تاريخ الدرس: 1992/07/17

في رحاب التفسير والتربية القرآنية

مدة الدرس: 01:30:48

سورة الحديد، الآية: 21 / الدرس 5

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتمُّ التسليم على سيدنا محمدٍ، وعلى أبيه سيدنا إبراهيم وأخويه سيدنا موسى وعيسى، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وبعد:

مشيئة الله تعالى في أفعاله وعطائه

يقول الله تعالى: ﴿سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ يعني: هذه الجنَّة ﴿أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ يعني المسابقة إلى المغفرة وإلى الجنة ﴿فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ [الحديد:21].

ودائمًا إذا ذُكرتِ المشيئة في القرآن، كقوله تعالى: ﴿يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ [النحل:27]، ﴿يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [النور:38]، ﴿وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ [آل عمران:26]، وهنا: ﴿ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ فمشيئة الله عزَّ وجلَّ في أفعاله وعطائه، كما لو أراد أن يرزق إنسانًا بغير حساب فإن هذا الرزق والعطاء قائمٌ على الحكمة، وقائم على الأسباب والمسببَّات ﴿يُضِلُّ مَن يَشَاءُ ليس بلا رقيب، أو بشكلٍ فوضويٍّ، الإضلال لا يعني أنَّ الله يُجبرك على الإضلال، لا، بل إذا فعلتَ كذا وكذا فقانون الله يُبيِّن بأنَّك حتمًا ستسير إلى الضَّلال، ﴿وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ يعني أن قانون الله يُحتِّم عليك أنك إذا سلكتَ الطريق الفلاني، وأتيتَ بالأسباب الفلانيَّة فحتمًا سيصير أمرك إلى هداية، وهذا ﴿مَن يَشَاءُ بحكم الْمُطلَق لا الْمُفصَّل، فالقرآن دائمًا يُفسِّر الْمُطلَق العامَّ بالْمُقيَّد الخاص المُوَضَّح، فالهداية بالمشيئة العامة ﴿وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ، فُسِّرتْ في موضوعٍ آخرٍ بقوله تعالى:﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا يعني الذين طلبوا الهداية ﴿زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ [محمد:17].

مَن يطلبِ الهداية يهدِه الله ومَن أراد الضلال يضله

ممن يكون طلب الهداية؟ وممَّ يكون؟ العسل مِمَّ يكون؟ وممَّن يكون؟ يكون مِن خلية النحل، ويُستخرَج من رحيق الزهر، ومِن هنا يُطلَب العسل، فإذا طلبت العسل مِن مصادره ومن صُنَّاعه، ﴿ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ [الحديد:21] فالعسل مِن فضل الله تعالى، ولا تستطيع أنتَ أن تصنع العسل، وأهل الدنيا كلهم لا يستطيعون أن يصنعوه، ولكن العسل يصنعه النحل وهذا مِن فضل الله، ﴿وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا إلى أنْ قال: ﴿فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ [النحل:69] لكن مَن علَّمها؟ ومَن ألهمها؟

كذلك ﴿يُضِلُّ مَن يَشَاءُ [النحل:27] فإن الله عزَّ وجلَّ لا يُجبرك على الضلال، ولا يُمسكك مِن رقبتك ويُوقعك بالضلال، بل أنتَ تسلُك أسباب الضلال، وأنتَ تصحب الضالين، وأنت تسهر معهم وتأكل معهم وتشرب معهم وتُناكحهم وتُزاورهم، وقد قال النبي ﷺ: ((المرءُ على دينِ جليسه)) 1 ، والقرآن يقول: ﴿فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ [النساء:140]، فالذي يُجالس النبي ﷺ هل سيكون كالذي يُجالس ابن سلول رأس المنافقين؟ ﴿يُضِلُّ مَن يَشَاءُ [النحل:27]، مَن المقصود؟ مَن جالس ابن سلول، ﴿وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ [النحل:27]، مَن المقصود؟ مَن جالس وهاجر وأحبَّ رسول الله ﷺ بالقول والعمل في الحضور والغياب، وأظهر مِن الحُبِّ في ميدان العمل ما يتناسب مع قانون الحُبِّ.. وكل إنسان يسرُّه أن يكون مِن أحباب رسول الله ﷺ، ومِن أحباب الله عزَّ وجلَّ، لكن هذه نية، والنية يجب أن تُتْبَع بالأسباب التي تحقِّق النية، كنيَّتِك أن يرزقك الله الولد، فإذا لم تأتِ بأسباب مجيء الولد وهو الزواج، والمهر وكذا وكذا، فإن الأُمْنِيَّة تبقى أُمْنِيَّة، لذلك قال الله تعالى: ﴿سَابِقُوا وهنا تحصل المشيئة، ونصير إلى الجنة، قال: الجنة تحتاج إلى ركضٍ وسباقٍ، فهل يمشي الإنسان ببطئ أم يمشي بمنتهى السرعة؟ كما إذا أُعلن عن مسابقة عِلمية، وفيها بحوث، فماذا يفعل المتسابقون؟ ينكبُّون على دراسة الموادِّ التي يُراد امتحانهم بها ليل نهار، والْمُجِدُّ الأكثر، والحافظ الأكثر، والْمُستعدُّ الأكثر هو الذي يفوز بالمسابقة.

وكذلك المسابقة في التعهُّدات التي تسمَّى مُناقَصَة، مَن الذي يسبق في أخذ التعهُّد؟ [التعهّد وجمعه التَّعَهُّدات، وهو مصطلح تجاري في سوريا، حيث يتعهد التاجر من خلال عقد رسمي ببناء بناء أو شراء بضاعة وما شابه] الذي يُقدِّم سعرًا أنقص مِن سعر الباقين، وعندما يأخذها ويُقدِّم الأرخص يقولون: “إنّ الله تفَضَّل عليه”، لكن هل هذا بأسبابٍ أم بلا أسبابٍ؟ والمسلمون في الأعصر الأخيرة صاروا يفهمون القرآن فهمًا مغلوطًا، [فإذا شاهد رجلًا عاصيًا] يقول لك: اتركه ﴿يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ [النحل:27] لكن أين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والغَيرة على رضاء الله وتنفيذ أوامره والغضب له، والاهتمام بإزالة الْمُنكرات في كل مكانٍ ومن كل إنسانٍ غافلٍ بحسب الطاقة، وبالحكمة والموعظة الحسنة؟

من شروط التوبة النصوح

لقد وصل التحريف في الإسلام كما حرَّف أهل الكتاب التوراة والإنجيل، ومما حرفوا مفهوم الإيمان بالقضاء والقدر، وهكذا المسلمون الجاهلون الذين لم يتعلَّموا يُحرِّفون الإسلام، وهل يصير الإنسان نجارًا لأنَّ أباه نجار فقط؟ هل يصير نجارًا بالنسب؟ والذي أبوه طبيب هل بمجرَّد أنه ابن الطبيب يصبح طبيبًا؟ فإذا لم يجتهد كاجتهاد أبيه ويسلك الطريق الذي سلكه أبوه لا يكون نجارًا ولا طبيبًا، وإذا ادَّعى ينفَضِح أمره ويُخزَى.

﴿سَابِقُوا الجنَّة تحتاج إلى تشمير، والناس يظنون أنه ما إن يقل: “الله غفورٌ رحيم” فإن المغفرة تكون له، وكأنه هو الله.. فهو المذنب وفي الوقت نفسه هو الله الغافر، يعني إذا كنتَ تقول: “الله غفور رحيم”، يعني أنتَ غُفرتَ ذنوبك، فأين الله؟ أين كلام الله؟ أين الشروط التي ذكرها الله في القرآن حتى تصل إلى المغفرة؟ الله تعالى يقول: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ [طه:82].

التوبة النصوح هي أن تترك الذنب تركًا بلا عودة، هذه التوبة النصوح، ترك الخمر بلا عودة، وترك القمار بلا عودة، وترك صُحبة الفسقة الفجرة، فإذا تبتَ وتركتَ الخمر وعدتَ وجلستَ مع السِّكِّيرين فإنك ستعود سكِّيرًا، وإذا تبتَ عن القمار وعدتَ إلى مُجالَستهم وإلى لعبهم بالقمار فإن النفس ستتغلب عليك وتُرجعك إلى الذنب.. الثوب إذا نُظِّف مِن الوسخ أَلَا تخاف عليه أن يتَّسخ مرةً أُخرى؟ فمهما نظفته ثم رجع إلى الأوساخ فسيَتَّسخ ولو غسلته مرة ثانية وثالثة.

لذلك ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام بأنَّ رجلًا قتل تسعًا وتسعين إنسانًا، ثم بفضلٍ مِن الله وعناية فكَّر فيما فعل، فندم على ما أَجرم، فدفعتْه الفطرة إلى التوبة، فسأل عن أعبد أهل الأرض في بلده، فدلُّوه على عابدٍ، قال له: أنا فعلتُ كذا فهل لي مِن توبة؟ فقال له: لا توبةَ لك، فقال له: بما أنه لا توبةَ لي فسأُكمِل بك المئة، فقتله، فدُلَّ على عالِمٍ فسأله وقال: أنا فعلتُ كذا هل لي مِن توبة؟ فقال له: ومَن يَحول بينك وبين التوبة؟ الله تعالى يُنادي الْمُذنِبِين: ((إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يمدُّ يَدَهُ باللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ)) 2 .. الله عزَّ وجلَّ يمدُّ يده لك وأنتَ نائمٌ في الليل، أو تَلعب القمار وتفعل وتفعل، ويقول لك: “يا عبدي تب، فأنا معك، وأنا أرى ماذا تفعل، وأنا أسمع ما تقول، وأنا أعلم السِّرَّ وأخفى”، ما السِّرُّ؟ هو الشيء الذي تُخفيه عن الناس، وما الأخفى؟ هي أسرارك التي لم تخطر لك على البال، وستُسِرُّ بها في وقتٍ مِن الأوقات، فهو يعلم أسرارك الحاضرة والأسرار التي لم تُسِرّ بها بعد وستُسِرُّ بها في المستقبل.

قال له العالِم: ومَن يَحول بينك وبين التوبة؟ فتاب على يده 3 ، قال له: لكن حتى تَثبت على التوبة لا تصحب الفُجَّار والأشرار الذين كنتَ تَصحبُهم، ودلَّه على جماعة مِن الصالحين وقال له: اصحبهم بدل صُحبة الأشرار.. لأن الإنسان إذا صحب الأشرار فإنه سينزلق إلى الشرور، فلا يجوز للإنسان أن يحبَّ الأشرار ويصاحبهم، ويأكل معهم ويذهب معهم، فإذا جلس الإنسان بجانب الكنيف، وصار يشرب “أركيلة” أو فنجان شاي أو قهوة، والوقت شتاء وحول الكنيف مزلقات، فإذا لم يسقط فأقل الدرجات أن يشم الرائحة الكريهة، وإذا كان يستمتع بهذه الرائحة الكريهة فهذا يعني أنه جرذ، لأن مَن يستمتع بهذه المناظر والروائح الكريهة هم الجرذان، أما النحل أين تراهم؟ تراهم في الحدائق الغنَّاء، وعلى الورود والزهور التي تَفيض مِسكًا وعِطرًا.

قال له: لتكون توبتك نصوحًا اذهب إلى المكان الفلاني، فهناك جماعةٌ صالحون جالِسهم فلعل الله عزَّ وجلَّ يقبل توبتك.. والله يقبل التوبة، ولكن يجب أن تَثبت على التوبة، ولا ترجع إلى ما كنتَ عليه.. قال: وهو في طريقه أتته ملائكة الموت فقَبضتْ روحه، فنزلتْ ملائكة الرحمة وملائكة العذاب لتأخذ روحه إلى السماء، فقالت ملائكة العذاب لملائكة الرحمة: لماذا أتيتم؟ قالوا لهم: أتينا لأنَّه تاب مِن قلبه وأناب، فنحن أَولى به.. ((التَّائِبُ مِنَ الذَّنبِ كَمَنْ لا ذَنبَ لَه)) 4 .. إلا حقوق الخَلق، فإذا أكل مالًا حرامًا، أو اغتاب إنسانًا، أو آذى إنسانًا فيجب أن يستسمح منه، وإذا كان الذنب غِيبة فالأفضل أن لا تستسمح، لكن تستغفر له، وتدعو له، أو تهديه هدية، أو إذا شككتَ أنك في يوم مِن الأيام قد ظلمتَه بغِيبتك، فادعُ له أو أكرمْه، لعل الله يستبدل السيئات بالحسنات، لأنه: هل التوبة والجنة مجَّانًا؟ لكن الناس يظنون الآخرة مثل الفجل، ولكن حتى الفجل لا تأخذه مجَّانًا، فجنةٌ عرضها السماوات والأرض تريد أن تأخذها بلا أي مقابل؟ هذا جهل يا بني! وهو أصعب مِن جهل الجاهلية.. فقالت ملائكة العذاب: هذا قَتَل مئة قتيل.. فأنزل الله مَلَكًا يقضي بينهم، قال: قِيسوا ما بين الأرضَين، فإن وجدتموه إلى أرض المتقِين والطائعين أقرب فلتأخذه ملائكة الرحمة، وإن وجدتموه إلى أرض الفُسَّاق والمنافقين والأشرار أقرب فلتأخذه ملائكة العذاب، فقاسوا ما بين الأرضَين، ولصدقه في توبته، وإخلاصه في إنابته أوحى الله إلى أرض الطاعة أن تقرَّبي مِن عبدي، وأوحى إلى أرض المعصية أن تباعدي عن عبدي، فقاسوا فوجدوه أقرب إلى أرض الْمُتقين بقلبه وبجسمه بأربع أصابع، فأخذته ملائكة الرحمة.

الجنة تحتاج إلى سباق

﴿سَابِقُوا [الحديد:21] هذا السباق عليك أن تُشَمِّر له، ومعنى السباق أنك ستركض، ومعنى السباق أنك ستعرق، ومعنى السباق أنك ستترك كل شيء إلَّا ما دُعيتَ إلى المسابقة فيه، فإذا كان يوجد توزيع للسُّكَّر أو الزيت وقت الغلاء، وحدَّدوا ساعةً معينةً [لأخذه رخيصاً أو بالمجّان] ألا يصير سباقٌ وتنافسٌ بين الناس؟ والله تعالى يدعونا إلى جنةٍ عرضها السماوات والأرض، وبحسب عقولنا فإننا لا نفهم إلا بهذه اللغة، فإذا كان العرض هو السماوات والأرض فما طولها؟ ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:17]، وإن أحوال الآخرة تشترك مع أحوال الدنيا بالألفاظ والأسماء، أمَّا في الحقائق ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ فالفاكهة فاكهة، والزوجة وزوجة.. لكن زوجة الدنيا وزوجة الآخرة مثل الغوريلا وملكة الجمال، بل لا يوجد تناسب، ﴿وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا [الإسراء:21].

﴿سَابِقُوا [الحديد:21] كم قرأ المسلم القرآن ومرَّ بهذه الآية؟ ويوجد آية ﴿وَسَارِعُوا [آل عمران:133]، فهل فكَّر أن يقف عندها، ويُشمِّر عن ثياب إرادته وهمته، ليرى نفسه في ميدان السباق أين هو؟ إذا كان السباق في طريق بيروت والسباق مِن أول الصحراء وهو ما زال في عدرا فهل هذا يصلح للسباق؟ هل فَهِم السباق؟ هل فهم ما معنى السباق؟ فلا تفرحوا بقراءة القرآن، الله تعالى قال: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ [البقرة:121] ما حقّ التلاوة؟ ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ [ق:37] إن في ذلك: أي القرآن، لَذكرى يعني تذكُّر، والذكرى تنفع المؤمنين، لَمَّا يقرأ القرآن ينتفع بأداء أوامره، واجتناب محارمه، والتخلُّق بأخلاقه، والاستجابة إلى نداءاته، ﴿يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ [البقرة:121] الإيمان أنْ تؤمن بالله وملائكته وكتبه، فهل آمن جيداً بآية واحدة من آيات القرآن؟ أنت مطلوبٌ منك أن تؤمن بكل القرآن، يعني أنْ تفهمه حقَّ الفهم.. فأنا لَمَّا أؤمن بهذه الكأس إنها زهورات، فيقتضي إيماني بأنها زهورات أنْ أشربها، [زهورات: زهور وأعشاب طبية تُغلى مثل الشاي، ويشربها الناس كما يشربون الشاي لفائدتها الطبية أولاً ولطعمها اللذيذ، ويشربها السوريون كثيراً] وإذا علمتُ وآمنتُ أنها مازوت فهل أضعها على فمي؟ هذا هو الإيمان الْمُنجي، وهذا هو الإيمان الذي يُوجب النصر: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم:47].

الإيمان الفعلي سبب السعادة والفَلَاح

هذا هو الإيمان الذي يجعل لك من كل ضيقٍ فرجًا: ((مَنْ أكْثَرَ مِنَ الاسْتِغْفَارِ، جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا)) 5 .. ما الاستغفار؟ هو طلب المغفرة، والطلب باللسان، فإذا طلبتَ شراء بناء باللسان، بأن تقول: أطلب منك يا صاحب البناء أن تبيعني بناءك، يقول لك: أين الثمن؟ تقول له: أنا أطلب منك بالقول.. ربما سيضربك ويسبك ويطردك ويبصق عليك، وكذلك “استغفر الله” يعني أطلب منك المغفرة يا الله، فلمَّا تطلب أي شيء تُهيئ أسبابه، وكما ورد: “إذا أَرادَ اللهُ أَمرًا” إذا أراد أنْ يُعطيك ولدًا “هَيَّأَ أَسبَابَهُ” 6 ، يُهيئ لك الزواج، ويُعطيك زوجة، ويُلهمك أن تشتغل وتعمل وتأتي بالمهر.. الله تعالى لا يعمل إلا بأسباب، والمسلمون اليوم يريدون أن يكونوا أعظم من الله تعالى، لأنهم يريدون النصر بلا أسباب، ويريدون الغنى بلا أسباب، ويريدون النجاح بلا أسباب، ويريدون النصر بلا أسباب، ويريدون العزَّ والفخر بلا أسباب، وإذا رأوا مَن يأتي بالأسباب ويجدُّ ويجتهد، تجدهم له حاسدين ومؤذين، فهم لا يعملون، ولا يمكن للإنسان أن ينتفع إلا مِن عمله، تراه يريد أن ينتفع مِن عمل غيره، ويطلب المستحيل فيصبح منبوذًا في الأرض وفي السماء، والنبي ﷺ سمَّى الحسد الحَالِقَة، فقال: ((لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ)) 7 ، فصلاته التي يُصليها محلوقة، وصومه محلوق، وزكاته محلوقة، يجب عليك أن تأتي بكل أوامر الإسلام وتجتنب كل نواهيه، كما أن السيارة يجب أن تضع فيها كلًّا من العجلات والمحرك والبطارية.. إلخ، ويجب أن تجتنب كل طريق لا يصلح للسير بها، وإذا أردت أن تصعد الجبل بسيارة مرسيدس بطريق جبليّ قاسٍ هل تصل؟ لا، لأنك تستعملها لغير ما صُنعت له.

الله تعالى غفار لمن يطلب المغفرة بأسبابها

﴿سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ [الحديد:21]، والله تعالى يقول لِمن يطلب المغفرة: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ [طه:82] فيجب عليك أنْ تترك المعصية، سواء معصية اليد: بأكل الحرام أو عمل الحرام، أو اللسان: بالغيبة والكذب والنميمة والفساد والإفساد، أو بالعين: بالنظر إلى الحرام، أو بالأذن: بالسماع إلى الحرام، أو بالمجالِس بمُجالسة الفُسَّاق في فِسقهم: في أقوالهم أو أعمالهم أو تصرفاتهم، هذه هي المسابقة، وعليك أنْ تُسابق إلى عكس هذه المعاني؛ إلى مرضات الله عزَّ وجلَّ بيدك وبرجلك وبأذنك وبعينك، فلا تنظر إلَّا إلى أحباب الله: ((النَّظرُ في وَجْهِ العَالِمِ عِبادَةٌ)) 8 أيُّ نظرةٍ؟ نظرةُ الحُبِّ، وإن نظرةً واحدةً بحُبٍّ قد يُسعِد اللهُ عزَّ وجلَّ بها صاحبها مِن الدنيا إلى الآخرة، ونظرة فاسق بيده، أو بلسانه، أو أي عمل قد تُشقي صاحبها من الدنيا إلى الدار الآخرة.

﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ [طه:82]، التوبة: هي أن تُقلِع عن المعاصي، تقلع بكل أعضائك وجوارحك وأعمالك الفاسقة، وأن تعزم عزمًا أكيدًا على التَّرْك الكُلِّيِّ للأصحاب والأعمال والأخلاق والسهرات والذهاب والإياب، هذه هي التوبة، ثم تعمل عكسها، فتستخدم كل جوارحك وسمعك وبصرك وفكرك وقلبك ويدك ومالك في مرضات الله.

﴿لِّمَن تَابَ وَآمَنَ أن تؤمن بالقرآن إيمان العِلم، إيمان الصدق واليقين، وإيمان العمل، ﴿لِّمَن تَابَ وَآمَنَ، الإيمان الحقيقي الذي يوُجب العمل، قال: ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ [طه:82]، يبحث بعد ذلك عن مجالِس العِلم والمعرفة وتزكية النفس، ويبحث عمَّن يُحقِّق له وجوده وشخصيته الإيمانية وشخصيته الإسلامية، فيجب عليك أن تبحث عن مجالس الهداية، ﴿ثُمَّ اهْتَدَىٰ يعني يطلب الهداية، ويبحث على مجالَسة عالِم عامل مُخلِّص داعٍ إلى الله عزَّ وجلَّ مُرشد مُربٍّ مُزكٍّ حكيمٍ، فأين نحن مِن آية قصيرة مِن آيات القرآن؟ هل آمنَّا بها كما أنا مؤمن بهذه الكأس أنها زُهُوْرَات، وكما أنا مؤمنٌ أنه اليوم هو الجمعة، والساعة الحادية عشرة يبدأ الدرس، فمِن إيماني بهذا حضرتُ في الوقت الْمُحدَّد، وأنتم أيضًا حضرتم لإيمانكم، أما لو كنتم غير مؤمنين أنَّ الدرس بهذا الوقت، أو شَكَكتم أو تيقنتم أنه لا يوجد درس اليوم، [فإنكم لن تحضروا]، فهل إيمانك إيمانٌ حقيقيٌّ، أم إيمانٌ طُفُولِيّ، أو إيمانٌ جاهلٌ، أو إيمانُ إنسانٍ لا يفهم شيئًا؟

﴿ثُمَّ اهْتَدَىٰ [طه:82] والله تعالى يقول: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا طَلبوا الهداية مِن مواطنها، ومن مصادرها، ومن ينابيعها وأنهارها ﴿زَادَهُمْ هُدًى [محمد:17]، لأنه لا يَطلب الهداية إلا المهتدي، ولا يطلب الضلال ليزيد ضلالًا إلا الضال، ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:6-7] أي دُلَّنا على الطريق حتى نصل إليهم، وحتى يصيروا جلساءنا ومعشوقي قلوبنا، ((والمرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ وَحَبِيبِهِ، فَليَنظُرْ أَحَدُكُم مَنْ يُخاِللْ)) 9 .

الهداية الحقيقية تحتاج إلى حب قلبي

﴿ثُمَّ اهْتَدَىٰ [محمد:17] بعد ذلك بالدلالة وبالمجالسة وبالصحبة وبالمحبَّة وبالارتباط، حتى ترى هذا الهادي لك هو كل شيءٍ في حياتك، فيجب أن ترتبط بالمرشد الْمُربِّي الْمُزكِّي كارتباط الربيع بالمروج، أو كارتباط العاشق بمعشوقه، أو كارتباط الحريص على المال بثروته وماله، ويجب أن يكون لك هذا الرباط الحُبّي الذي قال عنه النبي ﷺ: ((لا إيمانَ لِمَنْ لا مَحَبَّةَ لَهُ)) 10 ، وهناك أناس ببركة الشيخ صاروا أولياء، وأناس صاروا أبا جهل، وأناس صاروا أبا لهب، ويوجد أناس سَعِدوا برسول الله ﷺ كأبي بكر وعمر والصحابة رضي الله عنهم، حتى صاروا خير أُمَّةٍ أُخرجت للناس.

ويوجد أناس شقوا بالنبي ﷺ حتى صاروا ألعن هذه الأمة كأبي جهلٍ وأبي لهب، ولم يذكر الله مِن أسماء الكفار في القرآن غير أبي لهب وهو عمُّ النبي ﷺ، حتى يفهم الناس أن القرابة الجسدية سواءٌ مع النبي ﷺ أو مع وارث النبي لا تفيد شيئًا، بل يُضاعَف العذاب لصاحبها إذا عمل عكس ما يجب أنْ يعمل، كما أنّه إذا كان مع القرابة الجسدية قرابة الحُبِّ والإيمان فإن الثواب يصير مُضاعفًا، لأنه يصير قدوةً للناس في الخير، ولذلك قال الله تعالى: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ [الأحزاب:30] العذاب الأول قِصاصًا على المعصية، والعذاب الثاني لأنَّ الناس سيقولون: زوجة النبي فعلتْ هكذا، ابن النبي فعل هكذا، زوجة الشيخ فعلت كذا، ابن الشيخ فعل كذا، فيصيرون قدوةً في الضلال والآثام والشرور، ولذلك نص الله على نساء النبي ﷺ، ونص على اسم أبي لهب حتى لا يَغتَرَّ الناس بالأحساب والأنساب، وقال تعالى عن ابن نوح عليه السَّلام: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ [هود:46] هو من أهله جسديًّا، لكن ليس مِن أهله روحيًّا، لأن النسب الجسدي يكون بلقاء الزوجين، والنسب الروحي يكون بالتقاء القلبين والروحين في رحم الحب، وإن الحب الخالص والحب الأخروي والحب الإيماني لا يوازيه كل محبوبات الدنيا، فكل محبوبات الدنيا تفرح بها، ولكن ليس لك منها شيء، فإذا صار مع الإنسان مليار ليرة، ماذا يستفيد مِن المليار؟ يستفيد مِن مئة ليرة سورية ليأكل ويشرب، لكن الباقي لا يستفيد منه قرشًا واحدًا، فيركض ويهلك ويموت حتى يُدخلوه نار جهنم، أو تبقى الأموال لأعدائه، أو لِمَن لا يُبالون به عند موته.. وهذا خَسِر في المسابقة.

﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ [البقرة:121] هل ترضى أن يقال لك: يا كافر بالقرآن؟ الله تعالى يقول لك: ﴿وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا [الحجرات:12] وأنتَ تغتاب، فهل أنت مؤمن بهذه الآية أم كافر بها؟ ويقول لك: ﴿اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ [الحجرات:12] يعني أن لا تظنَّ بغيرك سوءًا، إلا في المعاملات، “إنَّ مِن الحزم سوء الظنِّ” 11 ، هذا في المعاملة، أما إذا رأيتَ شخصًا يحمل زجاجة، فقلت: هذا يحمل الخمر، أو رأيتَ شخصاً معه امرأة فظننتَ به ظنَّ السوء، فهذا لا يجوز، إذ هل أنتَ مأمور بأن تبحث عن أحوال الناس؟ وهل سيسألك الله تعالى: لماذا لم تتحقَّق من هذه المرأة هل هي زوجته أو أمه أو امرأة يعصي الله بها؟ هل سيسألك الله عن ذلك؟ فأنت تترك الذي يسألك عنه، والذي لن يسألك عنه تتدخل به، فكيف الذي يجتاز الحلال إلى الحرام، ويترك الفرض إلى المعاصي والآثام؟ هل هذا ﴿سَابِقُوا؟

﴿سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ [الحديد:21]، بأي شيءٍ تُنال المغفرة؟ بالتوبة والإيمان والعمل الصالح، ﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ [الفرقان:70]، وهذه علامة التائب، بأن ينقلب كذبه إلى صدق، وغيبته إلى ذِكْر محاسن الناس، لأنَّ الله لم يُوَكِّله عنه ليُحاسِب المخلوقات، وينقلب إيذاؤه إلى نفع، وحسده إلى رضى بما رزقه الله عزَّ وجلَّ، وإلى فرح لأخيه المؤمن إذا أكرمه الله تعالى بنعمةٍ مِن مال أو جاه أو دار أو زوجة أو سيارة أو.. إلخ: ((لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ ما يُحِبّهُ لِنَفْسِهِ)) 12 ، والآن أكثر الناس إذا رأى أخاه في نعمة ترى النيران قد اشتعلتْ فيه ويُريد أن يُؤذيَه، ويريد أن يكذب ويحسد ويغتاب، ويريد أن يأفك الإفك، وأن يزيل النعمة التي أنعم الله بها على أخيه.. وقد تكون النعمة نقمة، وإن كثيرًا من الناس أَهْلَكوا دِينهم بدنياهم، وفقدوا دِينهم بِغناهم وبجاههم وبحكمهم وبسلطانهم، كان النبي ﷺ يقول: ((لا حَسَدَ إلَّا في اثْنَتَيْنِ)) إذا أردت أن تحسد فاحسد لكن بشيئين: ((رَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ مالًا، فَسَلَّطَهُ علَى هَلَكَتِهِ في الخَيرِ)) أعطاه ثروةً وصار يُنفقها في الخير وفي ما يُحبُه الله ويرضى، هذا احسده على غايته لا على المال المستعمَل في غير مرضاة الله، احسده على إنفاقه في مرضاة الله، وليس على المال، والثاني: إذا أردتَ أن تحسده ((وَرَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ حِكْمَةً)) العلم والحكمة ((فَهو يَقْضِي بِها بَينَ النَّاسِ)) 13 .

الإخلاص شُعبة من شعب الإيمان

إذا كنتَ مؤمنًا بأنَّ محمدًا ﷺ رسول الله فعليك أن تقبل كلامه، وإذا قَبلتَ كلام الشيطان فقل: “أنا مؤمن بالشيطان ولستُ مؤمنًا بمحمد رسول الله”، واسأل: أين دفن الشيطان لأتبارك بعتباته، لأنك لا تعرف النبي ﷺ إلَّا نافذةً نحاسيةً، والنافذة لا تنفعك، والمؤمن الكامل أفضل عند الله تعالى من الكعبة، قال رسول الله ﷺ: ((ما أعظمكِ وأعظم حرمتكِ عند الله، غير أنَّ المؤمن أفضل عند الله منكِ)) 14 ، فهناك مَن هو أفضل مِن الكعبة.. الحج فرض لا كلام عليه، ولكن يجب عليك أن تحج بتعلُّمٍ مِن عالِمٍ حكيمٍ حقيقيٍّ تتعلَّم منه ما هو الحج، وما هي فرائضه الحقيقية لا الجسديَّة، بل الأخلاقيَّة والروحيَّة والربَّانيَّة، ولذلك يجب أن تلزم الشيخ شهرًا أو سنة حتى تتهيَّأ لأن تكون حاجًّا حقيقيًّا.

والد الشيخ عبد الرحمن بركات رحمه الله كان مِن كبار العلماء والصالحين، فمرة أتى إلى شيخنا يُريد أن يذهب إلى الحج، فقرأ عليه مناسك الحج، قالوا له: أنت عالِم وجئت لتقرأ؟ وهو كان عالِمًا كبيرًا ورجلًا مِن الصالحين، فقال له: صحيح أنني أعرف، لكن إذا لم أتعلَّم ممَّن حج بالفعل فأخاف أنْ أقع في الخطأ.. كم فيه مِن التواضع وهضم النَّفْس! يذهب ليتعلَّم وهو الشيخ الكبير! هذا هو الإخلاص، وهذا الإيمان و”الإخلاص شعبةٌ مِن شعب الإيمان” 15 ، أين: ((بضع وسبعون شعبة)) 16 ؟ متى سنعمل بها؟ هل ننتظر حتى يأتينا ملك الموت ونرى الآخرة والجنَّة والنار ومُنكرًا ونكيرًا؟ هل ننتظر لنتوب هناك؟ ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا [الأنعام:158].

﴿سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ [الحديد:21] الله هكذا يأمرنا، فهل أنتم مستعدُّون لتُلَبّوا نداء الله وتنفِّذوا هذا الأمر الإلهي؟ مَن منكم مستعدٌّ فليرفع أصبعه؟ هل يا ترى تُلَبُّون برفع الأصبع، أم ستُغيِّرون أخلاقكم وأعمالكم وأصدقاءكم وسهراتكم وجُلساءكم وصرف أموالكم وأخلاقكم مع نسائكم والمرأة أخلاقها مع زوجها؟ المغفرة بالكلام شيء سهل، مَن منكم يريد أنْ يصير وزيرًا؟ مَن يُريد أنْ يكون عنده مئة مليون ليرة سورية؟ [الشيخ يخاطب الحضور مباسطًا:] تكلَّموا، أنتَ ألا تريد؟ لكن هل بالتمني وبالكلام وبرفع الأصبع يصير عندك مليون ليرة؟ واللهِ لا يصير عندك ليرة واحدة، فهل سنُسابِق بالتمني أم بمجرَّد السماع أم برفع الأصبع أم بالعمل؟ علينا أن نخرج مِن المسجد ونفتش أنفسنا، ماذا عندنا مِن ذنوب؟ وإذا أراد شخص أنْ يُشارك في مسابقة الركض وهو يحمل كيسًا كبيرًا مِن الإسمنت، هل يرجو أن ينال الشرف ويأخذ الكأس الفضي؟ وإذا كان يحمل خروفًا باليد الثانية هل يمكن أن يسبق؟ فلا نضحك على أنفسنا ونُضحِك الشيطان علينا، إنّ الشيطان لا يَحزن إذا قلتَ: “أستغفر الله وأتوب إليه” وأنتَ غافل عن فهم المعنى، فضلًا عن أنك غافل ولا يخطر ببالك أن تُحقِّق حقيقة هذا المعنى.

السباق إلى مغفرة الله تعالى أن تتوب من جميع ذنوبك

﴿سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ [الحديد:21] فتِّش نفسك، ما الذنب الذي عندك؟ بالعين أو بالأذن أو باللسان أو بالرفيق أو بالرفيقة أو صاحبتكِ أو جارتك أو ابنتكِ أو أختكِ: ﴿لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ الإيمان الحقيقي الصادق ﴿وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ [المجادلة:22] واليوم الآخر: تؤمن بالقيامة وأنَّ الله سيُحاسبك على الفتيل والنقير والقطمير ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7( وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة:7-8] فالذي يؤمن باليوم الآخر هل يتجرَّأ على أنْ يفعل معصيةً ولو نظرة من طرف عينه؟ النبي ﷺ رأى امرأة تُفَلِّي القمل من رأس ولد، وتصدر أصواتاً بأصابعها وكأنها تقتل كثيراً من القمل، فشعر النبي ﷺ أنه قد لا يوجد قمل بهذه الكمية، فقال لها: هل يوجد قمل؟ فقالت له: لا، فقال لها: ((إنَّ الله يكره ويُبغض كَذِبَ الأَنامِلِ)) 17 .

ورأى امرأةً تُنادي ولدها: تعال لأعطيك تمرًا، فقال لها: وهل تريدين أن تعطيه تمرًا؟ قالت: نعم، فقال: ((أما إنك لو لم تريدي ذلك لَكُتِبت لك عند الله كذبة)) 18 .

فكيف الذي يكذب للتفريق بين الزوجين، أو للتفريق وللإضرار بالناس، أو التفريق حتى يأخذ بيعة، كأن يتَّفق مع المشتري ليأخذ البيعة، والنبي ﷺ قال: ((لا يَبِع أَحَدُكُم عَلَى بَيعِ أَخِيهِ، ولا يَشتَرِي عَلى شِرائِه)) 19 ، وإذا سمع أن أحدًا خطب بنتًا يُفسد له الخِطبة حتى يخطبها هو، ويُفسد البيعة حتى يشتريها هو، هل هذا ﴿سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أم سابقوا إلى جهنم وإلى غضب الله وإلى معصية الله؟

﴿سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ [الحديد:21] من ربكم: الله تعالى هو مَن يغفر، وقد سبق وبيَّن لنا طريق المغفرة وكيف ننالها.. ﴿وَجَنَّةٍ [الحديد:21] إذا أنشأ وزير الإسكان خمسين بيتًا، وأقام مسابقةً بالركض مِن هنا إلى الهامَة [منطقة في أطراف دمشق] وأعلن أن الذي يسبق سيأخذ بيتًا، فالذين يريدون البيوت ماذا يفعلون؟ إذا كان له كِرْش [بطن كبيرة] فإنه يُدَمِّر نفسه، ويُخفِّف وزنه شهرًا وشهرين وثلاثة ليستعدِّ لينجح في السِّباق، والله تعالى يقول: ﴿سَابِقُوا فهل فهمتم عن الله ماذا يعني ﴿سَابِقُوا؟ افهموا هذه الكلمة فهي وحدَها تكفي.

أبو جهل هل تزكَّتْ نفسه بالنبي ﷺ؟ لماذا؟ لأنه لم يرتبط، لم يرتبط برابطة الحُبِّ، ولكن قَطَع الرابطة برابطة البغض والعِداء، بالقول وبالعمل، وبكل الطاقات التي يملكها، فسابَق إلى جهنم، وسابَق إلى سقر، وسابَق إلى غضب الله، ونحن نقرأ القرآن ولكن نعمل عكس ما يَطلبه منا القرآن، وبعد ذلك وفي النهاية أَلَا يوجد موت؟ أَلَا يوجد ملك الموت؟ هل تعتقد أنك لن تموت إلَّا بعد خمسين سنة وحينها تتوب؟ بل على العكس ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين:14]، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: ((إذا أَذنَبَ العَبدُ ذَنبًا نَكَتَتْ نُكتَةٌ سَوداءُ في قَلبِه)) 20 فإذا كان قلبك مِثل مرآة صافية ينعكس فيه نور الله.

[وكذلك فإن قلب المولود صافياً]، لأنه على الفطرة يعرف الصدق ولا يعرف الكذب، يعرف الأمانة ولا يعرف الخيانة، ((كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ علَى الفِطْرَةِ، فأبَوَاهُ)) ومجتمعه ((يُهَوِّدَانِهِ، أوْ يُنَصِّرَانِهِ، أوْ يُمَجِّسَانِهِ)) 21 أو صديقه وجليسه: ﴿فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ [النساء:140]، و”قل لي مَن تُجالس، ومَن تُماشي، ومَن تُعاشر، ومَن تُصاحب وأنا أقول لك مَن أنتَ”.

﴿سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ، فالآن عندما تخرجون مِن الجامع هل ستفعلون سِباقًا أم ستتركون الآية فيالجامع؟ هل الذي سمعناه في الجامع نبقيه في الجامع؟ هذا معناه أنه لا يوجد قلب، أو يوجد قلبٌ ميتٌ قاسٍ لا يتأثَّر، ((إنَّ العَبدَ إذا أَذنَبَ ذَنبًا نَكَتَتْ نُكتَةٌ سَودَاءُ في قَلبِهِ)) 22 فإذا تكررت الذنوب ووُضِعتْ نقطة فوق نقطة فوق نقطة تُغطِّي وجه المرآة حتى تُحْجَب، فلا ينعكس فيها شيء مِن نور الشمس.. وبتكرار الذنوب بعضها وراء بعض يقسو القلب، فلا يتأثَّر بموعظة، ولا تنفعه ذِكرى ولا تذكرة، ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16 (ثُمَّ يُقَالُ هَٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ [المطففين:14-17].

الارتباط بأحباب الله وورثة الأنبياء سعادة الدنيا والآخرة

هل تصير نجَّارًا بلا رابطة مع الْمُعلِّم؟ بل إنك تستيقظ مِن نومك وتذهب فورًا إلى العمل وتخاف أن تتأخَّر.. وإذا كنتَ ستدخل مسابقة فهل تستطيع أن تتأخَّر عنها خمس دقائق؟ هذا مِن أجل دنياك التي قد تُسعدك وقد تُشقيك، أمَّا الارتباط بأحباب الله وورثة رسول الله ﷺ، فواللهِ إنها سعادة الدنيا والآخرة، واللهِ ما ارتبط أحد بأحباب الله الارتباط الصادق الْمُخلِص إلا أفلح في الدنيا والآخرة، وهل يُخلِف الله وعده؟ قال: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ [الزمر:10] أَلا تريد أن تصير غنيًّا وموفَّقًا؟ لكن هل تفهمون على الشيخ؟ هل ترتبطون الرابطة الحقيقية؟ انظر إلى نفسك، هل تحب زوجتك أكثر أم شيخك؟ هل تحب ابنك أم شيخك؟ هل تحب سيارتك أم شيخك؟ الله تعالى يقول في القرآن: ﴿لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ [المجادلة:22] شخص يخالِف أوامر الله عزَّ وجلَّ وأوامر رسول الله ﷺ فهل تكون معه على رضاه؟ قال: إنه في عالَم الإيمان بالله لا يوجد إنسانٌ بهذا الشكل، وهذا خارجٌ عن الإيمان، وفي آية أُخرى قال: ﴿قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ هل يوجد أغلى مِن الأب ﴿وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا إذا كانت هذه الأشياء مُنفردةً أو مجتمعةً ﴿أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [التوبة:24] وبعد رسوله ﷺ أَلَا يوجد مَن ينوب عن النبي ﷺ في أداء ما أُرسل به مِن تعليم الكتاب والحكمة والتزكيّة؟ هو قال: ((العُلَماءُ وَرَثةُ الأَنبِياءِ)) 23 ، فهل حُبُّك للشيخ بلغ عُشر ما ينطق به القرآن؟ إذا لم يبلغ فلماذا تقرأ القرآن؟ هل تقرؤه للعِلم والعمل أم لمجرد القراءة بلا عِلم ولا عمل؟ اذهب فجدد إسلامك وإيمانك بالقرآن أولًا وبعد ذلك اقرأ.

عندما أخذ شيخنا الطريق.. ما معنى الطريق؟ الطريق معناه: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] الصراط هو الطريق، لأنه في الطريق يجب أن يُعاهِد الشيخَ أن يمشي على صراط الله المستقيم، ويتوب إلى الله، ويقوم بأداء كل ما فرض الله عليه وطلب منه.. فبعدما أعطى شيخنا العهد لشيخه، قال له: عليك أن تترك كل أعمالك، قال له: عندي دروس، قال: لا تُعطي الدروس، قال له: كل يوم أقرأ خمسة أجزاء من القرآن.. لأنه إذا لم يُكرر ينسى، قال له: وقراءة القرآن تتركها أيضًا، ولا تعمل إلا الفرائض: الصلوات والنوافل، وباقي وقتك تشغله بذكر الله تعالى.. وكان شيخنا مهيَّأً روحياً، فبمجرد أخذه للطريق تَكَهْرَب، لأنه إذا كان السلك على السلك -وفي السلك تسري الكهرباء- ألا تنتقل له الكهرباء؟ ففي الحال تكهرب شيخنا، وبعد أربعين يومًا قال له: الآن ارجع إلى ما كنتَ عليه، قال: لَمَّا رجعتُ إلى قراءة القرآن وجدتُ نفسي أقرؤه خلاف ما كنتُ أقرأ، وأفهمه خلاف ما كنتُ أفهم، وتجلَّى لي مِن أنوار القرآن، وكان تأثري بالعمل بالقرآن بما لا أعرفه قبل أن أقع تحت نظر شيخي، وتحت نظر تربيته رضي الله عنهم وأرضاهم.

قال: إنْ كانت هذه الأشياء ﴿أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ يعني حتى يأتيكم بعذابه ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [التوبة:24]، مَنِ الفاسقون؟ الذين لا يكون الله ورسوله أحبَّ إليهم مِن كل هذه الأشياء، لذلك جرّبوا أنفسكم وافحصوها.. إن الرجل الذي في بصره ضعف، ويضع نظارة يقول له الطبيب: يجب أنْ تُجري فحصًا كل سنة، والمريض الذي بحاجة يقول له الطبيب: كل شهر يجب أن تجري تحليلًا للدم، أليس كذلك؟ والذي يتعلَّمُ عِلمًا إذا لم يكرره دائمًا ألا ينساه؟

فَمَا حَقِيقَةُ إِيمَانِكَ؟

﴿سَابِقُوا [الحديد:21]، فهل أنتم مستعدِّون لأن تُسابقوا؟ وإذا بقي لك ثلاث خطوات للوصول هل تبقى مكانك أم تسير ثلاث خطوات للأمام؟ في كل أعمالك؛ في صلاتك، في ذكرك، في صُحبتك، في محبتك، في جُلسائك، في بيتك، في رفاقك.. ﴿إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ [الحديد:21] فإذا كنتَ تقع في الذنوب فيجب أنْ تمحوَها بالتوبة الصادقة قولًا وعملًا وحالًا وسلوكًا وواقعًا ﴿وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ جهَّزها الله وأعدَّها، لِمَن؟ ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ [الحديد:21] ((إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةً، فَمَا حَقِيقَةُ إِيمَانِكَ؟)) 24 ، لا أن يكون إيمان الأقوال كالمنافقين، بل إيمان القلب، وإيمان العمل، وإيمان السِّرِّ، وإيمان العلن: ﴿وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [التغابن:4].

﴿أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ [الحديد:21] ماذا يقتضي الإيمان بالرسول؟ يقتضي الطاعة، ويقتضي المحبِّة، ويقتضي الامتثال، فقد كانوا يَفدونه بأرواحهم وأموالهم، يروى عن صحابية منهم أنها في معركة أُحُدٍ فَقَدتْ زوجها وابنها وأباها وأخاها، وكلما سمعتْ بواحد منهم أنه قُتل تقول: ورسول الله؟ يقولون لها: هو بخير، فتقول: “كُلُّ مُصيبةٍ دون رسول الله جَلَلٌ” 25 ، فكان النبي ﷺ أحب إليها مِن أبيها وابنها وزوجها وأخيها وحياتها.

سيدنا سعدٌ رضي الله عنه في معركة أُحدِ لَمَّا أخذ المشركون يضربون السهام وَضَع صدره أمام صدر النبي ﷺ، وجعل مِن نفسه درعًا، وقال: “صدري لصدرك وِقاء، وروحي لروحك فداء” 26 .

والذين ينتفعون من الشيخ بأخلاقهم وبدينهم وبتعلُّمهم العِلم الحقيقي والحكمة، مِن أين انتفعوا؟ انتفعوا مِن هذا الباب، هذا الباب أوَّلًا وآخِرًا، و((الْمَرْءُ عَلَى دِيْنِ خَلِيلِهِ)) 27 ، وحبيبه.. اللَّهمَّ إنِّي أسألك حُبَّك، وحبَّ مَن يُحبَّك، وحبَّ عَملٍ يُقرِّبنا إلى حُبِّك.

﴿وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران:133] إذا قلتُ لكم: سابقوا إلى طابقٍ مساحته مئة وخمسون مترًا، [الطَّابِق: في اللهجة السورية هو مستوى أو طبقة في بناء كبير، قد يكون فيه بيت واحد أو عدة بيوت، ويُسمَّى ببعض اللهجات العربية: الدَّوْر] ومن الآن إلى نصف ساعة مَن لا يصل إلى المكان المحدد لا يحصل على بيت، ربما ستتركون الدرس وتذهبون، ولو كان عندك بيت فستسابق وتزاحم غيرك، وتقول: زيادة الخير خير.. إنك مِن أجل بيت من مئة متر تترك الله والمسجد والقرآن والشيخ، وواللهِ يوجد منكم مَن لو يُعطونه الدنيا من شرقها إلى غربها لا يُبادل لا برجْلِه ولا بقلبه ولا بنظره، ومن لا يوجد عنده منكم فليطلب مِن الله، ولا يطلب بالقول ولا بالتمني، بل بالعمل.

﴿أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ [الحديد:21] ما الإيمان بالله؟ أنْ تعبُد الله كأنَّك تراه، والإيمان بكتاب الله أن تَعْلَمَه حقَّ العِلم، وتعمل به حقَّ العمل، ﴿وَرُسُلِهِ ذَٰلِكَ هذه الجنَّة التي عَرْضها السماوات والأرض إذا دفعتَ ثمنها بالتوبة والمسابقة إلى الأعمال الصالحة لتنال المغفرة ﴿ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ [الحديد:21]، وإذا وصلتَ إلى الجنَّة بهذه الأعمال [فأنت الفائز الحقيقي]، وأنت في الدنيا قد تعمل خمسين أو ستين سنة ليكون لك بيت وربما لا يكون، وهذا البيت مئة متر أو مئتا متر، وإذا صار عندك بيت أو بناء كبير فهل هذا أعظم أم جنة عرضها السماوات والأرض؟ فكيف تركض لتلك مع أنك إمَّا أن تحصِّل عليها أو لا تحصِّل، ولا تركض لهذه؟ فهل أنت تعرف التجارة؟ وهل تعرف مصلحتك؟ أين أبوك؟ وأين جدك؟ وأين أمك؟ وأين جدتك؟ وأين رفاقك؟ لقد صاروا في القبور الآن، وهم يتمنَّون لو أنهم يرجعون إلى الدنيا ليُصلُّوا ركعتين بخشوعٍ وحضورٍ مع الله تعالى، ويملِّكونك كل ما ملكوه من الدنيا، لأنهم عرفوا الحقيقة، ﴿وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا [الكهف:46] هل نقول: صدق الله العظيم، أم كذب الله العظيم؟ إذا قلتَ: “صدق الله العظيم” فعليك أن تركض إلى الباقيات الصالحات، وإذا قلتَ: “كذب الله العظيم” فإنك لا تغيِّر وضعك، وتبقى على ما أنتَ عليه، ولو قرؤوا لك القرآن مِن أوله إلى آخره.. ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا [الجمعة:5].. نسأل الله أن لا يجعلنا حميرًا، وأن يجعلنا من بني آدم، ليس بني آدم بالجسم، بل بني آدم بالعقل والفهم والتقوى والإيمان.

كيف تتقرَّب إلى الله تعالى وتصبح محبوبًا له

﴿ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ [الحديد:21] ومَن الذي يشاء الله أن يؤتيَه هذا؟ الذين سارَعوا إلى مغفرةٍ مِن ربهم، وسارَعوا إلى جنّةٍ، وبِمَ تكون الْمُسارعة إلى الجنة؟ بالأعمال الصالحة، وبأداء الفرائض، وبالإكثار مِن النوافل، روى النبي عليه الصلاة والسلام عن الله عزَّ وجلَّ يقول: ((ما تَقَرَّبَ عَبْدِي إلَيَّ)) هل التَّقرُّب بالمكان؟ الله تعالى لا يُحَدُّ بالمكان والزمان، إنما التَّقرُّب إليه تعالى بما يُحبُّه مِن الأعمال، وترك ما يُبغضه مِن أعمالٍ وأخلاقٍ وصفات، الله تعالى يقول: ((وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ))، أحبُّ شيءٍ يُقرِّبكَ مِن الله لتصير محبوبه وموضع عنايته ورعايته أنْ تؤدِّي ما فرض الله عليك مِن عباداتٍ وأعمالٍ وأخلاقٍ ومعاملاتٍ، وبعد أن تؤدي الفرائض: ((ولا يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ)) قال: يا ربي أنا أدَّيتُ كل فرائضي ظاهرًا وباطنًا، أخلاقًا وعبادةً ومعاملةً، وقلبًا وإخلاصًا، وحُبًّا للخير، وبُعدًا عن الشر.. بعد ذلك عليه أن يؤدي ما لا يُطلَب منه، ولم يُفرض عليه، وما دُعيَ إليه باختياره وزيادةً فوق الفرائض، فيؤدِّي النوافل، قال: ((حتَّى أُحِبَّهُ)) 28 ، ما معنى أحبه؟ أولًا كان مُحِبًّا لله، واللهُ مَحبوبًا له، والآن صار مَحبوبًا لله، والله مُحِبًّا له، فأيُّهما أعظم: الْمُحِبُّ أم المحبوب؟ قد تحبُّ شخصًا وهو لا يُحبك، قد تُحب زوجتك وزوجتك لا تُحبُّك، أمَّا إذا صارت زوجتك تُحبك فقد صرتَ محبوبها، وإذا صار الله يُحبك صرتَ محبوب الله.. اللهم إنا نسألك حُبَّك، وأن نُحبَّك وتُحبَّنا، ﴿رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [التوبة:100] الذين رضوا عنه رضوا عن شرعه فسابقوا إلى أدائه، ورضوا بقضائه وقدره، سواء أفقره أو أغناه أو أمرضه أو أَصَحَّه، ففي النعماء راضٍ وفي البأساء راضٍ، هذا هو المؤمن.

الرضا بقضاء الله وقدره

ذكرتُ لكم قصة الرجل الذي زار رئيس عشيرة من العرب، ورأى حول القبيلة جِمالًا ميتة مدَّ البصر، فسأل، فقالوا له: هذه جِمال شيخ القبيلة ماتت كلُّها، قال: فلما لقيتُه رأيتُه جالسًا على تلةٍ، فقام ليعزيه، وقال له: أعظم الله أجرك، وعوَّض الله عليك، فقال له: “كانت باسمي واستردَّها صاحبها”.

إحدى الصحابيات مات ابنها في حياة النبي ﷺ، ولَمَّا أتى زوجها في المساء قال لها: كيف حال الولد؟ قالت له: بخير، قال لها: أريد أن أراه، قالت له: هو نائم وأخاف أن يستيقظ، اتركه هادئًا، فقد نام نومةً لم يَنَم مِن قبلُ مِثلها، فنام عندها بأحسن مَبيتٍ، فلما أصبحتْ قالت له: جيراننا استعاروا وعاءً من جيرانهم، ثم استردُّوه منهم، فلمَّا استردُّوه منهم صاحوا وبكوا وصرخوا، فقال لها: بئس ما صنعوا، فقالت له: وأنتَ كان ابنك وديعةَ الله عندك، وقد استردَّ الله وديعته، فماذا أنت فاعل 29 ؟ هذه هي ملكة الجَمال، أمَّا ملكة الجَمال بالجلد أو بالنقوش أو بالدهان، فالأفعى لا يوجد أحلى من جلدها! هل تحبون أن تضعوا في حضنكم أفعى أو أُم الإبر التي في كل شعرةٍ منها إبرة؟ فالزوجة الصالحة مثل تلك الصحابية رضي الله عنها.. نسأل الله أن يرزقنا الزوجات الصالحات، وأن يرزق نساء المسجد وكل النساء الأزواج الصالحين.

والولد الصالح خيرٌ مِن الدنيا وما فيها، والولد السوء نسأل الله العافية.. يوجد قُرَّةُ العين ويوجد قرْحَة العين، فهناك ولد يقرح عين والديه، وولد يَمْلَأ قلوب والديه فرحًا وسرورًا، وهذا يملَأ الله حياته كلَّها فرحًا وسرورًا، والعكس بالعكس.. نسأل الله أن يوفِّقنا.

قال له: كانت الجِمال باسمي واستردَّها صاحبها، وأنشد قائلًا

لا والذي أنا عَبدٌ مِنْ خَلائِقِه والمرءُ في الدَّهرِ نُصْبَ الرُّزءِ والمِحَنِ

“الرُّزْء” يعني المصائب، فالإنسان في الحياة دائمًا مِثل الهدف، والمصائب هي النشَّاب، وهو دائمًا هدفُها، فمرة يفقد حبيبًا، ومرة يفقد مالًا، ومرة يفقد صحةً، ومرة يفقد ابنًا.. إلخ.

ما سَرَّنِي أنَّ إبلِي في مَبارِكِها وما جَرَى مِن قَضاءِ اللهِ لم يَكُنِ

هذا ﴿رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [التوبة:100].

وتلك المرأة الصحابية قالت لزوجها وأعطته درسًا لا يَقدِر أن يتنكَّر له، فأخبر النبي عليه الصلاة والسلام بقصتها وأنها باتتْ عنده خيرَ مبيتٍ.. ومِن النساء اليوم مِن يكون ابنها سليمًا معافًى فتصرخ وتولول، ويكون زوجها في غاية التعب فتكدِّره وتعكِّره ولا تدعه يرتاح، والمرأة المربَّاة لا تتمرد وتعكر حياة زوجها.. ويوجد نساء كان الله في عون رجالهنَّ عليهنَّ، ويوجد رجال أيضًا أخلاقهم أصعب من البغال، فلا تزكُّوا أنفسكم، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((استَوْصُوا بالنِّسَاءِ خَيرًا فَإِنَّهنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ)) 30 ، وقال ﷺ أيضًا: ((رفقاً بِالْقَوَارِيرِ)) 31 ، يعني أن المرأة كالزجاج الرقيق وأقل شيء يكسر خاطرها، “وما عُبِدَ اللهُ بأفضل مِن جَبرِ الخَواطِر”.

فدعا النبي ﷺ لذلك الصحابي فرزقهم الله تسعة أولاد كلهم كانوا مِن خُلَّص المؤمنين والمسلمين 32 .

قصة: صبر أبي عبد الله القرشي على زوجته

وبالنسبة للزوجَين يقال: كان أبو عبد الله القرشي مِن كبار الأولياء، لكنَّ زوجته كانت مِن كبار المنحوسات، دمها ثقيل [غليظة] وأخلاقها غليظة، وربما منظرها كريه أيضًا، وزيادةً على ذلك كانت لا ترضى أن تكنس الأرض حتى تجلس فوق كتفه وتكنس [الشيخ يسأل أحد الحضور ملاطفًا:] ما رأيكَ هل تتحمَّلها؟ فلم يعد أبو عبد الله القرشي يطيق العيش معها، فهجرها وذهب إلى البرية، وفي المساء دخل إلى غارٍ فرأى فيه اثنين مِن الصالحين الْمُتعبِّدِين، فسلَّم عليهما وجلس، وصلَّى معهما المغرب والعشاء، ورأى أنه لا يوجد عندهما خبز ولا صحن ولا قِدر ولا أي شيء من أدوات الطعام، ففكر: مِن أين يأكلان ويشربان؟ وبعد صلاة الليل دعا أحدهما، فنزلت مائدة مِن السماء فيها مِن كل ما لذَّ وطاب فأكلوا، وفي الليلة الثانية دعا الثاني، وفي الليلة الثالثة قالوا له: ادعُ لنا أنتَ هذه الليلة، قال: والله أنا لست كحالكم هذا، قالا له: إما أن تدعو وإلا فاذهب ولا تجلس معنا، فنحن لا يجلس معنا إلا مَن هو مِن جنسنا.. فهل القطط تجلس مع الكلاب؟ وهل الفئران تجلس مع القطط؟ يجب أن يكون هناك تجانس.. يقال: إن رجلًا رآى غرابًا يطير مع حمامة، فتعجَّب وقال: كيف يطيران مع بعضهما وهما غير متجانسين! وهذا على خلاف القاعدة، فلمَّا نزلا إلى الأربعاء رأى أن الغراب أعرج والحمامة عرجاء، فجمع بينهما العرج، وهكذا دائمًا الناقصون مع بعضهم، وشاربو الخمر مع بعضهم، والحشاشون مع بعضهم، والمناحيس مع بعضهم، فإذا صاحبتَ الموفَّقين فهذا علامة أنك موفَّق، أو أنك ستوفَّق، وإذا صاحبتَ المنحوس فهذا يعني إمَّا أنك منحوس أو ستكون منحوسًا.

قالا له: إمَّا أن تدعو لنأكل أو تخرج، فصلَّى ركعتَين، ودعا كثيراً، فنزلت مائدتان مِن السماء، وكل واحدة أعظم مِن الموائد السابقة، قالا له: والله لا نأكل حتى تخبرنا بماذا دعوتَ؟ نحن منذ ثلاثين سنة ولا ينزل علينا إلَّا مائدة متواضعة، وأنتَ مِن أول يوم نزلت لك مائدتان وفيهما مِن كل شيء! لا بد من أن تعلَّمنا، قال لهما: أخبراني أنتما أولًا بماذا دعوتما؟ وبعد أخذٍ وردٍ قال لهما: أنا قلتُ: اللهم بحقِّ الدعاء الذي يَدعوك به هذان الرجلان الصالحان لا تسوِّد وجهي وتُخجلني أمامهما ولا تفضحني وأنزل علينا مائدة لنأكل، فدعوتُ بدعائكما، فنزلت المائدتان، قال لهما: وأنتما بماذا تدعوان؟ قالا له: نحن بَلَغَنا أنه في هذا البلد يوجد رجل مِن الأولياء الصالحين اسمه أبو عبد الله القرشي، عنده زوجة سيئة الخلق، فنحن ندعو ونقول: يا رب ببركة صبر أبي عبد الله القرشي على زوجته نحن جياع فأطعمنا.. فالتفت أبو عبد الله القرشي إلى نفسه وقال لها: أيتها الأمَّارة بالسوء، العُبَّاد ينزل الله عليهم موائد مِن السماء ببركة صبرك، ارجعي إلى ما أقامك الله فيه، وإذا كان الله يرزق الأولياء ببركة صبركِ فكيف ستكون منزلتكِ عند الله؟

الإيمان يحتاج إلى معلم مربٍّ مزكٍّ حكيم

هذا هو الإيمان، وهذه هي قراءة القرآن ﴿ذلك فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ [الحديد:21] هل “من يشاء” بالحظ أو بالصدفة؟ بل كله بحساب، ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ [الأنبياء:47]، ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7 (وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة:7-8] الله عزَّ وجلَّ يُسِّجل علينا مثاقيل الذَّرِّ؛ والنظرة تُسجل، والكلمة التي تسمعها تُسجل، ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء:36]، ما نيتك؟ هل تُظهر الحُبَّ وتُبطن الأذى؟ هل تُظهر النصيحة وتُبطن الغش؟ هل تُظهر الأمانة وتُبطن الخيانة؟ هل تخجل مِن الناس ولا تخجل مِن الذي يعلم السِّرّ وأخفى؟ تخاف مِن شرطي السير فلا تمشي على يسار الطريق، ولكن أَلَا تخاف مِن جبار السماوات والأرض الذي قال لك: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا [النساء:56]، أين الإيمان؟ هل يكون الإيمان بلا مُعلِّم، أو بلا مُربٍّ؟ هل تصير نجَّارًا بدون معلِّم؟ وهل يمكن أن تصير سائق سيارة بلا معلِّم؟ وهل تصير شحَّادًا [متسوِّلًا] بلا معلّم؟

يقال: إنه كان لجحا ابنة جميلة جدًّا، خطبها غني مِن الأغنياء، فلم يقبل حجا، فقال له: لماذا؟ قال له: لأنك غني وكلَّما غضبتَ منها ستقول لها: يا ابنة الشَّحَّادين، قال له: ماذا تريد مني سأعطيك، قال له: أريدك أن تشحد [تَتَسَوَّل] أربعين يومًا، وبذلك أزوِّجك ابنتي، حتى إذا قلتَ لها يومًا: يا ابنة الشحادين، تقول لك: أنتَ أيضًا كنتَ تشحد، وبعد أربعين يومًا من التسول خطبها وذهب مع جحا إلى الحَمَّام، [حَمَّام السوق العام] وفي الحمام قال الشاب الخاطب لعمه: عمي هل عندك قطعة صابون تشحدني إياها؟ قال له: الآن زوجتك ابنتي.

فلا يصح الإيمان بلا معلِّم، حتى الحشَّاش لم يصبح حشَّاشًا بلا معلِّم، “والمعلِّمون أربعة: الْمُعلِّم الْمُربي: وهذا أحدهم، والكتاب: كتاب العِلم والتربية”، وأعظم كتاب كتاب الله عزَّ وجلَّ، لكن اقرأه للعِلم والفهم والعمل، وإلَّا فإنه سيكون حُجَّة الله عليك، وسيزداد عذابُك بتلاوة القرآن.. “فالمعلم الأول هو المعلِّم المربي، والثاني الكتاب الصادق، والثالث الصديق الصالح، والرابع الزمان ونَكَباته”، الزمان ومَصائبه، يقال: “مَن لم يتأدَّب بأدب أمه وأبيه فإن الزمان يُربيه”، وهذا أقسى الأساتذة تربيةً.

ويوجد معلم خامس وهو جهنم، وجهنم تربية لِمن لم تتزكَّ نفسه في دار الدنيا، وهم مُخلدون فيها حتى لا يتأذَّى بهم غيرهم في عالَم الدار الآخرة.

﴿ذَلِكَ [الحديد:21] ما هو ﴿ذَلِكَ؟ الجنَّة التي عرضها السماوات والأرض ﴿أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ [الحديد:21]، ذلك: هذا العطاء وهذا المصير وهذه السعادة الأبدية ﴿فَضْلُ اللَّهِ، أنت مهما عملتَ لا تحصل على بيت في الدنيا ولا على “مِعْزِايَة”، ولكن إن كانت “معزاية” هل تكون أنت زوجها التَّيْس؟ [معزاية: كلمة عامية وهي في الفصحى: أنثى الماعز، وأتى سماحة الشيخ بهذه الكلمة ممازحاً الحضور ومنتقداً من يستخدم هذه الكلمة بأسلوب غير مباشر يَفْهَمه تلامذة الشيخ، لأن من المنتشر بين الناس العوام والجهلة أن يقولوا أحياناً عن الزوجة “معزاية”.. وهنا في السياق تحمل معنيين -والله أعلم- فالأول أنك تبذل جهوداً عظيمة طول عمرك ثم لا تستطيع بعدها شراء بيت وأن تتزوج بامرأة غاية في البساطة والدَّرْوَشَة.. والجدير بالذكر أنه رحمه الله كان يكره كثيراً مثل هذه الكلمات أن تقال عن الزوجة، لذلك أشار بعد ذلك أنك لو تقول عن زوجتك معزاية فهذا يعني أنك “تَيْس”، والتيس ذكر الماعز، ويبدو المعنى هنا: يا أيها الزوج لا تكن أخلاقك في البيت كأخلاق التَّيْس.. والله أعلم].

﴿ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ [الحديد:21]، لأننا لا نستحقُّ الجنة بأعمالنا، كما قال ﷺ: ((لَنْ يَدخُلَ أَحَدٌ مِنكُمُ الجَنَّةَ بعَمَلِه)) 33 ، فجدرانها لَبِنةٌ مِن ذَهَبٍ ولَبِنةٌ مِن فضة، وحَصبائُها الدُّرُّ والياقوت، وطينها: ملاطها المسك والزعفران، فالصلاة بخشوعها وخضوعها وامتثال كل أوامرها، هل تستحق أن تكافأ عليها ببيت؟ الله تعالى يُعطيك جنَّة عرضها السماوات والأرض، فإذا لم تعمل بمقتضى القرآن فأنتَ لا تطبِّق هذه الآية، وليس لها مكانة في قلبك ولو مثقال ذرة، ولو استقرَّت في قلبك لَتبدَّلَتْ أعمالك وأخلاقك ورفاقك وسهراتك واكتساب المال وإنفاق المال ونطق لسانك ونظر عينك، هذا كله يتبدَّل.. نسأل الله عزَّ وجلَّ أن ينقلنا مِن الظلمات إلى النور، ومِن الجهل إلى العِلم النافع، اللهم إني أعوذ بك من عِلمٍ لا ينفع.

حب المؤمن لله تعالى يظهر في الأعمال والكلام

هناك مَن صاحب النبي ﷺ كابن سلول، وكان أشَرّ الكافرين في زمن النبي ﷺ، مع أنه كان يُصلِّي مع النبي ﷺ، ويذهب إلى الجهاد مع النبي، وينفق أمواله، ولكنه مِن الداخل كان كذابًا، فكان مِن خلف النبي يطعن بالنبي ﷺ، وهو أول مَن أساء بتهمة السيدة عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ [النور:11]، ومع ذلك كان النبيُّ عليه الصلاة والسلام، يعوده إذا مرض، وفي كل مناسبة كان يزوره، ومرة كان مريضًا فزاره النبي ﷺ -وتلك البلاد المدينة والحجاز بلاد حارَّة، وكان الحمار قد عرق- فقال: “يا محمد لقد آذتني رائحة نتن حمارك”.. المؤمن يظهر، والمؤمن مُحب، والحُب يظهر في الكلام والأعمال والمناسبات، والمحِب يتقرب إلى حبيبه في كل مناسبة، ولو بالروح، وإذا لا يوجد حقائق الحُبِّ فهذا ادَّعاء وأمانٍ.. فغَضِب أحد الصحابة وقال له: “رائحة حمار رسول الله ﷺ خير منك ومِن رائحتك”، فثار أنصار ابن سلول، وكاد الصحابة يتقاتلون، فهَدَّأَهم النبي ﷺ 34 .

وفي إحدى الغزوات تكلَّم بحقِّ النبي ﷺ، قال: “ما نحن ومحمدٌ وأصحابه إلا كما قال الأُوَل: سمِّنْ كلبَك يأكُلْك”، يعني جاءنا محمد جائعًا فقيرًا هو وأصحابه فأطعمناهم وساعدناهم، والآن يُريدون أن يستولوا علينا، “سمِّن كلبك يأكلك”، فبلغتْ تلك الكلمة للنبي ﷺ فأحضره، فحلف الإيمان الكاذبة أنه لم يقل، وقال أيضًا: ﴿لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ [المنافقون:8] 35 ، يعني سنخرجه هو وجماعته مِن المدينة، فنحن الأقوياء ونحن الأعزاء، ولَمَّا بلغ هذا الكلام للنبي ﷺ سأله فأنكر وقال: ﴿نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ [المنافقون:1]، والسورة كلُّها سماها الله تعالى سورة المنافقون 36 .. أسأل الله تعالى أن لا يجعلكم مِن المنافقين.

ولَمَّا وصلوا المدينة وقف ابنه عبد الله بباب المدينة، ولَمَّا أراد الدخول قال له: والله لا أمكِّنك مِن الدخول حتى تقول: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المناقفون:8]، قال له: واللهِ أقتلك ولا أُمكِّنك مِن الدخول حتى تقرَّ بعزة الله ورسوله والمؤمنين 37 .. من كان أغلى عليه هل الذي علَّمه الكتاب والحكمة وزكَّاه أم والده الذي أنجبه؟ نسأل الله أن يرزقنا بر الوالدين.. وإن والد الجسد ولو كان مجوسيًّا له حقُّ البِرِّ بأن لا تقول له: “أُفٍّ”، وخاصةً عند الكِبر، حيث يصير المتَقَدُّم في السن ضعيفاً، فتؤذيه كلمة “أف”، فكيف إذا كان هناك من يضربون ويسبُّون ويشتمون! فأيُّ رفق هذا؟ النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ((أَربَعَةٌ لا يجدون رائِحَةَ الجَنَّةِ، وإنَّ رائِحَتَها لَتُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ خَمسِ مِئةِ عامٍ، ومِن جملتهم: العاقُّ لِوالِدَيهِ)) 38 سواء كان والد الجسد أو والد الروح.. أيُّهما أعظم حقُّ النبي ﷺ أم حقُّ والد عبد الله الصحابي؟ هذا هو الفقه في الدِّين.. اللهم علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا عِلمًا.

التوبة هي عمل وإخلاص وإعادة للحقوق

هل أنتم مستعدون لتطبقوا هذه الآية؟ هل ستُسابقون؟ وإذا رأيتم أحدًا سبقكم في الذِّكر فزيدوا ذِكركم على ذِكره، وإذا سبقكم بالتهجد وتلاوة القرآن والخشوع والحضور والأخلاق والأعمال الصالحة، زيدوا عليه حتى نكون آمنا بهذه الآية، وهل المطلوب منا أنْ نؤمن بآية واحدة فقط أم بأكثر من ستَّة آلاف آية التي هي مجموع آيات القرآن؟ فهل آمنتم وفهمتم القرآن؟ وبعد العِلم والفهم يكون العمل، وبعد العمل يكون الإخلاص، فلا يكون لك غرض إلا “إلهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي”.

أعود وأذكِّركم: ﴿سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ [الحديد:21]، فإذا كانت هناك حقوق بينك وبين الله فيجب عليك أن تسأل العالِم المزكِّي الحكيم كيف الخروج مِن الذنوب الماضية، وإذا كانت بينك وبين الخَلْق، أو بينك وبين الناس مِن قريبٍ أو بعيدٍ كأن شتمتَه أو ضربتَه أو تكلَّمتَ عليه أو أكلتَ ماله.. أحد إخوانكم كان يقول: أنه قَبل أن ينتسبَ إلى إسلام العِلم والعمل، كان يسرق مِن صندوق مَن يعمل عنده، فلمَّا تاب قال: يا شيخي أنا كنتُ أعمل عند فلانٍ، وقد سرقتُ منه مبلغًا مِن المال، فكيف أتوب؟ قلت له: يجب أن تعيد هذه الأموال، فليست التوبة بأن تقول: “أستغفر الله وأتوب إليه” وتأكل مال الناس، هذا لا يصح، فخجل من أن يقول لصاحب العمل، فذهب ووقف أمام دُكانه وهو يفكر: إذا أخبرتُه فسأُفضَح، وإذا سكتُّ فسأعذَّب، فشاهده صاحب عمله السابق وظنَّه متسولًا أو فقيرًا يحتاج صدقة، لكنه يخجل، فأخرج شيئًا مِن الصندوق وقال له: تعال، قال له: ولكني أنا لستُ محتاجًا، قال له: فلِمَ تقف أمام الدكان منذ ساعة؟ يبدو أنك أتيتَ لحاجة، تكلَّم وإذا كنت خَجِلًا سأُساعدك، قال له: أنا كنتُ أعمل عندك، قال له: أعرف، قال له: أنا سرقتُ مِن الصندوق مبلغ كذا مِن المال، والآن هداني الله إلى الصراط المستقيم، وهداني إلى الإسلام الحقِّ الحيِّ، وقد كان إسلامي ميتًا.. أين إسلام: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ [البقرة:188]؟ أين ((أيّما جَسَدٌ نَبَتَ من حَرامِ فَالنَّارُ أَولَى بِه)) 39 ؟ هل الإسلام بالكلام فقط؟ قال له: الآن تُبتُ واهتديتُ وتفقَّهتُ في دِيني وعرفتُ أن الله لا يغفر لي إلَّا إن أرجعتُ الحقَّ إلى صاحبه، فقال له: أعد ما قلتَ، فأعاد القصة مرَّتَين أو ثلاثًا، قال له: إن كان الأمر كذلك فالمبلغ السابق هديةٌ مني لك، وخذ هذه عشرة آلاف مكافأةً لك، لأنك تبتَ إلى الله ورجعت إليه.. هل رأيتُم أَحدًا عامَلَ الله عزَّ وجلَّ وندم أو خسر أو ضاع؟ وهل رأيتم أَحدًا عامَل الشيطان وربح أو استفاد في دنياه أو آخرته؟ ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6].. نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يجعلَنا مِن الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

﴿سَابِقُوا [الحديد:21] هذا درسنا طول الأسبوع، فسابقوا وابحثوا في أنفسكم بماذا أنتم مقصرون؟ اركضوا حتى تمشوا مع السبَّاقين.. أنتَ لا تحب حتى ولو كان أخوك أن يكون أعزَّ منك ولا أغنى منك -مع أنَّ النعمة زائلة، وقد يكون غناه بالحرام فيكون وبالًا عليه في الدنيا والآخرة- فكيف إذا كان في الآخرة أعزَّ منك وأعز وأعز وأكرم وأفضل وأغنى وأسعد وأنت تكون في جهنم؟ فلْتَخَف من تلك وسابق إليها: ﴿إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ هذا في الماضي، ﴿وجنةٍ الأعمال التي تُدخلك الجنة في المستقبل بعد التوبة ﴿عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ [الحديد:21]، هل تفهمون بقياس المساحة؟ أيهما أفضل هل الدنيا أم هذه الجنة؟ يقول النبي عليه الصلاة والسلام: ((وَاللَّهِ مَا الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ هَذِهِ -وَأَشَارَ يَحْيَى بِالسَّبَّابَةِ- فِي الْيَمِّ فَلْيَنْظُرْ بِمَ تَرْجِعُ؟)) 40 ، أي هل الماء أكثر على الإصبع أم في البحر؟ التي في البحر، فإذا قلتَ: التي على الإصبع، ماذا تكون؟ أليس هذا جنون وحماقة وشقاء وتعاسة؟ فمَثَلُ دُنياكُم ما عَلقَ في الإصبع، ومَثَلُ آخِرتِكُم ما تَبقى في البَحرِ مِن ماءٍ.

وحديثٌ آخر يقول: ((ما شَبَّهتُ خُروجَ المؤمِنِ مِنَ الدُّنيا إلى سَعَةِ الآخِرَةِ إلَّا كما يَخرُجُ الجَنِينُ مِن بَطنِ أُمِّهِ إلى سَعَةِ الدُّنيَا)) 41 ، فهل بطن أمكم أوسع من الدنيا؟ وهل فيها جبال وسيارات وطائرات وأبنية.. إلخ؟ وهذا كلُّه مَثَل، أمَّا الحقيقة فعبارة الدنيا لا تقوم بشرح الحقيقة، فالحقيقة لا تُعلَم حتى نراها.

اللهم إنا نسألك الجنة وما قرَّب إليها مِن قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرَّب إليها مِن قول وعمل.

وصلَّى الله على سيِّدنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم، والحمد لله رب العالمين.

Amiri Font

الحواشي

  1. سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب من يؤمر أنْ يُجالِس، رقم: (4833)، (2/675)، سنن الترمذي، أبواب الزهد، رقم: (2378)، (4/589)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (8398) (2/334)، شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (9436)، (7/55)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
  2. صحيح مسلم، كتاب التوبة، باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة، (2759)، (4/2113)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (19547)، (4/ 395)، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه، بلفظ: ((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا)).
  3. صحيح مسلم، كتاب التوبة، باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله، (2766)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (11705)، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، بلفظ: ((أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ لَا فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ)).
  4. سنن ابن ماجه، كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، رقم: (4250)، (2/ 1419)، المعجم الكبير للطبراني، (10281)، (10/150)، عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه.
  5. سنن النسائي، كتاب عمل اليوم والليلة، الإكثار من الاستغفار، ثواب ذلك، رقم: (10290)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (2234)، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، بلفظ: ((مَنْ أكْثَرَ مِنَ الاسْتِغْفَارِ، جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ)).
  6. كشف الخفاء للعجلوني، رقم: (1741)، (2/63)، قال العجلوني: "هو مما يجري على الألسنة"
  7. سنن الترمذي، أَبْوَابُ صِفَةِ الْقِيَامَةِ وَالرَّقَائِقِ وَالْوَرَعِ، باب منه، رقم: (2510)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (1430)، عَنْ الزُّبَيْرَ بْنَ العَوَّامِ رضي الله عنه، بلفظ: ((دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ: الحَسَدُ وَالبَغْضَاءُ، هِيَ الحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَلِكَ لَكُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ.
  8. مسند الفردوس للديلمي، رقم: (6867)، (4/294)، عن أبي هريرة، وفي تنقيح القول الحثيث في شرح لباب الحديث للبنتني ص: (19)، بلفظ: وكان علي بن أبي طالب يقول: "النّظر إِلَى وَجه الْعَالم عبَادَة ونور في النظر ونور في القلب".
  9. سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب من يؤمر أنْ يُجالِس، رقم: (4833)، (2/675)، سنن الترمذي، أبواب الزهد، رقم: (2378)، (4/589)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (8398) (2/334)، شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (9436)، (7/55)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
  10. حاشية الصاوي على تفسير الجلالين (1/379)، مطالع المسرات بجلاء دلائل الخيرات، محمد المهدي بن أحمد بن علي، (75)، وفي صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان، رقم: (15)، بلفظ: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده...)).
  11. المدخل لابن الحاج (1/61)، وفي تاريخ المدينة لابن شبة (3/801)، عزاه لسيدنا عمر، قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِنَّ مِنَ الْحَزْمِ سُوءَ الظَّنِّ بِالنَّاسِ». مداراة الناس لابن ابي الدنيا (114)، عن الحسن.
  12. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، رقم: (13)، (1/12)، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه، رقم: (45)، (1/67)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه.
  13. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب إنفاق المال في حقه، رقم: (1343)، (2/510)، صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه، رقم: (816)، (1/559)، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بلفظ: ((لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا)).
  14. سنن الترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في تعظيم المؤمن، رقم: (2032)، (4/ 378)، سنن ابن ماجه، باب حرمة دم المؤمن وماله، رقم: (3932)، بلفظ: عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، وَيَقُولُ: «مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ، مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ، مَالِهِ، وَدَمِهِ، وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلَّا خَيْرًا».
  15. جاء في شعب الإيمان للبيهقي (5/325)، الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ وَهُوَ بَابٌ فِي إِخْلَاصِ الْعَمَلِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَرْكِ الرِّيَاءِ.
  16. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب الإيمان: باب أمور الإيمان، رقم: (9). صحيح مسلم، كتاب الإيمان: باب شعب الإيمان، رقم: (35). ولفظ الحديث: ((الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً أَعْلَاهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا: إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ)).
  17. مسند الفردوس للديلمي، عن عائشة، رقم: (6474)، (4/153). عن عَائِشَة رضي الله عنها، بلفظ: ((مهلاً يَا عَائِشَة أما علمت أَن هَذَا من كذب الأنامل)).
  18. سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب في التّشديد في الكذب، رقم: (4991)، (2/716)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (15740)، (3/447)، بلفظ: ((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ فِي بَيْتِنَا، فَقَالَتْ: هَا تَعَالَ أُعْطِيكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ؟» قَالَتْ: أُعْطِيهِ تَمْرًا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةٌ».
  19. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب لا يبيع على بيع أخيه ولا يسوم على سوم أخيه حتى يأذن له أو يترك، رقم: (2032)، صحيح مسلم، كتاب البيوع، باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه وسومه على سومه، رقم: (1412)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (4722)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، بلفظ: ((لاَ يَبِعْ أَحَدُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلاَ يَخْطُبْ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ)) وفي رواية عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ((وَلَا يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ)).
  20. سنن الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة ويل للمطففين رقم: (3334)، (5/434)، سنن النسائي الكبرى، رقم: (11658)، (6/509)، عن أبي هريرة رضي الله عنه، بلفظ: ((إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء فإذا هو نزع واستغفر وتاب سقل قلبه وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه وهو الران الذي ذكر الله ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾)).
  21. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين، رقم: (1319)، صحيح مسلم، كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين، رقم: (2658)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ((كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَثَلِ الْبَهِيمَةِ تُنْتَجُ الْبَهِيمَةَ هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ)).
  22. سبق تخريجه.
  23. ذكره البخاري، بَابٌ العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ وَالعَمَلِ في المقدمة دون سند، سنن أبي داود، كتاب العلم، باب الحث على طلب العلم، رقم: (3641)، (2/341)، سنن الترمذي، كتاب العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، رقم: (2682)، (5/48)، سنن ابن ماجه، كتاب المقدمة، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، رقم: (223)، (1/81)، عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه.
  24. مسند البزار، رقم: (6948)، (13/ 333)، شعب الإيمان للبيهقي، باب في الزهد وقصر الأمل، رقم: (10591)، (7/ 363)، بلفظ: ((عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ مَرَّ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: " كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثَةُ؟ " قَالَ: أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا حَقًّا، قَالَ: "انْظُرْ مَا تَقُولُ إِنَّ لِكُلُّ حَقٍّ حَقِيقَةً، فَمَا حَقِيقَةُ إِيمَانِكَ؟" قَالَ: عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَرْشِ رَبِّي بَارِزًا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ يَتَضَاغَوْنَ فِيهَا، قَالَ: "يَا حَارِثَةُ، عَرَفْتَ فَالْزَمْ " قَالَهَا ثَلَاثًا))، وفي رواية أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أضاف: ((عَبْدٌ نَوَّرَ اللهُ الْإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ)).
  25. سيرة ابن هشام (4/ 50)، دلائل النبوة للبيهقي، رقم: (1190)، (3/302)، بلفظ: ((عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ؟ بِامْرَأَةِ مِنْ بَنِي دِينَارٍ، وَقَدْ أُصِيبَ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا وَأَبُوهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ؟ بِأُحُدٍ، فَلَمَّا نُعُوا لَهَا، قَالَتْ: فَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالُوا: خَيْرًا يَا أُمَّ فُلَانٍ، هُوَ بِحَمْدِ اللَّهِ كَمَا تُحِبِّينَ، قَالَتْ: أَرُونِيهِ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهِ؟ قَالَ: فَأُشِيرَ لَهَا إلَيْهِ، حَتَّى إذَا رَأَتْهُ قَالَتْ: كُلُّ مُصِيبَةٍ بَعْدَكَ جَلَلٌ".
  26. مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (13771)، (3/ 261)، والأدب المفرد للبخاري، باب قول الرجل نفسي لك الفداء، رقم: (802)، (279)، بلفظ: ((عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: صَوْتُ أَبِي طَلْحَةَ فِي الْجَيْشِ خَيْرٌ مِنْ فِئَةٍ، قَالَ: وَكَانَ يَجْثُو بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الْحَرْبِ، ثُمَّ يَنْثُرُ كِنَانَتَهُ، وَيَقُولُ: وَجْهِي لِوَجْهِكَ الْوِقَاءُ وَنَفْسِي لِنَفْسِكَ الْفِدَاءُ))، وفي صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب: ﴿إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ﴾، رقم: (3829)، بلفظ: عن سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قال: "نَثَلَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِنَانَتَهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي".
  27. سبق تخريجه.
  28. صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب التواضع، رقم: (6137)، (5/2384)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه بلفظ: ((إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ)).
  29. صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب من فضائل أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه، رقم: (2144)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (12047)، بلفظ: ((عَنْ أَنَسٍ قَالَ: اشْتَكَى ابْنٌ لأَبِي طَلْحَةَ، فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَتُوُفِّيَ الْغُلاَمُ، فَهَيَّأَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ الْمَيِّتَ، وَقَالَتْ لأَهْلِهَا: لاَ يُخْبِرَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ أَبَا طَلْحَةَ بِوَفَاةِ ابْنِهِ، فَرَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ مِنْ أَصْحَابِهِ. قَالَ: مَا فَعَلَ الْغُلاَمُ؟ قَالَتْ: خَيْرُ مَا كَانَ، فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِمْ عَشَاءَهُمْ، فَتَعَشَّوْا وَخَرَجَ الْقَوْمُ، وَقَامَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى مَا تَقُومُ إِلَيْهِ الْمَرْأَةُ، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ، قَالَتْ: يَا أَبَا طَلْحَةَ، أَلَمْ تَرَ إِلَى آلِ فُلاَنٍ اسْتَعَارُوا عَارِيَةً فَتَمَتَّعُوا بِهَا، فَلَمَّا طُلِبَتْ كَأَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَاكَ. قَالَ: مَا أَنْصَفُوا، قَالَتْ: فَإِنَّ ابْنَكَ كَانَ عَارِيَةً مِنَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَإِنَّ اللَّهَ قَبَضَهُ فَاسْتَرْجَعَ وَحَمِدَ اللَّهَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: ((بَارَكَ اللَّهُ لَكُمَا فِي لَيْلَتِكُمَا..)). واللفظ لأحمد.
  30. سنن الترمذي، أَبْوَابُ الرَّضَاعِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي حَقِّ المَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا، رقم: (1163)، سنن ابن ماجه، كتاب النكاح، باب حق المرأة على زوجها، رقم: (1851)، بلفظ: عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الأَحْوَصِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، أَنَّهُ شَهِدَ حَجَّةَ الوَدَاعِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَّرَ، وَوَعَظَ، فَذَكَرَ فِي الحَدِيثِ قِصَّةً، فَقَالَ: «أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ)). وفي رواية ابن ماجه: ((فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ)).
  31. صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب المعاريض مندوحة عن الكذب، رقم: (5741)، (19/ 204)، بلفظ: ((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ لَهُ فَحَدَا الْحَادِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْفُقْ يَا أَنْجَشَةُ وَيْحَكَ بِالْقَوَارِيرِ))، وأحمد بن حنبل في المسند، رقم: (12784)، (3/172)، بلفظ: ((فَقَالَ: يَا أَنْجَشَةُ وَيْحَكَ، ارْفُقْ بِالْقَوَارِيرِ)). عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه.
  32. متفق عليه: صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب من لم يظهر حزنه عند المصيبة، رقم: (1239)، بلفظ: عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: "اشْتَكَى ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ قَالَ فَمَاتَ وَأَبُو طَلْحَةَ خَارِجٌ فَلَمَّا رَأَتْ امْرَأَتُهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ هَيَّأَتْ شَيْئًا وَنَحَّتْهُ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ فَلَمَّا جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ كَيْفَ الْغُلَامُ قَالَتْ قَدْ هَدَأَتْ نَفْسُهُ وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَرَاحَ وَظَنَّ أَبُو طَلْحَةَ أَنَّهَا صَادِقَةٌ قَالَ فَبَاتَ فَلَمَّا أَصْبَحَ اغْتَسَلَ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَعْلَمَتْهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا كَانَ مِنْهُمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لَكُمَا فِي لَيْلَتِكُمَا)). قَالَ سُفْيَانُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَرَأَيْتُ لَهُمَا تِسْعَةَ أَوْلَادٍ كُلُّهُمْ قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ. صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب من فضائل أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه، رقم: (2144).
  33. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب المرضى، باب تمني المريض الموت، برقم (5349)، صحيح مسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، صفات المنافقين وأحكامهم باب لن يدخل أحد الجنة بعمله، رقم (2816)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بلفظ: ((لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ قَالُوا وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَلَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَزْدَادَ خَيْرًا وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعْتِبَ)).
  34. متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب الصلح، باب ما جاء في الإصلاح بين الناس، رقم: (2545)، صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب فيف دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وصبره على أذى المنافقين، رقم: (1799)، بلفظ: ((عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَتَيْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ قَالَ فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ وَرَكِبَ حِمَارًا وَانْطَلَقَ الْمُسْلِمُونَ وَهِيَ أَرْضٌ سَبَخَةٌ فَلَمَّا أَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِلَيْكَ عَنِّي فَوَاللَّهِ لَقَدْ آذَانِي نَتْنُ حِمَارِكَ قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ وَاللَّهِ لَحِمَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ قَالَ فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ قَالَ فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ قَالَ فَكَانَ بَيْنَهُمْ ضَرْبٌ بِالْجَرِيدِ وَبِالْأَيْدِي وَبِالنِّعَالِ قَالَ فَبَلَغَنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِمْ: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾.
  35. السيرة النبوية لابن هشام، غزوة بني المصطلق، (2/290)، بلفظ: ((بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ الْمَاءِ، وَرَدَتْ وَارِدَةُ النَّاسِ، وَمَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَجِيرٌ لَهُ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، يُقَالُ لَهُ: جَهْجَاهُ بْنُ مَسْعُودٍ يَقُودُ فَرَسَهُ، فَازْدَحَمَ جَهْجَاهُ وَسِنَانُ بْنُ وَبَرٍ الْجُهَنِيُّ، حَلِيفُ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ عَلَى الْمَاءِ، فَاقْتَتَلَا، فَصَرَخَ الْجُهَنِيُّ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، وَصَرَخَ جَهْجَاهُ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، فَغَضِبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ بن سَلُولَ، وَعِنْدَهُ رَهْطٌ مِنْ قَوْمِهِ فِيهِمْ: زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، غُلَامٌ حَدَثٌ، فَقَالَ: أَوَقَدْ فَعَلُوهَا، قَدْ نَافَرُونَا وَكَاثَرُونَا فِي بِلَادِنَا، وَاَللَّهِ مَا أَعَدَّنَا وَجَلَابِيبَ قُرَيْشٍ إلَّا كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ: سَمِّنْ كَلْبَكَ يَأْكُلْكَ، أَمَا وَاَللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ مِنْ قَوْمِهِ، فَقَالَ لَهُمْ: هَذَا مَا فَعَلْتُمْ بِأَنْفُسِكُمْ، أَحْلَلْتُمُوهُم بِلَادكُمْ، وَقَاسَمْتُمُوهُمْ أَمْوَالَكُمْ، أَمَا وَاَللَّهِ لَوْ أَمْسَكْتُمْ عَنْهُمْ مَا بِأَيْدِيكُمْ لَتَحَوَّلُوا إلَى غَيْرِ دَارِكُمْ.
  36. صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب قوله: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ إِلَى لَكَاذِبُونَ﴾، رقم: (4621)، أسباب النزول للواحدي، ص: (451)، بلفظ: ((عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَمِّي فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ يَقُولُ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي فَذَكَرَ عَمِّي لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَانِي فَحَدَّثْتُهُ فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَصْحَابِهِ فَحَلَفُوا مَا قَالُوا وَكَذَّبَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَدَّقَهُمْ فَأَصَابَنِي غَمٌّ لَمْ يُصِبْنِي مِثْلُهُ قَطُّ فَجَلَسْتُ فِي بَيْتِي وَقَالَ عَمِّي مَا أَرَدْتَ إِلَى أَنْ كَذَّبَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَقَتَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ إِلَى لَكَاذِبُونَ﴾، وَأَرْسَلَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهَا وَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ.
  37. تاريخ المدينة لابن شبة (1/367)، بلفظ: وَجَاءَ النَّاسُ يَدْخُلُونَ وَتَشَعَّبُوا فِي الطَّرِيقِ حَتَّى جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ: لَا وَاللَّهِ لَا تَدْخُلُهَا حَتَّى يَأْذَنَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَعْلَمَ الْيَوْمَ مَنِ الْأَعَزُّ مِنَ الْأَذَلِّ فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، أَنَا مِنْ بَيْنِ النَّاسِ، فَانْصَرَفَ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاشْتَكَى إِلَيْهِ مَا صَنَعَ بِهِ ابْنُهُ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ابْنِهِ أَنْ خَلِّ عَنْهُ، فَدَخَلَ فَلَبِثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ".
  38. السنة لأبي بكر الخلال، (1521)، بلفظ: ((ثلاثة لا يجدون رائِحَةَ الجَنَّةِ، وإنَّ رائِحَتَها لَتُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ خَمسِ مِئةِ عامٍ: العاقُّ لِوالِدَيهِ ومدمن خمر والبخيل المنان)) وفي سنن النسائي، كتاب الزكاة، باب المنان بما أعطى، رقم: (2343)، بلفظ: «ثَلاَثَةٌ لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ وَالدَّيُّوثُ وَثَلاَثَةٌ لاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى».
  39. شعب الإيمان للبيهقي، رقم: (5760)، عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، بلفظ: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَتَاهُ غُلَامٌ لَهُ بِطَعَامٍ، فَأَهْوَى إِلَى لُقْمَةٍ فَأَكَلَهَا، ثُمَّ سَأَلَهُ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ؟ قَالَ: كُنْتُ قِسًّا لِلْقَوْمِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَوْعَدُونِي، فَأَطْعَمُونِي هَذَا، يَعْنِي الْيَوْمَ، فَقَالَ: لَا أَرَاكَ إِلَّا أَطْعَمَتْنِي مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ أَدْخَلَ إِصْبَعَيْهِ فَتَقَيَّأَ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((أَيُّمَا لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ حَرَامٍ، فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ)).
  40. صحيح مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة، رقم: (2858)، (4/2193)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم: (18038)، (4/ 229)، عَنْ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ رضي الله عنه، بلفظ: «وَاللَّهِ مَا الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ هَذِهِ - وَأَشَارَ يَحْيَى بِالسَّبَّابَةِ - فِي الْيَمِّ فَلْيَنْظُرْ بِمَ تَرْجِعُ؟))
  41. نوادر الأصول للحكيم الترمذي، (1/276)، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، بلفظ: ((ما شَبَّهْتُ خُرُوجَ المُؤْمِنِ مِنَ الدُّنْيَا إلى الآخرة إِلاَّ مِثْلَ خُرُوجِ الصَّبِيِّ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ منْ ذلِكَ الْغَمِّ وَالظُّلْمَةِ إِلَى رَوْحِ الدُّنْيَا)).
WhatsApp