تاريخ الدرس: 1993/09/10

في رحاب التفسير والتربية القرآنية

مدة الدرس: 01:31:34

سورة التحريم، الآيات: 2-5 / الدرس 2

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأفضل التَّحيَّات والصَّلوات والتسليمات على سيدنا محمدٍ خاتم النبيين والمرسلين، وعلى أهل بيته الطَّيِّبين الطَّاهرين، وعلى أصحابه المجاهدين الأنصار والمهاجرين، ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وبعد:

فنحن في تفسير سورة التحريم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ لِمَا حرَّمتَه على نفسك ممَّا أباحه الله تعالى لك، و﴿رَحِيمٌ [التحريم:1] بك وبعباده، فما شرَّع لهم تشريعًا إلا هو محفوفٌ برحمته وبحكمته وبتحقيق مصالحهم وسعادتهم في روحانيتهم وأبدانهم وحياتهم المؤقتة وحياتهم الخالدة.. وقد سبق معكم أنَّ بعض أزواجه ﷺ ومنهنَّ عائشة وحفصة رضي الله عنهما استطاعَتا التأثير في بقيَّة أزواج رسول الله ﷺ أو في بعضهنَّ.

سبب نزول الآيات:

في قصة شرب العسل عند زينب بنت جحش أو عند حفصة رضي الله عنهما، غارت عائشة رضي الله عنها بسبب مكث النبي ﷺ عند إحدى ضرائرها وشرب العسل عندها.. ((والله عز وجل كَتَبَ الْغَيْرَةَ عَلَى النِّسَاءِ كما كتب الْجِهَادَ عَلَى الرِّجَالِ)) 1 ، وحصل التآمر على أن يَحُلْنَ بين النبي ﷺ وبين جلوسه عند إحدى زوجاته لشرب العسل، وعمَّمت عائشةُ كلامها على زميلاتها بأن كلَّ واحدةٍ منهنَّ إذا دخل عليها النبي الكريم ﷺ تقول له: أشمُّ منكَ رائحةً غير طيبة؛ رائحة المَغَافِير، وهو صمغٌ يأكل منه النحل ورائحته غير طَيِّبَة، فيصير العسل برائحةٍ غير طيبة، وكلَّما دخل على إحداهنَّ قالت: أشمُّ منك رائحة المَغَافِير، إلى أنْ حرَّم ﷺ العسل على نفسه 2 .

رواية أخرى لسبب نزول الآيات:

وفي روايةٍ أُخرى وهي واقعةٌ أُخرى أنه كانت نوبة السيدة حَفْصَةَ في مبيت رسول الله ﷺ عندها، فاستأذنت رسول الله ﷺ في أنْ تزور والدها، ولَمَّا رجعتْ رأتِ النَّبيَّ ﷺ في غُرفتها ومعه جاريته مارية الْقِبْطِيَّةِ، فقالت: يا رسول الله أفي بيتي وفي نوبتي وَعَلَى فِرَاشِي؟ وأخذت في البكاء، فقال لها: ((أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أُحَرِّمَهَا عَلَى نَفسِي؟ ولكن لا تُفشي هذا الخبرَ، ولا تذكريه لِأحدٍ)) 3 .. والمرأة إذا قلتَ لها: اكتمي الحديث، فمعنى ذلك لا تكتمي، خاصةً إذا كانت تلك الحالة فيها اصطفاء لها وتميّز عن ضرائرها، يعني كأنها أخذتْ وسامًا دون ضرائرها، وهي تريد أنْ تتباهى وتُظهر الوسام بأنَّها صار لها منزلة ما عند زوجها.. وشاع الخبر، وغضب النبي ﷺ، لأن مِن آداب الحياة الزوجية أنْ تكون المرأة أمينة سرٍّ لزوجها، فكيف إذا كان زوجها رسول الله ﷺ، وكلُّ تصرُّفاته حتى البيتية يَتَعَدَّى تأثيرها إلى خارج منزله وخارج أسرته، فقد يحصل مِن ذلك مفسدةٌ أو تشويشٌ في الدعوة الإسلامية، وكذلك في كلِّ بيتٍ وفي كلِّ أسرةٍ يجب على الزَّوجين أنْ يكتم كلُّ واحدٍ منهما أسرار الآخر، فأمور الزَّوجية تبقى في بيت الزَّوجية حتى لا يَستغلَّ خِلافهما مُغرِضٌ أو شيطانٌ مفسِدٌ، فيحصل الفساد بعد الصلاح، وتحصُل الجفوة والنّفرة بعد المحبة والألفة.

وأَشَعْنَ الخبر.. وبحدوث قضية العسل مع حدوث قضية مارية رضي الله عنها وتحريمها على نفسه وهي مملوكته عاتبه الله عز وجل في سورة التحريم: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ [التحريم:1]، وكان النبي ﷺ قد قَرَنَ التَّحريم بحلف يمينٍ بتحريم مارية، أو تحريم العسل، والله أعلم.. ﴿لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ والله غفورٌ لأنَّك حرَّمت ما أحلَّ الله، و﴿رَحِيمٌ [التحريم:1] بعباده لا يُؤاخِذهم بكلِّ مخالفةٍ، فهو غفورٌ وحليمٌ وكريمٌ، ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى [فاطر:45] إلى آخر الآيات.

ومن يتقِّ الله يجعل له مخرجًا:

فالتَّحريم خلاف ما ينبغي أنْ يكون، قال: هذا قد غفرتُه لك، وأمَّا اليمين: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ [التحريم:2] بكفَّارة اليمين، فأعتق النبي ﷺ رقبةً تكفيرًا عن تحريمه لمارية القبطية أمِّ إبراهيم رضي الله عنها.. ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ [التحريم:2] هو الذي يتولَّى المؤمنين سواءٌ بتشريعه، أو بنصرته، أو بإخراجهم مِن الظلمات إلى النور، أو بإعزازه لهم: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون:8]، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4]، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3] هذه الولاية والعناية والرِّعاية هي للمؤمن الذي يستجيب لأوامر الله ويؤمن بالله ويؤمن بكتاب الله عزَّ وجلَّ، فالمؤمن بالسُّمِّ هل يمكن له أنْ يتجرَّعه؟ والعطشان الذي يؤمن بوجود الماء في المكان الفلاني القريب هل يتباطأُ في التَّوَجّه نحو النَّهر أو النَّبع أو البئر؟ فالإيمان بمعناه الحيِّ هو الذي يقتضي العملَ ويوجبه، أمَّا ادِّعاء الإيمان، أو اعتقاد الإيمان بالأماني وبلا عملٍ وبلا التزامٍ فهذا يدخل تحت قول الله تعالى: ﴿مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ [المائدة:41] و((لَيْسَ الإِيمَانُ بِالتَّمَنِّي وَلا بِالتَّحَلِّي، ولكنَّ الإِيمَانَ مَا وَقَرَ فِي الْقَلْبِ وَصَدَّقَهُ الْعَمَلُ)) 4 .

لقد كان إيمان الصحابة -وهو الإيمان الحق، وهذا هو إيمان الأصل- بحيث إن أحدهم إذا أذنب ذنبًا [يسارع إلى التوبة] كقصة تخلُّف الثلاثة في غزوة تبوك عندما أمر النبي ﷺ المسلمين أن يعتزلوهم فلا يكلِّموهم، فبقوا خمسين ليلةً لا يجفُّ لهم دمعٌ، بكاءً وتألُّمًا مِن ذنبٍ اقترفوه، وهو تخلُّفهم عن مرافقة رسول الله ﷺ إلى الجهاد، ثم أمر ﷺ زوجاتهن أن يعتزلنَهم، فما حزنوا وما بكوا على جفوة الناس لهم، ولكن أدخلهم إيمانهم حمَّامًا يغسلون ذنوبهم بدموعهم وبحسرات قلوبهم وبحزنهم على ما فرَّطوا في جنب الله عزَّ وجلَّ، هذا هو الإيمان! فالإيمان إذا لم يَشعر صاحبه بذنبه كلدغة أفعى أو عقرب فإنه إمَّا أنْ يكون مخدَّرًا فاقد الحس [أو ميتاً].

طاعة الله تعالى ورسوله سبب للنصر:

فما كان من زوجات المخلَّفين إلا أن أطاعوا أمر رسول الله ﷺ ولم يُخالفوه، ولو خالَف المسلمون طاعة الله أو طاعة رسوله ﷺ لا يستوجبون نصرته، ففي أُحد عندما خالَف الرُّماة لم يُخالف كلُّ الجيش، بل خالف الرُّماة فقط وكانوا خمسين راميًا، فتركوا موقعهم الذي أمرهم النبي الكريم ﷺ أنْ يُلازموه، تركوه طمعًا في جمع الغنائم بعد الانتصار، وثبت عشرةٌ منهم فقط، فكانت النتيجة هي الهزيمة بعد أنِ انتصروا وحلَّت الهزيمة في كفَّار قريش، وبدأ المؤمنون في جمع الأسلاب.

والذين خالفوا أمر الله تعالى وأمر رسوله ﷺ هم أربعون رجلًا مِن ألف رجل، فرُفع النَّصر وسُحِب وحلَّت بهم الهزيمة، وكانت مِن أفظع الهزائم، حتى كاد النبي ﷺ أن يُستشهَد في معركة أُحد، وقُتل منهم سبعون سوى الجرحى، وبعد ذلك قالوا للنَّبيِّ ﷺ: إنَّ الله وعد المؤمنين بالنَّصر فأين النصر؟ فأجابهم الله عزَّ وجلَّ في القرآن: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ [آل عمران:152] حيث انتصروا في أول المعركة، وبدأت الهزيمة في كفَّار قريش، وبدأوا يجمعون الغنائم مِن أعدائهم: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ [آل عمران:152] ما هو وعده؟ ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم:47]، ﴿حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ [آل عمران:152] بترك أمر رسول ﷺ وترك مواقعكم لحماية ظهر الجيش ﴿وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ [آل عمران:152] فانقسم الرماة قسمين: قسم ثبتوا، وقسم تركوا، ﴿وَعَصَيْتُمْ أمر رسول الله ﷺ ﴿مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ [آل عمران:152] ما الذي رأوه ممَّا يحبُّون؟ النَّصر وجمع الغنائم، فالنصر صار بين أيديهم، ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [الصف:5]، ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ [التوبة:67].

لقد كان المذنبون والمخالِفون أربعين مِن أصل ألف صحابيٍّ تقريبًا، وبقيادة رسول الله ﷺ، ولكن لَمَّا أَذنب البعض مع طاعة الكل والأكثر نُفِّذَ فيهم القانون القرآني: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [الأنفال:25] فهنا لم تصب الهزيمة الذين خالَفوا الأمر فقط، بل نزلت الهزيمة بالجميع: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [الأنفال:25] واللهُ تعالى قال لكم: نصرتُكم وصدقتُ وعدي، ولكنَّكم خالفتم لأن منكم مَن يريد الدنيا وهم الذين اشتغلوا بجمع الغنائم، وكان النبي ﷺ قد أوصاهم وقال لهم: ((لَو رَأَيتُمُونا تَخطَّفَتْنا الطُّيورُ وَأَكلتْنا وَجَعَلتْنا في حَواصِلِها لا تَبرَحُوا مَكانَكُم، وَلَو رَأيتُمُونا رَكِبْنا أَكتافَهُم))، هل يوجد أكثر مِن الانتصار وهو أنْ يركب المنتصر على كتفَي عدوِّه؟ ((لا تَبرَحُوا مَكانَكُم)) 5 ، فلمَّا خالفوا أمرًا إسلاميًّا إيمانيًّا حُرموا نصر الله عزَّ وجلَّ، ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ [البقرة:40] وهؤلاء ليسوا كلَّ الصحابة ولا النَّبي ﷺ، ولكن: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [الأنفال:25].

تكفير يمين النَّبيِّ ﷺ وغيرة المرأة:

نعود إلى الآية: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ [التحريم:2] فمِنْ ولايةِ الله عزَّ وجلَّ لنبيِّه ﷺ أنْ جعل له مِن أزمته فرجًا ومخرجًا.

لقد حلَّ الله عزَّ وجلَّ مشكلة تحريمه ﷺ بكفَّارة اليمين، وكان ﷺ قد حلف أن لا يقرب نساءه شهرًا كاملًا، لأنَّهنَّ جميعًا تحالفْنَ تحالفًا نسائيًّا ضدَّ رسول الله ﷺ، ومَن الذي قام بالتحالُف؟ بنت الصديق، وبنت الفاروق رضي الله عنهم، والنبي ﷺ يَعرف كيف ينتقي: ﴿وَٱلطَّيِّبَٰتُ لِلطَّيِّبِينَ [النور:26]، ومع ذلك فإنّ المرأة امرأة، والمرأة لا تصير رجلًا، لكن الرجل أيضًا يجب أن لا يصير امرأة، كان النبي ﷺ يقول عن الغيرة: ((إِنَّ الْغَيْرَةَ تَجعَلُ المرأَةَ لا تُفَرِّقُ بَينَ أَعلَى الْوَادِي وأَسْفَلِه)) 6 تكون في أعلى الوادي وتظنُّ نفسها بالأسفل، فتمشي وتهوي إلى قاعه فتهلك.

مرةً كان النبي ﷺ مع أصحابه في مجلسٍ، فهجمتْ عليهم امرأة عريانة كما خلقها الله عز وجل بلا أي ساتر، فقام أحد أصحابه فوضع عليها عباءته أو ثوبه، فسئل عن خبرها وإذ بها قد دفعها إلى ما فعلتْ غَيرتها مِن ضَرَّتها أو ضرائرها.

سبب نزول آية: ﴿مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾:

لذلك أقول: أسأل الله أن يعين صاحب الزوجتين.. [يضحك الشيخ والحضور] يعني في هذا الزمان ليس مناسبًا أن يقع الإنسان بين نارين، والقرآن أشار إلى هذا المعنى، لأن ﴿مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ [النساء:3] ليس سببه إفتاء في التعدُّد، بل سببه أنَّ الرجل في زمن النبي ﷺ كان إذا وجد امرأةً يتيمةً غنيَّةً يتزوَّجها، فيأخذ مالها ويتمتَّع بشبابها، ثم يهملها ويتزوَّج أُخرى، لكن على حساب ظُلْم الأُولى في إهمالها والاعتداء على مالها، لذلك قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى [النساء:3] يعني اللواتي تريدون زواجهن فلا تقربوا منهنَّ [ولا تتزوجوهن]، بل تزوجوا واحدةً كبيرةً لها أهل ومناصرون يُدافعون عنها إذا وقعت في ظُلامة زوجها ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى [النساء:3] أيُّ يتامى؟ الصبيان أم النساء؟ النساء، وفي سورة النساء نفسها: ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ من مهرها وحقوقها ﴿وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ [النساء:127] فالصورة الثانية في سورة النساء توضح الصورة الأولى.. ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى [النساء:3] يعني إذا أردتم أنْ تتزوجوهن لتتمتَّعوا بهنَّ وتضيِّعوا عليهنَّ حقوقهنَّ سواءٌ المالية أو حقوق الزوجية، فابعدوا عنهن ولا تقربوا مِن اليتيمة لأن فيها مطمع، ويُخشى مِن الزلل في ظُلمها والعدوان عليها، فانكحوا غيرها مِن النساء ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ [النساء:3].

إذن المثنى وثلاث ورباع ليس تحريضًا على التعدد، بل تحريضٌ على البعد عن الزواج بالضعيفة التي لا ناصرَ لها، مما يحمل طمع زوجها على العدوان عليها.. ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً [النساء:3] فالله تعالى يقول: هناك خوف مِن عدم العدل، وبسبب الخوف مِن عدم العدل قال: اكتفوا بواحدة، وفي آية أخرى قال: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بين النساء [النساء:129].

حفظ الأسرار من الآداب الزوجية:

ثم ذكر الله تعالى القصة فقال: ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا [التحريم:3] فالمشهور أنَّ الشيء الذي أسرَّه إلى حفصة رضي الله عنها هو تحريم مارية القبطية رضي الله عنها أو تحريم العسل في رواية أخرى، وهذا الاختلاف لا يتعلق به شيء كبير، ففي رواية تحريم مارية قالت له حفصة رضي الله عنها: كيف تحرِّم ما أحلَّ الله لك؟ يعني إذا قلتَ: حرَّمتها، لا تصير حرامًا، فحلف يمينًا أنه قد حرَّمها على نفسه ارضاءً لها وجبرًا لخاطرها.

جرِّب أن تستأمن امرأةً على سرّ عن ضرائرها وهي بمثل هذا الحال، وخيِّط فمها بخمسين خيطًا مِن فولاذ، فإنها ستتكلَّم، وإذا ما تكلَّمت مِن فمها فستتكلَّم مِن أذنها، أو مِن أنفها، أو مِن شعرها، أو مِن رأسها.. فبمجرَّد أن خرج النبي ﷺ أخبرت حفصةُ عائشة رضي الله عنهما: أبشري لقد حرَّم النبي ﷺ مارية على نفسه، [ضحك الشيخ والحضور، وبخاصة من الطريقة التي حكى فيها الشيخ الكلام بالعامية محاكاةً لأسلوب النساء] والثانية أخبرت الثالثة، والثالثة أخبرت الرابعة، وكما قيل:” كلُّ سرٍّ جاوز الاثنين شاع، وكلُّ علمٍ ليس في القرطاس ضاع”، هذا خلاف آداب الزوجية في الحياة الزوجية، لذلك قلتُ لكم في الدرس الماضي: إنه لو أمكنني أن لا أعقد عقد زواج بين زوجَين إلَّا بعد أنْ يَحملا شهادة الثقافة في الحياة الزوجية، يجب أن يكون هناك مدرسة، تدرس المرأة فيها شهرًا أو شهرين أو ثلاثة، تدرس فيها كيفية الحياة الزوجية، وحقوق الزوج وحقوق الزوجة وكلّ شيء في المأكل وفي المشرب وفي المنطق وفي المضجع وفي الخُلُق وفي المعاملة، لأن كثيرًا مِن الزوجات لا يحسنَّ معاملة الزوج حسب الأخلاق والآداب الإسلامية التي هي جزءٌ مِن الإيمان، والنبي ﷺ يقول: ((إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ وَزَوجُها غَضْبَانُ عَلَيْهَا باتَتِ الْمَلَائِكَةُ تَلعَنُها حَتَّى تُصْبِحَ)) 7 ، وكما يقول ﷺ أيضًا: ((إذا صَلَّتِ المرأَةُ خَمسَها، وَصامَتْ شَهرَها، وَحَصَّنَتْ نَفسَها دَخلَتْ جَنَّةَ ربِّها)) 8 ، وكذلك الزوج، فقد أوصى النبي ﷺ بالنساء فقال: ((خَيْركُمْ خَيْركُمْ لِأَهْلِه، وَأَنَا خَيْركُمْ لِأَهْلِي)) 9 يتعلم كيف يصبر في الشدائد والأزمات والفقر والمرض وسوء الخُلُق.

قصة أبي عبد الله القرشي:

يروى عن أحد الأولياء المشهور بأبي عبد الله القرشي، كان له زوجة بلغ مِن شراسة خُلُقها أنَّها كانت لا تَقُمُّ ولا تكنُس بيتها إلا وهي راكبةٌ على كتفيه، فملَّها وضجِر منها، فخرج من بيته هائمًا، فآواه الليل إلى غارٍ، فوجد فيه عابدَين متفرِّغيَن لعبادة الله تعالى، فصلَّى وذكر معهما، فلمَّا أمسى المساء رفع أحدهما يديه إلى السماء ودعا، فما استكمل دعاءه حتى نزلت مائدةٌ مِن السَّماء، فأكلوا منها، وفي اليوم الثاني دعا العابد الآخر، وفي الليلة الثالثة قالا له: أنتَ عليك أنْ تدعو هذه الليلة، قال لهما: أنا ليس مِن عادتي هذا الشيء ولا أستطيع أن أفعل هذا، قالا له: إمَّا أنْ تدعوَ لنتعشى هذه الليلة أو تفارقنا، فإنه لا يجلس معنا مَن لم يكن مِن جنسنا، فتوضَّأ وصلَّى ركعتين ودعا كثيرًا، فلمَّا استكمل دعاءه نزلت مائدتان، قال لهما: تفضلا إلى الطعام، قالا: لن نأكل، قال: لماذا؟ قالا له: نحن منذ أربعين سنة نعبد الله تعالى، وبدعائنا لا ينزل لنا إلا مائدة واحدة، وأنت مِن ليلتين تُنزل مائدتين، فأخبرنا بم دعوت؟ قال: أنتما أخبراني أولًا، فأصرَّا عليه.

فقال: أنا دعوتُ وقلتُ: يا ربِّ لا تسوِّد وجهي أمام هذين العبديَن الصالحيَن، يا ربِّ استرني وأنزل لنا مائدة ولا تفضحني، فدعوتُ بدعائكما، وأنتما بماذا كنتما تدعوان؟ قالا: نحن نعرف في هذا البلد رجلًا مِن أحباب الله يقال له: أبو عبد الله القرشي، فنحن نقول: يا ربي بصبر أبي عبد الله القرشي على زوجته لا تتركنا جائعَين هذه الليلة، ونحن نتوسَّل بأخلاق أبي عبد الله القرشي وإيمانه، وبهذا الدعاء يستجيب الله تعالى لنا، ويُنزل لنا الموائد مِن السماء، فقال أبو عبد الله لنفسه: يا نفسي الأمارة بالسوء، الله تعالى يُنزل للعابدين الموائد مِن السماء بصبركِ وحُسن خلقك، وأنت تهربين مِن هذه المنزلة!

قال النبي ﷺ: ((لَو أنَّ المرأَةَ كانَ جَسَدُ زَوجِها صَدِيدًا وقَيحًا ولَحَسَتْهُ مَا أَدَّتْ إِلَيهِ حَقَّهُ)) 10 ، ويقول ﷺ أيضًا: ((لَوْ َأَمَرْتُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ المَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا)) 11 .

فضل حسن الخلق:

فالإنسان الفاضل دائمًا لا يطلب ما له، ويتحمَّل مِن الطَّرف الآخر إذا أخذ حقَّه، فالزوجة تصبر على زوجها، هذه هي المرأة الفضلى، والزوج الفاضل هو الذي يصبر على زوجته، ولا يطالب بحقه، ولكن يرعى حقَّها ويهتم بما عليه ولا يهتم بما له، وهل تظنون أنَّ الزوجين رابحَين بهذه الطريقة أم خاسرين؟ قال رسول الله ﷺ: ((فَازَ حَسَنُ الخُلُقِ بِخَيرَيِ الدُّنيا وَالآخِرَةِ)) 12 ، وسئل النبي ﷺ عن المرأة تتزوَّج بزوجَين، يموت الزوج الأول فتتزوج بالزوج الثاني، فقالوا: يا رسول الله لِمَن تكون هذه الزوجة في الدار الآخرة، للأول أم للثاني؟ فقال ﷺ: ((تَخْتَارُ أَحْسَنَهُمْا خُلُقًا))، ثُمَّ قال: ((فَازَ حَسَنُ الْخُلُقِ في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)) 13 ، فالكثير مِن الناس يُطالبون بما لهم، وينسون أنْ يؤدُّوا ما عليهم، وهذا خطأٌ وشيء غير أخلاقي وغير إسلامي وغير إيماني، كما يقول الشاعر

لَه حَقٌّ وَلَيسَ عَلَيهِ حَقٌّ
وَحَقُّ الغَيرِ بُهتَانٌ وَزُورُ

“له حقٌّ”: وقد يكون ليس له حقٌّ، فهو يُطالب بشيء يسمِّيه حقًّا، وهو ليس بحقٍّ، “وحقُّ الغير”: إذا طالبه الغير بحقِّه، “وحق الغَير بهتانٌ وَزُور”.

نكمل الموضوع: ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا [التحريم:3] “إذ”: بمعنى حين، وعندما تقرأ القرآن فإنَّ الله تعالى يقول لك: تذكَّر أيها القارئ، أيَّتها القارئة حين أسرَّ النبي ﷺ إلى بعض أزواجه حديثًا.. مَن بعض أزواجه؟ حفصةُ رضي الله عنها، ما معنى “أَسرَّ”؟ يعني لا تُفشي هذا الكلام للآخرين، ولكنها عملتْ بعكس ما أُوصيَتْ به، فنزل الوحي يُخبر النَّبي ﷺ بأنَّ حفصةَ رضي الله عنها أفشَت الخبر إلى عائشة رضي الله عنها، وعائشةُ أَفشَتْه إلى بقية زوجاته عليه الصلاة والسلام، ﴿فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ [التحريم:3] استدعاهما وعاتبهما، وقد قيل: “إنَّ الكريم لا يُعاتب المذنب بكلِّ ذنوبه”، بل يُعاتبه ببعض الذنب، ويُغضي عن البعض الآخر، وقيل: “والكريم مَن لا يستقصي”، فلا يُحيط بالخصم ويحاصره مِن كلِّ الجهات، بل يدع له منفذًا ليعتذر، وهذا حُسْنُ خُلُقٍ وتخلُّقٌ بأخلاق النبي عليه الصلاة والسلام، فالنبي ﷺ عاتب ببعض الذنب، وأغضى ولم يعاتب ببعض الذنب الآخر، ﴿قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ [التحريم:3].

النَّبيُّ ﷺ يهجر نساءه شهرًا كاملًا:

ولَمَّا حصلتْ هذه التشويشات في بيت رسول الله ﷺ حلف النَّبيُّ ﷺ أنْ يهجر نساءه شهرًا كاملًا، والنَّبيُّ ﷺ [مشغول ومهموم] في صِلته بالله عزَّ وجلَّ، وهو في انتظاره في كلِّ لحظة لتلقِّي أوامر السَّماء، ولكن زوجته تشغله بالعسل وتشغله بقولها: لماذا جلست ساعة عند فلانة.. إلخ، وهل هكذا ينبغي أنْ تكون زوجة النبي ﷺ؟

على زوجة النبي ﷺ أنْ تعرف مقام النُّبوَة، ومسؤوليةَ النُّبوَّة في مقام تلقِّي الوحي والأوامر الإلهية في سبيل بناء أُمَّةٍ وبناء دولة، ليكون رحمةً للعالمين، وكلُّ واحدةٍ من زوجاته ﷺ عليها أنْ تكون عونًا له على عبئه الذي حمَّله الله إيَّاه: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا [المزمل:5]، ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ [الشرح:1-3] مسؤوليات النبوة ومهامها شيءٌ لا تتحمَّله الجبال الرواسي، فالزوجة الصالحة هي التي تكون عَونًا لزوجها، وخاصةً إذا كان في مِثل هذه المسؤولية، بل إن الزوجة الصالحة -على أيِّ حالٍ يكون زوجها- تكون عونًا له لا عَونًا عليه، وقد تُحرَم بعضَ حقوقها، ((وَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا لِلَّهِ عَوَّضَهُ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ في دِينِهِ وَدُنيَاهُ)) 14 ، عليها أن تقول: يا ربِّ أنا سامحتُ لوجهك الكريم، لأنَّك أمرتَني أنْ أُطيع زوجي، وزوجي انتهك مِن حقِّي، وأنا تركتُ حقِّي ابتغاء مرضاتك ورجاء ثوابك وعطائك، وكذلك الزوج إذا كانت زوجته مِثل زوجة أبي عبد الله القرشي، فلا بدَّ مِن مدرسةٍ للثقافة الزوجية، ويجب على الخاطب عندما يخطب البنت أنْ يُسأَل: هل معك شهادة من هذه المدرسة؟ كما أن الشرطي عندما يُوقف السيارة، إذا لم يحمل السائق شهادةً ماذا يفعل؟ يضعه في السجن، وهل قيادة السيارة أهمُّ أم قيادة الأسرة؟ والمرأة إذا قادت سيارة وليس معها شهادة أيضًا يضعونها في السجن.

حقيقة تعلُّم القرآن الكريم:

ليس هناك من حاجة إلى سجن، فالقرآن الكريم مدرسة المسلم، ولكنْ مع الأسف فالمسلم يقرأ القرآن لا للعلم، ولا لتفهُّم علومه، يقرأ القرآن لا لِتَفَهُّمِ أوامره لتطبيقها وتنفيذها، ويقرأ القرآن لا لِفَهمِ وصايا الله عزَّ وجلَّ للعمل بها وتنفيذها، نقرأ محارم الله عزَّ وجلَّ لا للابتعاد عنها والتحرُّز منها، إذًا فنحن لا نقرأ القرآن، لأن القرآن للعلم ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ [البقرة:129] ليس: يعلِّمهم قراءته، وليس: يعلِّمهم تلاوته، فهل كان النبي ﷺ يعلِّمهم ويقول لهم: قل: “بسم” السين فيها همس، والصاد صفير، و”قُطْبُ جَدٍ” أحرف القلقلة؟ هل كان النبي عليه ﷺ يعلِّمهم القرآن هكذا؟ لا بل كان يعلِّمهم أحكامه، وقَبل أنْ يتعلَّموا أحكامه غرس في قلوبهم نور الله، ووصل أرواحَهم بروح الله فحَيِيت روحُهم بروح الله وبمحبة الله، حتى صاروا ينتظرون أوامر الله ليمتثلوها، فكانوا يتسارعون إلى مرضاة الله تسابُق العِطاش إلى نبع الماء، وكانوا يقولون للجيل الذي بعدهم مِن التابعين: “أنتم أوتيتم القرآن قَبل الإيمان، ونحن أوتينا الإيمان قَبل القرآن” 15 .

﴿قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ [التحريم:3] فالنبي ﷺ لا تنقطع عنه نظرات الله ورعاية الله لحظةً واحدة.. ولا بدَّ للمسلم مِن أنْ يعمل على أنْ يكون صاحب قلبٍ ليفقه القرآن، والقلب كما ذكر بعضهم فقال

قُلُوبٌ إذا مِنهُ خَلَتْ فَنُفُوسُ
لِأَحرُفِ وَسوَاسِ اللَّعِينِ طُرُوسُ

وَإنْ مُلِئَتْ مِنهُ وَمِنْ نُورِ ذِكرِهِ
فَتِلكَ بُدُورٌ أَشرَقَتْ وَشُمُوسُ

“قلوبٌ إذا منه خلت”: إذا خلت مِن نور الله، ومن جلال الله ومن عظمة الله وخشية الله عزَّ وجلَّ.. “لأحرف وسواس اللعين طروس”: ما الطروس؟ الدفاتر، يعني قلبك يصير دفترًا للشيطان، ويصير الجريدة التي يَكتبها لك، فتظهر على لسانك وأعمالك وفي أخلاقك وصفاتك، “وإن مُلِئَت منه”: مِن خشية الله وعظمة الله.

فنسأل الله تعالى أن يرزقنا القلب الذي عناه القرآن العظيم: ﴿إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ [ق:37] وأن يُنجينا مِن القلب الذي قال الله تعالى عنه: ﴿فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ [الزمر:22] كم مرةً كرَّر الله تعالى كلمة القلب؟ وأين القلب؟ قال: ﴿وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج:46] فهل عندك فقه بهذا القلب؟ هل تحسَّسته؟ وهل عرفت ظلامه مِن نوره، وعلمه مِن جهله، وحكمته مِن طيشه؟ فنسأل الله عزَّ وجلَّ أن يرزقنا الإسلام القرآني وفقه القرآن وعلوم القرآن: ((خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ)) 16 .

سيدنا عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يستطلع الخبر اليقين:

ولَمَّا شاع الأمر، وظنَّ الناس أنَّ النَّبيَّ ﷺ قد طلَّق نساءه، وصارت الإشاعات تكثر، وقد كان لسيدنا عمرَ رضي الله عنه جارٌ، وكان سيدنا عمر رضي الله عنه خارج المدينة، يعني في ضاحيةٍ مِن ضواحيها قال: فكنتُ أنزل ليلةً لصحبة رسول الله ﷺ، وأبلِّغ جاري ما سمعتُه مِن رسول الله ﷺ، وينزل جاري ليلةً فيبلِّغني ما سمعه ورآه مِن رسول الله ﷺ، قال: فأتاني جاري في المساء وقال لي: “حَدَث نبأٌ عظيم”، لقد حدث أمرٌ كبيرٌ وعظيمٌ في المدينة.

وكانت الأخبار تتوالى بأنَّ قبائل غسَّان الذين كانوا عملاء للرومان، وهم نصارى العرب يجهِّزون خيولهم بتنعيلها -يعني بوضع الحديد في أسفل الحوافر- لغزو الإسلام في المدينة، يعني أن الاستعمار لَمَّا رأى العرب [متفرِّقِين طمع فيهم]، فأتى الإسلام ووحَّدَ كلمتهم، وثقَّفهم وأيقظ عقولهم، وربَّى نفوسهم وأخلاقهم، وهذا ليس مِن مصلحة الاستعمار، لأن الاستعمار لا يتمكَّن إلَّا مِن قومٍ جاهلين، مِن قومٍ متنابِذِين متشاكِسِين، ولذلك قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا [النساء:141]، لأنَّ الإيمان علمٌ، والإيمان قوةٌ، ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60]، والإيمان وحدة: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا [الأنفال:46]، والإيمان تضحية: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا [آل عمران:169] وإنَّ أُمَّةً تتربَّى بهذه اللَّبِنات الإيمانية والقرآنية هي أُمَّةٌ فولاذية، أُمَّةٌ تنتصر ولا تنهزم، تَعْتَزُّ ولا تُذَلُّ، وهي في تقدُّمٍ ورفعة لا في تخلُّفٍ وذلَّة، ولذلك قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30].

فقال الرجل لعمر رضي الله عنه: لقد حدث أمرٌ خطير، فقال عمر لجاره: أجاءت غسان؟ هذا هو الأمر الخطير الذي كانوا دائمًا متخوِّفِين منه، وهو هجوم قبائل العرب النَّصرانية على المدينة، فقال له: أكبر مِن ذلك وأعظم، يا لطيف! ما الأمر الذي هو أكبر مِن ذلك وأعظم؟ قال: طلَّق رسول الله ﷺ نساءه.. وقد كان الصَّحابة والمسلمون يرون انزعاج النبي ﷺ، وتشوُّش فكر النبي ﷺ أعظم مِن زحف الاستعمار على العالَم الإسلامي، لأن النَّبيِّ ﷺ يُعتبَر الدماغ المفكِّر والمدبِّر، وهو الروح التي يحيا بها جسد المجتمع الإسلامي، فقال عمر رضي الله عنه: خابت حفصةُ وخسرت، لقد كنتُ أتوقع ذلك.. لأنه كان يرى دلال حفصة رضي الله عنها وغيرها من زوجات النبي ﷺ، فكلٌّ منهنَّ تُريد أنْ تتآمر وتجذب النبي ﷺ إلى ناحيتها على حساب راحة النبي ﷺ، والنَّبيُّ ﷺ مشغول بالجهاد والترتيب، والهداية والدعوة، ووحدة الأمة وإحياء قلوبها وعقولها وأفكارها، ليجعل منهم ((عُلَمَاء حُكَمَاء فقهاء كَادُوا أَنْ يَكُونُوا مِنْ فِقْهِهِمْ أَنْبِيَاءَ)) 17 ، ولكن سيدات بيت النُّبوَّة مشغولاتٍ بأمورٍ سخيفة “لماذا نمت عندها؟” و”لماذا شربت العسل عندها؟”.. هل هكذا تكون زوجة النبي ﷺ؟

فنزل عمرُ رضي الله عنه ليستكشف الخبر، فلمَّا وصل سأل عن النبي ﷺ فقيل له: لقد اعتزل نساءه، وهو معتزلٌ في مَشرُبة له، وهي شبه غرفة، قال: فذهب إلى الغرفة فوجد أحد الصحابة كبلال أو غيره يقف حاجبًا أمام باب النبي ﷺ فقال له: قل لرسول الله ﷺ: عمر يريد الدخول، فرجع وقال له: ذكرتُك له فسكتَ ولم يُجب، يعني قلت له: يا رسول الله عمر بالباب يريد أن يستأذن، والمرة الثانية، والعاشرة.. والنبي ﷺ لا يجيب، فما معنى هذا؟ ثم رجع فقال له: ذكرتُك له فسكت ولم يجب، قال: فانتظر عمر رضي الله عنه وقتًا ثم قال له: قل له: عمرُ بالباب، فدخل أيضًا سيدنا بلال رضي الله عنه أو غيره وقال: يا رسول الله عمر بالباب يستأذن، فسكت النبي ﷺ أيضًا ولم يردَّ، فهو حزينٌ وحُقَّ له ذلك، فالزوجة تزوجها النَّبيُّ ﷺ لتربِّي ولتساعده ولتعينيه إذا حزينًا، أو كان مهمومًا.. والنبي ﷺ لا يحتاج إلى زوجة واحدة، بل إلى مئة، حتى تحمل كلُّ واحدة منهن شيئاً مِن العبء الثقيل: ﴿إنَّا سنلقي عليك قولًا ثقيلًا.. لا تقل: أريد أن أقتدي بالنَّبيِّ ﷺ في تعدد الزوجات، فبعضنا نصف زوجة كثيرةٌ عليه. [الشيخ هنا يضحك ويضحك معه الحضور]

قال: وانتظر سيدنا عمر رضي الله عنه دقائق أخرى، وأنتم تعرفون سيدنا عمر وفورته، فقال له: ادخل وقل له: عمرُ بالباب، فرجع وقال: ذكرتُك له فسكت ولم يجب. نهض سيدنا عمر رضي الله عنه ومشى، فلما ابتعد قليلاً وإذ بلال رضي الله عنه أو غيره يُنادي سيدنا عمر رضي الله عنه، قال له: دخلتُ على رسول الله ﷺ فقال: ((لِيَدخُلْ عُمرُ))، دخل فرأى النَّبيَّ ﷺ وقد ظهر عليه أثر الزَّعَل، وحقُّه أنْ يزعل، فالزوجة امرأةٌ وهي مؤتمنةٌ على أسرار الزوجية، وأسرار الزوجية وحدَها تكفي.. فدخل سيدنا عمر رضي الله عنه: السلام عليكم، فرد عليه ﷺ: وعليكم السلام، قال له: أأجلس؟ فأذن له رسول الله ﷺ، ورأى عمر رضي الله عنه النبيَّ ﷺ والزَّعَل ظاهر عليه، قال: وقد وجدته جالسًا على حصيرٍ أسود قديم قال له: “يا رسول الله أطلَّقتَ نساءك؟” هكذا يُشاع في المدينة كلها، قال: “فَرَفَعَ رأسه إِلَيَّ، فَقَالَ: “لَا”، فَقُلْتُ: “اللَّهُ أَكْبَرُ” 18 .. هذه كارثة! فزوجات النبي ﷺ أمينات السرِّ، وبنته حفصةُ منهنَّ أيضًا.

حكمة سيدنا عمر رضي الله عنه في حلِّ المشكلة:

ثم قال عمر رضي الله عنه: “لو رأيتنا يا رسول الله ﷺ وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ قومًا نَغْلِبُ نساءنا، فَلَمَّا قَدِمْنَا المدينة وجدنا قَوْمًا تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ” 19 والمرأة تتعلَّم مِن المرأة.. انتبهوا، لا ترسلوا زوجاتكم مع أيَّة امرأة، إمَّا أنْ تكون مُصلِحةً مُربِّيةً وإلَّا فإنَّهنَّ يفسدونهن، قال: “فطفق نساؤنا يتعلمْنَ مِن نسائهم”، وخاصة المرأة إذا كان الموضوع فيه مكسَبٌ أو ربحٌ تفهمه وتحفظه وتطبِّقه فورًا، أمَّا إذا كان عليها فلا تحفظه ولا تنفِّذه فورًا ولا تطبِّقه بالسرعة المطلوبة إلا إذا كانت مؤمنة، فإنك تجد المؤمنة إذا كانت محقوقةً تُقرّ بذنبها وخطئها، وتفرح بذلك أكثر مِن أن تصل إلى حقها المغبون، وهكذا المؤمن.. فنسأل الله تعالى أن يرزقنا الإيمان، اللهم أرنا الحق حقًّا وارزقنا اتِّباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه.

قال: “فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يتعلَّمن مِن نسائهم، فغضبتُ على امرأتي يومًا” النبي ﷺ منزعج ومُكدَّر، والحديث هذا وجَّه نفسية النبي ﷺ إلى شيء آخر، قال: “فغضبتُ على امرأتي يومًا، فإذا هي تراجِعُني” يعني تُجادِلُني، أقول لها: هذا الأمر يجب أنْ يكون، وهي تقول: لا يكون، وعندما كنا في مكة كنتُ حازمًا معها، لا تجرؤ على الكلام أمامي، قال: “فأنكرتُ أنْ تُراجِعَني”، لقد فسدت أخلاقها، ولم تكن هكذا، كانت تُوافقني في كلِّ ما أقول، هذا الفرق بين بيئةٍ وبيئةٍ، يُوجد أناسٌ يُصلحون الفاسد ويُوجد أناس يُفسدون الصالح، فالشيطان دائمًا شأنه الإفساد، والإيمان دائمًا شأنه الإصلاح، اللهم اجعلنا مصلِحِين كما قال ﷺ: ((أَصلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ إِذَا تَخاصَمُوا، وَقَرِّبُوا بَيْنَهُمْ إِذَا تَبَاعَدُوا)) 20 .. نسأل الله تعالى أن لا يجعلنا بعكس ذلك نفرِّق بين الأحباب، ونزرع العداوة والبغضاء بين الأصحاب.

قال: “فغضبتُ على امرأتي يومًا”، مَن المتكلم؟ سيدنا عمر رضي الله عنه، ومَن المستمع؟ النبي ﷺ قال: “فإذا هي تُراجعني” وتجادلني وتقول لي: يصحُّ ولا يصحُّ، “فأنكرتُ أنْ تُراجِعني”، متى كنتِ هكذا؟ “فقالت: وماذا تنكر أنْ أراجعك؟” يعني لماذا تراه أمرًا كبيرًا؟ “إنَّ أزواج النبي ﷺ ليراجعْنَه وتهجره إحداهنَّ إلى الليل”، فاستغرب عمر رضي الله عنه، هل زوجات النبي ﷺ يعملْنَ هكذا؟ بيئة المدينة أثرَّت في بيئة مكة، هذه هي الصحبة: ((الْجَلِيسُ الصَّالِحُ كَحَامِلِ الْمِسْكِ، والجَلِيسُ السَّوْءِ كنَافِخِ الْكِيرِ)) 21 ، دائمًا “لا تصحبْ مَن لا يُنْهِضُكَ حالُه، ولا يَدُلُّكَ على الله مَقالُهُ” 22 .

قالوا: “الأساتذة أربعة: الأستاذ المعلِّم المؤدِّب وهذا الأول، والثاني: الكتاب، والثالث: الصاحب والصديق، والرابع: الزَّمن والدَّهر، وهو أشدُّ الأساتذة تأديبًا وأشدُّهم إيلامًا للمربَّى”، فالذي لا يتربَّى بالأساتذة الثلاث: المعلِّم والكتاب والجليس الصالح فإنَّ الزمان يؤدِّبه، لكن يكون الوقت قد ضاع للانتفاع بالأدب.. والسعيد مَن وُعظ بغيره، والشقي مَن صار موعظةً لغيره.

قال: “فأنكرتُ أنْ تُراجعني، فقالت: وما تنكر أنْ أُراجعك؟ إنَّ أزواج النبي ﷺ لَيُراجِعنَه وتهجره إحداهنَّ إلى الليل”، ما أعظم أخلاق النبي ﷺ! ولو حدث هذا مع أحدنا لضربها ووبخها، ولا يبالي إن غضبت منه أو لا.. ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4] ﷺ.. قال: “فقلتُ: قد خاب مَن فعل ذلك منهنَّ وخسرتْ، أتأمن إحداهنَّ أنْ يغضب الله تعالى عليها لغضبِ رسوله ﷺ فإذا هي قد هلكت؟” الحوار بينه وبين زوجته، قال لها: هل هكذا نساء النبي ﷺ، أَلَا تخشى الواحدة منهنَّ إذا غضب النَّبيُّ ﷺ أن يغضب الله تعالى لغضبه فتهلَكَ؟ ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ [الأحزاب:57] هذه في حقِّ الأعداء، أمَّا في حقِّ الزَّوجات فهذا له ترتيبٌ آخرُ.. قال: فتبسَّم رسول الله ﷺ، يعني أتاه مناصرٌ، أتاه شخصٌ يكون في صفِّه.. نسأل الله تعالى أن يجعلنا في صفِّ النَّبيِّ ﷺ وفي صفِّ أحباب الله عزَّ وجلَّ، وفي صفِّ تقوى الله تعالى ومرضاته عزَّ وجلَّ، وأن لا يجعلنا في صفِّ أعداء الله، ولا مُبْعَدِين عن الله عزَّ وجلَّ، وعن مرضاة الله تعالى.

قال: فتبسَّم رسول الله ﷺ، “فقلتُ: يا رسول الله قد دخلتُ على حفصة فقلت: لا يغُرَنَّك أنْ كانت جارتُكِ عائشة هي أوسمُ وأحبُّ إلى رسول الله ﷺ”.. فهي صغيرة وجميلة وفصيحة وبنت أبي بكر رضي الله عنه، فإذا كانت تتدلَّل بشكلٍ زائد فلا تقلِّديها.. الحبيب الجميل يُحْمَل، ولكن الذي يكون أدنى منه درجةً قد لا يُحمَل، فلا يصحُّ أن تقلِّدي، التَّقليد يجب أن يكون بحكمة، فتبسَّم سيدنا رسول الله ﷺ ابتسامةً أُخرى.. سيدنا عمر فَهِيم [عنده فهم وحكيم]، فهو يريدُ أنْ يجلِّي غيمة الكدر عن صدر رسول الله ﷺ، انظروا الآن إلى أدب سيدنا عمر وفهمه رضي الله عنه وأرضاه؟ قال: قلت: “أأستأنس يا رسول الله؟” يعني هل تسمح لي بالقعود أطول؟ لا أريد أنْ أ كون قد أثقلتُ عليك؟ انظر إلى مستوى الأدب! والآن هناك أناس يأتون إلى الشيخ ويجلسون ساعة، وبعض الأوقات يكون الكلام مؤثِّرًا في قلبي وصدري، فليجلس الشخص بمقدار الحاجة وليقتصر على الحاجة، فسيدنا عمر رضي الله عنه قال له: “أأستأنس؟” يعني هل أجلس زيادة؟ قال: ((نَعم)) قال: “فجلستُ، فما رأيتُ في بيت رسول الله إلا أُهُبًا” يعني جلود غنم، لا يوجد سجَّاد ولا كراسي ولا ما شابه ذلك، فقلت: “يا رسول الله كسرى وقيصر يتنعَّمون بالحرير، وأنت رسول الله جالسٌ على الحصير وهم لا يعبدون الله؟” قال: فاستوى جالسًا وقال: ((أَفِي شَكٍّ أَنتَ يا ابنَ الخطَّابِ؟ أُولئِكَ قَومٌ عُجِّلَتْ لَهم طيِّبَاتُهُم في حَياتِهم الدُّنيا)) 23 .

قال: “وكان ﷺ أَقسم أن لا يدخل عليهنَّ شهرًا مِن شدة مَوْجِدتِه عليهنَّ”، من شدة زَعَلِه منهنَّ، لأنَّهنَّ أفشيْنَ أسرار النَّبيِّ ﷺ البَيتِيَّة، فالمرأة يجب أنْ تكون مؤتَمنةً على أمور البيت في الأمور الصغيرة والكبيرة، فإذا افتقر لا تقول: زوجي فقير، وإذا وقع في ضيق لا تُشَمِّت به أعداءه، وإذا صار بينها وبينه خصام لا تَذكُر نقائصه وعيوبه، وكذلك الزوج يجب عليه أن يحافظ على أسرار الزوجية.. فنسأل الله تعالى أن يرزقنا حُسْن الخُلُق، ((فَازَ حَسَنُ الخُلُقِ بِخَيرِ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ)) 24 ، خاصةً إذا صبر لله، وتحمَّل لله، وغفر وسامَحَ لله عزَّ وجلَّ، ((فالْحَبُّ فِي اللهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ مِنْ شُعَبِ الإِيمَانِ)) 25 .

وقَبل ذلك كان سيدُنا عمر رضي الله عنه يشعر بأنَّ في بيت رسول الله ﷺ شيئًا غير طبيعيٍّ، فكان يمرُّ على أزواج النبي ﷺ وخاصةً بعد هذا الأمر، ويعظهُنَّ ويقول لهنَّ: لئن لم تَنتهِيْنَ عن إزعاج رسول الله ﷺ -والكلام هنا بالمعنى- أو لَيبدِّلنَّه الله أزواجًا خيرًا منكنَّ، ومرَّ عليهنَّ واحدةً واحدةً، وأعطاهنَّ درسًا: أنتنَّ تزعجْنَ النَّبيَّ ﷺ، وأنتنَّ تفعلْنَ كذا وكذا.. فأمُّ سلمةَ رضي الله عنها وما أدراكم ما أمُّ سلمة؟ أمُّ سلمة كانت مِن الحازمات وكما يقال: “مِن أَخَوات الرجال” [مثل يضرب في العامية لحزم المرأة وقوتها] فقالت لسيِّدنا عمر بن الخطَاب رضي الله عنه: “يا عمر أَمَا في رسول الله ﷺ ما يَعظ نساءه حتى تَعظَهُنَّ؟” تعني هل أنت تعلِّمنا وتعظنا؟ أَلا يكفينا وعظ النبي ﷺ لنا؟ لِمَ تتدخَّل في شؤون بيت النبي ﷺ 26 .

موافقات القرآن الكريم لسيدنا عمر رضي الله عنه:

قال سيِّدنا عمر رضي الله عنه: “وكنتُ لا أقول قولًا، ولا أرى رأيًا إلَّا وينزل القرآن موافِقًا لي، قلتُ يومًا: يا رسول الله لو اتَّخذتَ مِن مقام إبراهيم مصلَّى، فأنزل الله عزَّ وجل: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:125]“، وفي قصة أسرى بدر 27 عندما شاور النبي ﷺ أصحابه في قتلهم أو أخذ الفداء منهم، فقال سيدنا عمر رضي الله عنه: اقتلهم يا رسول الله، سلَّمني أخي فلانًا أقتلُه، وسلِّم فلانًا ابنَه، وسلِّم فلانًا أخاه حتَّى يعلم المشركون أن لا صلةَ بيننا وبينهم لا في قليل ولا في كثير -معنى الحديث- فأنزل الله عزَّ وجلَّ: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ [الأنفال:67] يعني حتى يقطع رؤوسًا كثيرةً نخرةً لا عقل ولا قابلية فيها، فالنبي ﷺ مالَ إلى رأي أبي بكر رضي الله عنه، وأخذ الفداء، فنزل القرآن موافِقًا لرأي عمر رضي الله عنه.

وفي قصة الحجاب، فقد كان كثيرًا ما يأتي رجالٌ ويتكلَّمون مع نساء النبي ﷺ وبعضهم ليس مِن اللائق أن يتكلَّموا مع أزواج النبي ﷺ فكان يقول: يا رسول الله لو حجبْتَ نساءَك عنَّا، فنزلت آية الحجاب: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53].

وفي هذا القصَّة أيضًا عندما قال لهنَّ: إذا استمرَّ إزعاجكنَّ للنبي ﷺ فعسى ربه إن طلقكنَّ أن يبدله أزواجًا خيرًا منكنَّ، فقالت له أم سلمة: اذهب، فيكفينا النبيّ ﷺ واعظاً لنا.. فأنزل الله تعالى: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ [التحريم:5] ليس المعنى: خيرًا منكنَّ بياضًا وطولًا وعيونًا وجمالًا وشبابًا، لا، بل الخير والمرأة التي فيها الخير قال عنها: ﴿مُؤْمِنَاتٍ [التحريم:5]، إيمان القلب.

وقبلها قال: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ [التحريم:4] هذا الخطاب لِمَن؟ لحفصة وعائشة رضي الله عنهما ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا [التحريم:4] المفسِّرون لهم رأيان في تفسير ﴿صَغَتْ قُلُوبُكُمَا، التفسير الأول: فقد صغت قلوبكما يعني: في اعتزال النبي ﷺ لهن شهرًا لانت قسوتهنَّ، واستقام اعوجاجهنَّ، وحصل لهنَّ الاستجابة، وقُبِلَت توبتهن، وقول آخر: فقد صغت قلوبكما يعني: إن التوبة خيرٌ لكنَّ إذا مالت قلوبكنَّ إلى طاعة الله عزَّ وجلَّ وطاعة رسوله ﷺ، وكنتنّ الزوجات الصَّالحات في بيته ﷺ، ﴿وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ [التحريم:4] إذا أصررتنَّ على إزعاج النبي ﷺ في مِثل هذه المعاملات: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ [التحريم:4]، لأنَّ في ذلك إيذاءً للنبي ﷺ وإيذاءً للدعوة الإسلامية، وإيذاءً لبناء العالَم ولصنع الإنسان الفاضل والمدينة الفاضلة والأمة الفاضلة الحكيمة الفاضلة، وأنتنَّ تُرِدنَ أنْ تشغلنَ النبي ﷺ بتفاهات عن الأمور العالَمية الإنسانية التي تجلب السعادة لكلِّ الشعوب ولكلِّ العالَم؟

ما إقامة الصلاة؟:

﴿يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ [التحريم:5] ما الزوجة الخير والأفضل؟ قال: ﴿مُسْلِمَاتٍ، ما الإسلام؟ الإسلام هو الاستجابة لأوامر الله عزَّ وجلَّ، فالعمل بكلّ أمرٍ مِن أوامر الله والاستجابة له حسب ما أراد الله عزَّ وجلَّ، هذا هو الإسلام، فالمسلم الحقيقي هو الذي يدرس كلَّ أوامر الله سبحانه في القرآن الكريم، فمثلًا قوله تعالى: ﴿أَقِيمُوا الصَّلَاةَ [الأنعام:72] استجبنا فأقمْنا الصلاةَ.. ولكن أيُّ صلاة؟ ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:2] وأيُّ صلاة [لتحقيق إقامة الصلاة]؟ التي ﴿تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45]، أيُّ صلاة؟ الصلاة التي قال الله تعالى عنها: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ [المعارج:19-22] فالصلاة معقِّمةٌ لضَعْفِ الإنسان فيما إذا وقع في الشدائد أو في الأزمات أو في الكوارث، فلا يَضعُف ولا يَنْهَزم ولا يتلاشى أمامها، بل يصمد كالجبل الشامخ، فلا يجزع عند الشدائد، وإذا أقبل عليه الخير والدنيا والغنى والجاه والمال يبذل كلَّ طاقاته في مساعدة الآخرين.

فالإنسان الخام قَبل أنْ يدخل معمل التصنيع الرباني هو هلوعٌ يعني: جزوعٌ ومنوعٌ، مَن الذي يعقِّمه مِن هذه الصفات والرذائل؟ قال: الصلاة: ﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ [المعارج: 22-23] فهل امتثلتَ واستجبتَ لأوامر الله في الصلاة التي أرادها الله عز وجل؟ أمَّا إذا صليتَ الصلاة التي لم يُردها الله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ يعمل الخير ليراه الناس أو ليسمع به الناس فيتحدثون عنه، فهو يعمل للناس لا ابتغاء مرضاة الله عزَّ وجلَّ، ﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ [الماعون:4-7] يمنعون معونتهم عن الآخرين، سواءٌ في المال أو إصلاح ذات البين أو الأخذ بيد الضعيف أو أيّ معونة يحتاجها أيُّ محتاجٍ، فهذا مصلٍّ، لكن الويل والهلكة له وإنْ كان مصلِّيًا! فمعنى ﴿أَقِيمُوا الصَّلَاةَ [الأنعام:72] يعني التي أرادها الله عزَّ وجلَّ بخشوعها، والتعقيم مِن هلعها وجزعها ومنعها، التي ﴿تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45]، وهذه لا تكون بالصلاة الجسدية، والصلاة الجسدية أَمرها بسيطٌ، ويمكن أن تتعلَّمها بدقائقَ، فإذا رأيتَ مَن يصلِّي ويركع ويسجد ويقرأ الفاتحة والتشهد [تفعل مثله]، أمَّا الصلاة بالخشوع، والصلاة التي ﴿تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45]، الصلاة التي تعقِّمك مِن الهلع، أين دراستها؟ أين عالِمها ومعلِّمها؟ أين مدرِّبها الذي يُعلِّمها بالقال والحال، والروح والصدق والإخلاص، ومقام الإحسان؟ إذًا فأكثر الناس على حسب منطوق القرآن لا يصلُّون الصَّلاة التي أرادها الله عزَّ وجلَّ، مع أنها أحد أركان الإسلام، وكذلك الأمر إذا أتينا للزكاة، وإذا أتينا للصيام، وإذا أتينا للأخلاق، وإذا أتينا للحكمة.. فالحكمة ثُلث الإسلام: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ [البقرة:129] هذه هي الرسالة، وهذا هو الإسلام، فهل تعلَّمت القرآن؟ حتى لو أنك حفظتَه على القراءات الأربعة عشر، ولم تتعلَّم علومه لتعمل بها ثم تُعلِّمها، وحتى لو علِمتَها وعملْتَ بها ولم تُعلِّمها فإنَّك لم تقرأ القرآن كما أراد الله عزَّ وجلَّ ورسوله ﷺ، وهذا لا يكون إلَّا بالذكرى والمذكِّر، والتذكير ودوام الذكر.

الوضوء وسيلةٌ للصَّلاة، والصَّلاة وسيلةٌ لقوله: ﴿لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29]، ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي [طه:14]، ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ [النساء:103] يعني يجب أنْ تذكر الله تعالى بشكلٍ دائمٍ، هذا هو التَّصُّوف.. والتَّصُّوف: هو العمل بمنطوق القرآن عملًا بلا تهاون وبلا تقصير، وعلى الوجه الأتم.. ارفعوا كلمة تصوف ونقشبندي وشاذلي وقادري وكل المصطلحات، ودعونا نرجع إلى القرآن، وإذا كنت بعيدًا عن القرآن الكريم فإنّ التَّصُّوف يجمعك بمعاني القرآن، ويحقِّقُ فيك معانيَ ساميةً، فإذا سمَّينا هذا تصوفاً فهل هناك مانع من ذلك؟ كما إذا سمَّينا النَّحو لتنطق بالفصحى، فهل يوجد مانع؟ اترك كلمة النَّحو وانطق بالفصحى، وهذا يُغنيك عن مصطلح هذه الكلمة بالنطق الفصيح.

من صفات الزوجة الصالحة:

﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ [التحريم:5] مَن الزوجة الخَيْر ومن الزوجة الخيِّرة؟ ﴿مُسْلِمَاتٍ [التحريم:5]، المسلمة، وما هو الإسلام؟ هو الاستجابة لأوامر الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ [الشورى:38] لم يقل: “وصَلَّوا”، بل قال: ﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ، الصلاةُ المقوَّمة المتَّجِهة بكلَّيتها إلى الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ [الأنعام:79].

﴿مُؤْمِنَاتٍ [التحريم:5]: ((الإِيمَانُ مَا وَقَرَ فِي الْقَلْبِ وَصَدَّقَهُ الْعَمَلُ)) 28 ، ﴿قَانِتَاتٍ، القنوت خشوعٌ واستدامةُ العمل بلا تقطعٍ وبلا غفلةٍ، ﴿تَائِبَاتٍ [التحريم:5] التوبة: النَّدم على الذَّنب إذا صَدَر، والإقلاع عنه بلا عودةٍ إليه، أو بلا إرادة العودة، وعدم الإرادة أبلغ، يعني أن لا يخطر ببالك أن تعود إلى الذنب الذي فعلتَه، وهذه هي التوبة النصوح، ﴿عَابِدَاتٍ [التحريم:5]، عندها العبودية الكاملة لله تجاه أمر الله، فلا تخضع لأمر ٍمضادٍ لأمر الله عزَّ وجلَّ، وهي مستجيبةٌ لكل أوامر الله ومنقادةٌ لها وعاملةٌ بها، ﴿سَائِحَاتٍ [التحريم:5]، النبي ﷺ فسَّرَ السِّياحة بالصوم فقال: ((سِيَاحَةُ أُمَّتِي الصَّوْمُ)) 29 ، فإذا كان الصَّوم جسديًّا، وكان قلبيًّا بدوام ذِكر الله عزَّ وجلَّ والإعراض عمَّا سواه، تنطلق الروح مِن إسارها، وتَنفَكُّ وتَخرُج مِن سِجنِها وسِجِّينها، فتطوف في الملأ الأعلى وترى مِن عجائب الله عزَّ وجلَّ، ومِن أنوار الله وتجلِّياته ما يملؤها روحًا ربانيةً وحكمةً إلهيةً وعلمًا لَدُنيًّا.

فالنَّبيُّ ﷺ يُخبرنا أنَّ المرأة الفضلى والأفضل ليست هي البيضاء أو الشقراء، أو صاحبة العيون الزرقاء، أو طويلة القامة، بل يخبرنا بصفات الإيمان تعليمًا لنا أنكم إذا أردتم الزوجة الخيِّرة، فابحثوا عن الإسلام والإيمان والقنوت والتوبة.. والتوبة تعني المرأة المعقَّمة مِن كل الذُّنوب، والمعقَّمة مِن كل النقائص، والمزيَّنة لا بالمكياج، [المِكْياج: الأصباغ والزينة التي تُوضَع على وجه المرأة] وإنَّما بزينة القرآن الكريم؛ بالعلم والحكمة وفضائل الأخلاق: ﴿وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ [البقرة:221].

﴿ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا الأمور الجسدية جَعَلها الله تعالى في آخر الصفات، لأنها لا تَمَيُّزَ فيها، ثيباتٍ وأبكارًا.. لم يقل: مسلمات أو مؤمنات، لأن تلك الصِّفات يجب أنْ تكون مجتمعةً مع بعضها، أمَّا البكارة والثيوبة فهما سواء، وهذه مثل هذه.

القرآن الكريم يهدِّد زوجات النَّبيِّ ﷺ:

الشاهد من القصة: أولًا أدَّب الله تعالى أزواج النبي ﷺ وذلك مع شدَّة قربهنَّ إليه، فلمَّا أفشت حفصة رضي الله عنها أمرًا مِن أمور الحياة الزوجية طلَّقها النبي ﷺ في روايةٍ، أو همَّ بتطليقها.

ووقع تآمُر الزوجتَين.. وربما الزوجة الواحدة قد تتآمر على زوجها.. ﴿وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ [التحريم:4] إذا أصررتُنَّ وأردتُنَّ عمل نكايات ومشاكل وإزعاجات في الحياة الزوجية فأنتنَّ مهدَّداتٌ بالطلاق.

العبرة من قصص القرآن:

هذه القصة على الرغم مِن كونها نزلت في حقِّ النبي ﷺ لكن يجب على الزوجة أنْ تفهم منها الآدب الزوجية مع زوجها، وأن تحفظ لزوجها أسراره وشؤونه، وأن تحرص على راحته وعدم إزعاجه، وإلا فإنَّ القرآن الكريم يقول: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ [التحريم:5] وبعد ذلك ستقعين في أمرٍ أشدَّ مما تتحملينه الآن.. كما أنه على الزوج [أن يكون رفيقاً بزوجته]، فالنبي ﷺ حرَّم العسل على نفسه وحرَّم مارية رضي الله عنها، لكن الله تعالى ما سكت عن ذلك، وقال له: ﴿لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ [التحريم:1].. والنبي ﷺ قال للزوج: ((إِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا)) 30 ، وقال: ((إنَّ اللَّهَ يَسْأَلُ عَنْ صُحْبَةِ سَاعَةٍ)) 31 ، فإذا حصل زَعل بينك وبين زوجتك في ساعة معيَّنة فينبغي أن لا تنسى عِشْرة عشرينَ أو ثلاثين سنة مِن أجل لحظة غضبٍ، فتقول لها: أنتِ طالقٌ، هذا لا يصحُّ! ((إنَّ اللَّهَ يَسْأَلُ العَبدَ عَنْ صُحْبَةِ سَاعَةٍ))، والَّنبي ﷺ عندما طَلَّقَ أخبره الله عزَّ وجلَّ أنه يجب أنْ لا يطلِّق: ((راجِعْها، فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ، وَهِي زَوْجَتُكَ فِي الْجَنَّةِ)) 32 .

لقد ذَكر الله تعالى هذه القصة في القرآن الكريم، فإذا كانت مِن أجل النبي ﷺ فقد انتهت القصة، ولكن تَرَكها درسًا للمسلمين والمسلمات إلى يوم القيامة، لتتعلَّم الزَّوجة أخلاق الزَّوجيَّة مِن هذه الحادثة، فلا تُخطئ كما أخطأ أزواج النبي ﷺ مع رسول الله ﷺ.

وكذلك النبي ﷺ لَمَّا حرَّم على نفسه، وهو رسول الله عاتبه الله تعالى، فلو كان القرآن مِن عند رسول الله ﷺ فهل سيذكر النبي ﷺ أنَّه فعل شيئًا لم يرضَ الله عزَّ وجلَّ به، وأمره بأن يتراجع عنه، وأنْ يُصلح ما فعل بأنْ يعود إلى الأفضل؟ إنّ الطلاق مباحٌ، لكن الأفضل الصبر والتحمُّل.

القرآن بكلِّ آياته ليس للقصص والتسلية، فعندما نقرأ عن بني إسرائيل أنهم: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ [آل عمران:112] أي إن يتمسَّكوا بحبل مِن الله وتقواه تُرفع عنهم، ﴿وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ [آل عمران:112] إذا تمسَّكوا بدولةٍ قويةٍ، كإسرائيل التي تتمسك بأمريكا وبالعالم الصليبي، ﴿وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ لِم؟ قال: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ [آل عمران:112] ليس لأنهم بنو إسرائيل، وليس لأنهم يهود، بل لأنهم رفضوا آيات الله عزَّ وجلَّ، ولم يمتثلوا أمرها، وارتكبوا نهيها، وهجروا وصاياها فضُربت عليهم الذلة ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ [آل عمران:112] والآن هناك كثيرٌ مِن المسلمين لا يوجد عندهم أنبياء ليقاتلوهم، فيقاتلون ورثة الأنبياء ويؤذونهم بالكلام أو بالأعمال أو بجحد الحقوق مِن التكريم والتعظيم الواجب أنْ يُكَرَّم به الذي أعطاه الله عزَّ وجلَّ لقب الوارث النبوي، ﴿ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ [آل عمران:112].

القرآن يفيد أصحاب القلوب فقط:

ويجب عليك قَبل تفهُّم القرآن وتدبُّره أن تعلم أنَّ القرآن كبذورٍ يُغرَس في أرض القلب والنفس، فإذا لم يكن القلب ذاكرًا والنفس مزكَّاةً فمهما ألقيتَ مِن البذار لا يُنتظَر منه الحصاد، لذلك ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى [الأعلى:14] وبعد ذلك، وبعد تنقية النفس مِن رذائلها وتحلِّيها بفضائلها ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ [الأعلى:15] فيجب عليه أنْ يضع نور الذكر في القلب الطاهر التائب، ولذلك عندما يأتي المريد إلى الشيخ فإنَّ أول أمرٍ يقول له: “يا بني يجب عليك أنْ تتوب إلى الله عزَّ وجلَّ التوبة النصوح”، وبعد التوبة النصوح يقول له: “عليك أن تشتغل بذكر الله عزَّ وجلَّ” وبإشراف المعلم: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ، وبإشراف الحكيم: ﴿وَالْحِكْمَةَ، وبإشراف المزكِّي: ﴿وَيُزَكِّيهِمْ [البقرة:129]، ((أَولِياءُ أُمَّتي مَن إذا رُؤُوا ذُكِرَ اللهُ بِهِم)) 33 ، و((الجَلِيسُ الصَّالِحُ كَحَامِلِ المِسكِ إمَّا أنْ يُعطِيَكَ، وَإمَّا أنْ يَبِيعَكَ، وَإمَّا أنْ تَشمَّ مِنهُ رَائِحَةً طَيِّبةً، وَالجَلِيسُ السُّوءُ كَنَافِخِ الكِيرِ إمَّا أنْ يُحرِقَكَ بِنَارِهِ، أَو يُؤذِيَكَ بِشَرَارِهِ، أَو تَشمَّ مِنهُ رائِحَةً خَبِيثَةً)) 34 ، هل هناك أحدٌ يجلس بجانب كنيفٍ ويَشرب “الأَرْكِيْلَة” [النرجيلة أو الشيشة]، أو أمام جيفةٍ يغلي الدود فيها غليًا؟ إنّ الجليس السُّوء أسوأ مِن هذَين المجلِسَين، تلك المجالس قد تُؤذي النظر وتؤذي الثياب، أمَّا الجليس السُّوء فقد يَخرِب إيمانك ودِينك وأخلاقك ويُشقيك بعد سعادتك.. فنسأل الله تعالى أن يوفِّقنا للجليس الصالح.

والمرأة أيضًا تتعلم مِن هذا الحديث كيف تُعامل زوجها، فالدرس حدث في بيت النبي ﷺ، ومع أزواج النبي ﷺ ليكون درسًا لكلِّ نساء الأُمَّة، فينبغي للمرأة المسلمة أنْ تكون مع زوجها كما قال تعالى: ﴿مُسْلِمَاتٍ [التحريم:5] مستجيبة لأمر الله عزَّ وجلَّ ﴿مُؤْمِنَاتٍ [التحريم:5] إيمانًا وقر في القلب ويصدِّقه العمل، ﴿قَانِتَاتٍ مستديماتٍ على تقوى الله عزَّ وجلَّ ﴿تَائِبَاتٍ [التحريم:5] طاهرات مِن الذنوب والنقائص، ﴿عَابِدَاتٍ [التحريم:5] مستديمات على العبادة، ﴿سَائِحَاتٍ [التحريم:5] هناك صيام رمضان، وصيام النفل بابه مفتوح، ثم ﴿ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا [التحريم:5] هذه لا علاقة للمرأة بها.. إنّ القرآن يُقرَأ هكذا، ويُحَفَّظ هكذا، ويُعلَّم هكذا، والإنسان إذا مشى على القرآن هكذا فهل سيكون رابحًا أم خاسرًا، سعيدًا أم شقيًّا، ناجحًا أم فاشلًا، محبوبًا أم مكروهًا؟ ولا تظنَّ أنك إذا عملتَ النقائص أنها تخفى على الله عزَّ وجلَّ أو تخفى على الناس.

وَمَهمَا تَكُنْ عِندَ امرِئٍ مِن خَلِيقَةٍ
وَإنْ خَالَها تَخفَى عَلَى النَّاسِ تُعلَمِ

((ومَن أسرَّ سريرةً أَلبَسه الله رداءها)) 35 .

اللهم أرنا الحق حقًّا وارزقنا اتِّباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، ولا تجعلهما متشابهَين علينا فنتَّبع الهوى؛ هوى النفس وبلا هدفٍ خيِّرٍ، وبلا هدفٍ تكسب به رضاء الله، فقط لغوٌ وكلامُ فشل ما نتيجته؟ إذا كان أقلّ ضرره إضاعة الوقت فيكفي، لأنك تضيع مِن عمرك ما لا تستفيد منه، أمَّا إذا كنتَ تضيع عمرك فيما يؤذيك في دِينك ودنياك فهذا منتهى الجهل ومنتهى الجاهلية.

فنسأل الله تعالى أنْ يجعل القرآن خُلُقَنا، ويجعل القرآن مدرستنا، ويجعل القرآن معلِّمنا وأستاذنا.

وصلَّى الله على سيِّدنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم، والحمد لله رب العالمين.

Amiri Font

الحواشي

  1. المعجم الكبير للطبراني، رقم: (10040)، مسند البزار، رقم: (1490)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود رضي الله عنه، بلفظ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُلُوسًا إِذْ أَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ عُرْيَانَةٌ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَغَمَضَ عَيْنَيْهِ، فَقَامَ إِلَيْهَا رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَأَلْقَى عَلَيْهَا ثَوْبًا وَضَمَّهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَظُنُّهَا امْرَأَتَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحْسَبُهَا غَيْرَى؟ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ كَتَبَ الْغَيْرَةَ عَلَى النِّسَاءِ، وَالْجِهَادَ عَلَى الرِّجَالِ، فَمَنْ صَبَرَ مِنْهُنَّ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا كَانَ لَهَا مِثْلُ أَجْرِ الشُّهَدَاءِ».
  2. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب الطلاق، باب: ﴿لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ التحريم (1)، رقم: (4967)، صحيح مسلم، كتاب الطلاق، باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق، رقم: (1474)، بلفظ: ((عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الْعَسَلَ وَالْحَلْوَاءَ وَكَانَ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ الْعَصْرِ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ فَيَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ فَاحْتَبَسَ أَكْثَرَ مَا كَانَ يَحْتَبِسُ فَغِرْتُ فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لِي أَهْدَتْ لَهَا امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهَا عُكَّةً مِنْ عَسَلٍ فَسَقَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ شَرْبَةً فَقُلْتُ أَمَا وَاللَّهِ لَنَحْتَالَنَّ لَهُ فَقُلْتُ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ إِنَّهُ سَيَدْنُو مِنْكِ فَإِذَا دَنَا مِنْكِ فَقُولِي أَكَلْتَ مَغَافِيرَ فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ لَا فَقُولِي لَهُ مَا هَذِهِ الرِّيحُ الَّتِي أَجِدُ مِنْكَ فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ فَقُولِي لَهُ جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ وَسَأَقُولُ ذَلِكِ وَقُولِي أَنْتِ يَا صَفِيَّةُ ذَاكِ قَالَتْ تَقُولُ سَوْدَةُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ قَامَ عَلَى الْبَابِ فَأَرَدْتُ أَنْ أُبَادِيَهُ بِمَا أَمَرْتِنِي بِهِ فَرَقًا مِنْكِ فَلَمَّا دَنَا مِنْهَا قَالَتْ لَهُ سَوْدَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَلْتَ مَغَافِيرَ قَالَ لَا قَالَتْ فَمَا هَذِهِ الرِّيحُ الَّتِي أَجِدُ مِنْكَ قَالَ سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ فَقَالَتْ جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ فَلَمَّا دَارَ إِلَيَّ قُلْتُ لَهُ نَحْوَ ذَلِكَ فَلَمَّا دَارَ إِلَى صَفِيَّةَ قَالَتْ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَلَمَّا دَارَ إِلَى حَفْصَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَسْقِيكَ مِنْهُ قَالَ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ. قَالَتْ تَقُولُ سَوْدَةُ وَاللَّهِ لَقَدْ حَرَمْنَاهُ قُلْتُ لَهَا اسْكُتِي)).
  3. تفسير الطبري (23/479)، سنن الدارقطني، رقم: (122)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَنِ الْمَرْأَتَانِ؟ قَالَ: عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ. وَكَانَ بَدْءُ الْحَدِيثِ فِي شَأْنِ أَمِّ إِبْرَاهِيمَ الْقِبْطِيَّةِ، أَصَابَهَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ فِي نَوْبَتِهَا فَوَجَدت حَفْصَةُ، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَقَدْ جِئْتَ إليَّ شَيْئًا مَا جِئْتَ إِلَى أَحَدٍ مِنْ أَزْوَاجِكَ، فِي يَوْمِي، وَفِي دَوْرِي، وَعَلَى فِرَاشِي. قَالَ: "أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أُحَرِّمَهَا فَلَا أَقْرَبَهَا؟". قَالَتْ: بَلَى. فحَرَّمها وَقَالَ: "لَا تَذْكُرِي ذَلِكَ لِأَحَدٍ". فَذَكَرَتْهُ لِعَائِشَةَ، فَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ﴾ الْآيَاتِ فَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كفَّر عَنْ يَمِينِهِ، وَأَصَابَ جَارِيَتَهُ.
  4. مسند الفردوس للديلمي، رقم: (5232)، (3/404)، عن أنس بن مَالك رضي الله عنه، وفي مصنف ابن أبي شيبة، رقم: (30351)، (6/ 163)، وشعب الإيمان للبيهقي، رقم: (65)، (1/158)، عَنِ الْحَسَنَ رضي الله عنه موقوفًا عليه، بلفظ: ((إنَّ الإِيمَانَ لَيْسَ بِالتَّحَلِّي، وَلا بِالتَّمَنِّي، إنَّمَا الإِيمَانُ مَا وَقَرَ فِي الْقَلْبِ وَصَدَّقَهُ الْعَمَلُ))، وروي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعًا في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لأبي القاسم لللالكائي، رقم: (1561) (4/921).
  5. صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب ما يُكرَه من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه، رقم: (2874)، عن الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، بلفظ: ((جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلًا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَ إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ فَلَا تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ هَذَا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا الْقَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ فَلَا تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ...)).
  6. مسند أبي يعلى الموصلي، رقم: (4670)، (8/129)، أمثال الحديث لأبي الشيخ للأصبهاني، رقم: (56)، ص: (95)، بلفظ: عَنْ عَائِشَةَ أنها قالت: " وكان متاعي فيه خف، وكان على جمل ناج، وكان متاع صفية فيه ثقل، وكان على جمل ثقال بطيء يتبطأ بالركب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حَوِّلُوا مَتَاعَ عَائِشَةَ عَلَى جَمَلِ صَفِيَّةَ، وَحَوِّلُوا مَتَاعَ صَفِيَّةَ عَلَى جَمَلِ عَائِشَةَ حَتَّى يَمْضِيَ الرَّكْبُ». قالت عائشة: فلما رأيت ذلك قلت: يا لعباد الله غلبتنا هذه اليهودية على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ مَتَاعَكِ كَانَ فِيهِ خَفٌّ وَكَانَ مَتَاعُ صَفِيَّةَ فِيهِ ثِقَلٌ، فَأَبْطَأَ بِالرَّكْبِ فَحَوَّلْنَا مَتَاعَهَا عَلَى بَعِيرِكِ، وَحَوَّلْنَا مَتَاعَكِ عَلَى بَعِيرِهَا». قَالَتْ: فَقُلْتُ: أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَتْ: فَتَبَسَّمَ. قال: ((أَوَ فِي شَكٍّ أَنْتِ يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ؟)) قَالَتْ: قُلْتُ: أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ؟ أَفَلَا عَدَلْتَ؟ وسمعني أبو بكر وكان فيه غرب- أي حدة- فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَلَطَمَ وَجْهِي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَهْلًا يَا أَبَا بَكْرٍ» فقال: يا رسول الله أما سمعت ما قالت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْغَيْرَى لَا تُبْصِرُ أَسْفَلَ الْوَادِي مِنْ أَعْلَاهُ».
  7. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه، رقم: (3065)، صحيح مسلم، كتاب النكاح، باب تحريم امتناعها من فراش زوجها، رقم: (1436)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بلفظ: ((إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ))، واللفظ للبخاري.
  8. صحيح ابن حبان، رقم: (4163)، والمعجم الكبير للطبراني، رقم: (991)، بلفظ: ((إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا، دَخَلَتْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ))، وفي مسند البزار، رقم: (7480)، بلفظ: ((إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وحفظت فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زوجها دخلت الجنة))، عَن أَنَسٍ رضي الله عنه
  9. سنن الترمذي، كتاب المناقب، باب في فضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، رقم: (3895)، (5/709)، السنن الكبرى للبيهقي، كتاب النفقات، باب فضل النفقة على الأهل، رقم: (15477)، (7/468)، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها.
  10. مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (12635)، (3/158)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، بلفظ: ((لاَ يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ، وَلَوْ صَلَحَ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ، لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ كَانَ مِنْ قَدَمِهِ إِلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ قُرْحَةٌ تَنْبَجِسُ بِالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْهُ تَلْحَسُهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ)).
  11. سنن الترمذي، كتاب الرضاع، باب ما جاء في حق الزوج على المرأة، رقم: (1159)، السنن الكبرى للبيهقي، كتاب القسم والنشوز، باب ما جاء في عظم حق الزوج على المرأة، رقم: (14481)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، بلفظ: «لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ المَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا».
  12. المعجم الكبير للطبراني، رقم: (18928)، ومسند عبد بن حميد، رقم: (1212)، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، بلفظ: ((قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ: يَا رَسُولَ اللهِ، الْمَرْأَةُ مِنَّا يَكُونُ لَهَا فِي الدُّنْيَا زَوْجَانِ، ثُمَّ تَمُوتُ، فَتَدْخُلُ الْجَنَّةَ هِيَ وَزَوْجَاهَا، لأَيِّهِمَا تَكُونُ لِلأَوَّلِ أَوْ لِلأَخِيرِ؟ قَالَ: تُخَيَّرُ أَحْسَنَهُمَا خُلُقًا كَانَ مَعَهَا فِي الدُّنْيَا، فَيَكُونُ زَوْجَهَا فِي الْجَنَّةِ، يَا أُمَّ حَبِيبَةَ، ذَهَبَ حُسْنُ الْخُلُقِ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَخَيْرِ الآخِرَةِ))، وفي المعجم الكبير للطبراني، رقم: (870)، عَنْ أُمّ سَلَمَة رضي الله عنها، قَالَ: "يَا أُمَّ سَلَمَةَ إِنَّهَا تُخَيَّرُ فَتَخْتَارُ أَحْسَنَهُمْ خُلُقًا فَتَقُولُ: أَيْ رَبِّ إِنَّ هَذَا كَانَ أَحْسَنَهُمْ مَعِي خُلُقًا فِي دَارِ الدُّنْيَا فَزَوِّجْنِيهِ، يَا أُمَّ سَلَمَةَ ذَهَبَ حُسْنُ الْخُلُقِ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)).
  13. سبق تخريجه.
  14. تاريخ دمشق لابن عساكر (10/374)، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، بلفظ: ((ما ترك عبد لله أمرا لا يتركه إلا لله تعالى إلا عوضه الله منه ما هو خير له منه في دينه ودنياه))، وفي المدخل لابن الحاج (2/111)، بلفظ: ((مَنْ تَرَكَ شَيْئًا لِلَّهِ عَوَّضَهُ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ))، وفي مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (20758)، وشعب الإيمان للبيهقي، رقم: (5748)، بلفظ: ((إِنَّكَ لا تَدَعُ شَيْئًا اتِّقَاءَ اللَّهِ إِلاَّ أَعْطَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ))، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ وَأَبِي الدَّهْمَاءٍ رضي الله عنهما.
  15. سنن ابن ماجه، باب في الإيمان، رقم: (61)، شعب الإيمان للبيهقي، باب القول في زيادة الإيمان ونقصانه، رقم: (51)، بلفظ: عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدُبًا الْبَجَلِيَّ قَالَ: " كُنَّا فِتْيَانًا حَزَاوِرَةً مَعَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَعَلَّمْنَا الْإِيمَانَ قَبْلَ أَنْ نَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ تَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ فَازْدَدْنَا بِهِ إِيمَانًا، وَإِنَّكُمُ الْيَوْمَ تَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ قَبْلَ الْإِيمَانِ".
  16. صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه، رقم: (4739)، (4/1919)، سنن أبي داود، أبواب قراءة القرآن وتحزيبه وترتيله، باب في ثواب قراءة القرآن، رقم: (1452)، (1/460)، عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
  17. البداية والنهاية لابن كثير، (5/ 94)، حلية الأولياء لأبي نعيم، (9/279)، بلفظ: ((كَادُوا مِنْ صدقهم)) وفي رواية أخرى: ((كَادُوا مِنْ الفقه))، عن سُوَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَزْدِيُّ.
  18. صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها، رقم: (4895)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنهما بلفظ: ((قَالَ كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِي مِنْ الْأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ وَهُمْ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِمَا حَدَثَ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ الْوَحْيِ أَوْ غَيْرِهِ وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الْأَنْصَارِ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ فَصَخِبْتُ عَلَى امْرَأَتِي فَرَاجَعَتْنِي فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي قَالَتْ وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُرَاجِعْنَهُ وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ فَأَفْزَعَنِي ذَلِكَ وَقُلْتُ لَهَا قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكِ مِنْهُنَّ ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي فَنَزَلْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ لَهَا أَيْ حَفْصَةُ أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ قَالَتْ نَعَمْ فَقُلْتُ قَدْ خِبْتِ وَخَسِرْتِ أَفَتَأْمَنِينَ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَهْلِكِي لَا تَسْتَكْثِرِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تُرَاجِعِيهِ فِي شَيْءٍ وَلَا تَهْجُرِيهِ وَسَلِينِي مَا بَدَا لَكِ وَلَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ عَائِشَةَ قَالَ عُمَرُ وَكُنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الْخَيْلَ لِغَزْوِنَا فَنَزَلَ صَاحِبِي الْأَنْصَارِيُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ فَرَجَعَ إِلَيْنَا عِشَاءً فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا وَقَالَ أَثَمَّ هُوَ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ قَدْ حَدَثَ الْيَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ قُلْتُ مَا هُوَ أَجَاءَ غَسَّانُ قَالَ لَا بَلْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَهْوَلُ طَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ، وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ فَقَالَ اعْتَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَزْوَاجَهُ فَقُلْتُ خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ فَجَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي فَصَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشْرُبَةً لَهُ فَاعْتَزَلَ فِيهَا وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَإِذَا هِيَ تَبْكِي فَقُلْتُ مَا يُبْكِيكِ أَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ هَذَا أَطَلَّقَكُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ لَا أَدْرِي هَا هُوَ ذَا مُعْتَزِلٌ فِي الْمَشْرُبَةِ فَخَرَجْتُ فَجِئْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْمَشْرُبَةَ الَّتِي فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لِغُلَامٍ لَهُ أَسْوَدَ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ فَدَخَلَ الْغُلَامُ فَكَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ كَلَّمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ فَانْصَرَفْتُ حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ فَقُلْتُ لِلْغُلَامِ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ فَدَخَلَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ فَرَجَعْتُ فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْغُلَامَ فَقُلْتُ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ فَدَخَلَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ فَقَالَ قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا قَالَ إِذَا الْغُلَامُ يَدْعُونِي فَقَالَ قَدْ أَذِنَ لَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ فَرَفَعَ إِلَيَّ بَصَرَهُ فَقَالَ لَا فَقُلْتُ اللَّهُ أَكْبَرُ...)).
  19. صحيح البخاري، كتاب المظالم، باب الغرفة والعلية المشرفة في السطوح وغيرها، رقم: (2336)، صحيح مسلم، كتاب الطلاق، باب في الإيلاء واعتزال النساء وتخييرهن وقوله تعالى: ﴿وإن تظاهرا عليه﴾، رقم: (1479)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بلفظ: ((وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الْأَنْصَارِ إِذَا هُمْ قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ. فَصِحْتُ عَلَى امْرَأَتِي فَرَاجَعَتْنِي فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي فَقَالَتْ وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليُرَاجِعْنَهُ وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ فَأَفْزَعَنِي فَقُلْتُ خَابَتْ مَنْ فَعَلَ مِنْهُنَّ بِعَظِيمٍ ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ أَيْ حَفْصَةُ أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ فَقَالَتْ نَعَمْ فَقُلْتُ خَابَتْ وَخَسِرَتْ أَفَتَأْمَنُ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَهْلِكِينَ لَا تَسْتَكْثِرِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تُرَاجِعِيهِ فِي شَيْءٍ وَلَا تَهْجُرِيهِ)).
  20. المعجم الكبير للطبراني، رقم: (3923)، (4/138)، شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (11094)، (7/490)، مسند الطيالسي، رقم: (599)، (1/491)، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه، بلفظ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: يَا أَبَا أَيُّوبَ أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى صَدَقَةٍ يَرْضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْضِعَهَا؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: تُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ إِذَا تَفَاسَدُوا وَتُقَرِّبُ بَيْنَهُمْ إِذَا تَبَاعَدُوا)).
  21. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب الذبائح والصيد، باب المسك، رقم: (5214)، (5/2104)، صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب استحباب مجالسة الصالحين..، رقم: (2628)، (4/2026)، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بلفظ: ((مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً)).
  22. حكم الأيام من حكم عطاء الله السكندري، ص: (31)، بلفظ: "لا تصحب من لا يُنْهِضُكَ حاله، ولا يَدُلُّكَ على الله مَقَالُهُ".
  23. صحيح البخاري، كتاب المظالم، باب الغرفة والعلية المشرفة في السطوح وغيرها، رقم: (2468)، سنن النسائي، كتاب عشرة النساء، باب هجرة المرأة زوجها حديث المتظاهرتين، رقم: (9157)، بلفظ: ((عن ابن عباس قال لم أزل حريصا أن أسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله تعالى: ﴿إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما﴾ فحج عمر وحججت معه فلما كان ببعض الطريق عدل عمر وعدلت معه بالإداوة فتبرز ثم أتاني فسكبت على يديه فتوضأ فقلت يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه و سلم اللتان قال الله لهما ﴿إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما﴾ قال عمر: واعجبا لك يا بن عباس عائشة وحفصة ثم أخذ يسوق الحديث قال كنا معشر قريش قوما نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم فطفقن نساؤنا يتعلمن من نسائهم وكان منزلي في بني أمية بن زيد بالعوالي فغضبت يوما على امرأتي فإذا هي تراجعني فأنكرت تراجعني فقالت ما تنكر أأراجعك فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت أتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت نعم قلت وتهجره إحداكن اليوم إلى الليل قالت نعم قلت لقد خاب من فعل ذلك منكن وخسر أفتأمن إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله صلى الله عليه و سلم فإذا هي قد هلكت لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا تسأليه وسليني ما بدا لك ولا يغررك أن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك يريد عائشة فكان لي جار من الأنصار وكنا نتناوب النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل يوما وينزل يوما فيأتيني بخبر الوحي وغيره وآتيه بمثل ذلك وكنا نتحدث أن غسان تنعل الخيل لتغزونا فنزل صاحبي يوما ثم أتاني عشاء فضرب بابي ثم نادى فخرجت إليه فقال حدث أمر قلت ما حدث أحدث غسان قال لا بل هو أعظم من ذلك طلق النبي صلى الله عليه وسلم نساءه فقلت لقد خابت حفصة إذا وخسرت قد كنت أظن هذا كائنا حتى إذا صليت الصبح شددت علي ثيابي ثم نزلت فدخلت على حفصة وهي تبكي فقلت ثم ذكر كلمة معناها أطلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت لا أدري هذا هو معتزل في هذه المشربة فلقيت غلاما له أسود فقلت استأذن لعمر فدخل الغلام ثم خرج إلي فقال قد ذكرتك له فصمت فانطلقت حتى أتيت المنبر فإذا عنده رهط جلوس يبكي بعضهم فجلست قليلا فغلبني ما أجد فأتيت الغلام فقلت استأذن لعمر فدخل الغلام ثم رجع إلي قال قد ذكرتك له فصمت فجلست إلى المنبر ثم غلبني ما أجد فرجعت إلى الغلام فقلت استأذن لعمر فدخل ثم خرج إلي فقال قد ذكرتك فصمت فوليت مدبرا فإذا الغلام يدعوني فقال ادخل فقد أذن لك فدخلت فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو متكئ على حصير قد أثر في جنبه فقلت أطلقت يا رسول الله نساءك فرفع إلي رأسه قال لا قلت الله أكبر لو رأيتنا يا رسول الله وكنا معشر قريش قوما نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم فغضبت يوما على امرأتي فطفقت تراجعني فأنكرت أن تراجعني فقالت ما تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن يوما إلى الليل فقلت لقد خاب من فعل ذلك منهن وخسر أتأمن إحداهن أن يغضب الله عليها بغضب رسوله صلى الله عليه وسلم فإذا هي قد هلكت فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله فدخلت على حفصة فقلت لا يغررك أن كانت جارتك هي أوسم وأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منك فتبسم أخرى فقلت أستأنس يا رسول الله قال نعم فجلست فرفعت رأسي في البيت فوالله ما رأيت شيئا يرد البصر إلا أهبا ثلاثة فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ يُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ، فَقَدْ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَى فَارِسَ وَالرُّومِ وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاسْتَوَى جَالِسًا، وَقَالَ: ((أَوَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ أُولَئِكَ قَوْمٌ قَدْ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي حَيَاتِهِمُ الدُّنْيَا)) فَقُلْتُ: "اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَكَانَ أَقْسَمَ أَلَّا يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حِينَ عَاتَبَهُ اللَّهُ. واللفظ للنسائي.
  24. سبق تخريجه.
  25. مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (18547)، (4/286)، مسند الطيالسي، رقم: (783)، (2/110)، بلفظ: ((عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَتَدْرُونَ أَيُّ عُرَى الإِيمَانِ أَوْثَقُ؟ قُلْنَا: الصَّلاَةُ قَالَ: الصَّلاَةُ حَسَنَةٌ وَلَيْسَ بِذَاكَ قُلْنَا: الصِّيَامُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى ذَكَرْنَا الْجِهَادَ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَوْثَقُ عُرَى الإِيمَانِ الْحَبُّ فِي اللهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ.)).
  26. صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب قول الله: ﴿وعلم آدم الأسماء كلها﴾، رقم: (4213)، صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب من فضائل عمر رضي الله عنه، رقم: (2399)، بلفظ: عَنْ أَنَسٍ قَالَ، قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ((وَافَقْتُ اللَّهَ فِي ثَلَاثٍ أَوْ وَافَقَنِي رَبِّي فِي ثَلَاثٍ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ اتَّخَذْتَ مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَدْخُلُ عَلَيْكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ فَلَوْ أَمَرْتَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْحِجَابِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْحِجَابِ قَالَ وَبَلَغَنِي مُعَاتَبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ نِسَائِهِ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِنَّ قُلْتُ إِنْ انْتَهَيْتُنَّ أَوْ لَيُبَدِّلَنَّ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا مِنْكُنَّ حَتَّى أَتَيْتُ إِحْدَى نِسَائِهِ قَالَتْ يَا عُمَرُ أَمَا فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَعِظُ نِسَاءَهُ حَتَّى تَعِظَهُنَّ أَنْتَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ﴾.
  27. صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب من فضائل عمر رضي الله عنه، رقم: (2399)، بلفظ: عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: "وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ فِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ وَفِي الْحِجَابِ وَفِي أُسَارَى بَدْرٍ".
  28. سبق تخريجه.
  29. تفسير الماوردي (2/408)، بلفظ: وروى أبو هريرة مرفوعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((سِيَاحَةُ أُمَّتِي الصَّوْمُ))، وفي تفسير الثعالبي، (4/101)، بلفظ: ((إنَّ سِيَاحَةُ أُمَّتِي الصَّوْمُ، وَرَهْبَانِيّتهمْ الْجِهَادُ))، تفسير الطبري، رقم: (17313)، (14/506)، بلفظ: "عن عائشة قالت: "سياحةُ هذه الأمة الصيام".
  30. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب حق الجسم في الصوم، رقم: (1874)، صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به، رقم: (1159)، بلفظ: عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟)) فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ((فَلاَ تَفْعَلْ؛ صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ)). واللفظ للبخاري.
  31. المدخل لابن الحاج (1/176)، بلفظ: ((إنَّ اللَّهَ يَسْأَلُ عَنْ صُحْبَةِ سَاعَةٍ))، وفي تفسير الطبري، في تفسير قوله تعالى: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ (8/344)، وفي تنزيه الشريعة المرفوعة لابن عراق الكناني، رقم: (104)، (2/313)، بلفظ: ((عن فلان بن عبد الله، عن الثقة عنده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معه رجل من أصحابه وهما على راحلتين، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم في غَيْضِة طرفاء، فقطع قَصِيلين، أحدهما معوجٌّ، والآخر معتدل، فخرج بهما، فأعطى صاحبه المعتدل، وأخذ لنفسه المعوج، فقال الرجل: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أنت أحق بالمعتدل مني! فقال: "كلا يا فلان، إن كل صاحب يصحب صاحبًا، مسؤول عن صحابته ولو ساعة من نهار)).
  32. مسند البزار، رقم: (1401)، المعجم الكبير للطبراني، رقم: (19260)، بلفظ: عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: لَمَّا طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَفْصَةَ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ((رَاجِعْ حَفْصَةَ فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ، وَإِنَّهَا زَوْجَتُكَ فِي الْجَنَّةِ)).
  33. السنن الكبرى للنسائي، كتاب التفسير، باب ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم، رقم: (11235)، بلفظ: ((عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم سئل وقال إبراهيم سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أولياء الله قال: ((الذين إذا رأؤوا ذكر الله))، وفي حلية الأولياء للأصبهاني (3/261)، بلفظ: ((عن سعد، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أولياء الله؟ قال: ((الذين إذا رؤوا ذكر الله)).
  34. سبق تخريجه.
  35. المعجم الكبير للطبراني، رقم: (1702)، (2/171)، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ سُفْيَانَ، بلفظ: «مَا أَسَرَّ عَبْدٌ سَرِيرَةً إِلَّا أَلْبَسَهُ اللهُ رِدَاءَها إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ».
WhatsApp