تاريخ الدرس: 1981/04/21
في رحاب الآداب والأخلاق
مدة الدرس: 01:15:12
في رحاب الآداب والأخلاق (114):
صلاة المسافر وصلاة الخوف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين:
صلاة السفر في الأصل ركعتان
سأل حُمَيْد الضَّمْرِيِّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فقال: “إِنِّي أُسَافِرُ فَأَقْصرُ الصَّلاةَ فِي السَّفَرِ؟ أم أتمّها؟” فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا: “لَست تَقْصُرُها، وَلَكِن تَمَامُهَا وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ”، فهذا السائل يسأل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: إذا كنت في السفر هل أقصر الصَّلاة الرباعية إلى ركعتين أم أتمّها أربع ركعات؟ فأجابه: إنك لست تقصرها؛ يعني لو صليتها ركعتين فإنها لا تعتبر قصراً، وإنما تعتبر صلاة كاملة؛ لأنّ صلاة السفر لم تُشْرَع أربعاً ثم صارت قصراً، فهي في الأصل ركعتان، فإذا صليتها ركعتين فهذا ليس بقصر عن الأربع؛ لأنها في الأصل هي ركعتان، فتعتبر هاتان الركعتان تماماً، ومن هذا المنطلق قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: بأنّ القصر في الصَّلاة واجب.. قال ابن عباس رضي الله عنه: “وَلَكِن تَمَامُهَا وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ”.
صلاة رسول الله ﷺ والخلفاء من بعده
قال: “خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، آمِنًا لا يَخَافُ إِلا اللَّهَ”؛ لأنّ الآية تقول: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاة إِنْ خِفْتُمْ﴾ [سورة النساء: 101] فقد نصّ القرآن على القصر في حال الخوف، فلو اقتصرنا على القرآن، ولم نأخذ بالسنّة فعندئذ لا يجوز للمصلي أن يقصر في السفر، ولكن النَّبي ﷺ قال: ((أوتيتُ من الحكمة بمقدار القرآن على مرتين)) 1 ، وقال الله عزَّ وجلَّ: ﴿ومَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [سورة النجم: 3-4]، قال: “خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، آمِنًا لا يَخَافُ إِلا اللَّهَ فَصَلَّى اثْنَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ، ثم خرج أبو بكر رضي الله عنه لا يخاف إلا الله فَصَلَّى ركعتين حَتَّى رَجَعَ، ثم خرج عمر رضي الله عنه آمناً لا يخاف إلا الله فَصَلَّى اثنتين حَتَّى رَجَعَ، ثمّ فعل ذلك عثمان رضي الله عنه ثلثي إمارته أو شطرها ثم صلاها أربعاً، ثم أخذ بها بنو أمية”.
جواز قصر الصلاة وإتمامها في السفر
قال ابن جريج: “فبلغني أنه أوفى أربعاً بمنى فقط”، أي أن سيدنا عثمان رضي الله عنه صلّى الصلاة الرباعية أربعة تامةً في منى فقط.. “من أجل أن أعرابياً ناداه في مسجد الخيف بمنى: يا أمير المؤمنين ما زلت أصليها ركعتين منذ رأيتك عام أول صليتَها ركعتين”، أي أنه قال لسيدنا عثمان رضي الله عنه: لقد حججت السنة الماضية معك، ورأيتك قد صليت الظهر ركعتين والعصر ركعتين، ومنذ ذلك الوقت حتى الآن، أي من سنة كاملة وأنا أصلي الرباعية ركعتين، وهو بدوي [لا علم عنده]، فظنّ أنّ الصَّلاة الرباعية ركعتان في منى وفي كلّ الظروف والأماكن، ولم يعلم أن الصَّلاة تقصر في منى لأجل السفر، وفي غير منى وفي غير السفر تُصلى الأربعة كما هي، قال: “ما زلت أصليها ركعتين منذ رأيتك عام أول صليتها ركعتين، فخشي عثمان رضي الله عنه أن يظنّ جُهال النَّاس أن الصَّلاة ركعتين، وإنما كان أوفاها بمنى” 2 ، “أوفاها” يعني جعلها وافية في منى أربع ركعات، خشية جهل أعرابي آخر قد يفهم كما فهم ذلك الأعرابي الأول.. ومما يدلّ على أنّه يجوز قصر الصَّلاة وإتمامها في السفر هو أن النَّبي ﷺ والصحابة لم يستعملوا لها شكلاً واحداً، فمرّة كانوا يتمونها لما يرون بأنّ في الإتمام حكمة ومصلحة وفائدة وخوف سوء فهم الجاهل كذاك الأعرابي، فقد قصر النَّبي ﷺ في منى، وكذلك أبو بكر رضي الله عنه، وعمر رضي الله عنه، وعثمان رضي الله عنه حتى منتصف خلافته، ولما صارت معه هذه الحادثة تغيرت الأحكام بتغير المناسبات والظروف والزمان والمكان.
الشرع هو من يغير الأحكام بتغير الأمكنة والأزمان
فأنت لا تستطيع تغيير الحكم؛ لأن الأصول لا تتغير، ولكن إذا كان في الشرع عدة أقوال وكلّها صحيحة، وقد أوتيت الحكمة فعندئذ تعرف كيف تستعمل كلّ شيء في مكانه.. فمثلاً لما صلّى الإمام الشافعي صلاة الصبح عند قبر الإمام أبي حنيفة، وقد ثبت القنوت والدعاء في صلاة الفجر في مذهبه، رغم ذلك لم يقنت عند قبر الإمام أبي حنيفة، فقالوا له: لم تقنت ومذهبك فيه القنوت، قال: “أدباً مع صاحب هذا القبر”.. فانظروا يا بنيَّ إلى أدب العلماء مع بعضهم بعضاً حتى بعد الوفاة، فكيف لو صلّى مع الإمام أبي حنيفة وهو حيّ، فماذا كان يفعل؟ فقد ترك اجتهاده لاجتهاد أبي حنيفة وهو ميّت، فهذا هو الأدب وهذا هو خُلق العلم، فيجب أن يكون مع العلم أخلاقه وأدبه، وكذلك التقوى والذكر والخشوع والقلب المملوء بالحكمة، ((من أخلص لله أربعين صباحاً تفجَّرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه)) 3 .. فهنا لم يقنت الإمام الشافعي رحمه الله.
أدب العلماء وأخلاقهم مع بعضهم
سألني أحدهم مرّة فقال لي: “كيف يترك الإمام الشافعي سنّةً من أجل أبي حنيفة؟ هل الأدب مع النَّبي ﷺ أفضل أم الأدب مع أبي حنيفة أفضل؟” قلت له: “لا، الأدب مع النَّبي ﷺ أفضل”، قال لي: “إذاً كيف يترك سنّة النَّبي ﷺ من أجل أبي حنيفة؟” قلت له: “لم يترك سنة النَّبي ﷺ؛ لأنه ثبت عنده القنوت، وثبت عنده عدم القنوت، فكلاهما سنّة”، والنَّبي ﷺ لم يقنت طوال عمره بشكل دائم ومتواصل، ولو قنت بشكل متواصل لكان أبو حنيفة قنت، وكذلك لم يترك القنوت أيضاً بشكل دائم ومتواصل فتارةً وتارة، فأراد الإمام الشافعي أن يحيي سنّة القنوت، وأراد الإمام أبو حنيفة أن يحيي سنّة عدم القنوت، وقد أراد الإمام الشافعي هنا أن يظهر أدب العلم وأخلاق العلماء؛ لأجل أن يتأدب الشافعية مع الأحناف، وليتأدب العلماء مع بعضهم بعضاً إن كان مذهبهم شافعياً، فلا يُعرف المذهب الشافعي برفع الأصبع وعدم رفعها أو برفع اليدين فقط.
كيف كان يمضي الليل عند الشافعي وعند الحنفي
وإذا أردنا أن نعرف المذهب الحنفيّ فمن خلال ورعه عندما لم يستظل بظلّ دائنه، أو نعرفه أنّه كان يصلي الصبح بوضوء العشاء أربعين سنة، نحن لا نريد منك أربعين سنة، وإنما اجعلها أربعين يوماً أو أربعين ليلة، فكم تمثل الأربعين ليلة من أربعين سنة بالمائة أو بالألف؟ وكان إمام المذهب الشافعي يقضي ثلث ليله للعلم لا للغو والبطالة، والثلث الثاني للنّوم وحقّ الجسد والثلث الثالث للتهجد، وبعد أن يصلي صلاة الصبح جماعة يذكر الله عزَّ وجلَّ حتَّى تطلع الشمس.. أين طالب العلم الشافعي؟ أيكم يا طلاب العلم مذهبه شافعي؟ وهل تقتدون بالمذهب الشافعي؟ كذلك الإسلام، [فمن يمشي على المذهب الشافعي أو الحنفي يأخذ منه بعض القشور، وكذلك المسلمون يأخذون بعض القشور من الإسلام] فالنَّاس اليوم يأخذون من الدّين أبسطه وأرخصه وأقلّه كُلْفَة على النّفس أو ما يوافق هوى النّفس، يجب عليك أن تأخذ الدّين كلّه؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ﴾ [سورة المزمل: 20]، بالطبع هذا ليس دائماً وفي كلّ الأوقات، فقد كان النَّبي ﷺ مرّة في سفر فلم يستيقظ حتَّى طلعت الشمس، وفاتته صلاة الصبح، فقد كان في سفر وجهاد وتعب، رغم أنه قد وضع حارساً، وهو سيدنا بلال حتَّى يوقظهم، ولكن الحارس أيضاً كان متعباً فنام، قال له: أين الصبح يا بلال ؟ فقال له: “يا رسول الله أخذ بي الذي أخذ بك”، أي أن النّوم غلبك وغلبني أنا أيضاً، قال له: ((ولكن الشيطان دهده لك حتَّى نمت، قوموا من هذا المكان فإنّ فيه شيطاناً)) 4 .
أثر الأمكنة على النفس
فانظروا إلى الفقه النبويّ، فالمكان الذي حصل فيه قصور في الطاعة مع أنه لم يحصل فيه معصية ولا كفر، رغم ذلك لم يرد النَّبي ﷺ الإقامة فيه، معنى ذلك أن المكان له أثر على النّفس.. لماذا كانت الصَّلاة في الحرم المكيّ بمئة ألف صلاة؟ ولماذا لم يقبل النَّبي ﷺ أن يصلي في هذا المكان مع أن المسارعة إلى مرضاة الله واجبة، وخاصة مثل القضاء، فيجب علينا أن نسارع بأدائه، ولكن ما دام هذا المكان قد حصل فيه قصور في الطاعة، إما من شؤم المكان أو من شؤم الرفاق والأصحاب والسكان فيجب تركه.. فإذا ذهبت مع أحدهم وقصّرت في طاعة الله لا تصحبه، هذا إذا كنت تريد أن تفهم السنّة فهكذا تفهم السنّة.. وانظر إلى فقه سيدنا عثمان رضي الله عنه، وما أعظم فقهه! فلما رأى بأنّ قصر الصَّلاة التي هي الأصل في منى، سينشأ عنها مفسدة، “فدرء المفاسد مقدّم على جلب المصالح”.
أول ما فرضت الصَّلاة ركعتين
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاَةَ أَوَّلَ مَا فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَتَمَّهَا لِلْحَاضِرِ، وَأُقِرَّتْ صَلاَةُ المسافر عَلَى الْفَرِيضَةِ الأُولَى)) 5 ، فهذا يلتقي مع مذهب الإمام أبي حنيفة أو أخذ به الإمام أبو حنيفة، فصار القصر في مذهبه واجباً وعزيمةً وليس رخصةً.. والحديث الذي بعده وهو أيضاً عن عائشة رضي الله عنها: ((من صلّى أربعاً في السفر فحسن، ومن صلّى ركعتين فحسن، إنّ الله لا يعذبكم على الزيادة ولكن يعذبكم على النقصان)) 6 ، والنقصان لا يعني القصر، وإنما النقصان عما طَلَب وفَرَض، كما لو طلب منك أربعاً وأديتهم اثنتين، أما لو طلب منك اثنتين وطلب كذلك أربعاً، فصليتها أربعاً فلا حرج، والمقصود أن الإنسان في بعض الأوقات يرى في نفسه نشاطاً وفي قلبه انشراحاً وشوقاً إلى الله وإلى ذكره فليطل مناجاته مع الله عزَّ وجلَّ، فليصلهم أربعاً إن كان متفرغاً، وعليه ألا يكون متفرغاً، لأن النَّبي ﷺ قال: ((إنّ الله يكره العبد البطال)) 7 .
الرخصة في محلّها عزيمة
ولو أراد أن يصلّي ركعتين قصراً، ويصلي بعدها ما شاء من النوافل فلا حرج، أي لا تجعلوا هذه الأمور موضع خلاف، فالخلاف دائماً على النّفع والضرر، وعلى الكمال والنقصان، أما إذا كانت قضية فقهية وورد فيها دليل شرعيّ، وعمل بها إمامٌ من الأئمة، ورأينا أحد المسلمين عمل بها؛ لأن “مَنْ قَلَّدَ عَالِماً لَقِيَ اللَّهَ سَالِماً”، ولقول النَّبي ﷺ: ((إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ)) 8 ، فالرخصة في محلّها عزيمة كما أن العزيمة في غير محلّها ليست بعزيمة، ولكنك تحتاج إلى الحكمة مع العلم وهي وضع الأشياء في مواضعها، وصواب القول والعمل.
المقيم عند الحنفية هو من نوى الجلوس أكثر من خمسة عشر يوماً
قال: وعن نافع أنّ ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول: “إذا أجمعتَ أن تُقيمَ اثنتي عشرةَ ليلةً فأتمّ الصَّلاة” 9 عند المذهب الحنفيّ خمسة عشر يوماً، ولعل بعض الأئمة قد أخذوا بهذا الحديث إذا صحّ عندهم، أمّا عند المذهب الشافعي إن نوى إقامة أربعة أيام غير يوم الدخول ويوم الخروج فيعتبر مقيماً من أول يوم، فالمذهب الحنفيّ فيه سعة أكثر، فإن نوى إقامة خمسة عشر يوماً يصير مقيماً من أول يوم، فعلى المذهب الحنفي إن نوى الإقامة كما لو ذهب إلى بيروت وأراد أن أن يتمّ خمسة عشر يوماً [أو أكثر] مع يومي الدخول والخروج يعتبر مقيماً، ويعتبر مقيماً من أول يوم إن نوى ذلك.
إتمام المسافر إن اقتدى بمقيم
وعن أبي مُجْلِز قال: قلت لابن عمر: “أدركت ركعتين من صلاة المقيمين وأنا مسافر، فقال: صلِّ بصلاتهم” 10 ، أي إذا دخل مسافر على الجامع فرأى الإمام مثلاً في بيروت، فهل الإمام مقيم أم مسافر؟ بل مقيم، فاقتدى المسافر به فصلّى الإمام الظهر أربعاً، فكم ركعة يصلي المسافر؟ يصلي مثله، فإن اقتدى المقصر أو المسافر بمتمٍّ وجب عليه الإتمام.. وهذا ذوقٌ [كناية عن لطف وجمال وكمال الأحكام الإسلامية] حتَّى لا يختلف المسلمون بالشكليات، ومع أنه مسافر مرّخص له بقوله تعالى: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاة﴾ [سورة النساء: 101]، وصلاة المسافر في الأصل ركعتان، فخرج عن الأصل والحكم الخاصّ به، حتَّى لا يظهر في المسلمين اختلاف وتنافر في الأعمال والشكليات، فأين الفقه؟ فهل الفقه فقط أن تعرف أن عدد الركعات أربعاً، وانحناء الجسد في الركوع وحركات السجود ولا تعرف حِكْمَةَ الأحكام؟ فيجب أن تعرف الأسباب الموجبة لكلّ حكم، والغاية من تشريعه، فتجد أنّ الإسلام كلّه ذوق وألفة واجتماع وتعاون، فكلّ شيء يخرجك من التعاون إلى التنافر، ومن الاتفاق إلى الاختلاف، ومن الحبّ إلى العداوة، ومن القُرب إلى البُعد، فهذا خروج عن جادة الإسلام وسير في جادة الهوى وطاعة الشيطان، فلا تحتج وتقول: أن هذا علم وهذا مناف للعلم، فهذا هو الهوى والجهل، فإذا لم تعرف الحكم فاسأل، وإذا سمعت فلا تحكم حتَّى تتبين أو تسأل.
كراهة القيل والقال
ولا تحكم على أخيك المسلم بمجرد القيل والقال، فقد ((كان النَّبي ﷺ يكره القِيلَ وَالقَال)) 11 ، ومعنى “يكره” أي لا تجعل أساس معلوماتك من قيل وقال، يقولون: “بين الكذب والصدق أربعة أصابع”، فالأذن تكذب، أمّا العين قَلَّ أن تكذب، وقد تكذب أحياناً فترى الشمس كالرغيف وهي أكبر من الأرض بمئات الألوف ولكن هذا نادر.
فقدان الألفة والوحدة بين المسلمين اليوم
فالشاهد قال: “صلِّ بصلاتهم” أي صلاة المتمّ.. كان [مَن مذهبه] شافعي قبل ثلاثين أو أربعين سنة لا يصلي وراء من مذهبه حنفيّ، مع أن الإمام الشافعيّ لما جاء إلى الإمام الحنفيّ ترك القنوت كلّه أدباً وألفةً وجماعةً.. وكانوا لا يصلون الوتر وراء بعضهم بعضاً، وإنما يجعل كلّ واحد منهم محراباً لنفسه، فكان لأبي بكر رضي الله عنه محراباً، ولعمر رضي الله عنه محراباً، ولعثمان رضي الله عنه محراباً، ولعلي رضي الله عنه محراباً، [كان تعدد المحاريب في بعض المساجد موجود ولا زال بعضها في دمشق، فكان مثلاً المصلون الشافعية يصلون الفجر، ولما ينتهون يصلي الأحناف في محراب آخر أو في المحراب نفسه، ويوجد أربعة محاريب في المسجد الأموي الكبير وهو أكبر مسجد في دمشق، وكان سماحة الشيخ يلقي بعض دروسه هناك، ويمتلئ المسجد بالحضور] وأنا كنت أتضايق من ذلك، وقد زالت الآن، ولكن ما عُوضنا خيراً، فقد صار أحدهم وراء لينين [رئيس الاتحاد السوفيتي سابقاً، ثوري ماركسي ومؤسس المذهب اللينيني السياسي] والآخر وراء ستالين [أمين الحزب الشيوعي السوفيتي] وآخر وراء ماركس [فيلسوف يهودي ومفكر سياسي ألماني] وغيره وراء مارتيل [قائد عسكري فرنجي]، أما إذا أردنا أن نرجع إلى الله ورسوله فهذا لن يصير من تلقاء نفسه، ولن يصير بالدعاء أيضاً.. هل نال النَّبي ﷺ النصر بالدعاء فقط؟ بالطبع لا، بل جاهد مع الدعاء، وأعدّ قبل الجهاد شروط الجهاد ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ﴾ [سورة الأنفال: 60]، لقد فقد المسلمون اليوم الفقه الفكريّ والفقه القلبيّ، فالفقه القلبيّ يعطيك القوة والنشاط على طاعة الله، والفقه الفكريّ يُعَرِّفُكَ كيف تسير، فهم يريدون إسلاماً بلا فقه فكريّ وبلا فقه قلبيّ، وإنما بالدعاء فقط.
الإسلام لا يكون بالتمني ولا بالدعاء وإنما بالعمل
ما هكذا عَلَّم النَّبي ﷺ الإسلام للمسلمين، وإنما علّمهم إسلام العلم والعمل، أما الأمانيّ التي هي الدعاء، بأن يصعد الشيخ على المنبر ويقوم بالدعاء وهم يأمّنون من بعده وانتهى الأمر، بل عليكم أن تقوموا وتعملوا بموجب هذا الدعاء، فإذا دعا الله أن يردنا للإسلام، قالوا: آمين، لكن كيف يكون الردّ؟ بالعلم، إذاً قم يا شيخي لتُعَلِم، فإن لم يأتوا فاصبر.. لما قام النَّبي ﷺ بالدعوة إلى الله، فهل أقبل كلّ النَّاس عليه؟ لا، فقد كانوا يرجمونه بالأحجار، وكان يمشي وراءه أبو لهب يقول: “لا تصدقوه فإنه كذّاب”، هل قام أحد المشايخ منكم بالتدريس فقعد في درسه من يقول للناس: لا تصدّقوه فإنّه كذّاب؟ هذا لم يحدث، أم هل هناك من رجموه بالأحجار؟ إذاً فلماذا لم تقم وتعلِّم وتؤدِ الأمانة؟ والله عزّ وجلّ قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [سورة النساء: 58]، ولكن إذا كان الشخص ميتاً، فمهما أمرناه فلن يأتمر ومهما نهيناه فلن ينتهِ، فإذا كانت عورته مكشوفة، وقلنا له: “استحِ واستر عورتك”، فهل يسترها؟ لا يفعل.
إحياء القلوب قبل الدعوة والعمل
فيجب أن نشتغل بالإحياء قبل الأمر والنهي، بإحياء القلوب الميّتة، فقد صار قلب الشيخ ميّتاً عن الله؛ فهو لم يدخل مدرسة وفقه القلوب، ولم يصر له طبيب القلوب، فإذا كان طبيب العيون يأخذ على العملية خمسة آلاف، ونريد أن نقيّم عملية عمى القلوب، فيجب أن تدفع لعملية عمى القلوب خمس مئة ألف، فإذا التقيت بطبيب يداويك مجاناً، ورغم ذلك تتدلل عليه وتترفع عنه! أسأل الله عزّ وجلّ أن يرحم المسلمين.. والله لو كان طبيب القلوب بسيبيريا وزحفنا إليه على بطوننا زحفاً ومشينا على الأربعة، ووصلنا بعد عشر سنوات لا نكون قد ركبنا أمراً شططاً، والله هذا هو الواجب، ولو كان أكثر من هذا وأضعاف ذلك لوجب علينا فعله.. فأسأل الله أن يوفقنا.
يبقى حكمه حكم المسافر ما دام العذر موجوداً عند الحنفية
وعَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَقَامَ بِأَذْرَبِيجَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، ولم يستطع أن يخرج من البرد ولم يُرِد الإقامة 12 ، وهذا في المذهب الحنفي وحتى لو بقي عشر سنوات مادام مسافراً، ونوى أنه عندما يتوقف البرد أو الثلج سيعود، واستمر البرد والثلج فيبقى حكمه حكم المسافر ويترخص برخص السفر، وأما نحن في المذهب الشافعي إذا كان لا يدري متى ينتهي عذره فلا يزيد على..
الجمع في اليوم المطير
وجمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بين الظهر والعصر في يوم مطّير 13 ، يجوز في المذهب الشافعيّ الجمع جمع تقديم في يوم المطر إذا كان الجمع في المسجد، أما الجمع في البيت فلا يصح، حرصاً على صلاة الجماعة، رغم أن الحجاز ليس فيها طين؛ لأنّ أراضيها رملية، ومع ذلك هي رخصة من الله عزّ وجلّ رخصها لعباده، في مذهب الشافعيّ أتذكر في متن الزُبد يقول بشرط
إنْ أمْطَرَتْ عند ابْتِداءِ البَادِيَةْ وَخَتْمِهَا وفي انتهاءِ الثَّانِيَةْ لمن يصلي الجَمْعَ من مسجدٍ أُتِي إليه مِنْ بُعْدٍ خِلافَ الجُمْعَة
“لمن يصلي الجَمْعَ”: يعني جماعة.. “خلاف الجمعة”: فصلاة الجمعة ليس فيها جمع، فالشرط أن يكون قد أتى من بعيد وأن يصليها مع الجماعة، وأن تكون المطر في الأول وفي الأخير، أي في الصَّلاة الأولى وفي أول الثانية.
الجمع بغير سبب
قال: ((جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ سَفَرٍ وَلا مَطَرٍ، قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: لِمَ تُرَاهُ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَرَادَ التَّوْسِعَةَ عَلَى أُمَّتِهِ)) 14 ، وهذا قول ضعيف في المذهب الشافعي أنه يجوز جمع التقديم في الحضر لمن لم يجعله عادة وديدناً، وهذه الرخصة ورد بها هذا الحديث، ويجوز الجمع عند إخواننا الشيعة في الحضر دائماً بعذر أو بغير عذر، لكن نحن نقول: لعل هذا يصح في حالات الضرورة، كما لو أن رجلاً كان مجنّداً ولا يستطيع أن يصلي في الوقت الفلاني، فإذا جمع يكون دليله هذا الحديث النبويّ.
الرخص دواء تستعمل عند الحاجة
وكذلك يجوز في المرض
والجمع بالتقديم والتأخير بِحَسَبِ الأَرْفَقِ للمعذورِ في مرضٍ قولٌ جَلِيٌّ وقويّ
فيجوز الجمع في ظروف وفي حالات معيّنة.. أتاني قبل يومين أحد الإخوان وقال لي: أنا في بعض الأوقات لا أصلي لأنني لا أستطيع، فإن صليت تضررت، فعندئذ نأخذ بهذا القول.. ولكن إن كان الرجل ليس عليه ضرر ولا خطر فلا يعمل بهذا الحديث؛ لأن في هذا تهاوناً في الدّين ورقّة، فهل يستعمل زيت الخروع كلّ يوم على الإفطار؟ [زيت الخَرْوَع: زيت يُستخدم طبياً عادة لإفراغ المعدة من الطعام، مما ينتج عنه إسهال شديد] فإن استعمله لصار يركض لقضاء حاجته، ولكن يستعمل هذا الزيت عند الضرورة، فالرخص دواء تستعمل عند الحاجة.
صلاة الخوف
صلاة الخوف قد لا تحدث معنا الآن، وقد تحدث، ولها أنواع، فقد صلاها النَّبي ﷺ بأشكال وبحسب الظروف التي كانت مسيطِرةً ومُسَيِّرةً.. فلنقرأ على كلّ حال؛ لأنّه توجد آية في سورة النّساء عن صلاة الخوف.
وصلاة الخوف تكون في حال الجهاد، كما لو كنّا نحارب إسرائيل، فلا يصح للجيش أن يترك الصَّلاة، وليس الصلاة فقط وإنما الجماعة في الصَّلاة.. فأين نحن يا بنيَّ؟ وأين إسلامنا؟ فإذا كنا نشرب الخمر بدلاً عن الصَّلاة، وإذا كنا نزني عوضاً عن صلاة الجماعة، ثم يقول المشايخ: “اللهم انصر الإسلام والمسلمين!” هذه الدعوة لا تدعوا بها، فهي ليست واردة أبداً [ليست مناسبة قطعاً]؛ لأنّه لا يوجد جيش يلتزم بأحكام الإسلام والمسلمين حتَّى تشمله هذه الدعوة، قل: “اللهم انصر تاركي الصَّلاة” حتَّى لا تكون كاذباً في الدعاء، قل: اللهم انصر السكارى وانصر أهل القمار وانصر العرب وانصر القوميين والاشتراكيين، حتَّى إذا طلعت الدعوة فلا يقول الله: إن هذا الإمام كاذب، فأين الإسلام حتى أنصرهم؟
العلم علمان علم اللسان وعلم القلب
ما هو الإسلام؟ وهل أنتم الآن مسلمون؟ ما هو شغلك أنت؟ تاجر، فما معنى التجارة؟ وما هي تجارتك؟ تجارة المعاطف، ما هي تجارة المعاطف؟ أي أن نشتري المعاطف في الجملة ونبيعها مفرقة، وأنت ماذا تعمل؟ موظف في المحكمة، ما هو الإسلام؟ قد عرفنا ما هي تجارة المعاطف؛ مال وبيع وشراء ودكان وإلخ، إذن ما هو الإسلام؟ الإسلام علم، ولكن أيّ علم؟ ليس علم الكتاب فقط؛ فعلم الكتاب فقط يجعلك منافقاً، أي “عليم اللسان جهول القلب”.. فهل صار عندك علم القلب؟ لأن النَّبي ﷺ قال: ((الْعِلْمُ عِلْمَانِ: عِلْمُ اللِّسَانِ وعِلْمُ الْقَلْبِ)) 15 ، هكذا قال النَّبي ﷺ، فالعلم ليس واحداً، وإنما فصلان وشيئان، فالصَّلاة ركوع وسجود، وإذا كانت ركوعاً من غير سجود أو سجوداً من غير ركوع فلا تصح.. فإذاً يا شيخي أنت منافق ولست بعالِمٍ، ولكن اتركها بيننا وبينك، [“اتْرُكْها بيني وبينك” مثل عامي بمعنى اجعلها سراً بيننا، ولا تخبر بها أحداً] فاذهب وتعلم علم القلب، فالطير لا يطير بجناح واحد، فإن طار بجناح واحد أكلته القطط والكلاب، وأنت كذلك صرت غداءً للشيطان، لأنك لم تتعلم علم القلب، فإن قلت له: عليك أن تتعلّم علم القلب، فيقول لك: لا، لا أريد أن أتعلم.. انظروا إلى قلة عقله، تعلم ليصير علمك نافعاً لنفسك وللمسلمين وتؤتى الحكمة، وحتَّى ينقل الله بك الخلق من الظلمات إلى النور، وحتَّى يعزّك الله بعزّ العلم، ولكنك أنت تذلّ العلم فسيذلّك الله، وأنت مبتعدٌ عن الله فسيُبْعِد الله نِعَمَهُ عنك، فأين أثر العلم فيك؟
قصة: أريد مئة جلدة
فهذا التاجر يشتغل فيلبس النَّاس معاطفاً وبدلات، فماذا ألبستهم أنت؟ هل ألبستهم لباس التقوى؟ وهل ألبستهم لباس خشية الله ومحبته وذكره؟ وهل ألبستهم لباس الحكمة ولباس الفكر؟ تراه قرأ فقط وأخذ شهادة ووضعها على الجدار.. أنت بحاجة في كل يوم كما في حكاية ذاك الشاعر الذي كان كلّما دخل على الخليفة يسامره ليضحكه ويبسطه، فيعطيه الخليفة جائزة كلّ يوم، فحسده رئيس الديوان، وقال له: والله لا أدخلك اليوم حتى تشاركني العطاء، فقال له: أقبل، ولكن بكم؟ قال له: النصّف، فقبل، ولما أضحك الملك وسره قال له: تمنّى عليّ، قال له: “أريد مئة جلدة”، قال له: “لماذا مئة جلدة؟” قال له: “وحياتِك، لا أخرج من عندك إلا بمئة جلدة”، فأتوا بالجلاد فقال له: “اضربه خمسين جلدة”، فقال له: يكفي هذا، قال له: ولماذا؟ قال: لي شريك في الخارج والباقي من نصيبه، فسأله الملك عن القصة، فحكى له، فجلد الشريكَ الخمسين الباقية.. وكذلك أنت ستهان وتهين العلم معك، لماذا لا يرغب أحد الآن بأن يكون طالب علم؟ فلو بحث طالب العلم عن أهل القلوب، واللهِ العظيم لو كان الشيخ موجوداً في برك الغماد [إحدى محافظات منطقة عسير على طريق الساحل الغربي جنوب غرب المملكة العربية السعودية] أو في قاع البحر أو كان في موسكو أو في بلغراد فاذهب إليه.
فتش عن عالم القلوب
ذهب مولانا خالد من كردستان إلى الحجاز ثم إلى الهند يفتّش عن الشيخ العالم اللّدني؛ عالم القلوب، أما أن يوجد عالم اللسان فقط.. لذلك لا زال المسلمون في تراجع إلى الوراء، فإذا قلنا إن حال الجيش هكذا؛ فهذا بسبب الشيخ، فإن قلت: بأن الجيش لا يرضى، لقلنا لك: بأنك لو كنت صاحب قلب لرضيَ.. فقد أدخل شيخ واحد جيش التتر كلّهم في الإسلام، ونقلهم من الكفر إلى الإيمان، الجيش هنا [في بلادنا] يقول: “ربي الله”، ويقول: “لا إله إلا الله مُحمَّد رسول الله”، لكنك أنت لست بشيخٍ، بل أنت شيخ تقليد [مُزَوَّر غير حقيقي]، فلو أنك أخذت خمس مئة ليرة تقليد وذهبت بها إلى البنك لتصرفها، فأين سيكون مصيرك؟ وإذا ذهبت بها إلى الفندق لتدفعها هناك وهي مزورة، ففي أي فندق ستنام؟ حتماً في فندق الحكومة [يعني السجن، يقولها سماحة الشيخ وهو يضحك].. أسأل الله أن يتوب علينا وعلى المشايخ والعلماء وأن يرزقنا حقيقة العلم كلَّنا وأنا معكم.
الحكمة تقتضي استعمال كل شيء في وقته
فالشاهد أن الرخصة تُستعمل في وقتها وفي مناسبتها، ولما رخص الله لك في وقت السفر وفي وقت المطر وفي وقت المرض وفي حال الأعذار، وترك لك فسحة في ذلك احتياطاً في غير سفر ولا مطر؛ قال: “توسعة على هذه الأمّة”.. فالعبرة أن تستعمل الأشياء في محلّها، أي تضع اللفة على رأسك والنعل في قدميك، فعندما تضع كلّ شيء في مكانه سيظهر فيك الجمال، وأما وضع الشيء في غير مكانه في القول أو في العمل أو في الأكل، كما لو أكلت وأنت لست جائعاً فسينقلب الطعام في جسمك إلى سموم، أو كما لو أنك تكلمت بالكلام الفاحش وغير اللائق أو تكبّرت وأنت في مكان يجب عليك التواضع فيه، أو تواضعت في مكان يجب فيه التكّبر، فإن التكبّر على المتكبر صدقة، كما في قول الله عز وجل:﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [سورة المائدة: 54].
لما كان النَّبي ﷺ في الطواف، قال أهل مكة: “أتاكم أصحاب مُحمَّد وقد أنهكتهم حمّى يثرب” 16 .. والطواف كالصَّلاة، فلما بلغه أنهم نشروا دعاية ضده وهو في أثناء العبادة، فنشر دعاية مضادّة في أثناء الطواف فأمرهم بالاضطباع؛ وهو كشف الكتف الأيمن بالنسبة للإحرام والرداء، وأمرهم أن يركضوا ثلاثة أشواط حول الكعبة، وهو ركض غير متّسع الخطى، وإنما ضيق الخطى، وأمرهم أن يحركوا أيدهم مع السرعة، وهي علامة الرياضيين النشيطين؛ فهذه هي الحكمة، وقد فعل ذلك وهو في الطواف الذي هو كالصلاة، فأسأل الله أن يرزقكم إياها: ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة: 269].. وإذا تكلمنا في غير وقت الكلام، وسكتنا وقت الكلام، وتواضعنا للعدو وتعززنا على المؤمنين، وما قَصرنا في وقت القصر فنكون قد خالفنا الحكمة.
كيفية صلاة الخوف
وبالرجوع لصلاة الخوف، قال: يقوم الإمام وطائفة من النَّاس معه، فيقسم القائد الجيش إلى قسمين: قسم يجعلهم في وجه العدو، وقسم يقتدون به ويصلون معه ركعة، وتكون طائفة بينهم وبين العدو، فإذا صلوا معه ركعة، قاموا للركعة الثانية وهم ينوون المفارقة في قلوبهم، فيكملوا الركعة الثانية وحدهم، ويبقى الإمام واقفاً في الركعة الثانية، ويذهب الذين اقتدوا به وأكمّلوا صلاتهم لمواجهة العدو، ويأتي القسم الذي بقي لمواجهة العدو ليقتدوا بالإمام، والإمام ما يزال قائماً، فيصلوا معه الركعة الثانية، فيسلّم هو منها، وهم يقومون ليكملوا الركعة الثانية.
حكمة القيادة النبوية
ففي حال الخوف وضرب المدافع والقنابل والسيوف، رغم ذلك لم يسامح النَّبي ﷺ بترك الجماعة في الصَّلاة.. ولما خالف الرماة أمره، ومع كلّ هذه الاحتياطات ورغم أن النَّبي ﷺ كان هو قائدهم ما كُتب لهم النصر، مما يدلّ على أنّ الإسلام الحقيقيّ يطلب منك أن تستكمل كلّ الوسائل الرّوحيّة والعباديّة، وتستكمل الفرائض والسنن، وتستكمل فنون الحرب وقواعد الحرب الماديّة، فإذا كان لديك مدفع يرمي عشرة كيلو متراً، ولدى العدو مدفع يرمي عشرين كيلو متراً فهل يصح أن تدخل المعركة؟ لا يصح؛ لأنّ النّصر مضمون للعدو في مثل هذه الحالة حسب قواعد الحرب، حتى لو كان النَّبي ﷺ هو قائدك فلن ينصرك الله، لماذا تحمّل النَّبي ﷺ الاضطهاد وكلّ أنواع الإيذاء والاستهزاء والسخرية وتعذيب أصحابه عشر سنين ولم يحارب؟ لأنّ الحرب للنّصر، أمّا إذا كانت نتيجة الحرب الهزيمة، فيصير الحرب حراماً.
فقد تحمس الصحابة بعاطفة الشباب، ولكن لا يصح للقيادة أن تحمل عاطفة الشباب، بل يجب أن تستعمل الحكمة، ليست حكمة القيادة، وإنما الحكمة النبويّة الإلهيّة التي لا تخطئ في أيّ عمل، هل عمل النَّبي ﷺ عملاً وكان مخطئاً؟ وما حدث خطأً كان بسبب مخالفة أمر النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام، وإذا سُجّل خطأ في بعض الأمور الدنيوية مرة أو مرتين حتَّى يُعرَف بأنّ النَّبي ﷺ بشرٌ وليس بإلهٍ، كما قال: ((أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ)) 17 .
سر صلاة الجماعة
قال: ويصلي كلُّ واحدة من الطائفتين بصلاة.. هكذا كان النَّبي ﷺ يحرص على صلاة الجماعة في الحرب، فما أحرانا أن نحرص عليها بصورة خاصة في حال الأمن.. حتى المرأة لا تصلي وحدها في بيتها، فإن لم يكن معها غير الخادمة تنادي للخادمة لتصلي معها، أو تنادي ابنتها أو كَنَّتَها [الكَنَّة: زوجة الابن] لتصلّي معها، ولا تصلي منفردة، فقد قال النَّبي ﷺ: ((صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ عَلَى صَلاَةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً)) 18 ، الفذ: المنفرد.. والمقصود والحكمة والسرّ أن أقربهم إلى الله أعظمهم حياة بالله، فإن كان المصلون يعرفون كيف يجمعون قلوبهم على الله فعندئذ تتصل القلوب بعضها ببعض، فالقوي والأقوى يُمِدّ الضعيف، فنشبع وننتهي من الجوع، كما أننا نشغل المدفأة حتى نتدفأ، كذلك نصلي من أجل أن نذكر الله عزَّ وجلَّ، فإذا صار قلبك ذاكراً، فمن لوازم الذكر أن يصير الخشوع، ومن لوازم الخشوع أن يصير الفيض والنور: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ﴾ [سورة النور: 35]، مثل نوره: أي في قلب المؤمن.
كيفيات صلاة الخوف
كذلك يذكر المؤلف هنا في الكتاب عدة كيفيات لصلاة الخوف، ومعنى هذا ليعلم المسلم كيف يتصرّف عند اختلاف ظروفه، أمّا أن يكون “جمادى الأول أو جمادى الثانية” [كناية عن الجمود والتعصب لرأي وعن البلادة والجهل في التصرف] فلم يكن النَّبي ﷺ كذلك، فقد كان يعطي لكلّ ظرف حقّه، حتى أرباب المذاهب لم يفهموا الأمور هكذا، مع أنه لم يعد هناك مذاهب الآن، وإنما صارت مذاهبنا الأهواء والأنانيات والأغراض، وصار الأتقياء فينا نادرون، فإذا اجتمعت بأحدهم كما قال القائل
تمسك بذيلِ حرّ إن ظفرت به فإنّ الحرّ في الدنيا قليلُ
فضل صلاة الجماعة والحضَّ عليها
يكفيكم ما سمعتم عن صلاة الخوف، ولنتكلم عن صلاة الجماعة، قال سيدنا رسول الله ﷺ: ((صَلَاةُ الرَّجُلَيْنِ يَؤُمُّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ))، أي إن كانا اثنين فأحدهما يصلي إماماً بالثاني، من الذي سيكون إماماً؟ فالعالم يصلي بالجاهل، فإن كانا غير مُتَعلّمَين فالتقي أي الأتقى والأصلح هو الذي يصلي إماماً، وإن كانا متساويين فالأكبر سناً والأعظم قدراً، وذلك بحسب التيسير، قال: ((صَلَاةُ الرَّجُلَيْنِ -ومثله صلاة المرأتين- يَؤُمُّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ مِنْ صَلَاةِ أَرْبَعَةٍ تَتْرَى)) أي لو كررت صلاتك أربع مرات منفرداً أفضل من ذلك أن تصلي صلاة الجماعة وإن كانت مع شخص واحد، ((وَصَلَاةُ أَرْبَعَةٍ يَؤُمُّهُمْ أَحَدُهُمْ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ مِنْ صَلَاةِ ثَمَانِيَةٍ تَتْرَى -متتابعة- وَصَلَاةُ ثَمَانِيَةٍ يَؤُمُّهُمْ أَحَدُهُمْ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ مِنْ صَلَاةِ مِائَةٍ تَتْرَى)) 19 ، ومعنى ذلك أن كلّما كثرت الجماعة في الصلاة كان ذلك أفضل؛ فلعلّ أن يكون فيها من هو صاحب قلب، فأصحاب القلوب يرون الإمداد والاستمداد كما يرى النَّاس زيادة الأعداء إذا كثر الداخلون، فإذا دخل عشرة وبعدهم عشرة صاروا عشرين شخصاً، فمن كان له عينان يرى ذلك، فكذلك زيادة النّور والقُرب والحضور مع الله في صلاة الجماعة إذا وجد معهم صاحب قلب، ولكن بشرط أن يتوجه الباقون إلى الله فعندئذ يجدون عوناً، وإن كان أحدهم ذا حال عالٍ ووُجِد معهم من هو ضائع، فالله يجمع هذا الضائع بغير إرادته.
فالشاهد هو الحضّ على صلاة الجماعة، ((صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةِ الْفَذِّ -يعني المنفرد- بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً)) 20 ، كما لو قال بائع القماش لاحداهنَّ: “أختي، ذراعٌ من هذا الثوب أحسن من ذاك الثوب بسبع وعشرين مرّة”، فكذلك صلاة الجماعة أفضل من صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة، ما معنى ذلك؟ معنى ذلك أنّ الإنسان إذا أمكنه ألا يصلي منفرداً فليفعل.. وفي رواية: ((بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً)) 21 ، إذا صليت خلف إمام ذي نورانية قوية فتصير درجات الجماعة وثوابها أكثر، وهنالك إمام تكون نورانيته أقلّ، فتصير درجات الجماعة فيها أقلّ.
((صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَصَلَاتِهِ فِي سُوقِهِ خَمْساً وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، وَذَلِكَ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ)) أي ليس له غرض أو حاجة عند فلان فأتى إلى الجامع ليراه من أجل أن يقضي له حاجته، وإنما جاء من أجل صلاة الجماعة فقط، ((لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً))، فما أحوجنا غداً إلى رفعة الدرجات، وما أحوجنا إلى زيادة الأعداد والأرقام حتَّى ندخل بها الجنّة، ((وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ)) 22 أي يكفر عنه بها سيئة.
الذنوب التي تُكفر بالأعمال الصالحة
فتكفير السيئات يكون بالأعمال الصالحة، كما في الحديث: ((مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ ولم يفسق خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)) 23 وكذلك الذنوب التي تُغفر بصلاة الجماعة، فالمقصود بالذنوب التي تغفر بالأعمال الصالحة هي الصغائر؛ وصغائر الذنوب هي الذنوب التي لم يرد فيها حدّ، مثل حدّ القتل أو السرقة أو الزنا أو شرب الخمر، أو لم يرد فيها لعن أو غضب إلهي، كقول النَّبي ﷺ: ((لَعَنَ اللَّهُ آكِلَ الرِّبَا)) 24 ما دام قد ورد في أكل الربا لعن؛ فهذا يعدّ من الكبائر، أو ورد فيها تهديد أو وعيد كقوله: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ [سورة المطففين: 1]، أما النظر بشهوة فهو صغيرة من الصغائر إلخ، فهذه التي تغفر بالأعمال الصالحة.
فقه التوبة
أمّا الكبائر فلا تغفر إلا بالتوبة بحسب شروطها وأركانها وفقه التوبة.. عندك فقه الصَّلاة وفقه الوضوء، ولكن هل عندك فقه التوبة؟ فيجب عليك أن تتعلّم فقه التوبة، توجد سورة تسمى سورة التوبة، لكن لا يوجد سورة تسمى سورة الوضوء، مما يدلّ أنّ أمر التوبة أمر هام، فهناك توبة من الكفر إلى الإيمان، ومن حبّ الدنيا إلى محبّة الله ورسوله وجهاد في سبيله، وهناك توبة من الأنانية وحبّ الذات إلى نكران الذات وحبّ رضاء الله عزّ وجلّ.
المسجد مدرسة للعلم والعبادة
قال: ((لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي الصَّلَاةِ مَا كَانَتْ الصَّلَاةُ هِيَ تَحْبِسُهُ))
أي ما دام ينتظر الصَّلاة، هذا إن كان ينتظر الصَّلاة؛ لأن الكلام المباح في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النَّار الحطب، فالمسجد إما لعلمٍ أو لذكرٍ، فإذاً هو مدرسة، أما أن يأتي إلى المسجد كما تفعل النساء عندما يتحلقن حلقات بعد انتهاء الدرس، [سماحة الشيخ هنا يعالج أمراً كان يحدث في المسجد في زمن إلقاء هذا الدرس، وهذا أمر عام وموجود في كثير من المساجد في العالَم] وينقلب الجامع “كالحمام المقطوعة مياهه” [الحمّام العام يكون به عدد من الناس، فإذا انقطعت الماء صار هناك فوضى وصراخ، وصار هذا مثلاً شعبياً، يقال كناية عن الفوضى والضوضاء وشتات الرأي] فهذه المرأة ليست بنت المسجد، وإنما هي امرأة بدوية وأعرابيّة، وقد قال الله عزّ وجلّ: ﴿الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا﴾ [سورة التوبة: 97]، أما إن كان ذلك لأمر بمعروف أو نهي عن منكر، أو دعوة إلى الله أو تألّف امرأة ضعيفة الإيمان فلا مانع، أما اللغو فهذا ممنوع.. تشتكي إليَّ كثير من النساء عن يوم الجمعة خاصةً من اللواتي يأتينَ بأولادهنَّ، فتأتي كل واحدة ومعها كقطيع الماعز، هذه قد أتت بأربعة أولاد، وهذه بخمسة، وقد أحضرت معها لهم الأكل والزاد.. هل الشيخ رمضان هنا؟ الشيخ رمضان جَوَّال [يجول في المسجد ويتفقد دائماً أحوال الحضور]، يحمي الجيش رضي الله عنه.. [الشيخ رمضان ديب: من الجيل الأول من تلامذة سماحة الشيخ كفتارو ومن أياديه التي يعتمد عليها خاصة في رعاية المُجَمَّع وخدمة الدعوة وتربية الإخوان وبخاصة النساء، فتلميذاته من النساء بالآلاف، وقد تربى منذ فتوته عند سماحة الشيخ] فممنوع على المرأة أن تأتيَ إلى المسجد بهذا الشكل، وإن أرادت فلتضع أولادها عند جيرانها أو عند أهلها، أما إذا كانت تريد أن تأتي ومعها من يوسخ المسجد يأكل ويشرب ويشاغب؛ فهذا غير مقبول.
جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ
أتى أحد إخوانكم بزوجته الأوربيّة إلى الجامع فلما رأت ما رأت لم تعد تأتي، قالت له: هذا ليس بجامع، إنما هو مطعم ومقهى، وهي أوربيّة! وقد قال الله تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [سورة الممتحنة: 5]، ونحن قد صرنا فتنة للذين آمنوا، فهذه مثلاً تسكب الماء على الأرض، وتلك توسخ هناك، وهذه يشاغب ابنها ويشوش، وقد قال النَّبي ﷺ: ((جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ)) 25 ، فهذه ليست مسألة اجتهاديّة وإنما فيها نصّ، فنبهوا عليهنَّ من يوم الجمعة، وذكروني يوم الجمعة بورقة أن أنبِّهَهُنَّ حتى يضعنَ أولادهنَّ عند جيرانهنَّ ويأتينَ بلا أولاد؛ لتخشع هي وتخشع رفيقتها، فلا هي تخشع لانشغالها بأولادها، ولا تترك غيرها يخشع، “كالبق لا ينام ولا يَدَع غيره ينام” [البَقّ: البعوض، وهذا مثل شعبي، فالبعوض يلدغك دائماً ولا يدعك تنام] وهي كذلك، هذا هو كلام النَّبي ﷺ، هل سمعت يا شيخ رمضان؟ ضعوا أخَين في الجمعة القادمة يراقبان الوضع بعد أن أنبه عليهنَّ هذه الجمعة، فإن قصدت إحداهنَّ فإنها تفعل، فعندما تذهب إلى سوق الحميدية [سوق شعبي وسط دمشق]، هل تأخذ معها كل أولادها؟ أو إذا دعيت إلى عرس، وقالوا لها: لا يوجد أولاد، هل تأخذ أولادها معها؟! فبيت الله أحق بالحرمة والاحترام والتعظيم، فإن تقصد [ستجد الوسيلة]، كما قيل
إن صح منك الهوى أُرشدت للحيلِ
فالحاجة أُمُّ الاختراع، أما أن تأتي كل واحدة منهنَّ إلى المسجد ومعها خمسة أو ستة أولاد، فلا يستطيع أحد أن يستمع إلى الدرس، ففرق بين أن تأتي إلى المسجد قبل الدرس لتذكر الله عزَّ وجلَّ، ويكون المسجد هادئاً وساكناً: ﴿أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [سورة الفتح: 4]، وبين أن تأتي ومعها هذا الذي يقفز وهذا الذي يصرخ وهذا الذي يلعب وآخر يأكل ويشرب، وفي النهاية يقال إنها قد أتت إلى المسجد! وإنما يجب عليها إن رأت زجاج الجامع متسخاً أو عليه غبار أن تنظفه بمنديلها، أو إن رأت الجامع متسخاً أن تنظفه، ولكن إن كانت هي التي توسخ وكذلك ابنها فستجد صحيفتها متسخة أيضاً، فترجع بالوزر لا بالأجر، وستُكتب لها بكلّ خطوة سيئة، ويُنزلها الله درجة، وإنما يجب عليها أن تأتي بآداب الإسلام التي كان النَّبي ﷺ يعلمها للصحابة الكرام، فأسأل الله يجعلنا منهم.
تصلي المَلائِكَةُ عَلَيْك مَا دُمَتَ فِي مَجْلِسِك الَّذِي صَلَّيت فِيهِ
قال: ((فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي الصَّلَاةِ مَا كَانَتْ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ، وتصلي المَلائِكَةُ عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ)) أي يأتيه مدد من الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء والاستغفار، ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا﴾ [سورة غافر: 7] فهذا الدعاء هو صلاة الملائكة، فيا هَنَاكَ! فما دُمتَ في المسجد تستغفرُ وتذكرُ الله فإن الملائكة تملأ لك البطارية، وتزيدك مدداً، ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ﴾ [سورة الأحزاب: 43]، ويصلي الله عليك أيضاً.. والصَّلاة من الله رحمة ومن الملائكة استغفار ومن المؤمنين دعاء، ((صلِ عليّ يا رسول الله)) 26 ماذا يعني؟ يعني ادعُ لي يا رسول الله، و”صلّى الله عليك يا رسول الله” يعني رحمك الله، فما هي تلك الرحمة؟ النّور رحمة، الوحي رحمة، العلم اللدنّي رحمة، والحكمة رحمة، وإن أنزل الله عليك مكارم الأخلاق ليُخَلِّقَكَ بها فهذه رحمة، وكذلك إن أنزل عليك من فضله ومن فيضه الدنيوي والأخروي، فرحماته لا تحدّ ولا تحصى.
الامتناع في المسجد عن كل أذى
قال: ((وتصلي المَلائِكَةُ عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ، ما لَمْ يُؤْذِ فِيهِ أَوْ يُحَدِثُ فِيهِ)) 27 هل هي يُحدِث أم يُحَدِّثُ؟ يُحدِث أي ينتقض وضوؤه، ولكن ما الدليل على ذلك؟ فهذه تحتاج إلى شرح، ((ما لَمْ يُؤْذِ فيهُ)) هي من حيث اللفظ كلّه محتمل، ((يُحْدِثُ)) قد يُحْدِث بمعنى نقض الوضوء، وقد يُحْدِث حدثاً أي يفعل فعلاً لا يليق بأدب المسجد، كلّ ذلك محتمل، وكلّه يدخل في أنّ المقصود أن يكون في المسجد بمنتهى الأدب والاستقامة ظاهراً وباطناً، فلا يُحدِث فيه حدثاً أصغر ولا حدثاً أكبر، ولا يفعل فيه أيّ فعل لا يليق بحرمة المسجد وقدسيته.
وصلّى الله على سيدنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه، والحمد لله ربّ العالمين.

ملحق

نقاش طويل بين سماحة الشيخ وإخوانه حول إتيان المرأة بأولادها إلى الدرس، ومختصره ما يلي
أتاكم اعتراض نسائيّ، يقال فيه: “سيدي فضيلة الشيخ: المرأة إذا أتت إلى العرس أمكنها أن تضع أولادها عند جيرانها غير أنّ العرس يكون مرّة في الشهر، أمّا الدرس فلعله أن يكون أربع مرّات في الأسبوع، فلماذا لا نخصص غرفة معيّنة تضع النّساء أولادهنَّ فيها؟” أنا أرى أن هذا المنطق صحيح، وهذا قد خطر في بالي، “وتتفرغ واحدة منهنَّ كلّ مرّة للإشراف على الأولاد”، كذلك هو اقتراح ظريف، “قياساً على النّساء اللاتي يذهبنَ إلى المعمل مثلاً، فإنهنّ يضعنَ أولادهنَّ عند المشرفات، وإلا فإنهنَّ من الصعوبة بمكان أن تتمكن المرأة كلّ درس من وضع أولادها عند جيرانها أو أهلها، سيما إذا كان أهلها وجيرانها يحضرونَ الدرس أيضاً، وجزاكم الله عنّا خيراً”.
إذا ًسنكمل لكم البحث على أساس أن الساعة سابقة للوقت، [يقول ذلك سماحته مداعباً، لأن الوقت لهذا الدرس كما قرره من قبل قرابة ساعة، وقد انتهى الوقت، ولمناقشة هذه المسألة يحتاجون إلى وقت إضافي] [يقول الشيخ رمضان: “سيدي يوجد غرفة ولكن الذي يحدث أن إحداهنَّ لا تحضر أولادها فقط، وإنما تأتي بأولاد الحارة معها، فلعلّ الأولاد الذين يجتمعون أكثر من النساء”]، [قال سماحة الشيخ:] يقول الشيخ رمضان: بأن المرأة يأتي معها كثير من الأولاد، ولكن أرى تعبير أولاد الحارة مبالغٌ فيه، [سماحة الشيخ يضحك، وضَحِكُ الحاضرين ظاهر، ومعالجة سماحته لهذا الموضوع فيه روح المحبة والنقاش والمشاركة والدعابة] يجب أن ندافع أيضاً عن المرأة، ونعمل لها نائب عام ينوب عنها، يقال: “لا يموت الدّيب، ولا تفنى الغنم” [مثل شعبي، بمعنى التزام الحد الوسط وأن لا يأخذ أحد الطرفين كل ما يريد على حساب الآخر. والدّيب يعني الذئب]، فقد كان النَّبي ﷺ في زمانه يسمع صوت الولد في المسجد فيخفف صلاته، وهذا مع قوله ﷺ: ((جَنِّبُوا))، فإن أتت هي بأربعة أو خمسة أولاد، فهذا شيء لا يطاق، ولو خصصنا لهم غرفة فلن تكفيهم، فنريد الاعتدال في كل الأمور.
وقد خطر في بالي الذي كُتب في الورقة، ولكن لا يوجد عندنا مكان لذلك، فنحن لم نترك حتى عَرْض أصبع واحد في “الـمَحْضَر” [البناء الجديد] إلا واستهلكناه، وقد جعلنا لكم المسجد سبعة طوابق، هل يوجد مسجد في سوريا أو لبنان أو الأردن مؤلف من سبعة طوابق؟ بالطبع لا يوجد، ولو كنت أستطيع ألا أجعل قبة للمسجد لفعلت، وذلك حتَّى أجعل له طابقاً ثامناً، ولكن الأستاذ خلدون وإخوانه المهندسون قد منعوني من ذلك، ولم يمنعوني هوىً في نفوسهم، ولكن دعائم المسجد لم تعد تتحمل، وقد قاموا بدعمها، وعرّضوا البناء كلَّه للخطر؛ وذلك من أجل خاطر الشيخ، ولو كان لدينا مكان للأطفال ولأمهاتهم لكان ذلك يَسُرُّنا، كما قالت من اقترحت ذلك، ونحن نريد أن نساعدهنّ، وإن أرادت أن تضع كل واحدة منهنَّ على كل ولد ربع ليرة سورية لنُعَيِّن له موظفة تدير الأمر، أو ليتناوبنَ هنَّ على ذلك، ولكن مشكلتنا في المكان، فإذا صار القبو نرتبه لذلك.
ما رأيكم أن نضعهم في مدرسة البنات؟ ونصل لهم المذياع حتى يستمعوا للدرس؟ ما رأيكم في ذلك؟ ولكن يجب أن نجعل لجنة لذلك حتى تنسق الموضوع، ولكن هل اللجنة من الرجال أم من النساء؟ يقال: “جُحَا أَوْلَى بِلَحْم ثَورِه” [مثل شعبي]، يعني: هل ندعهنّ يتحملنَّ المسؤولية؟ ما رأيكم؟ تعال يا شيخ رمضان، [قال الشيخ رمضان: “سيدي: اللجنة حاضرة، والمذياع حاضر، والغرفة حاضرة”] هل تقصد أن كل شيء جاهز في مدرسة البنات؟ [يقول الشيخ رمضان: نعم..] [ويتابع سماحته:] ولكن يجب أن يكون ذلك بِعِلْم الإدارة، فلا نريد أن نحدث فوضى، ويأتي الأولاد ليكسروا ويخربوا، فمن أرادت أن تستلم العمل فلتتحمل هي المسؤولية، إذاً فاسألوا النساء هل رضين؟ [كان جواب النساء: “نعم يا سيدي، وأكثر من الرضا”]، إذاً هذا الأمر جيد وظريف، مَن التي بعثت الورقة؟ أريد أن أعرف، [يجيبون الشيخ: “سيدي: أحدُهم”]، [فيقول سماحته مداعباً:] ظريف هذا الذي هو “أَحَدُهُم”، [الشيخ يضحك ويضحك الحضور] فقد صار محامياً عنهنَّ جميعاً، نحن ظننا أن الورقة مؤنثة، ولكن تبين أنها من ذكر، هذه هي بركة الجماعة، متى ستبدؤون بذلك يا شيخ رمضان؟ [يجيب الشيخ رمضان: “هذه الجمعة إن شاء الله”]، هل ينزل الأولاد إلى الطابق السفلي هذه الجمعة؟ هنيئاً لهنَّ، فهذا لم يَحْدُث لا لأجدادي ولا أجدادكم، [“هذا الأمر ما صار لا لِجَدِّي ولا لِجَدِّك”: مثل شعبي، بمعنى: هنيئاً لك، فقد نلت شيئاً عظيماً] هذا من فضل وكرم وجود ورحمة الله، أسأل الله أن يتمم فضله ومعروفه علينا وعليكم، وألا أخرج من الدّنيا حتى أرى أن المساجد قد صارت دور علم وإيمان وبناء إسلام.. يجب أن يكون المسجد هادئاً وفيه سكينة، والأمر لا يمكن ضبطه مع النساء، فلو وَضَعْتَ للنساء “مخفر شرطة” [قسم شرطة: كناية عن عدد كبير من الشرطة] فلن ينفذنَّ الأوامر، إلا إذا نَصَّبتَ نفسك قاضياً على النساء، وأنت تعرف ما عاقبة قاضي النساء، يقال بأن “قاضي الأولاد شنق حاله” [مثل شعبي، وشَنَقَ حالَه: أي نَفْسَه] أما قاضي النساء قد ينتحر [قال سماحته ذلك ممازحاً وهو يضحك، ويضحك معه الحضور].. إذاً سنضع الأولاد في الطابق السفلي، ومن تريد أن تبقى بصحبة أولادها فتبقى معهم وسيصل الصوت إليها بالمذياع، ومن أرادت أن تصعد للأعلى فلتصعد من غير أولادها، هل اتفقنا على ذلك؟ هيئوا لهنَّ المذياع بعد أن تتفقوا مع إدارة المدرسة، حتى يكون كل شيء جاهز، فهذا من حقوق المرأة، وحقوقها لم تَضِعْ، ولم يَسْتَبِدَّ بها الرجال، والرجال هنا دافعوا عن أخواتهم.
نصلي الضحى لعلّ الله يكتب لكم ثواب حجة وعمرة مقبولتين.
[يجدر التنويه هنا أن سماحة الشيخ أحمد كفتارو- عليه رحمات الله- كان يولي اهتماماً عظيماً لتعليم المرأة ومشاركتها في المسجد وفي كل ميادين الحياة حسب السنة النبوية، وذلك في كل مراحل حياته؛ من شبابه إلى كهولته وشيخوخته، فلما كان يفتح مدرسة للذكور يفتح إلى جانبها مدرسة للبنات، ولما فتح كلية للذكور فتح إلى جانبها كلية للبنات، وهكذا فعل في كل الكليات والبرامج الكثيرة التي أقامها في مُجَمَّعِه، إضافة إلى ذلك فقد كان هناك طوابق خاصة للنساء لحضور الدروس العامة، وكان المسجد مفتوحاً يومياً للنساء من صلاة الفجر إلى ما بعد صلاة العشاء، وكان مكتظاً بحلقات التعليم والتربية طول هذا الوقت، ومما لا يخفى على المطلع أن لسماحة الشيخ في عصره دور كبير في إحياء المرأة المسلمة وتربيتها وتعليمها وبعث إيمانها، والرجوع بها إلى الطريقة النبوية ونهج السلف الصالح.. ولقد قال كثير من المطلعين على أحوال المسلمين في شتى البلاد أن المـُجَمَّع بما فيه من حيوية وحياة ونور وعلم وحكمة وتربية ليس له مثيل في أي مكان في العالم في العصر الحاضر].
وصلّى الله على سيدنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه، والحمد لله ربّ العالمين.
Amiri Font
الحواشي
- أخرجه أبو داود، في السنة: باب لزوم السنة، رقم: (4604)، (2/ 610)، وأخرجه أحمد في المسند، رقم: (17213)، (19/ 64)، بلفظ: ((ألا إني أوتيتُ هذا الكتاب، ومثلَهُ معهُ)).
- مصنف عبد الرزاق الصنعاني، رقم: (4277)، (2/ 519)، المعجم الكبير للطبراني، باب حميد الضمري عن ابن عباس، رقم: (11104)، (9/ 338).
- مسند الشِّهاب القضاعيِّ، رقم: (466)، (1/285)، حلية الأولياء للأصبهاني، (2/349)، بلفظ: ((من أخلص الله تعالى أربعين يوماً ظهرت ينابيع الحكمة على لسانه)).
- صحيح مسلم، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، رقم: (1097)، (3/ 449)، بلفظ: ((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَفَلَ مِنْ غَزْوَةِ خَيْبَرَ سَارَ لَيْلَهُ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْكَرَى عَرَّسَ، وَقَالَ لِبِلَالٍ اكْلَأْ لَنَا اللَّيْلَ، فَصَلَّى بِلَالٌ مَا قُدِّرَ لَهُ، وَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، فَلَمَّا تَقَارَبَ الْفَجْرُ اسْتَنَدَ بِلَالٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ مُوَاجِهَ الْفَجْرِ فَغَلَبَتْ بِلَالًا عَيْنَاهُ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا بِلَالٌ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى ضَرَبَتْهُمْ الشَّمْسُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَهُمْ اسْتِيقَاظًا، فَفَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَقَالَ أَيْ بِلَالُ فَقَالَ بِلَالٌ: أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ بِنَفْسِكَ، قَالَ: اقْتَادُوا، فَاقْتَادُوا رَوَاحِلَهُمْ شَيْئًا، ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى بِهِمْ الصُّبْحَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ: ﴿أَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾))، وفي رواية: قال : ((يا أبا بكر! أين بلال؟! ما أراه إلا أن الشيطان أتاه وأخذ يهدهده كما تهدهد الأم طفلها حتى نام، فقام أبو بكر ونادى بلالاً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين الصبح يا بلال؟! فقال: قبض روحي الذي قبض أرواحك، وفي رواية: ((فقام أبو بكر وقال: أشهد إنك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ارحلوا من هذا الوادي، فإن فيه شيطاناً)).
- السنن الكبرى للبيهقي، رقم: (1697)، (1/533)، مصنف ابن أبي شيبة، رقم: (37142)، (14/ 129).
- مصنف عبد الرزاق الصنعاني، رقم: (4463)، (2/561).
- المقاصد الحسنة، رقم: (246)، (ص:209).
- المعجم الأوسط للطبراني، رقم: (8032)، (8/ 82)، شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (3889)، (3/ 403)،
- مصنف عبد الرزاق الصنعاني، باب الرجل يخرج في وقت الصلاة، رقم: (4342)، (2/ 534).
- مصنف عبد الرزاق الصنعاني، باب المسافر يدخل في صلاة المقيمين ومن نسي صلاة الحضر فذكر في السفر، رقم: (4381)، (2/ 542).
- صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب قول الله تعالى: ﴿لا يسألون النَّاس إلحافاً﴾ [البقرة:273]، رقم: (1477)، (2/ 124)، صحيح مسلم، كتاب الأقضية، باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة..، رقم: (593)، (3/ 1340)، عن المغيرة بن شعبة. ولفظ البخاري: ((إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ المَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ)).
- نصب الراية للزيلعي، باب صلاة المسافر، (2/ 128)، سنن البيهقي الكبرى، باب من قال يقصر أبدا ما لم يجمع مكثا، رقم: (5263)، (3/ 152)، بلفظ: ((عن نافع عن ابن عمر أنه قال: أرتج علينا الثلج ونحن بأذربيجان ستة أشهر في غزاة، قال ابن عمر وكنا نصلي ركعتين)).
- مصنف عبد الرزاق، باب جمع الصلاة في الحضر، رقم: (4440)، (2/ 556).
- مسند أبو يعلى الموصلي، رقم: (2617)، (6/ 226)، مسند عبد بن حميد، رقم: (709)، (1/ 279)، المعجم الكبير للطبراني، رقم: (10651)، (9/ 204).
- مُصنف ابن أبي شيبة، رقم: (35502)، (13/ 235)، بلفظ: ((الْعِلْمُ عِلْمَانِ: عِلْمٌ فِي الْقَلْبِ فَذَاكَ الْعِلْمُ النَّافِعُ، وَعِلْمٌ عَلَى اللِّسَانِ فَتِلْكَ حُجَّةُ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ))، سنن الدارمي، باب التوبيخ لمن يطلب العلم لغير الله، رقم: (364)، (1/ 114)، عن الحسن مرسلاً.
- صحيح البخاري، باب كيف كان بدء الرمل، رقم: (1602)، (2/ 150)، بلفظ: ((عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ وَقَدْ وَهَنَهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ الثَّلَاثَةَ وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ)).
- صحيح مسلم، باب وجوب امتثال ما قاله شرعاً دون ما ذكره صلى الله عليه وسلم من معايش الدنيا على سبيل الرأي، رقم: (2363)، (4/ 1836).
- صحيح البخاري، كتاب صلاة الجماعة، باب فضل صلاة الجماعة، رقم: (609)، (3/ 34)، صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصَّلاة، باب فضل صلاة الجماعة، رقم: (650)، (1/ 450).
- المعجم الكبير للطبراني، رقم: (73)، (19/ 36)، المستدرك للحاكم، رقم: (6626)، (3/ 725).
- سبق تخريجه.
- صحيح البخاري، كتاب صلاة الجماعة، باب فضل صلاة الجماعة، رقم: (610)، (3/ 35)، مسند أحمد بن حنبل، رقم: (11538)، (3/55).
- صحيح البخاري، كتاب الصلاة، باب الصلاة في مسجد السوق، رقم: (465)، (1/ 181)، صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصَّلاة، باب فضل صلاة الجماعة وانتظار الصَّلاة، رقم: (1538)، (2/ 128).
- صحيح البخاري، كتاب الحج، باب قول الله تعالى: {فَلَا رَفَثَ}، رقم: (1690)، (6/344)، صحيح مسلم، كتاب الحج، باب في فضل الحج والعمرة، رقم: (1350)، (2/983).
- مسند لأحمد بن حنبل، رقم: (3725)، (1/ 393).
- سنن ابن ماجه، أبواب المساجد والجماعات، باب ما يكره في المسجد، رقم: (750)، (1/ 247)، ونصه: ((جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ، وَمَجَانِينَكُمْ، وَشِرَاءَكُمْ، وَبَيْعَكُمْ، وَخُصُومَاتِكُمْ، وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ، وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ، وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ، وَاتَّخِذُوا عَلَى أَبْوَابِهَا الْمَطَاهِرَ، وَجَمِّرُوهَا فِي الْجُمَعِ)).
- كنز العمال، رقم: (238)، (33/ 404)، سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم، رقم: (1533)، (1/ 480)، بلفظ: ((عن جابر بن عبد الله أن امرأة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم صلِ عليَّ وعلى زوجي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((صلى الله عليك وعلى زوجك)).
- تتمة الحديث السابق، ((صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ..))، وقد سبق تخريجه.