تاريخ الدرس: 1986/03/28

منبر الدعاة

مدة الدرس: 00:53:52

منبر الدعاة (9): قالت الأعراب آمَنَّا

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على سيِّدنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الطّاعة بانقياد القلب

يقول الله تعالى: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا [الحجرات: 14] وما هو مبرر “لم تأمنوا”؟ قال: ﴿وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ثم أكّد بقوله: ﴿وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الحجرات: 14] والطّاعة ليست بانقياد الجسد فقط؛ بل يجب أنْ يكون القلب منقادًا، ثم إنّ انقياد الجسد ظلّ وتبع لانقياد القلب.. فأولاً يكون الحبّ في القلب ثمَّ اليد تحبّ في العطاء، والقدم تحبّ في المشي نحو المحبوب، وأمَّا إذا لم يحب القلب فاليد أيضاً لن تحب وستمسك عن العطاء، والقدم ستمسك عن الاتجاه نحو المحبوب.. ﴿وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الحجرات: 14] معناها أنه يوجد لديكم تقصير ونقص، فسيغفر لكم الماضي وينبهكم عن الحاضر لتصحّحوا أعمالكم في المستقبل.

الإيمان في القلوب وليس في الآذان

الإيمان قسمان: ﴿وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات: 14] لم يقل: ولـمّا تسمعوا أحكام الإيمان بآذانكم، فالإيمان إذًا لا يُؤخَذ من الآذان ولا يستقر في الأسماع.. استقراره في القلوب وموطنه الدّائم في الأرواح والأفئدة؛ وهذا قسم وهو النّواة والبذرة.. فإذا انفلقت تنفلقُ عن شجرة بأغصانها وأوراقها وأزهارها وثمارها وظلالها، وكذلك بذرة الإيمان تنفلق عن شُعب الإيمان.. فإذا سألت شخصًا الآن عن فروض الوضوء سيعدّهم، وعن أركان الصَّلاة فسيعدّهم، وأمّا إن سألته عن شعب الإيمان، فلا يعرف تعدادهم حتى إنه لا يُحصِيهنّ إحصاءً.. سمع الآية: ﴿ارْكَعُوا [الحج: 77] فرَكَعَ، والآية: ﴿وَاسْجُدُوا [الحج: 77] فسجَدَ، ولكن عندما سمع الآية: ﴿اصْبِرُوا وَصَابِرُوا [آل عمران: 200] فهل درَسَ فقه الصّبر والمصابرة؟ المصابرة: مفاعلة تكون بين اثنين مثل المقاتلة.. القتل من واحد، أمَّا المقاتلة من اثنين، والضّرب من واحد، أمَّا المضاربة من اثنين يتضاربان، وكذلك المصابرة تكون بين اثنين، فإذا صبر عدوك فاصبر أكثر منه، وهذه اسمها المصابرة، فيجب تعلم فقه الصّبر، والنَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام قال: ((الصبر نصف الإيمان)) 1 ، والحلم كذلك يدخل تحت ظلال الصّبر؛ ((أنْ تعفو عمّن ظلمك)) فهذا صبر.. ((أنْ تعطي مَن حرمك)) هذا صبر، وأنْ ((تصلَ مَن قطعك)) 2 فهذا صبر.

يعني أن الإسلام مرفوض بلا إيمان، فالله عزّ وجلّ بَيَّن لنا أن هذا الإيمان ليس الذي أريده منكم.. والنَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام ذكر شعب الإيمان، وهي تظهر للعيان، وأمَّا الشّيء الداخلي فلا يظهر وسماه الله نوراً ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ [الزمر: 22]، هنا المراد من الإسلام بمعنى ما يشمل الظّاهر والباطن.. أعمال الجسد والقلب.. هناك الإسلام يعني أعمال الجسد.. ﴿فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ [الزّمر: 22]، من أين يأتي هذا النّور؟ يأتي من ذكر الله عزّ وجلّ، والذي لا يذكر الله تعالى قال عنه: ﴿فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ [الزمر: 22]، فقال: قلوبهم ولم يقل ألسنتهم؛ يعني لو ذكر لسانك وقلبك ليس بذاكر فكأنّ الذّكر لا يصح؛ لذلك شاه نقشبند هو أول من اجتهد بشكل عام في الاهتمام بالذّكر القلبي- وقد كان الذكر القلبي موجودًا قبل ذلك، ولكن ليس بشكل عام- وذلك كي لا يُغَرّ المسلم الذي يريد التدرب على الإسلام الحقيقي بذكر اللّسان؛ فمباشرةً قال له: عوّل على ما في القلب.. فإذا أصبح القلب ذاكرًا فيذكر عند ذلك الأذكار النّبوية.. فأولاً يتعلم المرء “ألف باء”، وبعدما يتعلم “ألف باء” يصير قادرًا على أنْ يكتب الجمل، ثمَّ يكتب المقالات، ثمَّ يؤلف الكتب، ولا يبقى في مرحلة “الألف باء”.

للوصول إلى الإيمان لابد من الهجرة

﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا [الحجرات: 14]، فالمسلمون الأعراب الذين ذكرتهم الآية كانوا يصلّون ويصومون ويقومون بكلّ الأوامر التي تبلغهم، ولكن لم يهاجروا، فمعناه أنهم لم يدخلوا في المدرسة التي يستكملون بها إسلامهم.. فإذا درس الطّالب في المرحلة الابتدائية فيقال له أنَّه خرج من الأميّة، ولكن أي أميّة؟ أميّة الدّراسة الابتدائيّة، ولكنه لا يزال أميّاً في دراسة المرحلة المتوسطة والثانوية والجامعيّة.. لذلك كان من كبائر الذّنوب- في بعض الرّوايات؛ وهذا الحديث ثابت ربّما عن طريق أهل البيت فيما روي في عدّ الكبائر-: ((التّعرب بعد الهجرة)) 3 أي بعدما هاجر إلى النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام.. والمقصود من الهجرة صحبة النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام وأنْ يدخل في مدرسة النَّبي صلى الله عليه وسلم وأنْ يرى النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام.. والصّحبة رؤية النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام على إيمانٍ وحبّ.. فتجتمع الرّؤيا والحبّ.. فالأذن تسمع والعين تشهد.. فقد تحب صوت المغنية “أم كلثوم” بسماع صوتها، ورؤية ملكة الجمال تجعلك تحبّها بنظرك لجمالها، فإذا كانت جميلة وصوتها جميل فسيكون الحبّ أكثر.. فالتّعرب بعد الهجرة غير جائز، والهجرة مدرسة.. فالأعرابي- في عصر النُّبوَّة- لا بد أنّه قد أتى إلى النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام ورآه، وربما أقام عامًا أو اثنين، فإنْ رجع بعدها للبادية فقد عُدّ عمله من الكبائر ومن عظائم الذّنوب.. والكبائر يفسُقُ صاحبها بفعلها من أول مرة ولا تُغفَر إلَّا بالتّوبة، وأما صغائر الذّنوب فتُغفر بصلاة الجماعة أو الصّدقات أو الأعمال الصّالحة؛ أمَّا الكبائر لا بد من أنْ يتوب عنها توبة خاصّة.

فالتوبة أنْ يعمل عكس ما كان يعمل؛ فيرجع إلى الهجرة.. فإذا كانت الهجرة لازمة على طالب العلم في زمن النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام، ففي الزمن الذي بعد خمسة عشر قرنًا ألا يحتاج للهجرة؟ ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ [الحديد: 16].. هذه آية تصوّف بالمعنى الاصطلاحي ﴿وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ [الحديد: 16]، فإذا كانت الهجرة في عصر النُّبوَّة فرضًا وتركها من الكبائر، فبعد عصر النبوة بخمسة عشر قرنًا فالهجرة تصبح أفرض الفروض وتركها يصبح أكبر الكبائر.. فطالب العلم الذي يريد أنْ ينوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدخل في مقام: ((العلماء ورثة الأنبياء)) 4 فماذا سيرث عن النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام؟ يرث عن النَّبي صلى الله عليه وسلم واجبات النُّبوَّة، وبعد أداء واجبات النُّبوَّة، يرث عن النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام حقوق وراثة النُّبوَّة.. فلا يوجد حقّ تستحقه إلَّا مقابله واجب تؤديه.. فحقّ الأبوة على الابن من البِّر والتّكريم والتّعظيم؛ مسبوق بالتّربية والإنفاق وبتحمل المشاق حتى الموت في سبيل إطعامه وتربيّته وكسوته وتعليمه وغير ذلك، هذا واجب الأب، وهذا الواجب يقابله حقّ الأب على الولد.

ما بذله النبي صلى الله عليه وسلم في سبيل الدعوة

طالب العلم حقه واجب على المسلمين من التعظيم والتكريم والبِرّ، فأنتم تبرّون النّجّار والحدّاد والطّحان وتحفظون له كرامته في الحياة، فهو لا يُذَلُّ في الرّزق، والشَّيخ مُهَان ومُحتَقَر.. ولكن لنتكلم من جهة أخرى: هو يريد حقّه؛ فهل أدّى واجبه؟ هل أدّى النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام واجبه أم لم يؤدّه؟ ما هو واجب النُّبوَّة؟ ﴿بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ [المائدة: 67]، ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ [الحجر: 94]، الصّدع بالجهر وبقوة.. وكم كلّفته صلى الله عليه وسلم من أخطار وأذى وإهانات وذل ووطء على الأعناق بنعالهم وحثو التراب في وجهه الشّريف.. قاطعوه قرابة ثمانية وعشرين شهراً في شعب أبي طالب؛ فلا بيع ولا شراء ولا أيّ شيء، فكانت حربًا.. والنَّبي صلى الله عليه وسلم أحسن أداء حقّ النُّبوَّة، وما أدَّى نبيٌّ من الأنبياء ما أدّاه سيِّدنا مُحمَّد صلى الله عليه وسلم، فقد أحسن الأداء عليه الصلاة والسلام.. وإنْ كان بعض الأنبياء قد تحمل شيئًا كثيرًا، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَا أُوذِيَ أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوذِيتُ فِي اللهِ)) 5 ، فقد أُوذي بالكلام والضّرب والإهانة والمقاتلة والمؤامرات والاغتيالات، حتَّى مات مسمومًا صلى الله عليه وآله وسلم.. ولكنه أنتج إنتاجاً لم ينتجه نبي قبله.

الحكمة فعل الشيء المناسب في الوقت المناسب

سيِّدنا إبراهيم عليه السَّلام أبو الأنبياء خرج من العراق لا يوجد معه إلَّا مؤمن واحد وهو سيِّدنا لوط عليه السَّلام وزوجته سارة، ولوط هو ابن أخيه، وما كان معه غير ذلك.. فقد كسر لهم أصنامهم قبل وقتها، بينما طاف النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام بالكعبة وهي مسوّرة بسور من الأصنام؛ ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده)) 6 مَن قال هذا الكلام؟ النبي صلى الله عليه وسلم، إذن لماذا طاف النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام بالكعبة وطاف بالأصنام؟ أليس هذا منكرًا؟ لماذا لم يغيره بيده؟ صلاة الجمعة حقّ أم باطل؟ حقّ، وما الدّليل على أنّها واجبة؟ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة: 9]، والأمر يقتضي الوجوب، فإذا صلينا الجمعة يوم الخميس فهل تصحُّ؟ لا، لأنَّها قبل وقتها، فالوقت ليس مناسبًا، وكذلك لو كسر الأصنام لكان تكسير الأصنام غير مناسب، فإذا أنت كسرت الأصنام في الوقت غير المناسب هذا ليس من السّنة المحمَّدية.. سيدنا إبراهيم عليه السلام وضعوه بالنَّار؛ ولو لم يتدخّل الله عزّ وجلّ وينقذه لكان أصبح رمادًا، بينما النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام استعمل الحكمة.. لماذا قال: ((أنا سيد ولد آدم))؟ 7 لأنّ حكمته سيدة الحِكَم وأسلوبه سيد الأساليب.. أمَا كان سيِّدنا إبراهيم عليه السَّلام مخلصًا وصادقًا؟ بلى؛ وقد مدحه الله: ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى [النَّجم: 37]، لكنه لم ينجح وخرج هاربًا بغير نجاح.. وفي مصر سلّم سارة على أنَّها أخته.. هكذا يقولون في التّوراة.. ونحن لسنا ملزمين بما ورد في التّوراة، ولو ورد في الأحاديث فمقام النّبوات أعلى.. في المذهب الجعفري شرط قبول الحديث أنْ يتلاقى مع أهداف القرآن، وأنا أميل إلى هذا، وعندنا أيضاً ما يشبه ذلك.

أهمية الخلوة مع الله عز وجل في حياة الداعية

فأنت تريد أنْ تكون وارثًا ترث الواجبات التي على النبي صلى الله عليه وسلم حتَّى ترث الحقوق التي للنّبي عليه الصَّلاة والسَّلام، فهل يا ترى صار لك الإيمان على مستوى وارث النَّبي؟ ليس على مستوى وارث النبي، بل على مستوى المؤمنين بالنَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام؟ كان النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام يخلو كلّ سنة في غار حراء شهرًا أو أكثر أو أقل أو مرات متعددات وسنين متواصلة، فكم مرة عكفتَ على الله وانقطعت عن كلّ ما سواه ولم تفكر بغيره بتاتًا؛ إلّا الله؟ وهذا معنى لا إله إلَّا الله.. فالنَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام ترك خديجة رضي الله عنها الأميرة الجميلة والمال والأصحاب وذهب إلى أين؟ إلى أعلى الجبل لكيلا يصعد أحد إليه فُيُلْهِيه، أما أنت إذا أردت أنْ تذكر الله ساعة، فتلتهي مقابلها ثلاثًا وعشرين ساعة، أمَّا النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام فلا يوجد من يلهيه.. فالرّجل الـمُجِدّ يحتاج ساعة للوصول إلى الغار، ولا يوجد غير الحرّ والصحراء؛ فلا توجد الأماكن والمناظر الجميلة، وإنما غار بباطن الجبل يتسع لرجلين أو ثلاثة ولا يتسع لأكثر من هذا، وظل مستمرًا في الإقبال على الله تعالى.. وكذلك انقطع سيِّدنا موسى عليه السَّلام عن الخلق ثلاثين ليلة وأتمَّها الله بعشر ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ [الأعراف: 142]، هذا بوحي وتوجيه وإرشاد من الله تعالى، أليس هذا قرآنًا؟ هذا لطلاب العلم خاصة الذين يريدون أنْ ينوبوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولكنَّهم أجهل النَّاس في هذا السّلوك، هذا إذا لم يكونوا أجحد النَّاس في هذا المسلك وأبعد النَّاس عن هذا المشرب! كنت أسمع قول شيخنا: “يا بنيَّ سلوك الطّريق يجب أنْ يكون للعلماء، ولكن العلماء يزهدون، فيأتي العوام فيأخذون مكانهم”، كان بعض إخوان شيخنا من العوام قلوبهم مثل الشّمس، فقلب أي واحد منهم لو وُجِدَ في طالب علم لصار أُمّة.. وهذه المعاني لا تُرَى بالعين المعروفة؛ فهذه العين مثل عيون الحمير، فعيون الحمير ترى الحائط والنّهر والشّجرة والأرض والحفرة والوادي، أمَّا عين المؤمن فترى ما وراء هذه العين.. وكذلك ليس عند طالب العلم المعرفة حتَّى تصبح عنده الرّغبة والشّوق، فإذا أراد شخص أنْ يدلك على طَمِيْرَة [ما يُطمَر ويُخبَّأ تحت الأرض] فيها عشرة آلاف ليرة ذهباً وتعرفه صادقًا لا يكذب، وكلامه حقّ ليس بالباطل، والحفرة ببيتك، وكلمك من بعد العشاء، فعندما يفارقك هل تنام أم تحفر؟ إن الليرات لن تهرب.. ولكن شأن الحبّ والشّوق ألَّا يَتريّث ويتأخر عن رؤية المحبوب ولو ثانية واحدة؛ ففي هذه اللحظة يريد أنْ يرى المحبوب.. وهذا لو كان قبل طلب العلم لكان حسناً، فإذا أخذت شهادة الإيمان- إيمان التّزكية- فصارت مهمّتك أنْ تعلمهم الكتاب والحكمة وتزكيهم.. توجد هناك الآية ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى [الأعلى: 14]، وكذلك يوجد ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا [الشَّمس: 9]، يعني لنفسه.. وأمَّا ﴿وَيُزَكِّيهِمْ [الجمعة: 2] فهذه مهمّتك أنت، ولكنك أنت ما تزكيت، [فما أفلحت].. ومعنى ما أفلح أنه خاب وخسر وفشل ولم ينجح.

الذي تعلم نصف علم أخطر من الجاهل

إذا فقد النَّاس الخبز من المسؤول عن خبزهم؟ هل النّجّارون أم الحدّادون؟ بل الخبّازون، وإذا انقطعت الكهرباء فمَن المسؤول عن الكهرباء؟ هل الأطبّاء والصّيادلة؟ بل شركة الكهرباء، وكذلك إذا فُقد الإيمان والإسلام القلبي والأخلاقي والحكمة والعلوم فمَن المسؤول عنها؟ المشايخ.. ويمكن أنْ يكون الشَّيخ أجهل النَّاس بالإسلام وأشدّ ضررًا من كلّ النَّاس على الإسلام.. فمثلًا: لو أراد حجّاجٌ أنْ يذهبوا بالطّائرة إلى الحجّ، والحجاج كلّهم يجهلون الطّيران، وإذا كان هناك شخص يعرف أنْ يفتح الباب لغرفة قيادة الطّائرة، ويعرف أنْ يجلس على الكرسي ويعرف مكان البوق، ولا يعرف أكثر من هذا، فهل هذا أشدّ ضررًا أم الذي تعلم الطّيران بحيث تطير الطائرة فقط، ولكن عندما طارت صارت تهتز وتقفز وتميل يمينًا وشمالًا.. فهل هذا أشد ضررًا على النَّاس أم ذاك الذي لا يعرف أنْ يقود أبدًا؟ بل هذا أشد ضررًا.. فالذي لا يعرف شيئًا لا يقود، ولذلك يَسلَمُ هوُ ويَسلَمُ النَّاس من جهله وعدم كفاءته، ولكنه لو علم بعض العلم.. فيجب أنْ يكون العالِم نسخة عن النُّبوَّة في العقل والحكمة وعلوم الحياة.

إيمان الحكمة

ما معنى ((الاقتصاد في الغنى والفقر)) 8 ؟ هذا من علامات الإيمان، وهذا إيمان الحكمة.. يعني إذا كنت غنيًّا لا تكن مبذرًا، وإذا كنت فقيرًا فلا تتحمّل فوق طاقتك ودخلك وكسبك وتأكل من أموال النَّاس.. فهذه لا تُسَمّى عبادة، بل تُسَمّى حكمة في التّصرف في أمور الحياة.. وتأمّل في حكمة النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام في القتال، وحكمته مع الأعداء، وحكمته في الحروب وفي اكتساب قادة الرّجال.. سيِّدنا خالد رضي الله عنه كان بطل قريش، وهو كان سبب النكبة على المسلمين يوم أُحد.. فلو لم تكن الحكمة الـمُحمَّدية عند النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام، لبعث له مَن يغتاله، فهو كان سبب مقتل سيِّدنا حمزة رضي الله عنه؛ فيشفي غليله به.. ﴿وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ [التَّوبة: 15]، ولكن كان أخوه مسلمًا فقال له: ابعث خبرًا لأخيك خالد بأنَّه ((إنْ يأتني مسلمًا أعطه أعنّة الخيل)) 9 ، أي أجعله قائد الفرسان في الجيش الإسلامي.. وكذلك أبو سفيان، فقد كان الرّجل السّياسي الذي قاد الحرب ضدّ النَّبيّ عليه الصَّلاة والسَّلام قرابة عشرين سنة حتَّى فُتحت مكة، وسهر النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام معه من المساء إلى الفجر يدعوه إلى الإسلام، فأسلم وهو كاذب- والنَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام لا يغيب عنه الكاذب من الصّادق بقوة القلب ومعرفة البصيرة- ومع ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((منَ دخل دار أبي سفيان فهو آمن)) 10 ، فهذه ما اسمها؟ اسمها الحكمة.. وأيضًا ابن أبي بن سلول، فقد كان يأخذه بكلّ حروبه ويستشيره في الأمور الحربيّة، والقرآن شاهدٌ بكفره، ألا يعرفه النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام أنّه كان كافرًا؟ ومع هذا كفّنه بقميصه عند موته؛ فهذه تُسَمّى الحكمة.

أهميّة دراسة فقه الحكمة لطالب العلم

فهل درَسَ طالب العلم فقه الحكمة أو فقه التّزكية أو فقه الإيمان القلبي بفروعه الإيمانيّة؟ لقد درس الوضوء؛ فأي مسلم لا يعرف الوضوء؟ وإلى الآن يؤلف المشايخ كتبًا في الوضوء.. إذا ألّف الأوروبيون كتبًا عن السيارات الحديثة فهم يخرجون طِرازًا حديثًا أحسن من الطّراز القديم، فنحن مهما ألَّفْنَا كتبًا عن الوضوء؛ هل سيخرج معنا غير وضوء النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام؟ هذا لغو.. فهل أضاع النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام وقته في الوضوء والاستنجاء؟ بل صرف وقته كلّه في بناء الرّجال والعقول والأمّة، وفي وضع نواة لوحدة العالَم.. فلا فرق بين ذكر وأنثى وبين عربي وأعجمي وبين أبيض وأسود.. فهذا إلى الآن؛ ورغم أنَّ الإنسان قد وصل إلى القمر، ولكنْ لم يستطع أنْ يصل إلى مقام تكريم الإنسان والإنسانيّة.

ولما سَبَّ أبو ذر بلالًا رضي الله عنهما وقال له: يا ابن السّوداء، شكاه إلى النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام، فغضب النَّبي صلى الله عليه وسلم وقال له: ((إنَّك امرؤ فيك جاهليّة، أَتعيّره بأمِّه؟ أمَا علمت أنَّه ليس لابن البيضاء فضل على ابن السّوداء؟)) 11 ! ثمّ انظر إلى إيمان أبي ذر رضي الله عنه- والإيمان يظهر بحسن الانقياد لأوامر الله عز وجل- حيث رجع إلى بلال رضي الله عنه ووضع خدّه على الأرض وأقسم بالله يمينًا أنْ يطأ بلالٌ رضي الله عنه بنعله على خدّه الآخر كفارة لما قاله معه.. فهذا هو الإيمان، وهذه علامة الإيمان، فإذا كانت البطّارية مُمْتَلِئة فدليل ذلك أنْ يخرج الضّوء قويًّا ويتحرك المحرك بسرعة.

لا يصح ترك التصوف كاملاً بسبب أخطاء من انتسب إليه

لا يضرّ التّصوف ما يفعله بعض من انتسب إليه.. ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا [الحجرات: 14].. فهذا الإيمان لا يُنَالُ بالتّمني ولا بالتّحلي؛ وإنَّما هو ما وقر في القلب وصدقه العمل.. ثم تجد من ينظر إلى ما نُسِب إلى التّصوّف زورًا وبهتانًا، ويلقون بالتّبعة والمسؤوليّة على التّصوّف، فهل من العدل الآن- والمسلمون في بعدهم عن الإسلام وأخلاقهم المنافية للإسلام- أنْ نُحَمِّل انحطاطهم على الإسلام أم نحمله عليهم؟ هل يصح أنْ نقول: الإسلام ليس صالحًا لأنَّ المسلمين غير صالحين؟ وكذلك إذا كان بعض أهل التّصوّف- أو الذي يُنسَب زورًا وبهتانًا إليه- صدر منه سوءٌ، يكون التّصوف سيّئًا؟ هل يكون الإسلام سيئاً إذا صدر عن مسلم سوء؟ وهل كلّ السّوريين سيّئون إذا صدر من شخص سوري سوءٌ؟ لذلك عندما أقول لكم: “ارفعوا اسم التّصوّف”؛ فهذا من الحكمة في الدَّعوة، ولا أريد أنْ أعمل جدلًا بين المسلمين مع بعضهم البعض.

الصبر في الدّعوة إلى الله تعالى

من أخلاق الإيمان الصّبر.. أي الصّبر في الدَّعوة، وعلى جفوة المدعوين، وعلى إعراض الكافر وعلى إيذائه، فكم أوذي النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام وكم جافوه وقاطعوه؟ فما تركوا نوعًا من أنواع الأذى إلَّا وآذوه، وجوّعوه وهدّدوه بالقتل وعملوا المؤامرات المتعددة، وآذوه بالسّباب والدّعايات وغيرها.. والله يقول له: ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ [النَّحل: 127]، ومع كلّ هذا الإيذاء: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً [الكهف: 6]، ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [فاطر: 8]، هل كان النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام يفكر بالمعاش والوظيفة والرّاتب؟ راتبه من ميزانية ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ [الشُّعراء: 180]، فهل بَخَسَه الله حقه؟ لكن قد يمتحنك الله ليراك إنْ كنت صادقًا أم لا.. ثمَّ كلّ الدنيا أقبلت تحت قدميه صلى الله عليه وسلم، وكانت الملائكة تعرض عليه أنْ تكون جبال مكة ذهبًا وفضة تسير معه حيثما سار، فقال: ((لا يا ربّ؛ أجوع يومًا وأشبع يومًا)) 12 .. فالعلماء ورثة الأنبياء، فيلزم علينا أنْ نلبّي الدّعوة: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران: 31]، فهذا من المفروض أنْ يكون خلق ومسيرة كلّ مسلم.

العلم فرض على كل مسلم ومسلمة

العلم من الإسلام وليس العلم فوق الإسلام.. يعني أنَّ كلّ مسلم يجب أْن يتعلم الإسلام، وكلّ مسلمة يجب أنْ تكون عالمةً بالإسلام.. ((ليس مني إلَّا عالم أو متعلم)) 13 ليس علم اللّسان، فعلم اللّسان حجة الله عزّ وجلّ على ابن آدم، وأمَّا علم القلب فهو العلم النّافع، وهذا يلزمه جهاد النّفس ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا [العنكبوت: 69]، فيوجد جهاد الكفار، ويوجد جهاد في الله عزّ وجلّ: ﴿وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ [العنكبوت: 6]، فهذه نزلت في مكة، فلم يكن هناك جهاد مع الكفار، بل كان هناك فقط جهاد النّفس، فأول السّورة ﴿وَمَنْ جَاهَدَ [العنكبوت: 6]، وآخر السّورة خُتِمَت: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [العنكبوت: 69]، فما قال: لَنَنصُرنّهم على أعدائهم.. وجهاد النّفس حتَّى تعرف طريقها إلى معرفة الله عزّ وجلّ.. ﴿وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت: 69]، فالإحسان أنْ تعبد الله كأنَّك تراه.. مع عميق الأسف في الدّراسات الإسلاميّة حتى مرحلة “الدّكتوراه” لا يمّر الطالب على الشّيء الذي هو الأساس والجوهر والحقيقة، والذي فيه الرُّوح والحياة؛ لِيَحيـا ويُحيِي ولينتعش ويُنعِش ولِينفع وينتفع ولينتصر في كلّ مجالاته، ولذلك يتقهقر الإسلام والمسلمون، والسّبب أنَّه لا يوجد ورثة الأنبياء، فقد تجد مع شخص قيراطًا أو قيراطين أو ثلاثة قراريط، ولكنْ أيضًا هذه القراريط تتناقص.

الإسلام دعا إلى التفاؤل

ليس معنى ذلك أنْ نيأس ونتشاءم، فهناك بعض الأحاديث تدلّ في الظاهر على التّشاؤم، فإذا قلنا: يجب أنْ تلتقي الأحاديث مع أهداف القرآن، فليأتِ شخص يجلب لي آية تدلّ على التّشاؤم.. القرآن كلّه عمل: ﴿اعْمَلُوا [التوبة: 105]، ﴿وَجَاهَدُوا [التوبة: 20]، ﴿اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا [الأحزاب: 41]، ﴿اصْبِرُوا وَصَابِرُوا [آل عمران: 200]، ﴿إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [يوسف: 87]، ﴿قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّون [الحجر: 56]، أيضاً توجد أحاديث تلتقي مع القرآن، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: ((خير أمتي أولها وآخرها وبين ذلك ثبج أعوج- وسط أعوج- ليسوا مني ولست منهم)) 14 ، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحقّ لا يضرهم من خالفهم حتَّى يأتي أمر الله)) 15 .

بابا الفاتيكان يقرأ القرآن كلّ يوم

زارني البارحة مودّعًا ضيفنا الذي ألقى عليكم محاضرة الأسبوع الماضي.. ولا يخطر على البال ما هي أول كلمة في بيانه! أول كلمة قالها: “قال البابا: إنِّي أقرأ القرآن كلّ يوم”، بعدها يقول: “كان النَّاس يعتقدون أنَّه لا إمكان للحوار بين الإسلام والمسيحيّة، أمَّا المفتي الأكبر لسوريا فقال: نعم يمكن الحوار بين الإسلام والمسيحيّة؛ وكنَّا نظن أنَّ المسلمين هم الأتراك الذين احتلوا نصف أوروبا واستعمروها ثلاث مئة سنة، ولكن بلقاء المفتي وحواره في الجامعات ومع الكرادلة والأساقفة تبين لنا أنَّ المسلمين غير الأتراك”.. فالأتراك وصلوا إلى فيينا، ورأيتُ العلم التركي الذي مكتوب عليه “لا إله إلَّا الله مُحمَّد رسول الله” محتفظين به في كنيسة على رأس جبل عندما كنت بفيينا، وقد أخذوه من بعض الجنود بعد أنْ وقع منهم.. وقعت بينهم الحروب واستعمروهم، ومعروفة أحوال الحرب والفتح والغالب والمغلوب.. وهل الآن وقت الكلام عن الغالب والمغلوب؟ فقلت: دعونا نحمل على الأتراك في سبيل أنْ نتلاقى؛ لأنَّه توجد أحاديث تدلّ على أنَّه سينزل سيِّدنا عيسى عليه السَّلام ويلتقي مع سيِّدنا المهدي ويتعاونان، قال بعض العلماء المتأخرين: عيسى عليه السَّلام والمهدي شخصان كما يدلّ على ذلك ظاهر الأحاديث.. وبعضهم مثل الشَّيخ مُحمَّد عبده، والشَّيخ جمال الأفغاني يقول: المسيح ليس المقصود به المسيح، والمهدي ليس المقصود به المهدي؛ ولكنْ القصد أنْ يلتقي الإسلام مع المسيحية، وتظهر أخلاق وسلوك سيِّدنا عيسى عليه السَّلام مع سلوك وأخلاقيّات سيِّدنا مُحمَّد عليه الصَّلاة والسَّلام ويجتمعان مع بعضهما البعض، لذلك يجتمع العالم الإسلامي والمسيحي.. ومن أدب العلم وأخلاق العالِم أنه إذا خالف رأي شخصٍ رأيك فلا تعبس في وجهه أو تنتقصه أو تعتقد فيه السّوء أو تحاربه.. فإذا كان الإيمان كلّه من أوله إلى آخره لا يجوز فيه أنْ تُكْرِهَ إنسانًا على عقيدتك وإيمانك.. ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [البقرة: 256]، فهل يجوز الإكراه في المذهب؟ وجّه الله النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام لذلك فقال له: ﴿أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاس حتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [يونس: 99]، ولو تَرَك المسألة لعواطف النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام لربما كان أدخلهم إلى الإسلام بالسّيف، ولكنه لم يرضَ فقال له: ﴿أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاس حتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [يونس: 99]، ثم أنت الآن تُكرِه النَّاس على رأيك! وإذا لم يمشوا على رأيك تكفّرهم! فهل هذا إسلامٌ أم فقهٌ أم قرآن أم علم؟ هذا جهل وبُعْدٌ عن الإسلام، فالإسلام يُحبّب ويُؤلِّف.. نحن نعمل ضد الإسلام.. هل نحن نتحابب ونتقارب، أم نتباعد ونتعادى؟ ومن يقود العداوة والبغضاء؟ إنهم المشايخ والعلماء؛ مع أنَّ كلّ شخص منهم عمامته أكبر من عمامة الآخر! ورأسه مملوء بالجهل في الإسلام!

علينا أن نجمع بين أبناء البشرية لا أن نفرق بينهم

لا بد أن ننظر إلى النّتائج.. إن قبائل العرب وهي مئات القبائل ولم يكن ممكنًا التّأليف بين قبيلتين منهما، ولكن بعشرين سنة وبأسلوب الوحي الإلهي جعلهم النَّبي صلى الله عليه وسلم كنفس واحدة، ولم يذهب إلَّا أقل من خمس مئة قتيل بين مسلم ومشرك، وأقام الدّولة بعشر سنوات.. الآن بفضل الله عزّ وجلّ يمتد الإسلام من الخليج للمحيط، فمَن فعل هذا؟ هل هو يعرب بن قحطان؟ [يعرب بن قحطان عاش قبل الإسلام وهو أحد أجداد العرب] أم هو سيِّدنا مُحمَّد عليه الصَّلاة والسَّلام مع القرآن والإسلام؟ مَن سيقود ومَن مهندس الإسلام؟ كلّ النَّاس الآن مسلمون.. أنا أجتمع بالشّيوعيّين في العالَم الشيوعي ويتجاوبون معي، وفي روما والفاتيكان يتجاوبون معي، ومع كلّ إنسان ألتقي به يتجاوب معي، أما الشَّيخ فبالعكس؛ فإذا اقترب امرؤ من الإسلام يُنَفِّره! هذا دليل على أنَّ ثقافته الإسلاميّة ليست جيدة، أو قائمة على أسس غير صحيحة.. أسس الإسلام ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ [البقرة: 129]، يجب أنْ تقرأ القرآن وتفهمه وتتثقف فيه، ولا تتقيد بالمفسر؛ ولكن يجب أنْ تكون فيك أهلية العلم، فليس كلّ شخص يدعي ويقول: أنا.. فإذا لم تنضج بالتَّقوى والإيمان وعلم اللّغة العربيّة وعلوم الإسلام والعقائد فأنت لست أهلًا.. مثل خنفساء تريد أنْ تدخل سباق الخيل لكي تأخذ الجائزة الكبرى، فإذا كانت ستنزل لسباق الخيل فستعلق في حافر حصان وتذهب؛ وكذلك يذهب دينه.. ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ [البقرة: 129]، فالعالِم هو الذي عنده الحكمة والعقل الكامل والتّزكية البريئة من كلّ أنانيّة ومن كلّ شهوة ومن كل حظوظ النفس، ويمشي في ضوء علوم القرآن على نور وهدى وفي ظل كتابٍ منير، فالنّتائج ستكون مضمونة مئة بالمئة، لكنَّها تحتاج للصّبر وتحتاج لشُعب الإيمان بفروعه، فالأصل في القلب، ويتفرع في النّفس أخلاقًا وسلوكًا.. قال صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن يألف ويُؤلَف، ولا خير في مَن لا يألف ولا يُؤلف)) 16 .

ضرورة الصبر في طريق الدعوة

لماذا ذكر الله عزّ وجلّ لنا أيوب عليه السَّلام؟ ولماذا قال الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: ﴿وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ [القلم: 48]؟ لأنَّه لم يُتمّ الصبر.. مع أنَّه صبر عشرات السّنين.. والآن لا يستطيع المسلم أنْ يصبر أسبوعًا أو شهرًا على ذكر الله عزّ وجلّ! فكيف سيصبر سنوات على أعداء الله تعالى؟ إذا كان لا يستطيع أنْ يصبر مع الله تقربًا إليه ودخولًا في فردوس مجالسته والإقبال عليه، فكيف سيصبر ويدخل في المعركة حيث الأنتان والأشواك والإيذاء؟ فهذا لا يصح يا بنيَّ.. فطالب العلم يجب أنْ يكون طاهر القلب والنّفس واللّسان والعين واليد والفكر، وأن يكون دائمًا مع الله عزّ وجلّ حتَّى يتصل قلبه بالله الاتصال الذّوقي والشّعوري والحسي، ويُفَاضُ عليه من الطّاقة الكهربائيّة الإلهيّة ما يعطيه قوة الصّمود والثّبات، ويعطيه قوة العلم والعلم اللّدني، ويعطيه من المعونات الإلهيّة ﴿وَالله يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس [المائدة: 67]، ﴿قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ [الشعراء: 61-62]، فقالوا: ماذا سيفعل لك ربك؟ قال: سيهديني؛ يقول لي ما أفعل، وآخذ الأوامر منه، ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ [الشعراء: 62]، وهذا يقع في كلّ زمان بحسبه، فليس شرطًا أنْ يعطي الله نبيّنا مُحمَّد صلى الله عليه وسلم عصا موسى عليه السلام، ولا أنْ يُمَكّن الله سيِّدنا موسى عليه السَّلام بقبضة تراب أنْ يهزم جيش فرعون! فكلّ شخص يعطيه وسيلة يخصه بها.

عمل القلب والروح ضروري لنيل الإيمان

﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا [الحجرات: 14]، إذن لم ينل الأعراب الإيمان، ولكن نالوا الإسلام.. والإسلام هو عمل الظّاهر.. أي العمل الجسدي الذي يُرى، أمَّا الإيمان فالعمل الذي لا يرى.. أي عمل القلب والرُّوح من إنابةٍ وقنوت وذكر وصدق وإخلاص وشوق ومراقبة لله عزّ وجلّ.. فإذا كان عمل الجسد- الذي هو غلاف وقشر للرّوح- يحتاج لكل هذه العلوم والمكتبات، فماذا يحتاج إذن اللّبّ والقلب والجوهر والرُّوح؟ ابن الفارض- رحمه الله- له بعض الكلمات في هذا المعنى

لَوْ قِيلَ تِيهًا جُزْ عَلَى جَمْرِ الْغَضَا لَمَشِيتُ مُمْتَثِلاً وَلَمْ أَتَوَقَّفِ

ويوجد له أبيات بالبشرى بمجيء الحبيب

لَوْ أَنَّ رُوحِي فِي يَدِي وَوَهَبْتُهَا لمـُبشِّرِي بِقُدُومِكُمْ لَمْ أُنْصِفِ مَا لِي سِوَى رُوحِي، وَبَاذِلُ رُوحِهِ فِي حُبِّ مَنْ يَهْوَاهُ لَيْسَ بِمُسْرِفِ فَلَئِنْ رَضِيتَ بِهَا فَقَدْ أَسْعَفَتْنِي يَا خَيْبَةَ الْمَسْعَى إِذَا لَمْ تُسْعِفِ

فهذا يجب أنْ يكون لسان حال طالب العلم وشعوره وذوقه وإحساسه وطُلْبَتِه وأمنيته وغاياته، وهذا يحتاج للصبر في أول الأمر.. ففي أول الأمر عندما يتعلم الإنسان قيادة الدّارجة الهوائيّة هل يمسك فورًا الدّراجة الهوائيّة وتمشي معه؟ وعندما يتعلم السّباحة سيحتاج مدّة، وحتَّى في الكتابة؛ هل يصير خطّاطًا مباشرة؟ مرة ينزل الخط ومرة يصعد وقد لا يُقرأ خطُّه أبداً! فبالاستمرار يصبح خطّاطًا ويصبح سابِحًا ماهرًا ويصبح قائد درَّاجة.. إلى آخر ذلك، فأسأل الله تعالى أنْ يرزقكم الإيمان.. وبابه وطريقته هو التّوبة الصّادقة مع دوام الذّكر، فقوله تعالى: ﴿ذِكْرًا كَثِيْرًا [الأحزاب: 41] فسّره بعض أهل الله بأنْ تذكر الله بلا انقطاع، وهو الـمُفَسّر بقوله تعالى: ﴿قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ [آل عمران: 191]، لماذا أسمينا الآية: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ [المائدة: 6]، علمًا وفقهًا، ولم نُسَمِّ الآية: ﴿قِيَامًا وَقُعُودًا [آل عمران: 191]، علمًا وفقهًا؟ ألا نكون من ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ [الحجر: 91]؟ آمنا ببعضه وأهملنا أو تركنا أو كفرنا ببعضه الآخر.. ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [البقرة: 85].. فطالب العلم لا توجد عنده اليوم حالة عز- ولا أريد أنْ أقول الكلمة الثّانية- أمَّا الذي لم يجَعَل الْقُرْآنَ عِضِينَ، وتقبَّل الإسلام بجسده وبقلبه وبذكره وحضوره وإنابته وعلمه وحكمته وتزكيته فلم يُذَلَّ ولن يُذَلَّ وما فشل وما أخْفقَ.

لابد أن يشهد الشّيخ الحقيقي لطالب العلم بالعلم

فأسأل الله عز وجل أنْ يجعلكم من العلماء العاملين الرّاسخين في العلم الذين عناهم الله وهو يعلم ماذا عَنَى.. لا تطلبوا العلم بحسب مفهوم النَّاس في هذا الوقت.. أنه قد أخذنا الشّهادة ونجحنا في الامتحان وبذلك قد حصّلنا العلم، لا.. بل يجب أنْ ينجح بإجازة أهل العلم الحقيقيين.. عندما أجازني الشَّيخ وأعطاني الشّهادة قال لي: “ما كتبتُها لك إلَّا بإذنٍ من رسول الله صلى الله عليه وسلم”، ليس الإذن في المنام، بل هو إذنٌ في اليقظة.. قال النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام: ((رأيت عيسى بن مريم)) ووصفه بكلّ أوصافه، وقال: ((رأيت موسى بن عمران)) 17 ووصفه بكلّ أوصافه.. فإذا قال بعض العارفين: “أنا رأيت روح النَّبي صلى الله عليه وسلم” لماذا ينكر ذلك عليه إخواننا الوهابيّون؟ ألا تقول السّنة: إنَّ النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام رأى أرواح الأنبياء في ليلة الإسراء، أمَا رأى موسى عليه السَّلام يصلي في قبره؟ هذا ما اسمه؟ كشف، فهو عليه الصلاة والسلام قد رأى الأرواح.

أهميّة جلسة الذّكر:

الخلاصة: نريدكم أنْ تشتغلوا بالذّكر، فهل تحافظون على جلسة الذّكر صباح الجمعة؟ [كان هناك درس لسماحته يقيمه كل يوم جمعة قبل صلاة الجمعة، وقبل الدرس توجد جلسة ذكر، وكانت تقام جلسات ذكر في كثير من الأحيان خاصة بعد صلاة الفجر، وهذه الجلسات كانت تقام حسب البرنامج الذي يرونه مناسباً] فهذه جلسة الذّكر مع القَوِيّ في الذّكر مثل “ألف باء” الكتابة، هل تستطيعون أنْ تصبحوا كُتّابًا من غير أنْ تتعلموا ألف باء؟ بماذا ستكتبون؟ هل ستكتبون بقشر المشمش أم بقشر البذر؟ لا يجوز يا بنيَّ، والأمر يحتاج إلى ذكر وبكاء وشوق وحنين وتأوه.

كلُّ مَن يعشق مُحمَّد ينبغي ألَّا ينام

وهذا شيء أغلى ممَّا يفكر فيه الإنسان، فبضاعة الله عزّ وجلّ ليست رخيصة.. فالألماس لا يشتريه جامعو القمامة ولا المشردون.. لا يشتريه إلَّا الملوك؛ لأنَّه لا يحمل ثمنه إلَّا المقتدرون.. فلا تكونوا صغيري الهمم، بل كونوا عظماء النّفس وكبار النّفوس وكبار الهمم وكبار المقاصد.

نسأل الله أن يرضى عليكم ويفتح عليكم، ويجزي الخير عنا كل من كان بمؤازرته وبمعونته سبباً في إنشاء هذه الكلية، ويُصلِح الذين يخربون ويفسدون ويعملون أشياء لا يرضى الله بها، وأنْ يصلحنا الله جميعًا ويغفر لنا ولكم.

وصلّى الله على سيِّدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم، والحمد لله ربّ العالمين.

Amiri Font

الحواشي

  1. حلية الأولياء، أبو نعيم، عن ابن مسعود رضي الله عنه، (5/34)، شعب الإيمان، للبيهقي، رقم: (47)، (1/150).
  2. يُشير الشيخ إلى الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، عن معاذ بن أنس، رقم: (15618)، (24/383)، بلفظ: ((أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ، وَتُعْطِيَ مَنْ مَنَعَكَ، وَتَصْفَحَ عَمَّنْ شَتَمَكَ)).
  3. المعجم الكبير، للطبراني، رقم: (5636)، (6/103)، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: ((اجْتَنِبُوا الْكَبَائِرَ السَّبْعَ))، فَسَكَتَ النَّاسُ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَلاَ تَسْأَلُونِي عَنْهُنَّ؟ الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ، وَأَكَلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكَلُ الرِّبَا، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ، وَالتَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ)).
  4. سنن أبي داود، أول كتاب العلم، باب الحثُّ على طلب العلم، رقم: (3641). والتِّرمذيُّ، أبواب العلم، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، رقم: (2682). سنن ابن ماجه، أبواب السنة، باب فضل العلماء والحثُّ على طلب العلم، رقم: (223).
  5. حلية الأولياء، أبو نعيم الأصفهاني، عن أنس (6/333)، ورواه ابن ماجة بألفاظ متقاربة (151). وقال العجلوني: "رواه أبو نعيم عن أنس رفعه، وأصله في البخاريِّ... كشف الخفاء، رقم: 2184، (2/180).
  6. صحيح مسلم، عن أبي سعيد، كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، رقم: (49).
  7. صحيح مسلم، عن أبي هريرة، كتاب الفضائل، باب تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق، رقم: (2278)، سنن أبي داود، كتاب السّنّة، باب في التخيير بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، رقم: (4673)، سنن الترمذي، كتاب تفسير القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ومن سورة بني إسرائيل، رقم: (3148)، سنن ابن ماجه، كتاب الزهد، باب ذكر الشَّفاعة، رقم: (4308).
  8. البزار في مسنده عن أنس (6491) بلفظ: ((َثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ: خَشْيَةُ اللهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَالْقَصْدَ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَكَلِمَةُ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ)).
  9. حياة الصحابة للكاندهلوي، (1/187) في قصة إسلام خالد رضي الله عنه عن الواقدي وابن عساكر.
  10. صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، كتاب الجهاد والسير، باب فتح مكَّة، رقم: (1780).
  11. البيهقي في الشعب عن أبي أمامة، (4772).
  12. سنن الترمذي، كتاب الزهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الكفاف والصبر عليه، رقم: (2347)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (22244)، (5/254). البيهقي في الشعب عن أبي أمامة الباهلي (9925).
  13. مسند الفردوس للديلمي، (3/419). الطبراني في الأوسط عن ابن مسعود (4072).
  14. نوادر الأصول في أحاديث الرسول للحكيم الترمذي، (2/92)، بحر الفوائد، (376)؛ بلفظ: ((خير أمتِي أَولهَا وَآخِرهَا وَفِي وَسطهَا الكدر)).
  15. صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي، عن المغيرة بن شعبة، رقم: (7311)، صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم لا تزال طائفة من أمتي..، رقم: (1920).
  16. المعجم الأوسط، الطبراني، رقم: (5787)، (6/58). شعب الإيمان، رقم: (7252)، (10/115)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (9187)، (2/400).
  17. صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه، رقم: (3067)، صحيح مسلم كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات، عن ابن عباس، رقم: (165). ولفظه: ((مررت ليلة أسري بي على موسى بن عمران عليه السّلام رجل آدم طوال جعد كأنّه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى بن مريم مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرّأس..))
WhatsApp