تاريخ الدرس: 1978/11/06

في رحاب الآداب والأخلاق

مدة الدرس: 00:55:13

في رحاب الآداب والأخلاق (3): آداب البيوع 2

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين والصَّلاة والسَّلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال رسول الله ﷺ فيما رواه الطبراني من حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه: ((إنْ كان خرج- يعني المسلم- يسعى على ولده صغاراً فهو في سبيل الله، وإنْ كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإنْ كان خرج يسعى على نفسه يُعفُّها فهو في سبيل الله، وإنْ خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان)) 1 ؛ فالجهاد في سبيل الله يُعتبَرُ قمة الإسلام وأعلى ذروة يصل إليها المسلم، قال: ويعتبر من ملحقات الجهاد العملُ الاقتصادي؛ فالعمل الاقتصادي ليس أقلَّ قيمة في نظر الإسلام من العمل النضالي الذي فيه الفداء والتضحية بالرُّوح وبالنفس، فإنَّ سعي الإنسان لتأمين حياته المعيشية أُلحِقَ بالجهاد في سبيل الله تعالى لأنَّ الله عزَّ وجلَّ أمر به، وفيه جهد وفرض يتعين على الإنسان وليس مطلوب من غيره.

الإسلام دين حياة

وهذه من ميزات الإسلام أنه يعتبر أمور الحياة ديناً، بل يعتبرها في قمة الدِّين، فهذا الذي جهله المسلمون في وقتنا الحاضر، والعلماء قد جهلوا أو نسوا أو فقدوا الشعور بالحاجة إلى إيقاظ هذه المعاني في نفوس المسلمين، لتتبين عظمة الإسلام في كل شؤونه بما فيها شؤون الحياة التي تتعلق بالاقتصاد، ولو في حدود العائلة وفي حدود النفس.

قال: ((وإنْ كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين)) وليس له أولاد، وإنما فقط من أجل أمه وأبيه، فهو في سبيل الله أيضاً، قال: ((وإنْ كان خرج يسعى على نفسه)) وليس لديه من يسعى عليهم، وإنما فقط لنفسه، وهو محتاج إلى السعي والكسب من أجل أكله وشربه، قال: ((فهو في سبيل الله))، أيضاً كفاية نفسه وإعفافها عن الحرام من السرقة؛ لأنه إذا جاع أو عري أو احتاج إلى مال ولم يشتغل بالحلال فإن نفسه ستدفعه إلى الوقوع في الحرام، فإذا هو اشتغل بالحلال ليعفَّ نفسه إذن فهو أيضاً في سبيل الله، ((وإنْ خرج يسعى رياءً ومفاخرةً)) ليكثر المال تكاثراً وتفاخراً حتى يعمر القصر الضخم ويظهر أمام النَّاس أنه هو الغني والثري وهو العظيم، وليراه النَّاس ويُشتهر بينهم بهذا الشيء، ﴿لَعِبٌ ولَهْوٌ وَزِيْنَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ في الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ [الحديد: 20] قال: ((فهو في سبيل الشيطان)).

وهذا أدب من آداب المسلم في كيفية بناء نيته في عمله المعيشي والحياتي، فيجب أنْ يعمل ليؤدي واجباً، لا أن يعمل ويكتسب تفاخراً أو لغطاً أو عقلاً طفوليّاً؛ لأنَّ الحياة في الإسلام حياتان: الحياة المؤقتة القصيرة الفانية، والحياة الخالدة والمؤبدة اللانهائية، فالعقل يوجب الاعتناء بالأعظم وبالأخلد وبالمؤبد، وفي الوقت نفسه قال له: ﴿وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا [القصص: 77]، ومع الأسف والحزن العميق أنَّ هذا الفقه وهذا الشعور بهذه الثقافة الإسلامية الحياتية مفقود عند المسلمين لفَقْدِ معلمها، وفقد وجودها في المجتمع الإسلامي بسبب عدم وجود الشَّيخ الكفء أو رجل الدِّين الإسلامي الكفء في الفهم والفقه وفي التعليم والتربية.. وموضوع ذم المال تكاثراً ورد في قوله تعالى: ﴿الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ [الهمزة: 2-4].

رزقاً طيباً وعملاً صالحاً

قال ﷺ: ((ما جاءني جبريل إلا أمرني بهاتين الدعوتين: اللهم ارزقني طيباً واستعملني صالحاً)) 2 ما هذا الإسلام يا بني! فنجد كما أمرنا الله عزَّ وجلَّ بالذكر الكثير، والمحافظة على الصلوات في أوقاتها [أمرنا بهذا]، قال كلما نزل الوحي -والوحي ربما ينزل يومياً، أو لعله ينزل أكثر من مرة في اليوم- قال: ((إلا أمرني))، لا أن يدعو أمامه فقط، بل يأمره أنْ يدعو الله بهاتين الدعوتين: “اللهم ارزقني طيّباً”، طلب الرزق، وأنْ يكون الرزق طيباً؛ فالطيب يشمل الطيب حسّاً وذوقاً وجسداً، ويشمل الطيِّب حلالاً مباركاً وشريفاً ونزيهاً؛ لأنَّ الحرام خبيث، وإذا كان الطعام منتناً أو وسخاً أو قذراً أو مضراً فهو كذلك، ((اللهم ارزقني طيّباً واستعملني صالحاً)) أي استعمالاً صالحاً، و”صالحاً” صفة لمفعول مطلق محذوف، رواه الحكيم الترمذي عن حنظلة رضي الله عنه.

((واستعملني صالحاً))؛ ليس المطلوب فقط أن تأكل وتملأ معدتك ثم تجلس عاطلاً، وإنما يقول لك الإسلام: املأ الوقود وحرك السيارة ثم ابدأ بالعمل الإنتاجي، أمَّا أنْ تأكل وتقعد فلا.. ((واستعملني)): وإذا كنتَ تريد أنْ تعمل فلا تشتغل خبيثاً، واستعملني ليس استعمالاً باطلاً أو فاسداً أو شرّاً، بل استعملني صالحاً.

ما أحوجنا نحن إلى التعلم.. يستطيع الواحد منكم أن يأخذ هذا الكتاب ويذهب إلى صلاة الفجر في أي مسجد ويُعَلِّم الناس الموضوع نفسه، وإذا وُجِد شيء من غريب الحديث فهناك كتاب النهاية، ويعتبر هذا أعظم كتاب في الموضوع: فهو قاموس لشرح الأحاديث، ويستطيع المطالع له أنْ يفعل أكثر من التفقُّه في الدين بأنْ يُفَقِّه غيره، ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّين وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [التوبة: 122]، فيكون ممن تعلَّم وعلَّم، سيِّدنا عيسى عليه السَّلام يقول: “من تعلَّم وعمل وعلَّم دُعِيَ عظيماً في الملكوت الأعلى”.

من الآداب الاجتماعية في بناء سعادة الإنسان

وقال ﷺ: ((ما من عبد استحيا من الحلال إلَّا ابتلاه الله تعالى بالحرام)) 3 ، رواه ابن عساكر عن أنس رضي الله عنه، أيضاً هذا الحديث فيه أدب من الآداب الاجتماعية في بناء سعادة الإنسان؛ فقد يتيسر له عمل الحلال لكنه عمل صغير ومتواضع، وقد يكون هو ابن عائلة أو معروف سابقاً بالأعمال الكبيرة الضخمة ويكون تاجراً كبيراً أو صاحب مصنع، فربما احترق متجره أو صودر مصنعه، ولم يبق عنده شيء، فتيسر له أنْ يكون بائعاً متجولاً أو يقود عربة، فالإسلام يقوم بتربيته تربية تجعل عنده من الشجاعة والجرأة ما يصل به إلى ما هو مضطر إليه من غير ضعف ولا تردد ولا انهزام، فالإسلام يقول له: لا بأس وليكن العمل بسيطاً متواضعاً طالما كان حلالاً فيجب أنْ تعمل به.

زرتُ وزيراً وكان قد أُقيلَ من منصبه، فذهبت إليه، قال لي: أنا لا أهتم ولو عملت سائق أجرة، فرأيته ذا نفس كبيرة وعظيمة، فما الذي يضر؟ قيادة السيارة حلال، والخياطة حلال، والوزارة حلال، المهم أنْ لا يأكل الحرام، فهذا ما ينبغي الاستحياء منه، يجب أنْ يستحيي المرء من الله عزَّ وجلَّ ويستحيي من الخالق، يستحيي من الذي لا تخفى عليه خافية، فليضع صندوقين من العنب على عربة ويبيعهما.

هناك رجل يقف عند ناصية الشارع ويضع بساطاً بجانب الحائط، كما ترونه، فيبيع يوماً بندورة، ويوماً خياراً، ويوماً تفاحاً أو عنباً، لا يضع صورة ولا لوحة، ويقف سواء أكان الجو صيفاً أو شتاء، أو كان الثلج يهطل والحرارة منخفضة، اشتريتُ منه البارحة عنباً بليرتين، والإخوة اشتروا العنب بالجملة بليرة ونصف، فإذا كان يربح بالكيلو نصف ليرة، وفي الصندوق عشرون كيلاً، فربح كل الصندوق عشر ليرات، ولو حسب مجموع ما عنده وباعهم فهو يجني في اليوم حوالي مئتي ليرة! هذه لا تحتاج إلى تفكير، وآخر يدرس ويأخذ شهادة، ولكنه من المحتمل أنْ يمضي عليه عشرون أو ثلاثون سنة ولا يجني في اليوم مئتي ليرة! فكم من أمور صغيرة بحسب الظاهر ومتواضعة لكنها تُعطي الفائدة.

فمن الذي سيوجد فينا شخصية الإقدام لنصل إلى السعادة؟ إنه الإسلام! ومن سيوصلنا إلى الإسلام؟ هل الإسلام هو المئذنة؟ هل هو ورق المصحف وجدران الجامع؟ إنما هو الشَّيخ المعلم، ولكن المجتمع الإسلامي الآن فَقَدَ الشَّيخ العالم بعلوم الإسلام والمعلم لها والمربي للنفس والمنشِّئ لها بالمواد الإسلامية الصحيحة.. فهذا هو الإسلام في ميدان الحياة والعيش والاقتصاد، قال: “فإذا استحى” لا يقل له: اشتغل، بل يقول له: إذا كنت ستستحي من العمل ستقع في الحرام.. وأقل الدرجات أن يتكلم على الناس ويقول إنَّهم لا يعطونني، وهذا الفلان بخيل وهذا منتن، وذاك يده ممسكة عن الخير، وهكذا، فما لك ولهذا كله؟ عليك بالعمل.

رعي الغنم

النَّبي ﷺ قال: ((ما بعث الله نبيّاً إلا رعى الغنم، قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: وأنا؛ كنتُ أرعاها لأهل مكة بالقراريط)) 4 ، وسيِّدنا عليّ رضي الله عنه اشتغل عند يهودي، يُخرِج له الماء من البئر كلَّ دلو بتمرة حتى مجلت كفَّاه، يعني صارت فيها دمامل، ومن هو؟ هو من كبار الصحابة رضي الله عنهم، كبار العلماء والصالحين كانوا يشتغلون، لا يوجد مانع.. وفي تربية النفس عند أهل التصوف إذا أتى أحدهم وكان ذا شأن، فمن قَبْلِ أنْ يسمحوا له بالمجالسة مع الله عزَّ وجلَّ يُجرِّدونه من نفسه ومن أنانيته، فيقولون له مثلاً: ضع سلَّة في رقبتك واملأها جَوزاً وانزل إلى السوق وتعطي كلَّ واحد من المارَّة يصفعك على رقبتك حبة من الجوز.. أحد الصالحين فعل هذا بوزير أتى إليه ليأخذ الطريق، فقال له: إنْ فعلت هذا نقبلك ونعطيك طريقاً، وإنْ لم تفعله فلا نعطيك، ولم هذا؟ لأنه: هل يدخل على الله وهو وزير؟ سيستعلي على النَّاس.. فهذا إذا مرَّ بذلك الاختبار فلن يترفع بنفسه حتى على كانِسِ القمامة، وسيصبح متواضعاً لكلِّ الخلق.

النَّبي ﷺ على عظمته كان يقف إذا كلَّمته الجارية في الطريق ويكلمها، ويقف للعبد وللأعرابي، ويجلس على التراب، وفي الأكل كان يمضي الهلال والهلال والهلال ولا يوقَد في بيت رسول الله ﷺ نار؛ فهذه هي التربية الإسلامية! وهي أنْ يخرج الإنسان من شخصيته المتكبِّرة، شخصيته العظيمة، يخرج منها مُلكاً وغنًى وشرفاً وجمالاً وشكلاً وعلماً، هذه ثقافة هائلة وعظيمة، فإن كان وزيراً وليس عنده علوّ فسيتواضع للصغير والكبير، ويعدل مع الضعيف ومع القوي، هل يكون خسر أم كسب؟ فما المانع إن دله الشيخ على درس يعلمه التواضع ببضع صفعات على رقبته من الناس وإعطائهم بضع جوزات؟

ويُقال: إنَّ اثنين من العلماء أحدهما صار عالماً مربيّاً كبيراً، والثاني بقي كما هو ولم يصبح شيئاً، فجاء إليه وقال له: أنا وإياك رفاق وتخرَّجنا من مدرسة واحدة، ولكن أنت أصبحتَ مربياً، فكيف هي الطريقة لأكون مثلك؟ علمني حتى أسلكها، قال له: تذهب وتحلق لحيتك ثم تأتي إلي، قال له: سبحان الله! [مستغرباً ومستهجناً ومتكبراً] كيف تأمرني بذلك؟ قال: لا تقل سبحان الله، هذا التسبيح ليس لله تعالى، أنت تسبح نفسك وتعظم نفسك؛ أنت ترى نفسك كبيراً بلحيتك ومشيختك، فيجب أنْ تخرج من أنانيتك وإعجابك بنفسك، وتدخل على الله عزَّ وجلَّ بالتواضع حتى تنال الإيمان؛ الإيمان القلبي الذي يُعطي الإنسان أعظمَ سعادة يتخيلها، ويُعطي الإيمان الخُلُقي، فتصير أخلاقه أخلاق الإيمان، ويعطيه الإيمان العملي فتصير أعماله أعمال الايمان.

الحديث يقول: ((ما من عبد استحيا من الحلال إلا ابتلاه الله تعالى بالحرام))، ولو كان العمل متواضعاً بسيطاً ولو بالعربة! ولو منظف أحذية! بل عليه أن يعمل بها ولو لم يكن محتاجاً إذا كانت نفسه متعالية.. رؤي سيِّدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يحمل حزمة حطب، وهو خليفة، قالوا: ما هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: شعرت بعظمة في نفسي وكبرياء فأحببتُ أنْ أذلِّلَها، هذا هو المسلم! إذا صار مديراً فلا يتكبر على الخادم، وإذا صار أستاذاً في كلية الطب فلا يصح أنْ يتكبَّر على الطلاب، وإذا صار رئيس جمهورية فيبقى متواضعاً، فما أجمل العظمة إذا وُجِدَ معها التواضع! وإذا صار غنياً فيجب أنْ يتفقَّد أقاربه وجيرانه والفقراء والمساكين ويأكل معهم، يذهب ويفاجئهم ويقول لهم: أريد العشاء عندكم، ليرى ما هو طعامهم، فيكون طعامهم سلطة خضار، وهو لديه سبعة أو ثمانية ألوان من الطعام، فيحتار أي لون يأكل، فكل هذا من التربية الإسلامية التي فقدت الآن من المجتمع الإسلامي! والأمة علم وأخلاق، فلو وُجِدَ العلم من دون أخلاق فالعلم يضرُّ، وإذا وُجِدَ الذكاء بلا أخلاق فالذكاء يُؤذي، المهم أنْ يوجد العلم والأخلاق سويّاً، فهذا هو الإسلام، لكنَّ الذي يصنع الإسلام علماً وأخلاقاً وتربية ونفساً فُقِدَ في المجتمع الإسلامي أو يكاد يكون في دور التصفية النهائية، وإذا فقدناه فسنصبح لحماً وعظماً مثل الغنم، ولذلك فئة وحفنة من اليهود هزمت العرب مجتمعين ومنفردين، إذاً يجب أنْ يكون عند المرء شجاعة في العمل ولو كان عملاً متواضعاً؛ لأنَّ العمل الكبير يكون في البداية عملاً متواضعاً وبعد ذلك يكبر شيئاً فشيئاً.

طريقٌ إلى الجنة

وقال ﷺ: ((من أكل طيباً وعمل في سُنَّةٍ وأمِنَ النَّاس بوائقه دخل الجنة)) 5 ، البوائق معروفة وهي الغدر والمكر، قال: ((من أكل طيباً)): والمقصود من الطيب أي الحلالِ وليس الطيب النوعي في الغذاء، فيأكل الحلال، ((وعمل في سُنَّة)) السنة هي الطريقة؛ يعني أنَّ حياته مطبقة على حياة النَّبي ﷺ، وسنة النَّبي ﷺ تعني حياة النبي صلى الله عليه وسلم في أخلاقه وفي عمله وفي عبادته وفي إيمانه وفي قلبه، فمن أين يأتي بمثل هذا؟ فليس بمجرد سماعه الحديث يعني أنَّ هذه المعاني صارت موجودة فيه، فإذن، أكلَ طيباً حلالاً وعمل في سُنة وكانت أعماله مُقيَّدة بأفعال النَّبي ﷺ، ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب: 21]، الذي يريد أنْ يتعلم القيادة يجب أنْ يُقلِّد السائق، ومن يريد أنْ يتعلم الطيران يجب أنْ يُقلِّد الطيار، ومن يريد أنْ يكون مسلماً يجب أنْ يُقلِّد النَّبي ﷺ، فيعرف أعمالَ النَّبي ﷺ، وأخلاق النَّبي ﷺ، وهدي النَّبي ﷺ، وحياة النَّبي ﷺ، ويجب أنْ يكون له معلمٌ ومربٍّ حتى يصير مسلماً، أمَّا بالادعاء بالاسم ومن غير معلم ومن غير مربٍّ فهذا مستحيل.

قال: ((من أكل طيِّباً وعمل في سُنة وأمِن النَّاس بوائقه)) بوائق: يعني غدرَه ومكره وغشه، وأمِنوا شروره، فتكسب ثقة النَّاس؛ فإذا أُعطيتَ مئة ألف ليرة دون ورقة إثبات أو شاهد أو كاتب فلا يقع في القلوب شكٌّ فيك، ولكن لا يصح أنْ تُسلِّم بلا شاهد ولا كاتب مهما كانت الثقة بينكما، فهذا أيضاً مُخالِف للشرع، فلو كان على مستوى الإيمان الكامل فهناك موت، إلا أنَّه إذا استثنينا الموت فسيثق بك الناس كل الثقة، ولو أُعطيت مئة مليون لا يقع في نفسك العدوان أو الظلم أو التعدي، قال: ((دخل الجنة))، فالجنة حصرَها هنا بأشياء ثلاثة: ((أكل طيباً)): أي الطعام الحلال الذي ليست فيه شبهة، ((وعمل في سُنّة)): أعماله كلها ضمن السنة النبوية، ويجب عليه لتحقيق ذلك أنْ يدرس السنة النبوية ويتعلمها ويفقهها، ألا نريد الجنة؟ فإن متنا فما الذي سيبقى؟ هل سيبقى أنه أستاذ جامعي أو مهندس أو مدير؟ ((وأمِن النَّاس بوائقه)) قال: ((لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه)) 6 ، البوائق هي الغوائل والشرور، وواحدتها بائقة وهي الداهية. رواه ت/ك الترمذي والحاكم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

اِكسبْ بيدك

وقال النَّبي ﷺ: ((أزكى الأعمال كسب المرء بيده)) 7 أنْ تشتغل بيدك لا أن ينفق الناس عليك، طالما أنك تستطيع أنْ تعمل فاعمل ولو أن ابنك يأتيك بمال، حتى ولو كان الرزق يأتيك بشكل هين وكنتَ قادراً على العمل فيجب أنْ تعمل، وإذا كنتَ بحاجة فبها، وإذا لم تكن بحاجة فحوِّلها إلى عملة في الآخرة: خذها معك ولا تتركها لغيرك واستفد من مالك في الدُّنيا والآخرة، لكن بشكل لا تَحرِم فيه الورثة، فالنَّبي ﷺ أباح للإنسان إلى حد الثلث كوصية، وأحسن الأشياء أنْ يُنفِقَ في حياته وبيده خاصة في هذا الزمن، لأنه عندما يموت يبلعون الوصية ولا ينفذونها، حتى لو كان هو شيئاً يؤكل لأكلوه.. فلا يترك نفسه ويأتمِن من لا أمانة له.. فهنا حضَّ على العمل اليدوي. رواه البيهقي عن علي كرم الله وجهه.

وقال ﷺ: ((مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَاماً قَطُّ خَيْراً مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ)) 8 ، فمن عظمة الإسلام أن لا يترفع أحد عن العمل، وكلنا عمال، ألا تقول الاشتراكية إنَّهم يجب أنْ يكونوا عمالاً كلهم؟ إن الأنبياء والرسل عملوا بأيدهم، وسيِّدنا داود عليه السلام مع أنه نبيٌّ وملك كان يعمل، وفي الإسلام فإن الملك ليس له راتب إذ يجب أنْ يعمل ويُخرِجَ مصروفه من كسب يده، لكن متى يستطيع أن يعمل هذا العمل ويتفرغ هذا التفرغ؟ إذا لم يُرَبّ الأمة التربية الكاملة ويهديها الصراط المستقيم لا يستطيع أنْ يتفرغ للكسب اليدوي والعمل الحرفي.. وورد أيضاً أنَّ سيِّدنا سليمان عليه السلام كان يعمل، وكان سيِّدنا داود عليه السلام حداداً ويصنع صناعة الحرب ﴿أن اعمل سابغات وقدر في السرد [سبأ: 11] فكان يعمل الدروع، وسيِّدنا سليمان عليه السلام كان يعمل في القِفاف، وكان نوح عليه السلام نجاراً، وإدريس عليه السلام خياطاً، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ((جُعِلَ رزقي تحت ظل رمحي)) 9 ، فما كان أعظم من نبينا ﷺ؛ فقد كان قائداً حربيّاً وجُعل رزقه من الفيء والغنائم: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ [الأنفال: 41].

فهذه إشارة إلى أنَّ الجميع عليه أنْ يعمل؛ فإذا كان الأنبياء وهم أعظم أفراد المجتمع في العلم والأخلاق والإيمان، وبالإضافة إلى أن داود وسليمان عليهما السلام كانا مَلِكَين لهما عظمة دنيوية وبالرغم من ذلك نزلوا إلى ميدان العمل، وهذا يشرحه ما ورد في الأثر: ((إنَّ الله يكره العبد البطال)) 10 ، ورأيت في الأحاديث أيضاً: ((إنَّ الله يكره العبد الفارغ الصحيح)) 11 ، فصحته جيدة ولكن لا يعمل، لماذا؟ يقول إنه غير محتاج، ولكن يوجد غيرك من هم بحاجة كالمقعدين والمرضى والفقراء والأرامل والأيتام، وقوتك هي طاقة، لماذا تعطِّلها؟ ولا يوجد في الإسلام فراغ.

كان كثير من النَّاس في الحارات القديمة في دمشق يستحيون أنْ يتعلموا صنعة، وعندهم هذا من العيب، وهذه لعلها مأخوذة من القديم حين كان المسلمون يتربون التربية الإسلامية، وكانوا كلهم مجاهدين، فلا يتعلمون صنعة ولا زراعة وإنما فقط للحرب، فتركوا الحرب واستمروا على البطالة واستمرت عادة سارية، فلمَّا أتى أستاذهم الفقر علَّمهم بالجوع، فقاموا وعملوا رغماً عنهم.. أولادهم عاشوا فقراء ثم صاروا لصوصاً، أمَّا الآباء الأوائل فقد كانوا مجاهدين ومحاربين.. ((من بات كالّاً من عمله أمسى مغفوراً له)). الحديث الأول رواه الإمام أحمد والبخاري عن المقدام رضي الله عنه.

وقال ﷺ: ((ما أكل العبد طعاماً أحبَّ إلى الله تعالى من كدِّ يده، ومن بات كالّاً من عمله أمسى مغفوراً له)) 12 رواه ابن عساكر عن المقدام بن معد يكرب، ((بات كالّاً من عمله)): عاد مُتعباً ويداه وقدماه تؤلمانه من العمل والجهد، وبات على هذا الشكل، قال: ((بات مغفوراً له))، فالشَّيخ إذا أتى إلى الجامع يريد أنْ يُعلِّم النَّاس الوضوء، والنَّاس يعرفون الوضوء، ولكنهم يجهلون هذه العلوم المعيشية والأخلاق الحياتية، فتراه يعلمهم ما يعلمون ويهمل تعليمهم ما يجهلون؛ فإذا كان البرغل في صحن من يأكل يريد أن يزيد له البرغل! بل ضع له اللبن أو سلطة أو قليلاً من الفلفل أو غير ذلك، فهذا من جملة الأسباب التي أدَّت إلى فشل الشَّيخ، فلا يَعرِف كيف يُعلِّم، لأنه في المدارس تعلم المواد، ولكنَّه لم يتعلم كيف يُعَلِّم، ولم يتربَّ حتى يتعلَّم كيف يُربِّي؟ ففشل وفشل المسلمون بفشله، وضاع المسلمون.. النجار من يكون له معلمٌ نجار، والدهان من له معلم، والطيار من له مدرب طيار، والمسلم ليس له معلم ولا مدرب ولا مربٍّ.. فذهب الإسلام.

ولذلك تعداد المسلمين الآن ألف مليون وحفنة من اليهود يتحدونهم، فهم صُمّ بُكم عُمي فهم لا يعقلون ولا يُنصَرون، والسر أنَّ الأمر يحتاج إلى شيخ ولا نقدر أنْ نُعِدَّ هذا الشَّيخ، فنقوم بتجارب في الجامع أنْ نصنع شيخاً لعلنا ننجح، فإذا نجحنا في ذلك فالنَّاس بحاجة للشيخ أكثر من حاجتهم لمئة طبيب ومئة مهندس، لأنه صار عندنا والحمد لله أطباء كثر ومهندسون كثر، أمَّا المشايخ.. فمن يُفْقَد اليوم لا يُعَوَّض بأي شكل.

إنفاقك على نَفْسِك وَأَهْلِك وَوَلَدِك صَدَقَة

وقال ﷺ: ((مَا كَسَبَ الرَّجُلُ كَسْباً أَطْيَبَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَمَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَخَادِمِهِ، فَهُوَ صَدَقَةٌ)) 13 ، إذا اشتغل ليكفيهم وليُعِفَّهم وليُؤدِّ إليهم واجبهم الحياتيَّ، وعمل ما عمل اندفاعاً لامتثال أمر الله تعالى ونزولاً عند أوامر الإسلام وعَمِل بالأدب الإسلامي، والأدب الإسلامي الذي يقول الله تعالى عنه: ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ [النُّور: 37]، ففي أثناء عمله يذكر الله، وعندما يسمع الأذان يُسارِع إلى صلاة الجماعة، فتكون النتيجة أنه حتى في عمله الدنيوي وإنفاقه الدنيوي على شؤونه الحياتية هو له صدقة.

التاجر الصدوق الأمين مع النَّبيين والصديقين والشهداء

وقال ﷺ: ((التاجر الصدوق الأمين مع النَّبيين والصديقين والشهداء)) 14 ، هذه آية من عظمة الإسلام! يظن بعض النَّاس أنَّ الأعمال الدِّينية هي وحدها التي توصل الإنسان إلى رفيع الدرجات عند الله في الدار الآخرة، وهذا في كل الأديان؛ يظن أبناء الأديان من اليهود والنصارى والمسلمين أنَّ الذي يستحق الدرجة الرفيعة هو رجل الدِّين لكثرة عبادته ولكثرة صلاته ولتفرغه لأمور الآخرة، أليس كذلك؟ فأتى الإسلام ولم يقل بذلك، وإنما قال إنَّه يُمكِن لكل أصناف النَّاس أنْ يصلوا إلى الدرجات العالية، ففي القرآن مثلاً قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسول فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبيينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ [النساء: 69] أتى الحديث فبيَّن ما أُبهِمَ، وخصَّص ما عُمِّم، فهناك تعميم في من يطيع الله والرَّسول سواء أكان شيخاً أو وزيراً أو تاجراً، وقد يقول أحدهم: هذه للمشايخ وهي للمتعبدين وللصالحين وللمتقين والذين يعيشون في الجبال ويعتكفون منزوين.

فأتى الحديث وقال: ((التاجر)) الذي يعمل بأعمال الدُّنيا، و((الصدوق)) الذي لا يكذب في بيع أو شراءٍ، فإذا قال: رأس مال [هذه القطعة] بكذا وربحي كذا ونوعها كذا وصِنْفها كذا ووَضْعُها كذا، كان صادقاً في كل شيء، ((التاجر الصدوق الأمين))، الأمين في المعاملة والأمين مع الله عزَّ وجلَّ، والأمين مع النَّاس والأمين في كلامه وفي معاملته، قال: يكون ((مع النَّبين والصديقين والشهداء))، مثل قول الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ [النساء: 69]، فهذه هي الثقافة الإسلامية، وهي مفقودة الآن في وقتنا الحاضر، والتي بها نرفع مستوى المجتمع إيماناً وعلماً وأخلاقاً وسلوكاً وإنتاجاً، فيجب أن تكون هذه الثقافة كلها ثقافة التاجر.. قبل خمسين سنة وما قبل كان معظم التجار علماء يتخرجون من حلقات العلماء ويجلسون في مجالس العلماء.

كان المسلمون حينها في الذروة، ولم يكن هناك دولتان عظيمتان في العالم، وإنما كانت الدولة العظمى الوحيدة هي دولة الإسلام، وعندما كان المسلمون في قمة المجد على أي أساس كان مجدهم قائماً؟ كان رجل الدولة في مجلس العلم والثقافة، وكان يتولى التعليم والتثقيف ليس الرجال فقط، بل والنساء أيضاً، وكان عبد الملك بن مروان يحضر في درس أم الدرداء الصغرى في جامع بني أمية، فالمرأة تذهب إلى المسجد ويجلس في حلقاتها الخليفة والإمبراطور، فإذا كان الإمبراطور يحضر الدرس، ويقولون “إنَّ المرأة بنصف عقل”! ولو كانت بنصف عقل فهل يذهب الخليفة ويُقلِّل عقله؟ فأي احترام وأي تكريم هذا للمرأة؟ ثم إن كان الإمبراطور يحضر فهل سيتخلف رئيس الوزراء والوزراء وقادة الجيوش والأطباء والمهندسون؟ فلما كان هذا وضع المجتمع الإسلامي من ناحية العلم والثقافة والتربية والإيمان وصلوا إلى تلك القمة، أمَّا الآن فإذا وُجِدَ العالِم في الجامع نرى عنده بائع الحلوى والعاطل عن العمل ومن لا يفقه شيئاً.

وأيضاً فإن البضاعة التي يعرضها العالِم لا تأتي إلا بهؤلاء الزبائن، مثل سلة القمامة من يأتي إليها؟ إما القطط أو الحشرات أو الذباب، أما إذا كانت مائدة فيها الحلوى اللذيذة وأطايب الطعام الفاخرة فإنَّ لها زبائن آخرين، كذلك فإن المسجد قد ظُلِم لأنه لا يوجد فيه رجل المسجد، إنّ أفضل طائرة لا فائدة منها إن كانت بلا طيار، بل إنّ الدراجة العادية إذا كان لها قائد تعطي إنتاجاً أفضل مع أنه يركب عليها رجل واحد.. فالمساجد الآن فرغت من رجالها، وهي مثل المستشفيات إذا فرغت من أطبائها، ويمكن أنْ يأتي وقت من الأوقات تُستَعمل فيه لأمور ثانية مفيدة في أمور الدُّنيا، لأنه إذا لم تكن تُعطِي علماً ولا ديناً فالله عزَّ وجلَّ لن يُبقيها هكذا.. في روسيا جعلوا من بعضها مستودعات، ومن بعضها مسارح، ومنها ما أُغلِقَت حتى صارت خاوية على عروشها، هذا كله رأيته أنا في الاتحاد السوفييتي.

يدٌ يحبها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم

قال: ((التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة)) 15 ، هناك أحاديث كثيرة في فضائل التاجر وفي فضائل العامل وفي فضائل العمل، وورد في حديث نبوي رأيته، يقول: أتى عامل وصافح يد رسول الله ﷺ فوجدَها خشنة من أثر العمل، فأخذ النَّبي ﷺ يدَ العامل وقبَّلها، وقال: ((هذه يد يحبها الله ورسوله)) 16 .

فلو أن الشيخ تعلَّم العلم، والنَّاس لا تُقدِّر العلم، والأصل في وقتنا الحاضر: أن العالِم يتفرغ للعلم، ولكن النَّاس اليوم في رقود وفي نوم وفي سبات عميق، لا يعرفون قدر العلم والعالم ولا يقومون بكفايته حتى يتفرغ التفريغ الكامل اللائق، فليذهب الشَّيخ وليخلع العمامة واللفة وليعمل.. شيخنا كما كنتُ أسمع منه أنه في أول أمره كان يشتغل بضمان البساتين، ولما سمع النَّاس بعلم الشَّيخ وشعَروا بفائدته صاروا يكفُونَه، وعندما كفاه الله تعالى صار يشتغل بالمسلمين، وهذا أحسن من أنْ يشتغل بالضمان، فالإسلام لا يترك أحداً عاجزاً أو متحيراً.

وقال صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ)) 17 ، وقال: ((إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ)) 18 ، فيا لفائدة الولد! يكتسب ويُقدِّم لأبويه، لأنَّ الولد يُعتَبَر من كسب أبويه، هذا الولد البار، جعلنا الله أبراراً بوالدِينا أحياء وأمواتاً، وقال ﷺ: ((طلب الحلال مثل مقارعة الأبطال في سبيل الله)) 19 ، وكأنَّ الرجل يصارع الأبطال في المعركة في قضية حياة وموت، وكذلك العمل في حياة الكرامة أو موت الكرامة، أمَّا إذا قعد بطَّالاً كسولاً كلّاً على النَّاس، فمرة يشتم أخاه الغني، ومرة يشتم جاره الغني، فلم لا تقوم وتعمل أنت؟

يُقال: إنَّ رجلاً في أحد الأزمان ذهب إلى بستان، فرأى بومة عمياء، فقال: سأرى هذه البومة من أين ستأكل؟ فرأى عصفوراً يحمل بفمه حبة توت أو قطعة خبز، يذهب ويعود فيطعمها، فتأثر هذا الرجل من هذا المشهد، وقال: الله أكبر! بومة عمياء لم يُضيِّعها الله عزَّ وجلَّ، وأنا كذلك لن يضيعني الله تعالى، فأغلق دكَّانه وصعد إلى الجبل وقعد بمغارة يُصلِّي، ومضى عليه يوم ويومان وثلاثة، وكاد يموت من جوعه، ثمَّ نزلت الأمطار وكان هناك أناس يمشون فأرادوا الاحتماء من المطر داخل المغارة، فإذا بهم يرون الرجل مشرفاً على الموت، فعملوا على إنقاذه حتى أفاق، وسألوه عن حاله، فأخبرهم أنه يكاد يموت من الجوع، فسألوه: ولم أنت هنا في المغارة؟ فحكى لهم قصة البومة والعصفور، فقال له أحدهم: أيها الغبي؛ أراك الله بومة عمياء عاجزة، ورأيت عصفوراً يعمل؛ فلمَ لم تصنع صنع العصفور وجعلت نفسك بومة عمياء؟.. الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وهناك من يستمعون القول فيتبعون أسوأه.

أحدهم يدخل على بيت السلطان فلا يرى الجواهر والذهب والرسوم والقصور، ولكنه يرى البالوعة [مصرف المياه الوسخة]، فيقول إنَّ بيت السلطان كله نجاسة! أو يذهب إلى بيت الخلاء فيَصِف من قصر السلطان بيت الخلاء فقط ويترك كلَّ مظاهر الكمال! هذا لأنه ناقص، فيكون مذهبه الجرذ والفأر، كذلك هناك أناس هممهم قاصرة ونفوسهم صغيرة، لكنَّهم بصحبتهم للنفوس الكبيرة ولأصحاب الهمم العالية تتلقح النفوس مع بعضها فيتغيَّر حالُهم، رزقنا الله تعالى صحبة الأكابر

واغتنِم صحبة الكبارِ واعلَمْ أنَّ في صحبة الصِّغارِ صَغَارَا وابغِ مَنْ في يمينه لك يُمنٌ وترى في اليسار منه اليَسَارَا

اليُمْن هو البركة.

الساعي فِي سَبِيلِ اللَّهِ أو في سبيل الشيطان

وقال ﷺ: ((السَّاعِي عَلَى وَالِدَيْهِ ليَكْفِيهما أَوْ يُغْنِيَهُمَا عَنِ النَّاس فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَنْ سَعَى عَلَى زَوْجٍ أَوْ وَلَدٍ ليَكْفِيهما أَوْ يُغْنِيَهُمَا عَنِ النَّاس فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالسَّاعِي عَلَى نَفْسِهِ لِيُغْنِيَهَا ويَكفِيها عَنَ النَّاس فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالسَّاعِي مُكَاثَرَةً فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ)) 20 : هناك كفاية وإكفاء: فيعطيه كفايته، وهناك إغناء عن الناس فلا يحوجه لأحد من النَّاس من قريب أو بعيد، فيُعتبَرُ عمله جهاداً في سبيل الله عزَّ وجلَّ، ((ومن سعى على زوج أو ولد)) ولفظة الزوج تُطلق على الرجل والمرأة.. أمَّا الساعي مكاثرة من أجل الإكثار فقط؛ فإن صار ماله مئة ألف يريد مئتين، وإن صار مئتي ألف يريد أربع مئة ألف، وإن صار كذلك فلا يكتفي به.. فهذا ليس له هدف سامٍ في الحياة.

الأوربيون والأمريكان الآن والمسلمون كذلك حين كانوا في رقيِّهم: كان أغنياؤهم أصحاب رسالة، فالجوامع القديمة والأوقاف العظيمة كانت من عمل فقراء أم أغنياء المسلمين؟ كانت من عمل الأغنياء الذين أوقَفوا أوقافاً تغني كلَّ موظفي المساجد، وأقاموا المدارس والمياتم والزوايا للتربية الصوفية، والأوقاف على الفقيرات وعلى العازبات وعلى القطط والدواب، كانت “مرجة الحشيش” [مكان كبير وعظيم على ضفاف نهر بردى يقع وسط دمشق، كان في فترة الثمانينات من القرن العشرين يقام عليه معرض دمشق الدولي، ويمكن القول إنه ربما يكون أهم وأغلى بقعة في مدينة دمشق حالياً] هذه كلها وقفاً للدواب العاجزة، فإذا الدابة عجزت فبدل أنْ يتركوها تموت من جوعها عملوا لها المرج فيه الحشيش والماء، أما الآن فماذا أصبحت؟ [معرضاً للبضائع] وهذا على حساب الحمير، فاليوم لو أقامت الحمير دعوى: أنَّ هذا حقنا الشرعي الإسلامي وأنتم أخذتموه منا، وأنتم تملكون أراض كثيرة تستطيعون أن تجعلوها معرضاً، وهذا لا يحق لكم.. فالبغال والحمير إذا أقاموا الدعوى سيكسبونها شرعاً! لكن لا نعرف في القانون هل يكسبونها أم لا!

وقال ﷺ: ((ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم، قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: وأنا، كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط)) 21 أي بالحصة، فالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يجعل من نفسه قدوة، فهل يوجد أصغر من وظيفة راعي الغنم؟ فاعمل ولو كنتَ راعياً للغنم، ولا تقل: أنا ابن عائلة؛ فهل أنت أعظم أم النَّبي ﷺ؟ ما دام العمل حلالاً وجائزاً فاشتغل.. عبد الله بن المبارك كان من أكبر العلماء وكان يعمل، والإمام أبو حنيفة عمل، وكذلك الليث بن سعد، ومنهم من تفرغوا للعلم، فاعمل ولا تَقِفْ على الراتب، وإذا لم تحصل على وظيفة فلتكن لك أسوة برسول الله ﷺ وأسوة بالأنبياء وأسوة بكبار العلماء، مثل الإمام أبي حنيفة، فهل تستطيع أنْ تصل لرتبته وتعمل في الدنيا؟ فهو قد جمع بين العمل بالدُّنيا وبين العمل بالعلم والتعليم والإرشاد والتربية حتى ملأ مشارق الأرض ومغاربها علماً وفقهاً وأثراً على مدى الأجيال والقرون.

التجار أُمناء الله في الأرض

وقال ﷺ: ((أوصيكم بالتجار خيراً، فإنهم بُرد الآفاق وأمناء الله في الأرض)) 22 فهل هذا الدين أفيون الشعوب؟! لكن من المتأثر بالأفيون؟ أليس هو الجاهل الذي لم يعرف الإسلام ولم يدرس الإسلام؟ إنّ العدوُّ قد عرف الإسلام، لكن ليس من مصلحته أنْ يقول إن الإسلام حياة الشعوب، وليس من مصلحته أنْ يقول إن الإسلام عزّ الشعوب، وليس من مصلحته أنْ يقول إن الإسلام عز الإنسانية، من مصلحته أنْ يقول إنَّه أفيون، ويعينه على ذلك جمود الجامدين وتزمت المتزمتين وقلة علم المنسوبين للعلم، الذين يُقدِّمون العلم الدِّيني للناس صلاة وصوماً وعبادة فقط، لكن أليست هذه الأحاديث من العلم؟ أليست هذه أحاديث نبوية؟ أليست هذه أحكاماً شرعية؟ ألم يكن النَّبي ﷺ يُعلِّمُها للمسلمين؟ لكننا قصَرنا العلم على ناحية العبادة وجعلنا الدُّنيا غير الدِّين، وفصلنا الدِّين عن الدُّنيا، وفصلنا العقل والفكر عن الدِّين، وفصلنا العمل والاقتصاد عن الدِّين، والزراعة عن الدِّين، وقد مرَّت معكم أحاديث الزراعة، وهذه أحاديث الكسب والاقتصاد، لكننا فصلناها، فإذا مات الشيخ من الجوع فيكون ذلك لأنَّه هو من حكم على نفسه بالإعدام، وإذا كان أسداً فلينزل إلى العمل وسيُغنيه الله من فضله، وإذا عمل بعمل الأنبياء بالدعوة، وهيَّأ نفسه للدعوة تماماً فالله تعالى سيُغنيه عن العمل، والنَّبي ﷺ كانت حياته كلها بالدعوة؛ الدعوة في ميدان العلم والدولة والسياسة، فالله عزَّ وجلَّ أعطاه الملك وأعطاه الخلافة في الأرض، ومع هذا تنازل عن لقب الملك وقال: عبداً نبياً لا ملكاً نبياً 23 .

قال: ((أوصيكم بالتجار خيراً، فإنهم بُردُ الآفاق))، بُرد: أي البريد الذي ينتقل من بلد لبلد؛ يذهبون إلى اليابان من أجل أنْ يحضروا لك التجارات والسلع الصناعية والغذائية والطبية، ((فإنهم بُرد الآفاق، وأمناء الله في الأرض))، فيجب أنْ لا يصير تاجراً حتى يكون مؤمِناً وأميناً، حتى يصير من أمناء الله تعالى في الأرض. رواه الديلمي عن ابن عباس.

وقال صلى الله عليه وسلم: ((أول من يدخل الجنة التاجر الصدوق)) 24 ، والآن إياكم أنْ تتركوا العلم فهو أيضاً تجارة، هذه تجارة لن تبور، جعلكم الله من تجار الدُّنيا والآخرة، وجعلكم من أغنياء الدِّين والدُّنيا، هذا هو الإسلام، والرجل العظيم والرجل الكبير هو الذي يكون رجل الدُّنيا والدِّين، لا رجل دين بلا دنيا ولا رجل دنيا بلا دين، وإنما الذي يجمع بين الاثنين.

وصلى الله على سيِّدنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله ربِّ العالمين.

Amiri Font

الحواشي

  1. )المعجم الكبير للطبراني، رقم: (282)، (19/129)، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه.
  2. نوادر الأصول للحكيم الترمذي، (2/227)، عن حنظلة رضي الله عنه.
  3. تاريخ دمشق لابن عساكر، رقم: (11903)، (57/4)، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، بلفظ: ((قال الله تعالى ما من عبد من عبادي استحيا من الحلال إلا ابتلاه الله بالحرام)).
  4. صحيح البخاري، كتاب الإجارة، باب رعي الغنم على قراريط، رقم: (2143)، (2/ 789)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
  5. سنن الترمذي، أبواب صفة القيامة والزهد والورع، باب، رقم: (2520)، (4/ 669)، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (5752)، (5/ 54)، بلفظ: ((مَنْ أَكَلَ طَيِّباً، وَعَمِلَ فِي سُنَّةٍ، وَأَمِنَ النَّاس بَوَائِقَهُ دَخَلَ الجَنَّةَ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَذَا اليَوْمَ فِي النَّاس لَكَثِيرٌ، قَالَ: وَسَيَكُونُ فِي قُرُونٍ بَعْدِي)).
  6. صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان تحريم إيذاء الجار، رقم: (46)، (1/ 68)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (8842)، (2/372)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
  7. شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (1238)، (2/ 88)، عن علي رضي الله عنه، بلفظ: ((سُئِلَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الأَعْمَالِ أَزْكَى؟ قَالَ: كَسْبُ الْمَرْءِ بِيَدِهِ)).
  8. صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب كسب الرجل وعمله بيده، رقم: (1966)، (2/ 730)، شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (1224)، (2/ 83)، عَنْ الْمِقْدَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
  9. مسند الإمام أحمد بن حنبل، عن عبد الله بن عمر، رقم: (5115)، (2/50)، والبخاري معلقاً في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب ما قيل في الرماح.
  10. المقاصد الحسنة، رقم: (246)، (ص:209).
  11. طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (6/359)، تذكرة الموضوعات للفتني، ص: (134)، بلفظ: «إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الشَّابَّ الْفَارِغَ»، وفي المقاصد الحسنة للسخاوي، رقم: (246)، (ص:209)، قال: ((إن الله يكره الرجل البطال))، وفي المعجم الكبير للطبراني، رقم: (8538)، (9/ 102)، بلفظ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: "إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَرَى الرَّجُلَ فَارِغًا لا فِي عَمِلِ دُنْيَا وَلا آخِرَةٍ"، وفي مصنف ابن أبي شيبة، رقم: (35704)، (13/ 300)، وحلية الأولياء للأصبهاني، (1/130)، من قول عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ: «إِنِّي لأمقت الرجل أراه فارغاً».
  12. تاريخ دمشق لابن عساكر، رقم: (1483)، (14/10)، عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
  13. سنن ابن ماجه، كتاب التجارات، باب الحث على المكاسب، رقم: (2138)، (2/ 723)، عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
  14. سنن الترمذي، كتاب البيوع، باب ما جاء في التجار وتسمية النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم..، رقم: (1209)، (3/ 515)، سنن الدارمي، رقم: (2539)، (2/ 322)، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه.
  15. مسند الفردوس للديلمي، رقم: (2445)، (1/ 170)، الترغيب والترهيب لقوام السنة الأصبهاني، باب في فضل التاجر الأمين والترغيب في الصدق في المعاملة، رقم: (794)، (1/ 448)، عن أنس رضي الله عنه.
  16. تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، رقم: (3864)، (7/342)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، بلفظ: ((أقَبْلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَاسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الأَنْصَارِيُّ، فَصَافَحَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ لَهُ: "مَا هَذَا الَّذِي أَكْنَبَتْ يَدَاكَ؟ "فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضِرْبُ بِالْمَرِّ وَالْمِسْحَاةِ فَأُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِي، قَالَ: فَقَبَّلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ، فَقَالَ: "هَذِهِ يَدٌ لا تَمَسُّهَا النَّارُ أَبَدًا".
  17. سنن أبي داود، كتاب الإجارة، باب في الرجل يأكل من مال ولده، رقم: (3528)، (2/311)، سنن النسائي، كتاب البيوع، باب الحث على الكسب، رقم: (6046)، (4/4)، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها.
  18. سنن الترمذي، كتاب الأحكام، باب ما جاء في أنَّ الوالد يأخذ من مال ولده، رقم: (1358)، (3/ 639)، سنن ابن ماجه، كتاب التجارات، باب ما للرجل من مال ولده، رقم: (2290)، (2/ 768)، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها.
  19. شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (1177)، (2/438)، عَنِ السَّكَنِ، بلفظ: ((طَلَبُ الْحَلَالِ مِثْلُ مُقَارَعَةِ الْأَبْطَالِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَنْ بَاتَ عَيِيًّا مِنْ طَلَبِ الْحَلَالِ بَاتَ وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ رَاضٍ)).
  20. سبق تخريجه.
  21. سبق تخريجه.
  22. عزاه السيوطي في جمع الجوامع، رقم: (7917)، ص: (9905)، إلى الديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما، كذلك المتقي الهندي في كنز العمال، رقم: (9244)، (31/14).
  23. السنن الكبرى للنسائي، كتاب الوليمة، باب الأكل متكئا، رقم: (6743)، (4/ 171)، شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (1452)، (2/ 167)، عن عبد اللَّهِ بن عَبَّاسٍ رضي الله عنه، بلفظ: أن الله تبارك وتعالى أرسل إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بين أن يكون عَبْداً نَبِيّاً أو مَلِكاً نَبِيّاً فأشار إليه جبريل عليه السلام أن تواضع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بل عبداً نبياً»، قال: فما أَكَلَ بَعْدَ تِلْكَ الْكَلِمَةِ طَعَامًا مُتَّكِئًا.
  24. مصنَّف ابن أبي شيبة، رقم: (37196)، (14/ 144)، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه.
WhatsApp