم، وقد حرّمته أمريكا في العشرينات من القرن العشرين ثلاثة عشرة سنة قانوناً وبالنّهاية عجزت عن تحريمه فأباحته عاجزةً مقهورةً منهزمةً، وكذلك المخدّرات فكلّ الدّول بكلّ ما تملك من قوّة أمنيّة وغيرها عاجزةٌ عن القضاء على المخدرات، أمّا الذي يدخل في مدرسة الله في المشفى الإلهي لمعالجة نفسه المريضة التي تهوى السّموم وتهوى ما يقتلها، فإذا صحَّت النّفس صحَّ الجسم، وإذا عُقِّمَت النّفس عُقّمَ الجسد، فالصّلاة دخولٌ في مدرسة الله لتتلقى التّعاليم التي تُسعِدك في جسدك وفي عقلك وفي أخلاقك ومع الإنسان وفي الحياة؛ لتكون عالماً وحكيماً وطاهراً من كلّ رذيلةٍ ومن كلّ خسيسة.

المداومة على الصلاة:

﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ [المعارج: 23] لكي تنال شهادة الطب يشترط أن تداوم في الدّراسة عشرين سنة، وقد تحتاج إلى أكثر من ذلك للاختصاص، أمّا أن تذهب إلى المدرسة سنة وتترك سنتين فلا تصير بذلك طبيباً، فالشّرط هو الدّوام.. فأنت تطلب من ربّك الكرامة وربك يطلب منك الاستقامة.. وفسيلة الشّجرة: أي الشّجرة الصّغيرة من مشمش أو نخل أو غيرها، عندما تريد منها الثّمر تضعها في الأرض، ويشترط لتأخذ منها الثّمر أن تبقى دائماً في حوضها وفي تربتها الزّراعية مع أداء كلِّ ما تحتاج إليه من سقاية وعناية، فتأخذ منها الثّمر الذي ترجوه وتنتظره.

﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ [المعارج: 23]، دخلت في مدرسة الله، والله هو المعلّم وهو المربّي الذي يعلِّمك الحكمة، ويحوِّل عقلك البذرة إلى شجرة، وليس الدّين ضد العقل، بل هو المغذّي للعقل ليحوّله من طفل إلى عملاق، ومن ذرّة إلى جبلٍ ليكون حكيماً، والحكمة: هي الصّواب في القول والعمل، وفعل ما ينبغي في الوقت الذي ينبغي على الشّكل الذي ينبغي، ويزكّي نفسك من الكذب، ومن الرّياء والظّلم، ومن الجور والخيانة ومن إخلاف الوعد، فأيُّ مدرسةٍ هذه! فعندما دخلها العرب الأمِّيُّون وبعشرين سنة من حياة سيدنا محمد ﷺ صاروا خير أمّة علماً وحكمةً وأخلاقاً وعدالةً وإنسانيةً وعزةً وكرامةً، ولمّا زاغوا وخرج القطار عن خطّه الحديدي توقف عن المسير وعن التّقدّم، كما قال تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [الصف: 5].

فعلينا أن نرجع إلى مدرستنا، وإلى كتاب الله بعقلٍ ووعيٍ ونعلم أنّ الله عزَّ وجلَّ لا يأمر بما يُخالِف العقل ولا يأمر بما يُعاكس مصلحة الإنسان ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ يخاطب الله عزَّ وجلَّ سيدنا محمد ﷺ ﴿إِلَّا رَحْمَةً ليس لقوميّة معيّنة من العرب؛ بل رحمةً لكلّ شعوب العالم ﴿لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء: 107].

محاربة الإسلام للفقر:

قال: فبعد الصّلاة ومدرسة الصلاة.. عندما يتخرّج الطّبيب وينهي دراسته يبدأ بمعالجة المرضى ويكافح الأمراض، ومن جملة الأمراض في المجتمع الفقر، فالإسلام جعل أحد أركان الإسلام الخمسة هو مكافحة الفقر ومحاربته، حتّى قال النبي ﷺ أن مجتمعًا فيه فقير واحد ليس مجتمعاً مؤمناً، فالمجتمع قد يكون بلدةً أو قريةً أو حياً أو عائلةً، وفيه فقيرٌ واحد أو جائعٌ أو عارٍ أو مريض لا يستطيع المعالجة ولا أحد يساعده فهذا مجتمعٌ غير مؤمن، قال ﷺ: ((ما آمن بي من أمسى شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم)) 3 ، فالأمّة التي فيها مظلوم واحد هي أمة غير مقدَّسة، فالآن العالَم والكرة الأرضية أصبحت كأمّة واحدة وكبلدة واحدة بل كقرية صغيرة، وحسب قانون الله فالغنيُّ مسؤولٌ عن الفقير.

عدالة الإسلام في المجتمع:

وعندما رجع المسلمون المهاجرون من الحبشة- وكانت قريش قد اضطهدتهم- سأل النبي ﷺ أحدهم: ((ما رأيت ممّا يلفت النظر من ذكرياتك في الحبشة)) قال: رأيت مرةً امرأةً فقيرةً عجوزاً تحمل جرّة على رأسها، فأتى بعض الشّباب المترفين البطرين فدفعها من ظهرها فوقعت على وجهها وانكسرت جرتها، فالتفتت إليه وقالت له: “ستعلم يا غُدَر- أي يا غدار- إذا جمع الله النّاس يوم القيامة للحساب والدّينونة، ستعلم شأني وشأنك في محكمة الله يوم القيامة” فقال النبي ﷺ: ((صدقت، كيف يقدّس الله أمةً)) أي كيف يجعل الله أمة فاضلة ((لا يؤخذ لضعيفها الحقُّ من قويِّها، وهو غير متعتع)) 4 .

يعني أنّ الأمّة الفاضلة والمؤمنة والمثقّفة هي الأمّة التي لا يوجد فيها ضعيفٌ يضيع حقُّه في مأكل أو مشرب أو مالٍ أو أيَّ حقٍ من حقوق الحياة، فهذا هو قانون الله المسمَّى بالدّين، وهو الدّين الأخير الذي ختمه الله بسيّدنا محمّد عليه الصلاة والسلام، وقد قال ﷺ: ((مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل قوم بنوا داراً فأكملوه)) وكلُّ نبيٍّ وضع حجراً في بناء الدين ولم يبقَ في البناء وإتمامه إلّا الحجر الأخير، قال: ((فأنا كنت تلك اللبنة)) 5 وذلك الحجر الأخير.. فلذلك قال تعالى في القرآن: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة: 3] لم يقل: “أنشأت” وقد قال سيّدنا المسيح: “ما جئت لأنقض إنّما جئت لأتمم” لأضع حجراً في البناء.. وكان الحجرُ الأخير القرآن العظيم بما يبني للإنسان دينه ودنياه، وعقله وروحه، وجسده وقلبه، وعندما فهمه الإنسان العربيُّ حقّ الفهم استطاع أن يجعل من نصف العالم القديم من الصّين إلى حدود فرنسا عائلةً واحدةً وأمةً واحدة وقوميةً واحدةً، بل جسداً واحداً إذا اشتكى منه عضو تداعى وتنادى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى.

حق الفقراء من مال الأغنياء:

فقد وصف الله عزَّ وجلَّ المصلين الذين شُفوا وعوفوا من مرض الهلع والجزع والمنع، بالمصلين: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ [المعارج: 23] وأيضاً: ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [المعارج: 25].

فشريعة السّماء تخاطب الأغنياء وتقول لهم: إنّ ما تملكونه ليس كلُّه لكم.. صحيح أنه لكم ولكن فيه سهمٌ للإنسان الضّعيف الذي لم تسعفه الظّروف والإمكانات ليؤمّن لنفسه الحياة المطلوبة؛ لذلك يجب عليك أيّها الإنسان الغني أن تشاركه في مالك بما يؤمّن رفاهته وسعادته وكفايته.

قال تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا [المعارج: 21] هذا إنسان متخلِّف وبدائي، فمن الذي سيُنقِذه؟ ومن الذي يعالجه من هذه الأمراض وينقله إلى الصحة الحياتيّة والعقليّة والأخلاقيّة؟ قال: هي الصّلاة ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ [المعارج: 23] وهل هذه فقط؟ لا؛ بل قال: ﴿فِي أَمْوَالِهِمْ [المعارج: 24] مالك أنت تملكه، لكن فيه ضريبةٌ إلهيةٌ بما يقوم بسدِّ حوائج الفقراء الذين لم تسعدهم الظّروف والإمكانات أو أصابتهم الطّوارئ فأفقدتهم أموالهم، فيجب عليك أيّها الإنسان المصلّي أن تمدَّ يد المساعدة إلى أخيك الإنسان وهو حقٌّ وليس تبرعاً، وهو إجباريٌّ وليس اختيارياً.

﴿فِي أَمْوَالِهِمْ الذي وهبك القوّة والعقل والسّمع والوجود والحياة فَرَضَ قانونُه أن يكون في مالك سهمٌ محدد لأخيك الإنسان أيّ إنسانٍ كان.

﴿فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ [المعارج: 24] كما لك حقٌّ في بيتك وفي بستانك، كذلك للفقير حقٌّ في ثروتك ومالك وتجارتك وصناعتك، حقٌّ أقلُّه بالمئة سنويّاً اثنان ونصف تُخرِجه كفرض، مثل البيت على الهيكل فاسمه طابق لكن هل يصلح للسّكن؟ فالنبي ﷺ قال: ((إنّ في المال حقّاً سوى الزّكاة)) 6 والزّكاة فريضة وتُتبع بالنّوافل، وصلاة الظّهر أربع ركعات لكن قبلها أربع وبعدها أربع، والعصر أربعة فرض وأربعة نافلة، وكذلك الزّكاة ففيها زكاة وصدقة الفرض وتتبعها صدقة النّافلة بما يحقّق مكافحة الفقر وتعقيمه في المجتمع، إلى درجة أنّ النبي ﷺ قال: ((ما آمن بي ساعة من نهار من أمسى شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم)) 7 . فقريةٌ أو بلدٌ فيها جائع وعارٍ ومريض لا يجد الدواء فسيدنا محمد ﷺ يقول: إن هذه القرية والبلدة والمدينة غير مؤمنة وما ذاقت الإيمان ولا ساعةً من نهار.. فهل استطاعت هيئة الأمم أن تعمل هذا؟

حارب الإسلام العصبيّة:

هل استطاعت هيئة الأمم أن تعمل هذا؟ وكذلك مجلس الأمن الذي يعمل بخمسين مكيال بحسب مصالح الدّول صاحبة الفيتو، ويستعملون هذه الأسماء ومن ورائها تحقيق الأنانيّة القوميّة والأنانيّة والأطماع في مصالحهم القوميّة؛ أمّا الله فليس قوميّاً وليس أمريكيّاً حتّى يتعصب للأمريكان ولا روسيّاً ولا بريطانيّاً ولا عربيّاً، لكن الله عزَّ وجلَّ ينتصر لمخلوقاته جميعاً، وكما قال النبي ﷺ: ((الخلق كلهم عيال الله))، فكيف ربّ العائلة يفكّر في كلّ أفراد عائلته؛ زوجته وابنته وابنه وأخته ((الخلق كلّهم عيال الله وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله)) 8 .

يعني إذا كنتم تريدون أن تنالوا محبّة الله فسارعوا إلى مساعدة عيال الله، وعيال الله هم خلقه كلّهم من إنسانٍ ومن حيوان، فأين ثقافة إنسان القرن العشرين من ثقافة السّماء في الإنسانيّة والسّلام والعدل والمساواة؟

ولكنّ المسؤوليّة على رجال الدّين من مسلمين وغير مسلمين، فالأنانيّة الدّينيّة والشّخصيّة تتغلَّب على قواعد الدّين العامة، ولذلك فإن الإنسان لا ينتهي من حرب إلّا وينتقل إلى أكبر منها، ومن الثّانية إلى- لا سمح الله- الثّالثة التي ستفني الحياة والأحياء إذا لم نعد إلى مدرسة الله، فنتثقَّف في ثقافة السّماء ليكون الإنسان أخ الإنسان، وكالجسد الواحد.

الصلاة تتبعها الزكاة:

﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ [المعارج: 26] انتبهوا يا أبنائي: فدائماً القرآن لم يذكر الصّلاة إلّا وأتبعها بالزّكاة، فالصّلاة علمٌ وثقافةٌ وتربيةٌ وأخلاقٌ وفضائل، والزّكاة مكافحةٌ للفقر والفاقة والذّلّ ومآسي وشقاء الإنسان، فالصّلاة حُسن الصّلة بين الإنسان وبين الله، والزّكاة حسن صلة الإنسان مع الإنسان ليصير الإنسان أخ الإنسان.

وكان النّبيّ ﷺ في كلّ يومٍ بعد كلِّ صلاة من الصّلوات الخمس يناجي الله ويدعوه قائلاً: ((اللّهمّ ربّنا وربّ كلّ شيء ومليكه أنا شهيدٌ)) أقرُّ وأعترف ((بأنّك أنت الإله وحدك لا شريك لك وأنّ محمّداً عبدك ورسولك))، فقال: “عبدك” حتّى لا يغالي أحدٌ في محبّة محمد ﷺ فيؤلّهه كما ألَّه النّصارى المسيح ابن مريم؛ لذلك كان محتاطًا فقال: “وأنّ محمّداً” لم يقل: رسولك أولًا بل عبدك أوّلاً ورسولك بعدها، ((وأن الناس وعبادك كلّهم إخوة)) 9 ، فهل وصلت أمريكا أو أوروبا أو الشّيوعيّة إلى هذا المستوى؟ وهل استطاعت الشّيوعية أن تبقى مع كلّ ما ملكت من قوى؟ فقد وصلت إلى الاستيلاء على نصف العالم وإذا بها لا تستكمل سبعين سنة إلّا وتنهار إلى الحضيض.

تشويه رجال الأديان للدين:

أمّا مبادئ السماء فلا تزال باقيةً، ولكن يسيء استعمالها الإنسان، مثل سيّارة المرسيدس ذات موديل 94 [أحدث إنتاج] يقودها سائق عربة حمار، فلا تحقّق الهدف ويمكن أن يصيبها حادث سير، وتجعل الناس يقولون: إنّ الذي يركب المرسيدس بدلاً من أن يصل إلى بيته ومصيفه يصل إلى قبره وموته.. فهكذا صار الناس ينظرون إلى الدّين، وذلك بسبب سوء تصوير رجال الدّين لحقائق الدّين.

مستوى الرعاية المالية للناس في الإسلام:

فبالحق المالي للفقير على الغني لم يقوموا فقط بكفاية الفقراء وتأمين كلِّ حاجاتهم، بل كان المسلمون الأوّل هم من أقاموا المستشفيات المجانية، فكان المريض يدخل ولا يدفع أجرة.. فالمشافي كلُّها مُؤَمَّنة، ولم تكن ملكاً خاصاً فاستولت الدّولة عليها، لا، فالأغنياء والدّولة بهذا التّعليم السّماوي عمَّروا المشافي لمعالجة كلّ مريض غنياً أو فقيراً، حتّى إنّ بعضهم كان فقيراً وما علم النّاس بشأنه ولم يبقَ معه ما ينفقه، فدخل المشفى ليأكل ويشرب ويجعل منه فندقاً لمنامه وإقامته، فلمّا دخل الأطباء وعاينوه كتبوا له العلاج من الدّجاج والبقلاوة وألذّ أنواع الحلويات وأجود أنواع الفاكهة، فالممرضون والممرضات تعجَّبوا أن يأكل المريض هذا الطّعام الذي لا يأكله إلّا الأقوياء من الشّباب.. وهكذا كان الإفطار والغداء والعشاء، وبعد ثلاثة أيام كتب له الطّبيب على إضبارته “الضّيافة ثلاثة أيام”، فنحن قبلناك كضيف ولم نقبلك كمريض، وهذا هو الدّين وهذه ثقافة السّماء التي شُوِّهت.

ولا يسعد الإنسان إلّا أن يرجع إلى الذي خلقه من نطفةٍ وحيوانٍ منويٍ حتّى جعله في أحسن تقويم، قال تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ [التين: 4] وسخّر له ما في الأرض وما في السّماء، فهل يقدّم له ثقافة خاطئة أو غير صحيحة؟ لكنّنا فهمنا دين الله فهماً خاطئاً وغير صحيح، فاتّهمنا الدّينَ بأنّه خاطئ وغير صحيح، والواجب أن نتّهم عقولنا وأفهامنا أنّها مريضة ولا تفهم الحقيقة، بل تفهم الصّحيح مريضاً والمريض صحيحاً.

حق الفقير:

﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ [المعارج: 25] سواء سأل أم لم يسأل لحياءٍ أو خجلٍ أو استعفافٍ، ﴿وَالْمَحْرُومِ فهناك فقيرٌ يَسأل، وفقير يُسأل عنه، فقير يَسأل عن حقّه وفقير يُسأل الغني عنه ليدفع إليه حقّه، فما أرقى هذا المجتمع الذي حين يُعلَم بأنّ هناك فقير يقول: “بأنّي بحاجة إلى المال” فلا يذهب إلى البنك ليقرضه ويأخذ منه الفائدة؛ بل يذهب لبنك السّماء فيقول: “أنا محتاج إلى المال” وإذ بكلّ غنيٍّ هو بنك لا للإقراض وبالفائدة، ولكنّ كلُّ مؤمن يصير بنكاً للعطاء وبلا فائدة وبلا طلب مدح ولا مكافأة، وكما يقول القرآن عن لسان المؤمنين الأغنياء عند أداء واجبهم للفقراء: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً مكافأة ﴿لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا [الإنسان: 9] ولا مدحاً ولا ثناءً.. فهذا القانون الإلهي ألا يحقّق السّلام؟ والسّلام يحصل عندما لا يتحارب العَدوّان، أمّا الإيمان فيجعل الإنسان أخ الإنسان ويجعل ألم المتألِّم ألماً للصّحيح، وجوع الجائع يشعر به الغني، ولو أنّ وسائل الإعلام بهذا الزمان عرضت الإيمان بكماله الأخير وباللبنة الأخيرة وبالعرض الحقيقي بجوهره وحقيقته؛ لتحقّق السّلام والأمن والسّعادة ولانقلب كوكب الأرض إلى جنّة الإنسان في الأرض ليكون مستحقّاً وأهلاً ليكون من سكان جنّة وفردوس السّماء.

من هو الهلوع؟:

﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا [المعارج: 20] فمن منكم يحب أن يكون هلوعاً؟ فلا أحد يحب أن يكون ذلك، لكن من الهلوع عملياً؟ من إذا مسه الشّرّ جزوعاً، فإذا افتقر يولول [يصيح] وإذا مرض يولول وإذا خسر خسارة يولول، ويصاب بالفالج من الهم والحزن، ويتعطَّل معه عضو البنكرياس ويصيبه داء السُّكَّر، ومنهم من يصيبه الجنون، ومنهم طاقته لا تتحمّل فينتحر.. فهل هذا الإنسان سعيدٌ أم شقي؟ فمن الذي سينقله من الشّقاء إلى السعادة؟ مدرسة الله وتعاليم السّماء، فهل جُربت هذه التّعاليم فنجحت؟ وفي أيّ مجتمع نجحت؟ أتت إلى مجتمع كان أسوأ المجتمعات، وهم وثنيّون يعبدون الأحجار، وأميُّون لا يقرؤون ولا يكتبون، وفي أقصر مدّة وإذا بهم يصيرون أعظم أمم العالم حُكماً وعزّة وقوة ورحمة وثقافة.. يقول علماء الحضارة الأوروبية المنصفون: “نحن تعلَّمنا من المدرسة العربية الإسلامية”، ثمّ نام المسلمون كما أنّ النّهار ينام إذا غابت الشّمس فيصير ليلاً، فأرجو الله أن تبزغ شمس الإيمان وشمس مدرسة الله على الإنسان؛ ليعيش حياة السّعادة والحبّ والإخاء وليتعمّم العلم والرّفاه والعقلانيّة في كلّ العالم.

أزمة التفجر السّكّاني:

فالآن أزمة العالم الكبيرة العظيمة تفجّر السّكان، ومعنى تفجّر: زيادة النّاس، فهذه يجب أن تُكافح ويُنظَّم النّسل.

أتى رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال يا رسول الله: “لي جارية تساعدنا، أفأستعمل ما يمنع حملها ومجيئها بالأولاد؟” وهذا يسمّى العزل، يعني تحديد النّسل، فبماذا أجابه النبي ﷺ؟ فقال له: ((اعزل عنها إذا شئت)) أيّ أنّ هذا شيء باختيارك، ولا يتدخل الدّين في هذه الأمور، فالدّين أتى لمصلحة الإنسان فحيثما كانت المصلحة العامة فثمَّ شرع الله ودينه، ((اعزل عنها إذا شئت)) 10 . وقد قال فقهاء المسلمين: “يتوقف جواز العزل على شرط آخر وهو رضاء الزوجين”، فإذا أراد الزوج ولم ترد الزوجة فلا يحل، فقد حفظ حقوق المرأة حتّى في الاتصال الجسدي وفي تحديد النسل، فإذا لم ترضَ المرأة ولم توافق فيقول الإسلام للرجل: “أنت محجور عليك في التّصرّف فلا تتصرّف إلّا بعد موافقة المرأة- الزوجة-“.

كيف عامل الإسلام المرأة؟:

يقولون: “إنّ الإسلام ظلم المرأة” وقد قال النبي ﷺ: ((لا يغلبهن إلا لئيم، ولا يغلبن إلا الكريم)) 11 فيقول النبي ﷺ للرجل تجاه المرأة: “كن مغلوباً لها ولا تكن غالباً لها ومنتصراً عليها”.

إحدى المرّات غضبت زوجته عائشة رضي الله عنها لأمرٍ تغضب منه المرأة، فخاطبته وهي غاضبة قائلةً: “أأنت الذي يزعم النّاس أنّك رسول الله؟” أي هل أنت الذي تقول عن نفسك نبيٌّ والنّاس يقولون عنك نبي؟ فهي لا تقصد ذلك، لكن عندما يغضب الإنسان يتكلّم بلا تفكير بمؤدّى كلامه، فإذا أردنا أن نطبّق عليها أحكام الفقهاء لصارت مرتدَّة، لأنها تشكُّ في النّبوة ويجب أن يقطع رأسها، فابتسم لها- انظر كيف علّمنا النبي ﷺ كيف نعامل المرأة- فقال: ((أوفي شك أنت يا أم عبد الله؟)) 12 ، لأنّه علم أنّها كلمة غضب لا كلمة عقل ومنطق وقصد وإرادة، قالت: “فلماذا لا تعدل؟”.

وسبب غضبها أنّها كانت على جمل قويّ وعليه حملٌ خفيف، وعند ضرّتها جملٌ ضعيف وحمله ثقيل، فأمر رسول الله ﷺ أن يضعوا متاعها على جمل ضرتها، ومتاع ضرتها على جملها لينطلق الركب، فغضبت، فكانت تريد أن يبقى جملها نشيطاً في المقدمة بينما جمل ضرتها متأخر، وقد تنقطع في الصحراء.. فهذا عدل المرأة! هكذا تريد العدل الظّالم، والنبي ﷺ لا يكون ظالماً ﷺ.

فلا سعادة للإنسان إلّا بالدين العقلاني؛ لأنّ الدّين لم يأت ضد العقل، بل أتى مناصراً للعقل ومؤيّداً له ومناصرًا للعدل؛ لكن من الذي يُحسِن التّرجمة؟ رجل الدّين، ومع الأسف فإن النادر والقليل من رجال الدّين من يُحسِن ترجمة الدّين وتصويره بصورته الحقيقيّة، كأن تدعوه ليصوّر ملكة الجمال فيأخذ رِجل الدّجاجة بأصابعها وأظافرها، ويصوّر من خلالها ملكة الجمال، فتكون في نهاية التّصوير مثل الغوريلا، فيقول للنّاس: “هذه ملكة الجمال فأحبُّوها” فبتسمية هذه الصّورة “ملكة الجمال” ظلمنا ملكة الجمال، فصار النّاس يظنّون أنّ ملكة الجمال هي الغوريلا، أمّا لو رأوا ملكة الجمال بحقيقتها لصاروا كما قال الشاعر

لو يسمعون كما سمعت كلامها خرُّوا لعزَّة رُكَّعاً وسجودا

وإذا أتوا لك بصوت الذّئاب في اللّيل وقالوا لك: “هذا صوت أم كلثوم” [مغنية معروفة] ماذا يحدث معك؟ تمتلئ فزعاً ورعباً وتهرب من هذا الصّوت، وإذا أتوا لك بصوت أم كلثوم الحقيقية وسمعتها وهي تغرد

لو يسمعون كما سمعت كلامها خرُّوا لعزَّة رُكَّعاً وسجودا

فالمقصود بعَزَّة: الحضرة الإلهية، وكلامها: هو القرآن الذي لم يُترجم، وبقيت لغته التي نزلت على النبي ﷺ كما هي، وقد ترجمت لكنّ التّرجمة لا تؤدّي الجمال الحقيقي للقرآن بروحانيته الربانية، ومع ذلك فإن معانيه واضحة، ولكن يحتاج إلى التّرجمة الصّحيحة للنّاس، وبذلك يحقّق لهم كلّ السّعادة.

حق السائل:

﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ [المعارج: 25] هل وصف الله عزَّ وجلَّ السّائل بأكثر من السؤال؟ وقد قال النبي ﷺ: ((أعطوا السائل وإن جاءكم على فرس)) 13 ﴿وَالْمَحْرُومِ العفيف المتعفّف الذي يخجل من السّؤال، فيجب عليك أن تسأل عنه، وقد قال النبي ﷺ: ((ما آمن بي ساعة من نهار من أمسى شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم)).

المواصفات المطلوبة للتخلص من الهلع:

وبهذه المواصفات لم تنته من الهلع بعد، فهذه ليست كل الوصفة الطبية، فالوصفة الطبية مكوَّنة من عدة مواد علاجية فأول واحدة: على صلاتهم دائمون، والثّانية: مكافحة الفقر، والثّالثة للخروج من الهلع: ﴿وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ [المعارج: 26] فالدِّين كما تدين تدان، وكما تعامِل تُعامَل، وكما تزرع تحصد، وكما تغرس الشّجرة تقطف ثمرها، والدّين هو يوم الحساب “الحساب الإلهي” يوم يحاسب الله الإنسان بعد خروجه من هذا العالَم إلى عالَم الخلود والأبد.. وأعمالك كلُّها مسجلة على شريط روحانيٍّ تلفزيونيٍّ صوتيٍّ، فستقف في محكمة الله، والله القاضي وأنبياؤه هم أعضاء المحكمة، فحين تدخل يسألك الله: “ما دينك؟” إن قلت: “مسيحيٌّ” فيسأل المسيح: “هل بلَّغته رسالتي؟” أي رسالة الرّحمة ورسالة السّعادة، فيقول: “بلَّغت” فيقول للإنسان: “فأعمالك ليست أعمال وصايا المسيح” فقد قال المسيح: “إذا ضربك على خدّك الأيسر فأدر له خدّك الأيمن، وإذا أخذ ردائك فأعطه إزارك”.. ولكن اليوم فإن أظلم الظّالمين في عالِمنا هم العالَم المسيحي فهم كفارٌ بالمسيح وكفَّار بكلام السّيّد المسيح، وقد قال السّيّد المسيح في الإنجيل حرفياً مناجياً الله: “إنّ الحياة الحقيقيّة أن يعرفوك أنك أنت الإله الحقيقيُّ وحدك” هل هناك إله ثانٍ وثالث؟ هذا كلام السيد المسيح وإلى الآن “ويسوع المسيح الذي أرسلته” فأنا أحمل رسالةً- وهذا كلام الإنجيل- “لله وحده نسجد وإياه وحده نعبد”.. هذا كلام الإنجيل.. فيقول له: “لماذا عبدت إنساناً مثلك؟” يقول الله عزَّ وجلَّ في الحديث القدسي: ((فإنّما هي أعمالكم أحصيها عليكم ثم أوفيكم إيّاها)) فزارع العنب يحصد العنب، وزارع النّخل يحصد التّمر والرّطب، وزارع الشوك فهل يحصد العنب؟ ((إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم ثم أوفيكم إيّاها)) 14 إذا نام بجوار مستنقع وفي جو الملاريا ولم يقم بالاحتياطات وأصيب بمرض الملاريا فهل الذنب على الله أم على المفرِّط المستهتر التّارك للعلم الماشي على طريق الجهل؟ وقد قال تعالى: ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [النحل: 118].

﴿وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ [المعارج: 26] فلكي تخرج من الهلع فلا تكن جزوعاً عند الشدائد، ولا منوعاً عند نعم الله عليك، يجب أن تصدّق بيوم الدين، فهل أنت مصدِّقٌ بيوم الدين عندما تغش المشتري أو البائع؟ وعندما تكذب على النّاس؟ فالكذب ألا تُحاسب عليه يوم الدين وتدان عليه؟ وكذلك الخيانة والظلم وعدم أداء الحقوق لأصحابها.. فتخرج من الهلع بالأمور التي ذكرها الله عزَّ وجلَّ منها الصّلاة والتصديق بيوم الدّين.. تقرأ في صلاتك في سورة الفاتحة ﴿مَـالِكِ يَوْمِ الدِّين [سورة الفاتحة: 4] وهناك قراءة “مَلِك” يعني هو القاضي والحاكم والملك يوم الدّين، ولا يوجد كلينتون ولا بوش ولا غربتشوف؛ [كلينتون وبوش: رؤساء أمريكا، وغربتشوف: آخر رئيس للاتحاد السوفييتي]، كلّهم سواء، وهناك لا يوجد إلّا ((إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم ثم أوفيكم إياها)).

ويقولون: “الضّمير” فما هذا الضّمير؟ الضّمير: هو اللّص، واللّص هو ضميره، أمّا في الإسلام فهناك الله الذي ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ [الحديد: 4] الله ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ [النحل: 19] الله هو الذي ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى [طه: 7] السّر: ما تخفيه عن غيرك، والأخفى: ما ستسره بعد أيام، فهو يعلم سرَّك الآن وسرَّك غداً ويحاسبك على سرائرك ومقاصدك وإراداتك وأعمالك، فإذا دخلت في مدرسة الله فأيُّ إنسانٍ تكون؟ فهل تستطيع أن تظلم حيواناً أو عدوّاً أو تعتدي على بريء أو تأكل حقّ صاحب الحقّ أو تبيت شبعاناً وجارك جائعٌ؟ فإذا صدّقت بيوم الدّين ألا يتحقّق السّلام والتّعاون والإخاء والحبّ وأن يكون العالَم أمّة واحدة؟

فإلى هنا نقف، ونسأل الله عز وجل أن يعطينا القلوب المهيأة لتلقي هذه البذور السّماويّة؛ لتنبت في نفوسنا أعمالاً صالحةً وأخلاقاً فاضلةً وفهماً واقعياً لكلام الله عز وجل، لنكون الإنسان الإنساني والإنسان الرّبّاني الأخلاقي السّماوي، وبذلك نَسعَد ونُسعِد، وبذلك يتحقّق السّلام الذي ندعوا إليه ولكن لا نسلك طريقه ولا نعمل بأسبابه.

وصلَّى الله على سيِّدنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم، والحمد لله رب العالمين.

Amiri Font

الحواشي

  1. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب ما يتقى من فتنة المال، رقم (6075)، (5/ 2365)، ومسلم في الرقاق، باب لو أن لابن آدم واديين لابتغى ثالثًا، رقم: (1048)، (2/ 725)، عَنْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، بلفظ: ((لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَادِيَانِ وَلَنْ يَمْلَأَ فَاهُ إِلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ)).
  2. الحديث رواه البيهقي في موضعين الموضع الأول: "قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا رَبِّ أَقَرِيبٌ أَنْتَ فَأُنَاجِيكَ أَمْ بَعِيدٌ فَأُنَادِيكَ؟ فَقَالَ لَهُ: يَا مُوسَى، أَنَا جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي". شعب الإيمان، البيهقي، رقم: (670)، (2/171). والموضع الثاني: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ: "أَمَا تَسْتَوْحِشُ مِنْ طُولِ الْجُلُوسِ فِي الْبَيْتِ؟ قَالَ: وَمَا لِي أَسْتَوْحِشُ وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي" شعب الإيمان، البيهقي، رقم: (697)، (2/182)، عن محمد بن النضر. وورد الحديث في: حلية الأولياء، أبو نعيم، (8/217). ورواه أحمد في الزهد (354)، (1/59). وفي معناه بالصحيحين: ((أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني)). انظر المقاصد للسخاوي (1/168).
  3. المعجم الكبير للطبراني، رقم: (755)، (1/ 259)، مسند الفردوس للديلمي، رقم: (8447)، (2/61)، عن أَنَسُ بن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بلفظ: ((مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانًا وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ)).
  4. ابن ماجه، (2426) (2/1329)، وابن حبان في صحيحه، (5058) (الإحسان 7/258)، عن جابرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. شعب الإيمان للبيهقي، باب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، رقم: (7548)، (6/ 81)، المعجم الأوسط للطبراني، رقم: (5234)، (5/252)، الأسماء والصفات للبيهقي، رقم: (860)، (2/297)، عَنِ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بلفظ: لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْحَبَشَةِ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَعْجَبُ شَيْءٍ رَأَيْتَهُ ثَمَّ؟» قَالَ: رَأَيْتُ امْرَأَةً عَلَى رَأْسِهَا مِكْتَلٌ مِنْ طَعَامٍ، فَمَرَّ فَارِسٌ فَأَذْرَاهُ فَقَعَدَتْ تَجْمَعُ طَعَامَهَا، ثُمَّ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ لَهُ: وَيْلٌ لَكَ يَوْمَ يَضَعُ الْمَلِكُ كُرْسِيَّهُ فَيَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصْدِيقًا لِقَوْلِهَا: «لَا قُدِّسَتْ أُمَّةٌ ـ أَوْ كَيْفَ تُقَدَّسُ أُمَّةٌ ـ لَا يَأْخُذُ ضَعِيفُهَا حَقَّهُ مِنْ شَدِيدِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُتَعْتَعٍ».
  5. متفق عليه عن أبي هريرة، صحيح البخاري، كتاب المناقب: باب خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، رقم: (3534)، (3535)، صحيح مسلم، كتاب الفضائل: باب ذكر كونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، رقم: (2287)، واللفظ: ((إنَّ مثلي ومثل الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين)).
  6. سنن الترمذي، كتاب الزكاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء أن المال حقا سوى الزكاة، رقم: (660)، (3/ 48)، سنن الدارقطني، رقم: (11)، (2/ 125)، سنن الدارمي، رقم: (1677)، (2/1019)، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ.
  7. تقدم تخريجه.
  8. المعجم الكبير للطبراني، عن عبد الله، رقم: (10033)، (10/86)، شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (7045)، (9/521)، حلية الأولياء لأبي نعيم، (3/102). مسند البزار، رقم: (6947)، (13/332)، مسند أبي يعلى، رقم: (3315)، (6/65).
  9. أخرجه أبو داود، كتاب سجود القرآن، باب ما يقول الرجل إذا سلم، رقم: (1508)، (1/ 473)، والنسائي، رقم: (9929)، (6/ 30)، باب ثواب من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة، وأحمد بن حنبل، رقم: (19312)، (4/ 369)، بلفظ: ((كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول في دبر صلاته "اللهم ربنا ورب كل شيء، أنا شهيد أنك أنت الرب وحدك لا شريك لك، اللهم ربنا ورب كل شيء أنا شهيد أن محمداً عبدك ورسولك، اللهم ربنا ورب كل شيء أنا شهيد أن العباد كلهم إخوة، اللهم ربنا ورب كل شيء اجعلني مخلصاً لك وأهلي في كل ساعة في الدنيا والآخرة يا ذا الجلال والإكرام، اسمع واستجب، الله أكبر الأكبر، الله نور السموات والأرض))، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه.
  10. صحيح مسلم، كتاب النكاح، باب حكم العزل، رقم: (1439)، (2/ 1064)، سنن أبي داود، كتاب النكاح، باب ما جاء في العزل، رقم: (2173)، (1/ 658)، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، بلفظ: ((أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ لِي جَارِيَةً هِيَ خَادِمُنَا وَسَانِيَتُنَا وَأَنَا أَطُوفُ عَلَيْهَا وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ فَقَالَ: اعْزِلْ عَنْهَا إِنْ شِئْتَ فَإِنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا فَلَبِثَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ إِنَّ الْجَارِيَةَ قَدْ حَبِلَتْ فَقَالَ قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا)).
  11. تاريخ دمشق لابن عساكر، (11996)، (13/ 312)، بلفظ: ((مَا أَكْرَمَ النِّسَاءَ إِلا كَرِيمٌ، وَلا أَهَانَهُنَّ إِلا لَئِيمٌ))، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
  12. مسند أبي يعلى الموصلي، رقم: (4670)، (8/ 129)، أمثال الحديث لأبي الشيخ للأصبهاني، رقم: (56)، ص: (95)، بلفظ: عَنْ عَائِشَةَ أنها قالت: " وكان متاعي فيه خف، وكان على جمل ناج، وكان متاع صفية فيه ثقل، وكان على جمل ثقال بطيء يتبطأ بالركب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حولوا متاع عائشة على جمل صفية، وحولوا متاع صفية على جمل عائشة حتى يمضي الركب». قالت عائشة: فلما رأيت ذلك قلت: يا لعباد الله غلبتنا هذه اليهودية على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أم عبد الله إن متاعك كان فيه خف وكان متاع صفية فيه ثقل، فأبطأ بالركب فحولنا متاعها على بعيرك، وحولنا متاعك على بعيرها». قالت: فقلت: ألست تزعم أنك رسول الله؟ قالت: فتبسم. قال: أو في شك أنت يا أم عبد الله؟ " قالت: قلت: ألست تزعم أنك رسول الله؟ أفلا عدلت؟ وسمعني أبو بكر وكان فيه غرب- أي حدة- فأقبل عليّ فلطم وجهي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَهْلًا يَا أَبَا بَكْرٍ» فقال: يا رسول الله أما سمعت ما قالت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْغَيْرَى لَا تُبْصِرُ أَسْفَلَ الْوَادِي مِنْ أَعْلَاهُ».
  13. حديث: ((أعطوا السائل وإن جاء على فرس)) سنن أبي داود، باب حق السائل (1665) (2/51) وأحمد (1730) عن علي. موطأ الإمام مالك، كتاب الصدقة، باب الترغيب في الصدقة، رقم: (1808).
  14. صحيح مسلم كتاب البر والصلة والآداب باب: تحريم الظلم، رقم (2577)، (4/ 1994)، واللفظ: يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً، فليحمد الله ومن وجد غير ذلك، فلا يلومَنّ إلا نفسه»، عن أبي ذر رضي الله عنه.
WhatsApp