تاريخ الدرس: 1981/04/12

في رحاب الآداب والأخلاق

مدة الدرس: 01:16:47

في رحاب الآداب والأخلاق (111): المسافر (1)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

صَلاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ

قال سيدنا رسول الله ﷺ: ((صَلاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ حَتَّى يؤُوبَ إِلَى أهْلِهِ أَوْ يَمُوتَ)) 1 .. وقال النَّبي ﷺ مخاطباً اثنين من الصحابة: ((إِذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا)) 2 ، واللّام في كلمة ((وَلْيَؤُمَّكُمَا)) هي لام الأمر الجازمة، ولكن لماذا لم تجزم الميم هنا؟ من يعلم من طلاب العلم؟ هل نقول لم يشدَّ أم لم يشدّْ؟ [يعني: هل الدال مشددة ومفتوحة أم مشددة وساكنة؟] طبعاً لم يشدَّ؛ لأنه فعل مُضَعَّف ففيه دالين، فالدال الأولى ساكنة وأتى حرف الجزم فجزم الدال لذلك التقى ساكنان، فحُرك أحدهما لالتقاء السّاكنين، قال في ألفية ابن مالك

وأَشْدِدَ أو أَشَدَّ أو شِبْهُهُما يخلف ما بعض الشّروطِ عَدِما

فيجوز أن تقول: لم يَشُّدَّ ولم يَشُّدِّ ولم يَشْدُد، فالجزم يذهب التّضعيف في الأوجه الثّلاثة فيما أذكر.. [دخل طالب علم فطلب سماحة الشيخ تقديمه وتكريمه قائلاً: تعال إلى هنا، ثم قال:] “هؤلاء مكرمون عند الله فقد أتوا من قارة إلى قارة لطلب العلم، فهم مهاجرون إلى الله وإلى مرضاته، تركوا آباءهم وأهلهم وأوطانهم، فاعتنوا بهم وكرموهم فمن بعض حقوقهم علينا أن نخدمهم بكل ما نملك من إمكانيات.. أهلاً وسهلاً بالأخ شمس الدين، أسأل الله أن يجعلك شمساً للدين تنير بلادك كلها”.

يقول النبي ﷺ: ((صَلاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ))، أي ركعتان بالنسبة إلى الصّلاة الرّباعية، كالظهر والعصر والعشاء، أمَّا المغرب فتبقى على حالها، كما يقول في الحديث: ((حَتَّى يؤُوبَ إِلَى أهْلِهِ)) فهو لم يؤقت مدة للسفر هنا، ((أَوْ يَمُوتَ))، أي لو بقي عشرين سنة مسافراً فله رخصة قصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين، وهذا يلتقي مع قول الله عزَّ وجلَّ في سورة النّساء: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا [سورة النساء: 101]، “فليس عليكم جناح” يعني لا يوجد مانع ولا يوجد بأس.. وهذا يعني جواز قصر الصلاة الرباعية في السفر إن خاف المسلمون من هجوم العدو في الحرب أثناء الصلاة الرباعية.. أتى سيدنا عمر رضي الله عنه إلى النَّبي ﷺ قال: يا رسول الله إنك أبحت لنا أن نصلي ركعتين في حال الأمن لا في حال الحرب والخوف، فكيف لنا أن نجمع بين الأمرين؟ فأجابه النَّبي ﷺ: ((تلكَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ)) 3 .

السّنّة النّبويّة هي المفسِّرة للقرآن الكريم

فلو أردنا أن نعمل بالقرآن وحده، هل يصلح ذلك؟ إذاً فلن يكون هناك قصر إلَّا في الحرب مع أنَّه يجوز القصر بإجماع المسلمين في السفر السّلمي كما هو في حال الحرب؛ لذلك لا يكفي القرآن وحده لفهم الإسلام، وقال الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [سورة النحل: 44]، فمن الذي يُفَصِّل المـُـجْمَل؟ يفصله النَّبي ﷺ، وهناك مُبْهَم، كقوله: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ [سورة البقرة: 43]، فكيف إقامتها؟ فالصلاة عند النصارى دعاء، فإذا دعا النصراني فقد صلى، فكيف نحن سنصلي؟ ومن الذي بين لنا كيفية الصلاة؟ بالطبع النَّبي ﷺ.. يروى عن القذافي [رئيس الجمهورية الليبية]– أسأل الله أن يوجه له الخير- نحن لا نتكلم عليه من باب النقد، وأنتم يجب ألا تنقلوا الأخبار من بعيد، يروى عنه أنه يقول: “عليكم الاكتفاء بالقرآن وحده” وأنا تمنيت كثيراً أن أراه، فلو رأيته لاستفسرت منه عن كل هذه الاشاعات التي تقال عنه، لأنني أعتقد أنه رجل مسلم، ولعل هذا اجتهاداً منه يحتاج إلى تركيز وتعديل حتى تصير الأمور صحيحة.. فالشاهد أن القرآن قال: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ، فهل قال بأن الظهر أربع ركعات، والعصر أربع ركعات؟ وهل لحوم الحمير ولحوم الكلاب حرام أم حلال؟ نعم حرام، ولكن هل قرأتم في القرآن حُرمت عليكم لحوم الكلاب؟ فالذي يقول: “نحن لا نقبل إلا ما جاء في القرآن”، فقل له: ” إذاً كُل لحم الكلاب”.

كان رجل يسكن في الحي عندنا، كان قوياً ومرحاً، ولكنه كان مسرفاً على أمره، فطرق رفاقه عليه الباب بعد منتصف الليل وكانوا سكارى، وكان هو أيضاً يسكر، يريدون منه أن يصنع لهم عشاءً، وقد أيقظوه من نومه وكانوا حوالي ستة أو سبعة رجال، فأخذهم إلى بستانه، وكان عنده كلبة فأخذ أولادها، وذبحهم وقام بطهيهم وإطعامهم إياها على أنها دجاج وأرانب، ثم ناموا عنده، وفي الصّباح قالوا له: لقد أيقظناك وجعلناك تذبح الأرانب رغماً عنك، فقال: لقد فعلت بكم أفظع مما عملتم معي، وأخبرهم بما فعل معهم، فلم يصدقوه حتى أراهم رؤوس وجلود الكلاب.. رحمه الله- كان كثير المزاح.. [يروي سماحة الشيخ هذه القصة وهو يضحك] فالشاهد: أنه من يقول إنه لا يعمل إلا بالقرآن، فقل له: إذاً ائتني بدليل من القرآن على حرمة لحم الكلاب؟

بين القرآن الكريم والحديث القدسي

قال النَّبي ﷺ: ((ألا إِنِّي أُوتِيتُ القُرآنَ ومِثلَهُ مَعَهُ)) 4 . فالقرآن يُتلى في الصّلاة، أمَّا غير القرآن يُعْمَلْ به ولكن لا يُتلى في الصّلاة.. فالحديث القدسي كلام الله تعالى، فما الفرق بينه وبين القرآن؟ القرآن يُتلى في الصّلاة، أمَّا الحديث القدسي فلا يُتلى في الصلاة.

ففي حديث: ((صَلاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ))، هل بين كم المسافة التي يصح قصر الصلاة فيها؟ لم نعرف ذلك من خلال هذا الحديث، لكن هناك أحاديث أُخر، فالأحاديث تفسر بعضها بعضاً، وهناك أشياء في الحديث تفسرها اللّغة العربيّة، فلا يجوز للإنسان العامي أن يفسر القرآن على هواه، كما لو أن أحدهم فسر قوله تعالى: ﴿يُحْيِي وَيُمِيتُ [سورة الحديد: 2] على أنه لو قتل إنساناً ثم أتى إلى المحكمة وقال: ليس لي علم بقتله، وإنَّما الذي أماته هو الله، وانظروا إلى القرآن الكريم، فهل يكون كلامه صحيحاً؟ فأين قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً [سورة النساء: 93]؟ ﴿يُحْيِي وَيُمِيتُ هذا إن كان الموت طبيعياً فهذا راجع إلى الله مباشرة، أما الذي يكون للإنسان يدٌ فيه لابد من أن يتحمل مسؤوليته.

قال: ((حَتَّى يؤُوبَ إِلَى أهْلِهِ)) هنا لم يحدد المدة، المقصود أنَّ الإنسان ما دام في سفر فيُرخص له القصر في الصّلاة، مهما طالت هذه المدة، كالذين يسافرون في الطائرات أو في البواخر أو في القطارات، أو الَّذين هم في سفر دائم كالذين يقودون الطائرات؛ فهؤلاء يجوز لهم قصر الصلاة ما داموا في سفرهم، ولو لآخر عمرهم، فهؤلاء يترخص لهم برخصة السفر.

ارْفَعْ صَوْتَكَ بِالأذَان

وكذلك حضَّ النَّبي ﷺ على الأذان والإقامة، ففي الحديث عن المؤذن أنه: ((لَا يَسْمَعُهُ جِنٌّ، وَلَا إِنْسٌ، وَلَا شَجَرٌ، وَلَا حَجَرٌ، إلَّا شَهِدَ لَهُ)) 5 ، فحيثما يصل صوته تكون هذه المخلوقات شاهدة له بالتّوحيد؛ وهذا يُوجب الحرص على الأذان وإن كان مسافراً، وكلَّما رفع صوته في الأذان أكثر كلَّما كثر شهوده يوم القيامة، وفي ذلك إعلان لشعائر الإسلام.. وفي حديث آخر قال رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ حُصَاصٌ)) 6 حُصاص: أي خروج صوت عالٍ من الدبر؛ لأنَّ الأذان يزعجه، ففيه ذكر الله تعالى والدعوة إلى عبادته.. ((إِذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا))، أي الأذان وإقامة الصّلاة ((وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا)) إذا كان أكبركما علماً أو تقوىً، فليكن هو الإمام، أمَّا إذا لم يكن كذلك فأكبركما في السّن توقيراً للشيخوخة وللشّيبة.

في الجمع بين صلاتين

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ((إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ أَمْرٌ يَخْشَى فَوْتَهُ فَلْيُصَلِّ هَذِه الصَّلَاةَ)) 7 يعني الجمع بين الصّلاتين، فالنَّبي ﷺ بيَّن للمسلمين في حالة الحرج جواز الجمع بين الصّلاتين، كرجل كان في المحطة مثلاً يريد السفر أو في المطار ويريد أن يصلّي وكانت الطّائرة على وشك الإقلاع، وكان من الصّعب عليك الجمع بين الصلاتين في الطّائرة، أو أن تصلي الصلاة الثانية، وكذلك إن كنت في القطار، أو في حال خوفك من رجلٍ يلحق بك، ويوجد هنا مكاناً تستطيع الصلاة فيه وقد دخل وقت الصلاة الأولى، وإذا دخل وقت الصلاة الثانية فمن الممكن أن لا يتهيأ لك الوقت ولا الأمن، فهذه الكلمة واسعة تشمل ظروفاً قد تخطر على البال وقد لا تخطر على بال أحد، قال: ((إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ أَمْرٌ يَخْشَى فَوْتَهُ)) فالقطار لا ينتظرك وكذلك الطائرة وخفت فوات الصلاة وعدم تيسرها لك، ((فَلْيُصَلِّ هَذِهِ الصَّلَاةَ)) يعني الجمع بين الصلاتين.

الجمع في الحضر من غير عذر

يوجد حديث صحيح ورد عن النَّبي ﷺ أن النَّبي ﷺ: ((جمع في المدينة بين الصلاتين من غيرِ عُذْرِ مرضٍ ولا مطر ولا سفر)) 8 ، في حالة المرض يجوز للمريض أن يجمع بين الصّلاتين، كما لو كان عنده عمليّة جراحيّة وخاف فوات صلاة العصر مثلاً وهو داخل غرفة العمليات فجاز له أن يجمع بينها وبين الظهر، والعكس بالعكس، كما قيل

والجمعُ بالتّقديم والتّأخير بِحَسَبِ الأَرْفَقِ للمعذور في مرَضٍ قول جليٌّ وقَوِي اختاره أحمد ويحيى النّووي

هذا الحديث الَّذي جمع بين الصّلاتين في الحضر لا في السّفر من غير مرض ولا مطر.. بعض المذاهب الإسلامية كالشّيعة تعمل به بشكل عادي، فهم يجمعون بين الصّلاتين تقديماً وتأخيراً، ويوجد قول ضعيف في المذهب الشّافعي: “إنه يجوز الجمع جمع التقديم في الحَضَر من غير عذر لمن لم يتخذ ذلك ديدناً وعادةً”، لكنَّه قول ضعيف، هذا قد يفعله بعض سّائقي الحافلات أو القطارات، ويصح في ظروف كثيرة طارئة، ولكن لا يجوز أن يكون هذا عادة.

أنا لم استعمل هذا طوال عمري أبداً، أمَّا الجمع في المرض فهذا متفق عليه، أما في غير ذلك لا يصح، وقد بلغني أنه يوجد في مذهب الإمام مالك شيئاً من هذا القبيل ولكنني لا أذكر تفصيله، وهذا لا نعمل به إلا في الحالات الطارئة، فلم يفعله النَّبي ﷺ في حياته إلَّا مرة واحدة، ولم يجعلها عادة، فأنت تقَدّر ظروفك، فهناك تقوى وهناك فتوى، فعلى الإنسان أن يحتاط لدينه ولا يأخذ إلَّا ما اتفق وأجمع عليه العلماء، فإذا حدثت ظروف استثنائية يأخذ بالأحكام الاستثنائية، قال: ((فَلْيُصَلِّ هَذِهِ الصَّلَاةَ)) يعني الجمع بين الصلاتين.

ليس على مسافرٍ جمعة

وقال ﷺ: ((لَيْسَ عَلَى مُسَافِرٍ جُمُعَةٌ)) 9 . شرط وجوب الجمعة الإقامة، أمَّا إذا كان الإنسان مسافراً وأراد أن يصلي الجمعة فلا بأس، وإذا أراد ألا يصليها، فليصل الظهر ولا شيء عليه، ولا يجوز السّفر يوم الجمعة بعد الفجر على مذهب الإمام الشّافعي، أما عند المذهب الحنفي فيصح بعد الفجر وحتى بعد طلوع الشمس.. عندما ذهبنا أنا والشيخ رجب إلى بيروت كنا سنأخذ بهذا المذهب، لكننا صلينا الجمعة في الطريق، ولو لم نصلِّها في الطريق لجاز لنا الأخذ بمذهب الإمام أبي حنيفة، أما على المذهب الشافعي لا يجوز ذلك؛ لأننا سافرنا قبل الفجر رضيّ الله عنهم جميعاً.. يجب على العالِم أن يكون لديه علم بأكثر من مذهب؛ وذلك لأجل التّيسير على المسلمين، قال ﷺ: ((يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا)) 10 .

وكلٌ من رسول الله ملتمسٌ غرفاً من البحر أو رشفاً من الدِّيَم

صدقةٌ تصدَّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته

وقال رَسُولِ اللهِ ﷺ: ((صَلَاةَ الْمُسَافِرِ بِمِنًى وَغَيْرِهِا رَكْعَتَيْنِ)) 11 ، وهذه في الحج، فالحاج يبيت في منى، ويصح للمسافر أن يقصر الصّلاة وهذا على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، ويصح له أن يُتَمِّمَها، أمَّا الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى فقد أوجب القصر للمسافر، فالقصر عنده عزيمة وليست رُخصة، فكل حكم له وقته وظروفه.. كما لو كان القطار سينطلق، وأراد شيخ أن يتمّها أربعاً من أجل الثواب، فهذا يحتاج إلى عشرين ضربة [يقول ذلك سماحته ممازحاً، خاصة أن هذا المجلس فيه كثير من المشايخ وأهل العلم] لأن الوقت غير مناسب الآن، وقال: أربع ركعات أفضل من ركعتين، فقل له: يجب عليك القصر في السفر رغماً عنك؛ لأن النَّبي ﷺ: ((صَلَاةَ الْمُسَافِرِ بِمِنًى وَغَيْرِهِا رَكْعَتَيْنِ))، كما قال سيدنا عمر رضي الله عنه: يا رسول الله إن القرآن نص على القصر في قوله: ﴿ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا [سورة النساء: 101]، ولم يقل في حال الأمن، فقال له رسول الله: اقصر بالأمن ولو لم يكن هناك نص في القرآن، لأنه قد أتاني وحي من غير القرآن، وقال لي بأنها: ((صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ)).

الجمع بين الصّلاتين

لا يصح الجمع بين الصّلاتين على المذهب الحنفي، أمَّا في المذهب الشافعي فجائز، وقال الشّافعي: الأصح ألا تجمع بين الصلاتين وذلك أدباً مع الإمام أبي حنيفة وحتّى لا تقع في الخلاف.. فانظر إلى أدب العلماء فيما بينهم، والآن مشايخنا- للأسف- ينتظرون بعضهم على الخطأ [يتصيدون أخطاء بعضهم]، فهؤلاء ليسوا بمشايخ، ونحن لو لم نقلد الإمام أبا حنيفة فنحن نقلد شيخ المشايخ وشيخ الأنبياء والرسل النَّبي ﷺ فهو جمع بين الصلوات، ولكن المراد من كلامي أنه يجب على العالم أن يتأدب مع غيره من العلماء، وأن يترفع عن القيل والقال وعن الافتراء على غيره، وعن سمعتُ ورأيتُ، إلخ.. لأن كل هذا سببه ضعف الإيمان والأخلاق، فكيف لمثل هذا أن يكون شيخاً وإماماً يبني إسلاماً أخلاقياً وسلوكياً وربانياً وقلبياً! بل هذا يهدم الإسلام وهو يحمل شهادة مزورة على أنه مهندس إسلامي.

وقال ﷺ: ((لَيْسَ عَلَى مُسَافِرٍ جُمُعَةٌ))، وقال: ((صَلَاةَ الْمُسَافِرِ بِمِنًى وَغَيْرِهِا رَكْعَتَيْنِ))، نحن كأننا الآن نجلس مع النَّبي ﷺ ونسمع كلامه ونتعلم منه، قال: ((صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ))، هنا لم يذكر أول الحديث، وقد ذكرت لكم سبب الحديث، قال: رواه (ق)، ما معنى (ق)؟ أي رواه البخاري ومسلم بالاتفاق والأربعة [أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه] عن سيدنا عمر رضي الله عنه، فالسائل هو سيدنا عمر، وهذا الحديث هو جواب النَّبي ﷺ على سؤاله.

تذوَّق حلاوة أوامر الله تعالى

قال ﷺ ((خِيَارُكُمُ الَّذِينَ إِذَا سَافَرُوا قَصَرُوا الصَّلَاةَ وَأَفْطَرُوا)) 12 ، خياركم أي أفاضلكم وأحبكم إلى الله: المسافرون الَّذين إذا سافروا قصروا الصلاة وأفطروا.. كما لو أن ملكاً أعطاك طبقاً من الطعام، فهل تقول له: “أنا لست جائعاً؟”، فهذا تكريم منه فاقبل كرامة الله تعالى الَّتي أكرمك بها، أو إذا أعطاك مثلاً قطعة من الشوكولا، فهل تقول له: أنا لست جائعاً؟ بل عليك أن تأخذها لأنها ذات قيمة، فعليك المحافظة عليها ووضعها في مكان مكرم، وأن تقول بين الناس بأن الملك هو الذي أعطاني إياها، فالأحرى الأخذ بالرّخص، وهناك معنىً آخر أنه يجب عليكم أن تفهموا ذوق الله، [سماحة الشيخ يتكلم بالعامية هنا، وذوق الله هنا بمعنى لطفه وحكمته وتقديره واختياره لك] فالله ذو ذوق، وعليكم أن تتعلموا الذوق من الله عزَّ وجلَّ، فهناك من الناس من هو فظ غليظ ذو “دم ثقيل” [صاحب دم ثقيل كلمة عامية بمعنى فظ وغليظ] في صلاته وصيامه وحجه وذكره ووضوئه، ينتظره الناس في الخارج والسيارة ستسير، وهو يريد الدخول إلى الحمام ويستغرق وقتاً طويلاً في الوضوء كالذي يعمل مجلس نيابي وانتخابات وأبحاث ومناظرات وحوار، وقد اشتهر المشايخ بالوضوء المشايخي والاستنجاء، فعندما يدخل إلى الحمام كأنه يقول نويت الاعتكاف ما دمت في هذا المكان لله تعالى [كناية عن طول الوقت، ويقول سماحته هذا الكلام ممازحاً]، وكذلك اشتهروا بالفظاظة، والسبب أنَّهم تعلموا ولكنهم لم يتربوا.. يقول أحد العلماء: “جالست شيخي عشرين سنة، تعلمت سنتين، وتأدبت ثماني عشرة سنة، ويا ليتني صرفت سنتي العلم في التّربية”.

والآن لا توجد هذه التّربيّة لا في المدارس الشّرعيّة، ولا في كليّة الشّريعة، ولا حتى في الأزهر؛ لذلك نرى الشّيخ عقيماً غير منتج، لكننا نرى أنَّ خادماً- لا شيخاً- خادماً للشّيخ ينفع المسلمين أكثر وبأضعافٍ مضاعفة مع أنَّه لا يملك شيئاً من العلم.

أخلاقُ شيخنا الشيخ أمين كفتارو رحمه الله أخلاقٌ محمديّة

ما معنى قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا [سورة النور: 27].. كان شيخنا رحمه الله، وكذلك أنا إذا أردت أن أدخل على أهلي في بيتي أقول “يا الله” هل هناك من أحد؟ فربَّما يكون هناك ضيوف عند أهل بيتي من النّساء، وفي المقابل هناك من النَّاس من يدخل بيت صديقه أو أخيه كالثور الشارد، فربَّما تكون زوجة أخيه بلباس البيت، وربَّما يكون أخوك في وضع حرج كأن يكون في الحمام أو لديه عمل خاص، فكيف تدخل عليه من غير إذن؟

مرةً شيخنا رحمه الله تعالى حصل بينه وبين أحد إخوته ما يحصل عادة بين الأهل من الجفاء، كانت أخلاق شيخنا أخلاقاً محمديّة لم أرَ لها نظيراً في حياتي، فلم يرد شيخنا أن يطول هذا الجفاء فأراد زيارة أخيه، وكان عمّي يسكن في الغوطة، ولم يكن في ذلك الوقت باصات ولا سيارات، فخرجنا إمّا راكبين وإمَّا مشياً على الأقدام، فلم أعد أذكر بسبب مرور خمسين سنة تقريباً على هذه القصة، فلما وصل طرق الباب فخرج ابنه الشّيخ عبد الحكيم، فقبل يد عمه وأدخله البيت، فلما أصبحنا داخل البيت، خرج عمي وكان نزقاً [سريع الغضب] وحامي الطّبع، فقال لوالدي فوراً: “من أذن لك حتى تدخل في داري”، بمعنى ارجع من حيث أتيت.. رغم قدر الشّيخ وعمره وعلمه وولايته وتقواه.. جَرِّب نَفْسَك يا بني كيف ستكون ردة فعلك لو حصل معك مثل هذا الموقف؟ فالتفت إليه الشيخ وقال: “هذا البيت بيتك وهذا حقك، وأنا دخلت بإذن ابنك وأنت صاحب الحق، فإن لم تأذن لي فسوف أرجع، والله عزَّ وجلَّ يقول: ﴿وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ [سورة النور: 28]“، لم تسيطر عليه نفسه ولا غضبه، بل سيطر عليه حكم الله تعالى، ثم قال: “السّلام عليكم”، وأدار ظهره وخرج، وعندما وصلنا إلى منتصف الممر، أدرك عمي خطأه، وركض وراءه واعتذر منه وصافحه وعادت المياه إلى مجاريها.. [“عادت المياه إلى مجاريها”: مثل عامي بمعنى عادت الأمور إلى طبيعتها أو إلى ما كانت عليه ودون مشكلات] ولو قال: سأدخل رغماً عن أنفك وقام بسبه وشتمه، فماذا سيحدث؟ وهذا هو ما يريده الشّيطان.

الإسلام دين ذوق ولطف

الشاهد أن الإسلام دين ذوق ولطف.. في سورة الأحزاب آية الثقلاء، وقد اتفق العلماء على تسمية سورة الأحزاب بسورة الثّقلاء الغلظاء.. هناك من هو غليظ بقوله، وهناك من هو غليظ بأكله، وهناك من هو غليظ مع امرأته، وهناك امرأة غليظة مع زوجها، لا تعدّ له طعام الغداء إلَّا بعد أن يأتي إلى البيت، أو لا تتذكر الغداء إلا إذا شعرت بالجوع.. لقد أكرمني الله بالحجة زوجتي رضي الله عنها، قلت لها اليوم: “أنت زوجتي منذ خمسين عاماً، فحزنت، فقلت لها: “إذاً منذ خمس وعشرين عاماً” [يقول الشيخ ذلك ممازحاً إياها وهو يضحك]، وهي الآن تسمعني ولكنها قالت لي ذلك ممازحة إياي، كانت رضي الله عنها إذا خرجت في حوائجها تعود قبل الغداء وإلَّا اتصلت بالشّيخ رجب من أجل تأمين طعام الغداء لي، أنا لا أرضى أن تقول له؛ لأن الشيخ رجب مشغول كثيراً، وإن كان ذلك يسره، ولكن الشاهد من ذلك: أنه يجب على الزوجة أن تقوم بحق الزوج خير القيام، فالمرأة الَّتي تريد أن يحبها زوجها يجب عليها ألا تكون غليظة وألا تكون كالدواب ولا حمقاء ولا متكبرة، فإذا أرادت أن تتكبر بالتعالي على الغير؛ فهذا سوف يجعلها صغيرة في أعين الناس، والنَّبي ﷺ قال: ((مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ اللَّهُ)) 13 .

ما كلُّ البيوت تُبنى على الحبِّ

يجب على المرأة أن تهتم بزوجها كلَّ الاهتمام حتّى في أبسط الأمور، فتسعى لتخلع عنه جواربه وحذاءه، وأن تقول له: أحبك أكثر من أمي وأبي.. ورد أنَّ امرأة شكت زوجها للنَّبي ﷺ، وقالت: إنها لا تحبه، فقال لها النبي ﷺ: ((فليس كلُّ البيوت تُبنى على الحبِ)) 14 .. فإذا كان لدينا أولاد، فليس لدينا وقت لننشغل بالحب، عندنا أولاد صغار، ماذا نفعل بهم؟ فالأفضل للمرأة في مثل هذه الحال أن تقول لزوجها “أحبك” ولو كذبت؛ فالكذب في هذه الأمور لا يعد كذباً مؤاخذاً عليه بل هو كذب محبوب؛ لأن الكذب حُرِّم لما فيه من الضّرر، فعندما ينتج عنه الخير والعمل الَّذي يحبه الله ويرضاه يصير محموداً، وفي بعض الأوقات يصير الصدق حراماً، كما لو أنَّ يهودياً لحق فدائياً، [فدائي: كان يطلق على الشباب الفلسطينيين المحاربين لإسرائيل في تلك الآونة، والجمع “فدائيون” شائع في الاستخدام] فأختبأ الفدائي في مكان ما، وسأل اليهودي أحدهم عن مكانه، فقال له: إنه مختبئ في المكان الفلاني في الغرفة الفلانية، وأمسكوا به وشنقوه، ولو سألوه لم فعلت ذلك؟ فأجاب: لأن الله عزَّ وجلَّ يقول: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [سورة التوبة: 119]، ﴿لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ [سورة الأحزاب: 24]، هذا فهم سقيم، وهل الكذب في هذه الصورة فرض أم حرام؟ لا بل هو فرض، فالذوق واللّطف في النّطق واجب.. أنا في بعض الأوقات في الدرس العام تكون خمس أو ست كلمات تؤدي المعنى لكنني أنتقي منها كلمة واحدة فقط، ولو استعملت غيرها قد يفسد الأمر، ويظن المستمع أن هذه الكلمة أتت هكذا لوحدها [دون تفكير]، ولا يدري أنه قد تم اختيارها.

من يُسر الإسلام

((خِيَارُكُمُ الَّذِينَ إِذَا سَافَرُوا قَصَرُوا الصَّلَاةَ وَأَفْطَرُوا)) كحال الذي يريد أن يصلي أربع ركعات، والقافلة على وشك السير وهو يريد أن يقرأ سورة البقرة في الصلاة؛ لأنَّ له بكلِّ حرف عشر حسنات، وهو لا يريد أن يضيع الثواب عليه، قال: ((قَصَرُوا الصَّلَاةَ وَأَفْطَرُوا)) كان هذا الفطر في زمن النَّبي ﷺ، هل كان النَّبي في سويسرا؟ لا، بل كان في مكة وفي الصيف، فربَّما تصل الحرارة في الظّل إلى خمسين درجة، فالصوم في هذا الوضع قد يقتل الإنسان.. في أي شهر فتح النَّبي ﷺ مكة؟ في شهر رمضان وقد خرجوا إلى مكة والجيش كلّه صائم.. فما طاقة هذا الجندي الَّذي يصوم بحرِّ الحجاز ويتحمل هذه المشقة؟ وما هي قوّته وصموده على المشاق؟ فرأى النَّبي ﷺ أحد العسكر مغمىً عليه ويظلّله الصّحابة، فسأل عن السبب، فقيل له: بسبب الصيام، فأمر النَّاس بالإفطار، فبعضهم أفطر وبعضهم لم يفطر؛ لأنَّ النَّبي ﷺ مازال صائماً، فقال: ((أنا لست مثلكم)) 15 أي أنا أطيق ما لا تطيقون، وكان الوقت بعد العصر فأمر بكأس من الماء فشرب أمامهم، فعل ذلك حتى لا يتنطع أحد أو يتعصب وليقبل رخصة الله تعالى الَّتي رخصها لنا، ((خِيَارُكُمُ الَّذِينَ إِذَا سَافَرُوا قَصَرُوا الصَّلَاةَ وَأَفْطَرُوا)).

إذا نسيت فاسأل حجا

((مَنْ تَأَهَّلَ فِي بَلَدٍ فَلْيُصَلِّ صَلاةَ الْمُقِيمِ)) 16 .. سألوا جحا هل أنت بيروتي أم شامي؟ [شامي يعني دمشقي، ودمشق تُسَمّى شام في العامية السورية] قال: أمهلوني حتّى أسأل امرأتي فسألها، فقالت: شاميّة، فقال: على مذهب امرأتي.. فالنَّبي ﷺ يقول في هذا الحديث إذا كنت متأهلاً وأنت في بلد وزوجتك في بلد آخر فأنت مقيم في ذلك البلد، كما لو كانت من بيروت مثلاً وأنت شامي فيجب عليك أن تتم الصّلاة عندما تصل إلى بيروت؛ لأنك أصبحت مقيماً لا مسافراً.. وإذا نسيت فاسأل حجا، ((مَنْ تَأَهَّلَ فِي بَلَدٍ فَلْيُصَلِّ صَلاةَ الْمُقِيمِ)).

بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الكَبَائِر

وقال ﷺ: ((مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ أَتَى بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الكَبَائِرِ)) 17 ، ((مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ)) أي أنَّه لا يشكو من مرض، ولا هو في حالة سفر، ولا يوجد مطر، لما ورد عن النَّبي ﷺ: ((إذَا ابْتَلَّتْ النِّعَالُ فَالصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ)) 18 .. كان النَّبي ﷺ يجمع بين الصلاتين جمع تقديم لنزول المطر، ولكن بشرط أن تكون الصلاة في المسجد، وأن تكون وقت نزول المطر، وإذا جمعت جمع تقديم فيجب عليك أن تنوي الجمع من الصلاة الأولى كجمع الظّهر مع العصر مثلاً فيجب أن تنوي الجمع قبل دخول وقت العصر، فإذا كنا وقت صلاة الظّهر في الجامع والمطر تهطل وأردنا أن نجمع جمع تقديم “الظّهر مع العصر” فإنه يشترط استمرار المطر في الصلاة الأولى وفي آخرها وفي أول الصلاة الثانية، فإذا انتهينا من صلاة الظّهر وما زالت تهطل الأمطار جاز لنا أن نجمع معها صلاة العصر؛ وذلك تخفيفاً من الله، فهذا من ذوق الله تعالى فهو لا يحب أن يجعلنا في حرج، مع ملاحظة أنَّ الأرض كانت في زمن النَّبي ﷺ تراباً وبالمطر تصير طيناً، فلا يسمح للنّاس بالخروج، كحال البلاد الَّتي يستمر فيها الثّلج لفترة طويلة، أو البرد الشديد كروسيا مثلاً، وكل هذا حرصاً من الإسلام على صلاة الجماعة في المسجد، فلا يصح الجمع بين الصلاتين بالمطر في البيت، وهذا كلَّه دليل على أنَّ نحرص على صلاة الجماعة في المسجد.

فصلاة الجماعة في زمن النَّبي ﷺ أي أن النَّبي ﷺ كان هو إمام المصلين في زمنه، فكلّ نظرة إلى وجه رسول الله ﷺ وكلّ لقاء وكلّ صلاة معه هي ارتقاء روحي قلبي، وكانت صلاة الجماعة بمعناها الحقيقي القلبي، فهم كانوا لا يصلون بأجسامهم مع جسم النَّبي ﷺ فقط بل كانوا يصلون بقلوبهم مع قلبه.. ولعل هذا الشّعور يشابه الذّكر مع الجماعة؛ لأنهم عندما يذكرون الذّكر الجماعي يُمِدّ أقواهُم نوراً وإيماناً أضعفَهم نوراً وإيماناً.

قصة في: رُبَّ أَشْعَثَ أَغْبَر!

حكى لي أخونا “يوسف الطّبيش” قصة حدثت معه” كان يذكر هو وزوجته في البيت، فقال لي: شعرنا أثناء الذّكر بأنَّ أحداً دخل وجلس معنا للذكر، قال: فشعرت أن النور في قلبي قد ازداد بشكل كثيف بمجرد حضور ذلك الإنسان، وعندما انتهى مجلس الذكر، قال لي: “التفت لأرى من هذا الشّخص الذي كان ذلك النور بسببه، وإذ بها أم حسن الَّتي عندنا في البيت.. هذه أم حسن رضي الله عنها من منطقة قريبة من حلب، هاجرت هي وزوجها إلى دمشق، ولمّا سألتهم لماذا هاجرتم من بلادكم إلى دمشق؟ أجابت: السّبب هو أنت، فقلت: لا أعرفكم، فكيف كان هذا؟ قالت: كنتَ تقدِّم حديثاً في الراديو، وكان زوجي يسمع حديثكم على الإذاعة، وكان ارتباطهم عن طريق هذا الحديث، وفي يوم من الأيام قال لي أبو حسن: ما رأيك أن نذهب إلى دمشق لنرى ذلك الشّيخ فإن قلبنا قد أحبه، فسافر إلى دمشق وسأل عن المكان فَدُلّ على جامع أبي النور، فلازم المسجد أسبوعاً أو أسبوعين، ثم رجع إليها وقال لزوجته: هيا بنا يا أم حسن لنهاجر إلى الشّيخ، فانتقل من جسر الشغور [مدينة سورية تابعة لمحافظة إدلب وقريبة من حلب] إلى دمشق.. أنا أعرف أن الناس في جسر الشغور ذو فطرة إيمانية ممتازة جداً.. وكان أبو حسن رحمه الله يعمل طَيَّاناً [بَنّاءًا]، وكان يذهب يوم الجمعة مع الإخوان إلى المزرعة ليساعدهم، وكانوا في البيت [بيت الشيخ] يطبخون غداءًا للإخوان الموجودين، فبلغني بعد موته أنه كان يحضر طعامه معه ولا يرضى أن يأكل من بيت الشّيخ حتى لا يضيع شيء من ثوابه، وبعد أن توفي أكرمه الله بأولاد كلّهم تربوا في الجامع، فانظروا يا بني إلى ثمرة الصدق.. فالشاهد انظروا إلى هذه المرأة أم حسن الدرويشة [مسكينة فقيرة]، ولكن هل هي عند الله درويشة؟ قال ﷺ: ((رُبَّ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذُي طِمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ)) 19 .

سر الجماعة

فالمقصود من صلاة الجماعة هذه الغاية، والأصل أن يؤمّنا أفضلنا حتى إذا ارتبطت معه بالإمامة ارتبط قلبك بقلبه، فإذا شع النور وجاء التيار وكنت مرتبطاً به سرى التيار من قلبه إلى قلبك، وهذا هو سر الذّكر مع الجماعة، أنا أعرف كثيراً من الإخوة الَّذين استفادوا من الذِّكر مع الجماعة، فالذكر الفردي أي لوحده يكون صاحبه ضعيف الهمة والنورانية، فلا تتركوا الذكر مع الجماعة، ولو في الأسبوع مرة، وهذا أقل الدّرجات، فيجب على كل منكم أن يكون مع حلقة من حلقات الذكر، والذي ليس له حلقة فهناك الشيخ رجب وأبو الخير والشيخ بشير والشيخ عمر، [هؤلاء المشايخ هم الطبقة الأولى من تلامذة سماحة الشيخ، وهم جميعاً قريبين له في السن أيضاً] فحلقات الذكر كثيرة ولله الحمد، فمن الضروري الالتزام بحلقة من حلقات الذكر، وهذا أيضاً هو سر صلاة الجماعة، فيجب أن تصلي كلَّ صلاة مع إمام.. أمَّا الجمع بلا عذر موجب، فقد قال النبي ﷺ: ((فَقَدْ أَتَى بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الكَبَائِرِ))، فهل تستطيع أن تجمع الغداء مع العشاء في وجبة واحدة اختصاراً للوقت؟ حينها سوف ينتفخ بطنك وتمرض، فالغداء له وقت والعشاء له وقت.

هل أنت مذنبٌ إنْ لم تُقصر في السَّفر؟

قال ﷺ: ((الْمُتِمُّ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ كَالْمُقْصِرِ فِي الْحَضَرِ)) 20 أي إذا كنت مسافراً فواجب عليك أن تقصر الصلاة، وقد أخذ بهذا الحديث الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه، قال: فإذا لم تقصر في سفرك فذنبك عند الله كما لو كنت في بلدك وقصرت الصّلاة، قال: ((الْمُتِمُّ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ كَالْمُقْصِرِ فِي الْحَضَرِ)) متى يكون ذلك؟ كما لو كان القطار على وشك أن يسير والشّيخ يريد أن يصلي الظّهر أربعاً والعصر أربعاً، فهذا سيجعل رفاقه الذين معه أصحاب “الدين الخفيف” [الإيمان الضعيف] يسبون المشّايخ واللحى والعمائم، ففي هذه الحالة يكون إتمامه الصلاة معصية، أو إذا فاته القطار وكان ذلك سبباً في قطيعة أصدقائه فربما يسبونه.. أمّا على المذهب الشّافعي رضي الله عنه فيجوز لك القصر أو الإتمام، فاختلاف الأقوال نتيجة لاختلاف الأحوال، ولم يقل الشّافعي رحمه الله اتبعوا مذهبي ولا تتبعوا مذهب غيري، وكذلك لم يقل الشافعي أنا لي مذهب، فهل أستطيع أنا أن أقول لكم إنَّ لي مذهباً؟ بالطّبع لا، وكذلك الإمام الشافعي، ولكن تلاميذه وتلاميذ تلاميذه تمسكوا بآرائه وأقواله، وكلهم على هدى، فلو كانوا في زمن النَّبي ﷺ هل يستطيعون أن يقولوا نعمل بهذا الحديث ونترك هذا الحديث؟ ولو بلغ الإمام الشافعي حديث الإمام أبي حنيفة هل سيرفضه؟ بالطبع لا، ولكنه لم يبلغه، ولو بلغه هذا الحديث لحكم بوجوب القصر، ولكنَّه مع وجود أحاديث قصر النبي ﷺ، هل نستطيع أن نقول بوجوب القصر دائماً؟ بالطبع لا، فالقصر يكون واجباً تارة وتارةً مندوباً وتارةً جائزاً، وتارةً قد يكون القصر حراماً.

خَيْرًا كَثِيرًا

فالحكمة تكون في وضع الشّيء في موضعه، فالقصر يكون لضيق الوقت أو الإحراج أو لخطر أو عدو ربَّما يهجم عليه.. هل معرفة الحقائق على ما هي عليه في الواقع [حكمة] علميّة أم عملية؟ هي علمية، وتكون أيضاً مع معرفة ارتباط الأسباب بمسبّباتها، كأن تعرف أنَّ هذا قد يتسبب عنه أذى، كوضع يدك في فم الحيّة يؤدي إلى لدغك ثمّ موتك، هذه هي المعرفة، ومن الأمثلة أيضاً أنه إذا أكلنا انتهينا من الجوع، أو إذا أغلقنا النّوافذ انتهينا من البرد، أو إذا أصلحنا مكابح السيارة نأمن الخطر، وإذا فحصنا زيت وماء وهواء السيارة قبل السفر وصلنا بأمان.. مع الأسف لقد درس الأوربيّون علم الأسباب والمسبَّبات عقلاً لا ديناً، ونحن عندنا هذا العلم دينياً، فلا استفدنا منه ديناً ولا عقلاً؛ بسبب فقد الشّيخ، هذا الشّيخ سليمان اسألوه وهو مدرس في الفتوى حالياً، هل دَرَّسْتَ النَّاس الحكمة؟ لا، بل عَلَّمَهم أحكام الوضوء، هل يوجد من الناس من يجهل الوضوء؟ هل الناس تجهل الحكمة أكثر أم تجهل الوضوء أكثر؟ وهل المطلوب من الشيخ أن يعلم الحكمة أكثر أم يعلم الوضوء أكثر؟ طبعاً الحكمة.

فالحكمة تجعلك ناجحاً ومحبوباً وتجعل وقتك مباركاً، ففي الوقت القليل تستفيد أموراً كثيرة، فتتجنب الأخطار وتحقق لك الأرباح، وتكون أمورك ميسرة: ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ [سورة البقرة: 269].

مهمة النَّبي ﷺ

لماذا يفشل الشّيخ؟ لأنَّه لم يدرس الحكمة، درس الوضوء ولم يدرس الحكمة، عندما ذكر الله عزَّ وجلَّ مهمة النَّبي ﷺ، قال: مهمته والغاية من وجوده ورسالته والوحي وجبريل أربعة أشياء، هل قال: الوضوء والاستنجاء والاستبراء ونتف الإبط وقص الأظافر ونتف الشّعر، هل قال ذلك؟ بل قال الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ [سورة الجمعة: 2] فيجب عليك أن تسمع التّلاوة من النَّبي ﷺ أو من نائبه؛ لأنَّ هناك تالٍ يتلو ومع التّلاوة هناك نور وروح وحياة تدخل من ثقب إذنك لتصل القراءة إلى قلبك، وهناك من يتلو ألف سنة ولا يجاوز القرآن حناجرهم، فلا يوجد فائدة منهم، فإذا أردت أن تسمع التّلاوة فاسمعها من قلب نديّ بالله وبذكره وبالإيمان، ﴿وَيُزَكِّيهِمْ وهذه المهمة الثّانية، ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وهي المهمّة الثّالثة: علوم القرآن، أمَّا الرّابعة: فهي ﴿وَالْحِكْمَةَ وهي جزء من خمسة وعشرين بالمئة من الإسلام، ماذا يشكل الوضوء من الإسلام بالمئة؟ ولا واحد بالألف، فالشّيخ يترك خمسةً وعشرين بالمئة ويعلم الواحد، وليس الذّنب ذنبه فقط وإنما هو ذنب شيخه ومدرسته التي لم تدرسه الحكمة، فهو لم يدرس الحكمة في الأزهر.

قصة الشيخ الذي رفض تعلم الحكمة

فهذا الشيخ في النهاية سيصبح كالرجل الذي دخل إلى المسجد وتعلم من شيخه كل العلوم، فقال له شيخه: “يا بني لم يبقَ لك من العلوم إلا علم الحكمة”، فقال لشيخه: “لماذا هو علم الحكمة، فقد تعلمت النّحو والصّرف والفقه والتفسير وباقي العلوم، وليست الحكمة من ضمن البرنامج، وليس لدي وقت لأتعلم الحكمة”، فقال له الشّيخ: “يا بنيَّ الحكمة ضرورية”، فلم ينتصح، واعتذر من شيخه وخرج عائداً إلى أهله، وفي الطّريق مرّ على قرية فسمع المؤذن عندما يؤذن يقول: “أشهد أن لا إله إلا الله”، ولا يقول “أشهد أنَّ محمداً رسول الله”، فغضب ودخل المسجد، وإذ بهم يبيعون الخمر في صحن المسجد [فناء المسجد]، فاشتد غضبه أكثر من قبل، فأراد أن يفعل شيئاً لكن أُقيمت الصلاة، فإذا المصلون كلُّ واحد منهم يضع على رقبته قُفَّة وسكيناً وفأراً، ثمّ نظر إلى الإمام فكان حاله مثل المصلين ولكن كانت سكينه أكبر وكذلك القفة والفأرة، فكلٌ على حسب مقامه، فلمّا انتهى هاجمه، وقال له: يا قليل الدين يا جاهل يا كذا.. ماذا تفعلون؟ لماذا الأذان هكذا؟ قال له: إن المؤذن يهودي.. فاليهود يعتقدون بوحدانية الله ولكن لا يعتقدون برسالة النبي ﷺ.. فسأله عن الخمر قال: لا يوجد عندنا وقف للجامع إلَّا هذا الكَرْم [مزرعة عنب]، ولا يربح إذا بعناه عنباً، فلذلك نخمره ونبيعه خمراً لكي يكفي مؤنة الجامع، فسأله عن القُفَّة والسّكين والفأر، فقال: لقوله ﷺ: “إذا أتيتم المسجد فعليكم بالسِّكينة والقُفَّة والفار” 21 ، ففي ذلك الزّمن لم [تكن الكتب واضحة كما ينبغي]، فقال له: عليكم بالعفة ليس بالقفة، والسَكِيْنة ليس السِّكينة، والوقار فالظاهر أنَّ كلمة الوقار كانت بدون الواو، وهذا الشيخ لا يعلم القراءة جيداً فظنها والفار.

فبدأ بتأنيب الإمام، بقوله: يا جاهل، ثم قال لهم: من كم سنة وأنتم تصلون خلف هذا الإمام؟ يجب عليكم أن تعيدوا صلاتكم هذه منذ أن بدأتم الصلاة معه، وصلاتكم غير صحيحة، وهذا الإمام فاسق وجاهل، قال له: لا أنا لست جاهلاً، فقال الأزهري: إن كنت تدعي أنك لست جاهلاً فاقرأ لي سورة البقرة، قال له: بل أنت إن كنت عالماً فاقرأ لي سورة الثور، فقال له: يا كافر يا جاهل وهل في القرآن سورة اسمها سورة الثّور، قال: كيف يكون هناك سورة للبقرة وهي أنثى، ولا يكون لزوجها الثّور وهو ذكر، والله قال: ﴿لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۚ [النساء: 11]، فزاد غضبه وبدأ بسب الإمام، فلم يحتمل المصلون الفلاحون فعله بإمامهم فانهالوا عليه ضرباً بالعصي، فهرب، وصار رأسه متورماً فلم يستطع الذهاب لأهله، وعاد إلى شيخه، فرأى ما حلّ به فسأله فأخبره بالقصة، فقال له: “ألم أقل يا بني لك تعلم الحكمة؟” فجلس يتعلمها عنده سنّة كاملة، ثمّ بعدها عاد إلى تلك القرية فوجدهم على حالهم الَّتي تركهم عليها، فلم يكلمهم بشيء، وصلَّى معهم، ثم بعد الانتهاء ركض فقبل يد الشّيخ، قال له: “يا سيدنا اطلب منك الرضى والسّماح، أنا الَّذي جئتك السّنة الماضية ولم أكن أعلم قدر الأولياء والصّالحين وقللت الأدب معك”، ثم توجه إلى أهل البلد، وقال: “يا أهل البلد: القطب عندكم، هذا شيخكم قطب الأقطاب، وغوث الأنجاب، لم تعرفوا فضائله وبركاته وخيراته، فإنَّ شعرة من لحيته تذهب حرارة من ارتفعت حرارته، وشعرتان تذهبان الصداع حتى ولو كان الصداع معه منذ عشرين سنة، وشعرة واحدة من لحيته تكفي للإمساك، وكلُّ مرض يحتاج إلى شعرة أو شعرتين من لحيته، والديسك [انزلاق بين فقرات العمود الفقري] يحتاج إلى سبع شعرات ليُشفى”، والزوائد الأنفية تحتاج إلى ثلاث شعرات.. وهكذا في مجلس واحد نفدت كل شعرات لحية الشيخ.. [يروي سماحته هذه القصة بأسلوب فكاهي بديع] فلمّا سمع النَّاس كلامه صدقوا ذلك، قال أحدهم: “يا شيخي عندي صداع، فأعطني ثلاث شعرات”، وقال آخر: “زوجتي عندها إمساك منذ عشرين سنة فأعطني سبع شعرات”، ثم زادت الطلبات، فألقوه على الأرض وبدأوا بنتف لحيته حتّى لم يبقوا شعرة واحدة، فقال له الشيخ: “لقد استطعت التّخلص مني بهذه الطّريقة”.. قد تكون هذه القصة رمزية وليس المقصود منها نتف اللحى، ومثل هذا الإنسان يجب أن نُعَلِّمَه، إنما المقصود منها هي الحكمة، فالشاهد هي الحكمة، ((خِيَارُكُمُ الَّذِينَ إِذَا سَافَرُوا قَصَرُوا الصَّلَاةَ)) فمرة تكون الحكمة في القصر ومرة قد تكون متفرغاً فناج الله بأربع ركعات، وإن كنت متعباً فأقصر، وإن كنت مرتاحاً فتتم.

أظهر افتقارك لله عزَّ وجلَّ واشكره على نعمه

وإذا تذكرت قول النبي ﷺ: ((صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَه)) 22 ، فأظهر افتقارك إلى الله، واشكره، وأطل في هاتين الرّكعتين ما شئت، قال: ((خِيَارُكُمُ)) أي فضلاؤكم وأكملكم، فالدّين ليس طقوساً شكليّة، وحركات بدنيّة، فيجب أن يكون الركوع رمزاً لكمال خضوعك لأوامر الله تعالى، أي أنا أركع رمزاً مني يا الله أنني أخضع لكلِّ أحكامك كما يخضع جسدي في الرّكوع بين يديك، ويجب عليك عند السّجود أن تشعر أنه رمز، أي أنني يا رب سأمتثل كلّ أوامرك وسجودي على التراب ابتغاء مرضاتك، أمَّا إذا وضع رأسه على التّراب وكان متمرداً على أوامر الله من جهة ثانية وثالثة ورابعة وخامسة وسادسة، فهل سجد هذا؟ هذا لم يسجد، فهو لا يزال حاله كحال إبليس ﴿اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى [سورة البقرة: 34]، هذا سجد بجسده ولم يسجد بإرادته، فإرادته متمردة على الله، فهو لم يسجد لرغباته ولم يسجد لأوامر الله تعالى ولا لامتثاله وطاعته، وهو لم يركع.. فالرياضة تحتاج إلى مدرب، والطيران ليس دروساً نظرية، بل يحتاج إلى تدريب، وكذلك المرأة لا تصير طباخة من المحاضرات، بل تحتاج لدخول المطبخ لتصير طباخة، وأنت إذا لم يصر لك هذا الشّيخ، ولم تعشقه عشق الرجل الذي يهيم ويذوب عشقاً بامرأته.. إذا لم تعشقه هذا العشق فلن تنتفع من شيخك، وهذا إذا كان الشيخ شيخاً حقيقياً، ليس الشيخ صاحب: “إذا أتيتم المسجد فعليكم بالسِّكينة والقُفَّة والفار”؛ فهذا يوقعك في الهلاك والبوار والدّمار، وكم من أناس هلكوا من هذا الطّريق، فالشيخ الحقيقي الآن أندر أندر أندر من كنز الألماس.. أسأل الله أن يوفقنا وأن يجمعنا على الهدى، اللهم إنا نسألك حبّك وحبّ من يحبّك وحبّ عمل صالح يقربنا إلى حبّك.

أمرٌ ضروري

قال النبي ﷺ: ((الْمُتِمُّ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ كَالْمُقْصِرِ فِي الْحَضَرِ))، ((مَنْ جَمَعَ بَيْنَ صَلاَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ أَتَى بَاباً مِنْ أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ))، إذا فهمنا الأحاديث هكذا مطلقة نراها متناقضة مع بعضها البعض، وإذا فهمنا أن كلَّ حديث له ظرف وله مكان وله حال، استطعنا التّوفيق بينهما، هكذا المذاهب الأربعة، وليس هناك مذهب من المذاهب الأربعة يمكن أن يسدّ كلَّ حوائج المسلمين، لذلك يجب على العالِم بعد أن يدرس المذهب الشّافعي، وأن يدرس المذهب الحنفي والمالكي والحنبلي بقدر الإمكان، والأفضل أن يقتني كتاب (الفقه على المذاهب الأربعة) أو كتاب (الميزان) للإمام الشعراني أو كتاب (بداية المجتهد) وهذا ضروري.

الصلاة على ظهر الدابة

قال النبي ﷺ: ((الصَّلاَةُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ فِي السَّفَرِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا)) 23 المقصود بكلمة ((هَكَذَا)) يعني إيماءً بالرأس للركوع، وأن يكون في السجود أكثر انخفاضاً، كانوا يركبون في زمنهم الدواب، أمَّا الآن فمثلها السّيارة والدّراجة أو الدراجة النارية، يجوز أداء صلاة النّفل على الدابة أو في حال المشي ولو كان السّفر ميلاً، أي ما يعادل واحد ونصف كيلو متراً تقريباً، من هنا إلى القابون [منطقة في ضواحي دمشق]، وإن كان العمران في القابون الآن متصلاً.. قرأت في تاريخ ابن كثير على ما أظن، عن الصّخري أنه كان يصلي على دابته في المدينة، لكن لم يذكر الدليل.. الخلاصة: فصلاة النافلة ماشياً أو راكباً يجوز ولو بالسّفر القصير ولو كان ميلاً أي مسافة نصف ساعة مشياً.. أنا في بعض الأحيان أصلي وأنا أسوق السيارة، أو عندما أكون في السّيارة أصلِّي سنَّة العشاء، وهذا لم يكن من عادتي، ولكن في المدة الأخيرة أصبحت محتاجاً صحياً لأن أخرج، فأصلي سنة العشاء والوتر وأنا راكب في السيارة، أو عندما أسافر خارج البلد، أعملُ بهذا الحديث.. وكذلك يصح في حال الخوف أن يصلي الإنسان كيفما أمكنه

وفي الْتِحامِ الحربِ صَلَّوا مهما أَمْكَنَهُم رُكْبَاناً أو بالإِيْما

صلاة الخوف على المال

قال العلماء: لو كان المُصلّي في أثناء صلاته في مسجد أو غيره وحدث له أمرٌ كأن يسرِق حذاءه شخص ما، صارت صلاته صلاة الخوف على المال، فيجوز أن يلحق به ولو صار ظهره إلى غير القبلة، حتى لو ركض وراءه لا تنقطع صلاته.. فانظروا إلى فقه الحُكْم؛ حتّى وأنت بين يدي الله عزَّ وجلَّ، وممكن أن يذهب مالك، فالشّرع لم يقل لك اترك مالك لأجل صلاتك، وهذا كلَّه إشارة من الإسلام إلى العناية بالمال، وعدم إضاعته، حتّى وإن كنت في الصّلاة لا تهمل المال، وكم من النَّاس باسم الدّين والتّصوف والإيمان ومحبّة الله صاروا عاطلين عن العمل وكسولين، لا يذهب إلى عمله حتّى الظّهيرة، ويذهب من وقت عمله ساعة وساعتان، ليس فقط في التّجارة والصّناعة، بل وفي العلم وفي الدّراسة.

من صفات المؤمن

يجب على المؤمن أن يكون صاحب همّة، وعليه أن يعرف قيمة الوقت، وأن يكون حكيماً وخلوقاً وتقياً وبارَّاً يعرف واجباته، ويؤدي الواجب وكذلك النّافلة، وبذلك يكون إنساناً ناجحاً، فإن كان شيخاً فسوف ينجح، وإن كان تاجراً سينجح، أو كان ابناً سينجح، أو زوجة ستنجح، فسبب عدم النجاح هو الجهل العلمي أو الجهل العملي، والجهل العملي أبلغ، فقد يكون عالِماً فِكْرياً [نظرياً] لكن عند التّطبيق لا يعمل عمل المتعلم، بل يعمل عمل الجاهل، كأنَّه لم يدرس شيئاً، فماذا استفاد من العلم؟ كالَّذي يعلم أضرار الخمر وهو طبيب ويشرب الخمر، هل هذا عالم بالطب أم جاهل؟ هذا عالم ذهنيّاً جاهل عمليّاً.

فجهل العمل كما لو عرف ضرر السّمّ وحَذَّر منه، وقد انتفع النَّاس منه، ثم بعد ذلك تجرَّع بنفسه ذلك السّمّ، فهل نفعه علمه؟ لا لم ينفعه علمه، وهو الَّذي قال الله تعالى عنه: ﴿وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ [سورة الجاثية: 23].

من الإيمان الحبّ ويتبعُ الحبَّ موافقة المحبوب

وكذلك الذي يعرف ضرر السّجائر.. لماذا يجب على الإنسان أن يترك السجائر؟ لأنَّها ضارة، فإذا عرفت وشعرت أنَّها ضارة، ثمّ لم تتركها فأنت لست بمؤمن؛ لأنَّ من الإيمان الحبّ، ويتبع الحبّ موافقة المحبوب.. هذه ابنة “هشام سبسوب جدها إسماعيل” هذا الرجل- إسماعيل- بركة ويُتبارك به، وهو إنسان تقي مُسَلْسَل من أبناء الجامع، [“مسلسل” هنا بمعنى أنه هو وأبوه وجده من أبناء الجامع] وكانت أمه حمامة المسجد في حياة شيخنا، وإذا عصرتها لا يخرج منها تِفْل [شوائب وبقايا] ولا قيد شعرة، فكلها ذكر وإيمان من حياة شيخنا، وقد أدرك هو- إسماعيل- شيخنا، أصيبت حفيدته ابنة ابنته وهي طفلة صغيرة بالتهاب في اللوزتين والناميات، وقرر الأطباء استئصالهما؛ لأن التنفس صار صعباً، وصارت إزالتهما واجبة، وقد قرأت بحثاً كبيراً في فقد الجسم للوزتين في كتاب الدكتور “أمين رويحة” (التّداوي بلا دواء) بحث لعلماء أوروبا، يقول فيه: “إن من أكبر الجنايات استئصال اللوزتين” ويذكر علماء إيطاليا وفرنسا من الأطباء أنَّ اللوزتين قلعة لها جنودها، وهي للدفاع عن الجسم ضد الجراثيم، فالالتهاب بسبب تكاتف الجراثيم، وهذا الالتهاب يصير كمَدَدٍ وطلب للنّجدة من الإنسان لينقذ هذا الجندي في المعركة الَّذي أحاط به الخطر من كلِّ الجهات، فالأطباء الأوربيون يقولون بدل أن نبعث للّوزتين نجدة نحكم عليهم بالإعدام والاستئصال، فيتشوه الجسم تشوهاً لا إصلاح له، وقالوا: إن الصيام ينقذ من ذلك، وعندما يأمر الطبيب بالاستئصال يكون بسبب عجزه عن المعالجة، أمَّا الصوم فلا يَعْجَز، ولكن إذا وصلوا إلى درجة العدم فيكون ذلك بسبب إهمال الصيام.

فضل الشيخ على المحب ولو كان طفلاً صغيراً

هذه الطفلة لم تتجاوز الأربع سنوات، وقد رأيتموها يوم الجمعة طولها شبرين ونصف، هل من الممكن أن تصوم هذه على الماء؟ ولكن ببركة الإيمان والحب، قالوا لها: بأن الشيخ يريد منك أن تصومي، قالت: إن كان الشيخ يريد ذلك فسأصوم.. ما أعظم الإيمان! ما أعظم فضله على المحبّ! حب الشيخ يجعلك لا تعصي ولا تسْكَر ولا تقامر ولا تزني ولا تصاحب السفهاء، لا لغو بل جد وإنتاج، ويجعل مالك لا يذهب سدىً.. قال لي أخ من إخوانكم وكان ضابطاً: لك فضل عليَّ في امتلاكي لبيتي وفي زواجي ورزقي وادخاري، فسألته عن السبب، فقال: كلُّ رفاقي الذين هم من رتبتي ليس عندهم إلى الآن لا بيت ولا زوجة وهم مديونون دائماً، لا يكفيهم الرّاتب أسبوعاً واحداً، قلت له: ما السبب، قال: بسبب القمار والرذائل والسفاهات، وأنا قد تربيت عندك فلم أضع قرشاً واحداً في غير مكانه.. هل هذا فقط من الشيخ؟ بل لا يُعَدُّون.

وأتاني مرة أخ من إخوانكم وهو أبو عصام، عندما كان ضابطاً قدموا له تعويضاً، فجاءني وقال لي: يا سيدي أتاني تعويض عشرون ألفاً، أريد أن أشتري سيارة، فهل تأذن لي؟ قلت له: لا لن آذن لك، لم يقل لي: لماذا، قال لي: مثل ما تأمرني، قلت له: هل عندك بيت؟ قال: لا، قلت له: أولاً اذهب واشتر بيتاً وبعدها اشتر سيارة، فأخذ بهذه النّصيحة واشترى بيتاً في حي المهاجرين، أصبحت قيمته الآن خمس مئة أو ست مئة ألف، وكان في ذلك الوقت بثلاثين أو أربعين ألفاً، دفع عشرين وقسط الباقي، ولو أنَّه اشترى سيارة فماذا سيفعل بالسيارة؟ وكيف سيكون حاله؟ فتلك الطفلة بالإيمان والحبّ صامت أسبوعاً على الماء، بدأ التّحسن من اليوم الثّالث، وصارت الآن تأكل الفواكه فقط، وهناك من له شارب بقدر قرن الثّور أو قرن الخاروف، إذا سألته هل تصوم؟ يقول: لا أستطيع يا سيدي، لماذا لا تستطيع والبنت الصغيرة تستطيع؟ تلك عندها إيمان، وأنت معدوم فيك الإيمان، تلك البنت عندها حب، وأنت معدوم عندك الحب، هل يستطيع خمسون طبيباً أن يقنعوا طفلة بالصّوم كما فعل الإيمان؟ هذا هو الإيمان، وبهذا الإيمان فتح المسلمون الدنيا وتوحدوا وصاروا ملوك الدنيا والآخرة، من أين أتاهم هذا الإيمان؟ بالتأكيد من صحبة المعلم المربّي، أين المعلم المربي الآن؟ يكاد أن يُفقد، أسأل الله أن يأذن ويهيئ لكلِّ مسجد أكثر من مربٍ.

فالشاهد: أن صلاة النّفل قاعداً تجوز في السّفر القصير، من يتذكر الحكم الشرعي للصلاة في الطائرة إذا لم يكن هناك مكان للصلاة؟ يصلي في مقعده إيماءً، أنا لا أذكر ذلك جيداً، وإذا لم تتذكروا الحكم الشرعي الصحيح نأجلها للدرس القادم بعد أن تراجعوا المسألة جيداً، وهذا بالنسبة للفرض فقط، لأن النوافل تجوز بالاتفاق، راجعوا هذه المسألة بشكل جيد؛ لأنه لا يصح للإنسان أن يعتمد على ذاكرته، سنعيد لكم في الدّرس القادم حديث الصّلاة على ظهر الدّابّة؛ لأهميّة هذا الموضوع.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مُلْحَق

خاتمة: لك الأجر مرتين!

وبالنسبة لصلاة الفرض في الطائرة ممكن أن نقيسها على الصلاة في السفينة قاعداً إذا كان يدوخ [يشعر بدوار في رأسه] أو لا يستطيع أن يتمكن، في هذه الأحوال دائماً يتبع ما قيل

وفي التحام الحرب صلوا مهما أمكنهم رُكْبَاناً أو بالإيما

وكذلك يأخذ المؤمن بقول الله عزَّ وجلَّ: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [سورة التغابن: 16]، فلا حرج عليه إذا صلاها قضاءً فيما بعد أو صلاها بوقت مناسب.. أذكر أنه ورد في حديث نبوي، قال: كان الصحابة في سفر ففقدوا الماء فتيمموا وصلوا، ثمّ وجدوا الماء فأعاد بعضهم الصلاة بالوضوء وبعضهم لم يعد، ولما رجعوا إلى النبي ﷺ ذكروا له ذلك، فقال للذين لم يعيدوا: ((إن الله عزَّ وجلَّ ما حرم الربا على عباده ويريد أن يأخذه منكم)) أي أنه فرض عليكم صلاة واحدة، فهل يأخذ مئة بالمئة؟ وقال للذين أعادوا صلاتهم.. انظر يا بني إلى الفقه النبوي، قال لهم: ((كتب الله لكم الأجر مرتين)) 24 . أي أقر للطرفين، هذه هي الحكمة والفقه، فالذي يدرس الفقه الحنفي فقط يَخسر هو، ويُخَسِّرُ الإسلام في ميادين كثيرة، فعليه أن يقرأ المذاهب كلها بقدر الإمكان، ويطلع على الأحاديث النّبوية، فعوضاً عن أن يلبس ثوباً ثخيناً من البلاستيك لا يستطيع التّحرك به يلبس عباءةً يتحرك بها كما يريد.. هل لدى أحد منكم سؤالاً؟ لا يوجد.

إلى صلاة الضحى، حتى يكتب الله لكم ثواب حجة وعمرة مقبولتين مقبولتين مقبولتين 25 .

والحمد لله ربّ العالمين.

Amiri Font

الحواشي

  1. تاريخ بغداد للخطيب، (14/261).
  2. سنن الترمذي، كتاب أبواب الصلاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الأذان في السفر، رقم: (205)، (1/ 399)، سنن النسائي، كتاب الأذان، باب أذان المنفردين في السفر، رقم: (634)، (2/8).
  3. صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة المسافرين وقصرها، رقم: (686)، (1/ 478)، سنن أبي داود، كتاب الصلاة، تفريع أبواب صلاة السفر باب صلاة المسافر، رقم: (1199)، (1/ 384)، بلفظ: ((عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) فَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ . فَقَالَ عُمَرُ رضى الله عنه عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ».
  4. مسند الإمام أحمد بن حنبل، حديث المقدام بن معد يكرب الكندي أبي كريمة عن النبي صلى الله عليه وسلم، رقم: (17213) (4/130).
  5. سنن ابن ماجه، باب فضل الأذان وثواب المؤذنين، رقم: (723)، (1/ 239)، بلفظ: عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبيه وكان أبوه في حجر أبي سعيد قال، قال لي أبو سعيد: إذا كنت في البوادي فارفع صوتك بالأذان. فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لَا يَسْمَعُهُ جِنٌّ، وَلَا إِنْسٌ، وَلَا شَجَرٌ، وَلَا حَجَرٌ، إلَّا شَهِدَ لَهُ))، صحيح البخاري، كتاب الصلاة، باب رفع الصوت بالنداء، رقم: (609)، (1/ 125)، بلفظ: ((فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
  6. صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب فضل الأذان وهرب الشيطان عند سماعه، رقم: (389)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (10268)، (2/483).
  7. سنن النسائي، كتاب المواقيت، باب الوقت الذي يجمع فيه المسافر بين المغرب والعشاء، رقم: (597)، (1/ 288).
  8. صحيح مسلم، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، رقم: (705)، (1/ 490)، بلفظ: ((عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ، فِي حَدِيثِ وَكِيعٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ كَيْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ)).
  9. المعجم الكبير للطبراني، رقم: (237)، (11/ 169).
  10. رواه البخاري، كتاب العلم، باب ما كان النَّبي صلَّى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا، حديث رقم: (69).
  11. فيض القدير للمناوي، رقم: (5094)، (15/ 55).
  12. مسند الشافعي، ترتيب السندي، رقم: (512)، (1/179)، ومعرفة السنن والآثار، رقم: (6072)، (4/259).
  13. مصنف ابن أبي شيبة، رقم: (34663) (7/120)، ومسند الشهاب القضاعي، رقم: (335)، (1/219).
  14. كنز العمال، رقم: (45859)، (16/554). عن أبي غرزة أنه أخذ بيد ابن الأرقم، فأدخله على امرأته فقال أتبغضيني؟ قالت: نعم، قال له ابن الأرقم: ما حملك على ما فعلت؟ قال كثرت على مقالة الناس، فأتى ابن الأرقم عمر بن الخطاب فأخبره، فأرسل إلى أبي غرزة فقال له: ما حملك على ما فعلت؟ قال: كثرت علي مقالة الناس، فأرسل إلى امرأته فجاءته ومعها عمة منكرة فقالت: إن سألك فقولي: استحلفني فكرهت أن أكذب، فقال لها عمر: ما حملك على ما قلت؟ قالت: إنه استحلفني فكرهت أن أكذب، فقال عمر: بلى فلتكذب إحداكن ولتجمل، فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام. "ابن جرير".
  15. خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة عام الفتح في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس فبلغه أن الناس قد شق عليهم الصيام فدعا بقدح من الماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون فأفطر بعض الناس وصام بعض فبلغة أن ناسا صاموا فقال أولئك العصاة. صحيح مسلم كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية إذا كان سفره مرحلتين فأكثر وأن الأفضل لمن أطاقه بلا ضرر أن يصوم ولمن يشق عليه أن يفطر، رقم: (1114)، سنن الترمذي، كتاب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في كراهية الصوم في السفر، رقم: (710) سنن النسائي، كتاب الصيام، باب ذكر اسم الرجل، رقم: (2263).
  16. مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (443)، (1/496).
  17. سنن الترمذي، كتاب أبواب الصلاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الجمع بين الصلاتين في الحضر، رقم: (188).
  18. ذكره الشافعي في مسنده ولم يسنده، قال: "كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم يأمر المؤذن إذا كانت ليلةٌ باردة ذات ريح يقول: ((أَلا صَلوا في الرِّحَالِ))، وفي بعض الأحاديث: "إذا ابتلت النعال فالصلاة في الرحال". مسند الشافعي، (1/63).
  19. التوحيد لابن منده، رقم: (232)، (2/92).
  20. قال ابن حجر: " أخرجه الدارقطني وإسناده ضعيف جداً، الدراية في تخريج أحاديث الهداية، (1/213).
  21. أصل الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقار ولا تسرعوا فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا)) صحيح البخاري، كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأتِ بالسكينة والوقار، رقم: (610)، سنن النسائي، كتاب مناسك الحج، باب فرض الوقوف بعرفة، رقم: (3018) مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (2427)، (1/269).
  22. صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة المسافرين وقصرها، رقم: (686)، سنن أبي داود، كتاب الصلاة، تفريع أبواب صلاة السفر باب صلاة المسافر، رقم: (1199)، سنن الترمذي، كتاب تفسير القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ومن سورة النساء، رقم: (3034)، سنن ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب تقصير الصلاة في السفر، رقم: (1065)، سنن الدارمي، كتاب الصلاة، باب قصر الصلاة في السفر، رقم: (1505)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (174)، (1/25).
  23. مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (19717)، (4/413). وإسناده ضعيف لضعف يونس بن الحارث.
  24. سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب في المتيمم يجد الماء بعد ما يصلي في الوقت، رقم: (338) سنن الدارمي، كتاب الطهارة، باب التيمم، رقم: (744)، بلفظ: ((عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِي قَالَ خَرَجَ رَجُلاَنِ فِي سَفَرٍ فَحَضَرَتْهُمَا الصَّلاَةُ وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَاءٌ فَتَيَمَّمَا صَعِيداً طَيِّباً فَصَلَّيَا ثُمَّ وَجَدَا الْمَاءَ بَعْدُ فِي الْوَقْتِ فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا الصَّلاَةَ بِوُضُوءٍ وَلَمْ يُعِدِ الآخَرُ ثُمَّ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَا ذَلِكَ فَقَالَ لِلَّذِي لَمْ يُعِدْ «أَصَبْتَ السُّنَّةَ وأَجَزَأَتْكَ صَلاَتُكَ»، وَقَالَ لِلَّذِي تَوَضَّأَ وَأَعَادَ «َلَكَ الأَجْرُ مَرَّتَيْنِ»)).
  25. سنن الترمذي، باب ذكر ما يستحب من الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، رقم: (589)، (3/3)، بلفظ ((مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ». قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ». قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
WhatsApp