تاريخ الدرس: 1986/01/17

منبر الدعاة

مدة الدرس: 00:52:35

منبر الدعاة (2): إن إبراهيم كان أمّة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:

رجل يعدل أمّة

قال الله تعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً [النّحل: 120] 1 ، وقال الله تعالى في حقّ النّساء: ﴿يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ [آل عمران: 42].

فرجل يساوي أمّة أي يحيي الله به أمّة، فيبني المجد والعز والفضائل والكرامة لأمّة، فيكون هو الروح لجسد هذه الأمة، فالجسد بلا روح لا يسمع ولا يبصر ولا يعقل ولا يعمل، فلمّا تَدُبُّ فيه الرّوح تقوم كلّ الجوارح بوظائفها.

فالإسلام كما أخبرنا القرآن ليس فيه فضل لأبيض على أسود، ولا لذكورة على أنوثة ولا لقوميّة على أخرى، كأن يقول أحدهم: أنَّهُ عربي وأنت أعجمي فهذا لا ينفعه، ولا لنسب على نسب، فهذا يقول أنا ابن رسول الله وأنت عكرمة بن أبي جهل، قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي [إبراهيم: 36] أليس كذلك؟ فهذا إن لم نسمّه إسلاماً ولم نسمّه ديناً، فهو كفلسفة إنسانيّة وعلم تربويّ عظيم يدفع الإنسان ليتحول من إنسان فرد إلى إنسانِ أمّة، ماذا يعني قوله: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً [النّحل: 120]، ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً [النحل: 123]؟ فامشِ على طريقته وكن أمّة.. النّبي صلى الله عليه وسلم لم يصبح أمّة فقط، بل أصبح عالَماً وأُمَمَاً، فأن يكون أمّةً فهذا فرض، ولكن أن يكون أُمماً فذلك امتثالاً لقوله تعالى في الحديث القدسي: ((وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنّوافل)) 2 فزاد عن الفرض بأداء النّافلة فصار عالَماً.. وكما يوجد هناك عالَماً شريراً، فإنّه صلى الله عليه وسلم أصبح رحمةً للعالمين.

قراءة القرآن الكريم القراءة الصّحيحة

القرآن يُقرأ لأجل أن نتثقف بعلومه، لا أن نجيد النّطق بحروفه أو بكلماته فقط، والعمل القرآني يحتاج إلى روح خاصّة غير الرّوح الجسدية الموجودة في الدّوابّ، فالرّوح التي تحرك اليد والرّجل، وتبصر العينُ بها الحائط، وتسمع الأذن بها الصّوت، هذه روح حيوانيّة، ولو كان جسدها حيّاً لكنه يعتبر ميّتاً ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى [النمل: 80] ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ [الأنفال: 21] ﴿وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ [الأعراف: 198].

الفرق بين الحياة الرّوحيّة والحياة الجسديّة

إن القرآن هو كتاب مدرستنا الإسلاميّة، فهو كتاب واحد لكنه كتاب إلهيّ، كتاب السّماء ومؤلّفه الله عز وجل، فمن يتقن علومه وينفّذ أوامره ويتقبل وصاياه ولا يُضيّع منه حرفاً واحداً يصير حيّاً، كما قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ [الروم: 44] سيّدنا أبو بكر رضي الله عنه لمـّا قرأ القرآن انتقل من الموت الرّوحي والقلبي إلى الحياة الرّوحيّة.. فالحياة الجسديّة أن تحسّ بالأمور الجسديّة، فإذا اصطدم رأسك بالحائط تشعر به، أمّا الميّت فإذا ضربنا رأسه بالحائط فلا يشعر بشيء.. وفي الحيّاة الرّوحيّة إذا أذنبت، فإنك تشعر وكأنّ ثعباناً عظيماً قد عضّك فلا تستطيع النوم، وإذا رأيت هذا الثّعبان قبل أن يلسعك وفيك الحياة الرّوحيّة فإنك لا تقترب منه، ولا تقترب من معصية الله عز وجل، فلا تقترب من سُمّه، لأنّ سُمّ الثّعبان الجسدي يُفقد الحياة الجسديّة، أمّا سمّ الثّعبان الرّوحي بمعصية الله عز وجل يقتل حياتك الرّوحيّة.. وعلامة موت روحك وقلبك أنّك إذا وُعِظت لا تتعظ، وإذا أُمرت لا تُطيع، وإذا نُهيت لا تنزجر، وإذا ذُكِّرت لا تتذكر، كميِّت الجسد إذا خُوطب بلسان الجسد.

فالحياة الرّوحيّة هي الّتي عناها الله تعالى بقوله: ﴿أَوَ مَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ [الأنعام: 122] فلو كان المقصود حياة الجسد لقال: جعلنا له سمعاً وبصراً ولساناً، لكنّه قال: ﴿فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاس [الأنعام: 122] فأصبح يمشي بنور وبعلم، ويقوم بأعماله على علم، فلو كان المكان مظلماً ومشينا في هذا الظّلام فسترتطم أقدامنا بالطّاولة والمذياع، ومن الممكن أن نسقط من فوق الدّرج.. لماذا؟ هذه نتيجة المسير في ظلام الجهل، لكن إذا أُضيء المكان بالشّمس أو بالكهرباء فإنك تسير وتصل إلى حيثما تريد.

فإبراهيم عليه السّلام كان أمّة.. هذا تعليم لنا، وأبو بكر رضي الله عنه كان أمّة، وعمر رضي الله عنه كان أمماً، وخالد رضي الله عنه كان أمّة، بل كان أمماً، وسعد رضي الله عنه كان أمّة.. أتى إلى الفرس المجوس وحوّلهم من أموات إلى أحياء عن طريق الفتح الإسلامي، وخالد رضي الله عنه حوّل هذه البلاد من الموت، موت العقل عن الحقائق، حيث كانت العقول تعيش في الخرافات والأساطير.. وكذلك كانت كلّ الأمم.. كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: ((لصوتُ أبي طلحةَ في الجيشِ خيرٌ من ألف رجل)) 3 .

فهذا كتابٌ واحد [القرآن] يمكن أن تنال قراءته وثقافته بشهرٍ أو سنة.. بينما من أجل تحصيل شهادة الدكتوراه فإنّك تحتاج الدراسة من المرحلة الابتدائية حتى الثانوية اثنتا عشر سنة، ومرحلة اللّيسانس أربع سنوات، صار لدينا ستة عشر سنة، وأيضاً خمس أو ست سنوات، فالمجموع من عشرين إلى خمس وعشرين سنة، حينها يصبح رأسه أشبه بثمرة اليقطين بعد أن تقدم به العمر ولا يوجد به شعر، وفي النهاية خسر الدنيا والآخرة.

الفهم الصّحيح للقرآن الكريم، والقراءة الصّحيحة له

إن الدخول في مدرسة القرآن هو دخول الطّلاب الذين يريدون فهم ما يقرؤون.. فإذا قرأ الطالب مادة اللغة الإنكليزية ولم يفهم، ماذا تكون درجته في نهاية السنة؟ ستكون صفراً.. وكذلك إذا قرأتَ القرآن ولم تفهم، وقرأتَ القرآن ولم تحقق الهدف من القراءة.. فإذا أحضر لك أحدهم سيارةً حديثةً وأعطاك كُتيّب التعليمات الخاصة بهذه السّيارة، ثمّ أخذت تستخدمها بشكلٍ خاطئٍ من غير الرجوع لتلك التعليمات، فكنت تضغط على البنزين بدل المكابح “الفرامل”، وتريد فتح النوافذ الخلفية بأزرار النوافذ الأمامية، وتضع السيارة بوضعية الرجوع وأنت تريد السير للأمام.. فكيف يصير وضع السيارة وكيف يكون تمتعك بها؟

كذلك الإسلام.. فالمسلم كَمَثَل الحدّاد الذي تعلّم الحدادة عِلماً وعَملاً وتطبيقاً وصار يصنع مختلف الأدوات، فصار اسمّه حدّاداً، والّذي تعلّم النّجارة عند الـمُعلّم وهاجر إليه وصحبه من الصّباح إلى المساء وأطاع أوامره وصبر على جفوته وتأديبَه له وبالمدّة المطلوبة، بعدها يُصبح نجّاراً يستطيع صُنع الأبواب والنوافذ والبيوت وإلى آخره.. وأنت كمسلم هل جلست عند الحدّاد؟ ليس لك حداد ماهر.. وهل تعلمت الحدادة؟ وهل تعرف أدواتها؟ فربما تخلط بينها ولا تعرف كيفية استعمالها وتصير أضحوكة للناس.. هذا هو حال المسلمين اليوم حيث أصبحوا أضحوكة للأمم، ولم يبقَ لنا قيمة بين الأمم والشّعوب.. حتى أن الخراف لها قيمة أكبر.. لقد كان هناك كتاب واحد ومعلّم واحد، ولم يكن ذلك الكتاب لقراءة وحفظ الألفاظ بالقراءات الأربعة عشر فقط، فلو سألنا سيدنا أبا بكر رضي الله عنه عن القراءات الأربعة عشر هل يعرفهن؟ هذه لهجات.. والآن يأخذون فيها الدكتوراه.. في البداية اعمل لقلبك شهادة في الثانوية “البكلوريا” أو الليسانس أو الدكتوراه، فهي خيرٌ لك من ألف دكتوراه من الشهادات الدنيوية.

فالإسلام الحق هو فهم القرآن كلمة كلمة وجملة جملة، فإذا ذكر الله عزّ وجلّ بني إسرائيل فالمقصود من ذكر نقائصهم وعيوبهم ألّا تعمل بعملهم وأن تحذر نقائصهم، وإذا ذكر ثمود قوم صالح، وذكر عاداً قوم هود، فالمقصود أن تحذر أن تعصي الله عز وجل كمعصيتهم، فيأخذَك الله كما أخذهم، هذا هو العلم.. هل تعلم ذلك؟ وإذا ذُكر لك غرق فرعون، فاحذر أن تكون كفرعون.. وإن أتاك موسى زمانك فلا تتمرد عليه وتؤذيه وتحاول الإضرار به بكل أنواع الإضرار، فستغرق في غضب الله عز وجل، ففرعون غرق جسده في الماء، أما إذا غرقتَ في غضب الله عز وجل فهذه هي الخسارة الحقيقيّة، ولا تكون العقوبة الجسديّة مهمّة بقدر الخسارة الحقيقية.

وقد ذكر الله عز وجل إبراهيم عليه السّلام كيف كانت دعوته إلى الله تعالى، وكيف وهب نفسه لله، وكيف كانت مريم، وكيف كانت والدتها، قال الله تعالى على لسان أم مريم: ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً [آل عمران: 35] وكان الولد لا يزال في بطنها.. فالقرآن يعبّر عن المقصود من الولد، فما المقصود من الولد؟ أن يتحرر من عبوديّة الدنيا وتكون عبوديّته لله تعالى خالصة.. وهي لم تنجب الولد بعد.

من صفات المسلم والمسلمة

ما أعظم تعليم الأمومة في القرآن العظيم! هكذا نشأت المرأة المسلمة، فكانت كل مسلمة مصليّة وصائمة، وكلّ مسلم مصلٍ وصائم، وإذا كان غنيّاً فمزكٍّ، وإذا كان فقيراً فمُتصدّق، بل ومُؤْثِر، فالإنفاق لم يكن واجباً على الأغنياء فقط، بل حتّى على الفقراء، وهل الإيثار في شأن الغني أم الفقير؟ الغنيّ ينفق ويتبقى عنده، أمّا الذي يُؤثِر فينفق كلّ الذي عنده ولا يبقى عنده شيء!

فكلّ مسلم كان مصليّاً وكان صائماً وفوق ذلك كان عالِماً وفقيهاً، ألم يصف النّبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بقوله: ((علماء فقهاء)) 4 ، ومعنى الفقه هنا ليس الفقه الاصطلاحيّ الذي ألَّفوا كتبه عند تخلف المسلمين.. وهذه الكتب مؤلّفة في زمن التّخلف، لكنَّ الفقه الحقيقي هو فقه القرآن المشروح بأعمال النّبي صلى الله عليه وسلم وحكمته وتعاليمه.. لا نريد أكواماً من قشور الموز ولا نجد فيها غير موزة واحدة، بل أعطني الموزة بدون هذه القشور كلّها.

فالنّبي صلى الله عليه وسلم وصف المسلمين بزمانه بالعلماء، وبالمقابل كانت النّساء المسلمات عالمات، والرجال فقهاء والنّساء فقيهات، والرّجال حكماء والنّساء حكيمات.. ففي صُلح الحديبيّة لم يمتثل جميع الصّحابة رضي الله عنهم أمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم، والنّبيّ صلى الله عليه وسلم أيضاً لحكمة من الله عز وجل ما أُلهِم حلّ تلك المشكلة وتَعقَّد حلُّها.. لكنْ بحكمةِ مَن حُلّت مشكلة عدم امتثال الصّحابة لأمره صلى الله عليه وسلم؟ حيث أمرهم أن يتحللوا من العمرة فقال لهم: فكّوا إحرامكم 5 قالوا: لا نفك، فأنت وعدتنا أن ندخل المسجد الحرام آمنين، أين هذا الوعد؟ فإمّا أن ندخل بالحرب وإمّا لا نفك الإحرام.. والنّبيّ صلى الله عليه وسلم يريد السّلم، فدخل خيمته صلى الله عليه سلم مُغضباً وكانت “سكرتيرته” مَن؟ زوجته أم سلمة، وهي ليست أجنبيّة، بل زوجته.. قالت: ما لَك يا رسول الله؟ قال: ((هلك النّاس أمرتهم فلم يطيعوا)) فإذا أُمروا ولم يطيعوا فهذا الهلاك! قالت: يا رسول الله اعذرهم، وهدَّأت من غضبه، وقالت له: تستدعي الحلاق وتفك إحرامك خارج الخيمة أمامهم- والإحرام أول ما يُفَكّ بالحلق- فإذا فعلت ذلك فسيفعل المسلمون مثل فعلك.. وبعد أن فعل النَّبي صلى الله عليه وسلم مثلما قالت فكّ الصّحابة رضي الله عنهم كلّهم إحرامهم.. هذه هي المرأة المسلمة! فهي هنا مستشارة حرب ومستشارة سياسة.

تعلُّم الحكمة وتعليمها

والذي يقول إنّ الإسلام أنقص من حقّ المرأة فقد أخطأ، فإذا كان النّبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود)) ماذا أيضاً؟ هل ينبغي له صلى الله عليه وسلم أن يذكر أنَّه لا فضل لسوري على أردني أو هندي على غيره؟ فقد ذكر لك أمثلة وأنت قِسْ على ذلك، قال: ((إلّا بالتّقوى)) 6 والتقوى: علم وعمل، علم صحيح وعمل صائب بعيد عن الأخطاء، فالعلم بحقائق الأمور والعمل الموافق للدّراسة الصّحيحة هذا اسمه الحكمة العلميّة والعمليّة، والعلم الصحيح والتطبيق الصحيح اسمه الحكمة، يقول تعالى: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ [البقرة: 269]، هناك من لا يدرك الحقائق، وإن أدركها لا يحسن تطبيقها، فالمسلم عليه أن يتعلم الحكمة ليكون حكيماً.. ولكن الذي نراه اليوم أن من يريد التعلم يأتي إلى الشيخ فيبدأ معه بتعليم الوضوء، يقول له: يا شيخي أنا أعرف كيف أتوضأ، فيرد عليه: لا.. عليك أن تتعلم الفقه عن طريق كتاب الفقه، فيحضر له كتاباً مؤلفاً من سبعين أو ثمانين ورقة عن الوضوء، ثم بعد أن يقرأها لا يعد يدرك كيف يتوضأ.

هل بذل النّبي صلى الله عليه وسلم جهداً وصرف وقتاً في تعليم الوضوء أكثر أم في تعليم الحكمة أكثر؟ وهل بذل في طهارة القلوب جهداً أكثر أم في طهارة الجسد والثياب؟ أيّها أكثر؟ هل بذل في بناء الأمة وفي بناء العقول جهداً أكثر أم في بناء الجدران والحيطان؟ فهذا كلّه- يا إخوتي وأخواتي- اسمه إسلام.. فالعلم من الإسلام، فإذا لم تكن عالماً فلست مسلماً حقّاً، وإذا لم تكن عالماً فكن متعلماً، أمّا ألّا تكون عالماً ولا متعلماً؟ فالنّبي صلى الله عليه وسلم هل أمرك أن تتعلّم النّجارة والفلاحة والتّجارة؟ فالمقصود أن تكون عالماً بالإسلام العلم الحقيقيّ، فإذا علمت أنّ هذا شراباً فتشربه، وإذا علمت أنَّه سُمّاً فتجتنبه.. هذا العلم هو الذي يدفعك إلى العمل النّافع ويزجرك ويمنعك عن العمل الضّار، فإذا لم تطبق هذا العلم، وقرأت ما في الورق فقط، فهذا لا يُسمى علماً بل اسمه قراءة، فأنت قارئ ولست بعالم، ولذلك قال الله تعالى في القرآن عن علماء اليهود: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً [الجمعة: 5] والأسفار هي الكتب، وأيضاً: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ [البقرة: 78] يقرؤون التّوراة ويقولون أننا: ﴿لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً [البقرة: 80] قالوا إنهم يدخلون إلى النّار سبعة أيام أو أربعين يوماً وبعدها يدخلون الجنّة فوراً، فقال القرآن الكريم أنّ هذه أمانيّ.

لماذا ذكر الله عزّ وجلّ عيوب اليهود؟ هذه أمراضٌ تأتي على الأمم في شيخوختها، فلمّا طال الأمد بين اليهود وبين النّبوّة: ﴿فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ [الحديد: 16].. الآن الأمّة الإسلاميّة طال عليها الأمد فقست قلوبها وكثير منهم فاسقون، والعلماء الحقيقيون قليلون، وأسلوب التّعليم عقيم، فالتّعليم في الأزهر وغير الأزهر كلّه عقيم.

فإذا كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال عن المجتمع الإسلامي: ((حكماء علماء كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء)) 7 فالنّبي هو الذي يحيي أمّة، أي يكون بوزن أمّة، يعني كلّ مسلم صار أمّة، فمسلم واحد من هذا العيار يذهب إلى إندونيسيا فيها مئة مليون يقلبها كلّها إلى مسلمين.. أنت الآن مسلم عالِم أو أي عالِم إسلامي هل تستطيع قلب قرية من جاهليّة إلى إسلام؟ وتحولها من رذائل إلى فضائل؟ ومن فسق إلى تقوى؟ ومن غفلة إلى ذكر؟ ومن شقاء إلى سعادة؟ ومن تمزق إلى توحد؟ ومن تخاصم إلى تحابب؟ هذا هو العلم يا بني! هذا هو الإسلام وهذا هو القرآن، أمّا أن يُقْرَأ القرآن على الأموات! فهم في حال حياتهم لم يستفيدوا من القرآن.. فإن كان طيلة حياته لم يأكل البقلاوة ولما مات ووضعوه في القبر أحضروا له إلى قبره صينيّة بقلاوة، ويقولون: هذا مات مسكيناً مكسور الخاطر.. وكما يقول المثل: “عندما حَطُّوه على المغتسل دهنوه بالعسل” فما الفائدة؟ أطعمه العسل في حياته لا في مماته.

الإسلام ليس بالوراثة بل بالتّعلم

لا يغرنكم إسلام من يقول: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ [الزخرف: 22] يقول لك: يا أخي، النّاس هكذا ونحن مثلهم، هذا اسمه الإمّعة، يقول: إذا فعل النّاس فعلت، وإذا ترك النّاس تركت 8 ، والإسلام فيه استقلال الشّخصيّة، قال تعالى: ﴿أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ [الزخرف: 24] فدائماً يكون الانتقال إلى الأهدى وإلى الأصلح والأنفع والأكمل.. وعلى هذه القاعدة يسير الأوروبيون؛ ففي كلّ سنة طراز جديد، فالسيارات والبرادات والمنتجات دائماً يكون في إنتاجها الثاني محسنات أكثر من إنتاجها الأول، ويكون إنتاجها الثالث أفضل من الثاني وهكذا.. المسلمون هم المسؤولون عن سعادة العالَم وعن وحدته وثقافته وتعليمه، لكن الواقع اليوم، هم متنازعون، خصوصاً أولئك الذين يَنْسِبون أنفسهم للدّين، فيجعلون العرب أعراباً والإسلام مليون إسلام، وذلك بسبب صغائر الأمور وتوافهها ومُضْحِكاتها، بينما العالَم كلّه الآن مهدّد بالفناء، وكلّ فلاسفتهم وهيئات الأمم وعصبتها ومجلس أمنهم عاجزين عن تحقيق أمنهم، كيف يكون هناك أمن بين الظّالم والمظلوم، هل يستوي ذلك؟ بين القوّي الطامع والضّعيف المطموع به، هل هذا ممكن؟ هل يتحقق الأمان بين الذّئب الجائع مع الخَروف؟ من غير الممكن إلّا إذا أصبح الاثنان خرافاً أو أصبحا ذئاباً، أما الإسلام فيجعلهم في مصافّ الملائكة.. وهذه من مسؤوليات المسلمين.. من الّذي يصنع الإسلام الحقيقي؟ هذا الكرسي صنعه النجّار، وهذه السّجّادة صنعها صانع السّجّاد.. فمن الّذي صنع إسلامك؟ وهذا الثّوب صنعه خيّاط، وهذه المسبحة صنعها صانعها، فمن صنع إسلامك ومن صنع شخصيّتك؟ من صنع أبا بكر رضي الله عنه؟ فلولا الإسلام هل عرف أحدٌ أبا بكرٍ رضي الله عنه؟ فأبو بكر الجسدي قيمته في زمن قريش كأي مخلوق مادي ليس له ذكر وليس له قدر، والذي خلّد ذكر أبي بكرٍ رضي الله عنه في الأرض وفي السّماء هو النّبي صلى الله عليه وسلم، وذلك حينما صنع إسلامه وليس جسده.. والدك هو من صنع جسدك.. والإسلام عقلٌ إسلاميّ وقلبٌ إسلامي وخُلُق إسلامي وروح إسلامية وسلوك إسلامي ونضال إسلاميّ، نضال لرفع مستوى المجتمع والعالَم كلّه.. فهل يشعر الإنسان المسلم بهذا الإحساس؟ فالأمر لا يقتصر على عمامة وجُبّة ولحية وشيخ وأزهر.. لا.

النّبي صلى الله عليه وسلم وصف المجتمع الإسلامي بعلم وفقه وحكمة، وبأيّ شيء يوصف مجتمعنا الآن؟ بعلم أم بجهل؟ بفقه أم ببعد عن الله عز وجل؟ بحكمة أم بطيش وأهواء وشهوات وأنانيّات؟ هذه هي صفات الجاهليّة، ولكننا نظلم الإسلام ونسميها إسلاماً، ونسمي الجاهل عالماً، فإذا قرأ الفرائض فهذا قد قرأ، وإذا قرأ الفقه فهو قارئ.. إنّ سائق السيارة هو من يقودها لا من يحمل شهادتها، وإذا حمل الشهادة ولم يعرف كيف يقودها.. وإذا قيل له تعال قُدِ السّيّارة، فقال لهم: أحضروا لي السّوط، وأحضروا لي المعلف حتّى نعلفها نخالة وتبناً.. فهل هذا سائق سيارة أم سائق حمير وبغال؟

كيفية إحياء العالِم للأمّة

فالعالِمُ هو الّذي يستطيع أن يُحيي قلوب النّاس وعقولها وأخلاقها وتقدّمها، ويجمعها من فرقتها إلى وحدتها ومن بغضائها إلى محبّتها، فالآن يعيش النّاس بالأهواء والأنانيّات، سواء كان متديّناً أو غير متديّن، فهذا هو الذي يسبّب التّمزق والتّفرّق والعداء والتّخاصم، أمّا عندما يتحوّل الإنسان إلى المؤمن الحقّ.. عندها لا تجد عنده هوىً ولا حب الأنا إلّا مرضاة الله، فلا يعد هناك تنازُعٌ على الحقِّ.. لمن الحق؟ لي أم لك؟ لأنّ الحق مع أحدهما، فمن يريد مرضاة الله عز وجل، لا يبالي بحظّ نفسه إذا فاته وكان الحقّ لأخيه، يقول لأخيه: الحقّ لك وليس لي وأنا راضٍ بحكم الله عزّ وجلّ.. فهكذا تكون الوحدة، فأمّا لو أردتُ منازعتك وأن أستولي على حقك، وكنتُ قوياً، فأكون صاحب الحقّ في نظر النّاس والواقع.. وهكذا تكون الفُرقة.. وهل كان للنّبيّ صلى الله عليه وسلم أجرٌ مادي؟ بل كان راتبه: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً [الأنعام: 90] فهل ضيّعه الله عز وجل؟

وراودته الجبالُ الشّمُّ من ذهبٍ عن نفسهِ فأراها أيَّما شَمَمِ

“عُرِضت عليّ جبال مكة أن تكون ذهباً وفضة تسير معي أينما سرت” 9 .

فمن يريد أن يكون أجره على الله، فهذا الأمر يحتاج إلى إيمان.. والإيمان الحقّ هو نورٌ يملأ العقل بالحكمة، ويملأ القلب بالإيمان.. حباً وخشيةً لله، وأخلاقاً وسلوكاً مع الخلق، وحكمةً في التّصرفات.. فلا يقع في الأخطاء، إذاً ما معنى العِصمة؟ كانت أعمال النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام كلّها صواباً، لذلك تكللت كلّها بالنجاح.. وهل رأيتم شيخاً يعلّم النّاس الحكمة مثلما يعلِّمهم كيفية الاستنجاء، مع أنَّ كلّ النّاس تعرف كيفية الاستنجاء، لكنّهم يجهلون الحكمة، فلماذا يعلِّمهم ما يعْلمون ولا يعلِّمهم ما يَفْقِدُون!؟ يريد تعليم أحدهم طريقة أكل الرُّز بأن يقول له: أمسك الملعقة بيدك اليمين وضعْها في الصّحن، ثم املأها إمَّا كلَّها أو ثلثيها أو نِصفها، ثم ضعها في فمك وامضغها.. فهل هذا يحتاج إلى تعليم!؟ وهل هذا يحتاج إلى تعلُّمٍ وفلسفةٍ وشهادات؟ بل علِّمهُ ما هو بحاجة إليه، وعلِّمه الشيء الّذي سيغرق إن جَهِل به.

والعلم الحقيقيُّ هو نورٌ في القلب، فمن أين أتت عُلوم الأنبياء؟ أتت من السّماء، كالمطر إلى قلوبهم الخصبة، فأنبتتِ العلم والأخلاق والحكمة، وحتّى الكتب والعلوم المكتوبة من أين مصدرها؟ مصدرها من السّماء.. من الله عزّ وجلّ، فهل تفكر في أن تجعل قلبك دفتراً أبيضاً، يُكْتَب العلم فيه مِنْ قِبَل الله تعالى: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى [الأعلى: 6] ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق: 1] هذا الأمر لا يكون إلَّا بالإنابة.. والتّوبة تكون أولاً وهي: ترك المعاصي الجسديّة الظّاهرة، أمَّا الإنابة فهي: ترك المعاصي الباطنة، كالعُجْب والرّياء والحقد والحسد والبغضاء.. وإذا كان حُبّ الدّنيا وما يتعلق بالجسد يسيطر على قلبك، ويخلو قلبك من حُبِّ الله والآخرة فهذا لا يصح يا بني، فلا يمكن لقلبٍ يغرق في بحر محبّة الدّنيا ونجاستها أن يَتنزّل عليه الروح الإلهيّ والنّور الرّبانيّ بالحكمة والعلم الّذي يجعله أمّة ويجعله جوهراً نفيساً، فالجواهر والكدر- الصخور السوداء- والألماس من الحجارة، لكنَّ ألماسة بقدر رأس الإصبع تقدر بخمسين مليون دولار، وجبل قاسيون كلّه من يشتريه منكم؟ هل تشترونه بخمس ليرات، وعلى شرط أن تستلموه وتنقلوه من مكانه.. هل تجد من يشتريه؟ فإذا وجب عليك أخذه واستلامه ونقله فهذا بلاء عليك.

كيف يكون الاصطفاء؟

نعود إلى قوله تعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً [النحل: 120] ﴿يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ [آل عمران: 42] فكيف ينتقي الشخص شيئاً ما يريده؟ فلو كان يريد برتقالاً، فإنّه ينتقي أحسنها وأطيبها وأجملها وأنْضَجَها وأكثرها حلاوة، وإن أراد أن ينتقي خبزاً أيضاً، فإنَّه ينتقي النّاضج الحسن، وكذلك من الثياب.. فالله عزّ وجلّ لا يصطفي القشور، ولا يصطفي للنّبوّة البهاليل وذوي العقول الصغيرة، وضعيفي الإرادة والشّخصيّة ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ [الحج: 75] فأبوابُ ميدان الفتوح الإلهي مفتّحة، ولكنّ الله عزّ وجلّ لا يعطي لإنسانٍ شيئاً لا يريده، فإذا كُنت لا تُريد أن تكون حكيماً، فإن الله تعالى لا يعطيك الحكمة، وإذا كُنت لا تريد أن تكون عالمِاً حقيقيّاً، فإنّه لا يعطيك العلم الحقيقيّ، وإذا لم تكن أمّة ستصير إمّعة أو تكونَ مِنْ سَقَطِ النّاس، فهل هذا ما تريده؟ ﴿كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً [الإسراء: 20] وأمّا المؤمن العظيم فهو الّذي تكون فكرته ورغباته وتطلّعاته وهمّته وأعماله عظيمةً، فهكذا يصبح الإنسان عظيماً، أمّا إن كان تفكيره تافهاً وعمله أتفه من تفكيره وأخلاقه أتفه وأتفه، وبعدها يريد أن يصير عظيماً، فيحقَّ عليه قول الشّاعر

ترجو النّجاة ولم تسلُك مسالكها لكها إنّ السّفينة لا تجري على اليبسِ

لذلك أنتم كمسلمين.. أمّا بالنسبة لطلاب العلم، فهناك الكثير ممن تحصَّلوا على شهادة الدكتوراه، ولم يصلوا حتى منتصف الطّريق.. فلم يستطيعوا أن يجلبوا الهداية لأنفسهم، فضلاً أن ينفعوا بلدهم أو أمّتهم، وفضلاً أن يُصدِّروا الخير للعالَم، أنتم كمسلمِين.. كمسلم ومسلمة مسؤولون عن سعادة العالَم ووحدته، وعن رحمة العالم وإنقاذه، وإيصال الخير إلى كلّ النّاس، ألم يكنِ النّبي صلى الله عليه وسلم هكذا!؟ فهذا هو الإسلام سواءٌ للرجل أو للمرأة، ولـمّا جاهد المسلمون لم يكن جهادهم للمغانم ولا لكسب الأموال والثّراء، ولم يجاهدوا لِيُذِلُّوا ويستغلوا الشّعوب.. جاهدوا ليحرروها مِن ظُلْم ملوكها، ومن ظلم وجور حُكّامها، ولينقلوها من أميّة العلم والفكر، ومن أميّة الأخلاق والسُّلوك، إلى ثقافة العلم والفكر، وإلى ثقافة الأخلاق والسُّلوك والحياة، ولينقلوها من الضَّياع إلى الوجود.

إن هذه البلاد كانت كلّها نصرانيّة وتتكلم باللغة السّريانيّة، ولماذا سُميت بسوريا إذاً؟ إنّ الذي أطلق اسم “سوريّا” على بلادنا هو الاستعمار حتّى ينسينا عروبتنا، ففي اللغة العربية اسمها الشّام فأسماها المستعمر “سوريّا”، فهل عُرّبت لوحدها؟ لا! ولكن الّذي عرّبها هو الإسلام.. كان يتكلم سكان شمال أفريقيا بالبربريّة والقبطيّة ولغات أخرى.. من الّذي عرّبهم؟ الإسلام هو الّذي عربهم، [كثيراً ما كان يذكر سماحة الشيخ كفتارو- “صاحب هذه المحاضرة” رحمه الله- العرب والعروبة في محاضراته في تلك الحقبة من حياته، حيث كانت القومية العربية توجهاً سياسياً في بعض البلاد العربية وخاصة في سوريا، فكان يبين لهم أن الذي رفع العرب وأعزهم هو الإسلام، وعلى العرب المعاصرين أن لا ينسوا ذلك إن أرادوا العودة إلى مجدهم وعزهم.] أمّا الآن فيأتي الإسلام معكوساً، فالإسلام الحقيقي: ﴿يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً [النصر: 2] وأما الإسلام المشوّه فيخرجون من دين الله أفواجاً.. لذلك أنتم تتحمَّلون المسؤولية الأكبر، لأنّكم أنتم إن شاء الله تعالى في مدرسة الإسلام الحقيقيّ الذي من جملته العلم، والعلم الحقيقيّ كالبذرة والنّواة التي تستقر في تربة الحوض، والتي تصبح فيما بعد نخلة، فالنّواة عندما تذوب عن شخصيّتها وعن شكلها الخارجي، وتتواضع وتصبح في التّراب وتحت الأقدام، فعندها تُصبح بتواضعها هذا فوق الرّؤوس، وبماذا ستُستَبدل النواة؟ بآلاف النُّوى، ولكنَّها جميعها تصبح مَكْسُوةً بالتّمر، وهكذا من يدخلَ تُربة المدرسة الإلهيّة والتّربيّة الإلهيّة، تنقلب نواته نخلة، وإذا لم تدخل تلك التربة، فإنَّها تَفْسُد وتداس بالأحذية، ويصير وجودها كعدمه.

فأسأل الله تعالى أن يجعلكم من الصّادقين في الطّلب، فوالله لا أرضى أن يكون كل ّواحد منكم أمّة واحدة فقط، ولكن بحسب رغبتي وبحسب ما أفكر.. ينبغي لطالب العلم أن يكون أكثر من أمّة، بل أن يكون أمّة الخير والرّحمة والحبّ والإخاء، وألّا يكون له هدف مادي ولا شخصي ولا أناني، وأن يتفانى عن كلّ رغباته الشّخصيّة، ويَصْدُقَ مع الله عزّ وجلّ.. فالنّبيّ صلى الله عليه وسلم هل كان له غاية دنيوية في أمر النّبوّة؟ وذلك بأن يجمع مالاً أو يبنيَ قصوراً، أو أن يكون له أملاك وبنايات؟ فهو لم يطلب شيئاً.. ولكنْ هل أعطاه الله عز وجل فوق ما كان يطلب أم لم يعطه؟ بل أعطاه كلّ شيء.

قِيل: إنّه كان هناك ملكٌ يميل إلى أحد حاشيته أكثر من الجميع، فشعر ذلك الملك بحسد النّاس له، فأراد أن يبيّن لهم مكانة ذلك الرّجل فجمعهم في يوم سرورٍ، وقال لهم: ليتمنّى كلّ واحد منكم عليّ أمنيةً حتّى أحقق له أمنيَّته، فطلب أحدهم أن يعينه محافظاً لحمص، والآخر طلب أن يجعله قائم المقام بدوما، [دوما وحمص من مدن سوريا، يذكرها الشيخ تقريباً لفهم المستمعين ولا يقصدهما بذاتهما] كلّ واحد حسب رغبته، فمنهم من قال أريد مالاً ومنهم من طلب سيارة.. وأما الرَّجل الذي يقدِّمه الملك على الأخرين فسكت، فسأله الملك: لماذا أنت لا تتكلم؟ قال: يا سيدي أنا لا أريد شيئاً، أريد فقط رضاك ولا أريد منصب المحافظ ولا السيّارة ولا الذهب ولا الفضّة، فقال له الملك: أنا كلّي ومُلْكِي ومملكتي تحت تصرفك، ثم قال لهم: هل رأيتم؟

نتائج الصّدق مع الله عز وجل

النّبي صلى الله عليه وسلم لـمّا صَدَق بالشّكل العملي، هل أعطاه الله عز وجل الدّنيا فقط؟ بل أعطاه الدّنيا وأعطاه الآخرة، وهذه ليست فقط للنّبيّ صلى الله عليه وسلم، بل هي لكلّ صادق، ولكلّ ذي يقين ولكلّ عامل ولكلّ مخلص باذلٍ لكلّ ما يملك، فابذل ما تملك لله عز وجل يبذل لك الله مما يملك ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ [البقرة: 152].

فأسأل الله عز وجل أن يجعلكن يا بناتي كما جعل الله مريم حيث قال: ﴿وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ [آل عمران: 42] كنَّ من المصطفَيات وكنَّ موضع نظر الله عز وجل لِيَكُوْنَ لَكُنَّ شأنٌ في خدمة أمّتكنَّ وبلادكنَّ، سيما ونحن الآن في حرب صليبيّة دونها الحرب الصّليبيّة الّتي كانت في زمن صلاح الدّين.. وفي هذه الأيام فإن العالَم كلّه يريد أن يبتلعنا كعرب أو كمسلمين، لكن لا يوجد من يأخذ مصباح الإسلام ويُحسن إشعاله؟ فنحمل المصباح وهو مطفأ، والمصباح يبقى مصباحاً، ولكنَّه في ظلمات اللّيل، وبين الآبار والأفاعي والوحوش في الغابة، إذا لم يكن مضاءً فما الفائدة منه؟ عندها تكون الشّمعة المشتعلة أنفع منه، لذلك إذا صدَقْتُم الله عزَّ وجلَّ فوالله لن يضيعكم، وهل نسي الله عزّ وجلّ سيّدنا يونس عليه السّلام وخذله في بطن الحوت؟ ألم ينجّه الله تعالى؟ وهل أهمل الله عز وجل سيّدنا إبراهيم عليه السّلام في جحيم النّمرود وضيّعه؟ لا، لم يضيعه.

ولقد تألبت كلّ العرب على سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلم، فهل أوكله الله عز وجل إلى نفسه؟ بل قال له: ﴿وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً [الفتح: 3].. فقط كونوا مخلصين وصادقين، وبقدر الإمكان ندعو الله لمن يولّيه الله أمر هذه الأمّة- أي لرئيس الدولة- فقد ولّاه الله أمر هذه الأمّة فندعو له بالتّوفيق وندعو له بالنّجاح بكلّ ما نملك من طاقة وقوّة إنِ استطعنا أن نقدّمها في سبيل الصّالح العام، ليكون الشّعب والدّولة كتلةً واحدةً أمام هذه الحرب الصّليبيّة التي نفقد فيها السلاح الحقيقي في الدفاع.. وهو الإسلام.

لم ينتصر صلاح الدين بشخصه ولا بسيفه، ولكنَّه انتصر بقوة إسلامه، فالصّليبيّون كانوا أكثر عدداً وسيوفاً ورماحاً، ولكنَّ صلاح الدّين كان لديه السلاح الحقيقيّ وهو الإسلام، الَّذي لم يكن موجوداً لدى الصّليبييّن، لذلك نصره الله بالإسلام.

فمن الّذي يستطيع أن يصنع الإسلام؟ أرجو الله عزّ وجلّ أن يجعلنا- نحن وكلّ صادقٍ مخلصٍ أهلاً لذلك- فالإسلام لا يتوقف على الشّيخ فقط، بل على رجل الدّولة، وعلى العامل وعلى الغني وعلى الفقير.. فكلّ شخصٍ لديه مسؤوليّة ضمن طاقاته وإمكانيّاته، فإذا صدقت الجهود وتوحدت بقيادة التّوجيه العربي الأوّل والمؤمن الأوّل وبحكمته وبعلمه الرّبّاني وبأخلاقه التي جعلت مِنْ أعدائه أصدقاء وصدّيقين.. فأعداؤه الذين كانوا يريدون قتله صاروا يُقتَلون بين يديه دفاعاً عنه، ويفدونه بمُهجهم وأرواحهم، فبهذا الإسلام وصل العرب إلى أن وحّدوا نصف العالم، وحرّروه من الجهل والعبوديّة، ومن التّخلف ومن التّمزق، ومن ضياع كرامة الإنسان وضياع حقوقه.. وتفكَّروا دوماً بقوله تعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً [النّحل: 16/120] وبقوله تعالى: ﴿وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ العَالمِين [آل عمران: 42] وإذا كانت المرأة مشغولةً بتوافه الأمور وصغائرها، وبما ينْشَغِل به الأطفال الصّغار، فهل هذه أهلٌ لأن يصْطَفِيَها الله؟ وإذا كانت تحزن على توافه الأمور، ولا تحزن على مرضيِّات الله عزّ وجلّ، فهل يصطفيها الله؟ وإذا كانت تُضيِّع جلائل الأمور وتحرص على صغائر الأمور؟ إن النّفوس الكبيرة العظيمة تفكّر بالأمور الكبيرة العظيمة، والنّفوس الصّغيرة التّافهة تفكر بصغائر الأمور وتوافهها، وكما قال سيّدنا عيسى عليه السلام: “من ثمارهم تعرفونهم.”

وصلى الله على سيّدنا محمّد وآل سيّدنا محمّد، والحمد لله ربّ العالمين.

سبب إنشاد الشّعر الصّوفي قبل مجلس الذّكر

سائل يسأل عن الشّعر الصوفي: ما محلّه من الإعراب قبل جلسة الذّكر؟ [سائل يسأل بعد انتهاء المحاضرة عن حكم أناشيد المناجاة أثناء جلسة الذّكر فاستحبه الشيخ، ثم حث الطلاب على الاهتمام بذكر الله تعالى وعلى حضور مجالس الذكر.]

الشّعر الصّوفي شيء جميل يهيّج الذّاكر نحو مذكوره، والمحبّ نحو محبوبه الإلهي، أمّا في أثناء الذّكر فلا يَسْتَمِع الذاكر إلى القرآن؛ لأنّ القرآن فيه ذكر الأمم والكفرة، فينبغي للذّاكر أن يوجه كلّ طاقاته الفكريّة والرّوحيّة إلى نور الذّات الإلهيّ الذي يستجمع كلّ الصّفات الإلهية العظيمة.. وعندها يستشعر عظمة الله عزّ وجلّ وجلاله ونوره في قلبه، وعلى ذلك يكون ذكره.

ضرورة حضور طلاب العلم مجالس الذّكر

اشتكى لي بعض إخوانكم من الـمُذَّكِّرين- المشرفين على مجالس الذكر- قصور طلاب العلم في حضور جلسات الذّكر، فمن المستحيل أن تكونوا شيوخاً بدون ذكر، ومن المستحيل أن تكونوا من المؤمنين بالإيمان الحيّ بلا ذكر، والله عزّ وجلّ وصف المنافقين بقوله: ﴿وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً [النساء: 142] فيأتي مثلاً الشّيخ رجب أو الأستاذ أبو الخير الصّباغ، [الشيخ رجب ديب والأستاذ أبو الخير الصباغ من المشرفين على مجالس الذكر ومن مشايخ الجيل الأول من تلامذة الشيخ أحمد كفتارو- رحمهم الله جميعاً] فيجتمع حوله سبعة طلابٍ أو ثمانية فقط، لماذا سبعة أو ثمانية فقط!؟ هذا الرجل ترك تجارته وعمله وبيته وأهله لأجل طلاب العلم.. فهل الذي يريد أن يصبح أمّة يقدر على ذلك بهذه الهمّة؟ فلو كان المشرف برأس الجبل، ولم نستطع المشي، نذهب ولو زحفاً على البطن إلى مَن يُذكِّرنا بالله عز وجل ويعيننا على جلسة الذّكر.

فجلسة الذّكر هذه الّتي قبل الدّرس، يجب ألّا يتخلف عنها أحد، فأنا على سبيل المثال، لم يكرمني الله عز وجل بما أكرمني به- ليس لأنّي ابن الشّيخ الفلاني- فهناك أولاد الشّيخ عيسى، وأولاد الشّيخ أمين الزّملكانيّ وأولاد الأنبياء، فالإنسان لا يُشرَّف بنسبه الجسديّ، بل يُشرَّف بنسبه العِلميّ والعَمليّ والرّوحيّ والقلبيّ والعقليّ والفكريّ، هذا هو النّسب الحقيقيّ الـُمشرِّف، لذلك لا يجوز أن يكون طالباً للعلمٍ وكسولاً، ولا يجوز أن يكون خاملاً ومتهاوناً أيضاً، فقد كنَّا لا ننام اللّيل، وإلى الآن وقد بلغت هذا العمر.. والأطباء يحذرونني دائماً، وأنا أشعر فوق توصية الأطباء أنّه يلزم ألّا أتعب نفسي، ومع ذلك لا أملك نفسي.. لذلك يجب على من أراد أن يكون مسلماً، ويحرص على أمّته ليكون أحد المغيثين لها في أزمتها العالميّة، ينبغي أن يكون صادقَ القول والعمل والبذل والجهد، أمّا أنه لا يأتي إلى مجالس الذّكر إلا بالقوة، وأغلب الأوقات يتهرَّب من واجب جهاد مجالسة الله عز وجل، والله تعالى يقول في الحديث القدسي: ((أنا جليس من ذكرني)) 10 وبعدها يريد أن يكون داعياً إلى الله عز وجل! هذا لا يمكن أبداً، لذلك جلسة الذّكر كمجلسنا هذا يجب ألّا يتخلف عنها أحد أبداً.

والحمد لله رب العالمين

Amiri Font

الحواشي

  1. هذه الآية أضفتها في هذا الموضع لأن تسجيل المحاضرة فيه حذف، لذلك أضفتها ليناسب السياق.
  2. صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب التّواضع، رقم: (6137)، ولفظه: ((إنّ الله قال من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرّب إلي عبدي بشيء أحبّ إليّ ممّا افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينّه، ولئن استعاذني لأعيذنّه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت، وأنا أكره مساءته)).
  3. المستدرك للحاكم، رقم: (5503)، (3/397)، قال الذّهبي في التّعليق: "رواته ثقات على شرط مسلم".
  4. حديث: (علماء فقهاء حكماء كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء) حلية الأولياء، أبو نعيم، (9/279)، و(10/192)، البداية والنهاية، ابن كثير، (7/371)، عن سويد بن الحارث الأزدي.
  5. فقال عمر بن الخطاب فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ألست نبي الله حقاً قال: ((بلى)) قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل، قال: ((بلى)) قلت: فلم نعطي الدّنية في ديننا، قال ((إنّي رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري)) قلت: أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به قال: ((بلى فأخبرتك أنا نأتيه العام)) قال: قلت: لا، قال: ((فإنّك آتيه ومطوّف به)) قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقاً، قال: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل، قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدّنية في ديننا، قال: أيّها الرّجل إنّه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه، فوالله إنّه على الحقّ، قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرك أنّك تأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنّك آتيه ومطوف به. قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالاً قال فلمّا فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((قوموا فانحروا ثمّ احلقوا)) قال: فو الله ما قام منهم رجل، حتّى قال ذلك ثلاث مرات، فلمّا لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة رضي الله عنها فذكر لها ما لقي من النّاس فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك، اخرج لا تكلم أحداً منهم كلمة حتّى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتّى فعل ذلك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه، فلمّا رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً حتّى كاد بعضهم يقتل بعضاً غمّاً. صحيح البخاري، كتاب الشّروط، باب الشّروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشّروط، رقم: (2581)، سنن أبي داود، أول كتاب الجهاد، باب في صلح العدو، رقم: (2765)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (18948)، (/328).
  6. مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (23536)، (5/411).
  7. سبق تخريجه.
  8. ) ورد الحديث في النهي أن يكون الإنسان إمعة عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تكونوا إمّعة تقولون: إن أحسن النّاس أحسنّا وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنّوا أنفسكم إن أحسن النّاس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا)) سنن التّرمذي، كتاب البرّ والصّلة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الإحسان والعفو، رقم: (2007).
  9. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عَرَضَ عَلَيَّ رَبِّي لِيَجْعَلَ لِي بَطْحَاءَ مَكَّةَ ذَهَباً، قُلْتُ: لَا يَا رَبِّ وَلَكِنْ أَشْبَعُ يَوْماً وَأَجُوعُ يَوْماً - أَوْ قَالَ ثَلَاثاً أَوْ نَحْوَ هَذَا - فَإِذَا جعْتُ تَضَرَّعْتُ إِلَيْكَ وَذَكَرْتُكَ، وَإِذَا شَبِعْتُ شَكَرْتُكَ وَحَمِدْتُكَ «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ)) سنن التّرمذي، كتاب الزّهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الكفاف والصّبر عليه، رقم: (2347)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (22244)، (5/254).
  10. والحديث رواه البيهقي في موضعين الموضع الأول: قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا رَبِّ أَقَرِيبٌ أَنْتَ فَأُنَاجِيكَ أَمْ بَعِيدٌ فَأُنَادِيكَ؟ فَقَالَ لَهُ: يَا مُوسَى، أَنَا جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي، شعب الإيمان، البيهقي، رقم: (670)، (2/171)، قال المتقي الهندي: "(ابن شاهين في الترغيب في الذكر عن جابر) وفيه محمد بن جعفر المدائني قال أحمد: لا أحدث عنه أبداً عن سلام بن مسلم المدائني متروك عن زيد العمي ليس بالقوي). كنز العمال، رقم: (1865)، (1/432). والموضع الثاني: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ: "أَمَا تَسْتَوْحِشُ مِنْ طُولِ الْجُلُوسِ فِي الْبَيْتِ؟ قَالَ: وَمَا لِي أَسْتَوْحِشُ وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي" شعب الإيمان، البيهقي، رقم: (697)، (2/182).
WhatsApp