تاريخ الدرس: 1992/09/04

في رحاب التفسير والتربية القرآنية

مدة الدرس: 00:57:20

سورة المجادلة: الآيات 12-17 / الدرس 4

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلوات وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى أبيه سيدنا إبراهيم، وعلى أخويه سيدنا موسى وعيسى، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وآل كلٍّ وصحب كلٍّ أجمعين، وبعد:

سعة رحمة الله تعالى

فنحن في تفسير بعض آيات من سورة المجادلة، وكم كانت عناية الله بالإنسان عظيمة؛ سواء الرجل أو المرأة، سواء المؤمن وغير المؤمن، سواء الحر أو العبد، سواء القوي أو الضعيف.. ذات مرةٍ رأى أحدُ أصحاب رسول الله ﷺ عشّ طائرة وقد قعدت فوق أفراخها الصغار، فأخذهم وطارت أمهم، وهم في ذيلِه والأم تطير فوق رأسه، ثم نزلت فوق أولادها فاحتضنتهم وهم في ذيله وثوبه، وضحَّت بحياتها في أخطر الأخطار، ألقت بنفسها رحمةً بأولادها، فصار المنظر عجباً بأن تلقي الطائرة بنفسها بذيل هذا الصحابي، فأخذ هذا المنظر إلى النبيَّ عليه الصلاة والسلام؛ لأنه منظرٌ غريب وعجيب، الأم ترمي بنفسها في الهلكة رحمةً وحنانًا بأولادها، فأظهرَ الصحابةُ كلهم تعجُّبَهم، فشيءٌ مستغرَب! فقال عليه الصلاة والسلام: ((أتعجبون من حنان ورحمة هذه الطائرة بأفراخها؟ لَلهُ أرحمُ بعباده يوم القيامة من رحمة هذه الطائرة بأفراخها)) 1 فكم هو حب الأم! فالله يحبنا أكثر من محبة الأم لولدها والطير لفراخها، ولذلك أيضًا: ورد عن رسول الله ﷺ بأن: ((الله خلق مئة رحمة، أودع منها رحمةً في الدنيا؛ فبهذه الرحمة ترفع الفرسُ حافرها عن مُهرها وفُلوِّها حتى لا تطأه)) ولا تدوسه، وبهذه الرحمة تسهر الأم طيلة الليل موجوعة جائعة لتأمين راحة رضيعها وطفلها وابنها ((وادَّخر تسعةً وتسعين رحمةً لعباده يوم القيامة ليرحمهم بها)) 2 ويضيف إليها رحمة الدنيا.

فمِن رحمة الله الواحدة في الدنيا أن الله عز وجل ساوى بين كل مخلوقاته من الناس: بين أسودِهم وأبيضِهم في حقوق الحياة، وبين ذكرِهم وأنثاهم، بل إن الله عز وجل حمَّل الرجُلَ الأعباء، وأعطى للمرأة حقوقًا أكثر من الرجل، أعطاها من الحقوق أنَّه لم يكلِّفْها بالإنفاق على نفسها، فإن كانت بنتًا فعلى والدِها، وإن كانت أختًا فعلى أخيها، وإن كانت أمًّا فعلى ابنها، وإن كانت زوجةً فعلى زوجها، يعني: سيِّدة مكرَّمة مخدومة، أما المرأة الأوربية فإنها مسكينةٌ، هل هُيّأت لها هذه الامتيازات؟ دكتور أويس: أنت نشأت وتعلمت في أمريكا، هل لديها هذه الامتيازات؟ دكتور عارف: -حفظكَ الله- هل يوجد هذا الشيء في فرنسا؟ ونحن مع عميق الأسف فإن عقدة الشعور بالنقص، وعقدة الشعور بتفوُّق الإنسان الأوربي جعلتنا نقلِّدهم من غير أن نستعين بضوء العقول لنبصر بها طريق البحث والمعرفة للحقيقة.

تكريم الإسلام للمرأة

روى لي أحد سفرائنا السوريين -لعله كنا في مؤتمر في بولونيا- أن جارة لبيتهم لفت نظرها بقاء زوجته في البيت وعدم خروجها للعمل، وبعد شهر أو شهرين جاءت زائرةً وقالت لزوجته: “لا أراكِ تخرجين من البيت، أليس لكِ عملٌ تعملينه؟” حتى تقومي بأداء واجب حياة الأسرة والإنفاق عليهم؛ لأن الإنفاق على الأسرة هناك هو من واجبات المرأة كما هو من واجبات الرجل، فأولادها تضعهم بين يدي الحاضنات الخ، فقالت لها: “لا”، قالت لها: “وكيف ذلك؟!”، قالت لها: “لأننا مسلمون، والإسلام لم يفرض الإنفاق ومسؤولية أمور البيت ونفقاته على المرأة، سواء زوجةً أو بنتاً أو أختاً أو أمّاً”، فقالت لها: “أبداً أبداً؟”، قالت لها: “أبداً”، قالت لها: “لا يمكن، لا يُصَدَّق!”، قالت لها: “بل هو كذلك”، قالت لها: “هنيئاً لَكُنَّ يا مسلمات، يا ليتني كنت مسلمةً مثلكنَّ! لأنني أتعب، وبالكاد أستطيع الانتهاء من واجباتي البيتية من صنع الطعام لأولادي صباحًا وما إلى ذلك، ثم أمضي فورًا إلى المنازل لأنظفها، أو إلى المعامل لأعمل بها كأيِّ عامِلٍ آخر، أو إلى مكبِّ النفايات” أنا رأيت بعيني هذه امرأةً تمسك عَصًا [مكنسة] طويلة في الشارع وتكنس النفايات، هل هناك بينكم من تعملُ زوجته عاملةَ نظافة؟ بل إن في كتب الفقه من الأحكام أن الأم المرضعة لو امتنعت عن الإرضاع إلا بأجرة فيجب على الزوج أن يدفع أجرة رضاعها لولدها!

لا يوجد أي قانون في الدنيا ولا يخطر على البال أن المرأة مكرَّمة في الإسلام بهذا الشكل وإلى هذه الدرجة! لكنَّ الذي أساء فهم حقوق المرأة في الإسلام، وأساء إلى الإسلام في كل شؤونه هو سوء تصرّف المسلمين في حياتهم وأعمالهم وسلوكهم، حتى ظنَّ الناس أن أعمال المسلمين وواقعَهم وسلوكَهم هو الإسلام، مع أن المسلمين في العموم الغالب -إلا القليل- هم في جاهلية جهلاء ولو صلّوا ولو صاموا! ((كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، وكم من متهجِّدٍ في الليل ومصلٍّ ليس له من صلاته وتهجّدِه إلا السَّهر)) 3 ، و((ليس كل مصلٍّ يصلِّي)) 4 إذا لم تنهك صلاتك عن النقائص والرذائل والفواحش والظلم والفاحش من القول والخُلُق والنطق؛ فأنت لستَ بمصلٍّ، لأن حقيقة المقصود من الفرامل التي في السيارة أن تُوْقِفَ السيارة عند اللزوم أو عند الخطر فيما إذا ظهرَ أمامك وادٍ أو اعترض طريقكَ إنسانٌ وأنت مسرع، وإذا ضغطت على الفرامل وكانت أوعية الزيت أو الهواء مثقوبة فهل تقف السيارة؟ ستسقط إذا كنت بجانب الوادي، وإذا كان أمامك إنسان فستدهسه، وإذا كانت هناك شجرة أو صخرة أو جبل فسوف تصطدم بها، فوجود الفرامل صار كـعدمه، كذلك صلاتك إذا لم تعط هذه النتائج.. ومثل الأجهزة الكهربائية، فالمراوح تخفِّف من شدَّة الحرِّ، والمصابيح تضيء، والمذياع يكبِّر الصوت، ولكن إذا لم توجد الكهرباء فما الفائدة من كل هذه الأجهزة؟ بل لا يكون منها إلا دفع الثمن، والتَّضرُّر بالخسائر بلا مقابل من أي منفعة!

القرآن ينتصر للمرأة

نرجع لتفسير سورة المجادلة، امرأة واحدة ظُلِمَتْ بسوء استعمال ما هو شبيه بالطلاق، فانتصر الله للمرأة من الرجل، وأنزل جبريل عليه السلام بالوحي على النبي ﷺ، وأنزل آيات تتلى إلى يوم القيامة يقرؤها آلاف المليارات من الناس تثبيتًا وإقرارًا واعترافًا بانتصار الله والقرآن والإسلام للمرأة، ومع أن الجدل مذموم، لكنْ سماها المجادِلة، وليس ذلك ذمًّا، وإنما انتصاراً لها ودعماً لحقِّها، وتثبيتاً لموقفها في سماع شكواها وظلامتها، فهذا الإسلام يا بني في هذه القضية، ليس في هذه القضية فقط؛ بل في كل قضايا الحياة وما بعد الحياة، كل ذلك رحمةً للعالمين وإسعاداً للإنسان.

خطر مرض الإيدز على أمريكا

حدَّثني أحد إخوانكم -الدكتور بسام الشاعر- عندما كنت في طريقي إليكم، عن عالِمة كبيرة جرَّاحة في أمريكا، ألقت محاضرة وامتنعت كل الإذاعات الصوتية والمرئية عن إذاعتها إلى أن سمحت إذاعة صوتية لها -أين الدكتور بسام؟ في الصالون! كنت أحب أن تسمعوها منه- تقول في محاضرتها: “طفيليُّ الإيدز” عادةً الطبيب عندما يريد أن يعقِّم يديه بالكحول، فإنَّ الجرثوم أو الميكروب يموت لهشاشته، أما جرثوم وميكروب الإيدز “طفيلي الإيدز لا يموت بكل هذه الكحول، عنده من الصلابة والمناعة ما لا يتأثر بأيِّ شيءٍ” تفضل إلى هنا يا دكتور، اِروِ لنا، “من فَمِك يا كحلى أحلى” [مثل شعبي يقال للشخص الذي شهد الحادثة أو طريقة روايته لها أجمل] أعطوه الميكروفون، جاءه شريطان باللغة الإنكليزية سنترجمهم، وكلكم إن شاء الله تسمعونهم بالتفصيل، والآن تسمعونها بالإجمال.

كلام الدكتور بسام الشاعر عن مرض الإيدز

[الدكتور بسام يتكلم: “طبعًا مرض الإيدز مرض خطير، وزارة الصحة الأمريكية تقول بأن جرثوم الإيدز جرثوم هش، يعني مرض سهل بالإمكان تجاوزه، فهذه الطبيبة من خلال دراستها أثبتت بأن هذا الجرثوم جرثوم صعب، وأنه ينتقل بشكل سريع وخصوصًا عن طريق العلاقة الجنسية، وإذا كان هناك خدوش أو جروح، أيضاً يمكن أن ينتقل عن طريق اللعاب، طبعاً نشر هذه المعلومات تسبب امتناع أطباء الأسنان من معالجة أسنان المرضى المصابين بالإيدز، فمنعت الطبيبة من إلقاء المحاضرة في الأماكن العامة، أيضاً أكدت أن نسبة المرضى المصابين بالمرض تقدر بحوالي 18 % من مجموع سكان أمريكا.

(سماحة الشيخ يقول: 18 % من مجموع سكان أمريكا، فإذا كان 10 % يكون المجموع 28 مليون، أضف إليهم إلى ما يصل إلى 40 مليون، هؤلاء كلهم محكومون بالإعدام)، طبعاً المريض المصاب بالإيدز لا يموت مباشرة، فقد يعيش خمس سنوات أو عشر سنوات حتى يصل إلى المرحلة النهائية للمرض، فعمليّاً تقول بأن 18 % من السكان مصابون بهذا المرض، ومع نسبة التكاثر تتزايد عدد الإصابات، حتى أنه ضمن دراستها وجدت أن ثمانين بالمئة من سكان الولايات المتحدة قابلين للمرض سنة 2000م، (إذاً: 80 بالمئة محكومون بالإعدام) طبعاً هذه المعلومات لم تصادق عليها الحكومة، فلم تسمح لها بإذاعتها في الإذاعات العامة، حتى سمحت لها إذاعة محلية بإلقائها خلال محاضرتين أو ثلاثة، وإن شاء الله نحاول ترجمتها”.

ما سبق هو كلام الدكتور بسام الشاعر]

تعقيب سماحة الشيخ على المعلومات عن مرض الإيدز

نحن لا يسهل علينا [ولا نرضى] بهلاك أي إنسان، ونحب أن نكون كما ورد في الحديث ((الخلق كلهم عيال الله، وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله)) 5 ، إذا كان في تقدير هذه الطبيبة الأمريكية الجراحة أنَّ الإصابة الآن في سكان أمريكا 18%، يعني حوالي 40 مليون، وفي نهاية عام (2000م) سيكون 80% من سكان أمريكا مصابين، فهذا يدل على فناء أمريكا، ولا نقول هذا شماتةً، وأسأل ربي وأرجو أن يشفيهم الله كلهم، فهذا أسعد لقلبي وقلب كل إنسان، لأنَّ الإنسان يجب أن يحب لأخيه الإنسان ما يحبُّ لنفسه! ولكنْ إذا كان النَّبيُّ ﷺ قد أخبر قبل خمسة عشر قرنًا بمثل هذا الحال -وفي أوروبا أظن أنه لا يوجد إيدز أبداً، ما رأيك دكتور أويس؟ [يسأل سماحته ممازحاً] هل يوجد؟ [يجيب الدكتور بنعم وأن الحال مثل أمريكا] إذن مثل أمريكا- فالنَّبيُّ ﷺ يقول: ((أسرع الأرض خرابًا يُسراها)) في البلاد الشيوعية يقفون الآن طوابير من أجل رغيف الخبز وهم يتقاتلون، الرغيف: بعد سبعين سنة من الشيوعية فقدوه، وبعضهم يبيع أولاده من أجل أن يأخذ رغيفاً عوضًا عن الولد حتى يتغلَّب على جوعه ((أسرع الأرض خرابًا يُسراها)): اليساريين ((ثم يمناها)) 6 أمريكا تعتبَر دولة يمينية أم يسارية؟ وفرنسا وألمانيا وإنكلترا وغيرها؟ وليس معنى ذلك أنَّنا نحن المسلمين نسير على الصِّراط المستقيم تمامًا، لا واللهِ يا بني، والله نحن كما قال سيدنا عليّ رضي الله عنه: “سيأتي زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمُه ولا من القرآن إلا رسمُه” 7 .

استنكار الإسلام للظِّهار

نرجع لدرسنا “المجادلة”، فكم استنكر الإسلامُ في القرآن عن الله عز وجل وعن السماء من أجل الانتصار للمرأة المظلومة، وكم وبّخ وأنّب الرجل الظالم لها عندما ظاهَر منها كما يطلِّقُ الرجل امرأته، يعني حرَّمها على نفسه، فالله عز وجل وبَّخه وأنَّبه فقال: ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا والمنكر هل يجب أن نسكت عليه أم ننكره؟ فالله أنكر عليه واستنكره ﴿مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا [المجادلة: 2] يقول لها “أنتِ مثل أمي!” قال له: أنت كذَّاب، وعملك هذا غير مقبول ومردود ومضروب بوجهك، وينبغي أن تتراجع، قال: “نعم أتراجع”، قال له: “لا أقبل تراجعك إلا بعد عقوبة” ما العقوبة؟ خمسون ضربة بالعصا! ماذا نستفيد من خمسين ضربة بالعصا؟ نريد عقوبة تحصل منها فائدة ولا يحدث فيها ضرر، قال: “اذهب إلى إنسان رقيق -عبد- فحرِّرْه”، أما إذا سُجن فما الفائدة من سجنه؟ لذلك هل وجدت السجون في حياة النبي ﷺ؟ وقال: إذا لم تستطع فيجب أن تصوم ستين يومًا متتابعًا، وإذا أفطرت في اليوم التاسع والخمسين فيجب أن تعيد الصيام من البداية حتى تتمكَّن من ضبط إرادتك وكلماتك، فلا تظلم بالكلمة المرأةَ أو أي إنسان كان، فإذا لم تستطِع ﴿فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا [المجادلة: 4] وسمِّيَت وخُلِّدَت هذه الظلامة للمرأة باسم المجادِلة أي المدافِعة التي استجابت لها السماوات بكل ما فيها من ملائكة ومخلوقات وبلسان فاطر وخالق السماوات والأرض.

الخلق كلُّهم عيال الله

ليست المرأة فقط، فلو ظلمت حيواناً صغيراً، أليس هو من الخَلق؟ والخلق عيال الله: ((الخلق كلهم عيال الله)) 8 ، ألم يترجم النبي ﷺ هذا المعنى بعدة أحاديث فقال: ((دخلت امرأة نار جهنم في هرة)) من أجل قِطَّة ((حبستها، فلا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض)) يعني تصطاد لوحدها ((حتى ماتت)) 9 فأيُّهما أعظم حرمة: الإنسان أم القطة؟ هل قال الله جل وعلا “ولقد كرَّمنا القطط”؟ قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ [الإسراء: 70] أما في الحقوق فالقطة لها حقوق أيضاً، وقانون الله لم يشرَّع للإنسان فقط؛ شُرِع للإنسان وللقطط وللأفاعي والثعابين، فالثعبان والعقرب مع أنَّهما مؤذيان ويُقتَلان، لكنْ إذا أردْتَ أن تقتله فاقتله بلا تعذيب، يقول النبي ﷺ: ((إذا قتلتم فأحسِنوا القِتلة)) فلا تقطع يده ثمَّ رجله وتعذبه، والأفعى كذلك لا تعذبها؛ اقتلها بضربة واحدة، ((وإذا ذبحتم فأحسِنوا الذِّبحة)) 10 فلا تكون السكينة مثلَّمة.. رأى النبي ﷺ جزارًا يذبح شاةً أمام أختها، ما الشاة؟ الغنمة، فقال له النبي ﷺ مستنكرًا عملَه هذا، ما موضع الاستنكار؟ فقال له عن رفيقتها: ((أتذبحها مرَّتين؟!)) 11 لأنها ترى أختها تذبح أمامها: كأنها ذُبِحَت، والحيوان يعرف الحياة والموت؛ ولذلك يفرُّ من كل ما يعرِّضُه للأذى أو للموت.

هذا الدِّين أليس خسارة في المسلمين في هذا العصر وفي العصر الذي سبقه والذي قبله؟ ليس لنا حق في الانتساب إليه؛ لأنّنا نشوه الإسلام بنسبتنا إليه! الإسلام هو الإنسانية الكاملة بلا تحيُّز: ((يا فاطمة بنتَ محمَّد اشترِ نفسكِ من الله)) 12 ، ((لو أن فاطمة بنت محمد سرقتْ لقطعتُ يدها)) 13 ، أمريكا التي نصَّبت نفسها أمّ الشعوب في الرُّقي والتَّقدُّم، هل تساوي في المعاملة بين الإنسان الأمريكي الأبيض والأسود، بين الإنسان الأمريكي وغير الأمريكي؟ أما عند الله فالخلق كلُّهم عباده، لم يقل: “أمريكي” والبقيَّة “إنكليز” والآخرون “عرب”! الله هو خالق الجميع! هذا الإسلام الضائع بين من لا عقول لهم، والمجهول، ومع أنه يُقرأُ كتابه ليل نهار!

تحريم الخنزير والخمر سبق اكتشافات القرن الحديث

إن العلم اليوم يَتَعَرَّف على القرآن! وقد حُرِّم الخنزير قبل خمسة عشر قرنًا، ولكن العلم وبكل تقدُّمه بقي إلى اليوم حتى اكتشف بأن في الخنزير ستين مرضًا تسري إلى آكله، ولذلك بدأ الغرب الآن باستبدال قطعان الخنازير بقطعان الغنم.. الخمر: سمعت مرتين من أسبوعٍ في إذاعة لندن أنَّه في مؤتمر دولي مؤلَّف من أكثر من خمسين دولة، كلها تُجْمِع على وجوب تحريم الخمور كتحريم المخدرات وتحت ظل القانون والملاحقة، هذا قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ [المائدة: 90] وذكروا ما هي الأضرار، وأن ما تدفعه أمريكا وحدها تكلفة لأضرار الخمور يُقدَّر بمليارات الدولارات آخر السنة! وهذا كله بعد خمسة عشر قرنًا، أما النَّبيُّ الأميُّ ﷺ سبقهم في ذلك وفي أُمّةٍ أميَّة.. أمريكا في سنة العشرين حرَّمت الخمر -قانونًا- إلى سنة ثلاث وثلاثين وفشلت في التحريم! حيث صاروا يصنعون الخمور من المواد الرديئة التي يزداد فيها الضَّرر أضعافًا مضاعفة، فلما رأتْ أنَّها ستنتقل من خمر ضرره 100% إلى خمر ضرره 500% تراجعتْ ذليلةً فاشلةً مقهورةً، والآن يحاولون أن يعيدوا الكَرَّة، والإسلام خَلَقَ البَر والنظيف فلا يوجد خمر ولا مخدرات، ولا مظلومة ولا ظلم للعبيد: ((إخوانكم خَوَلُكم، فمن كان عنده مملوكٌ فلْيُطعمْه مما يأكل، ولْيُلبِسْهُ مما يلبس)) 14 ((ولا تقل: مملوكي ومملوكتي، قل: فتاي وفتاتي)) 15 ، فحفظَ كرامته المعنوية، ثم فتح له باب التحرُّر، ولكنْ بعد التعلُّم والتفقّه قال: ﴿فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا [النور: 33].

وكان الرق في الإسلام كقانون تعليم إجباري للأسير -الذي يسمَّى كافرًا! يعني الجاهل والظالم والوحش والحيوان والشيطان- حتى ينتقل إلى صفوف الملائكة، فإذا صار إنسانًا كاملًا.. فكان الإسلام يضع له الوسائل لتحريره من الرِّق الخ.

الإيمان القوليّ والعمليّ

نعود إلى درسكم الأساسي فدرسكم اليوم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً [المجادلة: 12] في أول السورة كانت هناك مناجاة وحوار وجدال بين النبي ﷺ وبين المرأة المظلومة “خولة” من زوجها “أوس بن الصامت” الذي ظاهَر منها: يعني حرَّمها على نفسه وحبسها عن أن تتزوج بغيره، زوجة لكنْ بلا حقوق الزوجية! فهذا الحوار وهذه المناجاة والكلام الذي قالت السَّيدة عائشة رضي الله عنها: “كنتُ إلى جانب رسول الله ﷺ وتُكلِّمه خولة وأنا لا أسمع كلامهما”، بعد ذلك ذكر الله تعالى بأنَّه يعلم كل نجوى بين أيِّ متحادِثَيْن أو متحدِّثِيْن ﴿مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ [المجادلة: 7] كما أنه ﴿سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ [المجادلة: 1] أيضًا يسمع قولك إذا كنت تدبِّر مؤامرة لغيرك، أو تغتابه، أو تدبِّر خديعة أو حيلة أو خيراً أو شراً، كلُّ ذلك: ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق: 18] هل تؤمن أنت بهذه الآيات أنها قرآن كريم؟ نعم، إذن ما المقصود من هذا الإيمان؟ إذا آمنت أنَّ هذه أفعى، ولففْتَها على رقبتك تريد أن تلبسها كربطة عنق، وتقول: “أنا مؤمن بأن الأفعى قاتلة، وسمَّها قاتل، ولدغتها مميتة”، وتقرأها بالتجويد والقلقلة والمدود؛ بالمتصل وبالمنفصل، وبعد ذلك أين وضعتها؟ على رقبتك.. فهل نصدق إيمانك اللساني أو كفرك العملي؟ ماذا؟ تكلَّموا! ﴿آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ [المائدة: 41] لو آمنتَ أنها أفعى فإنَّك لن تلمسها بأصابعك، كذلك يا بني الإيمان!

ضرورة وجود المعلم، الإسلام لا يدخل في معركة ويخرج منها منهزمًا

كان سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه يقول لبعض التابعين: “لو قُطِّعْتَ إِرَبًا إرَبًا فلن تبلغ حقيقة الإيمان!” حقائق الإيمان بحاجة إلى تربية وبحاجةٍ إلى مربٍّ وارتباط، كان رسول الله ﷺ أحبَّ إلى الصحابة من آبائهم وأمهاتهم وأموالهم وأرواحهم.. لأنَّ السيارة لن تعمل إذا لم تسلِّمها بكلِّيتِها لمصلح السيارات؟ وإذا وضعتها في بيتك ومصلح السيارات في دكانه فهل تُصلَّح؟ الطبيب في عيادته والمريض في بيته فهل يُشفى من المرض؟ والذي لا شيخ له ولا مربٍّ ولا معلِّم، كيف يصير مسلماً؟ والمرأة التي لا معلّم لها ولا مربّ، كيف ستكون مسلمة؟ الإسلام علم بحاجةٍ إلى المعلم، وتربية بحاجة إلى المربي، وحكمة بحاجةٍ إلى الحكيم العاقل الذي يعلمك الحكمة حتى يصير عملك كله ناجحًا وكله مصيباً وكله نافعاً وكله خيراً لك وللمجتمع، هذا هو الإسلام! الإسلام لا يدخل في معركة ويخرج منها منهزمًا، والإسلام لا يدخل في مجتمع فقير إلا ويحوِّله إلى مجتمع غني، ومن مجتمع جاهلٍ إلى مجتمع عالِمٍ، ومن مجتمع ضعيفٍ إلى مجتمعٍ قويٍّ! المسلمون بالعكس الآن؛ معنى هذا -واللهِ- لا يفهمون الإسلام!

أدب مناجاة الرسول ﷺ

فنرجع إلى موضوع المناجاة والأحاديث بين أعداء الإسلام وأعداء النبي ﷺ والمنافقين واليهود.. وكان هناك شيء من النجوى يخصّ النبي ﷺ، فكان الناس لشدَّة حبهم للنَبيِّ ﷺ كلما عَرض لهم أمر يعرضونه على النبي ﷺ، وعندما اتَّسعت دائرة الإسلام لم يعد النَّبيُ ﷺ يستطيع متابعتهم جميعًا، فكل شخص له حاجة ويحتاج إلى جلسة خاصة؛ نصف ساعة أو ربع ساعة، يعني عشر أو خمس عشرة ساعة في اليوم، والباقي! ومنها الأمر الهام الضَّروري ومنها غير الضَّروري، فثَقُلَ الأمر على النَّبيِّ ﷺ وتعب وصار يَضيع على النبي ﷺ الكثير من حقوق الآخرين؛ من حقوق أهله وحقوق جسده وحقوق راحته، وهل النَّبيُّ ﷺ من فولاذ؟ يعني كل واحد يأتي وكأنه لا يوجد غيره هو والنبي ﷺ! أما هذه الأمة وهذه الآلاف كأنها غير موجودة! لذلك إذا أراد النبي ﷺ أن يعتذر يجد مشقة، وهل النبي ﷺ متفرّغ كل النهار، هذا لا يصح! ومن شدّة العبء والثقل على النبي ﷺ من الملاقاة والاستقبال أنزل الله عز وجل هاتين الآيتين لينظِّم اللقاءات بين النبي ﷺ وبين المسلمين؛ فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ يعني إذا أردتم أن تلتقوا وتتحدَّثوا معه بحديث يهمكم؛ بسؤال أو فتوى أو قضية أو غير ذلك ﴿فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً [المجادلة: 12] يعني ينبغي أن تدفع أولًا المال ضريبة اللقاء مع النبي ﷺ والتحدث والتناجي إليه.

الإيمان ينفعك في الدنيا والآخرة

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أي: الذين صدَّقوا وتقبَّلوا الإسلام بأوامره لينفِّذوها، وبمحارمه ليتركوها، وبأخلاقه التي آمنوا بها ليتخلَّقوا ويتَّصفوا بها، هل أنتم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا؟ هل أنتم من الذين آمنوا؟ إذا كان الجواب نعم فهناك امتحان؟ يعني هل يصِحُّ أن يأخذ الإنسان شهادة طبيب بلا فحص؟ وهل وصف “طبيب” أعظم وأغلى أم وصف “مؤمن” ﴿لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا [الكهف: 107]؟ أيُّهما أعظم؟ فكلمة “طبيب” بمجرد أن تفارق روحه جسده صارت بلا فائدة؛ وشهاداته وكتبه لم يعد يستفيد منها، أما الإيمان فينفعك في الدنيا والآخرة وإلى أبد الآبدين، هل صرت من: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا؟

كنت في الصين السنة الماضية أمشي في الشارع فأتاني شخصٌ، والمسلمون هناك شعارهم: لبس الطاقيَّة البيضاء على رأسهم، وأنا ألبس طاقيّة، التفت إليّ وقال لي: “الله أكبر”؟ يعني “هل أنت مسلم؟” هو لا يعرف قول: “هل أنت مسلم؟”، يعرف “الله أكبر” أنَّها هذه شعار المسلمين في صلاة العيد أو في الصلوات العادية، قلت له: “الله أكبر” فضمَّني وعانقني وصار يبكي، قلت: “صلى الله عليك يا سيدي يا رسول الله، بعد خمسة عشر قرناً، ألف وخمس مئة سنة تقريبًا وهذه الرابطة: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات: 10] ما وَهَنَت!”

الفرق بين الإسلام والوطنية

هل الوطنية أو القومية أو العروبة هكذا؟ اللبنانيون الآن أليسوا عربًا، أليسوا قوميين؟ لماذا لا يقبلون بالانتخاب؟ قال: خائفون من الاتحاد مع سوريا، هل هذه هي العروبة؟ هل هذه هي القومية؟ الإسلام لم يوحّد العرب مع بعضهم البعض فقط، بل وحدهم مع الترك ومع العجم ومع الأفغان ومع الباكستان ومع الهند ومع أندونيسيا، وخمسة عشر قرنًا 1414 سنة، ولا يزال المسلم أخ المسلم، وهذا بالإسلام الضعيف! ونحن في عزّة القومية وهذه هي حالنا، هل توحَّدت دولة عربيَّة مع دولة عربية؟ بلاد الشام: فلسطين والأردن وسوريا ولبنان، خمسون سنة في ظل القومية والعروبة؛ هل توحَّدنا؟ أما في ظل الإسلام الحقيقي فهل توحَّد العرب؟ توحدوا من اليمن إلى حدود جبال طوروس، وفي 30 أو 40 سنة توحَّدوا من حدود الصين إلى حدود إسبانيا، فأيُّهما أقوى؟ الوحدة العالمية؟ أم الوحدة الأنانية؟ وهذه الوحدة تعني وحدك، فكل شؤونك لوحدك ولمصلحتك ولشخصك، هذه هي الوحدة! ولماذا وُجِد الإسلام؟.. لا أحد يستطيع أن يرفض الجَمال، لكنْ الإسلام معروف في أعمالنا وسلوكنا بشكلٍ جاهلي ومعكوس ومنكوس، ولا أحد يستطيع أن يقول عن هذه الورقة البيضاء أنَّها سوداء، لكنْ إذا كان في ظلمات الليل أو أعمى فلا يُفَرِّق ويشكّ، وإذا انعدم الضوء أيضًا هو في شك؛ أما إذا استطعت أن تضيء له الضَّوء العقلي والمنطقي فلا يمكن أن يقول عن الأبيض أسود.

هناك محبُّون لكن بعقول صغيرة

﴿إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ ما معنى ناجيتم؟ يعني إذا زرتموه أو تحدثتم معه بحديث خاص وأخذتم من وقته وجهده وراحته وحق عائلته، يعني أليس النبي ﷺ إنسانًا؟ وزوجاته أليس لهن حق به؟ وهل كل الحق للصحابة؟ وجسده ألا يتعب؟ أليس له حق في أن يرتاح؟.. مرة كنت قادماً من الحج وجاءني أحد المحبِّين لكنه قليل الفهم، والحاج يستقبل الناس إلى ساعة متأخرة من الليل، أنا صليت الفجر في الجامع وذهبت إلى البيت فتبعني، قلت له: خيراً إن شاء لله! وقال لي: “الحمد لله على السلامة” قلت له: “هل الزيارة الآن؟ يعني من طلوع الشمس إلى المغرب وإلى العشاء وإلى ما بعد العشاء!” قال لي: “والله قلت لا تكون فارغاً إلا في هذا الوقت” قلت له: “ألا تفكر أنني الآن يجب أن أرتاح حوالي ساعة؟” هو محِبٌّ ولكنَّه لا يفهم.. مثل الأب الذي كان مريضًا، وابنه يبعد عنه الذُّباب، والذُّباب يعاود الرجوع، فأحضر الابن صخرة الطاحون الخاصة بالبيت، وترك الذُّباب يتجمَّع على أنف أبيه وعلى عينيه وعلى فمه وضرب الذُّباب كلّه بحجر الطاحون! من أجل أي شيء؟ هل هذا نكاية بأبيه أو عداوة لأبيه؟ لا، كان بأحسن النوايا، لكنْ بأقذر العقول وأحمقِها، فقتل أباه! وكم ذبابةً قتل؟ هذا الذي نيته طيبة لكن لا يوجد عنده عقل! “قراءة تشوك، لكنْ عقل يوك” [كلمتان في اللغة التركية متداولة على ألسنة الناس في سوريا كمثل شعبي] يعني يقرأ كثيرًا لكنه لا يفهم!

أدب زيارة النبي ﷺ

لذلك حتّى يعمل “فرامل” [مكابح] ليرتاح النبي ﷺ، وليعطي أهله حقَّهم أيضًا.. عندما تزوج النبي ﷺ بزينب بنت جحش رضي الله عنها، صنع طعامًا للنَّاس وأكلوا، وبعد انتهاء الطَّعام لم يغادر بعض النَّاس منزل النَبيِّ ﷺ، والنَبيُّ ﷺ كان لا يقابل أحدًا بما يكره، ((وكان أشدَّ حياءً من البِكْرِ في خِدرِها)) 16 فلا يقابل إنساناً بما يكره، وإذا عمل معه شخص ذنبًا أو خطيئة لا يقول له “أنت فعلت”، كان يقول: ((ما بال أقوامٍ)) 17 ، فأراد أن يقول لهم: “انهضوا” فخرج من مكانه إلى حُجَرِ وغُرَفِ نسائه، وبقي حوالي ربع ساعة أو نصف ساعة، وهم في بيت النبي ﷺ يتسامرون، ورجع النبي ﷺ وإذا ثلاثة منهم لا يزالون موجودين، وبعض المسلمين كانوا يحضرون ويزورون النبي ﷺ ويدخلون بيته بلا إذن ولا دعوة، أو أنَّهم يأتون ساعة وضع الطعام -في موعد الغداء.. فلمَّا صار النبي ﷺ يخرج ويرجع ويعاود الدخول والخروج وهؤلاء لا يغادرون، أنزل الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ [الأحزاب: 53]، إذا كان بدعوة وبإذن فلا بأس، أما أن يدخل دون إذن ودون دعوة فلا يجوز، ولم يكن للبيوت أبواب، فكانوا يدخلون وينتظرون، ﴿إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ [الأحزاب: 53]، يأتون ويجلسون حتى يجهز الطَّعام، ينتظرون إناها يعني نضجها ﴿وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا [الأحزاب: 53].

يا بني إذا زرت إنساناً فلا تثقل على صاحب البيت، فقد يكون له عذر، ووقته ضيق وعليه أعمال وواجبات، إضافة إلى راحته وأهله.. وكانت نساء النبي ﷺ في ذلك الوقت لا تُحجَب عن الناس، فنزلت آية الحجاب: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب: 53]، هذه بسبب من؟ هذه بسبب الغليظين ثقلاء الدم، يعني هل يوجد ثقلاء في زمن النَّبيِّ ﷺ؟ في كل زمان يوجد منافقون، ويوجد كفار، ويوجد أعداء، ويوجد من يتكلَّم بحقِّ النَّبيِّ ﷺ.. قال: “كلما عَظُمَ شأنُ الرجل عَظُمَ أحبابُه وعَظُمَ أعداؤهُ، كثُرَ محبَّوه وكَثُرَ مبغضوه”، يا ترى أعداء النَّبيِّ ﷺ أكثر أم أعدائي أم أعداؤكم؟! هناك في أمريكا وروسيا وفرنسا هؤلاء الذين يعادون النَّبيَ ﷺ، ومقابل ذلك، فإنَّ أحباب النبي ﷺ أيضًا مليار أو يزيدون.. فأنزل اللهُ آية الحجاب، فكان أنس بن مالك رضي الله عنه -الذي هو خادم النبي ﷺ- قال له: التزم، فالتزم، ﴿إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ۚ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب: 53]، إلى آخر الآيات.

فالمناسبة هناك في العرس، وقد انتهى الغداء أيضًا، وكذلك مع الشيخ؛ دعه يرتاح، وكذلك عليك أن تراعي الحال مع أخيك أو صديقك، فعلى الإنسان أن يُقدِّر لكل مكان ولكل دعوة ما يناسبها.. وهنا في المناجاة والتحدُّث والسؤال والجواب والتعلُّم والتعليم، قال: ﴿فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ ۚ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا إذا كنت فقيرًا ولديك ضرورة فالله يسامحك في الضريبة ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [المجادلة: 13]، لكن هناك أناس أغنياء، كما يُقال: “لما صار في حِطِّي ما عاد صار في مطِّي” [مثل شعبي بمعنى: لما صار على الأمر بذل وإنفاق توقف عما كان يعمل]، ولم يعد يدخل كل يوم إلى بيت النَّبيِ ﷺ، يعني “نحن نحبُّ النبي ﷺ”، ولما صار هناك صدقة ونزلت الآية ﴿فَقَدِّمُوا أكثرهم لم يعد يرغب بالدُّخول إلى النبي ﷺ، لماذا؟ لأنَّه: ﴿فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً، والله تعالى يقول: ﴿ذَٰلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ أيضًا: ﴿فَإِن لَّمْ تَجِدُوا إذا لم تكن تملك المال، فأنت معذور ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ من الذي تلكَّأ؟ الذي لديه مال، ولكنَّه شحيح، ولم يدخل الإيمان إلى قلبه، أما إذا كان صاحب إيمان قلبي فلو قال له: ادفع روحك وحياتك من أجل دقيقة واحدة ونظرة واحدة، يقول لك: “أنا الرابح”.

تقديم الصدقات بين يدي مناجاة رسول الله ﷺ

﴿أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ؟ حرصتم على أموالكم، وظهر أنّ النَّبيَّ ﷺ رخيص في نظركم، علمًا أنّ المبلغ زهيد في الجلسة، وأنتم آثرت المال القليل على جلسة مع النَّبيِّ ﷺ، معنى هذا أنَّ إيمانكم لم يزل أعجرًا ﴿فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لا بأس ادخلوا بلا ضريبة يا بخلاء، ادخلوا بلا ضريبة أيها المدَّعون، لكنْ قال تعالى: ﴿فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ لعلَّ الصلاة تهذِّبكم وتنعش ضمائركم ووجدانكم فتشعرون من غير أن يأمركم الله تعالى بالفعل، ((إذا سرَّتْكَ حسنتُكَ وساءَتْكَ سيئتُك، فأنتَ مؤمن)) 18 ﴿وَآتُوا الزَّكَاةَ تدرَّبوا على بذل المال لأداء زكاة الفرض، هذه ليست من الزكاة؛ وهذه خارج الزكاة ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ هذه أوامر الله ويجب أن تطيعوه.. وهم لم يأخذوا بَعْدُ شهادة الإحسان الحقيقية، فإذا كان في الصَّفِّ الثَّاني الابتدائي هل يعطونه الشهادة الابتدائيَّة؟ يقولون له: “التزم بالدراسة والتزم بالمدرسة، وبعد أربع أو خمس سنوات إذا اجتهدت فسوف تأخذ الشَّهادة”، ﴿وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المجادلة: 13].

هذه إذا أردنا أن نَقْصِرها على النبي ﷺ؛ فإنَّ موعدها قد انتهى، لكن لماذا أنزلها الله تعالى في القرآن الكريم ونحن نتلوها ليل نهار؟ مَن وارث النبي بعد النبي ﷺ؟ وإذا كانت للنبي ﷺ خاصة فينبغي ألَّا يكون لوجودها فائدة في زماننا هذا! المسلمون الآن إذا أتاهم مثل هذا الأمر فكثير منكم مسكين، والشيطان يوسوس له وربما يقول أشكالًا وألوانًا بعد انتهاء الدرس، وأنا لست بحاجة أحدٍ منكم، ولكنَّه حكم شرعي وجزء علمي وتعليمي وتربوي في القرآن أريد أن أعلّمكم إياه، فـمن يقبله بفرحٍ وسرور -واللهِ- هو الموفَّق السعيد المقبول، والذي يرفض ويعترض على الله ويعترض على القرآن، فالحمير كُثُر، يعني إذا زادوا بضعة حمير فماذا يحدث في مملكة الله؟ هناك بغال كثر لا يفهمون، فلا يفهم البغل إلا بلغة البغال، أما لغة الملائكة ولغة القرآن، لغة الله ولغة النبي ﷺ لا يفهمها، فالذي يريد أن يبقى بغلًا فليبقَ كما هو، والذي يريد أن يصير من بني آدم ومؤمناً فهذا طريق الإيمان!

لا تتولَّوا قومًا غضب الله عليهم

ثم قال الله تعالى ﴿أَلَمْ تَرَ أيضًا من جملة المناجاة والتآمر على الإسلام، وهذه أتت بسبب المناجاة، لأن الآيات كلها كانت: ﴿مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ [المجادلة: 7]، ﴿نُهُوا عَنِ النَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ [المجادلة: 8]، الآن بشكل استطرادي: الذين يدَّعون الإسلام وليسوا مؤمنين حقًّا ((ليس الإيمان بالتمنِّي ولا بالتَّحلِّي)) 19 ، ولا بالادِّعاء؛ كل واحد يدِّعي أنَّه مسلم ومؤمن ومريد ومحب، لكنْ عند الفحص “عند الامتحان يُكرَمُ المرءُ أو يُهان”.

وكلٌّ يدَّعي وصلًا بليلى وليلى لا تُقِرُّ لهم بذاكَ

﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم [المجادلة: 14] الذين غضب الله عليهم هم اليهود، والذين تولَّوهم وصاحَبوهم وتمالؤوا إليهم وتآمروا معهم على النبي ﷺ وعلى الإسلام من هم؟ الذين كانوا يتسمَّون بالمسلمين وهذه هي أعمالهم، يُظهر نفسه مسلماً وهو يعادي النَّبيَّ ﷺ، ويُظهر نفسه مسلماً وهو يحارب دعوة النبي ﷺ، يُظهر نفسه مسلماً وهو يتحالَف ويتصادَق مع أعداء النبي ﷺ، “تولَّوا” يعني جعلوهم أولياء وأصدقاء وأنصاراً.. كيف تدَّعي إيمانك بالنبي ﷺ وأنت تصادق أعداء النبي ﷺ؟ كيف؟ يقال: “الأعداء ثلاثة والأصدقاء ثلاثة: صديقك صديق، وصديق صديقِك صديق” عليك أن تحبه وتحب مَن يحبه، أما إذا أحببته وكرهت حبيبه، أو كرهت ابنه أو صديقه أو أقرب الناس إليه، فأنت كاذب ولست محبًّا “أحبِّها، وأحبُّ كلَّ منسوبٍ إليها” “وعدوُّ عدوِّكَ صديق” فإذا عادى شخص حبيبك فعليك أن تعاديه، قال أحد الشعراء بهذا المعنى

لا أراني الله إلا عدوًّا لأَعاديكَ أحسنوا أم أساؤوا رضي الله من رضيتَ عليه ومن لمْ ترضَ عنه فالكونُ منه بَراء

ولتكن ضمن حدود الشَّرع أيضًا، فلا نريد أن نخرج عن الشرع، قال: “وأعداؤك ثلاثة: عدوُّكَ عدو، وعدوُّ حبيبكَ عدو” إذا أحببت شخصاً وصديقك يعاديه، كمثل الذين قتلوا سيدنا الحسين رضي الله عنه؛ هل هؤلاء مسلمون؟ يقتلون ابن النبي ﷺ وهم يقولون: “محمد رسول الله”، هل قولهم هذا صدق؟ “فعدوُّكَ عدو، وعدو صديقك عدو، وصديق عدوِّك عدو” فهل نفهم يا بني؟ نسأل الله أن يفهِّمنا ويجعلنا من الصادقين في حبنا وصحبتنا ومحبتنا.

المنافقون يناصرون أعداء النبي ﷺ

قال: ﴿أَلَمْ تَرَ هذا سؤال استنكاري لمن ينتسب إلى الإسلام في زمان النبي ﷺ، يصادقون اليهود، ومع اليهود، ويدافعون عن اليهود، ويقولون: “لماذا تكلَّم النَبيُّ ﷺ على اليهود”، و”النبي ليس محقًّا”! يريدون أن يعلِّموا النَّبيَّ ﷺ ما هو الحقَّ وما هو غير الحق! قال: ﴿مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ [المجادلة: 14] هؤلاء اسمهم منافقون، هؤلاء ليسوا مسلمين وليسوا يهوداً: ﴿مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ [النساء: 143]، ﴿وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ [المجادلة: 14] يقولون: “والله نحن مسلمون، والله نحن محبِّون، والله نحن كذا”، وهم يعلمون أنهم كاذبون؛ لكنَّهم يريدون أن يروِّجوا الباطل ويدفنوا الحقيقة ﴿أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ إِنَّهُمْ سَاءَ عملهم و﴿مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ۝ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً [المجادلة: 15- 16] يحلفون أيماناً كاذبة، جُنَّةً: يعني حتى يستروا نفاقهم وعداوتهم وتخريبهم بأيمانهم الكاذبة ﴿فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ [المجادلة: 16] أهانهم الله في الدنيا قبل الدار الآخرة. ﴿لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم إذا كانوا يتقرَّبون من اليهود لأجل مصالحهم الخاصة فسيُجَرَّدون منها ويُسلَبونها في الحياة أو عند الموت ﴿أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المجادلة: 17] لأنهم لو كانوا يحبُّون النَّبيَّ ﷺ فهل يمكن أن يُحبُّوا اليهود؟ هل من الممكن أن يحبَّ الشيخَ ويحبَّ أعداء الشيخ؟! هذا مستحيل! وهذه المحبة ضمن الشرع؛ لماذا يعادي الشيخ؟ والشيخ لم يشتُمه ولم يوبخه ولم يؤذه! إنّه يعادي الشيخ لمرضٍ في قلبه وقلة في دينه وإيمانه، ويجالس قليل الدين، ومعنى ذلك أنّ هناك تناسب وتشابه.. إلى آخر الآيات.

ما كان ينبغي أن أُطيل على رأي الأطباء، لكن وصلنا إلى هنا، فأسأل الله أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يجعلنا ممن يُحسن الاستماع ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ [الأنفال: 21]، ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ [النمل: 80]، ﴿وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا ماذا استفدتم؟ ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ۝ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ صار القرآن رجسًا عليهم، وهم رجسٌ ﴿وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ [التوبة: 125،124] الله يوفقنا! اللهم أرنا الحقَّ حقًّا وارزقنا اتِّباعَه وأرِنا الباطل باطِلًا وارزقنا اجتنابَه، ولا تجعلهما متشابهين علينا فنتبع الهوى

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

Amiri Font

الحواشي

  1. ) رواه البيهقي في دلائل النبوة، رقم: (1273)، (3/379)، بلفظ: (( قَالَ جَابِرٌ: إِنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم إِذْ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِفَرْخِ طَائِرٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَأَقْبَلَ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا حَتَّى طَرَحَ نَفْسَهُ فِي يَدَيِ الَّذِي أَخَذَ فَرْخَهُ، فَرَأَيْتُ أَنَّ النَّاسَ عَجِبُوا مِنْ ذَلِكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: "أَتَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا الطَّائِرِ، أَخَذْتُمْ فَرْخَهُ فَطَرَحَ نَفْسَهُ رَحْمَةً لِفَرْخِهِ، وَاللَّهِ لَرَبُّكُمْ أَرْحَمُ بِكُمْ مِنْ هَذَا الطَّائِرِ بِفَرْخِهِ".
  2. صحيح البخاري، كتاب الأدب: باب جعل الله الرحمة مائة جزء، رقم: (5654)، (5/ 2236)، صحيح مسلم، كتاب التوبة: باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، رقم: (2752)، (4/ 2108)، بلفظ: ((إنَّ الله خلق مئة رحمة أودع منها في هذه الأرض جزءاً واحداً، بهذه الرحمة ترفع الفرس حافرها عن مهرها وادخر تسعةً وتسعين رحمةً ليرحم بها عباده في يوم القيامة))، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
  3. مسند أحمد بن حنبل، رقم: (9683)، (2/ 441)، بلفظ: ((كَمْ مِنْ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلاَّ الْجُوعُ، وَكَمْ مِنْ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلاَّ السَّهَرُ))، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
  4. مسند الفردوس للديلمي، رقم: (4485)، (1/301)، عن حارثة بن وهب: ((قَالَ الله عز وَجل لَيْسَ كل مصلٍ يُصَلِّي إِنَّمَا أتقبل الصَّلَاة مِمَّن تواضع بهَا لعظمتي وعف شهواته عَن محارمي وَلم يصر على معصيتي وَأطْعم الجائع وكسا الْعُرْيَان ورحم الْمُصَاب وآوى الْغَرِيب كل ذَلِك لي))، الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية، رقم: (130)، ص: (156).
  5. المعجم الكبير للطبراني، عن عبد الله، رقم: (10033)، (10/86)، شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (7045)، (9/521)، حلية الأولياء لأبي نعيم، (3/102). مسند البزار، رقم: (6947)، (13/332)، مسند أبي يعلى، رقم: (3315)، (6/65).
  6. المعجم الأوسط للطبراني، رقم: (3519)، (4/ 25)، حلية الأولياء للأصبهاني، رقم: (3519)، (4/ 25)، عَنْ جَرِيرٍ.
  7. شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (1908)، (2/ 311)، والكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي، رقم: (1045)، (4/ 227)، بلفظ: ((يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّاس زَمَانٌ لَا يَبْقَى مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَّا اسْمُهُ، وَلَا يَبْقَى مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا رَسْمُهُ، مَسَاجِدُهُمْ عَامِرَةٌ وَهِيَ خَرَابٌ مِنَ الْهُدَى، عُلَمَاؤُهُمْ شَرُّ مَنْ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ مَنْ عِنْدَهُمْ تَخْرُجُ الْفِتْنَةُ وَفِيهِمْ تَعُودُ))، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
  8. المعجم الكبير للطبراني، عن عبد الله، رقم: (10033)، (10/86)، شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (7045)، (9/521)، حلية الأولياء لأبي نعيم، (3/102). مسند البزار، رقم: (6947)، (13/332)، مسند أبي يعلى، رقم: (3315)، (6/65).
  9. متفق عليه، صحيح البخاري، عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما، بلفظ: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض))، كتاب بدء الخلق، باب خمس من الدواب فواسق يقتلن في الحرم، رقم: (3140)، صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم تعذيب الهرة ونحوها من الحيوان الذي لا يؤذى، رقم: (2619)، وكتاب التوبة، باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، رقم: (2619)، سنن ابن ماجه، كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، رقم: (4256).
  10. صحيح مسلم، كتاب الصيد والذبائح: باب الأمر بإحسان الذبح والقتل، وتحديد الشفرة، رقم: (1955)، (3/ 1548)، سنن أبي داود، كتاب الضحايا، باب في النهي أن تصبر البهائم والرفق بالذبيحة، رقم: (2815)، (2/ 109)، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه، بلفظ: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته)).
  11. سنن البيهقي الكبرى، رقم: (18922)، (9/280)، المستدرك للحاكم، رقم: (7563)، (4/257)، بلفظ: ((عَن ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُمَا، مر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على رجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته وهي تلحظ إليه ببصرها فقال: «أفلا قبل هذا أتريد أن تميتها موتا».
  12. صحيح البخاري، كتاب الوصايا، باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب، رقم: (2602)، (3/ 1012)، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب في قوله تعالى {وأنذر عشيرتك الأقربين} رقم: (206)، (1/ 192)، بلفظ: ((قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] قَالَ: ((يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ لاَ أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا))، عن أبي هريرة رضي الله عنه..
  13. صحيح البخاري، كتاب الأنبياء، حديث الغار رقم: (3288)، صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب قطع السّارق الشّريف وغيره والنّهي عن الشّفاعة في الحدود رقم: (1688).
  14. صحيح البخاري، كتاب العتق، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم العبيد إخوانكم فأطعموهم مما تأكلون، رقم: (2407)، (2/ 899)، صحيح مسلم، كتاب الأيمان، باب إطعام المملوك مما يأكل وإلباسه مما يلبس ولا يكلفه ما يغلبه، رقم: (1661)، (3/1282)، بلفظ: ((إِنَّ إِخْوَانَكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَأَعِينُوهُمْ))، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
  15. متفق عليه، صحيح البخاري كتاب العتق، باب كراهية التطاول على الرقيق، (2414)، (2/ 901)، ومسلم في الألفاظ، باب حكم إطلاق لفظة العبد والأمة والمولى والسيد، رقم (2249). (4/ 1764)، بلفظ: ((لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وضِّئ ربك، اسق ربك، وليقل: سيدي، مولاي، ولا يقل أحدكم: عبدي، أمتي، وليقل: فتاي وفتاتي وغلامي))، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
  16. ) صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، رقم: (3369)، (3/1306)، ومسلم، كتاب الفضائل، باب كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم، رقم: (2320)، (4/ 1809)، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بلفظ: ((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا)).
  17. حديث: (ما بال أقوام) له روايات كثيرة منها البخاري عن أنس، كتاب الصلاة باب رفع البصر في السماء رقم: (750). وسنن أبي داود، كتاب الأدب، باب في حسن العشرة، رقم: (4788).
  18. مسند أحمد، رقم: (22253)، (22/ 76)، المستدرك للحاكم، رقم: (33)، (1/ 14)، المعجم الكبير، الطبراني، رقم: (7540)، (8/ 117)، وشعب الإيمان للبيهقي، رقم: (5506)، (12/ 234)، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه.
  19. ورد الحديث مرفوعًا في أمالي ابن بشران برقم: 47 عن قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: "لَيْسَ الإِيمَانُ بِالتَّمَنِّي، وَلا بِالتَّحَلِّي، لَكِنْ مَا وَقَرَ فِي الْقَلْبِ، وَصَدَّقَهُ الْفِعْلُ، الْعِلْمُ عِلْمَانِ: عِلْمٌ بِاللِّسَانِ، وَعِلْمٌ بِالْقَلْبِ، فَعِلْمُ الْقَلْبِ الْعِلْمُ النَّافِعُ، وَعِلْمُ اللِّسَانِ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى بَنِي آدَمَ". وورد مقطوعًا عن قتادة وعن الحسن انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن ج: 9 ص: 559 ومعالم التنزيل تفسير البغوي عند تفسير سورة فاطر الآية 10. وورد في: حلية الأولياء: أبو نعيم، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: (3/272). وورد عن الحسن رضي الله عنه: ((ليس الإيمان بالتَّحلِّي ولا بالتَّمنِّي، ولكنَّ الإيمان ما وَقَر في القلب وصدَّقه العمل)) شعب الإيمان، البيهقي، رقم: (65)، (1/158).
WhatsApp