تاريخ الدرس: 1992/05/01

في رحاب التفسير والتربية القرآنية

مدة الدرس: 01:33:38

سورة الرحمن، الآيات: 60-78 / الدرس 5

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيّدنا محمدٍ، وعلى أبيه سيِّدنا إبراهيم، وأخويه سيِّدنا موسى وعيسى، وجميع الأنبياء والمرسلين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وبعد:

الإيمان أكبر دافع للعمل:

فنحن الآن في تفسير أواخر سورة الرحمن، يقول الله تعالى بعد أن ذكر طائفةً من طوائف أهل الجنة، وذكر قبلهم المجرمين، وقبل المجرمين ذكر القيامة ومحاسبة الإنسان والجان على أعمالهم، فقال تعالى: ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ [الرحمن:31] يعني سيأتيكم يوم الحساب يحاسبكم فيه قاضٍ كالذي لا عمل له إلا حسابكم، والله تعالى لا يشغله شأنٌ عن شأن، لكن الله خاطبَنا بلغتنا لنفهم أنَّ الحساب لا يَترك شيئًا من أعمالنا إلا نحاسب عليه، كالقاضي إذا عَزَل كل الدعاوى وتفرَّغ لدعوى واحدة، فهل يترك منها صغيرةً أو كبيرةً أو قديمةً أو حديثةً؟ وما معنى الإيمان بالقرآن؟ هل معناه أن تقول: آمنتُ، أم إن الإيمان هو عمل القلب الذي يستولي على العقل والفكر والإرادة؟ وما مقتضى الإيمان عندما تؤمن بأنَّ هذا سُمٌّ؟ هل مقتضاه بأن تشربه أم أن تجتنبه؟ وإذا كنتَ منقطعًا في الصحراء وقال لك شخص: هناك يوجد ماء أو نبع ماء، وآمنتَ بكلامه فما مقتضى هذا الإيمان؟ وما الذي يدفعك إليه إيمانك عندما تؤمن بما آمنتَ به؟ تندفع راكضًا إلى الماء لتشربه.

وكذلك القرآن، فمعنى الإيمان به لا أن نقرأه ولا أن نجوِّد النطق بألفاظه وحروفه ولا أن نقرأ تفسيره، ((الإِيمَانُ)) هو في الحقيقة ((مَا وَقَرَ فِي الْقَلْبِ)) 1 ، فكما أنه مستقِرٌّ في قلب كل منَّا أنه يَحْرُم وضع أصبعك في فم الأفعى، هل هذا وقر في القلب؟ وهل وقر في القلب أنَّ الماء يزيل العطش؟ فعند العطش ماذا تفعل؟ هل وقر في قلبك بأنَّ الطعام يُذهِب الجوع؟ فعند الجوع ماذا تفعل؟ وعند أوامر الله تعالى إذا كنتَ مؤمنًا بالقرآن ماذا تفعل أيها المؤمن؟ لا يوجد إلا: ﴿وَسَارِعُوا [آل عمران:133]، ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [آل عمران:132]، ﴿اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ [الحجرات:12] هل أنت مؤمن؟ فإذا وقر إيمانك في القلب فلا يوجد بعد ذلك إساءة الظن بالمؤمن.. ﴿وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا [الحجرات:12] هل آمنتَ بها؟ الإيمان أن نؤمن بالله وملائكته وكتبه.. هل تستطيع أن تؤمن بهذه الآية؟ وهل تؤمن ولو بعشر آيات من القرآن؟ بينما المطلوب منَّا لا أن نؤمن بالقرآن فقط، بل بكل كتب الله تعالى، ولكن القرآن أتى مهيمنًا ومشتملًا على كل الكتب السماوية السابقة باعتباره متمِّمًا، فأتى بكل ما سبق، وما كان ناقصًا تمَّمه: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي [المائدة:3] بكمال الدين ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ [آل عمران:19].

فقه الإسلام وفهم القرآن:

ماذا يعني الإسلام؟ يعني الاستسلام الكامل لأوامر الله، تقول: أنا مسلم، معنى “أنا مسلم” أنا منقاد لأوامر الله، ومطيعٌ غير متمرِّد على أوامر الله، فعندما تقول: أنا مسلم، يعني أنك تقول: أنا كذاب، لأنك تقول: أنا منقاد.. مع أنك لستَ منقادًا، تقول: أنا مطيع.. وأنت عاصٍ، أنا أخاف الله.. ولا تخاف الله، تقول: أنا مستجيب لأوامر الله.. وأنت متمرِّدٌ على شريعة الله.. والكذب على الله لا يكون، بل أنت تكذب على نفسك، فإذا قال لك الطبيب: لا تشرب السم، فشربته وقال لك: هل شربتَ؟ فقلتَ له: لا، ما شربتُ، فهل كلمة “ما شربتُ” هذه كذبٌ على الطبيب أم على نفسك؟ ضرره عائد على مَن؟ وإذا قال لك الطبيب: لا تتجرع السم، حرصًا على حياتك، فإذا شربتَ هلكتَ أنت.

والمسلم اليوم لا يزال لا يفهم ما معنى الإسلام.. الطبيب يعرف ما معنى الطبيب، والنجَّار يعرف ما معنى النجَّار، فهل المسلم والمسلمة يعرفان ما معنى كلمة الإسلام حتى يستحقَّا هذا الوصف؟

يستحقُّ وصف الطبيب من عَلِم الطب وآمن به، يقول لك: هذا مسكِّن لألم الرأس، وهذا مُسْهِل، وهذا مخفِّض للحرارة.. إلخ، لذلك فإنه من الإيمان العملي أنه يستعمل تلك الأدوية عند ظهور الأعراض، ولكن المسلم ليس هكذا، لأنه يقول: هذا حرام.. ويعمله، وهذا فرض ويتركه، بل يدعو إلى الحرام وينفِّر من الواجبات، ثم يقول: أنا مسلم وأنا مسلمة، وهذا كل ما يريده الشيطان من إسلامنا، وهو أنْ كونوا مسلمين، المسلمين الكذابين، المسلمين المنافقين، المسلمين المغتابين، المسلمين التاركين فرائض الله، المسلمين المتعدِّين لحدود الله وحُرمات الله.. الشيطان يقول: اغتابوا وقولوا نحن مسلمون ومؤمنون، وقولوا: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم:47].. ونحن بهذا الكلام نضحك على أنفسنا، مع أنَّ الطفل لا يضحك على نفسه، فعندما تحضر له اللعبة يقول: هذه لعبة، وعلى مقتضى اللفظ والمعنى يركض وراءها.. وإذا قلت له للطعام المضر: “كخ”، يعني حرام، يقول: أنا أمتثل اجتناب حرام.

الإيمان بالقرآن يعني فهم أوامره وتطبيقها:

أمَّا المسلمون اليوم فيقرؤون: ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ[يوسف:2] يعني استعملوا عقولكم، ونحن لا نستعمل عقولنا، “لعلكم تعلمون”، يعني تعلَّموا، ونحن نركض إلى الجهل وأخلاق الجهل وأعمال الجهل، ونجتنب العلم وأخلاق العلماء وفضائل العلم، ثم نطلب من الله أن يستجيب دعاءنا، والله تعالى لَمَّا قال: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[غافر:60] شَرَط علينا ليستجيب لنا فقال: ﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي [البقرة:186].. قال: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[غافر:60] ثم قال: ﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي [البقرة:186] فهل تظن أن يستجيب الله لك وأنت لا تستجيب له؟ لا شيء في الكون يستجيب لك إذا لم تستجب له، هل الأرض تستجيب لك بالإنتاج إذا لم تستجب لحقوقها بالحراثة والبذر والسقاية والتعشيب وتعطيها كامل حقها؟ فإذا لم تعطها الحق لا تأخذ منها الحق.

المسلمون اليوم في ضياع، كما يقول سيدنا عليّ رضي الله عنه: “يأتي زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه” 2 ، أما علومه والمعرفة بوصاياه، والعلم بأحكامه، والتخلُّق بأخلاقه [فلا وجود لها]، مع أن الله تعالى أنزل القرآن من أجل هذه الأهداف، أما مجرد القراءة فما الفائدة؟ كما إذا كان عندك كُمْبْيَالة بمليون ليرة أو عشرة ملايين، [كمبيالة: ورقة مالية رسمية] وصار وقت القبض، فهل تقرأها: “ادفعوا لفلان في اليوم الفلاني -من نفس اليوم- عشرة ملايين ليرة”؟ يقرؤها مرة ثانية، ومرَّة على قراءة حفص، ومرة على قراءة ورش، وعلى القراءات السبع، ثم ينغِّمها على القراءات العشر، ثم على الأربعة عشر.

يقولون له: اذهب إلى البنك، واقبض، لكنه يكرِّرها مرة أخرى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم.. وهذا هزئ بالقرآن وهزئ بالله تعالى: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ يتردَّدون، ﴿أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى [البقرة:15-16] يبيع الهدى ويأخذ الضلالة بدله، يبيع العلم ويزهد به ويأخذ بدله الجهل والعمل به، ثم يقول: أنا مؤمن، مع أنه لو سألتَ كل قارئ للجريدة ماذا فهمتَ؟ يقول لك كل ما كُتب بحسب ما يحمل من معاني، فيقول لك مثلًا عن أفغانستان: الحكومة الأُولى انهزمت والثورة انتصرتْ.. وعندما يقرأ عن درجة الحرارة تسأله عنها فيخبرك أنها خمس وعشرون أو سبع وعشرون مثلًا.

يقرأ سورة البقرة اسأله: ماذا فهم؟ واسأل البقرة، فلا البقرة تفهم ولا هو فهم.. قرأ سورة الفيل، اسأله واسأل الفيل، سورة الفيل: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ [الفيل:1] الذين أرادوا أن يهدموا دين الله والكعبة ﴿أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ [الفيل:2] دبَّروا وخطَّطوا وتآمروا.. الفيل ذهب، وأنت صرتَ -يا بني- من أصحاب الفيل من غير أن تشعر بنفسك.

فهو لا يقرأ القرآن على القراءات الأربعة عشر، إنما على القراءة الخامسة عشرة، والقراءة الخامسة عشر هي: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا [الجمعة:5] التوراة التي أُنزِلت على موسى عليه السلام هي وحي الله عز وجل تأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر، فكان اليهود يقرؤون أسفار التوراة، ولا يأتمرون بمعروف، ولا يتناهون عن منكر، فكأنهم ما قرؤوها، قال: ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ [الجمعة:5] الحمار إذا حُمِّل الأسفار والكتب هل يفقه ممَّا يحمل شيئًا؟ وكذلك المسلم الآن يقرأ القرآن، ولكن هل فهم؟ وهل علم؟ وهل عند محارم الله توقَّف، وعند أوامر الله تسارع، وعند وصايا الله تقبَّل، وعند الأخلاق القرآنية تخلَّق؟ إنّ القرآنُ يُقرَأ لهذا.

عندما تقرأ المكتوب من عميلك ويكون إنكليزيًّا أو فرنسيًّا وأنت لا تفقه لغته تركض إلى مترجم، فيقول لك المترجم: قد بعث لك في هذه الرسالة أن بضائعك في الباخرة الفلانية، وستصل في الخامس عشر من الشهر في الساعة الثانية إلى ميناء اللاذقية، فماذا تفعل بعد القراءة؟ في اليوم الخامس عشر وفي الساعة الثانية تكون في ميناء اللاذقية، لأنك آمنتَ بمكتوبه.. فالإيمان إذا لم يتحوَّل إلى عمل هو إيمان المنافقين: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ [البقرة:8-9] هل يمكن أن ينخدع الله تعالى؟ نحن نخدع أنفسنا، وإذا أردت فيمكنك أن تقول ما تشاء، يمكنك أن تقول: أنا رئيس جمهورية، أنا رئيس وزراء، أنا بوش [رئيس أمريكا في ذلك الوقت]، فإذا كنت تقول هذا القول على غير حقيقة أين يضعونك؟ في مستشفى المجانين، فأنت مجنون.. مرَّ مَجْنُونٌ بمجلس رسول الله ﷺ فقالوا: مَجْنُونٌ مَجْنُونٌ، فقال: ((لَا تَقُولُوا: مَجْنُونٌ، الْمَجْنُونُ مَن يَعصِي اللهَ)) 3 .

الإيمان بالقول لا يكفي:

إذا قال لنا شخص: لدغة الثعبان قاتلة، واحذروا لدغة الثعبان، ولا تقتربوا من الثعبان، ثم رأى ثعبانًا فوضع أصبعه في فمه، فبين قوله المحذِّر من الثعبان وعمله حيث وضع أصبعه في فم الثعبان، لا يُحكَم على هذا الإنسان إلا بالجنون -في اللغة العامية يقولون: الجْنَان، وهذا خطأ- ولذلك قال النبي ﷺ: ((قُولُوا: مَرِيضٌ)) عن الذي نقول عنه: مجنون.. الآن علميًّا ماذا يُقال عنه؟ يقال عنه: مريض، ((المجنُونُ مَن يَعصِي اللهَ))، فهل المجتمع الآن فيه المجانين أكثر أم العقلاء؟ العاقل هو الذي يعقل عن الله كلامه، فهل هناك أعلم من الله، وأرحم من الله، وأحن على قلوب العباد من الله، وأغنى من الله، وأقوى من الله؟ الوزير أو رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية تتمنَّى أن تتقرَّب منه، وتبذل كل ما تملك لتكسب عطفه ولتكسب عطاءه، فإذا كان هناك من هو أعظم من الملِك ومن كل الملوك ومن كل هذا الكون مع كرمه وعظمته وقدرته وغناه وحبه وحنانه فلماذا لا تقترب منه؟ لأنك تجهله ولا تؤمن به، فجدِّد إيمانك، ولكن هل يُصلَّح محرك السيارة القديم بالدعاء؟ تقول: اللهمَّ أصلح لنا سيارتنا، وجدِّد محركها، واجعله محرك عام 1992م.. وهو محرك 1932م، بمجرد الدعاء هل يحدث هذا؟ هل يأتي ولد بالدعاء وبلا زواج؟ هل ينبت زرع بالدعاء وبلا بذار؟

المسلمون اليوم: ﴿وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ [الحج:2] سكروا بخمرتين: خمرة الجهل وخمرة حب العيش؛ حب الدنيا وحب الحياة الجسدية، وما عرفوا شيئًا عن الحياة الروحية والحياة الربانية التي تبدأ بطهارة الروح والنفس من الرذائل ومن الفواحش ما ظهر منها وما بطن.. وبعد هذا التنظيف وهذه التنقية [والطهارة] يُفرَغ ذكر الله على ذلك القلب الطَّاهر، ويُمَرُّ بالقلم على الصفحة البيضاء فيَظْهَر في الصفحة علومٌ ومعارف وحِكَمٌ تكون فيها حياة العقل وحياة الروح وحياة الجسم وحياة المجتمع.

نحن توسَّعنا قليلًا بالدرس، ودرسكم الآن في سورة الرحمن، لقد ذكر الله تعالى لنا نِعمَه علينا وعلى الجن الذين هم الثقلان، وكان كلَّما يذكِّرهم بنعمةٍ يقول لهم: ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:13] يعني بأيِّ نِعَم الله تكذِّبان، وهل تستطيعون أن تقولوا: إنها ليست من الله تعالى وليست من عطاء الله؟ هل من أحد يستطيع أن ينكر؟ إن لم تكن من الله فمن أين جاءت؟

كأس الشاي هذا هل نزل من السماء ووضع الشاي به أتوماتيكيًّا؟ والكأس المصنوع هل نزل من السماء أو أتى وحده من أوروبا بالهواء مثل الغبار؟ وهذه السُّبحة هل جُمِعَت حباتها وحدها؟ والخيط هل صنع وحده ووصل إلى هنا وحده؟ وأنا هل أتيتُ ونزلتُ وحدي من السماء؟

القرآن وأثره في الحياة:

الإنسان صار عقله دون عقول الأطفال ودون عقول المجانين، ((الْمَجْنُونُ مَن يَعصِي الله)) فما أعظم القرآن وهديه ودعاءه ونداءه، يقول لك أيها الإنسان: ﴿الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ [الرحمن:1-2] أول هدية أهداها للإنسان هي القرآن، فلمَّا تقبل العرب هديَّة الله بما يليق بهديَّته من قَبولٍ وتعظيمٍ وعملِ ما يجب من الشكر على هذه الهدية والهداية كانوا فقراء فأغناهم الله، وكانوا أذلَّاء فأعزَّهم الله، وكانوا أعداء يقتل بعضهم بعضًا فصاروا ﴿رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا [الفتح:29] لقد نالوا خير الدنيا والآخرة، فقد كانوا جهلاء فصاروا علماء، وكانوا مستعبَدِين فلم يتحرَّروا فحسب، بل حرَّروا شعوب العالم، وكانوا متفرِّقين فوحَّدوا شعوب نصف العالم القديم من الصين إلى حدود فرنسا، حتى صاروا أمَّة واحدة وجيشًا واحدًا وعَلَمًا واحدًا وثقافة واحدة، وما صاروا كأُسْرَةٍ واحدة، بل صاروا ((كجَسَدٍ واحدٍ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)) 4 ، وكما يقول نابليون، وذلك كله في نصف قرن؛ في خمسين سنة.

والآن العرب مئتا مليون، والمسلمون يكمِّلون مليار، وفلسطين تُؤْكَل قطعةً قطعة، وحتى الآن ابتُلِعَت كلُّها وأضافوا لها من البلاد المجاورة، ولم يكتفوا بالفرات والنيل، والآن يريدون منابع البترول، والخريطة أكبر من ذلك، فهم يريدون إسطنبول وغيرها من البلاد.

ونحن هل نستيقظ [ونرجع] إلى إسلامنا بجوهره وحقيقته، وإلى الإسلام بفهمه وعلومه، وإلى إسلام العمل؟ سُئلت عائشة رضي الله عنها عن خُلق رسول الله فقالت: ((كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ)) 5 .

هناك من يقرأ القرآن في الورق، [أي يقرؤه قراءة عادية في المصحف]، ولكن هناك من يقرأ القرآن في أعمال النبي ﷺ! وهناك من يقرأ القرآن في أعمال المؤمن؛ مؤمن العلم والمعلِّم، لأنه لا يكون العلم بلا معلِّم ولا الأخلاق بلا مربٍّ ولا الحكمة بلا أستاذ الحكمة.

ولا يكون هذا بالتمني والأماني ومحمد بن محمود، وتظن نفسك بذلك تصير مسلماً، [فمجرد الاسم لا يجعلك مسلمًا]، فابن الطبيب لا يصير طبيبًا إذا لم يسلك مسلك أبيه في العلم والعمل، ونحن لن نصير أبناء أولئك الرجال العظماء إذا لم نتثقَّف بثقافتهم ولم نعمل أعمالهم ولم نتخلَّق بأخلاقهم.

﴿الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ [الرحمن:1-2] القرآن وحده نعمة، ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:13] أليس القرآن من الآلاء؟ أليس من النِّعم؟ فهل نشكر الله عليه؟ لماذا لا نشكر؟ لأنه كما إذا وَضع شخص على عنق بقرة عقدًا من الجواهر والألماس هل تشكره؟ لماذا لا تشكره؟ هل لأنَّ الهدية حقيرة أم رخيصة أم صغيرة؟ لا، الهدية ثمينة وعظيمة، لكن البقرة لا تَشكر لأنَّها لم تفهم ولم تعلم.

تخلي المسلمين عن إسلامهم أذلَّهم:

بعضهم يقول: الإسلام والمسلمون؛ والإسلام اليوم كجوهرة يتيمة، يعني ليس لها مثيل في العالَم، والمسلمون كثعبان عظيم جالس على هذه الجوهرة، فلا الثعبان يستفيد من هذه الجوهرة ولا يتركها لينتفع الناس بها، وكذلك المسلمون اليوم، فببعدهم عن إسلام العمل وإسلام الأخلاق وإسلام العلم وإسلام الحكمة بَعُدوا عن الإسلام وحَجبوه بواقعهم عن أن يستفيد منه الآخرون.

لكن مع كل هذا إن شاء الله وتصديقًا لقول الله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نـزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9]، وقوله: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ [الصف:9] إن شاء الله قريبًا ولا ينتهي هذا القرن إلا ويضيء الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها مصداقًا لقول النبي ﷺ: ((سَتَذهَبُ كلُّ المِلَلِ، ولا يَبْقَى إِلَّا الإِسْلاَمُ)) 6 ، ولكن إذا بقينا على ما نحن عليه فلن يكون التغيير على يدنا.

مرةً أتتني صحفية هولندية مسلمة في أيام الوحدة، وأخبرتني أنها ترجمت أربعة آلاف حديث إلى اللغة الهولندية، وسألتني عن حديث: ((في آخِرِ الزَّمانِ تُشرِقُ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا)) 7 ، قالت لي: أنتم كيف تفهمونه؟ أنا فهمتُ مقصدها، ولكن أحببتُ أن أسمع منها، قلتُ لها: أحبُّ أن أسمع منكِ، قالت لي: الحديث ليس كما تفهمونه أنَّ الأرض سينعكس دورانها من الشرق إلى الغرب فتصير من الغرب إلى الشرق، فتشرق الشمس من المغرب، فهذه الأفلاك والنجوم والشموس والأرض لا تتغيَّر، ولكن معنى ذلك أنَّ شمس الإسلام ستشرق من أوروبا ومن الغرب، وسنأتي نحن ونعلِّمكم الإسلام، وإذا لم تسلموا تعرفون ماذا نفعل بكم.. أليس هذا أمرًا محزنًا؟ الآن الهولندي أو الألماني أو الأمريكي يدخلون في الإسلام، والحجَّاج الألمان الذين أتوا إليكم في العيد نقشبنديون، وقد ذكروا لي أنه يوجد أكثر من عشرة آلاف نقشبندي صوفي ألماني في ألمانيا الغربية، ونحن هنا نحارب التصوف الأصيل، والتصوف الأصيل هو الذي يساوي قول الله تعالى في قرآنه: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [الأعلى:14-15]، ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ [يس:69].

أما إذا خرج من البعض بدع أو مخالفات [فلا نقول: إن التصوف كله سيئ]، وكذلك الإسلام، فماذا يَخْرُج من المسلمين اليوم؟ يخرج من كثير منهم كل المخازي، فهل نقول: إنَّ الإسلام لا ينفع؟ لأن بعض المسلمين تَخْرُج منهم المخازي، وإذا خرج من السوريين أو المصريين أو السعوديين شخصٌ وعمل عملًا سيئًا، فهل نقول: كل السوريين أو المصريين أو السعوديين سيئون؟

هذا من الخطأ والجهل المطبق وعدم الإنصاف في تفهُّم الأشياء والترجمةِ عنها، فالترجمة تخطئ عندما يخطئ فهمُ المترجِم، أما إذا كان المترجم فاهماً وأخطأ فهذا ليس مخطئًا، بل هذا اسمه مجرم: ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ [القمر:47] إلى آخر الآيات.

﴿يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ [الرحمن:41].. نسأل الله أن يحمينا.

الجنة التي يعرضها الله علينا والثمن الواجب بذله لذلك:

سينتهي الوقت ولم ندخل في درسنا.. إنّ الله تعالى ذكر في سورة الرحمن أحوال أهل الجنة وصفات الجنة ونساءها ونعيمها وقصورها وأنهارها وأشجارها، فهل آمنتم بهذه الجنة التي يعرضها الله علينا في المعرض القرآني؟ هل اشتقتم إليها؟ إذا رأيتم صورة امرأة جميلة في مجلة فهل تصدِّقون أن هذه الصورة هي فلانة؟ وعلى أساس هذا العرض ألا تحبون أن تكون لكم مثل هذه الحسناء؟ فهل تصدِّقون تصوير الله لنا جنته والعالَم الذي يُعدُّه لنا، ﴿وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران:133]؟ وعندما نرى إعلانًا في جريدة أنَّ هناك بيتًا يساوي عشرة ملايين، ويعرضونه بمليون فهل يتوانى القارئ ويتوقف إذا ملك ثمنه عن الشراء؟ لا، لماذا؟ لأنه سيربح تسعة ملايين.

الله تعالى يعرض علينا الجنة: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ [الرحمن:46] ﴿ذَوَاتَا أَفْنَانٍ [الرحمن:48] فيهما من كل فنٍّ؛ من الزراعة والثمار والألوان والجمال، ﴿فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ [الرحمن:52] ﴿فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ [الرحمن:50].

لو رأيت بيتًا في مَصْيَف وكان سعره مئة ألف، وعرضوه لك في الجريدة بعشرة آلاف، أو بألف [فإنك تسارع إلى شرائه]، فكيف بجنة ((فيها ما لا عَينٌ رَأتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعتْ، وَلا خَطَرَ عَلى قَلبِ بَشَرٍ)) 8 ؟ المسلمون اليوم لا يقبلون هذا العَرض، فهل لا يقبلون العرض جهلًا أو جنونًا أو كفرًا أم إنهم عرفوا فألحدوا؟ إن هذا أمرٌ مُحَيِّر.

أثر فقد المربِّي في الحياة:

والسبب فقدُ مربي القلب، ((الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ)) 9 ، وهم الذين يفعلون فعل الأنبياء، ماذا فعل نبينا ﷺ؟ ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ [البقرة:129]، ليس قراءة ألفاظه، يعلمهم حقائقه ومعانيه، ويجعل نوره في قلوبهم وأرواحهم، لأن القوة والطاقة التي تستطيع بها أن تؤدي فرائض القرآن والمكابح التي تُوقف هواك عن الهوِيِّ في الهاوية هي القوة الإلهية والتيار الرّباني، وإذا لم تكن روحك ملقَّحةً بروح الله فمهما قرأتَ ومهما سمعتَ لا تستطيع أن تؤدِّي فرائضه، بل يغلب عليك هواك وشهواتك وأنانياتك ومطامعك ومصالحك وموت القلب: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ [البقرة:18].. نسأل الله أن يحمينا من موت القلب ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ [النمل:80] النبي ﷺ ما كان يذهب إلى المقابر ويدعوهم إلى الله، فهؤلاء صاروا أمواتًا وانتهى أمرهم، لكن الناس المقبورين في شهواتهم وأهوائهم ومطامعهم وحيوانيَّات أجسامهم هم الأموات: ﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ۖ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النحل:21].

مسلم اللقب ومسلم الحقيقة:

وبعد أن ذكر الله تعالى الجنة وذكر جهنم والمجرمين والمتقين والخائفين قال: ﴿هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ [الرحمن:60] لما قرأها النبي ﷺ قال للصحابة رضوان الله عليهم: ((هَل تَدْرُونَ ماذا قالَ رَبُّكم؟)) يعني هل تعرفون ماذا يقصد ربكم بقوله: ﴿هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ [الرحمن:60]؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((يَقولُ: ما جَزَاءُ مَنْ أَنْعَمْتُ عَلَيْهِ بتَوْحِيدِي وَمعْرِفَتِي إِلَّا أَنْ أُسْكِنَهُ جَنَّتِي وَحَظِيرَةَ قُدْسِي)) 10 ، “الحظيرة”: أي المحظورة إلا على الأحباب المقرَّبين، والجلساء الخاصِّين.

التوحيد ليس مجرَّد أن تقول: “لا إله إلا الله”، بل أن لا يكون موجودٌ في شعورك ووجدانك إلا الله، فبذلك أنت موحِّدٌ، وأما إذا كان هواك وأهواؤك ورغباتك ومطامعك هي التي تقودك فأنت مشركٌ، والمشرك الذي يكون له إلهان يساوي بينهما، أمَّا إذا كنتَ تقدِّم هواك على تقواك، وتقدم مصالحك على أوامر الله، وتقدِّم شهواتك على طاعة الله فليتك تكون مشركًا فقط، لأنَّ المشرك يؤمن بالله وبالصنم، أو يؤمن بالله وبابن الله، [بل ترى هذا الشخص الذي قدم هواه] لا يعرف الله مطلقًا، فالذي يُقدِم على الحرام؛ حرام الطعام أو حرام المال أو حرام النظر أو حرام البطن أو حرام اللسان أو حرام الأذن هل هذا مؤمن بالله؟ هل هذا موحِّدٌ؟ ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ [الجاثية:23] الله تعالى يقول: أنا لستُ إلهه، بل إلهه هواه.. الله يقول هكذا، فهل كلامك أصحُّ أم كلام الله؟ أنت مسلم الأماني لا مسلم الحقائق، والإيمان: ((لَيْسَ الإِيمَانُ بِالتَّمَنِّي ولا بِالتَّحَلِّي، ولَكنَّ الإِيمَانَ مَا وَقَرَ فِي الْقَلْبِ وَصَدَّقَهُ الْعَمَلُ)) 11 ، ما الشاهد على إيمانك؟ العمل، فإذا كان عملك يختلف عن مُدَّعاك فأنت منافق.. نسأل الله أن يحمينا، فإن المريض إذا عرف مرضه يرجى له الشفاء، ولكن الخطورة إذا كان المريض يجهل مرضه، وقد قيل: ما أشدُّ من الجهل؟ قال: الجهل بالجهل، وما أخطر من المرض؟ قال: الجهل بالمرض.

إذا وُجِدَ المرض فلا خطر، لأنَّه يوجد طبيب ودواء، أمَّا إذا جَهِلتَ وجود المرض فهنا المرض سيفتك بك وتكون العاقبة بالهلاك.

هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟:

﴿هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ [الرحمن:60] لقد أحسنَ الله إلينا بمعرفته وتوحيده فهو محسن لنا في الأول ومحسن في الأخير، فإذا اتَّقينا الله عزَّ وجلَّ فهل تقوانا لمصلحة الله؟ إنه إذا أهدى إنسان لآخر ثوبًا فقد أحسن إليه والمهدى له منتفِعٌ، وإذا أهدى له سيارة فهو منتفِع ينتفع بها، أما نحن فهل نُحسِن لله تعالى بتقوانا؟ هل يستفيد الله منها؟ لا، ولكنه سبحانه يكلِّمنا بِلُغتنا، كالأب إذا قال لطفله: يا بني، إذهب إلى المدرسة من أجل خاطري، وإذا ذهبت إلى المدرسة سأعطيك خمسين ليرة سورية، فيقول: سأذهب من أجلك يا أبي، أعطني جزاء تنفيذي لأمرك.. إن ذهابك إلى المدرسة لمصلحتك، ثم بعد ذلك تطلب المكافأة عليه؟ ولكن الله يعاملنا كما يعامل الأب أطفاله.

وهذه الآية ليست خاصةً فيما بين الله والإنسان، بل تخص كل إنسان فيما بينه وبين الآخرين، فكل من أحسن إليك يجب أن تقابله بالإحسان: ((مَن أَسدَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فإنْ لم تَستَطِيعُوا فَاذكُرُوهُ، فمَن ذَكَرَه فَقَدْ شَكَرَهُ، وَمَنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ)) 12 ، فكيف إذا قوبل الإحسان بالإساءة بالأقوال أو بالأعمال أو بالنيَّات أو بالمقاصد؟

﴿هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ [الرحمن:60] يجب على المسلم مكافأة المحسن مهما كان مصدر الإحسان، وذلك ضمن حدود الشريعة المطهَّرة وأوامر الله عز وجل.. ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:61] إنّ كلّ شيء مَحْصِيّ لكم، وكل حسنة ستكافؤون عليها، وأقل المكافآت كل حسنة بعشر أمثالها، أليست هذه نعمة من نعم الله تعالى عليكم؟ أليست هذه من آلاء الله؟ فهل شكرتم الله عليها؟

﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن: 61] لَمَّا قرأ النبي ﷺ السورة على الصحابة رضوان الله عليهم قال لهم: ((لَإخوانُكُم مِن الجِنِّ كانُوا أَفقَهَ مِنكُم))، قالوا: وكيف؟ قال: ((لَمَّا كانُوا يَسمَعُونَ ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:13] كانُوا يُجِيبُونَني: وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ آلائِكَ يا رَبِّي نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ)) 13 .

ونحن حين نقرؤها: الله يسألنا فهل نجيبه؟ إن الولد الصغير إذا سألك تجيبه، لكن لأنك لا تفهم على الله تعالى، كمَن يكلِّمك بالفرنسي أو بالإيطالي وأنت لا تعرف ماذا يقول لك [فلا تجيبه]، وإذا قلتَ لدابَّة: ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:13] هل تجيب؟ لماذا؟ لأنها لا تفقه لغتك، ونحن لا نفقه لغة الله، نتكلم بالإنجليزي أو بالإيطالي أو بالألماني أو بالتجارة أو بالزراعة، أمَّا بلغة الله فلا نتكلم ولا نفهم، قال تعالى: ﴿أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179].

ضرورة ذكر الله والمعلِّم في حياة المسلم:

ولا بد من ذِكر الله، فإن الوضوء لأجل الصلاة، والصلاة لأجل الذكر، والذِّكر هو زبدة العبادات، فهل يمكن أن تكون زبدة بلا حليب أو لبن؟ فلا بد من الذِّكر قبل الصلاة وفي أثناء الصلاة وبعدها، قال تعالى: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة:9] ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الجمعة:10]، “حيَّ على الفلاح”، هذا هو الفلاح، ولكن المسلم اليوم عندما يقرأ القرآن لا يفهم الفلاح ولا الفَلَّاح ولا المفتاح ولا.. [فلا يفهم الفَلَاح ولا ما يمتُّ له بِصَلَة]، اسألِ الدابَّةَ عندما يُقرأ القرآن واسأل الإنسان ماذا فهمتما؟ لا الحمار فهم، ولا القارئ فهم ولا التالي فهم.

قيل: إنَّ جماعة كانوا يركبون في مركب بحري، فهبَّت الرياح والعواصف وصار المركب يتأرجح، وأشرفوا على الغرق، وكان فيهم أكراد وأتراك وشركس وهنود وباكستان، وكل واحد ينادي الله بلغته، شخص يقول: “يا خُدَاي” بالفارسي أو الكردي، والفرنسي يقول: “dieu”، والإنجليزي: “god” ومعهم بدوي يقول لهم: قولوا: يا الله.. ولكنهم يتكلمون بلغاتهم، فقال: يا ربي أرى أنه لا أحد يعرف اسمك، أغرقهم ولا تهتم بهم.

ونحن هكذا، أولئك يقولون صوابًا وهم فاهمون لكن بلغتهم، أما نحن فلا نفهم بلغتنا ولا بلغة القرآن، ثم بكل وقاحة نقول: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم:47] يعني يجب على الله أن ينصرنا.

ماذا نقول عن هذا؟ هل هو جنون أو جهل أو ضياع أو خسران؟ ماذا نقول؟ الأمر يحتاح إلى التوبة واليقظة والرجوع إلى الله.. سيارتك إذا أردتها أن تمشي فاذهب إلى الميكانيكي، ولكي يبرأ جرحك اذهب إلى الطبيب الجرَّاح، وإذا كان قلبك فيه خلل فاذهب إلى طبيب القلب.. القلب الحيواني هو الذي يضخُّ الدَّم، أما القلب هنا فهو الذي يضخ الإيمان ويضخ نور الله ويضخ الفضائل والتقوى والأخلاق، فاذهب إلى أهل القلوب الإيمانية، وإلا فبغير ذلك ستبقى مريضًا.. ومن كان في عينه مياه زرقاء هل تذهب هذه المياه بلا طبيب عيون وجراح عيون؟

الشكر واجب قولي وعملي:

﴿هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ [الرحمن:60] بماذا أحسن الله إلينا؟ ألا يجب أن نكافئ إحسانه بتقوانا وبطاعتنا وأن نتوب إلى الله من ذنوبنا ونندم على ما فَرَط منا ونُقلع، ونستغفر الله عن الماضي، ونعزم على أن لا نعود في المستقبل وفي الحاضر، ونترك ما كنا عليه؟ هذه هي التوبة، أما أن تقول: “أنا أستغفر الله وأتوب إليه” باللسان فهذه توبة المنافقين.

ثم قال: ﴿وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ [الرحمن:62] بعد الجنتين الأُولَيَين ذواتي أفنان وكذا، قال: هناك جنَّتان أُخريان، قال: ما وصفهما؟ قال: ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:63].. ليستا جنتين فقط، بل جنتين فوقهما أيضًا، فهل هذه من نعم الله عليكم أم لا؟ فهل صدَّقتم بهذه النعم؟ نعم، هل شكرتم الله عليها؟ والشكر قولٌ باللسان، وعقيدة في القلب والجَنان، وعمل بالأعضاء والجوارح والأركان، فهل شكرتَ الله بلسانك وبأعمالك وبطاعة الله وتقواه؟ ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ:13].

المؤمن قرآن مجسَّد:

﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:63] بم أجابت الجنُّ؟ فهل الجنُّ أتقى لله أم مسلمو زماننا؟ الصحابة قالوها وعملوا بها وحوَّلوها من نطقٍ وقولٍ إلى عملٍ وواقع في أخلاقهم وفي فرائض الله وفي محارم الله وفي الجهاد وفي الصلاة وفي الزكاة وفي الأمر بالمعروف وفي النهي عن المنكر وفي تزكية النفس وفي ﴿قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ [الذاريات:17] وفي كل شيء، حتى كانوا القرآن المجسَّد، فكانوا يُقرأ القرآن في أعمالهم وفي أخلاقهم وفي تقواهم وفي خشيتهم لله، والآن إذا نظرتَ إلى المسلمين هل يُقرأ القرآن في أعمالهم؟ بل كأنَّهم لا صلة لهم بالقرآن، وكأنهم أعداء القرآن، ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا [فاطر:8] إبليس لَمَّا امتنع عن السجود لآدم هل رأى أنه مخطئ؟ لا، لماذا؟ لأنه ﴿زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا.. اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتِّباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه.

ولكن بلا مربٍّ لا يمكن أن تصير مؤمنًا، فهل يمكن أن تصير ميكانيكيًّا إذا كنتَ عند النجار؟ أو أن تطبخ “البَقْلَاوَة والنَّمُّوْرَة والخِراف المحشُوَّة” إذا قعدتَ في مدرسة “الطَّيَّان”؟ [البَقْلَاوَة: حلوى فاخرة صار لها انتشار عالمي، والنَّمُّوْرَة: حلوى فاخرة مشهورة في سوريا، والخِراف المحْشُوَّة: مما يُقَدَّم على موائد الأمراء والأغنياء، حيث يُطبَخ الخَرُوْف ويُحشى بالرُّزّ والمكسرات.. والطَّيَّان: هو البَنَّاء الذي يعمل بالطِّين أو الاسمنت]، في مدرسة الطَّيَّان لا تعرف إلا أن تُطَيِّن، وفي مدرسة النجار لا تعرف إلا أن تنجِّر، وهل تُحسِنُ الإنجليزية وأنت بين الأكراد؟ فكيف ستصير مؤمنًا وأنت بين المنافقين وبين الجاهليِّين وبين الفاسقين، وأنت لا تعرف عالِمًا ولا مرشدًا ولا حكيمًا ولا مزكِّيًا؟ إنك تصير تاجرًا عندما تكون بين التجار، ومزارعًا مع المزارعين، ورقَّاصًا عندما تكون في ظلال وصحبة ومدرسة الرقَّاصين، وإذا أردتَ أن تصير مؤمنًا، فإيمان الصحابة أين صار؟ هاجروا من أوطانهم وتركوا نساءهم وأولادهم وتجاراتهم وأموالهم حتى حَصَّلُوا على الإيمان، ولَمَّا حَصَّلُوا على الإيمان هل خسروا شيئًا ممَّا فقدوه؟ بل عوضَّهم الله عِوضًا بلا حدود، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4]، ﴿يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].

الجنة لمن استحقها:

قال: ﴿وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ [الرحمن:62] ليس جنتين فحسب، بل من دونهما جنتان، وهل عند الله جنتان أم جنَّات؟ ﴿كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ [الكهف:107]، إحدى الصحابيات لَمَّا استشهد ابنها حارثة في معركة بدر، وبلغها الخبر -وهو وحيدها- فرأتها أترابها وزميلاتها لم تبكِ على فقيدها، فقلن لها: لماذا لم تبكِ؟ قالت: ولِمَ البكاء؟ ولم يحن وقته.. إذن متى يبكي الإنسان عندما يفقد ابنه؟ هل يبكي قبل أن يموت أم بعد موته أم بعد عشر سنين؟ [يقول ذلك سماحة الشيخ ليبَيِّن غرابة الموقف، حيث إنها أمٌّ ولم تبك عند فقد ولدها].

قلن لها: كيف؟ قالت: “حتى يأتي رسول الله -ﷺ- فأسأله، فإن كان في الجنة فَلِم البكاء؟” فإذا أُخِذَ من شخص ألف ليرة ذهبية وأعطوه بدلها مئة ألف هل يبكي؟ وإذا أُخِذت منك الحياة الحيوانية في الجسد الحيواني وانتقلتَ إلى الحياة الملائكية، من الحياة الأرضية مثل صغير الضفدع في الطين الوسخ إلى الحياة السماوية، فهل تبكي؟

قالت: “إن كان في جهنم فسأبكي عليه ما حييتُ، وإن كان في الجنة فطوبى له الجنة”.

رضي الله عنهم وأرضاهم، هذا هو الإيمان الذي يجعل من أحزانك أفراحًا، ومن مصائبك عطايا، ومن همومك فرجًا لهمِّك وغمِّك، وكما يقول النبي الكريم ﷺ: ((مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا))، اهتم بالله وبرضاء الله وبتقوى الله.. وتقوى الله ليست بأن تصلي وتصوم وحسب، بل أن تستعمل عقلك في أمور الحياة وفي الأسباب والمسبَّبات، والحكمة هي علم الأسباب والمسبَّبات، ((مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ وهَمَّ آخِرَتِهِ)) 14 .

فقال لها النبي ﷺ: ((وَيْحَكِ أَوَهَبُلْتِ؟)) لَمَّا قالت له: أُريد أن أعرف هل ابني في الجنة أم لا، ((أَتَحسبَينَها جَنَّةً وَاحِدَةً؟ إِنَّهَا لَجِنَانٌ، وَإِنَّ ابنَكِ لَفِي الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى)) 15 .

يا الله! أليس هذا خيرًا من أن تملك مئة ألف مليار دولار ثم تتركها للورثة يعصون الله بها وتُكتب في صحيفتك؟ أليس خيرًا من أن تملك مثل “خروتشوف” والآن أين هو؟ إمَّا في سقر أو في لظى أو في جهنم، ليست الحمراء بل جهنم السوداء. [نيكيتا خْرُوْتْشُوْف: زعيم شيوعي، كان رئيس الاتحاد السوفيتي من 1953م إلى 1964م، ومات سنة: 1971م]

والله إن الدنيا منام، فأمس كنَّا أطفالًا، وسنصير قبورًا، سنصير أكفانًا، فهل جهَّزت ثوبًا من ثياب الآخرة؟ ضع في الخزانة كفنًا والبسه في بعض الأوقات، وقِسْهُ هل هو طويل أم قصير؟ هل فكَّرت بالموت؟ النبي ﷺ كان يقول: ((أَكْثرُوا مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ)) 16 ، وسيدنا عمر رضي الله عنه نقش على خاتمه: “كفى بالموت واعظًا يا عمر” 17 ، هذا هو الإسلام.. فنسأل الله أن يعيننا على إسلامنا ويعين إسلامَنا علينا. [نسأل الله أن يعيننا على إسلامنا ويعين إسلامَنا علينا: دعوة مشهورة في اللهجة العامية، حيث يستخدمها الناس في كثير من الأوقات، ومن أمثلتها: “الله يعينك على أبيك ويعين أباك عليك”، وهي تقال عندما يكون الشخص مقصِّراً كثيراً مع الطرف الآخر.. ودعوة سماحة الشيخ في المفهوم العامِّيَ تعني: نسأل الله أن يعيننا على إسلامنا بأن نطبقه ونعمل به، وأن يعين إسلامَنا على الصبر علينا وعلى تحمُّلِنا وكَسَلِنا وبُعْدِنا عنه، لأننا أذنبنا كثيراً في حقه].

معرفة المرض طريق إلى الشفاء:

وإذا عرفتَ أنك مقصِّر فمعنى ذلك أنك تصير سبَّاقًا، ولكن المصيبة إذا كنتَ مقصِّرًا ولا تعرف ذلك، مثل ذلك الرجل الذي سمع أنَّ الذي يأكل السمك ويشرب اللبن ويدخل الحمام في يوم الأربعاء يصير مجنونًا، فقال: هذا الكلام كذب، ولأثبت لكم أنه كذب سأجربها غدًا لتروا أنها مجرد خرافة، فذهب يوم الأربعاء واشترى السمك وشواهنَّ وأكلهنَّ وشرب اللبن ودخل الحمام، وكان الوقت شتاءاً، وخرج عريانًا ليس على عورته ولا ورقة توت، وصار يمر في سوق الحَمِيْدِيَّة [سوق مشهور في دمشق] دُكَّاناً بعد دُكَّان، ويقول لهم: انظروا بأم أعينكم، فهذا الكلام الذي قيل بأنَّ الذي يشرب اللبن ويأكل السمك يوم الأربعاء ويدخل الحمام يصيبه الجنون كلّه كذبٌ، الحمد لله انظروا بأعينكم! هل أنا مجنون؟

إن المجنون إذا عرف أنه مجنون فهذه نعمة، ولكن المجنون إذا لم يعرف أنه مجنون فهذه مصيبة، وكذلك الجاهل إذا رأى نفسه عالماً، والأحمق إذا رأى نفسه حكيماً، والعاصي إذا رأى نفسه تائباً فهذه مصيبة، والمريض الذي يعتقد مرضه صحَّةً وعافيةً لا يُرجَى له البُرْء ولا يرجى له الشفاء، قال

لَه حَقٌّ وَلَيسَ عَلَيهِ حَقٌّ وَحَقُّ الغَيرِ بُهتَانٌ وَزُوْرُ

هو يعرف حق جسده، ويعرف حق شهواته، أمَّا حق الله وحق الإيمان: ﴿أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179].

قال: ﴿وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:62-63] ليست الجنتين الأُوْلَيَيْن فقط، بل بالإضافة لهما جنتان أخريان، فهذه النِّعم يجب أن تعرفوها، وإذا عرفتموها يجب أن تشكروها، فهل شكرتموها بالأقوال وبالأعمال وبأعماق القلوب والمشاعر؟ لماذا تكذِّبون بنِعَم الله عليكم؟ ودليل تكذيبكم عدم شكركم لها، فإذا أعطاك شخص وردة تقول له: شكرًا، وصار واجب عليك إسلاميّ أن تقابل الإحسان بمثله، فتقدم له وردة أو ما يماثل الوردة، والأفضل من ذلك: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا [النساء:86] فإذا أعطاك وردة تعطيه وردتين.

والآن المسلم إذا أحسن إليه شخص، سواءٌ محسن أو طبيب عالجه مجانًا أو شخص أقرضه دَينًا أو قضى له حاجةً أو أسعفه في أزمةٍ، هل يشعر أنَّه صار عليه واجب [ليشكره على معروفه]، وأنه يجب عليه أداء هذا الواجب؟ ولكنه ما إن تنتهي حاجته لا يبقَى لذلك المعروف أثرٌ في نفسه أو في شعوره أو في وجدانه؟ هذا هو موت القلوب، وهذا هو ضياع الأُمّة.

جمال الجنة وتفضل المنعم وواجب الشكر:

قال: ﴿مُدْهَامَّتَانِ [الرحمن:64] سئل النَّبِيُّ ﷺ عن ﴿مُدْهَامَّتَانِ، فقال: ((خَضْرَاوَتَانِ)) 18 ، من شِدَّة الخضرة يصير لون الشجر مائلاً إلى شيء من السواد، لذلك كانت أراضي العراق لكثرة ريِّها وزراعتها تسمى أرض السَّوَاد، فمن شدة خضرتها تصير من بعيد لون السواد فيها يغلب على لون الخضرة، وليس فيها شيء يابس ولا فيها شيء أصفر.

﴿مُدْهَامَّتَانِ [الرحمن:64] أليست هذه مِن الآلاء والنِّعم الإلهية التي يجب علينا أن نشكرها وأن نعترف بها، أم أن ننكرها ونكذِّب بها؟ ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:65] الله يعاتبنا ويشدُّ لنا أُذُنَنا [شَدُّ الأذن كناية عن عقوبة خفيفة للتربية]، يعني ألا تفهمون؟ انظروا إلى النِّعم! فهذه نعمة وهذه نعمة أخرى وهذه نعمة نعمة أيضاً.. فالنعم دِرَاكًا ورَشًّا [يعني تأتي مفردة ومتتابعة، وهي مُستَعارَة من طريقة الرمي بالبندقية، فهناك الدِّرَاك وهناك الرَّش] ولكننا لا نفهم لا الدِّراك ولا الرَّش، ﴿وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمِ [الكهف:104-105] في الدنيا اكتسب فصار وزيرًا وصار أميرًا وصار مَلِكًا وصار مُشِيرًا وصار مليونيرًا، ثم عند الموت يُنزَع منه كل شيءٍ حتى لباسه الداخلي، ويبقى بِذِرَاعَيْن أو ثلاثة من القماش وقليل من كافور وقطن في مخارجه من فوق ومن تحت، ثم يوضع في الحفرة، ويصير مرعًى وعَلَفًا للدُّوْد.. وليته يصير علفًا للخِرَاف أو الخيل أو الطيور! بل للدُّوْد القَذِر الذي يأكل الجَيَف والفطائس.

هذا أنت كجسد.. فإذا كنت مؤمنًا أنك جسد فقط فهذا مصيرك، وإذا كنت مؤمنًا أنك روح، فكيف مصير روحك؟ يكون مصيرها على ضوء عملك.

سَيَحصدُ عَبدُ اللهِ ما كانَ زارِعًا فَطُوبَى لِعَبدٍ كانَ للهِ يَزرَعُ

﴿فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:66-67] النضَّاختان هما اللتان تفوران وترقصان رقصًا من شدة انفجار ينابيعها، فهاتان النضاختان هل تجفَّان؟ هل تنقطعان؟ هل تنقصان؟ وشبابك هل يعقبه هرم؟ وصحتك هل يصيبها سقم؟ أنت مُعَقَّم.. وغناك هل يلحقه فقر؟ وسرورك هل يخالطه هَمّ وحزَن؟ ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [العنكبوت:64].

الإسلام جمع بين الدنيا والآخرة:

ومع كل هذا لم يربِّكَ الإسلام لتهيِّئ حياة الآخرة فقط، بل معها الحياة الدنيا: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً [البقرة:201]، ((كَادَ الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْرًا)) 19 ، فابتعد عن الفقر ووسائل الفقر ومقدمات الفقر وبذور الفقر كما تبتعد عن الكفر، ولكن مِن ضعف التعليم والتربية الإسلامية صاروا يرغِّبون في الآخرة وأهملوا الدنيا، فأهملوا نصف الإسلام.

هل قال الله عزَّ وجلَّ للنبي ﷺ: “ووجدك غنيًّا فأفقرك؟” أم ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فقيرًا ﴿فَأَغْنَى [الضحى:8]؟ قال: ﴿وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا [القصص:77]، ((الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ)) 20 ، ((وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى)) 21 ، فالمعطية خيرٌ من الآخذة.

هذا الإسلام يحتاج إلى أمم راقية؛ راقية العقول وراقية النفوس تُرَبَّى على تَعَشُّق الحقيقة، والمسلمون اليوم صاروا في تربية عقولهم وأفكارهم وهممهم وعزائمهم في حالة لا تَسرُّ مَن يُحِبُّهم، إنما تَسرُّ مَن يُمْقِتُهم ويعاديهم.

وإذا طلبنا من الله عزَّ وجلَّ أن يَرُدَّنا إلى الإسلام ردًّا جميلًا، فحالنا كحال شخص يريد أن ينجو من ألم البرد وهو مُصِرٌّ على النوم على الثلج وعلى سطح الدار والثلج يهطل، وهو يقول: اللهم إني اسألك أن تُدَفِّأَني.. هذا اعتداء في الدعاء: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [الأعراف:55]، ما هو الاعتداء؟ هو أن تطلب من الله شيئًا من غير أسبابه، كأن تطلب الولد وأنت عازم على أن لا تتزوج، تقول: اللهم ارزقني ولدًا بحق نبيك محمدٍ ﷺ، وبحق جبريل والأنبياء من أولي العزم.. فهذا اعتداء في الدعاء، أو نقول: “اللهم انصرنا على القوم الكافرين”، من غير أن نهيئ السلاح ولا القوة ولا الوسائل المكافئة لقوَّتهم.

ضياع المسلمين اليوم:

المسلمون في ضياع، وفي جهل وهم يظنُّونه علمًا، وفي تخلُّف وهم يظنُّونه تقدُّمًا، وفي تفرُّق وتمزُّق وعداء وهم يتمنونه ألفة ووحدة، ((لَيْسَ الإِيمَانُ بِالتَّمَنِّي ولا بِالتَّحَلِّي)) 22 ، فإنك لن تصير نجارًا بلا معلِّم، ولا مكانيكيًّا من غير معلِّم، ولا “طَيَّانًا” من غير معلِّم، ولن تعرف كيف تطبخ “الفَتُّوْشْ أو الشُّوْرَبة” من غير طبَّاخ، إلا على طريقة ذلك البدوي. [الطَّيَّان: البَنَّاء الذي يعمل بالطِّين والاسمنت.. والفَتُّوْش: نوع من السلطات السورية، والشوربة: هي الحساء، ويضرب سماحة الشيخ المثل بهما ليدل على أنه حتى أبسط الأشياء تحتاج إلى معلم].

يقال: إن بدويًّا يريد أن يرحل على عادة البدو، حيث إنهم كل شهرين أو ثلاثة يرحلون على حسب الأمطار وعلى حسب المراعي، وهذا البدوي جلس مرة في درس شيخ وسُرَّ في درسه فرجع إلى البيت، وكان ذلك في يوم رحيله، فقال لابنه: اذهب إلى الشيخ ليُعلِّمك الفقه، وخذ له هذه الغنمات العشر هدية ومكافأة على التعليم.

رحم الله البدو في ذلك الوقت، بسبب تعليم ساعة أو نصف ساعة يرسل له عشر غنمات، وهناك مَن يتعلم عشرين سنة أو ثلاثين سنة ولا يشعر أن عليه أن يرسل للمعلم شيئاً، ولا حتى رجل دجاجة، إلا كلمة: جزاك الله خيرًا وأطال الله عمركم.. ولكن ما الفائدة من هذه الكلمة؟ فالعمر محدد.

قال لولده: قل لشيخك أننا سنرحل اليوم في وقت العصر.. فأتى هذا الولد إلى الشيخ وذكر له ما قاله أبوه، فأمره بإدخال الغنم إلى الحظيرة، والشيخ يريد أن يؤمِّن على الغنم، ثم أجلسه وقال له: ماذا تريد؟ قال: يطلب منك أبي أن تعلمني الفقه، قال له: قل لأبيك إذا أراد أن يبول ويذهب إلى الخلاء ليقضي حاجته أن لا يستقبل القبلة لأنها مقدَّسة، واستقبال القبلة في حال كشف العورة لا يليق بقدسية الكعبة، وأن لا يدير ظهره لها، ولا يستقبل الشمس لأنها من أعظم نعم الله، فإذا استقبلها بعورته فهذا تحقير لها، ولا يعطيها ظهره، يعني لا شرق ولا غرب ولا قبلة ولا غيرها.. وانتهى، وفتح الله عليك يا بني.

قال الولد: هل انتهى الفقه؟ قال: انتهى، فقال: إنك شيخ جيد، لقد علمتني الفقه بربع ساعة، فرجع إلى أبيه، فقال له أبوه: هل تعلَّمت؟ قال: نعم، قال: ماذا تعلَّمت؟ فأخبره فقال: هل هذا هو الفقه؟ قال له: نعم، فأتى إلى الشيخ وقال له: يا شيخ، لا قبلة ولا شمال ولا شرق ولا غرب، هل أستلقي على ظهري وأبول للأعلى؟ [يضحك الشيخ ويضحك معه الحضور] قال له: هذا هو الفقه الذي تريد أن تتعلَّمه بخمس دقائق.

ثمن الجنة:

ونحن نريد إسلامنا بخمس دقائق، فهل هذا إسلام؟ سلمان الفارسي رضي الله عنه عرف عن النبي ﷺ قبل ظهوره بسنين، وعرف محلَّ ظهوره، فهاجر من إيران وهو من أبناء النِّعم، ثم صار عبدًا وانتقل من راهب إلى راهب، وأخبروه بالنبي ﷺ، ودلُّوه على المدينة وهو عبد، وكل هذا لأجل أن يصير مسلمًا.

ونحن نظن أننا نصير مسلمين بالهوية، [لأنّ دين الشخص كان يُكتب على هويته] وأنك بمجرَّد أن يُعطُوك الهوية تصير مسلمًا وتحصل على جنات تجري من تحتها الأنهار، واللهِ إن كأس الشاي لا تصير كما تصير جنتك، فجنتك هواء، وإذا أردتَ كأس الشاي بلا ثمن فلا تأخذ إلا هواءً.. فنسأل الله أن يجعلنا من الصادقين ومن الفاهمين لِما نطلب، فهل تستطيع أن تذهب إلى سوق الحميدية وتطلب ثوبًا نسائيًّا أو رجاليًّا بلا ثمن، أو بُعُشرِ الثمن؟ هل يمكن أن تصل إليه بذلك؟ هل يمكن أن تصير طبيبًا بسنة واحدة، أو بمجرد الدراسة الابتدائية أو الإعدادية أو الثانوية؟ تحتاج إلى كل هذه الدراسة، وهي اثنتا عشرة سنة، ثم بعدها إلى سبع سنين في الطب، أي إنك تدرس تسع عشرة سنة لتأخذ الشهادة، هذا وأنت لم تتمرن بعد، فكيف ستصير مؤمنًا ترث جنةً عرضها السموات والأرض؟ إذا أردت بيتًا من مئة متر أو مئة وخمسين مترًا “تَعِيْش وتَمُوْت”، ثم إنك إما أن تحصل عليه أو لا، وتتعب ليل نهار مع العرق والأخطار والسفر شرقًا وغربًا.. فكيف تريد جنةً من الهواء؟ هذا لا يصح. [تعيش وتموت: كلمة في اللهجة العامية السورية، ولها معنيان: أنك تعيش كل حياتك ساعياً لتحصيل شيء، ثم تموت وينتهي أجلك قبل أن تحصل على ما تريد.. والمعنى الآخر: أنك تتعب كثيراً في تحصيل ذلك الأمر، ولا تحصل عليه إلا بعد أن ترى الموت مرات ومرات].

الصحابة رضوان الله عليهم بذلوا أموالهم وأرواحهم وتركوا أوطانهم وقاتلوا أحبابهم وأبناءهم وآباءهم حتى سمُّوا بالمسلمين بالتسمية الإلهية، أما التسمية بالهوية أو تسميتك لنفسك فإنك تستطيع أن تقول عن نفسك ما تريد أن تقول، أما الحقيقة فهل هي كما تتمنَّى؟

من أوصاف الجِنان:

قال: ﴿وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ [الرحمن:62] يعني فوق الجنتين ووراء تلك الجنتين جنتان أُخرَيان، فما هي أوصاف شجرهما؟ قال: ﴿مُدْهَامَّتَان (64) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (65) فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ [الرحمن:64-66] تخرج منهما المياه بقوة، فالذي خلق لك هاتين العينين وهاذين النهرين هل تُكذِّب بآلائه وبنعمه أم تشكره؟ تشكره.. وهل تشكره بالقول أم بالقول وبالعمل وبالقلب والظاهر والباطن؟

﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (67) فِيهِمَا فَاكِهَةٌ كلُّ أنواع الفواكه؛ التي تنبت في الشرق الأقصى وجنوب أفريقيا وأوروبا وآسيا والشام ومصر.. وبشكل خاص كان العرب يحبُّون النخل والرمان، فذكرهما الله تعالى: ﴿وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ [الرحمن:67-68]، مع أنها تدخل في عموم الفاكهة، ولكن لتأكيد أنَّ ﴿وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ [فصِّلت:31] تتطلَّبون.

صفة نساء الجنة:

﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (69) فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ [الرحمن:69-70] فهناك أيضاً من الخير وأنواع الخير؛ وكله من النوع المنتَقَى ومن النوع المميَّز المفضَّل، وفي قراءة: ﴿خَيِّرَاتٌ حِسَانٌ يعني النساء في منتهى الخير؛ وذلك في الجمال وفي الأخلاق وفي الشكل وفي الروح وفي النفس.. إلخ.

وكما ورد في حديث رسول الله ﷺ: ((إنَّ في الجَنَّةِ مُجتَمَعًا لِلحُورِ العِينِ، يَرفَعْنَ فِيهِ أَصواتَهُنَّ بغِنَاءٍ لَم تَسمَعِ الخَلائِقُ بِمِثلِهِ)) محلُّ الغناء والرقص ماذا يسمونه الآن؟ هل يسمونه “بَارْ”؟ [الشيخ يخاطب أبا حسن ممازحًا.. وأبو حسن من عُشّاق سماحة الشيخ وإخوانه القدامى الذين أكرمهم الله بالتوبة على يديه، وكان كثيراً ما يمازح الشيخ ليُضحِكه ويدخل السرور عليه] هل تريد أن تذهب إلى بار الجنة أبا حسن؟ وهل ترقص هناك وتغني وتشرب الخمر؟ [عند كل سؤال يجيب أبو حسن الشيخَ فيقول: نعم.. لذلك يضحك الحضور مع الشيخ] في الجنة يوجد خمر، ولكن الله تعالى وصفها فقال: ﴿لَا فِيهَا غَوْلٌ ليس فيها شيءٌ يغتال عقولهم ﴿وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ فلا تَستنزف العقل، بل يبقى العقل مع اللذة والطرب، فهناك صِرْ سِكِّيْرًا، ﴿وَأَنۡهَٰرٌ مِّنۡ خَمۡرٍ، لا تُعْصَر باليدين والرجلين، بل تخرج من النبع خمرًا: ﴿خَمۡرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّٰرِبِينَ [محمد:15]، ﴿بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ [الصافات:46-47]، لماذا تصير الخمر بيضاء يا أبا حسن؟ [يجيبه أبو حسن: لأنها تُكَسَّر بالماء]، هل توافقه على كلامه يا شيخ رجب؟ [يجيب الشيخ رجب: لأنهم يزيدونها بالماء، فيقول:] إذن أنتَ سمعتَ من المعلم أبي حسن.. [كل هذا النقاش في جوٍّ من الملاطفة والحب والسرور.. وكلمة “المعلِّم” هنا من العامية السورية، والتي تعني الماهر في صنعة ما.. ثم يتحدث سماحة الشيخ عن أبي الحسن فيقول:] مرةً ذهبت إلى بيته، فرأيت صورتي بجانب صورته، ولكن كانت صورته وهو يعزف على الطُّنْبُوْرَة [آلة موسيقية] وأمامه كؤوس الخمر، فاستغربتُ! وسألتُه: ما هذه الصورة يا أبا حسن؟ فقال لي: يا شيخي، هذه صورتي في أيام الجاهلية، وقد وضعتها كي لا أنسى كيف كنتُ وكيف أصبحتُ ببركة الشيخ، وذلك لأعرف نعمة وجود الشيخ، ونعمة صحبة الشيخ، ولأعرف النعمة التي وصلتُ إليها بعد الحالة الكارثية التي كنتُ فيها.. وهذه نعمةٌ من نِعَمِ الله عز وجل، وهي أن يعرف الإنسان الفضل لأهل الفضل.

قال: ((يَجتَمِعْنَ في مُجتَمَعٍ يُغَنِّينَ بِأَصواتٍ قائِلاتٍ: نَحْنُ الخَالِدَاتُ فَلَا نَبِيدُ)) لا موت ولا فناء ولا إبادة، ((وَنَحْنُ النَّاعِمَاتُ)) المتنعِّمات، ((فَلَا نَبْأَسُ)) لا بفقر ولا بمرض ولا بقِلَّة ولا بشيخوخة ولا بهرَم، ((وَنَحْنُ الرَّاضِيَاتُ فَلَا نَسْخَطُ)) فلا يأتي الرجل إلى بيته وهي غضبى تسبُّ أو تشتم أو تتبرَّم أو.. إلخ، ((والمقِيماتُ فَلا نَظعَنُ)) لا تقول: أُريد أن أُسافر إلى أهلي، أهلي في بيروت أو أهلي في مصر أو أهلي في بغداد، فلا تكون وطنية أو مُوَاطِنة [لا تكون تابعة لوطن معين]، ((ونَحنُ الخَيِّراتُ الحِسَانُ)) ﴿فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ [الرحمن:70] وفي قراءةٍ ﴿خَيِّرَاتٌ حِسَانٌ، ((ونَحنُ الخَيِّراتُ الحِسَانُ، خُلِقْنَا لِأَزواجٍ كِرامٍ، طُوبَى لِمَنْ كَانَ لَنَا وَكُنَّا لَهُ)) هؤلاء حوريات الجنة، ونساء الدنيا المسكينات ماذا يفعلن عندما يسمعنهنَّ؟ الضرة [في الدنيا] تغار من ضرتها، ودائمًا يتجادلن مع بعضهن، قال: ((فَتُجِيبُهُنَّ نِساءُ الدُّنيَا)) يعني زوجتك الحورية في الجنة غير امرأتك في الدنيا، ولكن هناك تذهب أخلاق الدنيا: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ [الحجر:47].

((فَيُجِبْنَهُنَّ قائِلاتٍ: نَحنُ المصَلِّياتُ وَما صَلَّيتُنَّ، ونَحنُ الصَّائِماتُ وَما صُمتُنَّ، ونَحنُ المتَصِدِّقاتُ وَما تَصَدَقْتُنَّ))، فيقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((فَغَلَبْنَهُنَّ وَاللهِ، ثُمَّ غَلَبْنَهُنَّ)) 23 ، أي أنَّ نساء الدنيا أعظم من النساء المخلوقات في الجنة.

مرةً أتت عجوز إلى رسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله ادعُ الله لي أن يدخلني الجنة، فقال لها: ((أَمَا عَلِمْتِ أنَّ العَجائِزَ لَا تَدخُلُ الجَنَّةَ؟)) فقامت تبكي وتقول: ويلي، أَيجب أن أموت وأنا شابَّة؟ فقال ﷺ: ((أَخْبِرُوهَا أَنَّهَا لاَ تَدْخُلُهَا وَهِيَ عَجُوزٌ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً يخلقهنَّ الله خلقًا جديدًا ﴿فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا [الواقعة:35-37])) 24 العَروب هي المرأة المتودِّدة المتبعِّلة إلى زوجها بزينتها وبكلامها وبتودُّدِها بما تتودَّد به المرأة إلى زوجها، وهنَّ “أترابًا” متساويات في السن؛ في سن الثالثة والثلاثين: ﴿وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (61) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ [الواقعة:61-62].

﴿فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ الله تعالى هو الذي خلق لك وهيَّأ لك نساء الجنة مضافًا لها نساء الدنيا، ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:70-71]، الذي خلق كل هذه النِّعَمِ، هل تستطيع أن تنكر نعمه؟ فإذا أقررتَ فهل شكرتَ الله تعالى عليها؟ وهل أطعتَ؟ وهل اتَّقيتَ الله؟ إنَّ اللهُ تعالى ما أمرك بأمر إلا لسعادتك، وما نهاك عن شيء إلا لأنَّ فيه شقوتك.

﴿حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ [الرحمن:72] الحوراء هي كبيرة العين شديدة بياضها وشديدة سوادها قال: عيونهنَّ كبيرة، وفي بعض الأحاديث: ((وأنَّ جَفنَها كَجَنَاحِ النَّسْرِ)) 25 ، فإذا كانت جفونها كجناح النسر فكم هي؟ بحجم الجامع، فإذا وقعتْ عليك تقتلك، لكنَّ نشأة الجنة غير نشأة الدنيا، كما يقال: إنَّ أدم عليه السَّلام كان طوله ثلاثًا وثلاثين ذراعًا في الهواء 26 ، والأحسن أن لا ندخل في هذه المواضيع حتى نراها إن شاء الله.. فنسأل الله أن يجعلنا من الرائين لها الذين هم أهلٌ لها ومن المتمتعين بها ﴿فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَة [الحجرات:8] وتقوى لله وطاعة.

﴿مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ [الرحمن:72] لا تترك بيت الزوجية لبيت الجيران، تسأل: أين هي؟ عند جارتها، أين هي؟ عند أمها، أين هي؟ عند أبيها، هذه ليست نساء الجنة، بل إن نساء الجنة ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب:33] إلا لضرورة أو حاجة أو مصلحة.

خطورة كفران النعم:

﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:73] لو أنَّ شخصًا أعطاك حمارًا يقول لك: ألم أعطك حمارًا؟ فتقول له: بلى يا سيدي، أكثر الله خيرك.. فكيف الذي خلق لك الحوراء والحوريات ويقول لك: هل تستطيع أن تكذب؟ لا، هل تُقِرُّ؟ نعم، هل شكرتَ؟ لا، فما المقصود من التصديق وعدم التكذيب؟ المقصود منه أن تكون شاكرًا.

هنا ذُكِرَت كلمة “تكذِّبان” حوالي سبعًا وثلاثين مرة، ونحن عندما نقرأ السورة، هل نفهم ماذا قال الله عزَّ وجلَّ وما معناه؟ فهل نكذِّب نعمه؟ وهل نشكر نعمه؟ وهل نسارع إلى مرضاته؟ ترى المسلم اليوم لا يفهم شيئًا.

لو أنّ القرآن يُقرَأ في “الراديو” [المذياع] ويسمعه هو وحماره، اسأل الاثنين ماذا فهمتما؟ كلاهما مثل بعضهما، لأنَّ ذاك بعقل حمار، وهذا بقلبٍ ميتٍ، فهذا ليس كالأنعام، بل أضل.. نسأل الله أن لا يجعلنا أضل من الأنعام.

ولا تغترَّ بصلاتك الجسدية، فإنك إذا لم تصلِّ بجسدك وبعقلك وبوجدانك وبمشاعرك وبروحك فأنت لستَ مصليًّا، النبي ﷺ يقول في الحديث القدسي: ((لَيْسَ كلُّ مُصلٍّ يُصَلِّي، إِنَّمَا أَتَقبَّلُ الصَّلَاةَ مِمَّن تَواضَعَ لِعَظَمَتِي)) يذوب ذوباناً خشوعًا لله في صلاته بحضور قلبه مع الله عز وجل، ((مِمَّن تَواضَعَ لِعَظَمَتِي، وَكَفَّ شَهَواتِهِ عَن مَحارِمي)) 27 ، سواء حرام المال أو حرام الكلام أو حرام النظر أو حرام الاستماع أو حرام الجلسات: ﴿فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الانعام:68] لا تقعد في جلسة حرام ولو مع أبيك، ولو مع أخيك، ولو مع أمك، وذلك إذا وقع فيها الكذب أو الغيبة أو النميمة أو الحسد أو رذائل الأخلاق اللسانية.

مرة أمسك النبي ﷺ لسانه بأصبعه وقال: ((وَهَلْ أَكَبَّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ ووُجُوهِهِمْ في جَهَنَّمَ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟)) 28 وكذلك حصائد آذانهم، لأنَّ المستمع هو شريك المتكلم، فكلاهما في الإثم سواء، [سماحة الشيخ يقول معلِّماً بأسلوب المستهزء:] هنيئًا لك بمجلس الغيبة، ومجلس الحسد، ومجلس الحقد، ومجلس الكذب والافتراء والإفك والبهتان.. خصوصًا في الدعاة إلى الله عز وجل: ((إِذَا أَبْغَضَ الْمُسْلِمُونَ عُلَمَاءَهُمْ، وَأَظْهَرُوا عِمَارَةَ أَسْوَاقِهِمْ، وتألَّبُوا عَلَى جَمْعِ الدَّرَاهِمِ)) 29 همَّه الدنيا والمال، أما الله والآخرة والجنة والفرائض والمحارم فهذا كله وراء ظهره، ولو صلى، فإنه يصلي بجسده، ولا يصلي بإدراكه وعقله وفهمه، ولا يصلي بأعماله وأخلاقه وسلوكه، فهذا ليس بمصلٍّ.

((مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاتُه عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ لَمْ يَزدَدْ مِنَ اللَّهِ إِلَّا بُعْدًا)) 30 ، ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ الحقيقية الحية ﴿تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45]، وكذلك الكهرباء [في المصابيح] هي التي تطرد الظلام، فإذا مدَّدتَ الأسلاك، ووضعتَ المصابيح وبقيتَ في الظلمات فمعنى ذلك أنه لا يوجد تيار، وهل “البَلُّورَة” الزجاج هي المقصود؟ [البَلُّورَة: المصباح الزجاجي] الزجاج مقصود لأجل نوره، فإذا لم يكن هناك نور فكل هذه العملية خسارة في خسارة.. نسأل الله أن يوقظ قلوبنا من نوم الغفلات ومن سُكْر الغفلات والشهوات والأنانيات.

﴿حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ [الرحمن:72] ماذا أقول؟ هل أقول: تعسًا للحمار! واللهِ إن الحمار يفهم يا بني، الله تعالى قال له: كن في طاعة ابن آدم، إن يحمِّلك ترابًا يجب أن تطيعه، وإن يحمِّلك الزبل تطيعه، وإن يسبك لا ترد عليه، وإن يشتمك ويشتم أباك وجدك فكن حليمًا ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ [آل عمران:134] إن يضربك فلا تضربه، فالحمير تفهم على الله أكثر، فماذا نقول؟! ثم ندعو ونقول: ﴿وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [البقرة:250] لا، لن ينصرك الله، لأنه: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ [الحج:40] فهل الله ولد صغير؟

قيل: إنَّ بدويًّا في وقت أضاحي عيد الأضحى أعطى الجزار ثمن أضحيتين، وقال له: اذبح لي أضحية عن روح والدي والثانية عن روح والدتي، فلما ذبح الجزار قال عند الذبح: عن روح أبيه وأمه هو، فسمعه شخص وذهب إلى البدوي وقال له: إنّ الجزار لم يذبح عن روح والديك أنت، بل عن روح والديه هو، فقال البدوي: أَلَا يعلم الله من دفع الفلوس؟! وهل الله بدوي مثلي؟

فالله تعالى ليس طفلًا وليس بدويًّا، ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى [طه:7]، ﴿يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ [النحل:19] ﴿سَوَاءٌ مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ [الرعد:10]، إنك تخجل من إنسان ولا تخجل من الله، تخاف من فلان أن يسمعك، ولكن لا تخاف من الله أن يسمعك، تخاف من فلان أن يراك ولا تخاف من أن يراك الله، تستحي من فلان، ولكن من الله لا تستحي، هل هذا إيمان! الحياء من الإيمان، وهو أن تستحي من أن يراك الله على معصيته.

﴿حُورٌ مَقْصُورَاتٌ لسنَ من اللولاتي يخرجنَ من البيت دائمًا، ويأتي زوجها إلى البيت فلا يجدها إلا عند جارتها أو عند أختها أو عند أمها أو في بيت أهلها، ﴿مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ [الرحمن:72]، ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب:33] إلا عند الحاجة والضرورة.

﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ [الرحمن:74] فقد جهَّز الله لك الحور وحبسهنَّ لك في خيام من اللؤلؤ، أليست هذه نعمة؟ هل صدَّقتَ بها؟ إن صدَّقتَ فهل شكرتَ؟ وإن شكرتَ فأينَ شكرك في الأقوال والأعمال والسلوك والحياة؟

﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ [الرحمن:74] كلهنَّ أبكار، ما تزوجتْ قبلك غيرك، وكلَّما نمتَ معها ترجع بِكرًا، فقالت عائشة رضي الله عنها: “واوجعاه!” فقال لها رسول الله ﷺ: ((لا وَجَعَ في الجَنَّةِ ولا آلامَ)) 31 ، لا صداع ولا وجع البَكارة ولا.. إلخ.

من نعيم الجنة أيضًا:

﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ الرفرف ما يُتكَئ عليه من وسائد وما شابه، ﴿وَعَبْقَرِىٍّ حِسَانٍ [الرحمن:76] الشيء النادر الوجود أو الصناعة أو الإتقان أو الجمال كانت العرب تسميه عبقريًّا، فيُقدَّم لأهل الجنة كل شيء عبقري من الأشياء التي لا تخطر على البال ولا على الفكر: ((فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ)) 32 ، ففيها رفرف وخضر من الحرير الأخضر، ﴿وَعَبْقَرِىٍّ [الرحمن:76] كلُّ شيءٍ من نادر الوجود ومن أحسن العبقري، سيدنا رسول الله ﷺ قال: ((رأيتُ عمرَ في مَنامِي يَستَقِي الماءَ مِنَ البِئرِ، فَمَا رَأَيْتُ عَبْقَرِيًّا يَفْرِي فَريَهُ)) 33 ، ما رأيت شخصًا بمثل همته، وبمثل نشاطه، كعبقريٍّ وكنادر الوجود، قال: ما رأيت مثله.. رضي الله عنه.

المعاصي آلام روحية تتألم بها يوم القيامة:

﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن:78] تقدَّس وتنزَّه عن كلِّ نقصٍ، تنزَّه وتقدَّس واتَّصف بكل كمال؛ من القدرة والعلم والغنى [والشكر]، بأن يشكر المحسنَ ويكافئه ويثيبه بما ((لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ)) 34 .

كان عليه الصلاة والسلام إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ يقول: ((اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ وَتَعالَيتَ يا ذَا الْجَلَالِ)) المقام الجليل العظيم ((وَالإكرامِ)) 35 الذي يُكْرِم المؤمنين، ويُكْرِم كرام النفوس المحسنين، ويعاقب المسيئين، والعقاب كما إذا أكل شخصٌ شيئًا يضرُّه فيعاقبه، يعني أن هذا الألم يترتب على ذلك العمل.

كذلك أعمالك التي اسمها معاصٍ تترتب عليها آلامٌ في الدار الآخرة، آلام روحية ليست هي من طريق أنَّ الله يريد أن ينتقم منك، لا، بل كالذي يضع أصبعه في فم الأفعى بماذا سيجازيه الله؟ بالهلاك، هل هذا انتقام من الله له؟ لا، ولكن هذه قاعدة الحكمة الإلهية في الدنيا والآخرة، فالمسبَّبات تنشأ عن الأسباب، والنتائج تنتج عن المقدِّمات، والحصاد ينتج عن البذار، والولد ينتج عن الزواج، ﴿وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا الله أعطاك كل الأسباب في الدنيا، ﴿فَأَتْبَعَ سَبَبًا [الكهف:84-85] فإذا تتبَّعتَ الأسباب الإلهية فإن الله سيعطيك المسبَّبات والثمرات التي تنتج عن الأسباب، أما أن تريد نتائج بلا مقدِّمات، ومسبَّبات بلا أسباب فهذا كقول القائل

تَرجُو النَّجاةَ ولَم تَسلُكْ مَسالِكَها إنَّ السَّفِينَةَ لا تَجرِي عَلَى اليَبَسِ

فإن أردتَ أن تصير عالِمًا فعليك أن تسلك أسباب التعلُّم ولزوم الأساتذة، وإن أردتَ أن تصبح نجَّارًا فعليك أن تسلك أسباب تعلُّم النِّجارة عند النَّجَّارين، أو حدادًا عند الحدادين، أو مُعَتَّرًا [مخذولًا فاشلاً]، إذا أردت أن تصير معتَّرًا فهناك مدرسة للمُعَتَّرين، اقعد معهم، وأعطِ عقلك لهم، وقلبك لهم، وأذنيك لهم، ((الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِه)) 36 فالذي يقعد مع المعتَّر يصير معتَّرًا، ولكن اقعد مع الذاكرين تصِير ذاكرًا.. جالِس الحَشَّاشين، فإذا لم تحشِّش معه من أول مرة ففي المرة الثانية يقول لك: خذ هذه من أجل خاطري! ثم يقول لك: سأخاصمك إن لم تأخذها، جرِّب تجريبًا فقط.. ((ومَن حامَ حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يقع فيه)) 37 .

هناك جليس بجلسة وحدة يعطيك سعادة الدنيا والآخرة، وآخر بجلسة واحدة وبنظرة واحدة يعطيك شقاء الدنيا والآخرة.. إنّه بنظرة الحب أو نظرة الانفتاح للجليس تنتقل صفاته وأخلاقه وسلوكه إليك بقدَر انفتاح روحك وقلبك وأفكارك إليه.

اللهم إنا نسألك حبك، وحب من يحبك، وحب عمل يقرِّبنا إلى حبِّك، اللهم إنا نسألك مجالسة الصالحين، ونعوذ بك من مجالسة الفاسقين، ونسألك صحبة الأتقياء، ونعوذ بك من صحبة الأشقياء، اللهم اجعلنا هادين مهديين، ولا تجعلنا ضالِّين ولا مُضلِّين ولا مَخزيين لا في الدنيا ولا يوم الدين.

بعض إخوانكم تُوفُّوا نقرأ التهليلة على أرواحهم.

وصلَّى الله على سيِّدنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم، والحمد لله رب العالمين.

Amiri Font

الحواشي

  1. مسند الفردوس للديلمي، رقم: (5232)، (3/ 404)، عن أنس بن مَالك رضي الله عنه، وفي مصنف ابن أبي شيبة، رقم: (30351)، (6/ 163)، وشعب الإيمان للبيهقي، رقم: (65)، (1/158)، عَنِ الْحَسَنَ رضي الله عنه موقوفًا عليه، بلفظ: ((إنَّ الإِيمَانَ لَيْسَ بِالتَّحَلِّي، وَلا بِالتَّمَنِّي، إنَّمَا الإِيمَانُ مَا وَقَرَ فِي الْقَلْبِ وَصَدَّقَهُ الْعَمَلُ))، وروي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعًا في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لأبي القاسم لللالكائي، رقم: (1561) (4/921).
  2. شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (1908)، (2/ 311)، والكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي، رقم: (1045)، (4/ 227)، بلفظ: ((يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّاس زَمَانٌ لَا يَبْقَى مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَّا اسْمُهُ، وَلَا يَبْقَى مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا رَسْمُهُ، مَسَاجِدُهُمْ عَامِرَةٌ وَهِيَ خَرَابٌ مِنَ الْهُدَى، عُلَمَاؤُهُمْ شَرُّ مَنْ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ مَنْ عِنْدَهُمْ تَخْرُجُ الْفِتْنَةُ وَفِيهِمْ تَعُودُ))، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
  3. تاريخ دمشق لابن عساكر، رقم: (4670)، (40/158)، عن أبي هريرة رضي الله عنه، بلفظ: ((مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجماعة فقال ما هذه الجماعة قالوا مجنون قال ليس بالمجنون ولكنه مصاب إنما المجنون المصاب، وإنما هو أي المجنون المقيم على معصية الله عز وجل))، وفي الغيلانيات لأبي بكر الشافعي، رقم: (400)، (1/376)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ إِذْ مَرَّ رَجُلٌ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: مَجْنُونٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الْمَجْنُونُ الْمُقِيمُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَلَكِنَّ هَذَا رَجُلٌ مُصَابٌ»
  4. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم، رقم: (5665)، (5/2238)، صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم رقم: (4685)، (12/468)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (18398)، (18/137)، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، بلفظ: ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)).
  5. مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (25341)، (6/ 163)، شعب الايمان للبيهقي، فصل في خلق الرسول صلى الله عليه وسلم وخلقه، (1428)، (2/154)، عن عائشة رضي الله عنها.
  6. سنن أبي داود، كتاب الملاحم، باب ذكر خروج الدجال (4324)، (2/520)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (9259)، (2/406)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، بلفظ: ((ليس بيني وبينه نبي يعني عيسى عليه السلام وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض بين ممصرتين (الممصر من الثياب الملون بالصفرة وليست صفرته بالمشبعة) كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل فيقاتل الناس على الإسلام فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلاَّ الإِسْلاَمَ ويهلك المسيح الدجال فيمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون))، واللفظ لأبي داود.
  7. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب طلوع الشمس من مغربها، رقم: (6141)، (5/2386)، صحيح مسلم، كتاب الإيمان: باب بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان، رقم: (157)، (1/137)، عن أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بلفظ: ((لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا فَذَاكَ حِينَ ﴿لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ﴾.
  8. صحيح مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، رقم: (2825)، (4/2175)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (22877)، (5/ 334)، بلفظ: ((عن سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ رضي الله عنه يَقُولُ: شَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْلِسًا وَصَفَ فِيهِ الْجَنَّةَ حَتَّى انْتَهَى ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ حَدِيثِهِ فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، ثُمَّ اقْتَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
  9. ذكره البخاري، بَابٌ العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ وَالعَمَلِ في المقدمة دون سند، سنن أبي داود، كتاب العلم، باب الحث على طلب العلم، رقم: (3641)، (2/ 341)، سنن الترمذي، كتاب العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، رقم: (2682)، (5/ 48)، سنن ابن ماجه، كتاب المقدمة، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، رقم: (223)، (1/ 81)، عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه.
  10. نوادر الأصول للحكيم الترمذي، (2/159)، تفسير القرطبي (17/157)، بلفظ: ((وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ ﴿هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ﴾ فَقَالَ: ((يَقُولُ اللَّهُ هَلْ جَزَاءُ مَنْ أَنْعَمْتُ عَلَيْهِ بِمَعْرِفَتِي وَتَوْحِيدِي إِلَّا أَنْ أُسْكِنَهُ جَنَّتِي وَحَظِيرَةَ قُدْسِي بِرَحْمَتِي))، وفي مسند الفردوس للديلمي، رقم: (6975)، (4/337)، بلفظ: عن أنس بن مَالك رضي الله عنه، بلفظ: ((هَل تَدْرُونَ مَا يَقُوله ربكُم عز وَجل يَقُول هَل جَزَاء من أَنْعَمت عَلَيْهِ بِالتَّوْحِيدِ إِلَّا بِالْجنَّةِ.
  11. سبق تخريجه.
  12. الأدب المفرد للبخاري، رقم: (215)، ص: (84)، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ بلفظ: ((مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَلْيُجْزِئْهُ، فَإِنْ لَمْ يُجْزِئُهُ فَلْيُثْنِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ إِذَا أثنى عليه فَقَدْ شَكَرَهُ، وَإِنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ، وَمَنْ تَحَلَّى بِمَا لَمْ يُعْطَ، فَكَأَنَّمَا لَبِسَ ثَوْبَيْ زُورٍ))، وفي سنن أبي داود، كتاب الزكاة، باب عطية من سأل بالله، رقم: (1672)، (1/ 524)، بلفظ: ((من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سأل بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فإن لم تجدوا ما تكافئونه، فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه))، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه.
  13. سنن الترمذي، كتاب تفسير القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب سورة الرحمن، رقم: (3291)، (5/399)، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بلفظ: ((خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ الرَّحْمَنِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا فَسَكَتُوا فَقَالَ لَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَى الْجِنِّ لَيْلَةَ الْجِنِّ فَكَانُوا أَحْسَنَ مَرْدُودًا مِنْكُمْ كُنْتُ كُلَّمَا أَتَيْتُ عَلَى قَوْلِهِ ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ قَالُوا: لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ فَلَكَ الْحَمْدُ))، وفي دلائل النبوة للبيهقي، رقم: (528)، (2/ 232)، بلفظ: ((لما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحمن على الناس سكتوا، فلم يقولوا شيئا، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: " للجن كانوا أحسن جوابا منكم، لما قرأت عليهم ﴿ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ قالوا: ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب)).
  14. سنن ابن ماجه، كتاب الإيمان، باب الانتفاع بالعلم والعمل به، رقم: (257)، (1/95)، مسند ابن أبي شيبة، رقم: (345)، بلفظ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه، ((مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا، هَمَّ آخِرَتِهِ، كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ، وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا، لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهَا هَلَك))، وفي المستدرك للحاكم، رقم: (7934)، عن ابن عمر رضي الله عنهما، بلفظ: «مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا كَفَاهُ اللَّهُ ما همه من أمر الدنيا والآخرة، ومن تشاعبت به الهموم لم يبال الله في أي أودية الدنيا هلك».
  15. صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب فضل من شهد بدرا، رقم: (3761)، (4/ 1462)، وكتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، رقم: (6199)، (5/2401)، بلفظ: عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: أُصِيبَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ غُلَامٌ فَجَاءَتْ أُمُّهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّي فَإِنْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ أَصْبِرْ وَأَحْتَسِبْ وَإِنْ تَكُ الْأُخْرَى تَرَى مَا أَصْنَعُ فَقَالَ: وَيْحَكِ أَوَهَبِلْتِ أَوَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ وَإِنَّهُ فِي جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ»، وفي رواية: وَإِنَّ حَارِثَةَ فِي الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى».
  16. مسند الفردوس للديلمي، رقم: (218)، (1/74)، بلفظ: ((أَكْثرُوا ذكر الْمَوْت فَمَا من عبد أَكثر ذكره إِلَّا أَحْيَا الله قلبه وهون عَلَيْهِ الْمَوْت))، وفي سنن الترمذي، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، رقم: (2460)، (4/639)، عن أبي سعيد رضي الله عنه، وشعب الإيمان للبيهقي، رقم: (10559)، (7/354)، عن أَبي هُرَيْرَة رضي الله عنه، بلفظ: «أكثروا ذكر هادم اللذات قالوا وما هادم اللذات قال الموت».
  17. تاريخ دمشق لابن عساكر (44/260)، عن محمد بن المتوكل قال: "بلغني أن خاتم عمر نقشه: كَفَى بِالْمَوْتِ وَاعِظاً يا عمر".
  18. المعجم الكبير للطبراني، رقم: (4074)، (4/ 180)، بلفظ: عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿مُدْهَامَّتَانِ﴾ [الرحمن: 64]؟ فَقَالَ: «خَضْرَاوَانِ».
  19. شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (6612)، (5/267)، حلية الأولياء لأبي نعيم، (3/53)، عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه بلفظ: «كَادَ الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْرًا، وكاد الحسد أن يغلب القدر»، وفي الدعاء للطبراني، رقم: (1048)، (1/319)، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رِجَالٌ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَكَوْا إِلَيْهِ الْحَاجَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَادَ الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْرًا، وَكَادَ الْحَسَدُ أَنْ يَسْبِقَ الْقَدَرَ، قُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ».
  20. صحيح مسلم، كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز، رقم: (2664)، (4/ 2052)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (8777)، (2/366)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، بلفظ: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ».
  21. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى، رقم: (1361)، (2/518)، صحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى، رقم: (1034)، (2/717)، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بلفظ: ((الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ)).
  22. سبق تخريجه.
  23. سنن الترمذي، كتاب صفة الجنة والنار، باب ما جاء في كلام الحور العين، رقم: (2564)، (4/696)، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، بلفظ: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ لَمُجْتَمَعًا لِلْحُورِ العِينِ يُرَفِّعْنَ بِأَصْوَاتٍ لَمْ يَسْمَعِ الخَلَائِقُ مِثْلَهَا»، قَالَ: " يَقُلْنَ: نَحْنُ الخَالِدَاتُ فَلَا نَبِيدُ، وَنَحْنُ النَّاعِمَاتُ فَلَا نَبْأَسُ، وَنَحْنُ الرَّاضِيَاتُ فَلَا نَسْخَطُ، طُوبَى لِمَنْ كَانَ لَنَا وَكُنَّا لَهُ))، وفي تفسير القرطبي (17/161)، قالت عائشة رضي الله عنها: "إن الحور العين إذا قلن هذه المقالة أجابهن المؤمنات من نساء أهل الدنيا نحن المصليات وما صليتن، ونحن الصائمات وما صمتن، ونحن المتوضئات وما توضأتن، ونحن المتصدقات وما تصدقتن، فقالت عائشة رضي الله عنها: "فغلبنهن والله".
  24. الشمائل المحمدية للترمذي، رقم: (241)، (199)، بلفظ: عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: "أَتَتْ عَجُوزٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ، فَقَالَ: يَا أُمَّ فُلاَنٍ، إِنَّ الْجَنَّةَ لاَ تَدْخُلُهَا عَجُوزٌ قَالَ: فَوَلَّتْ تَبْكِي فَقَالَ: ((أَخْبِرُوهَا أَنَّهَا لاَ تَدْخُلُهَا وَهِيَ عَجُوزٌ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : ﴿إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا﴾ [الواقعة : 35- 37])).
  25. المعجم الأوسط للطبراني، رقم: (3141)، (3/278)، بلفظ: «عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿حُورٌ عِينٌ﴾ [الواقعة: 22] قَالَ: «حُورٌ بِيضٌ، عِينٌ ضِخَامٌ، شُفْرُ الْحَوْرَاءِ بِمَنْزِلَةِ جَنَاحِ النَّسْرِ».
  26. صحيح البخاري، كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: ﴿وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة﴾، رقم: (3148)، (3/ 1210)، صحيح مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير، رقم: (2841)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بلفظ: ((خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ)).
  27. مسند الفردوس للديلمي، رقم: (4485)، (3/179)، الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية، رقم: (130)، ص: (156)، عن حَارِثَة بن وهب: ((قَالَ الله عز وَجل لَيْسَ كل مصلٍ يُصَلِّي إِنَّمَا أتقبل الصَّلَاة مِمَّن تواضع بهَا لعظمتي وعف شهواته عَن محارمي وَلم يصر على معصيتي وَأطْعم الجائع وكسا الْعُرْيَان ورحم الْمُصَاب وآوى الْغَرِيب كل ذَلِك لي)).
  28. سنن الترمذي، كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، رقم: (2616)، (5/11)، السنن الكبرى للنسائي، كتاب التفسير، سورة السجدة، باب قوله تعالى: ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع﴾، رقم: (11394)، (6/ 428)، شعب الإيمان للبيهقي، فصل في فضل السكوت عن كل ما لا يعنيه وترك الخوض فيه، رقم: (4958)، (4/ 247)، بلفظ: ((عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصْبَحْتُ قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، وَيُبْعِدُنِي عَنِ النَّارِ، قَالَ: «لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ عَلَيْهِ، تُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ»، ثُمَّ قَالَ: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ»، ثُمَّ تَلَا {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16] حَتَّى {يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17] ثُمَّ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ؟» , قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ»، ثُمَّ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِمِلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟»، قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ فَقَالَ: «كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ قَالَ: ((ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ -أَوْ قَالَ: عَلَى مَنَاخِرِهِمْ - إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟)).
  29. المستدرك على الصحيحين للحاكم، كتاب الرقائق، رقم: (7923)، (4/361)، عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه بلفظ: ((إِذَا أَبْغَضَ الْمُسْلِمُونَ عُلَمَاءَهُمْ وَأَظْهَرُوا عِمَارَةَ أَسْوَاقِهِمْ وَتَنَاكَحُوا عَلَى جَمْعِ الدَّرَاهِمِ رَمَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَرْبَعِ خِصَالٍ: بِالْقَحْطِ مِنَ الزَّمَانِ، وَالْجَوْرِ مِنَ السُّلْطَانِ، وَالْخِيَانَةِ مِنْ ولَاةِ الْأَحْكَامِ، وَالصَّوْلَةِ مِنَ الْعَدُوِّ)).
  30. المعجم الكبير للطبراني، رقم: (11025)، (11/54)، عن ابن عباس رضي الله عنهما، مسند الشهاب القضاعي، رقم: (508)، (1/305)، معجم ابن الأعرابي، رقم: (1954)، (3/926)، عَنِ الْحَسَنِ رضي الله عنه.
  31. تفسير القرطبي (17/181)، تفسير الثعلبي (9/210)، بلفظ: ((وقال المسيب بن شريك: قال النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ﴿إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً﴾ الآية قال: ((هن عجائز الدنيا أنشأهن الله خلقا جديدا كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكارا، فلما سمعت عائشة ذلك قالت: واوجعاه! فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ((ليس هناك وجع)).
  32. صحيح مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، رقم: (2825)، (4/2175)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (22877)، (5/ 334)، بلفظ: ((عن سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ رضي الله عنه يَقُولُ: شَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْلِسًا وَصَفَ فِيهِ الْجَنَّةَ حَتَّى انْتَهَى ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ حَدِيثِهِ فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، ثُمَّ اقْتَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
  33. مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (4814)، المعجم الكبير للطبراني، رقم: (13207)، (17/51)، بلفظ: ((عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رُؤْيَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّاسَ اجْتَمَعُوا، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ قَامَ ابْنُ الْخَطَّابِ فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا، فَمَا رَأَيْتُ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَفْرِي فَرِيَّهُ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ)).
  34. سبق تخريجه قبل قليل.
  35. صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، رقم: (591)، (1/ 414)، سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب ما يقول الرجل إذا سلم، رقم: (1513)، بلفظ: ((عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا وَقَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ)).
  36. سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب من يؤمر أنْ يُجالِس، رقم: (4833)، (2/675)، سنن الترمذي، أبواب الزهد، رقم: (2378)، (4/589)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (8398) (2/ 334)، شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (9436)، (7/ 55)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
  37. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، رقم (52)، (1/ 20)، ومسلم في المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات رقم (1599)، (3/ 1219)، بلفظ: ((كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ))، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
WhatsApp