تاريخ الدرس: 1994/10/28

في رحاب التفسير

مدة الدرس: 01:04:00

سورة القيامة (1): مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا مُحمَّد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى أبيه سيدنا إبراهيم، وعلى أخويه سيدنا موسى وعيسى، وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين وآل كلٍّ وصحب كلٍّ أجمعين، وبعد:

يوم القيامة وأهواله وبدء الحساب

فنحن الآن في تفسير سورة القيامة، معنى القيامة خراب هذا الكوكب الأرضي وعدم صلاحيته للحياة لتفَجُّره وانقلابه هباءً منثوراً بسبب التفجُّر، قال تعالى: ﴿وَتَكُونُ الجِبَالُ كَالعِهْنِ﴾ [القارعة: 5] فالعهن: القطن المنفوش، فلَمَّا يتفجّر الحجر أو الجبل يصير ذرات مثل الغبار، وهذا ما يُسَمَّى في علم الفلك: السّديم، وقد ثبت علمياً أنّ كلّ هذه الكواكب وهذه الشّموس والأقمار كالإنسان لها ولادة ووجود ولها فناء وعدم، وفناؤها وعدمها بانفجارها، قال تعالى: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ﴾ [الانفطار: 1-2] وقال أيضاً: ﴿إِذَا الشَّمسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ﴾ [التكوير: 1-2] ففناء هذا الكوكب يُسَمَّى بالقيامة؛ لأنّه بفنائه يحشر الله كلّ من كان عليه للحساب على أعمالهم وسلوكهم في حياتهم على هذا الكوكب.

قال تعالى: ﴿فَمَن يَّعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرَاً﴾ [الزلزلة: 7] فإذا عملت العمل مهما كان صغيراً ومهما كان حقيراً ولو مثقال ذرّة فسترى المكافأة عليه من طرف الله عز وجل، ﴿يَرَهُ﴾ يعني يرى ثوابه والمكافأة عليه ﴿وَمَن يَّعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرَّاً يَرَهُ﴾ [الزلزلة: 8] كذلك يرى العقوبة والقصاص عليه، فبعضهم يُعاقبه الله في الدنيا وبعضهم يؤخّر عقوبته إلى الدار الآخرة، وبعضهم يكافئه الله على صالح أعماله في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ﴾ [النحل: 30] هذه المكافأة في الدّنيا والآخرة للصالحين، وكذلك العقوبة للأشرار في الدّنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿النَّارُ ‌يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا﴾ [غافر: 46] هذا في عالم الرّوح ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ في الحياة الآخرة، ففي الدّنيا أهلكهم الله بالغرق، وصار العذاب ثلاث مراتب، العذاب الجسدي على الأرض، والعذاب الرّوحي بعد مفارقة الجسد، والعذاب الدّائم في الدّار الآخرة.

عظمة الخالق تتجلّى في دقّة الخلق والإعجاز فيه

فلا يوجد شيء في هذا الوجود إلّا مخلوق بقانون وبموازين دقيقة، فتركيب القمح غير تركيب الشّعير والعدس والفول، هذا من حيث المواد، أما من حيث التّنسيق والتّنظيم، فحبّة القمح لو طحنتها ثمّ وضعتها في قالب القمحة ثم زرعتها فهل تصير قمحاً؟ لماذا؟ لأنّ تخطيط تركيبها قد ذَهَبَ، فإذاً ليست القضية قضية مواد فقط، بل قضية مواد وقضية تخطيط، فمَن وضع شجرة التين الكبيرة في بذرة التّين الصّغيرة؟ ومَن يستطيع أن يجعل الشّجرة الكبيرة- يَلُفّها ويضعها- في هذه البذرة الصّغيرة.

كان الإنسان حيواناً منوياً، وإذا غُرسَتْ إبرة في السّائل المنوي يعلق في رأس الإبرة خمسون ألف حيوان منوي، وكلّ واحد منّا كان ذلك الحيوان، ففي رأس الإبرة خمسون ألف إنسان، فمن وضع هذا الإنسان الكبير جسماً وعِلْماً وحُكْماً وعظمةً بهذا الجزء الصغير الذي يعجز البصر عن رؤيته؟

فالقيامة هي النشأة الأخيرة للإنسان، فأول نشأته لَمَّا كان حيواناً منوياً، ومن أيِّ شيء رُكِّبَ هذا الحيوان؟ من الدّم، والدّم من أيِّ شيء؟ من الطّعام كالخبز والبرغل والرز والفجل والكوسا، والفجل والكوسا من أين؟ من التّراب، فمن صَوَّرَهُ؟ ومَن ركَّب عظامه؟ ومَن مدَّد شرايينه وعروقه؟ ومَن مدَّد أعصابه الدّاخلة والخارجة؟ ومَن ركَّب أعصاب العينين التي يبلغ في كلّ عين من الأعصاب ثلاثين مليون عصب؟ ومَن خلق هذا الكوكب الأرضي- الدّنيا- التي تعيش عليها فهي التي تسبح في الفضاء بسرعة مائة وثمانية آلاف كيلومتر في السّاعة؟ فبأي طاقة تسير حول الشّمس؟ فالطائرة التي تحمل مئتي راكب فيها طاقم يتألف من عشر إلى اثني عشر إنسان، فكوكب الأرض طاقمه كم سيكون؟ تحمل الطّائرة مئتي إنسان لها صوت يُصِمُّ الآذان، فلو كان لمحرّك الأرض الذي يُسَيِّرها صوت على حسب عظمتها وعظم حجمها لا نصير صُمَّاً فقط، بل لانفجر الدّماغ وانفجر الإنسان، فمن هذا المبدع والخالق العظيم؟

وقد أوجدنا على الأرض وربّانا ربّ العالمين من الطّعام كالفجل والبرغل والرز والبصل وحوّلنا إلى الدم، ثم إلى الحيوان المنوي من الرّجل والبويضة من المرأة، ثم مَن يجمع الحيوان مع البويضة؟ فمئات ملايين الحيوانات المنوية يتجهون كلهم نحو البويضة في المرأة، والمرأة في كلّ شهر تبيض بويضة واحدة، فلمّا يلتقي الرجل مع أهله كلّ هذه الحيوانات تتجه إليها، ويصير كسباق الخيل، فالذي يسبق إلى البويضة ويلتحم بها يجعل الله منه إنساناً، فالحيوان الذي هو من الرّجل إذا كان مُذَكَّراً يأتي الولد صبياً ذكراً، والحيوان المنوي إذا كان مؤنثاً يأتي المولود أنثى، فالرّجل الذي يأتيه بنات فقط يذهب يتزوج على زوجته فهل هي المسؤولة عن الذكورة والأنوثة أم هو المسؤول؟ فمن يلزم أن يتزوج هي أم هو؟ [يقولها الشيخ مازحاً] لكن في الإسلام لا يجوز أن تتزوج عليه.

الإيمان بيوم القيامة والحياة بعدها من أركان الإيمان

والقيامة هي أحد أركان الإيمان التي لا يصح إيمان الإنسان إذا لم يؤمن بها الإيمان اليقيني، فلَمَّا تؤمن بالعقرب أو الأفعى فهل تستطيع وضعها [على جلدك] بين قميصك وبدنك؟ لا؛ لإيمانك بأنّه سيقتلك، وإذا أعطاك أحدهم حفنة ذهب فلمعرفتك وإيمانك بالذّهب هل تستطيع أن ترفض هذا العطاء؟ هذا هو الإيمان! فالإيمان بالقيامة أو اليوم الآخر أو استمرار الحياة وعدم الفناء هذا أحد أركان الإيمان، وإذا لم تؤمن بالقيامة والحياة بعد مفارقة الجسد الإيمان العملي فإنه يُسَمَّى نفاقاً؛ لأنّ الإيمان إذا آمنت بالسُّم وبقيت تشربه، فهذا إيمانك بالقول، أمّا مَن الذي يُكذِّبه؟ مخالفة العمل، قال تعالى: ﴿مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ﴾ [المائدة: 41] فإيمان اللّسان بدون إيمان القلب ليس إيماناً، ولكنّه يُسَمَّى نفاقاً.

الحساب الدقيق يوم القيامة على كل ما قدَّم الإنسان

فإذا كنت تؤمن بالقيامة وتؤمن بأنك ستقف بين يدي الله وستُعرض عليك كلّ أعمالك أمام الله عز وجل كما يقول الله في سورة الكهف: ﴿وَوُضِعَ الكِتَابُ﴾ سِجِلُّ أعمالك بين يدي الله ﴿فَتَرَى المُجْرِمِينَ﴾ [الكهف: 49] الذين كانوا يعملون الجرائم ويتركون فرائض الله ويرتكبون محارم الله ولا يبالون بأوامره ولا بدينه، فلمّا يُدخَل القاتل على المحكمة وإضبارة جريمته أمام القاضي وهو مُغلغلٌ مُقيَّدٌ فكيف يكون وجهه ونفْسُه وذُلُّه وحقارته في نفسه وفي نظر كلّ النّاظرين؟ فيقول الله عز في القرآن ﴿وَوُضِعَ الكِتَابُ﴾ كتاب ماذا؟ أعمالك، فأعمال العين مُسَجَّلة، وأعمال اللّسان؛ ماذا تتكلم، قال الله تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ﴾ [ق: 18] لا ينطق الإنسان بكلمة ﴿إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ﴾ يترقَّب متى ستتكلم حتّى يُسَجِّل ﴿عَتِيدٌ﴾ يعني حاضر لا يغيب، فهل أنت مؤمن بالقرآن؟ فلَمَّا تتكلم في سهرتك أو مع رفاقك أو في حقّ عدوك أو في حقّ إنسان بـأن تحسده لاجتهاده وكسلك، وهمّته وعجزك؛ في الفكر وفي العمل، فهل أنت مؤمن بالقرآن؟

وعندما يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ السَّمْعَ﴾ ليس فقط المتكلم مُسَجَّلٌ كلامه والمستمع كذلك ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ﴾ بأن نظرت إلى الحرام، وإذا نظرت إلى إنسان نظرة غدر أو مكر أو نظرة حسد أو نظرة إلى ما حرّم الله عليك من الفواحش، فيقول الله عز وجل لك: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ﴾ ماذا تنوي في قلبك نحو فلان، بأن تريد أن تؤذيه أو تمكر به، أو تخدعه أو تخونه أو تظلمه أو تسرقه ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [هود: 5] هذا قرآن، فهل تؤمن بالقرآن؟ إذا كنت تؤمن بالقرآن فلا تستطيع أن تدع في صدرك نيّة مغشوشة أو نيّة مُحَرَّمَة بينك وبين الله في حقوق الله، ولا فيما بينك وبين النّاس، قال تعالى: ﴿كُلُّ أُولَئِكَ﴾ سمعك وبصرك ونواياك ﴿كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾ [الإسراء: 36].

قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ [الطارق: 9] سرائرك وخفاياك في نفسك، فبين يدي الله تنكشف الستائر وتُهتك السرائر، فما كان خفياً عن الناس ففي محكمة الله يكون ظاهراً مكشوفاً وأمام الله عز وجل، فهل فكَّرت في هذا؟ هذا قرآن! إذا لم تؤمن به فأنت كافر، وإذا قلت: أنا مؤمن بالقرآن لكن أعمالك تدلّ على أنّك غير مؤمن فأيّهما أصدق: القول أم العمل؟ إذا قلت لإنسان: أنا أحبّك وروحي فداك وصفعته عشرين صفعة على وجهه وضربته بالعصا على رأسه فأخرجت دماغه، وقلت له: روحي فداك وأنا أحبّك ولا أحبّ أحداً غيرك، فأيّهما أصدق القول أم العمل؟ فالله عز وجل ليس طفلاً حتى نضحك عليه ونكذب عليه ونختبئ منه خلف جدار أو ستار أو نحتال عليه، قال تعالى: ﴿فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾ [طه: 7]، وقال: ﴿يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ﴾ [التغابن: 4].

الإيمان الحقيقي يضبط سلوك الإنسان

فالإيمان الحقيقي بالقرآن الكريم وتربيته ومدرسته ماذا أنتجت؟ أنتجت مدرسة القرآن عظماء الدّنيا وعظماء العالم من غير أن يذهبوا إلى واشنطن ولا إلى باريس ولا إلى لندن ولا إلى اكسفورد، بل في المسجد ولكن أستاذه فيه، فالمدرسة بلا أساتذة لا علم فيها، والمشافي بلا أطباء لا شفاء فيها، والمساجد إذا فقدت المعلّم المربي الحكيم الذي يعمل ليل نهار، فهذا مسجد خَرِبٌ، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ﴾ ليس المهندسون والمعماريون ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ﴾ [التوبة: 18] ما هو الإيمان بالله؟ لَمَّا تقود سيارة وترى الشّرطي في الشارع، فهل تستطيع أن تمشي مخالفاً لقانون السير والشّرطي ينظر إليك ويشاهدك؟ ولَمَّا تريد أن تنام مع زوجتك وابنك عمره سبع سنين فهل تنام معها أمام ابنها؟ تستحي وتخجل، فكيف تفعل الموبقات أمام الله عز وجل، قال تعالى: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [الحديد: 4] يسمع دبيب النّملة السوداء، لما تمشي النّملة السوداء، على الصخرة الصّماء أي الصخرة الناعمة، فهل يُسمَع صوت النملة إذا مشت عليها؟ فالدّبّابة إذا مشت يُسمَعُ صوتها، وعربة الحمير كذلك يُسمع صوتها، أمّا النّمّلة السّوداء فلا يسمع، وفي اللّيلة الظّلماء! “يسمع دبيب النملة السوداء على الصخرة الملساء في الليلة الظلماء”، فعندما لا تراقب الله، فهل لأنّ الله لا يستحق [وليس أهلاً]؟ أم لأنك لا تبالي به؟ أو تقول [عن الإيمان بالله واليوم الآخر]: هذا مجرد كلام فارغ؟ فأنت غير مؤمن ويُخشَى إذا مت أن تموت على غير الإيمان ولو صلّيت، قال الله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون: 1-2] فلَمَّا يسمع كلام الله يفهمه ويفهم عظمته وعظمة ربه فيخشع قلبه عندما يخاطبه الله عز وجل.

فعندما تدخل على مدير المخفر [مدير قسم الشرطة] ويتكلم معك فكيف تتكلم معه؟ وإذا كنت جالساً بغير أدب يقول لك: اجلس بأدب، وإذا خرجت منك كلمة فارغة يقول لك: اعرف ماذا تتكلم؟ وإذا دخلت على وزير وأنت موظف عنده كيف تكون خاشعاً بين يديه مطرقاً، تقول: تحت أمرك سيدي، كما تأمر، حاضر.. فهل تستطيع أن تكذب عليه؟ فأمام الله الذي خلقك من ذرّة، وخلقك من العدم وأنعم عليك بنعمة الوجود ونعمة الحياة ونِعَم لا تُعَدُّ ولا تُحصى، ركَّب لك الهواء من الأكسجين والآزوت والكربون وغيره، والماء من الأوكسجين والهيدروجين، والفجل مُركَّب من مواد كثيرة، وكذلك الرز والبصل واللفت والعسل، فلا تستطيع أن تخلق بذرة سمسم، فهل آمنت بالله الإيمان الحقيقي؟ فلمّا تؤمن بالنّار فهل تضع إصبعك فيها؟ وهل تأخذ الجمرة بكفك؟ لماذا؟ لأنّك مؤمن بأنّ النّار محرقة، أليس كذلك؟ ولَمَّا يكذب الكذّاب فهل هو مؤمن بالله؟ قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَفْتَرِي الكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللهِ﴾ [النحل: 105].

صفات المنافقين

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((آية المنافق ثلاث)) علامة المنافق يعني غير المؤمن، فمن يفعل ذلك فليس مؤمناً ((من إذا حدَّث كذب)) إذا كنت كذاباً، فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول- ولستُ أنا الذي أقول، بل النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول-: ((إذا حدَّث كذب)) 1 ، أمٌّ نادت طفلها: تعال، فلم يأتِ ابنها فقالت له: تعال أعطك تمراً، على مسمع من النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال لها: ((أَوَ تريدين حقيقة أن تعطيه تمراً؟)) قالت: نعم يا رسول الله، قال: ((لو لم تريدي أن تعطيه تمراً لكُتِبَت لك عند الله كذبة)) 2 فالدين يُحَرِّمُ عليك أن تكذبي على الطفل الصغير، ولو كنتِ أمَّاً، ويُسمِّيكِ منافقة، فمَن سَيُعلِّمُ الناس إيمانهم وإسلامهم؟ فلمّا صاروا مسلمين مع أنّهم كانوا أُمِّيِّين صاروا سادة العالم، ليس بالحروب ولا بالتّسلّط ولا بنهب بلاد المستضعَفين، بل فتحوا بلاد العالم فثقَّفُوها وعلَّمُوها ورقَّوْها ورفعوا فوارق الألوان والقوميَّات واللّغات وجعلوا النّاس سواء في حقوق الحياة، قال صلى الله عليه وسلم: ((لو سرقت فاطمة بنت مُحمَّد لقطعت يدها)) 3 ولَمَّا ضَرب ابن عمرو بن العاص النصراني القِبطي استدعاه عمر من مصر إلى المدينة وأعطى العصا للقبطي ليضرب ابن عمرو- فاتح مصر- قال له: “اضربه”.. يضرب النّصراني ابن مَن؟ ابن ملك مصر، قال: فضربه، وأصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم يقولون: “وكل واحد منّا يحبّ أن يضربه” يعني لم يتعصّب أحدٌ بأن يضرب النّصراني مسلماً؛ لأنّ المسلم كان ظالماً، فالظّالم يجب أن يُعاقب، قال: “حتّى أوقف الضّرب ونحن نحبّ أن يُوقف الضّرب” لأنّه ضربه كثيراً، ثمّ قال له: “اضرب بالسّوط على صلعة أبيه” القائد، وإذا قال عمر فالأمر سيُنَفَّذ، قال له عمرو: “يا أمير المؤمنين أنا لم أضرب”، قال: “إنّ ابنك ضرب القِبطي بسلطانك”، لو لم يكن ابنك لم يتجرأ على ضربه.

هذا حُكْمُ الإسلام في الشعوب التي حكمها! هذا حُكْمُ الله! ((الخلق كلهم عيال الله))، ((المنافق من إذا حدث كذب)) فكلّ واحد منكم يسأل نفسه في اليوم كم كذبة يكذب، يجب علينا ألّا نكذب على الولد ولا في البيع ولا في الشراء.

الإسلام فيه سعادة الناس جميعاً

ومن ((إذا وعد أخلف)) إذا وعدت أن تعطي أو أن تزوج أو أن تذهب أو أن تلتقي فيجب أن تكون صادق الموعد في الدّقيقة [المحددة].

((وإذا أؤتمن خان)) وإذا اؤتمنت في بيع أو شراء أو شراكة أو عمل فعليك أن تكون أميناً.

فمعنى الدّين بناء الإنسان الفاضل أخلاقاً ووجداناً وعقلاً وعلماً واقتصاداً وغنى وسياسةً ودولةً، لم يأمر الدين الإسلامي بترك الحياة وترك الدّنيا، وقد علَّمنا في القرآن سُنَّةَ الأنبياء، قال سليمان عليه السلام: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي﴾ قبل كلّ شيء ﴿وَهَبْ لِي مُلْكَاً﴾ [ص: 35] اجعلني ملكاً، فطَلَبُ أن تكون مَلِكاً يكون بعد “اغفر لي” وتكون مُبَرَّأً من العيوب والنّقائص حتى يكون المُلْكُ مُلْكَاً مُسعِداً للناس، فالإسلام دين الله ومدرسته وثقافته لتجعل الإنسان كلّ الإنسان ليس العربي ولا التركي ولا الكردي، بل الإنسان كلّ الإنسان [سعيداً وناجحاً]، لذلك ذكر الله تعالى مُهمَّة النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107] لكلّ أمم الأرض.

معنى الإسلام: الاستجابة لأوامر الله، فتستجيب لأوامر الله في سمعك وبصرك ورضاك وغضبك ومحبتك وعداوتك، فلو عاديت إنساناً فلا يجوز أن تظلمه أو تغتابه أو تنتقصه، قال الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلۡقِسۡطِ﴾ إذا كنتم حُكَّاماً فاعدلوا، قوامين بالقسط ﴿ شُهَدَآءَ لِلَّهِ﴾ [النساء: 135] وإذا أردت أن تؤدي الشّهادة فلا تنحرف من أجل فلان أو المنفعة الفلانية، بل لله ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ﴾ إذا كان عدوك ﴿عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا﴾ [المائدة: 8] إذا كنت قاضياً والخصم عدو لك فاحذر أن تَحمِلَك عداوتك له على ظلمه وأن تمنعه حقّه، فأين الإسلام؟ وأين المسلمون؟ فنحن نظلم الإسلام بانتسابنا إليه ونعيبه ونحجبه عن النّاس؛ لأنّ النّاس يظنّون أنّ الإسلام هو سلوك المسلمين وأعمالهم وتخلفهم وجهلهم وفساد أخلاقهم وتناحرهم واختلافهم وتنازعهم.

حكمة النبيِّ صلى الله عليه وسلم وفهمه للإسلام

قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((ما آمن بي- ساعة من نهار- من أمسى شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم)) 4 كما أنّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يرض بالبطالة لأحد، رأى إنساناً يتسوّل- يسأل الناس- دعاه: لماذا تسأل الناس؟ قال: لا يوجد عمل ولا يوجد كذا، قال له: ماذا يوجد في بيتك من أمتعة؟ قال له: هناك وعاء وحصير، قال له: ((ائتني بشيء منها)) فأتى له بالمعجن أو القدر، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الوعاء في المسجد وقال: ((من يشتري))؟ درس عملي، هل صار الجامع سوق الهال؟! [سوق الهال في سوريا: سوق شعبي لبيع الخضروات والفواكه وغيرها] قال أحد الصّحابة: عَلَيَّ بدرهم، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ((من يزيد))؟ ماذا صار النبيُّ صلى الله عليه وسلم؟ صار دلَّالاً، وهو دلَّال على سعادة الدنيا والآخرة، لم يُعلِّمنا أمر السّماء فقط لكن علَّمَنا أمور السّماء والأرض. قال أحدهم: “بدرهمين”، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من يزيد؟)) فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم باعها بدرهمين، وقال له: ((خذ درهماً فاشترِ به طعاماً لأهلك)) بألا تبقى جائعاً وشَرِهاً وتُذِلّ نفسك وتمدّ يدك إلى الناس، فقد كرَّمك الله عز وجل فقال: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء: 70] كرَّمه بالعلم والعمل والهِمَّة والإرادة والفكر والعقل، أمّا بالكسل والخمول والبطالة وتضييع الشّباب والحياة والعمر فهذا ليس تكريماً، فأكرمك الله عز وجل وأعطاك كلّ الإمكانات، فإذا أضعتها فقد أضعت نفسك، قال له: ((وبالدّرهم الثاني اشترِ فأساً واتِ به إليَّ))، أتى له بالفأس فأخذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عصا ونجّرها بيده، صار نجاراً، حتى أدخل العصا في الفأس وقال له: ((اذهب إلى الغابة واحتطب- وبِعِ الحطب- ولا تأتني إلّا بعد أيام)) 5 أتى بعد أيام، سأله النبي صلى عن حاله، فقال له: أغناني الله من فضله يا رسول الله، زاد معي خمسة عشر درهماً.. هذا هو الدين، هذا هو الإسلام، هذه هي الحياة والعقل والقوّة، فالإسلام ليس ديناً أن تُصلي بجسدك وأنت لا تفقه الصّلاة، وصلاتك لا تنهاك عن الفحشاء والمنكر، فهل صورة المدفأة في المجلة تُشعِر بالدّفء؟ وإذا ظهرت صورة المدفأة في التّلفاز فهل تُذهب البرد؟ وصورة المدفأة على الورق لا تحرق الورقة، هكذا إذا كانت مدفأة بالكلام! فكيف إذا كان إسلامك بالكلام وصلاتك بالتّلفاز؟ فلا تضحك على نفسك فالعمر قصير.

في هذه الجمعة أخٌ من إخوانكم عدنان الخطيب عليه رحمة الله، كان نعم الأخ المؤمن الصّادق التّقي الذّاكر المحبّ البارّ، كان فقيراً وموظّفاً بسيطاً، مُسجِّل في جمعية فحصل على بيت غير مكسو، وكان يسكن في غرفة صغيرة عند أهله، لم يكمل البيت وباعه وجعله رأس مال وأخذ يتاجر مرّة يبيع الزّيت ومرة فلفل ومرة يبيع الجبن ومرّة مرّة، فأغناه الله عز وجل فصار عنده أراضٍ وبيوت، وهذا مع الذِّكرِ والتّقوى وطلب العلم.. هذا هو الإسلام وهذه هي الحياة وهذا هو الإنسان الذي كرَّمه الله عز وجل، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ فالإسلام دين الحياة، كلّ الحياة والحياة الفاضلة، أمّا أن تَدَّعي الإسلام وأعمالك غير أعمال الإسلام، وفِكْرُك غير فِكْرِ الإسلام، وأصحابك غير إسلاميين وسهرتك غير إسلامية، وكذلك في سلوكك وبيعك وشرائك ورضاك وغضبك وحبُّك وعداوتك، فالمسلم هو الذي يظهر الإسلامُ في كل صفحات أعماله.

تأكيد القرآن في معظم سوره على الإيمان بيوم القيامة والحساب

الإيمان بالقيامة، فهل تُفكِّر في القيامة؟ يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((سورة إذا زلزلت تعدل نصف القرآن)) 6 صرنا مشايخ وكذلك مشايخنا والذين قبلهم وكنّا نفهم أنّه يعني إذا قرأتها يصير لك ثواب نصف القرآن، أليس كذلك يا شيخ رجب؟ أليس كذلك يا شيخ بشير؟ هل أفهمنا مشايخنا غير ذلك؟ لكني رأيت المعنى غير هذا، انظروا كلّ سورة من سور القرآن، خاصة السّور المكّيّة؛ أكثر من نصف السّورة كلّها في القيامة، قال تعالى: ﴿إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَّإِنَّ الفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ﴾ [الانفطار: 13-14] ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ﴾ هذه القيامة ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾ هذه القيامة، سورة النبأ عن القيامة، سورة الدهر عن القيامة، وكذلك هذه السّورة سورة القيامة، لا يوجد سورة من سور القرآن إلّا وتُذكَر فيها القيامة، ما معنى القيامة؟ يعني محاكمتك وسيُرى ما هو رأس مالك وعلى ضوئه تكون مرابحك أو خسارتك، إذا كان رأس مال أحدهم أفاعٍ وعقارب فما ربحه؟ وإذا كان رأس مال أحدهم خنافس وصراصير فما ربحه؟ فإذا نظرنا في واقع المجتمع وفي أعمال النّاس وتعاملهم، وفي بيعهم وشرائهم وأعمالهم، سواء كان عاملاً أو صاحب العمل أو موظفاً أو صاحب معاملة أو محامياً أو طبيباً أو تاجراً أو أباً أو ابناً أو زوجاً أو زوجة.. فالإيمان بالقيامة في حياتهم شبه مفقود، فإذا متّ وأنت حيوان فأنت رابح ﴿يَوْمَ يَنْظُرُ المَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ﴾ [النبأ: 40] تُحشر الحيوانات يوم القيامة.. تناطح عنزان في مجلس النبيّ صلى الله عليه وسلم، فسأل النبيُّ صلى الله عليه وسلم الصحابة قال: ((هل تدرون فيما انتطحتا؟)) هل تعرفون لماذا نطح أحدهم الآخر؟ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((لكن الله يدري فيما انتطحتا، وسيقتصُّ الله عز وجل للجمَّاء من القرناء)) 7 سيُقتَصّ للمعتدى عليها من المعتدية، وإذا اعتدت قطة على أخرى ففي يوم القيامة قصاص، هل تسمعون؟ هذا كلام النبيِّ صلى الله عليه وسلم، إذا كنت مؤمناً بالنبيِّ وتُصدِّق النبيّ وتُصدِّق نبوته عليك أن تصدّق كلامه، وإذا لم تُصدِّق فأنت كافر، ولا تنغرَّ بنفسك بأنك تأتي الجامع تتوضأ وتصلي، فالصّلاة الحقيقية تنهى عن الفحشاء والمنكر، فمَن سيُعلِّمُك الصلاة؟ صلاة الوضوء والركوع والسجود تتعلَّمُها من طفل، إن صلى طفل أمامك تصلي مثله، أمّا الصلاة التي تنهاك عن الفحشاء والمنكر فمَن سيُعلِّمُك إياها؟ ومَن يُعلِّمُك الصلاة التي هي معراج المؤمن؟ عروجٌ بروحك مع الله في عالم الغيب وفي عالم السماء وفي غير هذا العالم، فهذا الفقه أين فقيهه؟ الصلاة التي تُعلِّمُك الدنيا والآخرة.

الإيمان بيوم القيامة يستلزم محاسبة النفس والقيام بالأعمال الصالحة

لذلك سورة إذا زلزلت تعدل نصف القرآن؛ لأنّ نصف القرآن يبحث في القيامة؛ ولتذكيرك حتّى تؤمن كلّ ذرّة من وجودك بالقيامة، فالذي يمشي في الظّلام يقع في الآبار والوديان، والذي يمشي في ظلمات القلب وليس له الشّيخ المربي لقلبه بنور الله، ولعقله بنور الحكمة، ولنفسه بفضائل الأخلاق، فهذا يمشي في ظلمات الحياة وسيقع في آبار الهلاك في دينه أو دنياه أو آخرته، قال تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً﴾ [الإسراء: 72] وقال: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا﴾ [يونس: 26] أحسنوا إيمانهم وبحثوا عن المعلِّم وعن صانع الفِكْر والعقل والحكمة والإيمان والتّقوى ومخافة الله ومحبّته.

﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ [الأعراف: 26] حتّى يكون لباسك متقناً تأخذه إلى أعظم خياط، وإن كانت أجرة خياطته عشرة آلاف، تدفع عشرة آلاف بشرط أن يكون خِيَاط الثوب متقناً، هذا من أجل بدنك الذي تُربِّيه ليرعاه الدود.

أمّا من أجل روحك وحياتك وعقلك وسعادتك في الدّنيا والآخرة فأين لباس التّقوى؟ وأين لباس الإيمان؟ وحتى الآن الإيمان بالقيامة لا تعرفه، صعد النبيُّ عليه الصلاة والسلام في مرضه الذي توفي فيه ثلاث درجات من منبره، وقد خاطبه الله عز وجل في القرآن فقال: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ [الفتح: 2] فهو مغفورٌ له، وفي حياة النبيِّ صلى الله عليه وسلم كلّها لم يظلم أحداً في كلام ولا في مال ولا في أيِّ شيء، ومع ذلك قال: ((أيّها النّاس لعلِّي ألقى ربي، فمن كان له عندي مظلمة من مال)) إذا أخذت من ماله وله عندي حقّ مالي ((فهذا مالي ليأخذ حقه، في عرض)) بأن سببته أو شتمته أو تكلمت عليه ((فليشتمني، وفي كذا كذا فليقتص مني، في بدن فهذا بدني، إذا ضربته فليضربني)) 8 هذا مَن؟ مُحمَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ﴾ [آل عمران: 31] ألا تريدون أن تموتوا على الإيمان؟ فنحن بأعمالنا هذه كأنّنا نقول: اللّهمّ أمتنا على النّفاق ولا تُمتنا على الإيمان، فبلساننا على الإيمان، أمّا بأعمالنا فلسان حالنا يقول: “اللّهمّ لا تُمتنا إلّا على النفاق ونكون من المنافقين الكبار”.

صفات المنافق

((إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان))، وقال الله تعالى واصفاً المنافقين: ﴿لا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلّا وَهُمْ كُسَالَى﴾ [التوبة: 54] لا يُحبّون ما يُحبّه الله، ولا يُحبّون مَن يُحبّه الله، يُحبّون الأعمال والصّفات والكلام والجلسات التي يُبغضها الله، هذا نفاق، وإذا أتاك الموت فجأة.. أين نحن؟ هل هناك رجعة؟ ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحَاً فِيْمَا تَرَكْتُ﴾ [المؤمنون: 99] وبعد خروج الرّوح هل هناك رجعة؟ ﴿كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَّرَائِهِمْ بَرْزَخٌ﴾ سدّ يمنعه من الرّجوع ﴿إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [المؤمنون: 100].

فالقيامة قيامتان، قيامة كبرى: وهو خراب العالم وخراب الدّنيا، ومصيرها إلى هباء منثور، والقيامة الصّغرى: وهي موتك، فمجرد أنّك متَّ فالدّنيا ذهبت وانتقلت إلى عالم الرّوح وإلى عالم البرزخ، فتتمنّى العودة إلى الدّنيا ولو خمس دقائق وتدفع كلّ ما تملكه من الملايين من أجل أن تتوب إلى الله وتُصَحِّح أخطاءك مع الله أو مع عباده، يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((من مات فقد قامت قيامته)) 9 . شهد علقمة وهو أحد العلماء جنازةً فقال: أما هذا الميت فقد قامت قيامته وأنشد

خرجت من الدنيا وقامت قيامتي غداة أقلّ الحاملون جنازتي

غداة: صباح.

فهل تعرفون متى يأتينا الموت؟ وهل هو موقوف على صحّة أو مرض، أو على شباب أو شيخوخة وهرم، أو على قوّة أو ضعف؟ ثمّ إذا كان هناك في الأجَلِ فُسْحَة فهل علينا أن نملأه بالحسنات أم بالسّيّئات؟ بل أن نمحوا السّيّئات الماضية بالحسنات الحالية والمستقبلية إذا كنا من الذين يعقلون، وإذا كان لا يوجد عندنا عقل.. [يعني مجانين].

مرَّ مجنون على مجلس النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: مجنون مجنون، فقال النبيُّ عليه الصلاة والسلام: ((لا تقولوا مجنون، وقولوا مريض)) والآن في العصر الحديث ماذا يقولون عن المجنون؟ مريض نفسي وله مشافٍ خاصة، قال: ((لا تقولوا مجنون، وقولوا مريض، المجنون من يعصي الله)) 10 فالذي يضع إصبعه في فم الثّعبان ما هذا؟ وإذا كان قد باع بيته وقبض مئة ألف أو مليوناً فوضع عليهم بنزين وأحرقهم فمَن هذا؟ وإذا كان قد حذف الآخرة من ذاكرته ومن عمله ومن تفكيره، وكان لا يرى سوى حياة الجسد ومعاصي الله والبطالة واللّغو وعدم الانضباط في سمعه وبصره ولسانه وجلسائه وأصحابه وشبابه، فمَن هذا؟

مسؤولية الإنسان الشاملة يوم القيامة

يقول النبيُّ عليه الصلاة والسلام: ((لن تزول قدما عبد)) لَمَّا تُحشر بين يدي الله فلن تخرج من محكمة الله حتى تجيب عن خمسة أسئلة ((لن تزول قدما عبد بين يدي الله حتى يُسأل عن شبابه فيما أبلاه)) 11 فهذا الشّباب نعمة فيه قوّة، ويوجد عضلات ونشاط، ولا تشتكي من ألم ولا ضعف، فأنت في نعمة إلهية كبيرة، وعطاء إلهي أعطاك الله إياه حتّى تستعمله فيما يُسعدك ويُسعد النّاس، ستسأل أين ذهبت بشبابك؟ أحدهم في الرّقص وآخر في السينما أو في الملاهي أو مع “أولاد حنيجل” [“أولاد حْنِيْجِلْ”- تُنطَق الجيم هنا مثل الجيم المصرية- مصطلح عامي في دمشق يُقصَد به أهل اللهو والبطالة] وأولاد حنيجل مَن هؤلاء؟ هل تعرفون من أي قرية؟ هم العطَّالون البطَّالون الذين يُضَيِّعون شبابهم وأعمارهم وأوقاتهم، فإذا كان ذلك فيما لا ينفع ولا يضرّ فهذا لهو، أمّا إذا كان فيما يضرّ ولا ينفع، فهؤلاء ليسوا من أبناء حنيجل هؤلاء أولاد حلطم [لفظ يطلق على رفاق السوء].

((عن شبابه فيما أبلاه)) هل فكرتم أنّكم ستُسألون عن شبابكم؟ أين ذهبت بشبابك يا أبا حسن؟ [يسأل الشّيخ أحد الحاضرين فيجيبه] “ربعه ذهب فارغاً وثلاثة أرباعه في الجامع” [فيقول الشّيخ] هذا جيد، سيسألك الله تعالى عن الرّبع الأول، وإذا تبت فإنّ الحسنات يذهبن السيئات، هذا كلام النبيِّ صلى الله عليه وسلم وليس كلامي.

((عن شبابه فيما أبلاه، وعن عمره)) باقي العمر بعد الشّباب ((فيما أفناه)) الآن أين تذهب بشيخوختك؟ [فيجيبه أحد الحاضرين: هنا في الجامع]، وخارج الجامع كيف؟ [يجيبه أحد الحاضرين: أفضل]، [فيقول الشيخ] هل أنت صادق؟ [يقول أحد الحاضرين: إن شاء الله]، [فيقول الشيخ] جعلنا الله من الصادقين، إنّ الله يسمعك، فالأمر معي سهل، أما مع الله؟ [فيجيبه أحد الحاضرين: مع الله ومعك]، [فيقول الشيخ] معي ومع الله، أبو حسن صادق إن شاء الله، فأمامي هذه الجلسة الأمر سهل، أما غداً أمام الله إمّا شقاء الأبد أو سعادة الأبد، لا يبق مال ولا امرأة ولا أولاد ولا شاربان ولا أبو فلان، هذه حقائق الأبد.

((وعن ماله من أين اكتسبه)) ستسأل عن ثروتك هذه من أين؟ هل من حلال أم حرام؟ هل مما حرمه الله عز وجل من سرقة أو خيانة؟

((وفيمَ أنفقه)) أين صرفت المال؟

((وعن علمه)) فاليوم تعلمتم درس القيامة أليس كذلك؟ ((ماذا عمل به)) فهل هذا الدّرس سيستقرُّ في ذهنكم؟ وإذا خرجتم من الجامع بعد ساعة هل ستبقى القيامة في ذهنكم، أو بعد ساعتين؟ وفي المساء أو في السهرة أو مع رفاقكم، أو إذا مرَّت من أمامكم امرأة جميلة، أو إذا صار لكم بيعة في الدّكان فيها غش أو كذب أو خيانة، هل هناك قيامة؟ هذا كلام الله تعالى.

الفلاح في إقامة الصلاة التي تضبط صاحبها

اسم السورة سورة القيامة، والواقعة هي القيامة ﴿‌إِذَا ‌وَقَعَتِ ‌الْوَاقِعَةُ﴾ [الواقعة: 1]، والقارعة أيضاً هي القيامة، والحاقّة هي القيامة، وسورة عمّ -النبأ- والنّبأ العظيم هو الخبر الخطير وهو القيامة، فهل نعرف قراءة القرآن؟ وهل نفهمه؟ تفهم خبر الجريدة، أليس كذلك؟ وكتاب المدرسة أيضاً تفهمه، وتفهم ورقة التقويم، وإن أتاك مكتوب من أجيرك تقرأه وتفهمه، أمّا مكتوب الله ورسالته لك فهل تفهمها؟ وهل تؤمن بها وتُصدِّق بها؟ إن لم تؤمن بها فأنتَ كافر وأنتِ كافرة ولا تغترِّي إذا صليتِ وركعتِ وسجدتِ، قال الله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ﴾ [الماعون: 4] وهناك ﴿قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ﴾ [المؤمنون: 1- 2] هناك مُصلُّون أفلحوا، وهناك للمصلّين الويل والهلاك ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ﴾ مَن هم المصلّون الذين لهم الويل والهلاك؟ ﴿الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: 5] فالصّلاة تنهى عن الفحشاء.. تقول لك الصّلاة: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى﴾ [الإسراء: 32]، وكذلك: ﴿وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضَاً﴾ [الحجرات: 12] فأنت في الصلاة ساهٍ عن كلام الله، ولسان حالك يقول له: تكلم مهما تكلمت فأنا لا أسمع، فهل لهذه الصّلاة الويل أم الفلاح؟ وهل صلاتك ويل أم فلاح؟ ماذا يقول المؤذن؟ حي على الفلاح، يعني على الصّلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، ﴿الَّذِيْنَ هُمْ يُرَاؤُونَ﴾ [الماعون: 6] يجعل نفسه أمام الناس جيداً؛ كلامه جميل ويحلف الأيمان ويتصنَّع الكلام ليراه النّاس أنّه رجل طيب ﴿وَيَمْنَعُوَن المَاعُونَ﴾ [الماعون: 7] يستطيع أن يساعد إنساناً على أمر من الأمور يحتاج إلى مساعدته فيمنع معونته عنه.

فهم القرآن في لزوم المعلم والمرشد ومحبته

فيجب أن نقرأ القرآن وهو مكتوب الله لنا ورسالة الله لنا، فإذا كانت الرّسالة بالإنكليزية تحتاج لترجمان أليس كذلك؟ فالقرآن لا يُفهم إلا لِمَن كان له قلب، وإذا لم تذكر الله ولم تَذُبْ في ذكره، وإذا لم ترَ أستاذ الذِّكْرِ وأستاذ القلوب وفنيت به وذُبْتَ في حبّه.. يذوب أحدهم في حبّ امرأة حقيرة نجسة، قد تعطيك الإيدز فتهلكك في دنياك وأخراك، فإذا أحببت الذي يُسعدك في دنياك وأخراك هل يعتبر كثيراً؟ وهل تعرف الحبّ والواجب والحقّ؟ فإذا لم تعرف الحق ولم تؤدِّ الواجب ولم تحب الحب الحقيقي لن يصير لك قلب ولن تفهم القرآن ولن تستفيد منه، ولذلك كان من دعاء النبيِّ صلى الله عليه وسلم ((اللهم إنّي أسألك حبّك وحبّ من يحبّك)) كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم على عظمته يقول: ارزقني محبّة أحبابك، فماذا سنقول؟ ((وحبّ عمل يقرّبني إلى حبّك)) 12 .

أطلت في الكلام- واللهِ- أنني أتكلم على حساب قلبي، أسأل الله عز وجل ألا يضيع تعبي فيكم، أعطي الدّرس على حساب قلبي وحياتي وصحتي، يتصل بي إخواننا الأطباء في أمريكا كلّ يومين أو ثلاثة ويقولون: أرجوك يا شيخي النّقاهة النّقاهة، ولا تُتعب نفسك، فأسأل الله عز وجل ألّا يضيع تعبنا، فأنا أُلقي البذار، وأسأل الله أن يجعل قلوبكم التربة الخصبة التي تُنبت النّبات الجيد ولا يجعلها سبخة يضيع تعب المزارع وتضيع سقاية الساقي.

ونسأل الله عز وجل أن يوفقنا للاستعداد للقائه، فالميت الآن قد عرف الحقيقة، فهو يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيصلّي ركعتين أو يتصدق أو يذكر الله نصف ساعة، ويبذل كلّ ما يملك مقابل أن يُعطى هذه الفرصة ليتزّود بها للدّار الآخرة، فنسأل الله أن يجعل الموت عِظَة لنا.. نقش سيدنا عمر رضي الله عنه على خاتمه “كفى بالموت واعظاً يا عمر”

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

Amiri Font

Experience the allure of renowned Swiss watchmaking with our replica iwc, available at the best prices without compromising on quality. At www.aparadisiac.com Online Store Buy best luxury replica watches . Provide fashion luxury fake watches like rolex, panerai, tag heuer, omega with cheap price. Looking for the best breitling clone store? replica breitling is a good choice!

الحواشي

  1. صحيح البخاري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، كتاب الإيمان، باب علامة المنافق، رقم: (33)، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق، رقم: (59). واللفظ: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان».
  2. سنن أبو داود، كتاب العلم، باب في التشديد في الكذب، رقم: (4991)، (2/ 716)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (15740)، (3/ 447)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: دعتني أمي يوما ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا فقالت ها تعال أعطيك فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ” وما أردت أن تعطيه؟ ” قالت أعطيه تمرا فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ((أما إنك لو لم تعطيه شيئا كتبت عليك كذبة)).
  3. صحيح البخاري، كتاب الأنبياء، حديث الغار رقم: (3288)، صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب قطع السّارق الشّريف وغيره والنّهي عن الشّفاعة في الحدود رقم: (1688).
  4. المعجم الكبير للطبراني، رقم: (755)، (1/ 259)، مسند الفردوس للديلمي، رقم: (8447)، (2/61)، عن أَنَسُ بن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بلفظ: ((مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانًا وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ)).
  5. أصل هذه القصة في سنن أبي داوود، كتاب الزكاة: باب ما تجوز فيه المسألة، رقم: (1641)، سنن ابن ماجة، كتاب التجارات: باب بيع المزايدة، رقم: (2198)، واللفظ عندهما عن أنس بن مالك: أن رجلاً من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله، فقال: «أما في بيتك شيء؟» قال: بلى، حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه، وقعب نشرب فيه من الماء، قال: «ائتني بهما»، قال: فأتاه بهما، فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وقال: «من يشتري هذين؟» قال رجل: أنا، آخذهما بدرهم، قال: «من يزيد على درهم مرتين، أو ثلاثاً»، قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياه، وأخذ الدرهمين وأعطاهما الأنصاري، وقال: «اشتر بأحدهما طعاماً فانبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قدوماً فأتني به» فأتاه به، فشد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عوداً بيده، ثم قال له: «اذهب فاحتطب وبع، ولا أرينك خمسة عشر يوماً» فذهب الرجل يحتطب ويبيع، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوباً، وببعضها طعاماً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع».
  6. حديث: إذا زلزلت تعدل نصف القرآن، أخرجه الترمذي، عن أنس (2894). مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (11130) (3/15).
  7. مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (21476)، (5/162)، مسند الطيالسي، رقم: (482)، (1/ 386)، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، بلفظ: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى شَاتَيْنِ تَنْتَطِحَانِ، فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ هَلْ تَدْرِي فِيمَ تَنْتَطِحَانِ؟ قَالَ: لاَ. قَالَ: لَكِنَّ اللَّهَ يَدْرِي، وَسَيَقْضِي بَيْنَهُمَا)).
  8. أخرجه أبو يعلى، باب مسند عبد الله بن الزبير رحمه الله، (6/ 172)، وابن عساكر (4/ 92)، بلفظ: ((عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ ، وَعِنْدَ رَأْسِهِ عِصَابَةٌ حَمْرَاءُ، أَوْ قَالَ: صَفْرَاءُ، فَقَالَ: ابْنَ عَمِّي خُذْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ فَاشْدُدْ بِهَا رَأْسِي، فَشَدَّدْتُ بِهَا رَأْسَهُ، قَالَ: ثُمَّ تَوَكَّأَ عَلَيَّ حَتَّى دَخَلْنَا الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَرُبَ مِنِّي خَفُوفٌ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ، فَمَنْ كُنْتُ أَصَبْتُ مِنْ عِرْضِهِ، أَوْ مِنْ شَعْرِهِ، أَوْ مِنْ بَشَرِهِ، أَوْ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا، هَذَا عِرْضُ مُحَمَّدٍ وَشَعْرُهُ، وَبَشَرُهُ، وَمَالُهُ فَلْيَقُمْ فَلْيَقْتَصَّ، وَلا يَقُولَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَتَخَوَّفُ مِنْ مُحَمَّدٍ الْعَدَاوَةَ وَالشَّحْنَاءَ، أَلا وَإِنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ طَبِيعَتِي وَلَيْسَا مِنْ خُلُقِي، قَالَ: ثُمَّ انْصَرَفَ.. الخ))
  9. مسند الفردوس للديلمي (1/ 83)، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء للأصبهاني (6/ 267)، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (6/ 359)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، تذكرة الموضوعات للفتني، ص: (215)، هُوَ من قَول الفضيل بن عِيَاض.
  10. أخرجه الهندي في كنز العمال عن “ابن النجار”. رقم: (1045) عن أنس قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً مع أصحابه فمر بهم رجل مجنون، فقالوا: هذا رجل مجنون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه المجنون المقيم على معصية الله تعالى، ولكن هذا رجل مصاب”. وتاريخ دمشق لابن عساكر “رقم (10437) (40/159).
  11. المعجم الكبير للطبراني، رقم: (16868)، (20/ 60)، شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (1785)، (2/ 284)، عَنْ مُعَاذِ بن جَبَلٍ. ولفظ الحديث: ((لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ بين يدي الله حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ؟ وعَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عَلِمهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟))
  12. سنن الترمذي، أبواب تفسير القرآن: باب من سورة ص، رقم: (3235)، (5/368)، مسند أحمد، رقم: (22109)، (36/422)، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه.
WhatsApp