تاريخ الدرس: 1993/01/15

في رحاب التفسير والتربية القرآنية

مدة الدرس: 01:18:46

سورة الصف، الآيات: 8-14 / الدرس 3

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، وأفضل الصَّلاة وأتمُّ التسليم على سيِّدنا مُحمَّد خاتم النبيين والمرسلين، وعلى أبيه سيِّدنا إبراهيم، وعلى أخويه سيِّدنا موسى وعيسى، وجميع إخوانه من النبيِّين والمرسلين، وآل كلٍّ وصحب كلٍّ أجمعين، وبعد:

الجهاد لإعلاء كلمة الله:

فنحن في تفسير آيات من سورة الصَّفِّ، وقد ذكر الله فيها جوابًا لِمَا تمنَّاه أصحاب رسول الله ﷺ حينما قالوا: “لو علمنا أحبَّ الأعمال إلى الله عزَّ وجلَّ لِنَعْمَلَها”، ولو بيَّن الله لنا أحبَّ الأعمال إليه لنعملها، ففرض الله عزَّ وجلَّ عليهم الجهاد لإعلاء كلمة الله 1 ، يعني لنشر الثَّقافة والعلم والعقلانيَّة والحكمة ومكارم الأخلاق وفضائلها.. هذه هي كلمة الله التي كانوا يجاهدون لإعلائها، يعني للنُّهوض بكلِّ شعوب العالَم، وللأخذ بيد الإنسان كلِّ الإنسان، حتَّى لا يوجد أمِّيٌّ على وجه الأرض، لا في العلم ولا في العقل ولا في الأخلاق، فقد تجد إنسانًا مثَقَّفًا علميًّا لكنه دون الأُمِّيِّين في الأخلاق والسلوك.

وعندما أنزل الله عزَّ وجلَّ آيات الجهاد نَكَل بعضهم وتوقَّف عن الجهاد، فلم يكن طلب بعضهم طلبًا صادقًا، ولكنه كان بالتمنِّي والتشهِّي، فهم يتمنَّون أن يعلموا أحبَّ الأعمال إلى الله ليعملوها، لكنها كانت أمانٍ، ولم تكن إرادةً صادقةً جازمةً، كما هو حال كثير من النَّاس، حيث يشتهون أن يكونوا في المقامات العالية والمنازل الرفيعة، ولكن الأماني لا تحقق شيئًا، بل إن ما يحقق الأشياء هي الإرادة والعزيمة والتصميم الصادق واستعمال كلِّ القوى التي يملكها الإنسان في تحقيق ما أراد وتحقيق ما عزم عليه، ولا تتحقق الأشياء بقوة شهوانية أو أمانٍ كاذبة.

لا تتحقق الغايات بالأماني:

كلُّ إنسان يتمنَّى الغنى، لكن هل يصير غنيًّا؟ وكلُّ إنسان يتمنَّى العزَّة، لكن هل يصير عزيزًا؟ أما إذا أراد وعلم الطريق الذي يوصله، وباشر العمل.. فإرادة وعلم بالطريق ومباشرة للعمل [هي التي تحقق الأشياء]، ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ [الإسراء:18]، ﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا [الإسراء:19] أما إذا أرادها بلا سعي فهذه ليست إرادة، بل هي أمانٍ، وحصول الأشياء ليس بالأماني، فالإِيمَانُ لَيْسَ بالأَمانيِّ وَلا بِالتَّمَنِّي، ((ولَكنَّ الإِيمَانَ مَا وَقَرَ فِي الْقَلْبِ)) عزيمة وإرادة صادقة فولاذية، ((وَصَدَّقَهُ الْعَمَلُ)) 2 ، أمَّا إذا لم تكن هناك إرادة، بل تمنٍّ وتَشَهٍّ فقط، فالتمني والتشهي أن تكون ملكًا أو عالِمًا أو غنيًّا لا يوصلك إلى أمانيك، وهذه عقول طفولية، فالعقل الطفوليُّ يتمنَّى الحصاد بلا بذار، ويتمنى الثمار بلا غراس ولا أشجار، فتكون غاية أمانيه الإفلاس والبوار.

ثم ذكر الله بعد ذلك أن الجهاد معارك وتضحيات وصبر وصمود وتحمُّل للأذى، فذكر الله عزَّ وجلَّ موسى عليه السَّلام وما تحمَّل من إيذاء في سبيل إعلاء كلمة الله، وذكر عيسى عليه السَّلام وما تحمَّل من تكذيب ومن عِداء، حتَّى حاولوا قتله وصلبه، وموسى عليه السَّلام الذي اتَّهموه بالزنى، وآذوه بكلِّ أنواع الإيذاء، وكان هذا الخِطاب للنَّبيِّ ﷺ، وكان أيضاً للمتمنِّين، لينتقلوا من الأماني إلى الإرادة.. والإرادة الصادقة يبذل صاحبها كلَّ ما يملك من طاقات، فالوقت لا يضيعه سدى، ولا يضيعه في لغو الكلام أو لغو العمل، ((إنَّ اللهَ يَكرهُ العبدَ البطالَ)) 3 ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ [المؤمنون:3].

انتصار العرب كان بالتربية الإيمانية:

وبهذه التربية الربانية انتقل الحفاة العراة الأمِّيُّون الوثنيون الخرافيون إلى ((عُلَمَاءَ حُكَمَاءَ فقهاءَ، كَادُوا مِنْ فِقْهِهِمْ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ)) 4 ، والنَّبي هو بنَّاء الأمة ومهندسها الذي يصوغ الإنسان الخام؛ الإنسان الحيواني، فالإنسان الحيواني لا يعرف إلا جسده، فما ينفعه يُقبل عليه وما يؤذيه يجتنبه، فالذبابة تعرف ما ينفعها من الحلو والدِّبْس والجِيَف، فتُقبل على ما ينفعها، وإذا مد إنسانٌ أصبعه باتجاهها تخشى الأذى وتجدها تفرُّ ولا تمكِّن أحدًا من إيذائها.. هذه هي الحياة الحيوانية، فالإنسان الذي لا يعرف إلا جسده هو الإنسان الحيوانيُّ البهيميُّ، ولو كان يحمل الشهادات أو المناصب أو الثروات والأموال.

وهناك الإنسان الشيطانيُّ الذي لا يفكِّر إلا بالشَّرِّ، ولا يعمل إلا بالأذى، ولا يسعى في حياته إلا للإفساد، فتراه يلقي العداوة بين النَّاس، ويُفسِد على النَّاس أعمالهم ومعايشهم، ويسعى في إيذائهم، مثل الدبور أو العقرب حين يلدغ ماذا يستفيد؟ إنّ طبيعته الأذى.. فهذا هو الإنسان الشيطانيُّ، أما الإنسان المسلم، مسلم العلم بالمعلِّم، والمسلم المربَّى بواسطة المربِّي، والمسلم الحكيم الذي عاش في ظلال صحبة الحكماء، فهذا هو الإنسان الملائكي، وهو إنسان العلم وإنسان الأخلاق وإنسان العمل وإنسان الجِدِّ وإنسان الإنتاج، والإنسان الرباني هو الذي يملك من الطاقة النورانية، ومن الطاقة الروحانية ما يستطيع به إفاضة العلم والحكمة والأخلاق على كلِّ من لامس قلبُه قلبَه، ومن مازجت روحُه روحَه.

مدرسة القرآن غيرت المجتمع الأمي الفقير:

فالله عزَّ وجلَّ في مدرسة القرآن يبني [المجتمع الفاضل] من المجتمع العربيِّ الأمِّيِّ الخرافيِّ الفقير المتفرِّق الذي لا يملك دولة ولا قوة، فالبلاد العربية كانت مستعمَرةً، وكانت جاهلة متمزِّقة خرافية، وفي عشرين سنة وبالوسائل البدائية أعطاها الله عزَّ وجلَّ شهادة ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ بأي مواصفات؟ قال: مواصفات ﴿تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ فإذا رأيت شخصًا تاركًا لواجبه من عبادة أو أخلاق أو حقٍّ من الحقوق لربه أو للناس لا تسكت على إهماله، بل قل: أنت يا أخي بهذا الذي تفعله تاركٌ فرضًا من الفرائض، أو حقًّا من الحقوق، سواء لله عزَّ وجلَّ أو للإنسان أو للحيوان.. فكما أن الشمس لا تملك أن تحجب نورها عن الأرض، كذلك المؤمن الصادق لا يستطيع أن يحجب الأمر بالمعروف عن أيِّ إنسانٍ وَجَده تاركًا لواجب من الواجبات تجاه ربِّه أو تجاه مخلوقاته، ﴿وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ إذا رأى شخصًا يفعل منكرًا بلسانه أو بعينه أو بأذنه أو بيده أو برجله أو بمجتمعه فإنه لا يستطيع أن يسكت، مثل الشَّمس، فهي لا تستطيع وهي مشرقة أن تمنع نورها عمَّن أشرقت عليه.

﴿وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110]، الإيمان الذي لا يتخلَّف عنه العمل، فإذا ظهر جسم الشَّمس هل تستطيع أن تمنع عن الأرض نورها؟ كذلك الإيمان إذا أشرقت أنواره في القلوب ظهرت أشعته في الأعمال والأخلاق والأعضاء، وترشَّحت أعمالًا صالحة وأخلاقًا فاضلة وحكمة صائبة، هذا هو الإسلام، وهذه هي ثقافة القرآن التي أنتجتْ أعظم مفاخر التاريخ، لا في الأمَّة العربية ولا في بلد معين، إنَّما ظهر إنتاجها على المستوى العالمي في عشرات الشعوب، واستطاعت في أقلَّ من قرن أن تثقِّف نصف العالَم، وتجعلهم أُسرة واحدة بل جسدًا واحدًا إخوة متحابِّين علماء حكماء أصفياء ملائكيين، ((كالجَسدِ الواحِدِ، إذا اشتَكَى مِنهُ عُضوٌ تَداعَى لَه سائِرُ الجَسدِ بِالسَّهرِ والحُمَّى)) 5 .

النفوس المبغضة للخير في كل عصر:

في كلِّ عصر وزمان هناك نفوس شيطانية، نفوس خبيثة معادية للنور، لأنَّ معدنها الظلام، وهي تبغض الخير، لأنَّ معدنها الشر، وتبغض الصلاح والإصلاح، لأنَّ معدنها الفساد والإفساد، نفوس حقيرة صغيرة في عقلها وفهمها وأخلاقها وسلوكها وإرادتها، فهذه إذا صدقتْ في إرادتها وأرادتْ إصلاح نفسها، وسلكتِ المنهاج الذي ينتج الحقيقة فمدارس الإصلاح في كلِّ عصر قائمة، وهناك نفوس لا إرادة لها، مثل الأطفال الصغار، ففي كل ساعة تراهم بعقلية غير العقلية الأولى، وليس عندهم صمود، وعندهم تمنٍّ، وليس عندهم إرادة.. فالأشياء تتحوَّل بصدق الإرادة وبصحبة المهندسين المعماريين الذين يستطيعون إنشاء العقول الناضجة والقلوب المؤمنة والنفوس المزكَّاة.. اللهم إنا نسألك حبَّك وحبَّ من يحبُّك وحبَّ عمل صالح يقرِّبنا إلى حبِّك.

إن النفوس الشيطانية في كلِّ زمان ومكان إذا ظهر المصلحون، فكما أنَّ الظلام ضدُّ النور، والشر ضدُّ الخير، كذلك النفوس المفسدة ضدُّ النفوس المصلحة، والنفوس الرشيدة ضدُّ النفوس الضالَّة، فالنفوس المصلحة تحاربها النفوس المفسِدة، وقد ذَكَرَهم الله عزَّ وجلَّ بقوله تعالى أنهم تجاه الإسلام والنَّبي الكريم ﷺ فقال: ﴿يُرِيدُونَ [الصف:8] فكانوا يتَّهمون النَّبي ﷺ بالكذب، وأنَّ القرآن صنع يديه ونفسه وفكره، وتارة يسمُّون القرآن شعرًا، والنَّبيَّ ﷺ ساحرًا، وذلك مع ما رأوا من المعجزات ومع أنوار النُّبوَّة ومع إقبال النَّاس كلِّهم.. فنسأل الله عزَّ وجلَّ أن يجعل نفوسنا طيبة تعشق الطيبات، ولا يجعلها خبيثة حقيرة صغيرة تعشق المحقَّرات.

فالنفوس الشيطانية قامت ﴿لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ [الصف:8] ونور الله عزَّ وجلَّ أقوى من الشَّمس، فالشَّمس إذا أراد أحد أن يُطفئها ببصاقه، فرفع رأسه للأعلى وبصق على الشَّمس إلى فوق، فهل تصل بصقتُه إلى الشَّمس أم إلى أين تصل؟ على وجهه.. إذا أراد الله عزَّ وجلَّ أن يرفع فلا أحد يستطيع أن يخفض، وإذا أراد الله عزَّ وجلَّ أن يعزَّ فلا أحد يستطيع أن يذلَّ، فإن كنتَ تريد العزَّ فطريق العزِّ مفتوح، أمَّا إذا كنتَ من أصحاب التمنِّي والأماني فالأماني لا توصل إلى شيء، بل تبقى مكانك مليار سنة ولا تتقدم سنتيمترًا واحدًا.

صاحب الإرادة الصادقة لا يعيقه شيء:

وصاحب الإرادة الصادقُ كعمرو بن الجموح رضي الله عنه في معركة أُحدٍ، وكان أعرج وقد تجاوز التسعين سنة، فأخذ سلاحه ليكون في خدمة رسول الله ﷺ، وكان له تسعة من الأولاد، كلُّ واحد منهم مثل الأسد الهصور، فقالوا له: كيف تذهب إلى الحرب ونحن تسعة نحارب عنك؟ قال لهم: بل أريد أن أجاهد، فشكوه إلى النَّبي ﷺ وقالوا: يا رسول الله، أبونا بلغ التسعين من عمره وهو أعرج ويريد أن يجاهد، ونحن نريد أن لا يذهب بِرًّا به وإشفاقًا عليه.. فلما اجتمعوا عند النَّبي ﷺ وأخبروه بالقصة، قال الأب: يا رسول الله، صحيح أنني أعرج الرِّجل ضعيف الجسم متقدِّم السنِّ، لكني شابُّ الهمَّة وغير أعرج الإرادة.. فهناك مَن إرادته عرجاء، لا يكاد يمشي خطوتين إلا ويقع في مكانه، وهناك مَن تراه متقدِّم السنِّ لكنه في زهوة شباب الإرادة.

فقال: يا رسول الله، لا تمنعني من أن أدخل الجنَّة، “فإني أريد أن أطأ الجنة بعرجتي هذه”.. يعني إن لم أعجبهم أني عجوز وأعرج، فأنا أريد أن أدخل الجنَّة بهذه العرجة، ودخل المعركة واستُشهِد 6 ، ورأى النَّبي ﷺ روحه فقال: ((لَقدْ رَأيتُ عَمرَو بنَ الجَموحِ يَدخُلُ الجَنَّةَ بِعَرجَتِه كَما اشتَهَى)) 7 .

من يستطيع أن يطفئ نور الله عزَّ وجلَّ؟ من يستطيع أن يذلَّ من أعزَّه الله؟ من يستطيع أن يحارب بضعفه وغروره وحُمْقِه وجهله قوَّة الله عزَّ وجلَّ؟ ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ هل الشَّمس تنطفئ ببصقة؟ ﴿وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ [التوبة:32] إذا أشرقت الشَّمس فهل تستطيع إذا أغلقت الباب أن تجعل الشَّمس لا تشرق، يعني إذا لم تعد ترى الضوء في بيتك، هل معنى ذلك أن الشَّمس لم تشرق؟ لكنك أنت حمار حُرِمتَ نورها وضياءها، وآثرتَ أن تعيش مثل “الخُلْد” تحت النعال وفي ظلمات التراب. [الخُلْد: حيوان صغير أعمى، يحفر التراب، واسمه كذلك: الفأرة العمياء، ومعروف عند العامّة باسم “أبو عماية أو أبو أعمى].

دين الله عزَّ وجلَّ ينتصر رغم الأعداء:

﴿وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [الصف:8] الأنبياء كم صار لهم أعداء؟ وكم صار لهم مؤذون وبكلِّ أنواع الإيذاء؟ وفي النهاية من انتصر؟ ((إنَّه لا يَذلُّ مَن والَيتَ))، الذي يوالي الله عزَّ وجلَّ ويمشي على صراطه في ظلِّ أنبيائه وأوليائه وحكمائه، ((إنَّه لا يذلُّ مَنْ والَيتَ، ولا يَعزُّ مَن عَادَيْتَ)) 8 .. أبو جهل كان أحد الزعماء الكبار في قريش، وكلُّ معاداته للنَّبيِّ ﷺ ماذا أفادته؟ هل انتصر في معركة؟ صحيح أنه آذى النَّبي ﷺ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أثبت [القرآن] أنَّهم آذوا، لكنْ ماذا كسبوا مِن الإيذاء؟ وماذا جَنوا من الثمرات؟ ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا [الأحزاب:57] والنَّبي ﷺ والمؤمنون به ماذا كانت النتيجة بالنسبة لهم؟ صاروا أعزَّ من مشى على الأرض بعد الأنبياء والمرسلين.

﴿وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ [التوبة:32] ﴿وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ [الصف:8] فإذا كان الله عزَّ وجلَّ يريد فأنت أيها الصعلوك، أنت أيها “البَرْغَشَة” هل ستناطح الله عزَّ وجلَّ؟ هل ستتحكم بالله؟ هل ستغيِّر أقدار الله تعالى؟ [البَرْغَشَة واحدة، والجمع بَرْغَش، وهي حشرة أصغر من البعوضة، وتشبه في أجنحتها الفراشة، تأتي إلى الأطعمة الفاسدة والأماكن الرطبة في البيوت].

يَا ناطِحًا جَبلًا يَومًا لِيُوهِنَه أَشفِقْ عَلى الرَّأسِ لا تُشفِقْ على الجَبَلِ

يقول: لا أريد أن أنطح الجبل رأفة به، ولا أريد أن أكسر خاطرهَ.. [يقولون له مستهزئين به:] شكراً لك، لأنك أشفقت على جبل هيمالايا كي لا تكسر قمَّته!

أعظم الهدى هدى الله عزَّ وجلَّ:

﴿وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى [الصف:8-9] فالله عزَّ وجلَّ هو المرسِل، والله هو الفاتح، والله هو المعطي.. ((اللَّهمَّ لا مانعَ لِما أعطيتَ، ولا معطي لِما مَنَعْتَ)) 9 ، ولا مذلَّ لِمَن أعززتَ، ولا معزَّ لِمن أذللتَ.

﴿بِالْهُدَى [الصف:9] هَدَى الخلقَ من الضلالة إلى الهدى، ومن الجهل إلى العلم، ومن الظلمات إلى النور، ومن الذلِّ إلى العزَّة، ومن الضعف إلى الرفعة، ومن أمَّة كانت لا شيء فصارت كلَّ شيء، صارت أمَّة العلم، وأمَّة الحكمة، وأمَّة الأخلاق، وأمَّة التاريخ، وأمَّة الأمم.

﴿أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى [الصف:9] فأيُّ هدى أعظم من هدى الله عزَّ وجلَّ لِمَن تقبَّل هداه؟ وأمَّا إذا رفض هدى الله وهديَّته، واستحبَّ الضلالة على الهدى، وصحبة الأشقياء على صحبة الأولياء، وصحبة الجهلاء على صحبة الحكماء فما النتيجة؟

﴿أَرْسَلَ رَسُولَهُ بماذا؟ ﴿بِالْهُدَى [الصف:9] بالنور وبكتاب الله وبالعزِّ وبالمجد وبالغنى وبخير أمَّة أخرجت للناس، فلمَّا تقبَّلوا الهدية صاروا ﴿خَيْرَ أُمَّةٍ [آل عمران:110] وخير جيل وطئ على سطح هذه الأرض.

حرمة قتل الأبرياء من غير المسلمين وخطأ من يثورون على دولهم:

﴿وَدِينِ الْحَقِّ [الصف:9] الدِّين الحق الذي يلتقي مع الحقائق، ويلتقي مع الواقع.. والآن نرى الأديان في كلِّ العالم قد أغلقتْ معابدها، وألحد بها أبناؤها، وإنّ أعظم أمم وشعوب العالم تقدُّمًا وَرُقيًّا [يختار أبناؤها الإسلام]، هل هؤلاء لا يفهمون والذين يُعرضون عن الدِّين [عن الإسلام] يفهمون، أو الذين يعادون الدِّين يفهمون، أو الذين يستعملون الدِّين استعمالًا سيِّئًا، واستعمالًا غير صحيح؟ كالذين يقتلون الأبرياء [الأجانب غير المسلمين] مثل ما يحدث في مصر، حيث يقتلون السيَّاح.. هذا السائح في عرف الفقه الإسلامي اسمه معاهَد، والمواطن اسمه ذمِّي، يعني أعطيناه ذمَّتنا وشرفنا أن نعامله كأنفسنا، والمعاهَد يُعامَل كما يُعامل الذمِّي، فقَتْله كقتل المسلم، والنَّبي ﷺ يقول: ((مَنْ قَتَلَ مُعاهَدًا لم يُرِحْ رائحَةَ الجَنَّةِ، وإنَّ رائِحَتَها لَتُشَمُّ مِن مَسِيرةِ خمَس ِمِئةِ عامٍ)) 10 .

فهم يقتلون باسم الإسلام وباسم الدِّين، ليبغِّضوا بالإسلام في الخارج وفي الداخل، ويثورون على دُوَلِهم، لماذا؟ لماذا تثور على دولتك؟ إذا رأيتَ شخصًا تاركًا للصلاة هل تقوم عليه بثورة وتخاصمه؟ لا، بل تدعوه، فالنَّبي ﷺ قال: ((منْ أَمرَ بِمَعْرُوفٍ فَلْيَكُن أَمْرُه بِمَعْرُوف)) 11 ، فإذا رأيتَ الدولة فيها مخالفة فَزُر الحاكم وانصحه بقدر ما تستطيع، وبالحكمة، والنَّاس كلُّهم بخير، واللهِ أنا طول حياتي ما رأيتُ إنسانًا لا خير فيه، وما رأيتُ إنسانًا ملحدًا، هو يلحد بالدِّين الذي يجهله لا بالدِّين الذي أنزله الله عزَّ وجلَّ من السماء، لأنه هل يستطيع أحد أن يلحد بوجود الشَّمس وضوئها وحرارتها؟ إلا الأموات، والأموات أنت لستَ مسؤولًا عن هدايتهم لأنهم ماتوا.

الإسلام الحقيقي مكَرَّم لا إسلام الحزبية وسفك الدماء:

﴿أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى [الصف:9] بالهدى من الضلالة، وبالعلم للإنقاذ من الجهالة ومن الفقر ومن الفرقة ومن الضياع، ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ [الصف:9] بعض إخوانكم من خريجي الكلية الآن في أمريكا، يُسلِم على يديهم كبار الأمريكيين، ويصيرون تلامذة ومريدين، مع أنه طالب عمره خمس وعشرون سنة، يجيء الشخص الكبير ويقبِّل يده، فلو ذهب رجل من أكبر النَّاس ثروةً أو وظيفةً إلى أمريكا فهل يقبِّل أحدٌ يده؟ كبار رجال الدين في أمريكا يقبِّلون يد الإسلام في القرن العشرين، والمسلمون في الحالة التي يرحمهم بها أعداؤهم، أَلَا يكفي هذا لنصحو فنرجع إلى الإسلام؟ لكن إسلام الحقيقة، وإسلام الجوهر، وإسلام القرآن، لا إسلام الحزبية أو إسلام الجمود أو ما يسمَّى بالأصولية أو إسلام سفك الدماء، إلى الإسلام الذي دعا إليه النَّبي ﷺ في قوله: ((الإِسْلامُ وَالسُّلْطَانُ أَخَوَانِ تَوْأَمانِ))، فإذا كان الدِّين أخاً والدَّولة أخاً فواجبٌ على من يعمل للدِّين أن يقرِّب بين الأخوَين، وأن يوقع المحبَّة والمودَّة والتعاون بين الدِّين والدَّولة.

أمَّا أن نسفك الدماء باسم الدِّين، أو نخرِّب الأماكن العامة أو المؤسسات الحكومية، أو نعتدي على الأبرياء، أو نغتال الناس من مواطنين أو أجانب فهذا تخريبٌ للإسلام وتشويهٌ وهدمٌ له، فالجماعات الذين يعملون في بعض البلاد الإسلامية من خمسين سنة إلى الآن ماذا كانت نتيجة أعمالهم؟ هل تقدَّم الدِّين أو تخلَّف؟ هل ضَعفَ أو قَويَ؟ هل جمع الأمَّة أو مزَّقها؟ هل أورث الأمَّة ضعفًا أم قوَّةً؟ هذا العمل الله أعلم بمَن وراءه مِن قوى خفية تحرِّكه وتستغلُّ ضِعاف العقول وضِعاف النفوس وضِعاف الأخلاق.. فنسأل الله عزَّ وجلَّ أن يلهمنا أن نتعاون جميعًا.. والعالِم والحاكم هما جناحان لا تعلو الأمَّة إلا بهما، ((الإِسْلامُ وَالسُّلْطَانُ أَخَوَانِ تَوْأَمانِ، لا يَصلحُ أَحدُهما بدُونِ الآخَرِ، فَالإِسْلامُ أُسُّ)) كعلم وعقل وحكمة ((وَالسُّلْطَانُ)) كقوة ونظام ((حَارِسٌ، فما لا أُسَّ لَهُ يَنهَدِمْ، وما لا حَارِسَ لَهُ يَضِيعُ)) 12 .

وهذا ما يخشاه اليهود وما يخشاه الاستعمار، وما يتحرَّق عليه المخلصون من علماء وحكَّام ومسؤولين.. نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يجمع كلمة هاتين القوَّتين العلماء والأمراء، ليمثِّلوا شخصيةً واحدةً تقوم بالنهضة ليس لوطنهم ولا لأمَّتهم فقط، بل للعالَم كلِّه، العالَم كلُّه الآن في حيرة، ولا ينقذه إلا الإسلام بحقيقته وجوهره.

﴿أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى [الصف:9] هل أرسله بالضلال أم بالهدى؟ بالجهل أم بالعلم؟ بالسفه أم بالحكمة؟ بالقوة أم بالضعف؟ هذه رسالة علمية أخلاقية عقلانية لكلِّ العالَم، ليجعل منهم أمَّة واحدة ودولة واحدة.

سرعة تقبُّل الناس للإسلام:

واللهِ لو تهيَّأت الوسائل الإعلامية فقط لاستطاع الإسلام أن يوحِّد العالَم كلَّه في سنين قليلة، وأن ينشر السَّلام والإخاء والرَّخاء والرفاه، وتصبح الكرة الأرضية كلُّها بلدًا واحدًا وأسرةً واحدةً، “وهذه لحيتي!” [تعبير شعبي يُقْصَد به إثبات حدوث أمر ما] وقد قلتُ لكم سنة الثمانين: اصبروا عشر سنين وستنتهي الشيوعية، والآن أقول لكم: هذه لحيتي! اصبروا إلى نهاية القرن وسيظهر الإسلام على العالَم كلِّه، ولو كره الكارهون.

قبل أسبوع كنتُ في باريس من أجل إجراء فحوص طبية، وأنا في الطائرة في طريق العودة ذهبت إلى دورة المياه، فلمَّا رجعتُ وجلست على الكرسي أتاني أحد الرُّكَّاب وقال لي: هل أنتَ المفتي الشيخ أحمد كفتارو؟ قلت له: نعم، قال لي: أنا فلان الفلاني، وهو جرَّاح قلب في أمريكا، وعندي مشفى خاصٌّ لجراحة القلب في أمريكا، قرأتُ لك مقالة في جريدة في واشنطن، من صَحَفِيّ أخذ منك حديثًا، فأُعجِبتُ بهذا الحديث ومُلِئ قلبي فخرًا وعزَّةً، ولذلك أنا في أشدِّ الأشواق إلى أن أتعرَّف إليك، فسألت الذي كان يمشي معك نحو دورة المياه فقلتُ له: هل هذا فلان؟ قال: نعم.. فأتى وقبَّل يد الشيخ، وهو أَرْمَنِي ومقيم في القامشلي، لكنه أرمني سُرْيَاني من جماعة أخينا البطرك زَكَّا، والبطرك زكَّا من خلَّص أحبابنا، قال لي: أنا أدعوك إلى أمريكا، وإذا كانت لك أيَّة حاجة للمعالجة فالمستشفى كلُّه على حسابك، وبشرط أن لا تنزل في الفندق، بل تنزل ضيفًا في داري.

هذا الرجل قرأ مقالة في أمريكا، فصار منه هذا الحبُّ وهذا التقدير، وهناك أناس قد يكونون في بلد الشَّيخ وبلد المفتي، وقد يكونون من جيرانه، وقد يكونون من أقرب النَّاس إليه، ﴿وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ [الأعراف:198]، ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ [الأنفال:21] ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ [البقرة:171].. فنسأل الله عزَّ وجلَّ أن يُزيل الغشاوة عن قلوبنا، فالبصير ليس الذي يرى الجدار ويرى العَرَبة، بل البصير هو الذي يرى الحقَّ فيتَّبعه ويرى الباطل فيجتنبه، يرى الخير فيعشقه ويرى الشرَّ فيعاديه، ويرى أعداء الله فيعادي [عداوتهم لله] ولا يعاديهم، بل يحاول إصلاحهم، لأنَّ المؤمن لا يعادي إنسانًا على وجه الأرض، النبي ﷺ قال عن نفسه: ((أَنا الرَّحمةُ المهداةُ)) 13 ، والقرآن قال عن النَّبي ﷺ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107].

تلبية الله تعالى بالقلب لا باللسان فقط:

ثم قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [الصف:10] [الحضور يقولون كما علمهم الشيخ: لبيك اللهم لبيك، والشيخ يقول لهم:] هل تقولون: “لبيك اللهم لبيك” بألسنتكم أم بقلوبكم؟ ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [الصف:10] لا تكونوا كالذين ﴿قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ [المائدة:41]، وفي آية أخرى قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا [النساء:136] كيف “آمَنوا” و”آمِنوا”؟ كيف “أَكَلوا” و”كُلُوا”؟ يعني آمَنوا بألسنتهم، وآمِنوا بقلوبكم، آمَنوا الإيمان الضعيف، وآمِنوا الإيمان القويَّ، فالإيمان أكثر من مئة درجة، كدرجات الجنَّة ما بين كل درجة ودرجة كما بين السماء والأرض.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ [الصف:2] هل هذا خطاب لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما؟ أم للذين في قلوبهم مرض ولضعاف الإيمان؟ لقد وصفهم بالإيمان مع أنه وصفهم بإخلاف الوعد، وذلك مثل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ [المائدة:54] هل هذا الخطاب لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما أم هو خطاب لمن في قلوبهم مرض؟ ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [الأنفال:2] تمتلئ من عظمته ومحبته وخشيته، قال: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ومع أنّهم ﴿الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا قال: ﴿لَهُمْ دَرَجَاتٌ أيضًا ليست درجة، ﴿الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ [الأنفال:4] هل سيِّدنا عمر رضي الله عنه من مؤمنين حقًّا؟ نعم، ومع ذلك أراد أن يسابق أبا بكر رضي الله عنه في سباق الإيمان، فمرَّةً دعا النَّبيُّ ﷺ أصحابه للتبرع وتقديم الأموال، فقال عمر رضي الله عنه في نفسه: لأسبقنَّ أبا بكر، فأتى بنصف ماله إلى النَّبي ﷺ، فوجد أبا بكر رضي الله عنه قد أتى بجميع ماله، فسأل النَّبي ﷺ عمر رضي الله عنه: ((ما تَرَكتَ لِنَفْسِكَ وأَهلِكَ يا عُمرُ؟)) قال: “نصف مالي”، فقال: ((وأَنتَ يا أبا بَكرٍ؟)) قال: “تركتُ لهم الله ورسوله”، فقال: ((ما بَينَكُما كَما بَينَ كَلِمَتَيكُما))، قال عمر رضي الله عنه: “فعلمتُ أني لا أستطيع مسابقة أبي بكر” 14 .. نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يجعلنا من السابقين، وأن يجعلنا من الصادقين.

وغدًا بعد الموت نعرف هذه الحقائق علم اليقين، وكلُّ ما نفكِّر فيه ونأمله أو تعبنا في تحصيله من مال أو جاه أو رفعة أو وزارة أو حكم أو غنى أو ثروة عندما يموت الإنسان تصير كالكتابة على الماء، فلا يبقى عندك منها أثر.. ﴿وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا [الكهف:46] والباقيات الصالحات لا تَحْرِمُك ولا تمنعك الدنيا، بل بالعكس فالله عزَّ وجلَّ قال: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ [النحل:30] لأنَّ الإسلام يدعوك للعمل ويكره منك البطالة، ويدعوك للعلم ويحذرك من الجهل، ويدعوك للجِدِّية ويباعدك عن اللغو، سواء لغو الأعمال أو لغو الأقوال أو لغو الإرادة، وهي التي تكون بالأماني والتمني وبلا عمل صادق ولا همة ولا عزيمة ولا إرادة صحيحة.

التجارة مع الله عزَّ وجلَّ:

ثم قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ [الصف:10] أتحبُّون التجارة؟ نعم تحبون، وإذا دلَّنا الله عزَّ وجلَّ وقال لنا: الطريق من هنا فهل نمشي؟ وكيف إذا نادانا ودلَّنا ثم لم نمشِ؟ نكون نحن صمًّا وعميًا، لأننا أولًا ما سمعنا النداء، وبعد ذلك ما مشينا في الطريق، فهذه علامة الشقاء والخذلان، لأن الله عزَّ وجلَّ يهيِّئ لنا وسائل العلم ولكننا لا نتعلَّم، والحكمة فلا نتعلَّمها، والسعادة فنعرض عنها.

﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ نعم دلَّنا يا ربِّ، ﴿عَلَى تِجَارَةٍ [الصف:10] هناك تجارة تبور وتكسد وتجارة لا تكسد ولا تبور، وهناك تجارة رابحة وتجارة خاسرة، وهناك تجارة تربح عشرة أو عشرين أو ثلاثين في المئة وتجارة تربح مئة بالمئة، وتجارة تربح سبع مئة أو ألفًا في المئة.

مرة أتت تجارة لسيِّدنا عثمان رضي الله عنه تحملها مئة راحلة، يعني مئة جمل إلى المدينة المنورة، فأتى تجَّار المدينة يريدون أن يشتروها، فقال لهم: كم تدفعون لي ربحًا بالمئة؟ قالوا له: عشرة بالمئة، قال: لا، قالوا: اثني عشر بالمئة، قال: لا، قالوا: أربعة عشر بالمئة، قال: لا، قالوا: خمسة عشر بالمئة، قال: لا، لقد دُفِع لي ربح أكثر من ذلك، قالوا له: من الذي دفع لك؟ وكم دفعوا لك؟ قال: دفعوا لي ألفًا بالمئة! قالوا: من هذا الذي يعطي ربحًا ألفًا بالمئة؟ فقال لهم: ربُّ العالمين، اشهدوا عليَّ أنِّي تصدقَّتُ بها لوجه الله تعالى 15 ، ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا [الأنعام:160] هذه تجارة لن تبور، وهذا هو الذي يتاجر مع الله عزَّ وجلَّ عن يقين وعن صدق.

لكنْ أيضًا أتى رجل إلى النَّبي ﷺ بجميع ماله فردَّه عليه، ثلاث مرات، وبعد ذلك ضربه به، ولو أصابه لأوجعه، قال: ((يَأتِيني أَحَدُكُم بِكُلِّ مالِه، ثُمَّ يَأتِي مُفلِسًا؟)) 16 ، يأتي إلى النَّبي ﷺ ويقول له: أنا جائع.. فالمسألة: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا [الفرقان:67] هذا في أبواب الخير، وهناك أناس يسرفون في أبواب البَطَر وفي أبواب الترف وفي أبواب المباهاة والرِّياء، وهذا مرفوض عند الله عزَّ وجلَّ وصاحبه غير مقبول.

﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ [الصف:10] لن تبور، نعم دلَّنا يا رب، ولكن كيف إذا دلَّنا الله عزَّ وجلَّ وما مشينا؟ إننا لو لم نطلب منه الدلالة فنحن معذورون نوعًا ما، أو إذا لم يدلَّنا فنوعًا ما نحن معذورون، ولكن أن نطلب الدلالة ويدلنا ثم نعرض عن المشي في مخطط دلالته فلسنا معذورين.. ﴿أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ [الصف:9] ها هي التجارة، وها هو مُعَلِّم التجارة، ولكن ما التجارة؟ قال: ﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [الصف:11] الإيمان ليس أن نقول: آمنَّا، أو تقول: أنا مؤمن أنا مسلم، أنا مسلمة أنا مؤمنة، الإيمان ليس قولًا ولا ادِّعاءً، الإيمان أقوال باللسان وأعمال بالأعضاء والأركان ونور في القلب والجَنان، فإذا لم تجمع الإيمان بأطرافه كلِّها فالطير لا يطير بجناح واحد، والسيَّارة لو نقصت عجلة واحدة لا تحقق الغاية التي تُطلَب السيارة من أجلها.

والإيمان بالله عزَّ وجلَّ له أكثر من سبعين شعبة، ومن شعب الإيمان بالله أنه إذا ناداك اثنان تلبِّي أحبَّهما إليك، فإذا لبَّيتَ الله عزَّ وجلَّ وتركتَ المال وتركتَ الولد وتركتَ الأب وتركتَ الزوجة، ولم تلبِّ نداءهم فهذا دليلٌ على أنك تحبُّ الله تعالى، ولو أن عروسك التي تحبها وتعشقها وتهيم بها اتصلت بك في منتصف الليل وطلبت منك أن تذهب إليها، والوقت شتاء والجو بارد وممطر، وما عندك مظلة أَلَا تذهب؟ وإذا قالوا لك: بضاعتك أتت إلى المرفأ، والجو ثلج وبارد، ألا تترك أمَّك وأباك وأختك وغيرهم والجميع من أجل تجارتك؟ إنك تقدِّم دائمًا الأحبَّ إلى قلبك، فهل تقدِّم طلبات الله عزَّ وجلَّ على طلبات من سواه؟ حتَّى على طلبات نفسك؟

امتثال أمر الله بالروح والبدن:

لقد طلب الله عزَّ وجلَّ منهم أرواحهم فبذلوها، وطلب منهم حياتهم فقدَّموها، وطلب منهم أن يهجروا أوطانهم فهجروها، وقاتلوا آباءهم وأبناءهم، وامتثلوا ما طلب الله عزَّ وجلَّ منهم، هذا هو الحبُّ، أمَّا أن تدَّعي فالادِّعاء سهل، فإنك تستطيع أن تقول: أنا أفهمُ النَّاس، أنا أذكى النَّاس، أنا أعلم النَّاس

والدَّعاوَى إنْ لَم تَقُمْ عَلَيها
بَيِّنَاتٌ أَصحابُها أَدعِياءُ

ما الدليل على أنك أفهم أو أنك على حقٍّ أو أنَّك على صدق؟ مَن جعلك “أبو صَيَّاح”؟ [لقب يرمز للرجولة والبطولة والقوة والخشونة والزعامة عند الناس العوام غير المثقفين في الحارات أو الأحياء الشعبية في سوريا وخاصة دمشق، وصاحبه لا يرضى لأحد أن يصرعه أو يهزمه.. وقد كان هذا في النصف الأول من القرن العشرين، لكنه خَفّ بعد ذلك، ثم انعدم تقريباً في أواخر القرن]، ومن جعلك “الدكتور فلان”؟ ومن جعلك “الأستاذ فلان”؟ ومن جعلك التاجر الفلاني؟ ومن أعطاك البيت والعقل والسمع والبصر والنَّجاح وخلق لك الشَّمس والقمر؟ هل تنساه؟! إنك إذا أعطاك شخص وردة تقول له: شكرًا، فإذا أعطاك “طَقْمًا”؟ [الطَّقْم: الكلمة العامية للملابس الرسمية الأنيقة]؟ وإذا أعطاك الله عيونًا وكنتَ أعمى فماذا تكون تجاهه، أو أعطاك لسانًا وكنتَ أخرس؟ لقد أعطاك السمع والبصر.. ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا [النحل:18].

فهل آمنت به الإيمان الحقَّ الذي يجعلك تحبُّه أكثر من كلِّ محبوب، وتخشاه أكثر من كلِّ شيء في الوجود، وتستحيي منه أكثر من كلِّ عظيم، وتراقبه أكثر من كلِّ رقيب، وتطيعه أكثر من كلِّ مُطاع؟ هذا هو الإيمان! ((لَيسَ الإيمانُ بالتَّمنِّي ولا بالتَّحلِّي، ولَكنَّ الإيمانَ ما وَقَرَ في القَلبِ وصَدَّقَه العَملُ)) 17 .

﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [الصف:11] ما الإيمان برسول الله ﷺ؟ الإيمان برسول الله ﷺ علاماته أن تحبَّه أكثر من نفسك وأبيك وأمك وزوجتك ومالِك وكلِّ شيء من محبوباتك.

حب الله ورسوله والجهاد في سيبله:

﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا إذا كانت هذه الأمور كلُّها مجتمعة ﴿أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ [التوبة:24] كان الجهاد سابقًا بالسيف وبالحرب، والآن جهاد الدعوة، جهاد التعليم، جهاد إرشاد الضائع وتعليم الجاهل، وبالحكمة، لا أن نكون قضاة فنقول: هذا كافر وهذا مؤمن، بل علينا أن نكون أطباء نعالج المريض بكل شفقة، وبكل محبَّة، وبكل صدق وإخلاص، وبكل صبر وتؤدة، ولا يكون لنا هدف إلا: “إلهي أنت مقصودي، ورضاك مطلوبي”.

سيِّدنا عمر لَمَّا عزل خالدًا رضي الله عنهما عن قيادة الجيش في أعظم انتصار سجَّله العرب والمسلمون في معركة اليرموك، لو كان عنده أنانية وحبُّ الذات وحبُّ الدنيا لقام بانقلاب عليه، ولكنه كان مؤمنًا حقًّا رضي الله عنه فقال له: “سمعًا وطاعة”، وصادر له نصف أملاكه، فقال: “سمعًا وطاعة”، وربطه بعمامته، فقال: “سمعًا وطاعة”، هذا هو الإسلام، وهو عدم تفريق الكلمة، ووحدة كلمة الأمَّة، وأن تكون الأمَّة والدولة يدًا واحدة، فالدِّين يدعم الدولة والدولة تدعم الدِّين، وبذلك انتصروا في اليرموك، وانتصروا في القادسية، وفتحوا القسطنطينية، ووصلوا إلى قلب أوروبا بـ ((الإِسْلامُ وَالسُّلْطَانُ أَخَوَانِ تؤأمان)) 18 .

أما إذا جعلوهما أخوَين متعاديَين، وحاولوا التفريق بين الدِّين والدولة وجعلوا بينهما عِداء فهذا خروج عن المخطط القرآني النبوي، وقد تجد أمثال هؤلاء متدينين ومتعبدين بحسب الظاهر، لكن ليس عندهم إسلامٌ بحسب العقل والحكمة القرآنية.

ذو الخويصرة يُعلِّم النبي ﷺ ويَغَار على الدِّين:

كان النَّبي ﷺ يقسم غنائم حُنين على المؤلفة قلوبهم، الذين أسلموا حديثًا من أهل مكة ولم يكن الإيمان قد تمكَّن في قلوبهم، فوزَّع النَّبي ﷺ الغنائم على ضعفاء الإيمان، أما المهاجرون والأنصار الذين قاتلوا وربحوا المعركة فما أعطاهم شيئًا، فأتى شخص اسمه ذو الخُوَيْصِرَة ممن عنده إسلام “حَمُّوْ جَمُّوْ” [قصة “حَمُّوْ جَمُّوْ” يكررها سماحة الشيخ كثيرًا لما فيها من حكمة بليغة تُبَيِّن حال كثير من المسلمين في زماننا الذين يحسبون أنّ ما يخالف الإسلام هو الإسلام، وهي عن شخص جاهل أمِّيّ مجرم، اسمه حَمُّو جَمُّو، كان ملاحَقاً من قبل الدولة لكثرة جرائمه أيام الاستعمار الفرنسي لسوريا، فهرب من دمشق إلى جبال قريبة منها، قرب قرية مسيحية تسمى صيدنايا، وهناك صار قاطع طريق، وفي يوم من الأيام رأى خُوريَّاً “رجل دين مسيحي” يمشي على الجبل.. فلما رآه يلبس لباس الخوري المسيحي غار على دينه، وأتاه الحماس والعاطفة، وقرر أن يجعله مسلماً.. فاعترضه مشهراً عليه السلاح، وقال له: عليك أن تصير مسلماً، فقال له: لكنني مسيحي، قال: أنا أقول عليك أن تغير دينك الآن، وتصير مسلماً، فقال الخوري: لكن دينكم يقول: “لا إكراه في الدين”، فكيف تكرهني على الإسلام؟ قال حمو جمو: أنا “إكراه ومِكْراه” لا أعرف، عليك أن تصير مسلماً الآن وإلا قتلتك.. قال الخوري: حسناً سأسلم، علمني كيف أسلم.. ففكر حمو جمو كثيراً ثم قال: والله أنا لا أعرف.. ثم تذكر شيئاً، وقال للخوري: نعم تذكرت، عليّ أن أُطَهِّرك الآن، فاخلع لباسك حتى أُطَهِّرك.. “أُطَهِّرك: هي الكلمة العامية لأختنك، والطهور في العامية السورية هو الختان.. وكان أحياناً سماحة الشيخ يعقب على هذه القصة بأن هذا الجاهل الذي نَصَّب نفسه داعياً يريد أن يبدأ بتعليم الإسلام من هنا].. فذو الخويصرة هذا أراد أن يعلِّم النَّبي ﷺ الإسلام، وهو غيور على الدِّين!

وذلك كما حدث عندما تزوَّج النَّبي ﷺ صفية رضي الله عنها، فقال المنافقون: أما وجد إلا امرأة يهودية يتزوَّجها؟ يعني غاروا على النَّبي ﷺ، وغاروا على الإسلام، ولكن هل يقولون هذا بدافع حبّ النَّبي ﷺ أم بدافع تجريح النَّبي ﷺ وتنقيصه؟ هل يقولون ذلك بدافع الإيمان وحبِّ النَّبي ﷺ أم بدافع العداوة وبغض النَّبي ﷺ؟

وهنا ذو الخويصرة أيضًا غار على العدل، فلمَّا قسم النَّبي ﷺ الغنائم بهذا الشكل لمصلحة المجتمع والأمَّة والدولة، قال للنَّبيِّ ﷺ: “اعْدِلْ يا مُحمَّد”.. فهو يريد أن يعلِّم النَّبي ﷺ العدل، “إنها قسمة ما أريد بها وجه الله”، يعني أنت مُراءٍ.. نسأل الله العافية من الشَّقاء ومن الخذلان ومن التعاسة ومن النَّحْس.. هو يرى الشَّمس ولكنه لا يرى شيئًا، وهذا دليلُ أيِّ شيء؟ هذا دليل الخذلان، فهو يقول: يا أخي الشَّمس ليست مضيئة، نورها ضعيف، وهي واقعة في الكسوف، فهل قوله صحيح أم هو واقع في العمى؟

عندما تغني أم كلثوم [أم كلثوم مغنية مصرية مشهورة في الوطن العربي] كلُّ النَّاس يطربون بغنائها، ولكن الأصم يقول: هؤلاء مجانين، واللهِ ما سمعنا منها شيئًا، ما رأينا إلا أنها مرَّةً تحرِّك حنكها هكذا ومرَّة هكذا يمينًا ويسارًا، فلماذا يقفز هؤلاء ويتحركون بهذا الشكل؟ هؤلاء كلهم مجانين، ويظن نفسه أنه العاقل الوحيد.. نسأل الله أن لا يشقينا ولا ينحسنا، قالوا: “المنحوس منحوس ولو وضعنا بين عينيه مئة ألف فانوس”، الأعمى ماذا تفيده الفانوس؟ نسأل الله عزَّ وجلَّ أن ينوِّر قلوبنا وعقولنا لنفهم الحقائق.

“اعْدِلْ يا مُحمَّد”، هو يريد أن يعلِّم النَّبي ﷺ، يريد أن يهدي النبي ﷺ، ويظن أن النَّبي لا يفهم، ولكنْ هذا المنحوس ذو الخويصرة هو فقط من يفهم! فهو الفهيم يُعلِّم الأنبياء ويُعَلِّم خاتم الأنبياء.. قال له: “إنَّها قِسْمَة” أيضًا يأتي بالدليل “ما أريد بها وجه الله”، فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: ((لقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ)) أيها الخائب الخاسر ((إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ فمَنْ يَعْدِلُ؟)) 19 إذا كنتُ أنا لا أفهم العدل والإنصاف فهل أنت تعلِّمني؟ ((أَيَأمَنُني اللهُ عَلى أَهلِ الأَرضِ وَلا تَأمَنُونَنِي؟)) عظماء العقول وفضلاء النفوس أمَّنوه على أرواحهم وكلِّ ما يملكون في هذه الحياة، وسلَّموه قلوبهم وعقولهم، وهل كانوا خاسرين أو نادمين؟

ثم قال النَّبي ﷺ: ((يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ)) يعني من جنس وفصيلة ((هَذَا قَوْمٌ)) يعني جماعة ((يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ إلى صَلَاتِهِمْ)) هؤلاء الخوارج، كانوا معظم الليل متهجِّدِين، وفي النهار دائمًا ذاكرين، لكن لا يوجد عندهم عقلٌ، وعبادة هؤلاء عبادة القطط.. يقال: دعا أحدهم ضيوفًا إلى أَكْلَة “كبَّة” [طعام شعبي يتكوَّن مِن البرغل المطحون واللحم والجوز]، فاشترى لحم الكبَّة وذهب ليحضر الجوز، وكان عنده قطٌّ، فأكل اللحم، ولَمَّا عاد ما وجد اللحم، فأراد أن يعرف من الخصم، فرأى القطَّ ورائحته رائحة اللحم وبطنه منفوخ، ووجده جالسًا على سجادة الصَّلاة وهو يقرأ الوِرْد، فقال له: ويلك! قراءة شوك [çok باللغة التركية تعني كثير]، ذمَّة يوك [yok باللغة التركية تعني لا يوجد]، يعني تقرأ كثير، لكن ما عندك أمانة.

وهكذا ذو الخويصرة وأمثاله أيضًا متعبِّدون بكثرة، ولكن ما عندهم العقل والفقه الإسلامي، فهو يريد أن يعلِّم النَّبي ﷺ العدالة ويعلِّمه الإنصاف، وباسم التقوى وباسم الدِّين، لأن العدل من الدِّين، وهذا يعني أنّ النَّبي ﷺ ليس فيه دِين، فقال له ﷺ: ((وَيحَكَ! إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ فمَنْ يَعْدِلُ؟)) ثم قال: ((يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ)) حين تُرمَى السهام على الهدف من جِلد أو كذا، كيف يخرق السهم الهدف، أيضًا هؤلاء يَخْرِقُون الدِّين كما يَخْرِق السهم موضع الهدف وموضع الرِّماية، ((أَينَ ما وَجَدتُمُوهُم فَاقتُلُوهُم)) 20 .

عدونا الاستعمار المتحالف مع الصهيونية:

وهناك كثيرون يغرَّرون باسم الدِّين، وهناك مغرِّرون، منهم من الداخل ومنهم من الخارج، لذلك انتبهوا كلَّ الانتباه، نحن الآن أمام عدوٍّ واحد هو الاستعمار المتحالف مع الصهيونية، ويجب أن تكون كلُّ طاقاتنا باتجاه هذه الجبهة لا غير، وإذا رأينا أيَّ إنسانٍ مقصِّر في ناحية من النواحي الدينية فعلينا أن نكون أطباء لا قضاة، لا نقول: هذا كافر وهذا مؤمن، فليست مهمة الطبيب أن يقول للمريض: أنت مصاب بالسلِّ أو اليرقان أو المرض الفلاني، بل مهمته أن يقدم له الدواء، لا أن يعيِّره بالداء والمرض، أو يقاتله لأنه مريض، هل على الطبيب أن يقاتل المريض أم يرفق به ويساعده؟ اللهم أرنا الحقَّ حقًّا وارزقنا اتباعه، ((ومَا دَخَلَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، ولاَ دَخَلَ الْخُرْقُ فِي شَيْءٍ إلاَّ شَانَهُ)) 21 .

﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ [الصف:10] لن تبور ﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [الصف:11] ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [الأنفال:2] يجب أن يكون لك قلب حيٌّ بالله، بذكر الله، بنور الله عزَّ وجلَّ، فتتجاوب الجوارح والأهواء والرغبات حسب أوامر الله وحسب طلبات كتابه عزَّ وجلَّ.

جهاد النَّبي ﷺ:

﴿وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ [الصف:11] نجاهد لإعلاء كلمة الله عزَّ وجلَّ، ولكن من جاهد النَّبيُّ ﷺ؟

النَّبي ﷺ ما بدأ بقتال قطُّ، ففي معركة بدر كان ﷺ يحارب أعداءه اقتصاديًّا، مقابل ما صادروا من أموال المهاجرين، فكان يصادر قوافلهم التجارية، وفي أُحد لَمَّا أتى الكفار إلى المدينة كانت خطة النَّبي ﷺ أن يبقى في المدينة محاصَرًا، حتَّى تنفد أقوات المشركين وأرزاقهم فيرجعوا، ولا يسفك دمًا، وقد جاؤوا محاربين متحدين مشركين ووثنيين، لكنَّ الشباب الثائرين وبحماسهم طلبوا القتال فسايرهم النَّبي ﷺ وحصل الذي حصل، وفي الخندق لَمَّا عرف مجيء جيش الأحزاب كان النَّبي ﷺ يستطيع أن يواجه، وهو ليس بجبان، والصحابة رضي الله عنهم ليسوا بجبناء، فقد باعوا أنفسهم وأرواحهم لله، لكنَّ النَّبي ﷺ ما كان يرغب في سفك الدماء، فحفر الخندق حتَّى لا يكون قتال، وفي فتح مكة ربط كلَّ الطرقات حتَّى يفاجئهم بالجيش فلا يكون هناك قتال ولا لقاء بين بين المسلمين والمشركين، وبين الإسلام والكفر.

فكيف المسلم اليوم يغتال المسلم؟ وكيف المسلم يقتل المسلم؟ النَّبي ﷺ يقول: ((إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ)) 22 ، وسيِّدنا الحسن بن عليٍّ كرم الله وجههما ورضي الله عنهما، وعليهما سلام الله وتحيته، كان على رأس جيش تعداده تسعون ألف مقاتل، فتنازل عن الخلافة ومعه هذا الجيش العظيم، حتَّى لا يُسفَك دم مسلم، ولَمَّا تنازل عن الخلافة عيَّره بعض المتحمِّسين قائلين له: “يا مذلَّ المؤمنين”، يعني أنت بإعطائك وتنازلك عن الخلافة إلى معاوية أذللتَ المؤمنين، فقال لهم: “العار ولا النَّار”، يعني عيِّروني ولكن لا أسفك دم مسلم، رضي الله عنه.

والآن الأعداء من الاستعمار والصهيونية يتغلغلون في المجتمعات الإسلامية، ويجعلون المسلمين والعرب يقاتل بعضهم بعضًا، بأن يحرِّضوا على ثورات وفتن في داخل البلد الواحد، فإذا رأيتم أحدًا مثيرًا للفتنة فانتبهوا كلَّ الانتباه، وعلينا أن نقوم بكلِّ طاقاتنا بجهاد يقظة الأمَّة إلى إسلام القرآن، إلى الإسلام الْمُحمَّدي، الإسلام بحقيقته وبجوهره، ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ [الصف:4].

تَقَبُّل العالَم الغربي لحقيقة الإسلام

﴿وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ [الصف:11] الجهاد بالمال بأن تقدِّم مالَكَ، سواء في ميدان القتال، والآن الدول قائمة بذلك، والدولة تأخذ الضرائب لأجل ذلك، أو في الأعمال الإسلامية مثل المعاهد الدينية وبناء المساجد والإنفاق على الفقراء، وهذا أيضًا جهادٌ وبذلٌ للجهد في تقوية الإسلام والمسلمين، خاصَّةً في ميدان بناء الدُّعاة إلى الله عزَّ وجلَّ الحكماء.

إن بذل المال لتقوية إسلامِ الدَّعوة في الوقت الحاضر من أوجب الواجبات، وقد كان رسول الله ﷺ يقول: ((جاهِدُوا المشِرِكِينَ بِأَنفُسِكُم وَبِأَموالِكُم وَبِأَلسِنَتِكُم)) 23 ، واللهِ أنا أعلم علم اليقين، ورأيتُ بالمشاهدة وبالتجارب المتعدِّدة أننا لو نستطيع إرسال ألف داعٍ إسلامي إلى أمريكا، فواللهِ سيُرفَع لواء الإسلام في أعظم دول العالَم خلال عشر سنوات، لأنَّهم مهيَّؤون كلَّ التهيُّؤ في كلّ العالَم المتقدِّم.

في سفرتي إلى باريس هذا الأسبوع، وأنا في المستشفى لإجراء بعض الفحوص الطبية زارني أكثر من بروفسور طبيب أعصاب، وكان أحدهم من أشهر أطباء الأعصاب والجراحة في باريس، وكان معي أكثر من ستَّة أطباء من أبناء المسجد من كبار الأخصائيين في الجراحات القلبية والعصبية وما شابه، فلفت نظره أنَّ إخواننا الأطباء المعروفين كانوا مع الشَّيخ كالأولاد البررة، وأكثر من الأولاد البررة رضي الله عنهم وبارك فيهم، فقد استقبلونا أيَّ استقبال! واستأجروا لنا أجمل وأحسن البيوت في أحسن المناطق، وما تركوني لحظة واحدة، وهذا لفت نظر البروفسور فقال لهم: من هذا الرجل الذي تحتفلون به وتهتمون به هذا الاهتمام؟ من يكون لكم؟ هل هو أبوكم؟ وهم عدد من الأطباء المشاهير وليسوا من بلد واحد، قالوا له: هذا والدنا الروحي الذي ربَّانا التربية الروحية، فسكت مدة ثوانٍ ثم هزَّ برأسه وقال -وانتبهوا لهذه الجملة-: هذا ما تفقده حضارتنا الغربية.. قال هذا القول حسرةً على ما هم فيه، وهذا يعني أن عندهم كلَّ القابلية.

وأتاني بروفسور آخر زارني في غرفتي في المستشفى، وكان من كبار العلماء في باريس، ولَمَّا انقضى المجلس ودَّعه بعض إخواننا فقال: أنا ما رأيتُ مثل هذا الرجل فيما سمعتُ من حِكَمه ومن كلماته ومن عقلانيته وروحانيته.. وأنا أروي لكم هذا وليس مرادي شخصي، مرادي قابلية العالَم المتمدِّن للإسلام إذا أُحسِن تصويره وعرضه بواقعه الحقيقي، فنحن نملك أعظم سلاح، لكن ليس سلاح التدمير الشامل، بل سلاح التعمير الشامل، سلاح السَّلام الشامل، سلام الحبِّ الشامل، سلام الإخاء الشامل، فأَولى وأحرى أن نصنع في بلدنا الإخاء بين أبناء الشعب الواحد دولةً وشعبًا.

الإيمان الحقيقي هو تقديم الله ورسوله على كل شيء:

﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [الصف:11] كان عليه الصَّلاة والسَّلام يقول: ((لا يُؤمِنُ أَحَدُكُمْ حتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ، وَنَفْسِهِ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ)) 24 ، فكيف تدَّعي الإيمان بالنَّبي ﷺ وتحبُّ شيئًا أكثر من حبِّك لرسول الله ﷺ؟ النَّبي ﷺ يقول: ((لا يُؤمِنُ)) الإيمان الحقيقي، الإيمان المطلوب، وبعد النَّبيِّ ﷺ: ((الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ)) 25 ، العالِم الحكيم، عالِم القرآن، عالِم الحكمة، عالِم التزكية، عالِم القلوب، وهذا أندر من الألماس وأندر من الجوهر، فإذا جمع الله عزَّ وجلَّ إنسانًا بالوارث الْمُحمَّدي، ورُزِق الحبَّ الحقيقيَّ فهذا إكسير السعادة، وكنز السعادة -واللهِ- في الدنيا والآخرة.

نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يجمع قلوب الأمَّة على ورثة سيِّدنا رسول الله ﷺ، لتتجمع القوى ونقف صفًّا واحدًا، ونحقق فهمنا لسورة الصفِّ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا يقاتلون من؟ هل يقاتل بعضنا بعضًا؟ هل يقاتل المسلمون بعضهم، والشعب والدولة يقتل بعضهم بعضًا؟ بل يُقاتلون العدو الواحد المشتَرَك، ﴿كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ [الصف:4].

﴿وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ فالجهاد بالمال هو أن تبذل المال نصفه أو ربعه أو كلَّه، وذلك بقدر ما تتمكَّن، سواء أمام العدو الاستعماري أو في بناء الإسلام وإعادة تجديده، ﴿ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الصف:11] وما الربح؟ قال: ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ هذا أول ربح، بأن تلقى الله عزَّ وجلَّ بعدما فارقتَ الدنيا وفارقتَ مالك وأهلك وبيتك وامرأتك إلى جنَّةٍ عرضها السماوات والأرض، وأنت نظيف منظَّفٌ بلا حساب ولا سؤال، فالأول: ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ والثاني: ﴿وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ ليست جنة واحدة ﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً [الصف:12] هل هي “طابق” بمساحة مئة وخمسين مترًا أو مئتي متر؟ [طابق في بناء، ويسمى دَوْر في لهجات عربية أخرى]، كم يبلغ أكبر طابق؟ ثلاث مئة متر؟ قال: المؤمن يُعطى قصرًا من جوهرة مساحتها سبعون ميلًا طولًا وعرضًا، كلُّها مِن قطعة جوهر أو من ألماس، لا من حجارة وإسمنت.. نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يرزقنا الإيمان، وأن يرزقنا حبَّ الله ورسوله ﷺ وحبَّ أحبابه، وكان من دعاء النَّبي ﷺ: ((اللَّهمَّ إنِّي أَسألُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَن يُحبُّكَ)) 26 ، ليس حبَّ التمنِّي، وليس حبَّ الادِّعاء، بل الحبّ الحقيقي، كيف تحبُّ زوجتك؟ فهل تحبّ زوجتك أكثر أم الله عزَّ وجلَّ ورسوله ﷺ والوارث الْمُحمَّدي؟ هذا ليس كلامي، هذا كلام الله عزَّ وجلَّ وكلام رسول الله ﷺ، أمَّا حبُّ الادِّعاء وحبُّ التمنِّي فهو: ﴿يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ [آل عمران:167]، فلا تكونوا كالذين ﴿قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ [المائدة:41]، فإذا أحببت [الوارث المحمديّ] فإنّ: ((الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِه)) 27 فتصير أخلاقه تسري في أخلاقك، وميوله في ميولك وعقله في عقلك وإرادته في إرادتك، ولا تجد نفسك إلا كالنحلة إمَّا على زهرةٍ أو وردةٍ تمتصُّ الرحيق وتنتج العسل الذي فيه شفاء للناس.

الإقامة في الجنة دائمة مع الخلود غير المنقطع:

﴿وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ العدن الإقامة، يعني ليس إيجارًا، بل إقامة دائمة مع الخلود غير المنقطع، ﴿ذَلِكَ هذه المغفرة والجنات ﴿الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، هل هذا فقط؟ فهذه في الآخرة، فهل لنا من شيء في الدنيا؟ قال: في الدنيا ﴿وَأُخْرَى أيضًا عطيةٌ أخرى ﴿تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ فإذا حاربتم إسرائيل: نصر من الله، وإذا حاربتم الصُّهيونية: نصر من الله، وإذا حاربتم الاستعمار: نصر من الله، فإذا كنتم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون فالجواب: ﴿نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [الصف:12-13] الله عزَّ وجلَّ فتح لهم مكة، وفتح لهم الحجاز، وما تُوفِّي النَّبي ﷺ إلا بعد أن بنى في عشرين سنة أعظم أمَّة عقلًا وعلمًا وأخلاقًا ووحدة وثقافةً ونصرًا وعزةً ومجدًا، كل ذلك في عشرين سنة.

الفرقة مشكلة العالم الإسلامي اليوم:

البلاد العربية مستقلِّةٌ منذ خمسين سنة، والعالَم الإسلامي إلى الآن يقاتل بعضه بعضًا، والحدود التي رسمها الاستعمار يقدسونها كما يقدسون الكعبة، ويُسهَّل دخول الأجنبي إلى البلد العربي أكثر من دخول العربي إلى البلد العربي، أليس كذلك؟ أين جامعة الدول العربية؟ هل كان هناك حدود في الإسلام؟ كانوا من الصين إلى إسبانيا بلدًا واحدًا وأمَّةً واحدةً وقوميةً واحدةً، وما مواد القومية؟ في عصرنا الحاضر هي الأرض واللغة، فإذا وُلِدتَ في هذه الأرض وتكلَّمتَ لغتها تأخذ قوميتها، أما قومية الإسلام فلا الأرض ولا اللغة، قومية الإسلام: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ [البقرة:129] فإذا تثقَّفتَ بعلوم القرآن علمًا وفهمًا وعملًا، وصرتَ حكيمًا تفعل ما ينبغي في الوقت الذي ينبغي على الشكل الذي ينبغي، فهاتان خصلتان، ولكنك لم تأخذ القومية ولا الجنسية القرآنية بعد، قال: ﴿وَيُزَكِّيهِمْ [البقرة:129] فتتزكى نفسُك وتتطهَّرْ من كلِّ الرذائل والنقائص، ومن كلِّ الجهل والجهالات، وتنتقل من الجهل إلى العلم، ومن السفاهة والحمق إلى الحِلم وحُسْن الخلق، ومن البخل إلى السخاء، ومن الحقد إلى محبة النَّاس.. إلخ.

أيُّ القوميَّتَين أشرف وأقدس؟ هل قومية القرآن أم قومية اللغة والأرض والمكان؟ نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يهيِّئ الرجال.. كان بعض السلف الصالح يدعو الله عزَّ وجلَّ ويُكثر من الدعاء، يقول: “اللهم إني أسألك مالًا”، قيل له: لماذا تطلب المال كثيراً؟ قال: “لأنَّ الأعمال تحتاج إلى الرِّجال، ولا تستطيع الرِّجال أن تقوم بالأعمال إلا بالمال”، ولذلك جعل الإسلامُ المالَ أحد الأركان الخمسة.

جهاد التعريف بالإسلام:

﴿وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ [الصف:11] ليس بالسيف فقط، بل بالسيف والمال.. والإسلام اليوم فاقدٌ للرجال وفاقد للمال وفاقد للحكمة، وبمشيئة الله تعالى نرى قريبًا كلَّ الأمور مهيَّأة، ويكون الشعب والحكومات كلُّهم صفًّا واحدًا أمام العدوِّ المشترَك، وفي رأيي الشخصي: إذا وُجِد الإسلام بمعناه الحيِّ فلا يُحتاج إلى سفك قطرة دم، لا في شرق الأرض ولا في غربها، نحن نحتاج إلى جهاد التعريف بالإسلام، وهذا أنا رأيتُه بعيني ومارستُه بنفسي من غرب أمريكا إلى اليابان، مرورًا بالكرملين الشيوعية وبأوروبا الغربية، مع فلاسفتها، ومع رجال كنائسها، ومع رجال جامعاتها، واللهِ ما فشل الإسلام ولا انهزم في معركة ولا موقف ولا مؤتمر.

في مؤتمر الحوار الإسلامي المسيحي في سلوفاكيا انتُخِبتُ رئيسًا للمؤتمر.. أقول لكم هذا وهو لا يساوي عندي كما لا تساوي هذه “الورقة” شيئاً بعد إزالة “السُّكَّرَة” منها، [يقول ذلك سماحة الشيخ وهو يتناول بيده “سُكَّرَة” قطعة حلوى صغيرة مصنوعة من السُّكَّر، ومُغَلَّفة بورقة صغيرة، حيث تزال الورقة وتُرمى في القمامة، وتوضع تلك القطعة التي تسمى “السُّكَّرَة” باللهجة الدمشقية في الفم وتُمَصّ] فهذه الورقة ليس لها قيمة، وأنا أجلس في العَتَبَة، [ولا أبالي] أينما جلستُ، وليس هذا ما أهتم به، والذي أهتم به هو أن يكتب الله عزَّ وجلَّ لي رضاه وأن أقوم بواجبي، أمَّا المظاهر الدنيوية بكلِّ ما فيها فهي أحقر عندي من جناح بعوضة.. اللهم وفِّقنا لِما تحبُّه وترضاه، وأرنا الحقَّ حقًّا وارزقنا اتِّباعه.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ [الصف:14] الذين قالوا: لو علمنا أحبَّ الأعمال إلى الله لنعملها، قال: أحبُّ الأعمال إلى الله أن تكونوا صفاً وأن تكونوا أنصار الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِه صَفًّا [الصف:4]، و﴿كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ [الصف:14] يعني أنصار دينه، وأنصار نبيه، وأنصار أحبابه، وأنصار ورثته.. في ماذا؟ في الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ، وفي الأمر بالمعروف، فعليك أن تعلِّم أهل بيتك؛ أبناءك وبناتك، أبناءكِ وبناتكِ “وكنائنكِ” [جمع كَنَّة، وهي زوجة الابن] وجيرانكِ.

الدعوة إلى الله أمانة عند كل مسلم:

مرة خطب النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام فقال: ((ما بالُ أَقوامٍ لا يُعلِّمونَ جِيرانَهم، ولا يُفَقِّهُونَهم، ولا يَعِظُونَهم، ولا يَأمرُونَهم بِالمعروفِ، ولا يَنهَونَهم عن المنكَرِ)) 28 .

لماذا؟ لأن الله عزَّ وجلَّ إذا هداك صار عليك أمانة في رقبتك بأن تزور جارك أو يزورك، فتذكِّره، وبالحكمة وباللطافة وبالإقناع، وقد يستجيب وقد لا يستجيب، لكن ليس كلُّ النَّاس لا يستجيبون، كما أنَّه ليس كلُّ النَّاس يستجيبون، فهل استجاب كلُّ النَّاس لسيِّدنا رسول الله ﷺ؟ أبو جهل ما استجاب، وآباء جهل الموجودون اليوم كثر

كلُّ عصرٍ فرعونُ فيهِ وموسى
وأبو الجهلِ في الورى ومُحمَّدُ

إذا ظهر لك أبو جهل فلا بأس، فالصيادون يعلق في بعض الأوقات في شباكهم سلطعان، أو تعلق حَيَّة، فهل يترك الصيد؟ يقال: الصَّيَّاد الماهر هو الذي يصطاد بمئة طلقة خمسين طيرًا، هذا الماهر.. فادعُ جيرانك، وأهلك، وأولادك، وزوجتك.. إلخ.

كما أنه تنبيه مني لكل محب، فالذي يريد أن يتزوج عليه أن لا يتزوج [إلا المؤمنة التقية المتعلمة، من بنات المسجد، التي تحسن تربية أولادها، وتكون صالحة مع زوجها وأولادها ومَن حولها..

لقد انتهى الكلام المُسَجَّل لسماحة الشيخ قبل أن ينهي كلامه هنا، وقد أكملتُ ذلك في التعليق، حيث عرفتُ ما قاله لأنني كنت حاضراً في هذا الدرس.

كتب هذا التعليق: مصطفى كناكر].

وصلَّى الله على سيِّدنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم، والحمد لله رب العالمين.

Amiri Font

الحواشي

  1. تفسير ابن كثير، (4/429)، بلفظ: عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ " قَالَ كَانَ نَاس مِنْ الْمُؤْمِنِينَ قَبْل أَنْ يُفْرَض الْجِهَاد يَقُولُونَ لَوَدِدْنَا أَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ دَلَّنَا عَلَى أَحَبّ الْأَعْمَال إِلَيْهِ فَنَعْمَل بِهِ فَأَخْبَرَ اللَّه نَبِيّه أَنَّ أَحَبّ الْأَعْمَالِ إِيمَان بِهِ لَا شَكَّ فِيهِ وَجِهَاد أَهْل مَعْصِيَته الَّذِينَ خَالَفُوا الْإِيمَان وَلَمْ يُقِرُّوا بِهِ فَلَمَّا نَزَلَ الْجِهَاد كَرِهَ ذَلِكَ نَاس مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَشَقَّ عَلَيْهِمْ أَمْره فَقَالَ اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾، وَقَالَ مُقَاتِل بْن حَيَّان قَالَ الْمُؤْمِنُونَ لَوْ نَعْلَم أَحَبّ الْأَعْمَال إِلَى اللَّه لَعَمِلْنَا بِهِ فَدَلَّهُمْ اللَّه عَلَى أَحَبّ الْأَعْمَال إِلَيْهِ فَقَالَ: ﴿إِنَّ اللَّه يُحِبّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيله صَفًّا﴾ فَبَيَّنَ لَهُمْ فَابْتُلُوا يَوْم أُحُدٍ بِذَلِكَ فَوَلَّوْا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدْبِرِينَ فَأَنْزَلَ اللَّه فِي ذَلِكَ ﴿يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ وَقَالَ : "أَحَبُّكُمْ إِلَيَّ مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِي"، وفي أسباب النزول للواحدي، رقم: (427)، ص: (447)، بلفظ: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَقُولُونَ: لَوْ نَعْلَمُ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لَبَذَلْنَا فِيهِ أَمْوَالَنَا وَأَنْفُسَنَا، فَدَلَّهُمُ اللَّهُ عَلَى أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَيْهِ فَقَالَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا﴾الْآيَةَ. فَابْتُلُوا يَوْمَ أُحُدٍ بِذَلِكَ فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾.
  2. مسند الفردوس للديلمي، رقم: (5232)، (3/ 404)، عن أنس بن مَالك رضي الله عنه، وفي مصنف ابن أبي شيبة، رقم: (30351)، (6/ 163)، وشعب الإيمان للبيهقي، رقم: (65)، (1/158)، عَنِ الْحَسَنَ رضي الله عنه موقوفًا عليه، بلفظ: ((إنَّ الإِيمَانَ لَيْسَ بِالتَّحَلِّي، وَلا بِالتَّمَنِّي، إنَّمَا الإِيمَانُ مَا وَقَرَ فِي الْقَلْبِ وَصَدَّقَهُ الْعَمَلُ))، وروي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعًا في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لأبي القاسم لللالكائي، رقم: (1561) (4/921).
  3. المقاصد الحسنة للسخاوي، رقم: (246)، (ص:209)، قال: ((إن الله يكره الرجل البطال))، وفي المعجم الكبير للطبراني، رقم: (8538)، (9/ 102)، بلفظ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: "إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَرَى الرَّجُلَ فَارِغًا لا فِي عَمِلِ دُنْيَا وَلا آخِرَةٍ"، وفي مصنف ابن أبي شيبة، رقم: (35704)، (13/ 300)، وحلية الأولياء للأصبهاني، (1/130)، من قول عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ: «إِنِّي لأمقت الرجل أراه فارغًا».
  4. البداية والنهاية لابن كثير، (5/ 94)، حلية الأولياء لأبي نعيم، (9/279)، بلفظ: ((كَادُوا مِنْ صدقهم)) وفي رواية أخرى: ((كَادُوا مِنْ الفقه))، عن سُوَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَزْدِيُّ.
  5. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم، رقم: (5665)، (5/2238)، صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم رقم: (4685)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (18398)، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، بلفظ: ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)).
  6. سيرة ابن هشام (4/3)، وأسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير، ترجمة عمرو بن الجموح (4/194)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب السير، باب من اعتذر بالضعف والمرض والزمانة والعذر في ترك الجهاد، رقم: (17821)، (9/42)، ((عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، قَالُوا كَانَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ أَعْرَجَ شَدِيدَ الْعَرَجِ، وَكَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ بَنِينَ شَبَابٌ يَغْزُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَزَا، فَلَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَجَّهُ إِلَى أُحُدٍ، قَالَ لَهُ بَنُوهُ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَعَلَ لَكَ رُخْصَةً فَلَوْ قَعَدْتَ فَنَحْنُ نَكْفِيكَ فَقَدْ وَضَعَ اللهُ عَنْكَ الْجِهَادَ، فَأَتَى عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ بَنِيَّ هَؤُلَاءِ يَمْنَعُونَ أَنْ أَخْرُجَ مَعَكَ، وَاللهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أُسْتَشْهَدَ فَأَطَأَ بِعَرْجَتِي هَذِهِ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ وَضَعَ اللهُ عَنْكَ الْجِهَادَ"، وَقَالَ لِبَنِيهِ: "وَمَا عَلَيْكُمْ أَنْ تَدَعُوهُ لَعَلَّ اللهَ يَرْزُقُهُ الشَّهَادَةَ"، فَخَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا)).
  7. الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر (3/ 1169)، وأسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير، ترجمة عمرو بن الجموح (4/194)، بلفظ: ((وَالَّذِي نفسي بيده إن منكم لمن لو أقسم على الله لأبره، منهم عَمْرو بْن الجموح، ولقد رأيته يطأ فِي الجنة بعرجته)).
  8. سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، رقم: (1425)، (1/452)، السنن الكبرى للبيهقي، باب دعاء القنوت، رقم: (2957)، بلفظ: ((عَنْ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ قَالَ ابْنُ جَوَّاسٍ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ)).
  9. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب الدعوات، باب الدعاء بعد الصلاة، رقم: (5971)، صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفة، رقم: (593)، بلفظ: عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كَتَبَ الْمُغِيرَةُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ إِذَا سَلَّمَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ)).
  10. سنن أبي داود، كتاب الخراج والفيء والإمارة، باب في تعشير أهل الذمة إذا اختلفوا، رقم: (3052)، (2/187)، بلفظ: عن صفوان بن سليم: عن عدة من أبناء أصحاب رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم عن آبائهم دِنيَة، قَالَ: «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا، أَوِ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
  11. شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (7603)، (6/ 99)، مسند الفردوس للديلمي، رقم: (5830)، (3/ 585)، عن عبد الله بن عَمْرو رضي الله عنه.
  12. مسند الفردوس للديلمي، رقم: (396)، (1/117)، فضيلة العادلين من الولاة لأبي نعيم الأصبهاني، رقم: (39)، ص: (153)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بلفظ: ((الإِسْلامُ وَالسُّلْطَانُ أَخَوَانِ تَوْأَمٌ، لا يَصْلُحُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إِلا بِصَاحِبِهِ، فَالإِسْلامُ أُسُّ وَالسُّلْطَانِ حَارِسٌ، وَمَا لا أُسَّ لَهُ مُنْهَدِمٌ، وَمَا لا حَارِسَ لَهُ ضَائِعٌ)).
  13. سنن الدارمي، باب كيف كان أول شأن النبي صلى الله عليه وسلم، رقم: (15)، (1/21)، مصنف ابن أبي شيبة، رقم: (32442)، (16/504)، شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (1404)، (2/144)، عَنْ أَبِى صَالِحٍ مرسلاً، بلفظ: ((أيهَا النَّاسُ إنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ))، وفي المستدرك على الصحيحين للحاكم، رقم: (100)، (1/91)، عن أبي هريرة مرفوعاً.
  14. سنن أبي داود، كتاب الزكاة: باب الرجل يخرج من ماله، رقم: (1678)، (1/526)، سنن الترمذي، أبواب المناقب، باب مناقب أبي بكر الصديق، رقم: (3675)، (5/614)، بلفظ: ((قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ أَنْ نَتَصَدَّقَ فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالًا عِنْدِي فَقُلْتُ الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، قَالَ فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي فَقَالَ لي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ»، قُلْتُ مِثْلَهُ، قَالَ فَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ»، فَقَالَ أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَقُلْتُ: لاَ أُسَابِقُكَ إِلَى شَيءٍ أَبَدًا)).
  15. الشريعة للآجُرِّيُّ، رقم: (1486)، (4/ 2012)، الرياض النضرة في مناقب العشرة لمحب الدين الطبري (3/ 43)، بلفظ: ((عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " قَحَطَ الْمَطَرُ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالُوا: السَّمَاءُ لَمْ تُمْطِرْ، وَالْأَرْضُ لَمْ تَنْبُتْ، وَالنَّاسُ فِي شِدَّةٍ شَدِيدَة، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: انْصَرِفُوا وَاصْبِرُوا فَإِنَّكُمْ لَا تُمْسُونَ حَتَّى يُفْرِّجَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْكُمْ فَمَا لَبِثْنَا إِلَّا قَلِيلًا أَنْ جَاءَ أُجُرَاءُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الشَّامِ، فَجَاءَتْهُ مِائَةُ رَاحِلَةٍ بُرًّا، أَوْ قَالَ: طَعَامًا فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَى بَابِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَرَعُوا عَلَيْهِ الْبَابَ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مَلَأٍ مِنَ النَّاسِ فَقَالَ: مَا تَشَاءُونَ؟ قَالُوا: الزَّمَانُ قَدْ قَحَطَ، السَّمَاءُ لَا تُمْطِرُ وَالْأَرْضُ لَا تَنْبُتُ وَالنَّاسُ فِي شِدَّةٍ شَدِيدَةٍ وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ عِنْدَكَ طَعَامًا فَبِعْنَاهُ حَتَّى تُوَسِّعَ عَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ عُثْمَانُ: حُبًّا وَكَرَامَةً، ادْخُلُوا فَاشْتَرُوا، فَدَخَلَ التُّجَّارُ فَإِذَا الطَّعَامُ مَوْضُوعٌ فِي دَارِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا مَعَاشِرَ التُّجَّارِ، تُرْبِحُونِي عَلَى شِرَائِي مِنَ الشَّامِ؟ قَالُوا: لِلْعَشَرَةِ اثْنَا عَشَرَ، فَقَالَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَدْ زَادُونِي، قَالُوا: لِلْعَشَرَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَقَالَ عُثْمَانُ: قَدْ زَادُونِي قَالُوا: لِلْعَشَرَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ قَالَ عُثْمَانُ: قَدْ زَادُونِي قَالَ التُّجَّارُ: يَا أَبَا عَمْرٍو؛ مَا بَقَى فِي الْمَدِينَةِ تُجَّارٌ غَيْرُنَا، فَمَنْ ذَا الَّذِي زَادَكَ؟ فَقَالَ: زَادَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِكُلِّ دِرْهَمٍ عَشْرَةً أَعِنْدَكُمْ زِيَادَةٌ؟ فَقَالُوا: اللَّهُمَّ لَا قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ هَذَا الطَّعَامَ صَدَقَةً عَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ)).
  16. سنن أبي داود، كتاب الزكاة، باب الرجل يخرج من ماله، رقم: (1673)، (1/ 524)، سنن البيهقي، باب من قال لا شيء في المعدن حتى يبلغ نصابا، رقم: (7432)، (4/154)، بلفظ: ((عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ بِمِثْلِ بَيْضَةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَبْتُ هَذِهِ مِنْ مَعْدِنٍ فَخُذْهَا فَهِيَ صَدَقَةٌ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهَا فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ رُكْنِهِ الْأَيْمَنِ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ رُكْنِهِ الْأَيْسَرِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَتَاهُ مِنْ خَلْفِهِ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَذَفَهُ بِهَا فَلَوْ أَصَابَتْهُ لَأَوْجَعَتْهُ أَوْ لَعَقَرَتْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَأْتِي أَحَدُكُمْ بِمَا يَمْلِكُ فَيَقُولُ هَذِهِ صَدَقَةٌ ثُمَّ يَقْعُدُ يَسْتَكِفُّ النَّاسَ خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى)).
  17. سبق تخريجه.
  18. سبق تخريجه.
  19. صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة، رقم: (3414)، (3/1321)، صحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم، رقم: (1064)، (2/741)، بلفظ: ((عن أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ" فَقَالَ: ((وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ)) فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ فَقَالَ دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَهُوَ قِدْحُهُ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ)).
  20. صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب بعث علي بن أبي طالب عليه السلام وخالد بن الوليد رضي الله عنه إلى اليمن قبل حجة الوداع، رقم: (4094)، (4/ 1581)، صحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم، رقم: (1064)، بلفظ: ((بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْيَمَنِ بِذُهَيْبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا قَالَ فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ وَأَقْرَعَ بْنِ حابِسٍ وَزَيْدِ الْخَيْلِ وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلَاءِ قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَلَا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً قَالَ فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ نَاشِزُ الْجَبْهَةِ كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ مُشَمَّرُ الْإِزَارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ قَالَ وَيْلَكَ أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الْأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ قَالَ ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ قَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ قَالَ لَا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي فَقَالَ خَالِدٌ وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ قَالَ ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُقَفٍّ فَقَالَ إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ وَأَظُنُّهُ قَالَ لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ)).
  21. المعجم الأوسط الطبراني، رقم: (2180)، (2/344)، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، بلفظ: ((مَا دَخَلَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا نُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَه))، وفي مسند البزار، رقم: (7002)، (13/ 359)، بلفظ: ((مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إلاَّ زَانَهُ، ولاَ كَانَ الْخُرْقُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إلاَّ شَانَهُ، وَإِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ))، عَن أَنَسٍ رضي الله عنه.
  22. صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب وإنْ طائفتان من المؤمنين اقتتلوا، رقم: (31)، (1/20)، صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب إذا تواجه المسلمان بسيفهما، رقم: (2888)، (4/ 2213)، عَنْ أَبِي بَكَرَةَ رضي الله عنه.
  23. سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب كراهية ترك الغزو، رقم: (2504)، (2/13)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (12268)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، بلفظ: «جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ».
  24. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان، رقم: (15)، (1/14)، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب وجوب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من الأهل والولد والوالد والنَّاس أجمعين..، رقم: (44)، (1/67)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، وفي تعظيم قدر الصَّلاة للمروزي، رقم: (469)، (1/452)، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، بلفظ: ((لَا يَطْعَمُ أَحَدُكُمْ طَعْمَ الْإِيمَانِ حتَّى أَكُونَ أَنَا أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ، وَنَفْسِهِ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ، وَمِنَ النَّاس أَجْمَعِينَ)).
  25. ذكره البخاري، بَابٌ العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ وَالعَمَلِ في المقدمة دون سند، سنن أبي داود، كتاب العلم، باب الحث على طلب العلم، رقم: (3641)، (2/ 341)، سنن الترمذي، كتاب العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، رقم: (2682)، (5/ 48)، عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه.
  26. سنن الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب من سورة ص، رقم: (3235)، (5/368)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (22109)، (36/422)، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه.
  27. سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب من يؤمر أنْ يُجالِس، رقم: (4833)، (2/675)، سنن الترمذي، أبواب الزهد، رقم: (2378)، (4/589)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (8398) (2/ 334)، شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (9436)، (7/ 55)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
  28. المعجم الكبير للطبراني كما عزاه له الهيثمي في بغية الرائد (1/403)، ومعرفة الصحابة لابن منده كما عزاه السيوطي في الدر المنثور (2/301).
WhatsApp